إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019/02/27

Defamation of Iraq Re Personnel


حين يتحول الاختلاف حول قضايا فنية إلى مادة للتشهير والإساءة لزملاء العمل: حالة شركة إعادة التأمين العراقية


العلم القليل شيء خطير
ألكسندر پوپ (1688-1744)

مصباح كمال

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

[1]

في أوائل شهر كانون الأول 2018 جرى تداول رسالة إلكترونية، موضوعها: "تظلم موظفي شركة إعادة التامين،" معنونة إلى عدد كبير من شركات التأمين العراقية وأطراف أخرى والقليل من الأشخاص.  تُخاطب الرسالة باسم لفيف من موظفي شركة إعادة التأمين العراقية الجهات الرسمية التالية:

رئيس الجمهورية
رئيس الوزراء
وزير المالية
رئيس هيئة النزاهة
رئيس ديوان الرقابة المالية
رئيس هيئة النزاهة [هذا التكرار ورد في نص الرسالة]
وكيل وزير المالية
مفتش عام وزارة المالية
مدير عام شركة إعادة التامين العراقية

ما يلفت النظر هنا أن الرسالة[1] مرسلة إلى 41 عنوان بريد إلكتروني ليس من بين العناوين ديوان التأمين، جهاز الإشراف والرقابة على قطاع التأمين؛ ولا جمعية التأمين العراقية، الممثلة لمصالح شركات التأمين كافة.  لماذا؟  العلم بالطبع عند مرسل الرسالة الذي يحمل عنوان true way <trueway37@gmail.com وهو اسم مختار ربما عن قصد للتخفي أصلاً، ترجمته تعني الصراط المستقيم.  لا أدري إن كان البُعد الديني مُضمراً في هذا الاسم، وكأن صاحبه يوحي بأنه يقف على أرض صلدة، يمتلك الحقيقة دون غيره.

تضمُّ الرسالة ما يعتبره كاتبها أو كتّابها 28 مخالفة أنقل للقراء أولاً مقدمتها كما هي:

"نحن لفيف من موظفي شركة اعادة التامين العراقية  نرسل اليكم هذه الشكوى بخصوص ممارسات الفساد الاداري والمالي في شركتنا راجين اتخاذ الاجراءات اللازمة والعاجلة بشان هؤلاء الفاسدين ومحاسبتهم بشدة عن ما ارتكبوه بحق هذه الشركة من فساد اداري ومالي واخلاقي وضياع للاموال العامة وتدمير هذه الشركة والوصول الى ما هو عليه الحال الان من خسارة نتيجة تعويضات وهمية تم منحها لاشخاص عن وقوع اضرار غير حقيقية ويتزوير وثائق تامين وافتعال حرائق لمواد بقيمة غير صحيحه ومطالبتهم بتعويضات غير مطابقة للكشوفات للمواد الموجودة في المحلات او المخازن الؤمن عليها . وهذه واحده من اساليب الاختلاس والسرقة التي تقوم بها عصابة متنفذه مافيا التعويضات: وسرقة والتلاعب بميزانية الشركة والاحتياطي وراس المال ونضع امام انظاركم هذه المخالفات و كلنا ثقة بعدالتكم ونحن على ثقة بان ضمائركم لا ترتضي بما يجري في هذه الشركة والضياع الذي تمر به."  [النص منقول حرفياً من الرسالة]


إن رصد "المخالفات" ينصبُّ على تسمية عاملات وعاملين في شركة إعادة التأمين العراقية، مقرها في بغداد، يحتلون فيها مواقع مهمة مختلفة، وأنهم وراء المخالفات (الفساد المالي والإداري).  بعض هذا الرصد يقوم على تشهير بالأشخاص وإشارات إلى سلوك غير أخلاقي.

لا أهدف من كتابة هذه الورقة الدخول في مناقشة لا طائل منها مع الكاتب/الكُتّاب والكاتبة/الكاتبات المجهولين لهذه الرسالة حول التشهير بزملاء وزميلات العمل، واكتفي بالإشارة إلى بعض "المخالفات" التي أرى أنها تعكس جهلاً بالعمل التأميني، أو قُل معرفة غير كافية، وبالخصوص في مجال إعادة التأمين.  كما أنها ربما تعكس شكلاً من أشكال الصراع الدائر في عراق المحاصصة والمغانم على احتلال المواقع داخل المؤسسات العامة.  وكذلك غياب المعرفة الدقيقة بدور مستشار شركة إعادة التأمين العراقية وتحالف وسطاء إعادة التأمين الثلاث consortium وطبيعة أعمال إعادة التأمين الدولي الاتفاقي والاختياري.

