إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/01/30

وقفة جادة مع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المحامي جبار عبد الخالق الخزرجي خبير تأمين مستشار قانوني للشركة الأهلية للتأمين وشركة السلام للتأمين وشركة الرهام للتأمين، بغداد مقدمة صدر الأمر المرقم 10، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، ونشر في جريدة الوقائع العراقية، العدد 3995 في 2/3/2005. وللأهمية التي يشكلها هذا القانون في حاضر ومستقبل قطاع التامين في العراق، كجزء من القطاع الاقتصادي والمالي في بلادنا، نستعرضه وفق التسلسل التالي: نبذة تاريخية بعد صدور قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم (56) لسنة 1950 عرفت السوق العراقية شركة وطنية للتأمين، مارست أعمالها وأصدرت وثائقها باللغة الانكليزية والمنظمة وفق القانون الأنكلو-سكسوني، الإنجليزي، وترجمت إلى العربية بعد ما يفوق على العقدين من السنين. وكانت عمليات التأمين قبل ذلك وبعده تتم من قبل شركات التامين الأجنبية وفروعها بموجب قانون شركات الضمان (السيكورتاه) والذي نشر ذيلاً لقانون التجارة البرية والنافذ المفعول حتى الوقت الحاضر، يعالج عقد التأمين في خمسة وعشرين مادة. صدر القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وعالج الفصل الثالث من الباب الرابع عقد التأمين في أربعة وعشرين مادة، تناول فيه عقد التأمين وشروطه وأحكامه مع بيان التزامات المؤمن له والمؤمن وأحكام خاصة بأنواع مختلفة من التأمين كالتامين على الحياة والتأمين ضد الحريق وعن المسؤولية. والغريب أن القانون المدني لم يلغي المواد التي تعالج عقد التامين والوارد بقانون شركات الضمان (السيكورتاه) العثماني رغم عدم الحاجة إليها لتنظيم أحكام عقد التامين في القانون المدني علماً بأن الأحكام الواردة بالقانونين المذكورين مأخوذة من أحكام القانون اللاتيني، الفرنسي، مما أوجد تناقضاً بين الصياغة القانونية لوثائق التامين المعمول بها بالعراق والمصاغة وفقاً للقانون الانكليزي وبين أحكام القانونين المذكورين والمستمدة أحكامها من القانون المدني الفرنسي. في عام 1960 تم تأسيس شركة إعادة التامين العراقية بموجب القانون رقم (21) لسنة 1960 وهي أول شركة عربية تفتح لها مكتب اتصال مع السوق الانكليزية في لندن، وابتدأت بممارسة أعمالها في عام 1961 لإعادة تامين الأخطار في السوق العراقية والتي تتجاوز في أخطارها الطاقة الاستيعابية لشركات التأمين العاملة في السوق العراقية. وواصلت أعمالها ونشاطها لحين احتلال الكويت في آب عام 1990. تم تأسيس الشركة العراقية للتأمين على الحياة متخصصة بهذا النوع من التامين ورغم نجاحها أدمجت فيما بعد مع شركات تأمين القطاع العام ثم أخذت تمارس مختلف أعمال التأمين وهي من شركات القطاع العام الناجحة. وهناك حالياً أربعة عشر شركة أهلية للتامين تمارس أعمالها بنجاح رغم الصعوبات القائمة. صدر قانون التأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات المعدل (205) لسنة 1964 وحل محله بعد ذلك قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم (52) لسنة 1980 والنافذ حتى الوقت الحاضر. وصدر قانون التأمين الإلزامي للسفن النهرية رقم (25) لسنة 1973. تعرض قطاع التامين للعقوبات الاقتصادية من قبل هيئة الأمم المتحدة (1990-2003) وأخيرا واستنادا لقرار مجلس الأمن المرقم 1483 وضعت اليد من قبل سلطات التحالف على الموجودات النقدية لهذه الشركات العامة علماً بأن موجوداتها وأبنيتها تعرضت للسلب والنهب والحرق كباقي دوائر الدولة الأخرى. استعراض قانون تنظيم أعمال التامين يتكون القانون من مائة وست مواد مقسمة على سبعة أبواب. في الباب الأول عالج السريان والتعاريف، والباب الثاني مخصص لديوان التامين، والباب الثالث لإجازة ممارسة أعمال التامين، والباب الرابع لرقابة رئيس الديوان على المؤمنين، والباب الخامس تحويل الوثائق وتملك واندماج وتصفية المؤمنين، والباب