إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/02/26

متى تستطيع شركات التأمين العراقية العمل في إقليم كوردستان العراق؟

 مصباح كمال

ورد في الأخبار أن حكومة إقليم كوردستان قد توصلت إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية في بغداد بشأن السماح لشركات الهواتف النقالة، المرخصة من قبل الحكومة الاتحادية، للعمل في المناطق التابعة لإقليم كوردستان، بعد أن ضمنت حكومة الإقليم استحصال رسم إضافي من كل مشترك في الهواتف النقالة للشركات المرخصة من قبل الحكومة الاتحادية.[1]

 ربما يؤشر هذا الخبر على ما نظنه بادرة أولية من بوادر التنسيق الاقتصادي المرتجى بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. ولعل هذا الظن هو من باب التمني فواقع الحال يشهد على غير ذلك خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الموضوع الأساس الذي يدخل في صميم السياسة الاقتصادية للعراق ونعني به الثروة النفطية ودور الريع النفطي في رسم هذه السياسة فما زال هذا الموضوع الإشكالي، وما يرتبط به من قضايا اقتصادية وسياسية مختلفة، معلقاً.[2]

المهم في هذا الخبر هو ما نظنه خطوة تنسيقية، في مجال معين، نأمل أن تتسع لتشمل حقول أخرى ويعنينا منها هنا النشاط التأميني. ومن المناسب بهذا الشأن تنبيه عناية المسؤولين، في المركز وفي الإقليم، إلى أهمية التنسيق مطلباً قائماً بذاته؛ وبالنسبة إلى الإقليم التفات المسؤولين في الإقليم إلى أهمية الاستفادة من الخبرات المركزية في إدارة مختلف الشؤون ومنها النشاط التأميني. فقد توقف هذا النشاط في كوردستان العراق سنة 1991 بعد انسحاب مؤسسات الحكومة المركزية آنذاك من كوردستان العراق في تشرين الأول 1991. وحتى ذلك التاريخ كان لشركة التأمين الوطنية والشركة العراقية للتأمين فروع في السليمانية وأربيل ودهوك. هذا الانقطاع الطويل حرّم الإقليم من الخبرة والمهارة العملية التي تتطلبها حرفة التأمين. بعد الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق في نيسان 2003 جرت محاولات أولية، تنقصها المتابعة، من قبل إدارة هاتين الشركتين، اتخذت شكل استكشاف أو جس نبض المعنيين في الإقليم، لإحياء فروعهما في الإقليم. كما قام ديوان التأمين العراقي في بغداد بمخاطبة وزارة مالية الإقليم - بعد إصدار مسودة "ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق" من قبل لجنة تنظيم أعمال التأمين في وزارة الإقليم في خريف 2006 – عارضاً عليها التعاون لوضع آليات محددة للرقابة وتجنب الازدواجية. إلا أن هذه المحاولات وجهود الديوان لم تلق نجاحاً ولأسباب لم يجري الإعلان عنها ولم يهتم أحد من المعنيين بالشأن التأميني في العراق التعليق على هذا الوضع. نسمع أن فرع شركة التأمين الوطنية في السليمانية يمارس نشاطاً محدوداً جداً لكننا لسنا على بينة بتفاصيل هذا النشاط ونطاقه الجغرافي، وهل هو بالتنسيق مع الإدارة الرئيسية للشركة في بغداد أو باستقلال عنه. وإذا كان نشاط الفرع مستقلاً فمن هو الطرف الذي يوفر حماية إعادة التأمين للفرع، وإذا كانت حماية إعادة التأمين غير متوفرة فكيف يستطيع الفرع مقابلة مسؤولية الأخطار التي يكتتب بها؟[3]

وضع شركات القطاع الخاص لا يختلف عن شركتي الوطنية والعراقية، فهي لم تستطع بعد من فتح فروع لها في الإقليم لسببين - كما يقال. أولهما، التكاليف العالية لتأسيس الفروع وتشمل هذه التكاليف الإجراءات الرسمية لدى دوائر حكومة الإقليم المعنية والبيروقراطية المرتبطة بها، وتأجير المكاتب واستقطاب الموظفين الأكفاء وهم قلة. وثانيهما، يتمثل بما يشاع عن تطابق[4] قائم بين الحزبين الرئيسين - الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني - ومؤسسات حكومة الإقليم وقيام فرص الفساد والإفساد بحيث لا يمكن لأي نشاط اقتصادي أن يتأسس في الإقليم دون مشاركة الحكومة أو الحزبين أو أفراد منهما في هذا النشاط. ترى أهذه هي بعض أسباب عزوف معظم المستثمرين العرب والأجانب وحتى العراقيين من خارج الإقليم عن الاستثمار في الإقليم؟ يستحق الموضوع وقفة منفصلة ربما يقوم غيرنا برصده وتحليله والتأكد من مدى صحته.

في زمن العولمة والليبرالية الجديدة أصبح التغني بمزايا المبادرة الفردية أمراً محموداً ومطلوباً لكن صيغة مثل هذه المبادرة، في المفهوم الاقتصادي، قد تشوه وتحول إلى مساومات وفرص تحقيق منافع محددة لهذا وذاك من الحزبيين والمتنفذين في مؤسسات الدولة والحكومة في العراق وفي الإقليم على حساب سلامة الأداء الاقتصادي. جاء في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية تحت عنوان "استشراء الفساد في كردستان العراق" نشر بتاريخ 11 كانون الثاني/يناير 2008: "وأكدت لنا معلومات سربها أحد العاملين في وزارة التخطيط الكردية أن المشاريع الحكومية لا تمنح بطريقة شفافة وأصولية، حيث قال: "يحاول الوزراء وكبار المسؤولين أن يمنحوا المقاولات لشركاتهم أو للشركات التي يملكها أصدقاؤهم وذلك ليكون لهم من الطيب نصيب كما يقال."[5]

 تصحيح مثل هذا الوضع، في الإقليم وفي عموم العراق، أمر ملحّ ويجب أن يكون ضمن جدول أعمال الأحزاب الحاكمة، في بغداد والسليمانية وأربيل، وإلا فإن النزيف الاقتصادي للموارد، وهي شحيحة كما علمتنا كتب الاقتصاد النيوكلاسيكي، سيستمر، ويصبح الاعتماد على الريع النفطي ملازماً لإدارة اقتصاد هجين لا تعرف وجهته. من المعروف أن هناك قيوداً مختلفة على تواجد المواطن العراقي في الإقليم (كفيل، تسجيل لدى الدوائر الرسمية، ترخيص بالإقامة لمدة ثلاثة أشهر، تجديد الإقامة بعد انقضاء فترة الإقامة الممنوحة). المواطن العراقي الكردي لا يخضع لمثل هذه الإجراءات إن أراد أن يتواجد في بغداد أو أية محافظة أخرى.[6] هنا يقال إن الاعتبارات الأمنية هي السبب في الصعوبات التي تواجهها الشركات العراقية التي تتطلع للعمل في الإقليم. أهي إذاً ذات الاعتبارات الأمنية التي تحول دون عمل شركات التأمين العراقية في الإقليم؟ أم هي السياسة، غير المعلنة، في حصر العمل التأميني بشركات تأمين كردية؟ هناك ثلاث شركات كردية، تتفاوت من حيث الفعالية وحجم الأعمال القدرات الفنية المتوفرة لها، هي شركة ستار كار للتأمين، وهي الأقدم بينها، وشركة كوردستان للتأمين، مقرها في أربيل وشركة دلنيا للتأمين في السليمانية. أجيزت هذه الشركات بممارسة العمل من قبل ديوان التأمين العراقي بعد تسجيلها في سجل الشركات في وزارة التجارة في بغداد. هل أن هذا الوضع يؤشر على عدم اهتمام، وربما تخلي، وزارة المالية في الإقليم ولجنة تنظيم أعمال التأمين التي شكلتها بالنشاط التأميني في الإقليم؟

هناك وضع غير واضح المعالم في إدارة النشاط التأميني في الإقليم وينطبق الغموض أيضاً على دور وزارة المالية الاتحادية رغم أن ديوان التأمين العراقي (جهاز الإشراف والرقابة على قطاع التأمين المؤسس بموجب قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005) خاطب وزارة المالية في الإقليم وزارت ممثلة الديوان الوزارة واجتمعت مع وكيل الوزارة إلا أن هذا الجهد لم يترجم نفسه في اتفاق على مبادئ معينة للعمل الرقابي ويبدو أن دور التأمين في تحويل الأعباء المالية للأخطار وأهميته الاقتصادية لا يلقى ما يستحقه من فهم وأهمية. أما دور جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين (المؤسسة أيضاً بموجب هذا القانون) في هذا المجال فهو معدوم. تفعيل النشاط التأميني إقليمياً، وعراقياً، وإيجاد الشروط المناسبة لمساهمة التأمين في حماية الأصول المادية والأفراد من آثار الخسائر والأضرار المترتبة على وقوع الحوادث يكاد أن يكون غير ذي أهمية. فمسودة "ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق" التي صاغتها لجنة تنظيم أعمال التأمين في الإقليم (المشكلة بالأمر الوزاري الصادر من وزارة المالية لإقليم كوردستان في 26/9/2006 بهدف "تنظيم أعمال شركات التأمين العاملة في الإقليم والإشراف عليها" لم تنشر ولا يعرف ما حل بها. وقد كتبنا بشأن هذه المسودة في دراسة سابقة ما يلي: "ليست هناك ضرورة اقتصادية أو قانونية لوضع قانون رقابة على النشاط التأميني خاص بالإقليم. ولا أعرف ما هي مسوغات اللجوء إلى صياغة مثل هذا القانون. إن تعذر اعتماد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، ربما لأسباب سياسية أو مضمرة في ذهن المؤسسة الحاكمة في الإقليم، اقترح اعتماد القانون وتطويعه ليتلائم مع ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق .. فالقانون أكثر شمولاً من الضوابط."[7]

 من المؤكد أن هناك امتعاضاً كردياً على المستوى الشعبي في الإقليم من إدارتي شركة التأمين الوطنية والشركة العراقية للتأمين لتقاعس أو امتناع هاتين الشركتين الاعتراف بحقوق المؤمن عليهم في الإقليم ممن تعرضت مصالحهم في الماضي للأضرار، وخاصة ما يندرج منها تحت قانون التأمين الإلزامي للسيارات، دون أن يستطيعوا الحصول على تعويض منهما عن الأضرار التي لحقت بهم. (وقد أتينا على دراسة بعض جوانب هذا الموضوع سابقاً في ورقة بعنوان "نظرة سريعة على بعض قضايا شركات التأمين العامة في العراق" نأمل تدوينها في هذا الموقع: http://www.misbahkamal.blogspot.com/). يضاف إلى ذلك نزعة قومانية للابتعاد عن القواعد التشريعية الاتحادية المنظمة للعديد من النشاطات ومنها التأمين. وهي نزعة لا تساهم في خلق سوق وطني موحد للتأمين. هذه النزعة وما ينشأ منها من سلوك وتصرفات، ومنها تغييب اللغة العربية، وهذا يستحق وقفة خاصة لدراسة آثاره المستقبلية على التعاملات بين الإقليم وعموم العراق. لعل غيرنا يقوم بمثل هذه الدراسة من منظور ترسيخ النظام الفيدرالي الذي قلنا غير مرة أنه قيد التشكل فالنصوص الدستورية لوحدها ليست كافية.