ربما يتطوع من هو أعرف مني ببواطن الأمور داخل شركة إعادة التأمين العراقية بالتعليق والتوضيح بعيداً عن المهاترة.

[2]

من "المخالفات" المزعومة أن إحدى العاملات، ضمن وفد شركة إعادة التأمين العراقية، قد أوفدت إلى تركيا مؤخراً (كانون الأول 2018)، وهي

"ليست معنية  بالامور الفنية لتجديد الاتفاقيات ومن المفترض ان يذهب المدير العام لتجديد الاتفاقية ولم تستحصل موافقات الوزارة على منحها تخويل صلاحية توقيع الاتفاقية لكوها ليست مدير عام الشركة فكيف تمنح حق التوقيع على اتفاقية وهي لم تعمل في الاقسام الفنية ولا يوم واحد حتى."  [النص منقول حرفياً من الرسالة]

فات على أصحاب الرسالة أن المدير العام[2] كان يترأس وفد شركة إعادة التأمين العراقية إلى اجتماعات تجديد اتفاقيات إعادة التأمين لسنة 2019، وأن المدير العام أو أعضاء الوفد لا يوقّعون، عادة، على الاتفاقية خلال الاجتماعات إذ أن شروط التجديد موضوع للتفاوض بين الإعادة العراقية والمعيد القائد بتوسط من تحالف الوسطاء وترجمة من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس من قبل مستشار الشركة.  في الغالب، يتمُّ إبرام تجديد عقد اتفاقية إعادة التأمين بعد عودة الوفد إلى العراق، وبعد أن استوعب الشروط الجديدة.

وفات على أصحاب الرسالة أيضاً أن شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية، العامتين، تلعبان دوراً رئيساً في مفاوضات تجديد اتفاقيات إعادة التأمين لأنهما المنتفعتان الرئيسيتان من هذه الاتفاقيات، ويؤثران على سير المفاوضات.  إن عمل شركة إعادة التأمين العراقية قد يتعثر، إن لم يتوقف، في حال قررت الشركتان عدم إسناد أعمالها للإعادة العراقية، وهو ما يحق لهما أن تفعلاه، إن رغبتا بذلك، وفق أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (المادة-27-أولا- يجوز للمؤمن [شركة التأمين] إعادة التأمين داخل العراق أو خارجه).

[3]

ومن "المخالفات" أيضاً أنه:

"تم حجز الفندق الخاص بالموفدين بواسطة اشخاص من خارج الدائرة وقبل يوم الايفاد مما يدل على وجود تنسيق مسبق مع اشخاص بانتظارهم في تركيا علما ان الذي قام بدفع نفقات الحجز هو احد المستثمرين العراقيين كرشوة للوفد بعد الاتفاق معه على منحه تعويض خلال هذا الشهر عن حرائق ستحصل بعد عدة ايام مرتب لها وستسمعون بذلك."  [النص منقول حرفياً من الرسالة]

ما لا يعرفه أصحاب الرسالة أن إعداد اجتماعات موسعة لعدة أطراف (شركة إعادة التأمين العراقية، شركة التأمين الوطنية، شركة التأمين العراقية، وأحياناً ممثل عن شركة تأمين خاصة وكذلك ديوان التأمين؛ تحالف الوسطاء الثلاث ومعيد التأمين القائد الموزعين في أكثر من دولة تحتاج إلى تنسيق ومنسق – وهو ما يتكفل به مستشار الشركة المقيم في لندن، وذلك لضمان وجود الجميع في نفس الفندق توفيراً للوقت، الذي يضيع في التنقلات في حال توزع المشاركين في عدة فنادق، ولضبط مواعيد الاجتماعات.  كل طرف يتولى تسديد كلفة إقامته ومصاريفه الأخرى.  مستشار الشركة يحصل على مكافأته ليس من شركة إعادة التأمين العراقية وإنما من تحالف وسطاء إعادة التأمين الذين بدورهم يحصلون على عمولتهم من معيدي التأمين.