السادس وكلاء ووسطاء وخبراء التأمين ومنازعاته، والباب السابع أحكام متفرقة. ملاحظاتنا على القانون 1- إن قانون الاستثمار الأجنبي رقم (39) الصادر في 19/9/2003 أستثنى قطاع التامين من أحكامه. أضف إلى ذلك أن قانون التجارة المعدل رقم (30) لسنة 1984 في الفقرة (14) من المادة الخامسة اعتبر التامين من الأعمال التجارية، وبناء عليه فان الحفاظ على الشخصية المعنوية المستقلة لشركات تأمين القطاع العام والتي اكتسبتها بموجب قانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997 مسألة جوهرية وقد منحها الاستقلال المالي عن ميزانية الدولة وبالتالي جعلها شركات تامين تجارية تمارس استقلالها التام في كل نشاطاتها عن الدولة وحسب واقع سوق التأمين الحالية في العراق بعيداً عن التخصص والخصخصة وضمن محافظها التأمينية وتجربتها العريقة والجيدة لنصف القرن الماضي ومع واقع الكثافة التأمينية المعتمدة أصلاً على دخل الفرد العراقي. يبنى على ذلك أن الفقرتين أولا وثالثاً من المادة (16) في قانون أعمال التأمين غير ملائمة لسوق التامين العراقية التي تدعو إلى التخصص وعلى المشرع العراقي وقف العمل بها بأسرع وقت ممكن. 2- إن الكثير من شركات التأمين وإعادة التأمين الأجنبية شركات وهمية وان السمعة الطيبة والرصانة المالية والخبرة العريقة في سوق التأمين العراقية والتي تزيد على نصف قرن تؤهل شركاتنا الوطنية، كتأمين مباشر وإعادة تأمين، لتضميد جراحها وإعادة بناء كيانها والحفاظ وصيانة هذه الشركات وعدم منح أفضلية للشركات الأجنبية وفروعها على شركاتنا الوطنية. وبالتالي يصبح من الضروري إلغاء الفقرة (3) من المادة(13) والفقرة (2) من المادة (14) والفقرة (5) من المادة (38) من القانون. 3- إن تأسيس جمعية مهنية تسمى (جمعية المؤمنين ومعيدي التأمين العراقية) المنصوص عليها في الفقرة أولاً من المادة (84) خطوة جيدة ومفيدة ويستوجب في رأينا تفعيل دور هذه الجمعية وجعل آرائها وطلباتها ملزمة الاعتداد والاسترشاد بتلك الآراء والطلبات وذلك انطلاقاً من ضرورة تعشيق وتمتين العلاقة بين شركات القطاع العام والمختلط والخاص في باب التامين وإعادته لخدمة الاقتصاد الوطني وحمايته من مختلف الأخطار. وبناءاً عليه فان إجراء التأمين على الأموال العامة والأخطار التي ترغب الوزارات ودوائر الدولة في التامين عليها بالمناقصة العلنية الواردة بالمادة (81) لا تتناسب وهذه الشفافية والتعاون والتنسيق بين قطاعات التامين الثلاث، العام والمختلط والخاص، وذلك لكونها تتعارض مع طبيعة عمل التامين التجاري والذي يحتاج إلى السرعة ويتعارض مع إجراءات المناقصة الطويلة والمعقدة. أضف إلى عدم تحقيق العدالة المطلوبة في توزيع التغطية التأمينية لأخطار دوائر الدولة ووزاراتها على شركات التامين وقطاعاتها الثلاث، ومن الضروري البحث عن آلية بديلة مناسبة. 4- إن قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 وقانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997 نظما كيفية تأسيس الشركات الخاصة والمختلطة والعامة وإدارتها وزيادة رأس مالها ومراقبتها ودمجها وتحويلها وتصفيتها وإعلان إفلاسها. وهناك نظام وفروع ومكاتب الشركات والمؤسسات الاقتصادية الأجنبية رقم (5) لسنة 1989 وغير ذلك من تفاصيل الحياة القانونية لتلك الشركات، وبالتالي فإن وضع أحكام ومواد قانونية مغايرة أو متعارضة في قانون تنظيم أعمال التأمين الواردة بالفصل الرابع (إعادة التأهيل)، المواد من (51) إلى (57)، لا مبرر لها وتعرقل وتعيق النمو والازدهار والتطور لقطاع التامين، نرى إلغاؤها لعدم الحاجة إليها. الخاتمة بهذا الاستعراض لواقع التامين وأسواقه في العراق وللملاحظات القانونية الأساسية على القانون نرى ضرورة إعادة النظر في هذا القانون وبأسرع وقت ممكن من قبل الجمعية الوطنية لتعلقه بأحد أهم النشاطات الاقتصادية والمالية في العراق بعد النشاط المصرفي. المحامي جبار عبد الخالق الخزرجي بغداد كانون الثاني 2005