أما آن الأوان لتنسيق النشاط التأميني بين الإقليم والمركز، بعيداً عن اللعبة السياسية والحزبية التي عملت على كبح عملية التنمية الاقتصادية، وترميم ما أفسده النظام السابق والعقوبات الدولية والحروب؟ ألا يدرك السادة السياسيين في كلا الحكومتين أنهم إنما يعاقبون أنفسهم بأنفسهم بإتباع هذه السياسة أو لنقل بربط كل برامج التعاون المشترك بالمواقف السياسية؟ ألا يتأسون بأسلوب الأتراك الذين بالرغم من مشاكلهم مع الإقليم التي وصلت إلى حد الاعتداء على حدوده لم تتوقف قوافل إمداداتهم التجارية عن دخوله؟ إننا في الوقت الذي ننشغل فيه بتسييس كل جوانب الحياة وأنشطتها في علاقاتنا مع بعضنا البعض فان مصالحنا الكثيرة والكبيرة يجري التأمين عليها مع شركات غير عراقية ولا يستفيد منها قطاع التامين العراقي في تطوير شركاته وتأهيل بناها التحتية لتستطيع شيئا فشيئا أن تنوء بمهماتها في التعامل مع الأخطار على نحو يخدم اقتصاد البلد. فهل أصبح قدرنا أن نسمح لوطننا أن يكون لقمة سائغة في أفواه الأجنبي لاعتبارات إيديولوجية ومصالح سياسية وحزبية وطائفية ضيقة، أم أن الأمر هو هكذا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي ولحد اليوم؟

مصباح كمال لندن، 26 شباط/فبراير 2008

هوامش
[1] MEED, 15-21 February 2008, p 14 [2] كُتبت العديد من الدراسات عن هذا الموضوع. يمكن قراءة المساهمة المتواضعة للكاتب في مقالته "النفط والدولة والسياسة الاقتصادية في العراق" الثقافة الجديدة، العدد 322-323، 2007، ص 7-17. ويضم العدد ملفاً كبيراً عن جوانب مختلفة للموضوع. ومن الدراسات المهمة تلك التي كتبها فؤاد قاسم الأمير "حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز" 6 كانون الثاني 2008، موقع الغد، على الرابط التالي: http://www.al-ghad.org/wordpress/wp-content/uploads/2008/01/krg_oil_law.pdf [3] وضحّ أحد الزملاء في العراق للكاتب مؤكداً أن نشاط الفرع لا يجري بالتنسيق مع الإدارة العامة للشركة في بغداد، وأن حجم هذا النشاط ضئيل جداً ولم يتجاوز بضعة محاولات بادر إليها مدير الفرع، وأن فرص نجاح واستمرار مثل هذه المحاولات ليست قائمة لعدم توفر الخبرة الفنية وغياب حماية إعادة التأمين وعدم اهتمام المعنيين في الإقليم بتشجيع نشاط الفرع أو تطوير النشاط التأميني عموماً. وينطبق هذا التوصيف على فرع الشركة العراقية للتأمين أيضاً. [4] يجد هذا التطابق الذي أصبح موضوعاً للشائعات والكتابات على الإنترنيت في وزارات وإدارات الحكومة المركزية حيث يصبح الانتماء الطائفي مقياساً للاستخدام وفي الاستفادة من الموارد العامة والمنافع الاجتماعية. [5] http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7182000/7182437.stm [6] قد يستغرب البعض هذه التقييدات لكن الغرابة تتعمق حين نعلم أن المواطن العراقي الكردي من سكنة بغداد يخضع لذات الإجراءات إن أراد العيش في أربيل! [7] راجع دراستنا " ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق: ملاحظات نقدية" في مدونة: http://www.misbahkamal.blogspot.com/

