إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2012/11/23

Cabinet Secretariat, Social & Takaful Insurance

 
الأمانة العامة لمجلس الوزراء والتأمين الاجتماعي والتكافل الاجتماعي
 
 
مصباح كمال
 
 
قرأنا في نيسان خبراً قصيراً أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء في جلستها العاشرة برئاسة الامين العام علي العلاق "ناقشت موضوعي التأمين الاجتماعي وانشاء صندوق للتكافل الاجتماعي".  ونقل البيان عن العلاق قوله إن "ثقافة التأمين لابد أن تسود بين أفراد المجتمع لما لها من مردودات إيجابية في الجوانب الإقتصادية والإجتماعية."[1]
 
ثم قرأنا بتاريخ 22 أيلول 2012 في حوار مع الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء ما يبدو متمماً للخبر أعلاه:
 
وفي معرض سؤاله حول الإصلاحات المرتقبة، وهل ستشمل مفاصل أمانة مجلس الوزراء، أكد أن أي إصلاحات فيها تطوير وتحسين أداء العمل ستكون الأمانة معها، شريطة أن تنطلق هذه الإصلاحات من منطلقات موضوعية وعلمية، وسنستجيب إليها، منوها انه "على مستوى الكتل السياسية هناك انطباع ايجابي عن الأمانة بشكل عام".
وأضاف العلاق "بشان مشروع إنشاء صندوق الأمانة العامة للتكافل الاجتماعي، وموضوع التامين الاجتماعي، هناك صندوق للتامين العام والصحي، وبعد دراسات مطولة تم الاتفاق مع شركة التامين الوطنية، ووقعنا معهم بوليصة لتامين الموظفين في الأمانة"، داعيا مؤسسات الدولة إلى أن تخطو هذه الخطوة، التي تحتوي على مزايا كثيرة".[2]
 
ليس واضحاً في هذين الخبرين ما هو الفرق بين التأمين الاجتماعي و صندوق التكافل الاجتماعي، أو كما يرد في الخبر الثاني صندوق الأمانة العامة للتكافل الاجتماعي.  هل ان التأمين الاجتماعي هو للمواطنين كافة والتكافل الاجتماعي لفئات معينة كمنتسبي الأمانة العامة لمجلس الوزراء.  ثم ان العلاق يشير إلى وجود صندوق للتامين العام والصحي.  ترى هل ان هذا صندوق واحد أم صندوقين أحدهما للتأمين العام (لا نعرف إن كان المقصود منه التأمين العام لممتلكات الدولة الاتحادية) والآخر للتأمين الصحي (لا نعرف إن كان هذا التأمين يشمل المواطنين كافة أم فئات معينة في أجهزة الدولة).  ونميل إلى أن التأمين الصحي هو لموظفي الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي تحقق، كما يقول العلاق "بعد دراسات مطولة" "مع شركة التامين الوطنية، ووقعنا معهم بوليصة لتامين الموظفين في الأمانة."
 
نتوقف قليلاً هنا مع الدراسات المطولة (حقاً؟) مع شركة التأمين الوطنية التي تتوجت بشراء التأمين منها   هذه الدراسات المطولة ليست منشورة، ولن تظهر للعلن بفضل السرية المعروفة في الممارسة التأمينية في الحفاظ على المعلومات المقدمة من قبل طالب التأمين لشركة التأمين.  وتظل هذه المعلومات مُحصنة إلا إذا تدخل القضاء للإعلان عنها.
 
يفرح المرء لتوسيع دائرة الاستفادة من حماية التأمين، المتوفرة لدى شركات التأمين العراقية، لتشمل موظفي جهاز حكومي محدد، فهي بداية جيدة ربما تؤشر على تطور في شراء التأمين من قبل مختلف مؤسسات الدولة سواء مل تعلق منه بالتأمين على المنتسبين أو الممتلكات العامة.  لكن السؤال الكبير الذي ينهض هنا هو: لم قامت الأمانة العامة لمجلس الوزراء بحصر التأمين على موظفيها لدى شركة التأمين الوطنية، وهي شركة عامة مملوكة للدولة.  يثار السؤال لأن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (المعروف بالأمر رقم 10) ينص في المادة 81-ثالثاً على ما يلي:
 
ثالثا – يجري التامين على الاموال العامة والاخطار التي ترغب الوزارات او دوائر الدولة في التامين ضدها بالمناقصة العلنية وفقا لأحكام القانون ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها.
 