أصحاب الرسالة ضالعون في علم الغيب إذ أنهم يعرفون مسبقاً بوقوع "حرائق بعد أيام مرتب لها" وأن الأطراف المُخاطَبة ستسمع بها!  أكتب الآن، بعد مضي شهرين على تاريخ الرسالة، ويبدو لي أن النبوءة لم تتحقق بعد.

[4]

ومن طرائف "المخالفات" أن إحدى الموفدات إلى اجتماعات تجديد اتفاقيات الإعادة العراقية في تركيا قامت

"باصطحاب زوجها وولدها [حذفتُ الاسم] الى الايفاد ويمكنكم التاكد من ذلك حيث تم تثبيت اسماءهم في الفندق المعقود فيها تجديد الاتفاقية فير تركيا (( وكله من فلوسنه وبراسنة ))."  [النص منقول حرفياً من الرسالة]

أخبرني من هو عليمٌ بالموضوع، وكان مشاركاً في الاجتماعات، أن ما جاء في هذه الرسالة ليس صحيحاً؛ فهو إذن محض افتراء يُراد منه النيل من هذه الموفدة ومن وافق على إيفادها (مدير عام الشركة ووزارة المالية التي تتبعها شركة إعادة التأمين العراقية).

من المفترض أن الفلوس [أرصدة أقساط إعادة التأمين المسندة لشركة إعادة التأمين العراقية من قبل شركات التأمين المنضوية في اتفاقياتها] تعود للشركة، وليس للموظفين.  صحيح أن الشركة مصنفة كشركة تمويل ذاتي، وأن عليها حقوقاً تجاه من يعمل فيها (رواتب ومخصصات وحوافز)، إلا أنها، وبحكم عملها، تُراكم هذه الأرصدة، وغيرها من مصادر الدخل، لتلبية هذه الحقوق، وتسديد إيجار مقرها (أظن بأنها لا تملك بناية المقر)، ومصاريف العمل، وتسديد حصتها من التعويضات المسددة من قبل الشركات المسندة، وما يصبُّ في صلب عملها: بناء الاحتياطيات، وتضم احتياطيات الطوارئ واحتياطيات الاخطار السارية واحتياطيات التعويضات الموقوفة، لضمان قدرتها على مواجهة التزاماتها التعاقدية مع الشركات المسندة.

إن مقولة "وكُلّه من فلُوسْنَه وبراسْنَه" يعكس النفَس الانتفاعي، وهو ما لا اعتراض عليه إن كان القصد منه ضمان تسديد الرواتب في أوانها وكذلك الحوافز المستحقة بقوة القانون.  ولكن إن كانت نتائج أعمال الشركة سلبية فليس من المتوقع منها توزيع أنصبة على المالكين (وزارة المالية) أو الموظفين.

[5]

"المخالفة" التالية تكشف كم أن أصحاب الرسالة بعيدين عن العمل التأميني إذ أنهم يستغربون:

"استحداث باب تعويضات موقوفه يتم تعزيزه طوال السنة من اجل صرف تلك التعويضات في نهاية السنة وفي نهاية السنة يتم تصفيره ولا نعلم اين يذهب علما ان تلك التعويضات تدفع من باب اخر وهو باب التعويضات فما سبب وتبرير وجود باب تعويضات موقوفة !!!!! ولا نعلم اين تذهب تخصيصاته سنويا."  [النص منقول حرفياً من الرسالة]

لا أدعي فهماً معمقاً بمفاهيم إعادة التأمين الاتفاقي لكنه من المعروف أن شركة التأمين المباشر (تُعرف باسم الشركة المسندة لأغراض إعادة التأمين) وكذلك شركة إعادة التأمين تقوم بتكوين احتياطي للتعويضات لحماية الشركة المسندة من احتمال عدم قدرة معيد التأمين على الوفاء بالتزاماته التعاقدية مع الشركة.  ويغطي احتياطي التعويضات الخسائر المتحققة المبلغ عنها للشركة المسندة/شركة إعادة التأمين والتي لم تُسدد بعد من قبلها في نهاية سنة الاتفاقية.

إن القاعدة العامة في حساب التعويضات الموقوفة هي إدخال بنود الخسائر (مطالبات التعويض) قيد التسوية، والخسائر المتحققة خلال السنة المالية/سنة الاتفاقية والتي لم تُبلغ بها الشركة المسندة/شركة إعادة التأمين Incurred But Not Reported (IBNR)) إلى هذا الحساب.