2008/02/22

ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق: ملاحظات نقدية

ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق: ملاحظات نقدية مصباح كمال السؤال الجوهري الذي كان على لجنة تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق (فيما يلي سنشير إليها اختصاراً باللجنة) المشكلة للنظر في تنظيم أعمال التأمين في الإقليم هو مدى الحاجة أو الضرورة لصياغة قانون مستقل لتنظيم النشاط التأميني في الإقليم.[1] لقد عرضت لجوانب من هذا السؤال في ورقة سابقة.[2] هناك قانون اتحادي (فيدرالي) للتأمين، هو الأمر رقم (10) قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، لا يفرق بين مركز وإقليم. ورغم المآخذ عليه، وقد عرضنا لها في أكثر من ورقة، فإن بالإمكان تقويم وإعادة صياغة ما لا يتناسب من أحكامه مع هدف خلق سوق وطني اتحادي للتأمين أو لا يتفق مع السياسة الاقتصادية لحكومة الإقليم. ليست هناك ضرورة اقتصادية أو قانونية لوضع قانون رقابة على النشاط التأميني خاص بالإقليم. ولا أعرف ما هي مسوغات اللجوء إلى صياغة مثل هذا القانون. إن تعذر اعتماد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، ربما لأسباب سياسية أو مضمرة في ذهن المؤسسة الحاكمة في الإقليم، اقترح اعتماد القانون وتطويعه ليتلائم مع ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق (فيما يلي سنشير إليها اختصاراً بالضوابط) فالقانون أكثر شمولاً من الضوابط. لا نريد أن نعظم أو نبخس الجهد المبذول في إعداد مسودة الضوابط، لكنا نقول إن جهداً جماعياً منفتحاً ومتحرراً من المؤثرات السياسية سيسهم في إعادة صياغة هذه الضوابط أو اعتماد قانون رقم (10) كأساس في إعادة الصياغة أو اعتماده كبديل عن الضوابط. هذه الضوابط، كما هي عليها، لا ترقى إلى مستوى القوانين الرقابية الجيدة. إن كان القرار ثابتاً على اعتماد ضوابط رقابية مستقلة عن باقي أنحاء العراق نقترح وضع مادة تفيد أن القانون الاتحادي رقم (10) قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ملزم لشركات التأمين والوسطاء والوكلاء في الإقليم، الكيانات التأمينية الثلاث التي ذكرت في الضوابط، إن لم يتعارض مع هذه الضوابط وعندها تكون أحكام الضوابط هي المعتمدة في الإقليم. من الضروري التنبيه إلى أن الضوابط تنحصر بعمل شركات التأمين المرخصة في الإقليم وبالتالي إن أرادت هذه الشركات توسيع أعمالها ليشمل كامل التراب العراقي عليها التسجيل في بغداد واستحصال رخصة العمل من ديوان التأمين العراقي. وعلى هذه الشركات الخضوع لنظامين رقابيين وتحمل تكاليف ذلك. مسودة الضوابط لا تغطي جميع المتطلبات الرقابية. إن كانت النية معقودة، وبقرار سياسي، على تبني هذه الضوابط أرجو الانتباه إلى ما يلي بغية استكمال النواقص: 1. تحديد مؤهلات رئيس وأعضاء اللجنة، وضمان حيادهم في أداء مهماتهم الرقابية دون أي تدخل من حكومة الإقليم أو مؤسساتها التنفيذية، ومن المناسب إفراد فصل مستقل عن اللجنة. 2. النص على تأسيس جمعية لشركات التأمين في الإقليم، أو تأسيس فرع لجمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية المؤسسة بموجب قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. 3. التفريق الدقيق، في بند التعريفات، بين وسيط التأمين ووكيل التأمين وتحديد مؤهلات كل منهما وذلك بسبب اختلاف طبيعة العمل الذي يقوم به كل منهما. 4. وضع ضوابط للكيانات التكميلية لسوق التأمين ـ ونعني بها خبراء تقييم الأموال، خبراء المعاينة وتسوية الأضرار، الاكتواريون. 5. وضع ضوابط لقضايا تصفية الشركات واندماجها مع بعضها لضمان الحفاظ على حقوق المؤمن لهم. 6. تحديد موقف من قانون التأمين الإلزامي على السيارات لسنة 1982 وتعديلاته. 7. إدخال مادة بشأن لغة وثائق التأمين وكذلك العملة التي تصدر بها الوثائق. 8. تحديد العقوبات والغرامات لحالات عدم الالتزام بالضوابط. 9. إدخال نص بشأن التعاون مع ديوان التأمين العراقي، وكذلك التعاون مع الهيئات التأمينية الرقابية خارج العراق. 10. تعريف الكيانات التأمينية من غير شركات التأمين وإعادة التأمين مثل: جمعيات التأمين التعاوني، أو صناديق التأمين الخاصة بالهيئات المدنية كالنقابات، وصناديق التأمين العامة التي تتولى تأمين الأخطار التي لا تكتتب بها شركات التأمين وتديرها الدولة.[3] 11. تشكيل دائرة لمظالم المؤمن لهم تجاه شركات التأمين والكيانات التأمينية الأخرى. 12. غسل الأموال ومكافحته. 13. مجالس إدارة الشركات. 14. التدقيق المحاسبي المستقل لشركات التأمين والوسطاء والوكلاء وغيرها من الكيانات التأمينية الخاضعة للضوابط. وهذا التدقيق هو غير التدقيق الذي نجره اللجنة مباشرة أو بواسطة المديرية العامة للمالية/الرقابة والتفتيش. 15. التأمينات الإلزامية. 16. أحكام انتقالية: شركات التأمين القائمة في الإقليم وتكييف أوضاعها مع الضوابط. ويمكن إدراج ذلك تحت فصل "أحكام عامة" من الضوابط. بغية إكمال هذه الملاحظات النقدية المختصرة قمت بوضع ملاحظاتي الأخرى على نص مسودة الضوابط لتسهيل الرجوع إليها. ضوابط تنظيم أعمال التأمين في اقليم كوردستان العراق تشكلت لجنة تنظيم اعمال التأمين في الاقليم بالأمر الوزاري الصادر من وزارة المالية لاقليم كوردستان المرقم 14757 في 26/9/2006 ، والهدف من تشكيل هذه اللجنة هو تنظيم اعمال شركات التأمين العاملة في الاقليم والاشراف عليها ووضع القواعد والمعايير والأسس بغية تطوير وتعزيز دور صناعة التأمين لحماية اقتصاديات الإقليم بمختلف أنواعها وتجميع المدخرات واستثمارها في مشاريع جذابة ذات جدوى اقتصادية عالية لتنمية أقتصادنا الوطن [هل المعني بهذا الاقتصاد العراقي ككل أم اقتصاد الإقليم؟] اقترح إعادة صياغة هذه الفقرة كما يلي: تشكلت لجنة تنظيم أعمال التأمين في الإقليم بالأمر الوزاري الصادر من وزارة المالية لإقليم كوردستان المرقم 14757 في 26/9/2006 لتنظيم أعمال شركات التأمين العاملة في الإقليم والأشراف عليها ووضع القواعد لتطوير وتعزيز دور صناعة التأمين في حماية الممتلكات، الخاصة والعامة، في الإقليم وفي حماية الأشخاص، وحماية حقوق حملة وثائق التأمين والمستفيدين منها وغيرهم، وتجميع المدخرات واستثمارها في مشاريع ذات جدوى اقتصادية عالية لتنمية الاقتصاد الوطني. لاحظ أننا لم نشر إلى الإقليم فيما يخص حماية الأشخاص إذ أن التأمين عليهم وعلى مسؤولياتهم قد تمتد خارج الإقليم ليشمل المستفيدين من التأمين وكذلك الأغيار. هذه الصياغة تعتمد على الأغراض الواردة في مسودة النص وهي ليست نهائية. يمكن إعادة الصياغة وإضفاء صفة قانونية على الضوابط وذلك بالاستناد إلى قانون أو قوانين قائمة أو سلطة التفويض الممنوحة لجهة التشريع. على سبيل المثال، وبافتراض سيادة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 يمكن الإشارة إلى هذا النص كمدخل لصياغة الضوابط الخاصة بالإقليم. التعــــــاريف تكون للكلمات والعبارات التالية حيثما وردت في هذه التعليمات والضوابط المعاني المخصصة لها أدناه: رئيس الوزراء - رئيس وزراء إقليم كوردستان. وزارة المالية - وزارة المالية لإقليم كوردستان. الوزير - وزير المالية لإقليم كوردستان. اللجنة - لجنة دراسة وتنظيم اعمال التأمين في اقليم كوردستان. اعتقد أن كلمة "دراسة" لا تنسجم مع الوظيفة الرقابية لهذه الضوابط. ربما تكون الكلمة موروثة من وجود لجنة قامت حقاً بالدراسة وبوضع هذه الضوابط. رئيس اللجنة - رئيس لجنة دراسة وتنظيم أعمال التأمين في اقليم كوردستان. [راجع الملاحظة أعلاه بشأن كلمة "دراسة"] الإجازة - الترخيص الصادر من اللجنة مشفوعة بموافقة السيد الوزير وبقرار من السيد رئيس الوزراء. لا أرى ضرورة لغوية أو فائدة في استقامة المعنى باستخدام كلمة "مشفوعة." كما لا أرى أن إطلاق اللقب، "السيد"، مناسب في نص قانوني. اقترح إعادة الصياغة ليكون التعريف كما يلي: - الترخيص الصادر من اللجنة بموافقة الوزير وبقرار من رئيس الوزراء. لممارسة أعمال التأمين وفق الضوابط والقواعد العامة التي وضعتها اللجنة. المؤمن ( الشركة ) - أية شركة تقوم بأعمال التأمين أو اعادة التأمين سواء كانت وطنية أو أجنبية أو فروعها حاصلة على إجازة ممارسة أعمال التأمين. المؤمن له - الشخص الذي أبرم مع المؤمن عقد التأمين. المستفيد - الشخص الذي اكتسب حقوق التأمين إبتداءً أو حولت اليه بصورة قانونية. الوكيل - الشخص المرخص من اللجنة مشفوعة بموافقة الوزير لممارسة أعمال وساطة التأمين بين المؤمن والمؤمن له بموجب تعليمات هذه اللجنة والذي تعتمده شركات التأمين العاملة في الاقليم لممارسة أعمال التأمين نيابة عنها ويشمل ذلك الشخص الطبيعي والمعنوي. يبدو أن هناك خلطاً في العمل الذي يقوم به الوكيل والعمل الذي يقوم به الوسيط. فالوكيل، في ممارسة التأمين في العراق، كان يقوم بإنتاج أعمال التأمين أو يمارس أعمال التأمين نيابة عن شركة التأمين. والأخير هو ما تشير إليه هذه المادة. وبهذا المعنى فإن الوكيل يكون مرتبطاً بشركة التأمين، بائعاً لوثائق تأمينها. وسيط التأمين، الذي لم يعهده سوق التأمين العراقي في صيغته المتقدمة، كيان مستقل لا يكون مرتبطاً بشركة تأمين محددة بل يختار الشركة الأفضل لزبونه ويكون ولاءه للزبون وتقتضي وظيفته الذود عن مصالح الزبون ـ وهو المعهود في أسواق التأمين المتقدمة. أرى لذلك إعادة النظر في هذه المادة. الوسيط: - الشخص المرخص (سواء كان شخصا معنويا أو طبيعيا) من اللجنة لممارسة اعمال وساطة التامين بين المؤمن و المؤمن له بما في ذلك اعمال اعادة التأمين. موافقة الوزير على الترخيص غائبة هنا. لماذا؟ المخصصات الفنية والاحتياطات: - المخصصات التي يجب على المؤمن اقتطاعها والاحتفاظ بها لتغطية الالتزامات المالية المترتبة عليه تجاه المؤمن لهم بمقتضى تعليمات هذه اللجنة. هامش الملاءة: - الزيادة في قيمة موجودات الشركة الفعلية على مطلوباتها بما يمكنها من الوفاء بالتزاماتها بصورة كاملة ودفع مبالغ التعويضات المطلوبة حال استحقاقها دون ان يؤدي ذلك الى اضعاف او تعثر اعمال الشركة مالياً وفقا لتعليمات وقواعد[د] احتسابها التي تصدرها اللجنة لاحقاََ. الاكتواري: - الخبير في رياضيات التأمين لتقدير قيمة عقود التأمينات واحتساب أقساطها وخاصة في مجالات التأمين على الحياة. أعمال اللجنــــة تقوم اللجنة بما يلــــي: 1. النظر في طلبات اجازة ممارسة مهنة التأمين للشركات و فروعها والوكلاء ووسطاء التأمين سواء كانت شركات وطنية أو أجنبية واتخاذ التوصيات اللازمة بشأنها. يبدو أن هناك تضارباً بين هذه المادة، فيما يخص النظر في طلبات إجازة الشركات الوطنية، والمادة 8 من التعليمات العامة بعدم شمول التعليمات والضوابط تأسيس شركات التأمين الوطنية. من المناسب ربط المادة 1 هنا مع المادة 8. 2. تنظيم أعمال التأمين وحماية حقوق المؤمن لهم و المستفيدين من التأمين والعمل على إلزام شركات التأمين العاملة في الاقليم بآداب و ضوابط ممارسة المهنة و السعي لزيادة قدرتها على تقديم أفضل الخدمات التأمينية وتحقيق المنافسة الشريفة و الإيجابية. "آداب وضوابط ممارسة المهنة" ليس أمراً مفروغاً منه ويتمتع بالشهرة بين ممارسي التأمين والمؤمن لهم لكي يشار إليه بالاسم فقط. هل أن النية متجهة إلى وضع وثيقة مناسبة بهذا الشأن وهو ما يعرف بالإنجليزية بالـ Code of Conduct 3. مراقبة هامش الملاءة المالية للشركات وتوفير غطاء تأميني مناسب لحماية حقوق المستفيدين من التأمين. ما المقصود بتوفير غطاء تأميني مناسب؟ 4. تكليف المديرية العامة للمالية/ الرقابة والتفتيش في الاقليم بتدقيق و مراقبة الشؤون المالية للشركات والعاملين في حقل التأمين عن طريق مدققين ومحاسبين أكفاء. يبدو أن هذه الوظيفة الرقابية سوف لن تكون من مسؤولية اللجنة وهو أمر يستدعي التوضيح والتوسع في النص فيما يخص الدور الرقابي للمديرية تمييزاً لها عن دور اللجنة. ترى هل يكون التكليف دون مقابل أم أن حكومة الإقليم ستتحمل كلفة التدقيق، أو أن شركات التأمين ستتولى تمويل كلفة التدقيق؟ نفترض توحيد المديرية العامة للمالية في أربيل والسليمانية عند تبني الضوابط. 5. إعداد تعليمات وقواعد تنظيمية تتعلق بأعمال التأمين كلما دعت الحاجة لتطوير صناعة التأمين ورفع مستوى خدماته ولها أعادة النظر بتلك التعليمات والقواعد وإعادة تقييمها وتعديلها في ضوء التطبيق وفق مقتضى الحال. شــــــروط منح الإجازة 1. يكون رأسمال الشركات العاملة كما يلي: أ ــ أن لا يقل رأسمال الشركة عن (مليار ونصف )دينار او ما يعادلها بالعملات الصعبة بالنسبة للشركات الوطنية. ب ــ أن لا يقل رأسمال الشركة الاجنبية العاملة في كوردستان عن ( 3) مليارات دينار أو ما يعادلها بالعملة الصعبة. 2. يلتزم كل مؤمن مجاز قبل القيام بأعماله ان يضع وديعة كضمان لدى احد المصارف الحكومية العاملة في الاقليم على ان لا تقل عن (خمسمائة مليون دينار )بالنسبة للتأمينات العامة و (سبعمائة وخمسون مليون دينار) بالنسبة لتأمينات الحياة. 3. لرئيس اللجنة الطلب من المؤمن زيادة مبلغ او قيمة الوديعة كما جاءت في الفقرة أعلاه إذا ارتأت اللجنة بأن ذلك [أرى استبدال "ذلك" بكلمة "الزيادة" لضمان الوضوح] ضرورية لحماية حقوق حملة وثائق التأمين. 4. تكون الوديعة بالدينار العراقي أو ما يعادلها بأية عملة أجنبية قابلة للتحويل او ان تكون للوديعة قيمة مالية توافق عليها اللجنة كــ( السندات ـ العقارات ـ خطابات الضمان ـ الكفالات الصادرة من مؤسسات مالية معتمدة ) عدا الأسهم. 5. لا يمكن التصرف في الوديعة و للمحكمة المختصة فقط حق التصرف فيها ضماناً لديون مستحقة على المؤمن لأعمال التأمين التي قام بها أو بموجب حكم قضائي او بأذن تحريري من قبل اللجنة و للجنة الطلب من المؤمن تكملة الوديعة خلال مدة اقصاها ( 45 ) خمسة واربعون يوماً ، بسبب هبوط قيمتها او الحجز عليها من قبل السلطات الحكومية المختصة أو غيرها من الأسباب. 6. على كل مؤمن مجاز داخل الاقليم ان يحتفظ بـــ :- أ ـ ( 40 % ) اربعون بالمائة من صافي اقساط التأمين المثبتة لديه للسنة المالية لكافة أنواع التأمين عدا التامين البحري. ب ـ ( 25 % ) خمسة وعشرون بالمائة من صافي اقساط التأمين البحري. ج ـ ( 100 % ) مائة بالمائة من مجموع التعويضات الموقوفة والمسجلة لدى المؤمن. 7. يجب أن تكون شركات أعادة التأمين التي تتعامل معها كافة الجهات التأمينية لغرض إعادة تأمين أعمالها أن تكون [مكررة] موثوق بها وتتمتع بسمعة عالية في سوق التأمين ولها ضمان عالي ولا تقل مرتبتها عن ( TRIPLE A ) نعرف أن هناك ميلاً متزيداً لتجاوز اللغة العربية في الإقليم وفي العديد من البلدان العربية. لا بأس من استخدام الإنجليزي مقابل العربي كون المصطلح ورد أصلاً بالإنجليزية. هل لي أن أتجرأ واقترح استخدام "ولا تقل مرتبتها عن تصنيف من درجة (أ) ثلاثي." اعتقد أن هذه الدرجة من التصنيف ربما لن تكون متوفرة دائماً. 8. يقدم طلب الإجازة إلى اللجنة وفقاً للنموذج المعد لهذا الغاية متضمناً المعلومات التالية: أ ـ اسم طالب الإجازة و جنسيته و عنوانه. ب ـ شهادة بعدم المحكومية وبالنسبة لطالب الاجازة الاجنبي تقدم شهادة بذلك او ما يماثلها صادرة من موطنه او البلد الذي أقام فيه خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ج ـ نسخة من شهادة الجنسية او جواز السفر. د ـ نسخة مصدقة من الشهادات العلمية والخبرات العملية و الدورات التدريبية و المشاركات في مؤتمرات و ندوات التأمين. هـ - تعهد خطي بأن كافة المعلومات و الوثائق المقدمة الى اللجنة صحيحة و قانونية. و ـ أية بيانات أو أوراق أخرى تطلبها اللجنة. 9. إذا كانت الشركة التي تريد ان تفتح لها فرعاً في الاقليم أجنبية عليها ان تقدم بالاضافة إلى ما جاء في الفقرة ( 7 ) أعلاه شهادة مصدقة عن اجازة شركته[شركتها] في البلد الأم وشهادة مراقب التأمين في بلده [بلدها] والملاءة المالية لتلك الشركة. 10. تنطبق هذه الشروط والضوابط والتعليمات على الشركات الاجنبية التي تريد ان تفتح فروعاً لها في الإقليم. لا تضم الضوابط فصلاً خاصاً عن شركات التأمين الأجنبية والإشارة إليها متناثرة، وربما من المناسب وضع مثل هذا الفصل. هذه المادة تكرر بعض ما جاء في المادة 9 أعلاه. وعلى أي حال، يرد في المادة 1 تحت فصل "أعمال اللجنة" ما يفيد قيام اللجنة بالنظر "في طلبات إجازة ممارسة مهنة التأمين للشركات و فروعها والوكلاء ووسطاء التأمين سواء كانت شركات وطنية أو أجنبية واتخاذ التوصيات اللازمة بشأنها." وبحكم هذه المادة تصبح أحكام المادة 10 غير ضرورية. 11. تجدد الإجازة سنوياً بعد دفع الرسوم المقررة وغيرها و بتعليمات لاحقة تصدرها اللجنة وتقيد ايراداً لصالح وزارة المالية. الشــــــروط الواجب توفرها في القائمين على أدارة شركات التأمين هذه الشروط خاصة بشركات التأمين وإعادة التأمين. ترى هل أن ذات الشروط تطبق على الوكلاء والوسطاء من الأفراد والشركات؟ يجب على المدير العام او المدير المفوض او المدراء التنفيذيين في الشركة ان يكون: 1. خريج إحدى الكليات أو المعاهد أو ان يكون حاصلاً على شهادة متخصصة في احدى[من أحد] معاهد التأمين ولديه خبرة عملية لا تقل عن ( 5 ) خمس سنوات. 2. في حالة عدم توفر الشرط أعلاه يجب ان يكون لديه خبرة في مجال التأمين لا تقل عن ( 15 ) خمسة عشر عاما وان يكون قد تبوأ منصباً تأمينياً متميزاً وله خبرة كافية. 3. أن لا يكون قد حكم عليه بأيه جنحة مخلة بالشرف أو أشهر إفلاسه. 4. أن لا يكون قد سبق وأن ألغي ترخيصه بممارسة اعمال التأمين من اية جهة رسمية كانت. 5. أن يجتاز التقييم أو الاختبار الذي تعده اللجنة لهذا الغرض إذا اقتضت الضــــــــرورة ذلك. أليس من المناسب النص على معرفة إحدى اللغتين الرسميتين في العراق المنصوص عليهما في الدستور العراقي، أو ما يفيد توفير المعرفة اللغوية من لدن المدير العام .. الخ؟ طالما أن الطبقة السياسية في الإقليم متجهة نحو نمط الحكم الكونفدرالي فمن الأولى أن تهتم بإقحام المسألة اللغوية في قطاع التأمين. تعليمـــــات عامـــــــة 1. تثبت موافقة اللجنة على الاجازة على كافة الاوراق والمراسلات و المستندات الخاصة بالشركة. 2. إيقاف أي شركة أو وسيط أو وكيل عن العمل لكافة انواع التأمين أو لأي نوع منها اذا تبين عدم الالتزام بهذه التعليمات او عدم قدرته عن [على] الاستمرار بالعمل وفق هذه الضوابط. 3. إذا لم يتم زوال اسباب الايقاف عن العمل خلال مدة ( 60 ) يوماً فعلى الشركة ان تقوم بتصفية اعمالها وتبقى جميع الحقوق والالتزامات الخاصة بوثائق التأمين الصادرة قبل قرار الايقاف أو الإلغاء قائمة ويستمر المؤمن في تحمل تبعاتها. 4. لتنفيذ هذه التعليمات تبدأ السنة المالية في الاول من شهر كانون الثاني وتنتهي في الحادي والثلاثين من كانون الاول من السنة ذاتها مع استثناء السنة الاولى لأجازته [إجازة من؟] بالعمل فتكون من تأريخ منح الاجازة لغاية الحادي والثلاثين من كانون الاول من السنة نفسها وتضاف تلك الفترة على السنة المالية اللاحقة. 5. تحدد اللجنة عدد الشركات وفروعها والوسطاء والوكلاء حسب حاجة السوق التأميني لذلك بحيث لا تتجاوز النسبة التي تقررها اللجنة. نأمل أن لا يطال هذا التحديد شركات التأمين الخاصة والعامة المسجلة لدى ديوان التأمين العراقي. 6. لايتم الاعتراف بأية وثيقة تأمين تصدرها الشركات الاجنبية او فروعها عن طريق الوسطاء و الوكلاء ما لم يتم إصدارها من قبل الشركات الوطنية المحلية العاملة في إقليم كوردستان. منذ توقف عمل شركات التأمين في الإقليم عام 1991 لم يجري، حسب علمنا، فتح فروع ومكاتب الشركات في الإقليم ولأسباب غير معروفة ولا نود أن ندخل في تكهنات بشأنها. إزاء هذا الوضع ومن منظور السوق الاتحادي أرى أن توسع هذه المادة وذلك بحذف الإشارة إلى شركات التأمين العاملة في إقليم كوردستان كي تكون وثائق التأمين الصادرة من شركات التأمين الوطنية نافذة. ومن المفيد إعادة صياغة هذه المادة بالشكل التالي: لا يتم الاعتراف بأية وثيقة تأمين تصدرها الشركات الأجنبية مباشرة أو من خلال فروعها أو عن طريق الوسطاء والوكلاء ما لم يتم إصدارها حصراً من قبل الشركات الوطنية العراقية.[4] 7. تلتزم الشركات الاجنبية العاملة في الاقليم بفتح دورات تدريبية لمواطني الاقليم الذين يرغبون العمل في حقل التأمين واعدادهم فنياً وتسويقياً بغية تطوير وأعداد الكوادر التأمينية المحلية. قد يكون هذا الاشتراط عائقاً أمام اجتذاب الشركات الأجنبية خاصة إذا كانت اللجنة جادة في تطبيقه. إناطة المهمة التعليمية من خلال التدريب للشركات الأجنبية ينطوي علة كلفة اقتصادية قد تكون هذه الشركات غير راغبة في تحملها خاصة وأن التدريب هي "لمواطني الإقليم" وليس لموظفي هذه الشركات. تلك مهمة يجب أن يقوم بها جهاز آخر. لذلك من الأفضل تغيير الاشتراط بما يفيد أن الشركات الأجنبية ملزمة باستخدام كذا نسبة من المواطنين وتدريبهم. 8. لا تشمل هذه التعليمات والضوابط الخاصة بتأسيس الشركة شركات التأمين الوطنية المحلية التي تمارس اعمال التأمين والتي سبق وان تم ترخيصها من قبل الجهات المعنية. أرى التوسع في نطاق هذه المادة لتشمل الوكلاء والوسطاء. عبارة "الجهات المعنية" غير دقيقة وأرى أن تتم الإشارة إلى ديوان التأمين العراقي ـ الجهة الرسمية المسؤولة عن منح الترخيص بعد تسجيل الشركات. 9. تدرس اللجنة وضع ضوابط أخرى خاصة بالغرامات والعقوبات والحسابات الختامية وغيرها من المسائل التي تخص صناعة التأمين في الإقليم. مصباح كمال لندن، 27 كانون الأول 2006 [1] بتاريخ 12/12/2006 بعث لي أحد الزملاء رسالة إلكترونية أرفق معها نص مسودة "ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق" طالباً مني تقديم الاقتراحات والملاحظات بشأنها. وكانت هذه فرصة للتعليق على هذه الضوابط وكتابة ورقة بشأنها [2] مصباح كمال: "التأمين في كوردستان العراق بين حكومة الإقليم والدولة الفيدرالية" (لندن حزيران 2006). من المفروض أن تكون هذه الورقة قد نشرت في الحوار، مجلة المركز العراقي للتنمية والحوار الدولي، بغداد، كما جاء في رسالة من سكرتير تحرير المجلة مؤرخة في 17/10/2006. [3] في صياغتنا لمسودة قانون لتنظيم أعمال التأمين في افغانستان، لم يرَ النور، اقترحنا التالي: Article 15 Non Admitted Insurance A. It shall not be permitted to insure liabilities, moveable or immovable property existing [or under construction] in Afghanistan with insurers outside of Afghanistan B. It shall not be permitted for corporations operating in Afghanistan to insure their employees with insurers outside Afghanistan B. Afghan insurers may reinsure inside or outside Afghanistan