في ضوء هذا النص فإن ما قامت به الأمانة العامة لمجلس الوزراء يقوم على مخالفة واضحة لأحكام القانون ومن حق شركات التأمين الخاصة الاعتراض عليه (ولنا منها 28 شركة عراقية بضمنها تلك الشركات المؤسسة في إقليم كوردستان).  ما قيمة القانون إن كانت الأجهزة الحكومية تجيز لنفسها حرية خرق أحكامه؛ أهي فوق القانون؟  ام أن لها تفسيراً خاصاً للقانون؟
 
جاء في الأسباب الموجبة لتشريع الأمر رقم 10 ما يلي:
 
بهدف تنظيم قطاع التامين والاشراف عليه بما يكفل تطويره وتامين سوق مفتوح وشفاف وامن ماليا وتعزيز دور صناعة التامين في ضمان الاشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني. فقد شرع هذا القانون
 
تصرّف الأمانة العامة في حصر التأمين مع شركة تأمين تابعة للدولة، بدون مناقصة علنية، يلغي فكرة السوق المفتوح القائم على التنافس بين الشركات، والسوق الشفاف – أي لا يخفي المعلومات عن تصرفات السلطة السياسية لا بل هو في الواقع يلغي فكرة السوق الحديث الذي يستدعي وجود عدة شركات.  وربما يعتبر البعض مثل هذا التصرف شكلاً من أشكال الفساد الإداري.
 
تلاحظ القارئة والقارئ المفارقة التي خلقها العلاق كما يرد في الخبر:
 
وفي معرض سؤاله حول الإصلاحات المرتقبة، وهل ستشمل مفاصل أمانة مجلس الوزراء، أكد أن أي إصلاحات فيها تطوير وتحسين أداء العمل ستكون الأمانة معها، شريطة أن تنطلق هذه الإصلاحات من منطلقات موضوعية وعلمية.
 
نفترض أن إجراء التأمين هو أحد الإصلاحات لتطوير وتحسين أداء العمل المشروط بمنطلقات موضوعية وعلمية.  لقد فشل الأمين العام في الالتزام بهذه المنطلقات وأهمها، في سياق التأمين، هو تطبيق القانون بموضوعية وليس حسب الأهواء.  لو فسرنا الشك لصالحه فربما جاء تصرف الأمانة العامة جهلاً بمتطلبات القانون وهو ما يستوجب التصحيح.
 
ثم أين يقف هذا الاختيار (أو بالأحرى غياب الاختيار) مع التوجه السياسي والاقتصادي لدى حكومات ما بعد 2003 لتشجيع القطاع الخاص الذي تروج له الحكومة الحالية وأجهزتها وجوقة المُطبلين لهذه الاطروحة في الداخل والخارج؟
 
ولذلك فإن الأمانة العامة لمجلس الوزراء تخضع للمساءلة فيما أقدمت عليه بشراء التأمين دون الالتزام بالقانون.
 
وفيما يخص التكافل الاجتماعي سنبقى بانتظار ما سيصدر من قرارات بشأنه من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
 
ذكر لنا الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبنفس إيجابي يقيني، أن:
 
ثقافة التأمين لابد أن تسود بين أفراد المجتمع لما لها من مردودات إيجابية في الجوانب الإقتصادية والإجتماعية.
 
لكن هذه الثقافة لن تسود قريباً بسبب غياب الطلب الفعّال على الحماية التأمينية لدى المواطنين (ضعف الدخل، وغياب تقليد التدبر للمستقبل والاتكال على القضاء والقدر وأسباب أخرى) وحتى غياب الطلب لدى العديد من الشركات العامة والخاصة ومؤسسات الدولة الاتحادية وفي إقليم كوردستان وفي المحافظات.  وكذلك بسبب مزاحمة القيم العشائرية لمؤسسة التأمين.[3]
 
لعل هذه المقالة تصل إلى الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء ويقوم بالرد على ما ورد فيها وتوضيح الأمور لشركات التأمين العاملة في العراق.
 