2009/01/23

رسالة غير مكتملة إلى جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق: لنعمل على وقف الإساءة لقطاع التأمين العراقي

مصباح كمال

تحت عنوان "التخطيط: فشل النظام المصرفي ووجود الفساد والبيروقراطية وراء عدم تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى العراق" نقلت إحدى وكالات الأنباء حديثاً منسوباً إلى السيد وزير التخطيط والتعاون الإنمائي جاء فيه:

"قال وزير التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي علي غالب بابان إن فشل النظام المصرفي إضافة إلى الفساد والبيروقراطية المستشرية وأسباب أخرى، وراء عدم تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى العراق، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن وزارة التخطيط ستعقد مؤتمرا وطنيا لدراسة بدائل التنمية في ظل انخفاض عائدات النفط.

وأوضح بابان انه "ليس من المعقول أن يكون هناك فائدة بنسبة 14% ونتوقع من مستثمر محلي أن يستثمر أو من مستثمر خارجي أن يأتي للبلد ويفكر بالتمويل من الداخل"، مضيفا أن "الفساد والبيروقراطية وعدم وجود شركات التأمين وعدم الاطمئنان من الوضع الأمني كل هذه الأسباب تجعل المستثمر يتردد في المجيء للبلد" حسب قوله." (19.1.2009، نيوزماتيك/بغداد. نص الخبر منشور أدناه) (التأكيد من عندنا-مصباح كمال)

لن نناقش أطروحة السيد الوزير في استدانة المستثمر من المصارف العراقية إذ أن أطروحة الاستثمار الأجنبي المباشر هو إدخال الأموال، النقدية والعينية، إلى العراق. ولسنا هنا بصدد مناقشة قانون الاستثمار العراقي المرقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس النواب بالإجماع[1] ونشر في جريدة الوقائع العراقية، العدد في 17/1/2007 إذ أننا لا نتوفر على نصه. المعلومات الأولية المتوفرة لدينا، وفيما يخص قطاع التأمين العراقي، تفيد ما يلي:

التأمين على المشاريع الاستثمارية لدى أي شركة تأمين وطنية أو أجنبية. (ومثل هذا النص ورد في المادة (7) 1 في قانون الاستثمار في إقليم كوردستان–العراق رقم (4) لسنة 2006 إذ منحت حكومة إقليم كوردستان الحرية للمستثمر الأجنبي التأمين مع شركة تأمين أجنبية أو وطنية (بهذا التسلسل) حسب رغبته).

استثنى القانون الاستثمار في قطاعي المصارف والتأمين. يبدو هذا الاستثناء، في ظاهره، وكأنه يوفر حماية لقطاع التأمين العراقي إلا أن هذه الحماية غير فعّالة ومعطلة بفضل حرية المستثمر التأمين لدى شركات تأمين أجنبية أو وطنية. وقد كتبنا، كما كتب غيرنا من زملاء المهنة، عن هذا الموضوع والحيف اللاحق بشركات التأمين العراقية وتسريب أقسط التأمين إلى شركات التأمين الأجنبية في الخارج.[2] وكان "المستبد بأمره" بول بريمر، الرئيس الأمريكي لسلطة الإتلاف المؤقتة، قد أصدر في 19 أيلول 2003 الأمر رقم 39 حول الاستثمار الأجنبي الذي استثنى (في القسم 6، المادة ،1 مجالات الاستثمار) الاستثمار الأجنبي في قطاعي المصارف والتأمين.

الذي نرجوه من توجيه هذه الرسالة إلى الجمعية هو الطلب منها الاعتراض على ما قاله وزير التخطيط والتعاون الإنمائي عن "عدم وجود شركات التأمين." نفترض صحة هذا الكلام المنقول على لسان الوزير ما لم يؤكد خلاف ذلك رسمياً في تصريح علني. ونؤكد صحة القول المنقول عنه لأن وزارته قد أصدرت تعليمات سنة 2008 تسمح بالاستيراد وفق شروط تتيح للمجهز التأمين على البضائع خارج العراق. أي أن الوزارة ليست معنية بدعم شركات التأمين العراقية. وربما تكون هناك تعليمات أخرى تعمل على الضد من مصالح شركات التأمين العراقية. سنكون شاكرين لو قامت الجمعية أو أحد القراء بتوصيل نسخ من هذه التوجيهات للكاتب.

القول بعدم وجود شركات التأمين في العراق يشي إما بجهل فاضح بحقيقة شركات التأمين، العامة والخاصة، القائمة في العراق والمسجلة لدى ديوان التأمين العراقي، أو الانتقاص من قيمة هذه الشركات بتفضيل شركات التأمين الأجنبية عليها لسبب لا نعرف كنهه أو ما يختفي وراءه.

ويقول السيد الوزير أيضاً:

إن "وزارة التخطيط ستعقد مؤتمرا وطنيا خلال يومي 18-19 من شهر شباط القادم لمناقشة ودراسة بدائل التنمية الاقتصادية في ظل انخفاض عائدات النفط العراقية"، مشيرا إلى أن "الإيرادات المنخفضة للنفط سوف تترك تأثيراتها على مجمل النشاط الاقتصادي في العراق".

نعرف أن إيرادات شركات التأمين العراقية منخفضة جداً مقارنة بمثيلاتها في الدول العربية ودول الجوار. وهي منخفضة بسبب قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي يوفر الغطاء القانوني لتأمين الأصول والمسؤوليات الناشئة عنها خارج العراق، وبسبب توجيهات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي (على حساب شركات التأمين العراقية)، إضافة إلى عوامل أخرى عرضناها في السابق في هذه المدونة كما قام غيرنا بعرضها.

لكن هذه الشركات وإيراداتها، على قلتها، توفر فرص العمالة وتساهم في استثمارات محدودة تتناسب مع قدراتها المالية الحالية الضعيفة، وغيرها من المنافع الاقتصادية. وكانت هذه الإيرادات ستكون كبيرة، وكبيرة جداً، لو أتيح لشركات التأمين أن تعظم من دخل أقساط التأمين. أو ليس بالأحرى على وزارة التخطيط ووزارة المالية وأعضاء مجلس النواب الانتباه إلى المساهمة المتواضعة لقطاع التأمين العراقي في توليد إيرادات كبيرة ينتفع منها الاقتصاد العراقي وتوفر الفرصة لتعزيز مكانة القطاع في التنمية الاقتصادية بدلاً من إلغاء وجودها؟

نأمل من جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية أن تتولى مهمة مخاطبة وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي لتصحيح مواقفها غير المناسبة لتطور النشاط التأميني في العراق. لقد آن الأوان أن تعمل الجمعية على إسماع صوتها للوزارات والمؤسسات المعنية بقطاع التأمين، وترسم السياسات الداعمة لإنعاش وتعزيز دور شركات التأمين العراقية. لقد آن الأوان لوقف الانتقاص الرسمي والقانوني من مكانة شركات التأمين العراقية. فهل من مجيب؟

مصباح كمال

لندن 23 كانون الثاني 2009


التخطيط: فشل النظام المصرفي ووجود الفساد والبيروقراطية وراء عدم تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى العراق

نيوزماتيك، بغداد، 19 كانون الثاني 2009)

قال وزير التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي علي غالب بابان إن فشل النظام المصرفي إضافة إلى الفساد والبيروقراطية المستشرية وأسباب أخرى، وراء عدم تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى العراق، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن وزارة التخطيط ستعقد مؤتمرا وطنيا لدراسة بدائل التنمية في ظل انخفاض عائدات النفط.