2008/02/13

مشاركة العراق في المؤتمر السابع والعشرون للاتحاد العام العربي للتأمين

مشاركة سوق التأمين العراقي في المؤتمــر العـام السابــع والعشـرون للاتحـاد العـــام العربي للتأميـــن، المنامة، البحرين، 26-28/2/2008 عندما قرأت قبل أيام في قائمة المشاركين في مؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين أن وفداً من قطاع التأمين العراقي سيشارك في هذا المؤتمر، الذي يعقد مرة كل سنتين، سررت لذلك لأن خروج بعض العاملين في القطاع من الإطار الحالي الضيق والمأزوم للسوق العراقي لاجتماع في الخارج قد يساعد، بفضل اللقاء مع الغير، في شحذ الهمم المزعزعة بالمثبطات، على أنواعها، والدفع باتجاه تحسين النشاط التأميني. وجاء في قائمة المشاركين التي وزعتها الأمانة العامة للاتحاد، مقرها في القاهرة، أن الوفد العراقي يضم: السيد عبدا لله رحمة إبراهيم الموسوي، مدير عام، شركة إعادة التأمين العراقية. السيد صادق عبدا لرحمن حسين الخالدي، مدير عام، الشركة العراقية للتأمين. السيد صادق فاضل عليوي الخفاجي، ومدير مدير عام، شركة التأمين الوطنية. الآنسة شروق عدنان علي، الشركة العراقية للتأمين [هكذا]. السيد عبد الباقي رضا هادي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة التأمين الوطنية. وكنت قد سألت الصديق الزميل محمد الكبيسي عما إذا كانت شركات القطاع الخاص ستشارك في المؤتمر. وكان جوابه بالنفي مع احتمال مشاركة واحدة. لكن المحير والمحزن ما علمته بعد ذلك عن رفض وزير المالية لطلب شركات القطاع العام المشاركة في هذا المؤتمر. رفضُ وزير المالية لسفر الوفد، إن كان الخبر صحيحا، يثير بعض الأسئلة: ترى أية مبررات دفعت بالوزير ومستشاريه إلى اتخاذ هذا القرار وهو من ينسب إليه "تفعيل دور شركات التأمين لأيمانه بأن الحياة الاقتصادية وتوفر مستلزماتها يبدأ من هذه النقطة الحرجة لمواجهة الإرهاب والتصدي له بغية بناء اقتصاد مزدهر تتوفر فيه كل الدعائم الأساسية." (صوت العراق، كانون الثاني 2008) أهو الحرص على أموال الدولة وهي خاضعة لحالة نهب تكاد أن تكون دائمة؟ أهو الاستهانة بالبعد العالمي للنشاط التأميني ؟ أهو عدم الرضا عن المرشحين للوفد أم هي نكاية الأزلام من الإمعات المنتشرين في دوائر الدولة وشركاتها؟ إن كانت شركات التأمين تمثل " النقطة الحرجة لمواجهة الإرهاب والتصدي له" ـ وهو فوق طاقتها ـ ألا ينبغي أن ندعمها ونؤازر جهود إداراتها للتطوير والتواصل مع العالم؟ أوَصَلَ بنا الأمر أن العراق، كما عهدناه في بعض ماضيه وأعني به حصراً ماضي صناعة التأمين، قد بات الآن لا يرجى منه ولا يرجى له؟ لا أجد جواباً مقنعاً، ولعل هناك من يلقي ضوءاً على الموضوع فهو يستحق المزيد من العرض والتحليل قبل القفز إلى إدانته اعتماداً على موقف عام. ويخطر ببالي هنا سؤال: ترى هل أن موضوعة التمويل الذاتي، التي تقوم عليها شركات التأمين العامة، تسعف في رفع اليد الثقيلة للوزارة ووزيرها ومستشاريه عن عمل الشركات العامة؟ وهل أن أصحاب الشأن في الشركات العامة يعملون من أجل استقلالية أكبر في إدارة شؤونها؟ إن من أبرز مقومات العمل التأميني اليوم، والعالم يشهد تطورا هائلا في الاتصالات، هو المرونة والسرعة والمناورة في هذا السوق أو ذاك لاستعادة مواقع الشركات العامة وتأكيد حضورها وأهميتها في تغطية الأخطار العراقية، العامة منها والخاصة، لدى الأسواق العالمية. ويفرض هذا الأمر تحرر إدارات هذه الشركات من القيود التي يفرضها عليها انتمائها لوزارة أو كونها شركة عامة. ويتطلب معالجة هذا الوضع تخويل مجالس إداراتها صلاحيات مالية وفنية وإدارية كافية لتستطيع مواكبة قريناتها في الأسواق العربية والعالمية فحرية الحركة والتواجد والتواصل مع الأسواق العالمية أمور في غاية الحيوية، وإلا فمن غير المعقول أن لا يستطيع المدير العام أو مدير قسم في الشركة من السفر بسرعة لمناقشة اتفاق معين أو إبرام صفقة ما في هذا البلد أو ذاك إلا بعد استحصال موافقة الوزارة .. إلى آخر ما هناك من القرارات التي يبدو أنها تقع خارج صلاحية مجالس إداراتها ومن صلاحيات الوزارة حصرا ونركز هنا بالذات على صلاحيات إدارة المحفظة الاستثمارية للشركة. ولعل مبادرة شركة إعادة التأمين العراقية في سبعينات القرن الماضي إلى تأسيس مكتب اتصال لها في لندن خير دليل علي أهمية ما أوردناه آنفا. كان ذلك قبل ما يزيد عن ربع قرن من الزمن فما بالك باليوم. مصباح كمال لندن 12 شباط 2008

2008/02/12

ملاحظات سريعة على كتاب فؤاد عبد الله عزيز: التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل

ملاحظات سريعة على كتاب فؤاد عبد الله عزيز: التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل

 مصباح كمال

 قليلة هي الكتابات المنشورة عن قطاع التأمين في العراق خلال سنوات الحصار الدولي (1990-2003) ما خلا بضعة مقالات بأقلام عراقية نشرت بعد الغزو والاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق في بعض المجلات وخاصة التأمين العربي، مجلة الاتحاد العام العربي للتأمين. وكان فؤاد عبد الله عزيز، رئيس ومدير عام سابق لشركة إعادة التأمين العراقية، هو الأغزر إنتاجاً. وقد جمع مؤخراً بعض مقالاته في كتاب نشر في بغداد تحت عنوان طموح التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل.[1] وَصَفْنا العنوان بالطموح لأن محتويات الكتاب لا ترقى، في رأينا، إلى المراد من هذا العنوان الكبير. فوَصف حالة السوق منذ تأسيس أول شركة تأمين حكومية (1950) والواقع الحاضر مبتور يقتصر على نبذة تاريخية غير مكتملة مع عرض سريع لبنية سوق التأمين العراقي، لا يتجاوز ذكر أسماء الشركات، والقوانين الناظمة للنشاط التأميني وشرح أولي لثلاثة من فروع التأمين هي: تأمين السيارات، الحريق وخسارة الأرباح والتأمين الزراعي في حين أن السوق كان يتعاطى بأنواع أخرى من التأمين: البحري، الطيران، الهندسي وإعادة التأمين وغيرها. ولم يعلل الكاتب إغفاله لهذه الأنواع من التأمين. ويفتقر العرض التاريخي والقانوني إلى الموقف النقدي والحجاج ومرد ذلك، ربما، هو مخاطبة القارئ العام وليس المتخصص. لكن ذلك، إن كان صحيحاً، لا يعفي الكاتب من التوسع في موضوعه لإكمال وصفه للنشاط التأميني. ولم يتجاوز ما كتبه عن الواقع وآفاق المستقبل بضع صفحات، 5-19، في كتاب يضم 163 صفحة مكرسة في مجملها لعرض وشرح وثائق تأمين محددة. في نبذته التاريخية لم يقيّم لنا الكاتب عملية تعريق شركات التأمين ودمجها ومن ثم تأميمها ودور المؤسسة العامة للتأمين (1965-1987) السلبي (بيروقراطية العمل مثلاً، عدم وضوح الوظيفة الرقابية أو الحرص على تطبيق توجيهات سياسية معينة كمنع استعمال الألقاب) والإيجابي (عمل قسم الشؤون الفنية مثلاً) ضمن الأوضاع القائمة آنذاك. لم يذكر لنا الكاتب الدور "الريادي" لقطاع التأمين العراقي في سبعينات القرن العشرين، ومنها المكانة المتميزة لشركة إعادة التأمين العراقية (أول من دشنت فكرة تأسيس مكتب للاتصال في سوق لندن استمر يعمل لحين صدور قرارات مجلس الأمن في فرض العقوبات بعد غزو العراق للكويت، وتميزت باحتفاظها بمستوى جيد من الأخطار، وتطبيق المعايير العالمية في العمل)، البرامج التدريبية، في الداخل والخارج، لرفع مستوى العاملين وتوفير التدريب لبعض العاملين في شركات التأمين العربية. ربما لم يكن صعباً عليه أيضاً أن يوفر ولو قليلاً من الإحصائيات وهي متوفرة لدى الإعادة العراقية حيث كان رئيساً ومديراً عاماً لها أو في تقارير سوق التأمين العراقي المقدمة لمؤتمرات الاتحاد العام العربي للتأمين. لم يذكر لنا مساهمة السوق العراقي في تأسيس شركة ليبيا للتأمين وبعدها شركة البحرين للتأمين وفي وقت متأخر شركة سبأ للتأمين. لم يذكر لنا الكاتب تأثير الظروف السياسية على العمل التأميني إبان السيطرة الحزبية الواضحة على المؤسسات كافة بعد استفراد صدام حسين بالسلطة سنة 1979. لم يذكر لنا تأثير الحرب العراقية الإيرانية، 1980-1988، على العمل التأميني وعلى تهجير بعض العاملين إلى إيران بحجة التبعية. ولم يذكر لنا دور السوق العراقي في تأسيس الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب سنة 1980 وإدارته من بغداد قبل أن تنقل إلى قبرص وبعدها إلى البحرين. لم يأتي الكاتب على ذكر توقف النشاط التأميني في كوردستان العراق بعد انتفاضة 1991 حين أقدمت حكومة صدام حسين على تجميد عمل المؤسسات الرسمية ومنها شركات التأمين وسحب إداراتها. ولم يذكر لنا التوجهات السياسية والنزعة القومية في الإقليم بعد 2003 وما يعنيه دستور 2005 بالنسبة للنشاط التأميني في ظل الواقع الفيدرالي الجديد قيد التشكيل.[2] كان من المناسب أن يكتب المؤلف مقدمة للكتاب يعرض فيه رؤيته العامة للتأمين في العراق، والهدف من نشر الكتاب وما يتمناه لقطاع التأمين العراقي. وكان من المناسب أيضاً أن يُذكّر القارئ أن بعض فصول الكتاب نشرت سابقاً.[3] كما كان عليه أن يذكر أسماء بعض من كتب عن التأمين في العراق، بديع السيفي مثلاً وكذلك بحوث طلبة الدبلوم العالي في التأمين .. الخ للتأكيد على مواصلة ما انقطع بسبب الحروب والحصار الدولي. كان على فؤاد عبد الله عزيز، أحد شيوخ التأمين في العراق الذي مارس التأمين لأربعين سنة تقريباً في أكثر من فرع تأميني وتسنم مراكز إدارية عليا، أن يعكس تجاربه ومعارفه التي اكتسبها على ما كتب. فهو أول من أشرف على المرحلة التجريبية للتأمين الزراعي (1982) ومن ثم أدار فرع التأمين الزراعي ومع هذا فهو يكتب بمنهج المدرس وكأنه يخاطب تلاميذ في طور تعلم أوليات التأمين. هذا ما كنا نرجوه من كتاب يحمل عنواناً طموحاً. في عرضه للواقع الراهن لسوق التأمين العراقية وإصدار قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 يسمي الكاتب غزو واحتلال العراق تلطفاً غير مبرراً بـ "المتغيرات السياسية"[4] في حين أن ما يسميه بالمتغيرات، وكأنها حصلت تلقائياً ولا صاحب لها، اقترنت بقيام سلطة الاحتلال وأعوانها من العراقيين بتهشيم ما تبقى من مؤسسات الدولة وأجهزتها، ومحاولة إعادة تأسيس العراق سياسياً على أساس طائفي واقتصادياً حسب إيديولوجية الليبرالية الجديدة. ونرجح أن الكاتب ساهم في "المناقشات" التي نظمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، من خلال متعهديها، بشأن مسودة هذا القانون التي تمت صياغتها باللغة الإنجليزية من قبل أحد مفوضي التأمين الأمريكان. وإذ لا يشير الكاتب إلى ذلك وإلى الظروف التي رافقت تحرير المسودة بأيادي غير عراقية، اعتماداً على قانون التأمين الأردني،[5] ومناخ الخوف الذي كان مسيطراً على إدارات الشركات العامة وما كان مخططاً لشركات التأمين وإعادة التأمين العامة لخصخصتها بأسلوب فج،[6] فإنه يكتفي بعرض بعض مواد القانون. إن مثل هذا العرض ليس كافياً ما لم يقترن بتعليق أو تحليل أو موقف تقييمي واضح. فالقارئ يمكن أن يطلع على النص الكامل للقانون في الوقائع العراقية. ولا يستطيع القارئ من خلال العرض المبتسر التعرف عن كثب على موقف الكاتب من هذا القانون وما يعنيه لمستقبل سوق التأمين في العراق وفرصة تأسيس سوق وطني لعموم العراق. في الصفحة 13 وتحت عنوان ثانوي "واقع نشاط التأمين في العراق" يكرس الكاتب فقرتين عن إدارة الخطر لا علاقة لهما بما هو معروض تحت هذا العنوان. ولا ندري إن كان هذا نتيجة لخطأ في الترتيب الطباعي خاصة وأن هناك عنوان فرعي آخر، "إدارة الخطر،" في الفصل المكرس لنظرية الخطر، أو أن المراد من هاتين الفقرتين أمر آخر فات على الكاتب تطويره ليتساوق مع مضمون الفصل. وفي معرض حديثه عن محاولة تحسين الأغطية التأمينية، ص 15، يشير الكاتب إلى "إضافة شروط جديدة على عدد من وثائق التأمين" دون أن يذكر لنا ولو مثالاً واحداً عن هذه الشروط والوثيقة/الوثائق التي أخضعت لها. ما عرضه الكاتب عن "واقع نشاط التأمين في العراق،" ص 13-15، ضعيف في التغطية ويحتاج إلى التوسيع حتى في غياب المستندات والمراجع فخبرة الكاتب وإدارته لشركة إعادة التأمين العراقية كفيلان بإثارة قضايا صناعة التأمين في فترة العقوبات والحصار الدولي، 1990-2003 والفترة اللاحقة. ما تعرضت له صناعة التأمين في هذه الفترة كانت فريدة ولم يتوقف الكاتب عندها رصداً وتحليلاً.[7] لم يذكر لنا تجميد أرصدة التأمين اعتماداً على قرارات مجلس الأمن الدولي بعد غزو الكويت. وعن الفترة اللاحقة للاحتلال الأمريكي لم يذكر الكاتب ما استجد في السوق كتطوير غطاء لتأمين خطر الإرهاب ضمن وثيقة تأمين الحوادث الشخصية الجماعية، وتجاهل إبرام عقود التأمين لدى شركات تأمين عراقية مقيمة من قبل المؤسسات الحكومية والشركات الأجنبية العاملة في العراق وحتى مؤسسات الأمم المتحدة التي يتوخى منها المساهمة في التنمية الاقتصادية للعراق والموقف اللامبالي للمسؤولين الرسميين.[8] يكرس الكاتب الصفحات 28-35 لعرض سريع لمفهوم إدارة الخطر وكان من المناسب جداً لو أنه تعرض إلى وجود أو غياب الممارسة الواعية لإدارة الخطر في العراق ومدى الاهتمام بالمفهوم لدى المؤسسات العامة والخاصة ليتلاءم العرض مع العنوان الكبير للكتاب.[9] قدم الكاتب مجموعتين من المقترحات: (أ) ست مقترحات ذات علاقة بمجمل وضع سوق التأمين في العراق و (ب) تسع مقترحات لتطوير وتحسين الخدمات التأمينية. سنعرض هذه المقترحات أدناه وننتقي بعضاً منها لتعليقات قصيرة. (أ) في تقديمه لهذه المقترحات ذكر الكاتب أن "الانتقال بقطاع التأمين العراقي من وضعه الحالي الذي يتسم بالتذبذب في تحديد أهدافه الراهنة والمستقبلية إلى حالة مفهومة ومؤثرة وتساهم بشكل فعّال في عملية بناء العراق والمساهمة بالتأثير في الاقتصاد العراقي وحمايته وزيادة حجم أعماله بما يتناسب وحجم هذا الاقتصاد [بات] أمراً ضرورياً." نعرض هذه المقترحات باختصار حسب تسلسلها كما يلي: 1- تطوير أسس التعامل بين الشركات على أساس من التنافس على تقديم الخدمات التأمينية للاقتصاد العراقي. نفهم من هذا أن الكاتب يميل إلى ترجيح كفة التنافس على الخدمات وليس أسعار التأمين. 2- تقييد المنافسة بالنسبة للأخطار الكبيرة التي تتجاوز أقيامها طاقة الشركات وتكوين مجمعات للتأمين عليها. ضبط التنافس على الأخطار الكبيرة يجب أن يتم دون إلحاق ضرر بمصالح المؤمن له، أي يجب أن لا يكون هذا الإجراء وكأنه تواطؤ بين شركات التأمين المتنافسة ظاهرياُ لفرض أقساط تأمين عالية على المؤمن له. ونرى أن يتم تطبيق هذا الإجراء بشفافية بحيث يصار إلى اختيار إحدى الشركات للاتصال بمعيدي التأمين الدوليين المشهود لهم بالتخصص في تأمين الخطر المراد التأمين عليه، مباشرة أم من خلال وسيط إعادة تأمين دولي، للحصول على أفضل الأسعار والشروط. أي أن التنافس الحقيقي ينقل لساحة معيدي التأمين لخدمة مصالح المؤمن له الأصلي. نقول هذا لعلمنا أن القدرات الاكتتابية في تسعير الأخطار الكبيرة غير متوفرة لدى الشركات. فكرة المجمع للاكتتاب بحصة أو حصص من الأخطار الكبيرة جيدة تساهم في تنمية المهارات المحلية وفي تعظيم الطاقة الاستيعابية في الداخل. 3- إسناد ما يزيد عن الطاقة الاستيعابية المحلية إلى اتفاقيات إعادة التأمين مع السوق الدولية. 4- إيجاد صيغة متطورة لإدارة التأمينات الإلزامية (خاصة قانون التأمين الإلزامي على السيارات) بمشاركة من شركات التأمين كافة وإعادة النظر في الأنظمة القائمة بشأنه. هذا اقتراح وجيه يستوجب الإسراع في التباحث بشأنه لإنهاء الدور الحصري المناط بشركة التأمين الوطنية الذي أصبح موضوعاً لشكوى الشركات الأخرى وما يقال عن تسديد بعض المطالبات. 5- إعادة النظر بهيكلية شركات التأمين الحكومية من خلال دخول استثمارات عربية وأجنبية لزيادة قدرات هذه الشركات مالياً وفنياً. رأسمال الشركات الحكومية، وكذلك الشركات الخاصة، ضعيفة جداً إذ أن قيمتها تآكلت بفعل التضخم وحتى بدون التضخم فإن حجم رأسمالها يعتبر صغيراً في عالم اليوم. الدعوة للاستثمار الخارجي في هذه الشركات يمكن أن يؤدي إلى ابتلاعها من المستثمر الخارجي. في المرحلة الصعبة التي يمر بها العراق وضعف النشاط التأميني يجب التعامل بحذر شديد مع هذا المقترح. يجب أولاً أن نضمن بناء صناعة التأمين العراقية الوطنية قبل استدراج الاستثمارات الخارجية. صحيح أن هذا البناء صعب بسبب أحكام قانون تأمين أعمال التأمين لسنة 2005 الذي وضع أصلاً من قبل سلطة التحالف المؤقتة لصالح الشركات الخارجية، إلا أن الحس الوطني يجب أن لا يغيب عن البال في تمكين الرأسمالية الوطنية، بشقيها الخاص والدولتي، لأداء مهمة البناء. 6- الالتزام بتعليمات ديوان التأمين فيما يخص ممارسة إعادة التأمين بما ينسجم مع الاستفادة من طاقة السوق وبما يعزز دور شركة إعادة التأمين العراقية. مستوى الأداء في شركة إعادة التأمين العراقية ضعيف خاصة مع تقلص كادره الفني وإناطة إدارته مؤخراً لمن لا يتمتع بالمؤهلات الضرورية، اللغوية والفنية، لدفع الشركة إلى الأمام. لقد جاء تعيين مديره العام من قبل وزير المالية لاعتبارات يبدو أنها لا تمت بصلة بمتطلبات الوظيفة الإدارية العليا في الشركة.[10] لقد وصل الأمر حداً أصبح فيه استمرار وجود هذه الشركة موضوعاً للنقاش لا بل أن من يقدم لها الاستشارة، في ترتيب التعامل مع الوسطاء والمعيدين، يعمل، حسب المعلومات المتوفرة لنا، على تأسيس شركة إعادة تأمين خاصة بمساهمة منه في رأسمالها مع منح حصص بسيطة لشركات القطاع الخاص وأشخاص آخرين. (ب) نوجز مقترحات الكاتب في مجال تطوير وتحسين الخدمات التأمينية حسب تسلسلها ننتقي بعضاً منها لتعليقات سريعة كما يلي: 1- توسيع منافذ التسويق من خلال تطوير أعمال المنتجين الرسميين، وتعزيز دور الوسطاء والوكلاء ومكاتب الإنتاج الأهلية، وتوفير حوافز الإنتاج المناسبة. "تعزيز دور الوسطاء" ليس وارداً إذ لا وجود قانوني لوسيط التأمين في العراق. ولم يصدر ديوان التأمين حتى الآن، حسب علمنا، تعليمات بشأن تأسيس مكاتب وسطاء التأمين. لعل الكاتب أراد إقحام الوسطاء من باب إثارة اهتمام المعنيين. 2- إعادة النظر بالتحديدات والشروط الطارئة والاستثنائية التي أدخلت على وثائق التأمين في بداية تسعينات القرن الماضي. كان من المفيد لو أن الكاتب قد عرض بعضاً من هذه التحديدات والشروط الطارئة والاستثنائية كي يكون القارئ على علم بها ويعطي الفرصة للمعنيين بالمساهمة في إعادة النظر بها. 3- الاهتمام بتأمين السيارات الشامل. 4- تطوير التأمين على الحياة للحد من معدلات التضخم وتحسين منافع الحماية والادخار. 5- التوسع في تسويق وثيقة الحوادث الشخصية الفردية والجماعية. 6- تسويق وثائق التأمين الزراعي. 7- إدخال أغطية تأمينية جديدة: التأمين الصحي، تأمين المسؤولية العشرية، تأمين المسؤولية عن المنتجات، تأمين الائتمان، وكذلك توفير أغطية تأمينية بسيطة لشرائح واسعة من الناس. كان الأمل معقوداً على ضمان توفير الخدمات الصحية للناس كافة – حسب النموذج البريطاني الذي دخل قيد التطبيق سنة 1948 – بدلاً من الدعوات المستمرة لتقليص دور الدولة وتسليع الخدمات العامة. ننسى أو نتناسى أن القسم الأعظم من الناس لا يتمتعون بمستوى من الدخل يساعدهم على شراء حماية صحية من خلال التأمين. لكن خلق الفرص للربح بدعاوى مختلفة يفوق أي اعتبار آخر حتى لو أدى إلى زيادة التفاوت بين الناس. المسؤولية العشرية تتطلب سن قانون بشأنها أولاً قبل الإقدام على إدخال الغطاء التأميني. قد يكون مثل هذا القانون قائماً ونعتذر عن هذا التعليق. 8- حملات توعية تترافق مع عمليات التسويق لشرح التحسينات في الأغطية والخدمة التعويضية. 9- دراسة ومتابعة هذه المقترحات من خلال جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين والالتزام بتعليمات ديوان التأمين. يقدم الكاتب هذه المقترحات دون أن يمهد لها ويربطها مع حالة الشركات التي أنهكتها سنوات من الحروب والحصار الدولي والعسف الدكتاتوري الطويل. هو يقدم مقترحاته وكأن وضع العراق بعد احتلاله سوي وعادي فلا يرد في الكتاب أي إشارة للوضع الأمني المتردي والقتل اليومي للناس والفساد الإداري والمالي والتضخم النقدي وانهيار الخدمات العامة ومعدلات البطالة العالية والتكلس الطائفي وتأثيره على الاستخدام في الشركات الحكومية وحتى تقديم الخدمات. ويغفل الكاتب أهمية إدخال التكنولوجيا الحديثة في العمل التأميني التي باتت ضرورية لربط العاملين وزبائن الشركات وتقديم الخدمة السريعة والسيطرة على البيانات. وضرورتها يستدعيها الوضع الأمني السيئ الذي يؤثر مباشرة على حركة طالبي التأمين والمؤمن لهم فوسائل الاتصال الحديثة، كالبريد الإلكتروني، تعوض بعض الشيء عن البريد العادي واللقاء الوجاهي. والأهم منه التكنولوجيا الحقيقية ونعني بها العاملين الذي يتوجب عليهم امتلاك المهارات والمعارف المناسبة لأداء مهمات العمل واستعمال التكنولوجيا الحديثة. ونحن نقرأ مقترحات الكاتب كنا نتوقع أن يفرد مقترحاً للتدريب المهني على مستوى الشركات أو المستوى الجمعي من خلال جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين. وارتباطاً بذلك أليس من المناسب إصدار مجلة تأمينية رصينة؟ وكنا نتوقع أن يذكر شيئاً عن تطوير الخدمات ذات العلاقة بالعملية التأمينية ونعني بها الكشوف الهندسية الميدانية (ولها علاقة بإدارة الخطر وتحسينه)، وتقييم الأموال المعروضة على التأمين، وتسوية الخسائر، والاستفادة من أكاديمي الجامعات العراقية في المجال الإكتواري وغيره. وكان من المناسب أن يضيف الكاتب لقائمة مقترحاته التمني على الوزارات العراقية والمؤسسات العامة أن لا تفرط بدور شركات التأمين العراقية القائمة في العراق بدلاً من إفساح الحرية للمقاولين معها التأمين خارج العراق أو حسب رغبتهم. لقد أنصب اهتمامنا في هذه الملاحظات على ما نراه فراغاً في هذا الكتاب كان من شأن الاهتمام به من قبل الكاتب أن يرقى الكتاب إلى ما يحمله عنوانه من معاني وتوقعات لدى القارئ. لكن هذه الملاحظات لا تقلل من قيمة الشرح الفني لبعض فروع التأمين وخاصة قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات (1980) وفرادته القائمة على مبدأ افتراض المسؤولية بحيث تصبح معايير منتهى حسن النية والمسؤولية التقصيرية القائمة على الإهمال غير ذي صلة لتأسيس المطالبة بالتعويض عن الأضرار البدنية بما فيها الوفاة، إذ تنتفي المسؤولية التعاقدية لتحل محلها المسؤولية القانونية. وقد سرّنا أن نقرأ الفصل المكرّس للتأمين الزراعي سبقتنا إليه بعض أسواق التأمين العربية (الجزائر والمغرب) التي لم يأتي الكاتب على ذكرها مع أنه ذكر الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان. وكنا نأمل أن نقرأ المزيد في هذا الفصل عن الصعوبات في ترويج هذا النوع من التأمين وتسوية المطالبات في ظل الأوضاع الاجتماعية المتردية والأمية المتفشية في الريف .. الخ.[11] يسدّ هذا الكتاب، رغم ملاحظاتنا عليه، بعض الفراغ في أدبيات التأمين العراقية. نأمل أن يقوم الكاتب بتنقيح كتابه وسد ثغراته والاهتمام بترقين النص متى ما نهضت فرصة إصدار طبعة ثانية له. مصباح كمال لندن 23 أيار 2007