تُستخدم هذه الاحتياطيات من قبل الشركة المسندة (وكذلك شركة إعادة التأمين التي تعيد أعمالها، شركة إعادة التأمين العراقية مثال على ذلك).  فمن المفترض أن الأرصدة المتوفرة لدى شركة التأمين/إعادة التأمين تستخدم لتسديد المطالبات بالتعويض بعد إتمام تسويتها.  وهذه الأرصدة داخلية خاصة بشركة التأمين (ومنها احتياطي التعويضات) أو تمثل مساهمة معيد التأمين (المطالبات الكبيرة يمكن أن تخضع لشرط الدفع الفوري cash loss من قبل معيد التأمين (لتخفيف الضغط على السيولة النقدية لشركة التأمين).  إن حسابات اتفاقية إعادة التأمين تتم على أساس ربع سنوي أو نصف سنوي عن طريق إعداد وتديم كشوفات.  وهذا يعني أن حقوق والتزامات كل من شركة التأمين والمعيد تخضع للتنفيذ من خلال الدفع الفوري ومن خلال هذه الحسابات دون الانتظار لتسوية حسابات الاتفاقية في نهاية السنة المالية.  وعلى ما أذكر فإن اتفاقية الحريق للإعادة العراقية تقضي بتسوية معيد التأمين للأرصدة المستحقة لشركة إعادة التأمين العراقية خلال 28 يوماً من استلام الحسابات (وهي حسابات نصف سنوية).

إن شركات إعادة التأمين، كشركة إعادة التأمين العراقية، المرتبطة باتفاقية إعادة التأمين (إعادة التأمين المكرر) لحماية أعمالها تحتجز احتياطي للأخطار غير المنتهية.  ومن المفيد أن أنقل هنا ما جاء في كتاب عن إعادة التأمين حول احتياطي الأقساط المُفرج عنه Premium Deposit Release:

تنص الاتفاقيات النسبية عادة على قيام الشركة المسندة باحتجاز جزء من الأقساط المسندة إلى الاتفاقية لمدة عام وذلك مقابل التزامات معيدي التأمين عن الأخطار السارية (غير المنتهية) في تاريخ إعداد الحساب، ويتم الإفراج عن الاحتياطي (أي قيد قيمته لحساب معيدي التأمين في الجانب الدائن من حساب الاتفاقية الربع السنوي) بعد أثني عشر شهراً من تاريخ الاحتجاز، فإذا تم الاحتجاز في نهاية الربع الأول من السنة، فإنه يفرج عن الاحتياطي في نهاية الربع الأول من السنة التالية.[3]

وتضم نصوص اتفاقيات إعادة التأمين نظام للمحاسبة فيما يخص تسديد أقساط التأمين، واحتياطي الأخطار السارية، والعمولة، وعمولة الأرباح ... الخ.  وهناك حساب دائن ومدين بين الشركة المسندة وشركة إعادة التأمين لتنظيم تدوير احتياطي الأخطار السارية من السنة السابقة، واحتياطي التعويضات غير المسددة من السنة السابقة وغلق الحسابات وهلم جراً.[4]

لعل من المفيد إدخال أصحاب الرسالة في دورة تدريبية للتعرّف على المفاهيم الأساسية لإعادة التأمين كي لا يثيروا سؤالاً حول "سبب وتبرير وجود باب تعويضات موقوفة."  وهنا يكفي التذكير بأن أية خسارة مشمولة بغطاء التأمين لا تتم تسويتها آنياً (ربما تحتاج الخسارة إلى كشف موقعي، ربما تستدعي استخدام خبير تسوية، وتقديم كشوفات لمعيدي التأمين ... الخ) ولذلك توصف بأنها موقوفة (لحين تسويتها عند تسديد مبلغ التعويض).  ثم أن هناك، كما أشرتُ، خسائر تحققت، يعرفها المؤمن له، لكنها لم تُبلَّغ لشركة التأمين/إعادة التأمين.