وأضاف بابان في حديث لـ"نيوزماتيك"، اليوم الاثنين، أن "الدولة قامت بجزء من دورها من خلال تشريع قانون الاستثمار الذي وفر للأجنبي كل الامتيازات التي يحلم بها وقدم كل ما يريد للمستثمر في قانون استثمار أجنبي نشط وفاعل، إلا أن الاستثمارات الأجنبية ما زالت مترددة ولم تتدفق على البلاد بسبب فشل النظام المصرفي وعدم فاعليته".

وأوضح بابان انه "ليس من المعقول أن يكون هناك فائدة بنسبة 14% ونتوقع من مستثمر محلي أن يستثمر أو من مستثمر خارجي أن يأتي للبلد ويفكر بالتمويل من الداخل"، مضيفا أن "الفساد والبيروقراطية وعدم وجود شركات التأمين وعدم الاطمئنان من الوضع الأمني كل هذه الأسباب تجعل المستثمر يتردد في المجيء للبلد" حسب قوله.

وكان البرلمان العراقي أقر في شهر أكتوبر سنة 2006 قانون الاستثمار العراقي الذي قيل عنه حينها إنه سيفتح الأبواب على مصراعيها أمام الاستثمار الأجنبي بسبب تقديمه الكثير من التسهيلات للمستثمرين الأجانب إلا أن العديد من الشركات الأجنبية ما زالت تتردد.

وفي سياق متصل، قال وزير التخطيط والتعاون الإنمائي إن "وزارة التخطيط ستعقد مؤتمرا وطنيا خلال

يومي 18-19- من شهر شباط القادم لمناقشة ودراسة بدائل التنمية الاقتصادية في ظل انخفاض عائدات النفط العراقية"، مشيرا إلى أن "الإيرادات المنخفضة للنفط سوف تترك تأثيراتها على مجمل النشاط الاقتصادي في العراق".

ولفت بابان إلى أنه" ستتم دعوة الخبراء والأكاديميين والمسؤولين من مواقع العمل الاقتصادية والمصرفيين ورجال الإعمال وبعض رجال الاختصاص من العراقيين في الخارج للمشاركة في المؤتمر".

وأوضح بابان أن "وزارة التخطيط لديها رؤية واضحة تتبناها منذ فترة وهي انه لابد من تفعيل القطاعات الإنتاجية في العراق سواء الصناعية أو الزراعية والخدمية وإعادة تأهيلها"، مبينا أن "عجلة الاقتصاد العراقي لا يمكن أن تدور ما لم تعود الصناعة والزراعة كما كانت" حسب قوله.

ودعا بابان الدولة إلى "النهوض بالقطاع الخاص ليلعب الدور الكبير، وان تشجع الاستثمارات الخارجية والداخلية وان تنخفض النفقات التشغيلية في العراق لصالح النفقات الاستثمارية".



[1] إجماع مجلس التواب على إقرار هذا القانون يدل على عدم اكتراث أعضاء المجلس بأهمية قطاع التأمين العراقي، وهو عدم اكتراث ينسحب على الموقف الضعيف والمشتت تجاه السياسة الاقتصادية الذي ما زال محصوراً بالترديد الببغاوي لما يقدمه المستشارون الأجانب. ترى هل ناقش أعضاء المجلس تفاصيل هذا القانون، وهل استعانوا بمشورة الخبراء في الأحزاب التي يمثلونها أم أن ركوب موجه الاقتصاد الحر هو الذي يفسر إجماعهم؟

كان بالإمكان النص على إجراء التأمين أولاً لدى شركات تأمين عراقية وفي حالة عدم توفر الغطاء التأميني المطلوب يستطيع المستثمر اللجوء إلى شركات تأمين أجنبية.

[2] أنظر، على سبيل المثال، مصباح كمال، "لماذا تحرم شركات التأمين العراقية من أقساط التأمين؟" في هذه المدونة المنشورة في 14 أبريل/نيسان 2008.

http://misbahkamal.blogspot.com/search?updated-min=2008-01-01T00%3A00%3A00Z&updated-max=2009-01-01T00%3A00%3A00Z&max-results=44