هوامش
 [1] تاريخ النشر واسم دار النشر غير مثبت في الكتاب أو هو غير واضح إذ يرد ذكراسم موسوعة القوانين العراقية، واسم المعد والناشر صباح صادق جعفر. ولا يحمل الكتاب رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ـ كما كانت قواعد النشر تقتضي قبل الغزو الأمريكي. الغلاف الخارجي يحمل في أعلاه اسم المؤلف فؤاد عبد الله عزيز في حين يرد هذا الاسم في صفحة العنوان الداخلية كمعد للكتاب. وقد يكون هذا التعريف الأخير من باب التواضع لكنه لا يعكس حقيقة أن محتويات الكتاب من تأليف كاتبه وليس مجرد إعداد لهذه المحتويات. [2] كتبنا عدداً من الدراسات حول التأمين في كوردستان العراق (هل هناك دور اقتصادي للتأمين في كوردستان العراق، تموز 2002) والنشاط التأميني في ظل نظام فيدرالي (التأمين في كوردستان العراق: بين حكومة الإقليم والدولة الفيدرالي، حزيران 2006) وجدت إحداها طريقها للنشر. [3] حسب علمنا فقد نشر الكاتب ثلاثة فصول من الكتاب وهي"نظرية الخطر، إدارة الخطر التأمين وإعادة التأمين" و "التأمين في العراق: الواقع والمستقبل" و"التأمين الزراعي" (تحت عنوان تأمين الماشية وتجربة سوق التأمين العراقي في مجال التأمين الزراعي) في مجلة التأمين العربي الأعداد: الثالث والستون 1999، السادس والثمانون 2005 والثامن والثمانون 2006 على التوالي. [4] ص 9. ويستخدم الكاتب عبارة ملطفة أيضاً في ص 14 عند الحديث عن التردي التدريجي للخدمة التأمينية بعد "أحداث آب 1990" والمقصود بهذه الأحداث غزو العراق للكويت. [5] راجع: مصباح كمال "قانون تنظيم أعمال التأمين: تعليقات هامشية،" الثقافة الجديدة، العدد 316، 2005. راجع أيضاً: "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية،" الثقافة الجديدة" العدد 319، 2006 [6] راجع: مصباح كمال " ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي،" الثقافة الجديدة، العدد 314، 2005 كتبت هذه الورقة أصلاً باللغة الإنجليزية ونشرت تحت عنوان “Iraq’s Restructured Insurance Market” في مجلة MEES (Middle East Economic Survey) Vol. 47. No. 19 (10 May 2004) [7] هناك دراسة تحليلية جيدة غير منشورة لمدير قسم التخطيط والمتابعة في شركة إعادة التأمين العراقية العامة متوفرة لعدد من العاملين في قطاع التأمين العراقي أوصلها إلينا أحد العاملين في حزيران 2005. أنظر: ستار كرمد عيدان، "دراسة في سوق التأمين المباشر العراقية: دراسة تحليلية،2000- 2003." وقد علقنا عليها في ورقة غير منشورة تحت عنوان: "تعليقات هامشية على دراسة في سوق التأمين المباشر العراقية: دراسة تحليلية 2000-2003" آب 2005. انظر أيضاً: مصباح كمال، "التأمين في العراق وعقوبات الأمم المتحدة" في: دراسات في الاقتصاد العراقي، المنتدى الاقتصادي العراقي (لندن: المنتدى 2002) ص 73-96 . [8] وصل الأمر بهذا الشأن حد منح المستثمر الأجنبي التأمين حسب رغبته. جاء في المادة 11 – ثانياً في الفصل الثالث: المزايا والضمانات من قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 ما يلي: "يحق للمستثمر الأجنبي: التأمين على المشروع الاستثماري لدى أية شركة تأمين وطنية أو أجنبية يعتبرها ملائمة." من المفترض أن الهدف الأساسي للقانون هو، كما جاء في الأسباب الموجبة، "دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطويرها وجلب الخبرات التقنية والعلمية وتنمية الموارد البشرية وإيجاد فرص عمل للعراقيين .." كيف يستقيم هذا مع مطلب استخدام العمالة العراقية، وإشراك شركات التأمين العراقية في توفير الحماية التأمينية، ومشاركة مصرفية عراقية؟ لكن العراق قد أصبح "خان اجغان" بفضل الليبرالية الجديدة. أما قانون الاستثمار رقم (4) لسنة 2006 لإقليم كوردستان العراق فقد ورد في الفصل الثالث: الضمانات القانونية، المادة السابعة-أولاً ما يلي: "للمستثمر أن يؤمن على مشروعه الاستثماري من قبل أية شركة تأمين أجنبية أو وطنية يعتبرها ملائمة، ويتم بموجبه تأمين كافة جوانب العمليات التي يقوم بها." [9] عالجنا بعض جوانب مفهوم إدارة الخطر في ورقة غير منشورة بعنوان "هوامش حول التأمين وإدارة الخطر" (لندن، كانون الثاني 2007) [10] كتبنا تعليقاً على الموضوع، ربما سجد طريقه إلى النشر في إحدى الدوريات العراقية، تحت عنوان: " حول تعيين مدراء شركات التأمين العراقية العامة " (لندن، آذار 2007). ختمت المقالة بدعوة لرفع اليد الوزارية عن شركات التأمين وإعادة التأمين العامة لتدير شؤونها كمؤسسات تجارية مستقلة. [11] يعود الاهتمام بالتأمين الزراعي إلى سبعينات القرن العشرين. وقتها قام أحد طلبة الدبلوم العالي بإدارة التأمين، نبيل محمد عبد الحسين، البحث في موضوع "تأمين المحاصيل الزراعية ومدى إمكانية تطبيقه في العراق" (1976). أنظر عرضاً لهذا البحث في رسالة التأمين، مجلة المؤسسة العامة للتأمين، بغداد، العدد 23، أيار 1981، ص 83-87.
بعض قضايا صناعة التأمين في العراق: دعوة للنقاش

مصباح كمال

 كتبت هذه الورقة بعجالة بتحفيز غير مباشر من الزميل محمد الكبيسي، فقد كتب لي في 11/6/2006 مُقدراً اهتمامي بصناعة التأمين في العراق رغم ابتعادي الطويل عنه. أردت أن أكون عند حسن ظنه وغيره من زملائي في المهنة فوضعت جملة من الملاحظات والأفكار عن بعض قضايا التأمين في العراق لفتح باب المناقشة وصولاً لتطوير أفكار أفضل من قبلهم بشأن هذه القضايا واجتراح الحلول الملائمة لتأسيس صناعة تأمينية وطنية عراقية. فللزميل الكبيسي كثير شكري على حواره معي وتزويدي بالمعلومات. أرجو من القارئ تقويم ما ورد في هذه الورقة بالنقد والتصحيح للتوصل إلى الوضوح وتحديد القضايا حسب أهميتها وجدواها الاقتصادية وفائدتها لمشروع السوق الوطنية العراقية للتأمين في العراق الذي أدعو إليه.