[6]

قد يكون هناك سوء إدارة في التوظيف وفي منح المنافع للعاملين والعاملات، وهو ليس بالمُستبعد في ظل السياسات العامة التي تتبعها حكومات ما بعد 2003 القائمة على المحاصصة وتوزيع المغانم، وحقيقة أن من يحتل موقع الإدارة العليا في الشركة ينتمي إلى حزب إسلامي سياسي هو الأكثر نفوذاً في مفاصل الدولة ومؤسساتها، وخاصة في الفترة 2007-2017، ولم يلعب دوراً في تطوير الشركة.

من المؤسف أن من يقف/تقف وراء هذه الرسالة ليس معنياً بالواقع الحقيقي لشركة إعادة التأمين العراقية وسبل تطويرها ومستقبلها.[5]  وهو ليس معنياً ببعض المعايير الخاصة لسلامة نتائج أعمال الشركة.  على سبيل المثل، النسبة الموحدة الصافية Net Combined Ratio أي التعويضات والعمولات والمصاريف منسوبة إلى أقساط التأمين، فكلما اقتربت النسبة من 100% فإنها تشير إلى انخفاض هامش الربحية، وكلما انخفضت هذه النسبة ارتفع هامش الربحية.  وهو ليس معنياً بتشخيص المشاكل التي تعاني منها الإعادة العراقية، وتقديم حلول لما يمكن تحقيقه.  المغانم، بأشكالها المختلفة، هي المطلب الأساس والقاعدة لأي تحرك أو هجوم.

هناك العديد من القضايا المطروحة على إدارة شركة إعادة التأمين العراقية من بينها ودون تحديد للأوليات، بناء الكوادر فنياً ولغوياً، وخاصة تحسين مستوى اللغة الإنجليزية، التي أصبحت لغة إعادة التأمين في العالم ،من خلال الدورات التأمينية المستمرة في الداخل والخارج؛ رفع رأسمال الشركة للامتثال لتعليمات ديوان التأمين؛ تعزيز الاستخدامات الحوسبية في جميع مجالات العمل؛ إعادة النظر في التنظيم الداخلي للشركة وتحصين الإدارة العليا من مواضعات المحاصصة؛ ممارسة دور قيادي ذو طابع مهني داخل سوق التأمين العراقي، والتعاون الوثيق مع ديوان التأمين لضمان التزام الشركات المسندة بإسناد جميع أعمالها لاتفاقيات الإعادة العراقية لتحسين حجم الأقساط المكتتبة؛ وضع رؤية للاستعادة التدريجية لدور افتقدتها منذ بدء الحصار الدولي على العراقي (1990)، وأعني به الاكتتاب بأعمال إعادة التأمين الواردة من خارج العراق؛ مواصلة العمل للحصول على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف المعروفة.

ويكفي في ختام هذه الورقة التأكيد على أنه لولا وجود شركة إعادة التأمين العراقية، رغم عللها وقصور إداراتها، وحماية إعادة التأمين التي توفرها لكانت العديد من شركات التأمين الخاصة قد توقفت عن العمل، وهذا ما لا يدركه أصحاب الرسالة.

لم نسمع أو نقرأ حتى الآن تعليقاً على مضمون هذه الرسالة من شركات التأمين أو من شركة إعادة التأمين العراقية أو من ديوان التأمين الذي نفترض أن رسالة من هذا العيار الفضائحي يمس قطاع التأمين العراقي لن يفوته.  ترى أليس لهذه الأطراف موقف؟  كما أن الأطراف المُخاطَبة الأخرى لم تهتم، كما يبدو، بموضوع الرسالة وإلا كنا قد قرأنا شيئاً منها في الصحافة.

ما قدَّمته هو رأي قابل للتخطئة والتعديل، لا أرجو منه غير الحفاظ على موقع شركة إعادة التأمين العراقية وتحسينه والارتقاء بها وبخدماتها ضمن قطاع التأمين العراقي.  آمل أن يشترك زملاء وزميلات المهنة في قطاع التأمين وكذلك من يهمهم شؤون هذا القطاع في الكشف عن الحقائق وتقديم الحلول.

25 شباط 2019


[1] لمن يرغب بالحصول على نسخة من هذه الرسالة الاتصال بي من خلال خانة التعليقات في أسفل الموقع.
[2] يحتل موقعه وكالة منذ تموز 2018.  متحدث جيد، وملم بالخطوط العامة لإعادة التأمين وعلى معرفة بأمور الشركة رغم قصر الفترة التي مضت على تسلمه لموقع.
[3] عادل داود، مقدمة في إعادة التأمين (لندن: دار ويذربي وشركاه، 1991)، ص 122.