2009/01/15

مفاوضا ت اعادة التامين بين السوق المحلي والسوق العالمي مروان هاشم أمين* ملاحظات أولية تعريف بموضوع الورقة تتضمن هذه الورقة مجموعة من الأفكار لا تمتاز بمنهجية علمية واضحة ولكنها قد تساعد في الاستدلال على بعض الحقائق هي، في نظري، خلاصة لتراكم التجارب الشخصية لي في العمل والحياة ممزوجة مع بعــــــض المفاهيم العلمية التي سبق ان تعلمتها في الجامعة والدورات التدريبية او من القــــــراءات الخارجية. ارجو ان تكون مفيدة للراغبين في الاطلاع وفي المساهمة في تطوير قطاع التأمين العراقي وتعزيز مكانته في التعامل مع الأسواق العالمية. لأغراض هذه الورقة أقصد بالسوق المحلي: شركة اعادة التأمين العراقية، شركة التامين الوطنية، شركة التامين العراقية وشركات القطاع الخاص. وأقصد بالسوق العالمي: المعيد القائد، وسطاء إعادة التأمين والمستشارين. تعريف التفاوض هو حوار بين طرفين او اكثر تربطهم مصالح مشتركة يهدف إلى الوصول الى اتفاق يحقق هذه المصالح، تدون تفاصيله في عقد قانوني يلزم الاطراف بتنفيذه عمليا. ويسمى مثل هذا العقد في اعادة التامين "اتفاقية" وقد يكون هذا التعريف هو الاقرب فيما يخص المفاوضات الخاصة بالاتفاقيات الاقتصادية ومن ضمنها اتفاقيات اعادة التأمين. مثال تأريخي قد لا يكون لهذا المثال علاقة مباشرة بموضوعنا وخصوصا انه حدث في مكان وزمان مختلف، ولكني وجدت من الضروري المرور عليه لإيضاح بعض المفاهيم المهمة في واقعنا الحالي. وقد لجأت لهذا المثال لأني اجد حرجا لو استعنت بمثل قريب قد يُفسّر ذكره دون ما نعنيه. واعتقد ان الاختلاف في الزمان والمكان لا يضر كثيرا وخصوصا ان الطبيعة البشرية لا تختلف من زمان ومكان وأخر إلا في مقدار تراكم التجارب والاستفادة منها واختلاف البيئة ومؤثراتها على الانسان. والمثال على ذلك هو الآتي: في اربعينات وخمسينات القرن الماضي، خلال فترة الحكم الملكي، جرت مفاوضات بين شركة نفط العراق مع الجانب العراقي الذي كان يرأسه المرحوم د. ضياء جعفر[1]. بدأ المفاوض البريطاني يذكر الصعوبات الكبيرة التي تواجهها الشركة في عملها وزيادة التكاليف بشكل غير متوقع وأنها بعد دفع كل هذه التكاليف لا تستطيع العودة عن قرارها في قبول المشاركة في هذا العمل (التنقيب عن النفط في البصرة). وهنا بادر المفاوض العراقي ببيان استعداد الحكومة العراقية بدفع كامل النفقات المدفوعة مقابل ترك منطقة العمل وإلغاء العقد الاولي للتنقيب. تفاجأ المفاوض البريطاني من هذه الاجابة غير المتوقعة وتراجع عن كلامه السابق. وهكذا نجح المفاوض العراقي في الحصول على اتفاق يحقق توازنا معقولا بين الطرفين. الدروس والعبر في هذا المثال: المفاوض البريطاني/المفاوض العراقي 1- محاولة بيان صعوبة الموقف وإحباط عزيمة المفاوض العراقي لكي يقلل من سقف مطالبه بذكر مجموعة من المشاكل والصعاب دون ذكر المنافع المتوقعة.
المفاوض العراقي لا يعاني من عقدة الاجنبي وليس كل ما يقوله الاجنبي صحيح. 2- استجاب المفاوض البريطاني للطرح الجديد من قبل خصمه وذلك لأنه لا يريد فقد فرصة جيدة للربح.
لا يعاني المفاوض العراقي من عقدة الغرور وكان واثقا من نفسه بمطالبة عقلانية أبعادها مدروسة.
3- كان يعتقد بان الجانب العراقي قليل الخبرة ولا يملك معلومات كافية عن الموضوع. وتغير بعد ذلك موقفهم فقد عرف عن البريطانيين احترام خصومهم المقتدرين.
جمع المفاوض العراقي معلومات مهمة عن النفط العراقي مقارنة بالنفوط الاخرى وبتكاليف استخراجه من مصادر مختلفة وخصوصا من الامريكان الذين كانوا يودون الدخول كمنافس.
واعتماداً على الدروس المستنبطة من هذا المثال سنُقيّم مفاوضات إعادة التأمين العراقية مع الأطراف الاجنبية والتي ادت الى توقيع اتفاقيات اعمال البحري/بضائع، الهندسي، الحريـق ،الحوادث، والحياة ولمــدة خمس سنــوات (2004-2008). ونعرض كذلك محاولات تطويرها وتجديدها من خلال تحليل وتقييم اركان التفاوض مثل: اطراف التفاوض، الاهداف، المصالح المشتركة، ديناميكية الحوار وايجابياته، الرغبة الصادقة في تحقيق المصالح المشتركة وغيرها. وكذلك العوامل المؤثرة في التفاوض مثل: طبيعة العلاقة السابقة مع معيدي التأمين، المعلومات والبيانات المتوفرة عن الأعمال العراقية، تفاوت المركز التفاوضي، الظروف غير الطبيعية التي نمر بها .. الخ. سنناقش اهم