[أ] الإطار العام: مدخل
 تلعب الثقافة الموروثة دوراً في تكييف الأفكار والسياسات الحاضرة في مجالات الحياة ومنها الاقتصاد لكنها لا تحجب، أو هكذا أعتقد اعتماداً على الإرث التاريخي المعروف في التلاقح بين الثقافات، فرصة الاستفادة من الأفكار والممارسات والتجارب الوطنية للغير، واستعارتنا وتبني التأمين في صيغته الأوروبية خير مثال على ذلك. وفي غياب الموقف الدوغمائي ليست هناك موانع فكرية وأخلاقية تحول دون هذه الاستفادة، خاصة في زماننا، مع استمرار تزايد اندماج ودمج الاقتصادات الوطنية في السوق العالمية (تداخل قوة القانون الاقتصادي المتحكم بالعلاقات والبنى الاقتصادية والفعل السياسي المقرون بها). فنحن نشهد في هذا السوق حرية أكبر في انتقال السلع (وخاصة الاستهلاكية إذ أن غيرها من السلع الاستراتيجية يخضع لقيود الملكية الفكرية، مثلما يخضع انتقال، هجرة، قوة العمل من الجنوب إلى الشمال لاعتبارات قانونية وثقافية وسياسية) وانتقال الخدمات ورؤوس الأموال إضافة إلى الكم الهائل من المعلومات المتوفرة، حتى الآن مجاناً، على الانترنيت. ويجد هذا الوضع تعبيره الجيو-سياسي في مشاريع غربية عديدة للعراق وللشرق الأوسط عموماً، وتعبيره الاقتصادي في الاهتمام المتزايد، في الخارج والداخل، بالاستثمارات الأجنبية، وفي التأكيد على دور القطاع الخاص كمنقذ من المشاكل الاقتصادية في العراق كما في غيره من البلدان العربية، وفي تقليص دور الدولة الاقتصادي وفي تسليع الخدمات الاجتماعية. وهكذا فنحن أمام نمط جديد/قديم من الاقتصاد، نمط ما يسمى بالاقتصاد الحر، مصادره الفكرية خارجية، نحتاج معه إلى الكثير من التكيف، بحكم بنية الاقتصاد العالمي، مع الحفاظ على درجة من الاستقلالية، كتعبير سيادي، في اتخاذ القرار وفي الحفاظ على حقوق الناس العاديين وثرواتهم الطبيعية وليس الانحياز المطلق لمصالح مؤسسات رأس المال وأرقام النمو الاقتصادي. بمعنى آخر، تحقيق شروط المساواة للجميع أو قل موازنة المصالح المتباينة دون الإجحاف بحقوق المواطنة المعاصرة في الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونوعية الحياة. مجرد التماهي مع متطلبات السياسات الاقتصادية والمالية التي ترسم خارج العراق، باسم المعاصرة، لا يمثل مخرجاً حقيقياً للعقد التي تنتظم قضايا الاقتصاد العراقي.

[ب] قانون تأمين أعمال التأمين لسنة 2005 نموذجاً لدمج التأمين في العراق في السوق العالمية
 يمكننا أن ننظر إلى قانون تأمين أعمال التأمين لسنة 2005 ضمن ما ذكرته أعلاه، فلم يكن هذا القانون ليندرج ضمن تطورات السوق العراقي للتأمين بل جاء نتيجة لفعل سياسي مهدّ له الغزو والاحتلال والهيئات التي خلقتها الإمبراطورية الأمريكية بفضل "فائض القوة" التي تتمتع بها.[1] لست من دعاة الرفض المطلق لهذا وغيره من القوانين لمجرد أنه من صنع الاحتلال وان الاحتلال لا يمتلك الشرعية بموجب القانون الدولي لتغيير ما هو قائم (فقطاع التأمين لم يشكل تهديداً للاحتلال ليسمح له بتغيير قوانينه القائمة) فواقع الحال هو أن هذا القانون أصبح هو السائد، رغم أنه لم يلغي القوانين الماضية، وبفضله تم تأسيس ديوان التأمين العراقي وجمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية. لكن هذا القانون يحتمل التنقيح كما أشرتُ سابقاً،[2] والتنقيح يجب أن يطال بالدرجة الأولى تلك الفقرات التي تُضعف تشكيل السوق الوطنية العراقية للتأمين من خلال الأفضليات الممنوحة للشركات الأجنبية ومن بينها عدم ضرورة التسجيل داخل العراق لممارسة أعمال التأمين. وقد يتعزّز هذا الضعف مع الميل في إقليم كردستان العراق لتغليب ما هو محلي على الوطني لكني ربما أكون على خطأ في تقديري هذا. وأرى أن أخطر أحكام هذا القانون هو توفير الغطاء لتجاهل شركات التأمين العراقية.[3] بسبب الوضع الأمني فإن شركات لتأمين الأجنبية الكبيرة لم تدخل السوق العراقي من خلال ما يعرف بالاستثمار الأجنبي المباشر Direct Foreign Investment (DFI) وهو في الكثير من الحالات ينحصر في عمليات الدمج والاستحواذ على ما هو قائم mergers & acquisitions إن هذه الشركات، بقدراتها المالية الضخمة، تستطيع، نظرياً، "ابتلاع" السوق العراقي برمته والقوانين الحالية تسمح لها بذلك وبعض أصحاب المال العراقيين قد يرحبون بذلك كونه فرصة لتحقيق عائد كبير من خلال بيع حصصهم. سيكون هذا الوضع، دمج سوق التأمين العراقي بالسوق العالمي من خلال الاستحواذ الأجنبي، إن تحقق مستقبلاً، شاذاً. هذا احتمال نظري أثرناه بدافع مراجعة القوانين القائمة لضمان دور وطني في صناعة التأمين.

[ج] رصد أولي لبعض قضايا سوق التأمين في العراق
 قضايا سوق التأمين في العراق عديدة لا قدرة لي على الإلمام بجميعها والمعروض منها هنا انتقائي يعكس اهتماماً شخصياً. والمؤمل أن يقوم أصحاب العلاقة في العراق بصياغة القضايا الأساسية وترتيبها حسب أولوياتها فهم أدرى بشؤونهم.

 1 إعادة النظر ببعض بنود قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. أشرت لهذه البنود في مقالات سابقة. ومن رأي أن يقوم النقد والتقويم من منطلق تحقيق سوق تأمين وطنية عراقية دون أن يعني ذلك، مثلاً، رفض الاستثمار الأجنبي فالتوجه العام للحكومات المتعاقبة منذ 2003 وحتى الدستور، الذي اقترن بالقبول في استفتاء 15 تشرين الأول 2005، وما يسّود من قوانين محلية في إقليم كردستان بعضها معروض على برلمان الإقليم كقانون الاستثمار، كلها تصب في منحى استجذاب رأس المال الأجنبي ـ كما حاولت أن أضعه في السياق العام لدمج ما هو وطني في ما هو عالمي (الفقرة [أ] أعلاه).

 2 الدستور والفيدرالية والتأمين. حاولت أن أدرس هذا الموضوع، في ورقتي غير المنشورة التي أنجزتها مؤخراً عن تطوير التأمين في إقليم كردستان،[4] بشيء من الحذر إذ أنه جديد في مجاله فيما يخص العراق (أقصد جدة النشاط التأميني ضمن البنية الفيدرالية)، ويحتاج إلى سعة الصدر في التحليل والاستنتاج وخاصة ممن تتأثر مصالحهم سلبياً أو إيجابياً، كما أنه يثير حساسيات سياسية وقومانية. هنا أيضاً أتمنى أن ينصب الجهد في الدراسة على تحقيق سوق تأمين وطنية عراقية ـ هذا إذا كان مثل هذا الهدف يحضى بقبول عام بين المعنيين من ممارسي التأمين وأصحاب الشأن في العراق وفي الإقليم. هناك محاولات لإحياء قطاع التأمين في الإقليم من قبل بعض الشركات وكذلك تأسيس شركات جديدة بعد أن توقف النشاط التأميني فيه منذ تشرين الأول 1991 عندما قامت الحكومة المركزية بتجميد وسحب جميع مؤسساتها ومنها فروع ومكاتب شركات التأمين.

 3 تكامل سوق التأمين العراقي تاريخ التأمين الحديث في العراق كما نعرفه كان ينحصر بشركات التأمين المباشر الوطنية والعربية والأجنبية، وبعض وكالات التأمين، وشركة واحدة لإعادة التأمين (1960). وفي ظني أن السوق المتكامل يجب أن يضم مؤسسات مهنية، تكميلية، في المجالات التالية: - تقييم الممتلكات لأغراض تأمينية valuation of assets أي لتحديد مبالغ التأمين بقيمها الاستبدالية وهو مطلب أساسي في التأمين على الأخطار الكبيرة. - الكشف الميداني الهندسي على الأخطار والمشاريع الكبيرة لأغراض اكتتابية engineering surveys من قبل مهندسين مؤهلين وأصحاب خبرة. - تطوير مهنة خبراء تسوية الخسائر loss adjusting من قبل أشخاص مؤهلين ومتمرسين. - وساطة التأمين insurance intermediation هذا المقترح لتكميل بنية السوق الوطني للتأمين يقوم على فكرة تفكيك الوظيفية التأمينية التقليدية unbundling التي تنحصر جلّ مهامها (الإنتاج، الاكتتاب، الكشف الميداني، تسوية المطالبات وإعادة التأمين المباشر) لدى شركة التأمين، ومعناه أيضاً تعميق تقسيم العمل ومجالات التخصص وتنظيمها في مؤسسات مهنية. مثل هذا الوضع لن يتحقق سريعاً لكن التفكير فيه الآن ووضع الخطط بشأنه قد يعجل من ظهور بعض المهارات المهنية المتخصصة. ولعلي هنا أتمنى أن تكون صناعتنا التأمينية موازية لما هو موجود في الأسواق المتقدمة. وقد يتطلب تطوير المهن المكملة الاستهداء بتجارب الغير ونقل المعارف والمهارات المتوفرة لديهم.

 4 التدريب المهني ودور جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية وديوان التأمين العراقي. قد يكون النقص في الكادر الوظيفي المدرب واحدة من أهم المشاكل التي تعاني منها صناعة التأمين في العراق وأسبابه تنحصر في هجرة وتهجير الكوادر خلال ما يزيد عن الثلاثين سنة من عمر الدكتاتورية،[5] والحصار الدولي (آب 1990- أيار 2003) الذي فاقم من انعدام فرص الارتباط بالعالم الخارجي والتعلم في مجال التأمين كان من أحد نتائجه تقليص مهارة العاملين إلى حد نزعها عنهم deprofessionlisation. هناك الآن فجوة بين الصف الأول والصف الثاني والثالث. وردم هذه الفجوة يتطلب جهداً جماعياً وتمويلاً من داخل وخارج القطاع. ومن هنا التعويل، إلى حد ما، على الجمعية والديوان فكلاهما يستطيعان رسم السياسات وتوفير الفرص والتحري عن مصادر تمويل النشاط التدريبي. أذكر أنني تعلمت الكثير من أصول التأمين في دورة تأمينية ابتدائية أواخر عام 1968 عندما التحقت بشركة التأمين الوطنية في بغداد. أليس هناك همة كافية في محاكاة تجارب الماضي؟ بدون الكادر المتدرب، التكنولوجيا الحقيقية في صناعة التأمين، سيكون من الصعب التعامل مع الأخطار الكبيرة وستتعرّض شركات التأمين لفقدان دورها في العملية الاكتتابية وحتى التواصل الاحترافي اللائق مع معيدي ووسطاء التأمين الدوليين. وليس صحيحاً إبقاء التعامل محصوراً في الإدارة العليا للشركة فحتى الإدارة تحتاج إلى مشاركة كوادرها ولذلك يصبح تأهيل وإعادة تأهيل هؤلاء ضرورياً.

 5 إشكاليات الاكتتاب بالأخطار العراقية. أربط هذه الإشكاليات بتدني الوضع الأمني العام وهو في حد ذاته مصدر لأنواع جديدة من التأمين كتوسيع وثائق الحوادث الشخصية لتغطية خطر الأعمال الإرهابية، مثلما هو مصدر إعاقة لتطوير حجم المحفظة التأمينية، وتضييق نطاق إعادة التأمين الدولية. وبطبيعة الحال، فإن شركات التأمين لا تمتلك مفاتيح علاج هذا الوضع غير التكييف معه وأقله هو الحفاظ على حياة العاملين في حركتهم اليومية في الإنتاج وفي خدمة الزبائن. ليست لدي حلول فيما يخص شركات التأمين سوى الإشارة إلى أن تأثير الوضع الأمني يختلف من شركة إلى أخرى حسب موقعها وسكنى عامليها. هل أن تغيير الموقع، مثلاً، يخفف من وطأة الوضع الأمني (أقول هذا لمعرفتي بأن البعض يسكن في الدورة واسمها كان يتردد في الأخبار باستمرار). ثم هناك تدهور الخطر المعنوي الذي يؤثر سلباً على إنتاج الشركات إذ أنها ربما بدافع زيادة الإنتاج (أقول هذا بحذر شديد مخافة أن أكون على خطأ) قد لا تعير الأمر ما يستحقه من عناية وحتى لو اهتمت فإن ظاهرة انتهاز الفرص، من قبل من اعتدنا وصفهم بأصحاب النفوس الضعيفة، لتعظيم الاستفادة من وثائق التأمين بوسائل شتى قد لا تجد حلاً سريعاً لها في الوقت الحاضر. لا أعرف، لربما يكون هناك خوف من رفض مطالبة مشكوك في أمرها إن كان صاحبها يمتلك وسائل تجعله في موقع الآمر تجاه شركة التأمين (هذا ما حصل خلال الحرب الأهلية اللبنانية ولكن على نطاق ضيق). أقول هذا ضمن إشكالية مرتبطة بها وهي مسألة الفساد الإداري، بالمعنى الضيق، كالرشوة والغش، والموسع، كاستغلال النفوذ والزبائنية. ولا أعرف مدى تأثير هذه الظاهرة على العمل التأميني. نتائج الحروب على التركيبة السكانية (ودورها في التأمين على الحياة)، وأخطار التلوث وأثرها على الصحة العامة (في التأمين على الحياة) وكذلك الممتلكات، تقتضي دراسة من وجهة نظر تأمينية لفائدة الشركات (صياغة عقود التأمين فيما يخص استثناء أو تغطية هذه الأخطار) وتوعية جمهور المؤمن لهم بحقوقهم بموجب عقود التأمين. في هذا السياق، هل هناك ضرورة لإعادة النظر في جداول الوفيات، وهي أصلاً متقادمة، وكذلك صياغات وثائق تأمين الممتلكات والمسؤولية تجاه الطرف الثالث؟ ويرتبط بهذه الحالة ضعف أو حتى انعدام الصيانة الدورية والوقائية على الممتلكات مما يزيد من احتمال وقوع الحوادث وقيام مطالبات بسببها رغم أنها ليست موضوعاً للتأمين وذلك لأن مثل هذه الحوادث تضعف أو تنعدم فيها صفة الاحتمالية كونها قابلة للاكتشاف أثناء الصيانة.