راجع كذلك: بهاء بهيج شكري، إعادة التأمين بين النظرية والتطبيق (عمان: دار الثقافة، 2008)، 103-105.

[4] شكري، مصدر سابق.

[5] مصباح كمال، شركة إعادة التأمين العراقية: ما لها وما عليها (نور للنشر، 2018).

2019/02/21

Social Insurance, Informality and Labour Markets


مراجعة كتاب

التأمين الاجتماعي، والعمل غير الرسمي، وأسواق العمل
Social Insurance, Informality and Labor Markets: How to Protect Workers While Creating Good Jobs. Markus Frolich, David Kaplan, Carmen Pagés, Jamele Rigolini, and David Robalino, editors. Oxford University Press. December 2014.

نشرت المراجعة في موقع
London School Review of Books
June 19th, 2015
كاتب المراجعة: كريس ماكلاخلن*
ترجمة: مصباح كمال**

نشرت هذه الترجمة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:


في تقديمه لهذه المراجعة كتب محرر الموقع ما يلي:

يعالج كتاب التأمين الاجتماعي، والعمل غير الرسمي، وأسواق العمل برامج الحماية الاجتماعية في أمريكا اللاتينية ويركز على أحد أكثر القضايا إلحاحاً في محاولات المنطقة لتوفير شبكة أمان لمواطنيها: وفيما إذا كانت البرامج الاجتماعية لا تشجع على المشاركة في القطاع الرسمي.  يكتب كريس ماكلاخلن أن الأدلة الموضحة في هذا الكتاب سيكون لها آثار مهمة على تطوير السياسات على مستوى العالم.


في ضوء انتخاب الشعب البريطاني مؤخراً[1] لحكومة محافظة على خلفية تعهد يقضي بإجراء تخفيضات بقيمة 12 مليار جنيه إسترليني من ميزانية الرعاية الاجتماعية، فإن الأسئلة التي استحوذت على اهتمامنا منذ إعلانها هي كيفية حساب تكلفة هذه التخفيضات.  إن الخطط التي من المفترض أن تحمي ميزانية الخدمات الصحية الوطنية NHS وبعض مزايا المعاشات تعني بأننا سنضرب أخماساً بأسداس حول الترتيبات التي سيخرج بها إيان دانكان-سميث[2] Iain Duncan-Smith ووزارة العمل والمعاشات لتحقيق هذا التعهد.

إن المناقشات حول هذه الترتيبات للحماية الاجتماعية هي ذات طابع عالمي ومعقدة.  ويأتي كتاب التأمين الاجتماعي، والعمل غير الرسمي، وأسواق العمل: كيفية حماية العمال أثناء خلق وظائف جيدة، الذي تم تحريره من قبل مؤلفين من معهد دراسة العمل، بنك التنمية للبلدان الأمريكية والبنك الدولي، لتقيّم السياسات المختلفة لتوفير الحماية الاجتماعية للعمال في أمريكا اللاتينية.

لقد جاء تأليف هذا الكتاب متسقاً مع الأعراف الأكاديمية من حيث الأسلوب والمنهجية، وهو تتويج للأعمال التجريبية لمختلف البرامج الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة.  وتشمل الحماية الاجتماعية التأمين الاجتماعي، الذي يركز على المنافع المستحقة عند البطالة، ومنافع كبار السن، والإعاقة، والمعاشات التقاعدية، والرعاية الصحية، كما يشمل المساعدة الاجتماعية للعمال، التي تعمل على تقليل الفقر والحدّ منه.  وعلى وجه الخصوص، يركّز الكتاب على كيف يمكن للبرامج الاجتماعية تشويه أو تقليل الحوافز للانخراط في "العمل الرسمي" ‘formal work’، وبالتالي زيادة القطاع "غير الرسمي" ‘informal’ sector.