العوامل وكما يلي: [1] المفاوض الفعال في برنامج اخباري بثته احدى المحطات التلفزيونية نقل خبر عن مفاوضات سياسية مهمة بين طرفين ظهر فيه احد اعضاء الوفد وهو يتثاءب مما اتاح لزميله في الطرف الاخر في الاستمتاع بغفوة قصيرة او قد يكون العكس. ذكرت هذا المشهد للتأكيد على ان اختيار المفاوض يجب ان لا يكون وكأنه مكافأة نهاية الخدمة او مجا ملة لأحدهم لان اي ضعف في احد الاعضاء سيؤثر على باقي اعضاء الوفد، فالمفاوض الفعال هو الذي يمتاز بما يلي: ا - احاطته بالمواضيع الفنية التي سيناقشها وخبرته وكفاءته ونزاهته المشهود عليها. ب - ولائه المطلق للجهة التي يمثلها. ج - امتلاكه لروح العمل الجماعي واستيعابه لإستراتيجية التفاوض وتكتيكاته. د - دعم موقفه بمعلومات احصائية ليس فقط لسنة او سنتين بل لسنوات عمر الاتفاقية، واقتداره على استخدام هذه الاحصائيات وأي معلومات اخرى لدعم مركزه التفاوضي. [2] المصالح المشتركة أ الخسارة "الخسارة" ليست كلمة مرعبة في قاموس مفردات التامين وإعادة التامين، وليس كل ما يذكره المفاوض الاجنبي بشأنها يتحتم ان يكون صحيحا او مناسبا. نحن نثق بالآخرين لكن هذه الثقة يجب أن لا تكون مطلقة سيبادر المفاوض الأجنبي بذكر الخسائر لغرض اخذ المبادرة والسيطرة على الجانب الاخر في عملية التفاوض من خلال التركيز على الخسائر الحاصلة المحسومة او الموقوفة. وعلى المفاوض العراقي ان يتذكر ان كلمة خسارة يجب ان لا ترعبه او تحبط معنوياته. ان المعيد لا يخشى من الخسارة إلا في حالة ان تكون كوارثية او تراكمية وفيما عدا ذلك فهي شيء طبيعي جدا. ألا يقوم عقد التامين وإعادة التأمين على احتمال الخسارة؟ فبدونها لا يلجأ احد الى التامين او اعادة التأمين. ويجب العلم ان المعيدين الكبار مثل ميونخ ري او السويسرية وسْكُور الفرنسية يتندرون عند عرضهم لميزانيتهم السنوية بان نتائجهم الفنية في اكثر الاحيان سلبية (خاسرة) ولكنهم يواصلون نشاطهم بنجاح عن طريق نتائج الاستثمار التي تساهم في تغطية الخسائر وتحقق ربحا صافيا. ومن المفيد أن نذكر أنفسنا هنا أن عمل شركات التامين وإعادة التأمين يشبه عمل البنوك التي تعمل على اساس ان هناك فترة زمنية بين ايداع المبالغ وسحبها فتقوم باستثمار هذه المبالغ خلال هذه الفترة. وكذلك هو الوضع في العمل التأميني، هناك فترة زمنية بين استلام القسط ودفع التعويض تقوم شركة التأمين خلالها باستثمار أقساط التأمين المتجمعة لديها. فعلى ضوء الاحصائيات والنتائج الحسابية المتوفرة لدى المفاوض العراقي عليه ان يقوم بإرجاع خصمه الى مساحة الاهداف المشتركة فيذكره بالأرباح للسنوات الماضية وكذلك الاتفاقيات الاخرى فإذا كانت النتائج ايجابية فما عليه إلا ان يرسم ابتسامة حقيقية تشتت التركيز على ما ذكره المعيد. وبذلك اذا ما حاول المعيد تغيير شروط الاتفاقية الخاسرة لصالحه فعلينا طرح امكانية تحسين شروط الاتفاقية الرابحة لصالحنا. ب الثقة بالنفس اذا كان المفاوض العراقي يعيد ما يذكره الوسيط او المعيد دون ادنى محاولة للرد او التصويب فما الداعي اصلا لهذه المفاوضات. هناك احاديث يرددها المفاوض العراقي، دون قصد وبحسن نية، كان المعيد او الوسيط او الاستشاري قد ذكرها وان تكرارها قد يضعف موقفه التفاوضي. علي سبيل المثال: - ان الوسيط قد عانى كثيرا لكي يكمل تغطية الاتفاقية وانه بالكاد وفي اخر لحظة وجد شركة إعادة التأمين التي وافقت على اكمال التغطية. - ان استمرار المعيدين معنا هو انجاز كبير نجحنا في تحقيقه - ان اتفاقية الحريق قد سجلت خسائر كبيرة وان المعيد قد ينسحب منها. يا اخي، عجيب هذا الأمر! حتى لو كانت هذه حقائق اكيدة فلماذا تردد ما يقلل من قيمة بضاعتك. وحتى تتحقق المصالح المشتركة بيننا علينا عرض بضاعتنا بشكل اخر. وما يؤكد كلامي هو جرأة قيادات السوق العراقي، والتي يجب ان تحسب وتسجل لهم، عندما تحملوا مسؤولية الاخطار التي استثنيت من الاتفاقية. فإذا كنا تحملنا مسؤولية ما يعتبره الكثيرون اخطاراً غير جيدة (نقل النقد، الارهاب، السرقة في التامين البحري) فمن الطبيعي ان يكون ما تبقى هو ما يستحق ان نعرضه باعتزاز ونذكر ان استمرار المعيدين معنا هو نجاح لنا ولهم لاستمرارية تحقيق مصالحنا المشتركة. [3] الاحتكار، المنافسة ودور شركة اعادة التامين نعرف من دراستنا للمبادئ الأولية للاقتصاد أن