 6 إعادة تأمين عراقية. دور شركة إعادة التأمين العراقية، منذ تأسيسها مروراً بفترة ازدهارها وتقلص دورها بفعل قرارات الحصار الدولي، بحاجة إلى وقفة نقدية لإبراز مالها وما عليها. وآمل أن ينهض غيري للتصدي لهذه المهمة فلست أهلاً لها ولا أتوفر على المعلومات الضرورية. وأنا أميل إلى استمرار وجودها حتى مع انتهاء دورها الحالي في توفير الحماية الإعادية الجماعية لكل الشركات العاملة في العراق ـ أي إنني من دعاة وجود شركة إعادة تأمين عراقية متخصصة. ولتعزيز دورها أرى زيادة رأسمال شركة إعادة التأمين العراقية. واقترح مساهمة شركات التأمين المباشر في الزيادة مع عدم المساس باستقلاليتها الإدارية وقراراتها الاكتتابية. يحتاج هذا المشروع، الذي يبدو شاذاً ومتطرفاً، استقصاء رأي شركات التأمين المباشر ودراسة معمقة لتقييم قانونيته، وربما يستوجب عندها إعادة النظر في قانون الشركة. وعموماً وضمن الظروف القائمة فإن هذه الزيادة، إن جاءت من تدوير أرباحها أو مساهمة شركات التأمين المباشر أو غيرها، ستساعدها في توسيع قدراتها الاكتتابية وكذلك نطاق الاتفاقيات الحالية. وكل ذلك ينعكس إيجابياً على شركات التأمين المباشر.

 7 تنمية محفظة التأمين. أعني بهذا تنمية محفظة السوق ككل، وبعبارة أخرى زيادة كثافة التأمين رغم أن الظروف الحالية لا تسمح إلا بالقدر اليسير من التوسع. لكن جهداً جماعياً قد يخلق الشروط المناسبة لذلك، أي خلق شروط الطلب الفعّال على الحماية التأمينية ومنها تأسيس الطلب بقوة القانون كما هو عليه الحال بالنسبة للتأمين الإلزامي من حوادث السيارات.[6] ومن الأمثلة على ذلك إلزامية التأمين على بعض فروع التأمين. قد يجد هذا الإلزام ترجمته في ربط القروض العقارية بالتأمين على الحياة، وربما يكون هذا هو السائد الآن رغم أن مثل هذه القروض هي في أول عهدها بعد انكفاء طويل، فقد قرأت مؤخراً أن مصرف الرافدين قد خصص أموالاً لمثل هذه القروض لموظفيه وللمواطنين.[7] كما يجد الإلزام ترجمته في قيام أمانة العاصمة والمحافظات كافة بالتأمين على ممتلكاتها البلدية ومسؤولياتها القانونية والتعاقدية. وكذلك التأمين على المصالح والممتلكات العامة Civil Engineering Completed Risks Insurance (CECR)[8] ومن الضروري عدم تجاهل شركات التأمين العراقية من قبل مؤسسات الدولة العراقية والأمم المتحدة والشركات الأجنبية بفضل الغطاء القانوني الذي يوفره لها قانون تنظيم أعمال التأمين. وهذا يحتاج إلى إعادة النظر ببعض أحكام هذا القانون. كما يتطلب تدخل جمعية شركات التأمين لإشاعة نموذج لشروط التأمين والتعويض في عقود الإنشاء. وقد تجتهد شركات التأمين في ابتداع وثائق تأمين تتناسب مع دخول الفئات الفقيرة.

 8 تأمين صناعة النفط العراقية. من بين القضايا التي تستحق وقفة خاصة قضية تأمين أصول صناعة النفط العراقية. وقد يكون هذا مثار التجاذب بين مختلف الأطراف المحلية والخارجية. ما يجب التأكيد عليه هو أن هذه الصناعة ستكون مصدراً كبيراً لأقساط التأمين وعمولات الإسناد متى ما اكتملت التغطية التأمينية لها، وأن التأمين عليها يجب أن يمر من خلال شركات التأمين العراقية ليس من باب ذر الرماد على عيون هذه الشركات بل من خلال مشاركة حقيقية في تجميع المعلومات والبيانات الاكتتابية والتنسيق فيما بين الشركات ذاتها وتفويض من يقوم منها بالتعامل مع وسطاء التأمين ومعيدي التأمين الدوليين. وأملنا أن لا يتعكز البعض على الوضع الحالي الضعيف لشركات التأمين العراقية وتجاهل دورها وتبرير ذلك باسم نظرية المزايا النسبية للتجارة الدولية. نحن على قناعة بأن مشاركتها في هذه المرحلة سيفرض عليها مجابهة التحدي الذي يثيره تأمين صناعة النفط واكتساب الخبرة في التعامل معها. من المناسب أن نذكر هنا أن شركات التأمين المحلية (الوطنية) في جميع البلدان العربية المنتجة للنفط تقوم، بصيغة أو أخرى وبفعالية، بالتأمين على أخطار الصناعة النفطية في جميع مراحلها بالتعاون مع ومن خلال وسطاء التأمين الدوليين. وأملنا أن لا تفوت شركات التأمين العراقية هذه التجربة وتعمل معاً على نبذ المصالح الضيقة المترسخة في الداخل والخارج.

[د] من باب الختام
تطوير سوق التأمين ضمن رؤية التغييرات الحاصلة على المستوى الدولي وإقحام العراق في دائرته بدأ مع تشريع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. أي أنه تم وضع الأساس القانوني لاقتصاد السوق في مجال التأمين رغم أن محاولات مقيدة بهذا الاتجاه قد جرت ضمن قوانين الشركات في 1997 بشأن الشركات الخاصة والشركات العامة وفرت فرصة لتأسيس شركات تأمين خاصة ما زالت مستمرة في العمل. يحتاج نمو القطاع إلى توفر الأمن العام واستقرار العلاقات بين الناس وبين المؤسسات الخاصة والعامة وضمان الحقوق ليس على الورق ولكن في الممارسة وأمام المحاكم ودون خوف. التأمين رديف الحالة السوية متى ما افتقدت هذه الحالة هزل دور التأمين لا بل أن الخطر المعنوي يميل، بشكل عام، نحو الانحدار في فترات الانكماش والكساد الاقتصادي ويلقي ذلك بعبئه على شركات التأمين. يمكن توسيع وتعزيز شبكة العلاقات بين شركات التأمين والشركات الصناعية والتجارية من خلال جمعية شركات التأمين العراقية. فالاتصال مع غرف التجارة والصناعة وجمعيات رجال الأعمال وغيرها من المؤسسات توفر أرضية مناسبة لعرض خدمات التأمين بما يتوافق مع متطلبات هذه المؤسسات. ولعلنا لا نغالي إن ألقينا على عاتق الجمعية مهمة تدبيج ورقة موقفposition paper تجاه كل قضية من القضايا الأساسية ذات العلاقة بتطوير السوق الوطني ومنها، على سبيل المثال وليس الحصر، الضغط على الحكومة والمؤسسات العامة لإعارة التأمين ما يستحقه من الاهتمام ودون التفريط بدور الشركات العراقية القائمة، وكذلك القضايا التي تحضى بإجماع شركات التأمين، وتلك التي تتطلب النقاش العلني أو الدراسة من قبل المختصين. لم نأتي على ذكر دور لشركات إعادة التأمين الدولية فهذه محكومة باعتبارات اقتصادية والوضع الأمني السائد في العراق، وهي لا ترى نفسها إلا كمؤسسات تعمل على تحقيق الربح وليست بجمعيات خيرية. ولهذا فإن المؤمل منها يخضع دائماً للحساب التجاري. كلما تحسن هذا الحساب كلما زادت المساهمة الإعادية، وخاصة في جانبها الفني، لشركات التأمين العراقية. مصباح غازي عسكر كمال لندن حزيران 2006

هوامش
[1] تعبير الإمبراطورية وفائض القوة surplus power من ابتداع الكتاب والمحللين الأمريكان وبعضهم قريب جداً من الإدارة أو يعمل لها. أنظر على سبيل المثال: Richard N Haass, “What to do with American Primacy,” Foreign Affairs, September 1999, http://www.brook.edu/views/articles/haass/20001111.htm في هذه الدراسة وفي غيرها من الدراسات نجد جذور الاستراتيجية الأمريكية لعهد ما بعد الاحتواء والذي وضع قيد التطبيق بعد الحادي عشر من أيلول 2001 في أفغانستان والعراق.
 [2] "قانون تنظيم أعمال التأمين: تعليقات هامشية" الثقافة الجديدة، العدد 316 (2005)، http://www.althakafaaljadeda.com/316/14.htm وكذلك دراسة غير منشورة باللغة الإنجليزية تفصل خلفية القانون وما يراد منه وبعض آثاره الاقتصادية: Misbah G A Kamal, “Iraq’s Insurance Law: A Review of Context and Some Economic Consequences,” (London, May 2006)
 [3] تطرقنا إلى الموضوع في مقالة منشورة: "تجاهل شركات التأمين العراقية: ملاحظات حول بعض آثاره السلبية" طريق الشعب، العدد 113 (16 شباط 2006) ص 9. ونشرت أيضاً بعنوان: "شركات التأمين العراقية متى تعاد إليها حقوقها" البيان، العدد 412 (بيروت آذار/مارس 2006) ص 116.
[4] مصباح كمال، "تطوير قطاع التأمين في كردستان العراق: ملاحظات أولية" (دراسة غير منشورة، لندن أيار/حزيران 2006)
 [5] أنظر: مصباح كمال "التأمين في العراق وعقوبات الأمم المتحدة" في كتاب المنتدى الاقتصادي العراقي دراسات في الاقتصاد العراقي (لندن: المنتدى الاقتصادي العراقي، 2002) ص 86-87. لن يستطيع أي شخص ممارسة مهنة المحاماة أو الطب ما لم يكن مؤهلاً لها (بضع سنوات من الدراسة والتدريب) أي أن المهنة مغلقة closed profession. مهنة التأمين خلافاً لغيرها ما زالت مفتوحة open profession لأنها لا تضع قيوداً لمن يريد أن يدخلها ما خلا انتقاء أصحاب العمل لمن يرون فيهم امتلاك مزايا معينة. لكن الميل في الأسواق المتقدمة هو نحو تضييق باب الدخول وجعل المهنة قائمة على الاحتراف professionalisation وعلى سبيل المثال، لا يمكن لوسيط التأمين في سوق لندن أن يمارس أعمال الوساطة في لويدز ما لم يكن حائزاً على شهادة أولية خاصة بالمعارف والمهارات التأمينية الأساسية، وكذا الأمر بالنسبة لمكتتبي التأمين. كما أن السلطة الرقابية على الخدمات المالية في المملكة المتحدة Financial Services Authority (FSA) تشترط على من يخضع لإشرافها، كشركات التأمين والوساطة والمصارف وغيرها، استمرار العاملين فيها على التعلم المهني المستمر continuing professional education (CPA) الذي يمكن أن يتخذ أشكالاً عديدة من دورات تدريبية ودراسة مهنية إلى قراءة المطبوعات الخاصة بالمهنة. ويحدونا الأمل تطوير مهنة التأمين في العراق بما يتناسب مع متطلباتها والارتقاء بها لتحتل موقعاً متميزاً لها بين المهن الأخرى ولتكون في مصاف قريناتها في الأسواق المتقدمة للاستجابة لحاجات الزبائن وخاصة الحاجات المعقدة للشركات.
 [6] نحن ندعو إلى فكرة الإلزام وليس نقل الآلية التي تنتظم تطبيق قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات فهذا القانون يستغني عن الدور الاكتتابي لشركات التأمين ـ انتقاء الخطر، وتحديد السعر والشروط.
[7] أوردت الخبر وكالة أنباء أصوات العراق (بغداد 8/6/2006) الذي جاء فيه أن المصرف "يشترط تقديم ضمانات عقارية للحصول على مبلغ القرض." ولم يأتي المتحدث باسم مصرف الرافدين على ذكر ضمانة التأمين كبديل أو كمكمل لاشتراط تقديم القرض لموظفي المصرف والمواطنين.
[8] Munich Re, Civil Engineering Completed Risks Insurance (Munich, 1995)

2008/02/08

http://www.misbahkamal.blogspot.com/

A friend of mine has for some time been prodding me to set up this blog as a means of creating a community of bloggers interested in the study of the insurance industry in Iraq.

I have written a number of papers, in Arabic and English, on various aspects of insurance activity in Iraq and hope to be able to post them on this blog. Some of these papers have already been published in insurance and other journals but these are not readily accessible. Once they are posted an opportunity will be created for public discussion.

I am addressing this message to my collegaues in Iraq with whom I have worked between 1968-1977.

I welcome comments in Arabic or English.

Misbah