يتناول القسم الأول من الكتاب تقييم آثار التأمين الاجتماعي على أسواق العمل.  منذ ثلاثينيات القرن العشرين، تميَّزت أمريكا اللاتينية برؤية بسماركية للضمان الاجتماعي حيث يقتصر الوصول إلى الحماية الاجتماعية على الأفراد الذين يساهمون في النظام.  واستند الضمان الاجتماعي إلى مساهمة العمال في هذا النظام من خلال العمل الرسمي.  واعتماداً على ذلك يجب كسب الحماية الاجتماعية [من خلال تسديد الاشتراكات في صندوق الحماية].  وهذا النظام يسبب مشكلة لأمريكا اللاتينية، كما لاحظ بوش وزملاءه Bosch et al (الفصل 4) إذ أن واحداً من أثنين من العمال في المنطقة في المتوسط يعمل بشكل غير رسمي، مما يعني أن المساهمات في الصندوق ممولة من قبل العاملين في القطاع الرسمي.

إن الفكرة الأساسية للكتاب تتركز على نقد هذا النموذج البسماركي.  وهذا النقد صحيح، عند مقارنة هذا النموذج مع النجاحات التي حققها تقرير [وليم] بيفرج Beveridge في بريطانيا في عام 1942 والذي شكَّل أساساً لدولة الرفاه الاجتماعي، وأكدَّ على أن منافع محددة specific benefits، مثل الصحة والمعاشات، يجب أن تكون متاحة للجميع.  ويشير الكتاب بشكل أساسي إلى أن غطاء الحماية الاجتماعية لم يشمل فئات واسعة من سكان أمريكا اللاتينية بسبب بروز العمل غير الرسمي في المنطقة.  قد تكمن الإشكالية الكبرى في خطابنا المعاصر غير المدروس في الربط بين الحماية الاجتماعية والعمالة الرسمية، لأنه بمجرد ربط العمل بالحماية، تبدأ الحجج حول "المستحق" و "غير المستحق" للحماية الاجتماعية في الظهور.  وبالتالي، فإن أحد الأهداف الرئيسية للكتاب هو تحليل مدى إمكانية توسيع نطاق الحماية – وهي مطبقة في بعض الحالات - ليشمل القطاع غير الرسمي الذي لا يساهم في صندوق الحماية.

يستعرض الفصل الرابع، الذي يضم دراسة تجريبية بارزة كتبها ماريانو بوش، م. بيلين كوباشو وكارمن باغيز Mariano Bosch, M. Belén Cobacho and Carmen Pagés، تنفيذ برنامج "التأمين الشعبي" ‘Seguro Popular’ في المكسيك في عام 2003: برنامج اجتماعي يهدف إلى توفير الرعاية الصحية بأسعار معقولة إلى 50 مليون شخص غير مؤمن عليهم في المكسيك، يستهدف أساساً توفير التغطية الصحية الشاملة.  لكن الأكثر إثارة للانتباه في هذا التأمين الشعبي هو أنه على الرغم من أن البرنامج قلَّل العبء المالي على الإنفاق الصحي مع زيادة الموارد في هذا القطاع، إلا أن هناك القليل من الأدلة على تحسن النتائج الصحية للأفراد.  في الواقع، يقول المؤلفون، إنه قد يكون من السابق لأوانه أن تتحقق النتائج، لكنه رغم ذلك فإنه سيثبت بأنه [التأمين الشعبي] عمل مهم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إحدى النتائج غير المقصودة للتأمين الشعبي هي أنها تجعل العمل غير الرسمي أكثر جاذبية، حيث يحصل العمال غير الرسميين في المكسيك الآن على الرعاية الصحية بغض النظر عن المساهمات المقدمة من خلال وضعهم الوظيفي [أي بغض النظر عن كونهم عمال رسميين أو غير رسميين].  وعلى الرغم من أن المؤلفين يناقشون بأن مثل هذه النتيجة مقلقة، إلا أن المرء يتساءل عما إذا كان الهدف من الرعاية الصحية الشاملة هو ضمان رفاهية الأفراد أو هو، بالأحرى، الحفاظ على القدرة الإنتاجية في الاقتصاد الرسمي.

زيادة على ذلك يمكن المحاجّة أنه لو تمَّ تفكيك ‘unbundled’ الرعاية الصحية وفصلها من أشكال الحماية الاجتماعية الأخرى - وبالتالي تصبح غير مسيسة depoliticised - فإن فقدان المنافع الأخرى نتيجة للعمل غير الرسمي سوف لن يكون مشكلة كبيرة.  ومن النقاط التي أثارها المؤلفون في الكتاب أن التأمين الاجتماعي قد يخدم الأفراد على أفضل وجه إذا اختاروا ("قائمة" a ‘menu’)، مجموعة من أشكال الحماية ذات القيمة القصوى بالنسبة لهم، بدلاً من تجميعها معاً في حزمة واحدة.  ويبدو أن الرعاية الصحية في المكسيك ستتصدر هذه القائمة.