المحتكر يفرض أسعاره وشروطه. هذه بديهية لا مجال للاختلاف معها وهي ان المركز التفاوضي للمفاوض العراقي سيــــــــــكون ضعيفا جدا عندما يكون الطرف الاخر في موقع المحتكر. وبالرغم من ان تغطية اعمال اعادة التامين تجري ضمن سوق تنافسي، او على اقل احتمال سوق تنافس القلة، فإن ما يدعم موقف المفاوض العراقي هو احساس المقابل بحركتنا تجاه ايجاد علاقات جيدة مع بدائل محتملة عن طريقين: أ- توسيع دائرة الاتصالات إجراء اتصالات بين الشركات الوطنية ومعيدين اجانب ولو من باب المجاملة. مثلا، ارسال رسائل التهنئة مع احصائيات السوق العراقي والتلميح بإمكانية المشاركة فإذا لم تحصل الاجابة الان فمن الممكن ان تحصل مستقبلا وإذا حصلت الان فان الوسيط سوف لن يعترض - اليس هو القائل: "اني اعاني من مشقة كبيرة في اكمال التغطية." عندها سنقول له: "فعلنا ذلك حتى نحمل عنك عبء المعاناة." وانأ متأكد بأنه سيغير من طريقة كلامه مستقبلا. هنالك شركات عالمية كثيرة لا تقل اهميتها عن شركة ميونخ ري وخصوصا الشركة السويسرية لإعادة التامين وشركة سكور الفرنسية وشركة كولون ري الالمانية وغيرها و ان لبعضها علاقات سابقة امتـــدت لأكثر من ثلاثة عقود قبل غزو العراق للكويت سنة 1990. انا افهم ان يفرض الاحتكار شروطه على طرف ما لكن ان يضع هذا الطرف نفسه في حالة خضوع للاحتكار فهذا يحتاج الى تفسير. ب- دور شركة اعادة التامين العراقية ان اهم ما يميز السوق العراقي هو وجود شركة مختصة في مجال اعادة التامين منذ عام 1960. صحيح أن هذه الشركة قد اصابها ما اصاب شركات التأمين المباشر لكن هذه الشركات، في تقديري، تشكل، أو هكذا يجب أن تكون، جزءاً مهماً من العملية التفاوضية. ولدعم ما ذكرته سابقا فانا اجد انه قد حان الاوان ان تدخل هذه الشركات شريكا مهما في العملية التفاوضية مباشرة أو بصورة غير مباشرة وبشكل يتناسب مع حجم إعمالها المسندة للمعيدين الاجانب. الهدف من ذلك هو تحقيق ما يلي: يشعر الوسيط بأنه في حالة قوله ان هناك معاناة كبيرة تواجهه في تكملة التغطية ان هناك من يستطيع سد هذا النقص وهو شركة اعادة التامين العراقية. وانأ اؤكد بان الوسيط سوف لن يكرر هذا الكلام مرة ثانية متى ما استشعر قوة وقدرة الشركة. ومن الممكن ان تعيد شركة اعادة التامين العراقية امجادها السابقة وزيادة مساهماتها تدريجيا واستعادة دورها في اعمال تبادلية وأعمال اعادة اعادة التامين او الاحتفاظ بجزء منها. نعم، الواقع والحاضر صعب ولكن الجرأة والإقدام يجعل تجاوز المستحيل حقيقة. ان ما ذكرناه سيدعم المفاوض العراقي كثيرا وسيحقق له اهم عامل داعم وهو المرونة في التحرك من خلال توفر البدائل لديه. [4] وحدة الموقف: رسم الاستراتيجيات والتكتيكات المتبعة ان اهم ما يدعم المفاوض العراقي هو وجود استراتيجية واضحة لديه لدخول عملية التفاوض، وخصوصا لتحقيق الاهداف البعيدة، مع استخدامه الكفء للتكتيكات المتاحة لديه لحل المشاكل الانية ومواجهة المفاجئات المحتملة. وهنا سيظهر المفاوض العراقي امام الاخرين انه مدرك لما يريد. وبعيدا عن الشعارات، نرى أن العالم يتجه ومنذ فترة الى تكوين تكتلات اقتصادية على مستوى الدول ومستوى الشركات لما تحققه من منافع مشتركة للأعضاء. ولعل تجربة الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب خير دليل، في المجال التأميني، على أهمية تجميع القدرات الذاتية المتفرقة للشركات. فقد نجح هذا التكتل في كسر احتكا ر أسعار التأمين البحري في سوق لندن على السفن المتجهة إلى الخليج إذ أخذت هذه الأسعار بالتصاعد منذ سنة 1979 وتفاقمت بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية (1980). وقد بدأ الصندوق عمله في بغداد في بداية سنة 1981 وما يزال يمارس مهامه بنجاح. اذاَ، يجب ان نكون حذرين من ان يظهر المفاوض العراقي امام الاخرين دون وحدة الصف او وحدة الموقف، وان ننظر بروية الى هذا الموضوع وندرس منافع وحدتنا، ولفترة طويلة، بدلاً من السعي نحو مكاسب فردية انية قد تكون في غير صالح ما هو مشترك لدى جميع الشركات. علينا الاقرار بان التاريخ علمنا بان الاتحاد قوة، وهذا ما اكدته الشرائع السماوية والتجارب الدنيوية. لذا فان قرار توحيد الموقف يجب ان يؤخذ على اساس انه موضوع استراتيجي مهم جدا في دعم عملية التفاوض والمفاوضين وأن التفرق والتشتت