ينتهي الكتاب بفصول مكرّسة للطرق التي يمكن تمويل برامج التأمين الاجتماعي بها.  وهنا تصبح رسالة الكتاب أوضح: إن توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لفئات السكان غير الرسمية وغير المشتركة في صندوق الحماية في أمريكا اللاتينية هو الأكثر فعالية وقابلاً للتطبيق مالياً على حد سواء.  بالطبع، هناك اختلافات في السياق السياسي والاقتصادي لكل دولة.  ومع ذلك، فإنه نظام من الممكن تطبيقه.

أحد التغييرات الرئيسية التي يمكن القيام بها، على سبيل المثال، هو تمويل الحماية الاجتماعية من خلال ضريبة القيمة المضافة (VAT) بدلاً من الضرائب المفروضة على الرواتب، ويقيّم المؤلفون في الفصول الأخيرة الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها تحقيق هذا التمويل.  ينبغي أن تكون حماية الأشخاص، سواء أكانوا يعملون في القطاع الرسمي أو غير الرسمي، علّة وجود أي نظام للرعاية الاجتماعية.  وعلى الرغم من أن هذه العلّة ترد ضمنياً في الكتاب، كان بالإمكان عمل المزيد لإبراز الحجج المعيارية لهذه التغييرات.

إن الطبيعة الإشكالية التي يتضمنها عنوان الكتاب لا تصبح محلاً للتركيز حتى الصفحة 376.  ما هي "الوظائف الجيدة" ‘good jobs’؟ [الذي يرد ذكرها في العنوان الثانوي للكتاب].  جاءت مناقشة هذا المفهوم فقط بقدر تعلقه باعتبارات "المساواة والكفاءة" حيث يعتبر أنه من غير العدل أن يتحمل العمال الرسميون عبئاً غير متناسباً في تمويل المنافع العامة.  لذلك، يبدو أن المؤلفين يعتبرون الوظائف الجيدة على أنها الوظائف الرسمية.  في الواقع، إن هذا أمر مهم لتمكين الأفراد من الوصول إلى الحماية الاجتماعية، لكن المرء يتساءل: كيف يمكن فهم الوظائف الجيدة في إطار مفاهيمي أفضل.

إن الأدلة المعروضة في هذا الكتاب ستكون لها آثاراً هامة على تطوير السياسات [في مجال الحماية الاجتماعية] على مستوى العالم.  ينبغي الإشادة بالمؤلفين على تقديم هذه الأفكار البديلة وإبرازها بطريقة تقنية متقدمة.  والأهم من ذلك، أنه - مع مراعاة العناية والتنفيذ – فإن الملايين من الأفراد الضعفاء والمهمشين في أمريكا اللاتينية قد ينتفعون من نظام الحماية الاجتماعية الذي لا يميّز عملهم على أساس الشكل المتصور لرسمية عملهم.


* كريس ماكلاخلن Chris McLachlan طالب دكتوراه بجامعة ليدز في مركز علاقات الاستخدام والابتكار والتغيير.  ينصبُّ بحث الدكتوراه على عمليات إعادة الهيكلة في صناعة الفولاذ، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تخفيف المؤسسات للتأثيرات السلبية لفقدان الوظيفة.

** كاتب في قضايا التأمين.



[1] الإشارة هي للانتخابات البرلمانية في المملكة المتحدة بتاريخ 7 أيار/مايو 2015 التي فاز فيها حزب المحافظين بالأغلبية.
[2] كان وزيراً للعمل والمعاشات للفترة 2010-2016.  وفي عهده تم إطلاق النظام الجديد للمنافع الاجتماعية لتحل محل منافع الطفولة، والسكن، ودعم الدخل، ومخصصات للباحثين عن العمل وغيرها.  وترافق تطبيقه بالعديد من المشاكل والتذمر وآثار اجتماعية جمّة، ولم يكتمل التطبيق حتى الآن.  لتكوين صورة عامة راجع: https://en.wikipedia.org/wiki/Universal_Credit