هو مصدر الاضرار بهم ومصالح من يمثلونهم. وتبقى النهايات مفتوحة لأي قرار، ويبقى اتخاذه امرا صعبا ومسؤولية تاريخية. وقد تكون فكرة اصحاب الرأي الثاني، الداعي إلى الانفصال عن ما هو مشترك، مقبولة من حيث المنطق الاقتصادي ولكن نظرة الى طبيعة السوق في فترة نهوضه وتكوينه الجديد يؤكد على ضرورة تأجيل الانفصال لسنوات معدودة لحين نهوض السوق المحلي حقاً. والأمر، دائماً، بحاجة الى دراسة ومشورة وتبادل الاراء. [5] المرونة، الواقعية، العقلانية لا ادري هل هو طبع فينا نتفرد به عن الاخرين وهو اننا مفاوضين عنيدين او مزعجين، او بعيدين عن الواقع، او ناجحين. رجعت الى التاريخ واستعنت بشهادة احد الكتاب الاجانب الذي علق على مفاوضات المعاهدة العراقية البريطانية عام 1930 وبين هذا الكاتب كيف ان المفاوض العراقي حقق في هده الاتفاقية امتيازات احرجت بريطانيا، قوة الاحتلال والانتداب، امام الهنود والمصريين اللذين سبقوا العراق في التفاوض على علاقتهم مع بريطانيا ولم يستطيعوا التوصل الى ما توصل اليه العراقيون. وجاء في مصادر اخرى ان هناك نوع من الدهاء، مارسه الملك فيصل الأول ونوري سعيد، حقق لهم هذا التفرد في التفاوض. ولكن علينا الاعتراف بان الواقع صعب جدا وان يكون المفاوض صعب المراس وصلبا قد لا يساعد دائما على نجاح المفاوضات، وان يكون سهلا لينا قد يضيع كثيراً من المكتسبات المفترض الحصول عليها. والاسترشاد بالمثل المشهور "لا تكن صلبا فتكسر ولا سهلا فتعصر" مفيد في الوصول الى مساحة التوازن وتحقيق المصالح المشتركة. في هذه الظروف الصعبة هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المفاوض العراقي ومصالحنا هي أمانة عليه عدم التفريط بها. [6] التفاوض أخلاق وعلم وفن الاخلاق هو في التزام المفاوض بما توصل اليه، وبمصداقيته في طرح مواضيع الحوار، وولائه المطلق وحرصه على الوصول للمكاسب المشتركة. اما العلم فهو ما ذكرنا جزء منه في هذه الورقة، وهناك الكثير عنه في بطون الكتب. ويدخل فيه علم النفس والإدارة والإحصاء وجمع المعلومات والاتصالات وغيرها لا سبيل لطرحها هنا. وقد يتيح موضوعنا هذا الى لفت انتباه المعنيين بعقد دورات تدريبية في المركز المالي والمحاسبي لوزارة المالية لموضــــــــــــــوع التفاوض لما له من اهمية ليس فقط في موضوع اعادة التامين بل في عملية التفاوض بين المنتج والمؤمن له وخصوصا ان معظم الموظفين يمارسون العمل الانتاجي. اما عن التفاوض كفن فهو الموهبة الفطرية التي يهبها الخالق الى بعض الناس دون كثيرين. فكاتب هذا المقال، مع الاسف الشديد، لا يمتلك هذه الموهبة. لذا تراني دائما خاوي الجيوب وذلك لعدم نجاحي في معظم الصفــــقات التجارية التي كنت طرفا بها. والمشكلة ليس هنا فقط، فإذا قيل: "تعيس في صفقاته التجارية سعيد بالحــــــــياة او العكس" فانا لم احقق الاثنين. ملاحظة ختامية وفي النهاية فان موضوع هذه الورقة لا يعني اي شخص باسمه، فهو يناقش مواقـــــــــــف ومفاهيم وليس اشخاصا، بل اني اؤكد على المكاسب التي حققها المفاوض العراقي في ظروف غير طبيعية (كان الوصول الى مطار بغداد هما كبيرا لوحده قد يعادل الرحلة ذاتها إلى الخارج دونكم المخاطر والصعاب الأخرى). إن ما ذكرته ليس إلا من باب النقد البناء لتحسين ما كان، وهناك دائماً احسن مما كان وهو يأتي في إطار ومزايا الوضع الجديد في عدم تقييد حرية تبادل الافكار. لذا اؤكد على حسن النوايا واحترام الاخرين. وشكرا لمن تحمل قراءة هذه الورقة البسيطة للنهاية، وأرجو من القارئ أو القارئة مناقشة ما أوردته فيها من معلومات وأفكار وحجج. مروان هاشم أمين بغداد 13 كانون الثاني 2009 * رئيس ملاحظين، قسم إعادة التأمين، شركة التأمين الوطنية، بغداد. [1] د. ضياء جعفر وزير عراقي سابق دكتوراه في هندسة الميكانيك/بريطانيا. من موالـــــــــــيد بغداد/الكاظمية. يعتبر من التكنوقراط العباقرة ولقب بالوزير المزمن وذلك لاستمراره وبشكـل متواصل ولمدة 11 سنة في وزارة الاشغال والمالية ومجلس الاعمار. لعب دورا كبيرا فـــــي مفاوضات امتيازات النفط المنوحة للشركات النفطية الأجنبية. وكان رحمه الله صاحب اقتراح خروج العراق من المنطقة الاسترلينية فهو الذي مهد لتحقيقه. بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 جير القرار لصالحها دون ذكر جهوده.