ونتمنى أن يقوم ديوان التأمين العراقي باستقراء الموضوع والتباحث مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء وتنبيهها إلى ضرورة الالتزام بأحكام الأمر رقم 10.
 
كما نتمنى على زملائنا في قطاع التأمين متابعة هذا الموضوع والتوسع في التعليق عليه.
 
لندن 23 أيلول 2012


[1] اصوات العراق، "الأمانة العامة لمجلس الوزراء تناقش التأمين الاجتماعي وانشاء صندوق للتكافل،" بغداد، 23 نيسان 2012


[2] صوت العراق، "في حوار مع [أين] امين مجلس الوزراء يطالب بتفعيل المرحلة الثانية من عملية الترشيق الحكومي ويجدد دعوته لتجميد البرلمان،" بغداد، 22 أيلول 2012.

[3] مصباح كمال، "محاولة في بحث بعض الخسائر الافتراضية لقطاع التأمين العراقي،" لندن، 15 أيلول 2012 (ورقة غير منشورة.  من المؤمل أن تنشر في التأمين العربي، مجلة الاتحاد العام العربي للتأمين).
 


Obituary: Suhair Hussein Jameel



نعي السيدة سهير حسين جميل

 

 

إعداد

مصباح كمال

 

 

استلمت يوم الأحد 28 تشرين الأول 2012 من الآنسة إيمان عبدالله من شركة التأمين الوطنية في بغداد خبراً مقتضباً:

 

توفيت الى رحمة الله قبل اسبوع في عمان السيدة سهير حسين جميل، الانسانة التي عملنا تحت ادارتها والتي كانت سند اساس لنا والتي كانت مثالا لنا لإتقان العمل.  ستبقى ذكراها العطرة في اذهاننا وندعو من الله ان يتغمدها برحمته الواسعة.  وانا لله وانا اليه راجعون.

 

ثم استلمت رسالة من مدونة جُرح العراق، غير مُعرّفة، تحمل ذات الخبر:

 

توفيت الى رحمة الله في عمان السيدة سهير حسين جميل ابنة السياسي البارز حسين جمي.  تبوأت الفقيدة مراكز متعددة في شركة التامين الوطنية منها الدائرة القانونية والقسم الفني وقد كانت مثال للمرأة الملتزمة بعملها واتقانه وسند اساس لنا نحن الذين عملنا تحت ادارتها ومن الصعوبة ان نجد في هذا الزمان مثل شخصيتها وثقافتها ونزاهتها.  ستبقى ذكراها العطرة في اذهاننا وندعو الله ان يتغمدها برحمته الواسعة وانا لله وانا اليه راجعون.

 

وكتبت السيدة سحر البحراني من كندا بتاريخ 30 تشرين الأول نصاً مؤثراً بعنوان "في ذكرى السيدة سهير حسين جميل" آثرت نشرها كورقة مستقلة.[1]

 

وقد نقلت الخبر إلى جمع من الزميلات والزملاء في العراق وجاءني الرد بصيغة نعي وكلمات من البعض.[2]  وفيما يلي سأعرض ما وردني حسب تسلسل ورودها.[3]

 

قال المحامي منذر عباس الأسود من بغداد:

 

لقد تلقيت الخبر ولم اصدق ولكن هذا هو طريق الانسان مهما كابر في الدنيا وهو طريقنا جميعا وهو الرحيل عن هذه الدنيا ولكن علينا ان نبقي الذكرى الحسنة.  يرحم الله السيدة سهير جميل الانسانة الخلوقة ويا لها من انسانة.  لقد عملنا معها في شركة التامين الوطنية طويلا وكانت مثال النبل والاخلاق الكبيرة وانها أمرأه بمعنى الكلمة.  لقد كانت تحب الجميع ولا تفرق بين هذا وذاك وكانت تعامل الجميع بالمحبة والطيبة، وكانت قدوة لنا وقد مشينا على مسيرتها في العمل وغيره.  رحمها الله.  ونحن ليس لنا سوى ان ندعو لها ان يتغمدها الله برحمته الواسعة.  ان لله وانا إليه راجعون.

 

في يوم 29 تشرين الأول 2012 كتبت لأستاذنا عبدالباقي رضا للاستعانة بذاكرته وبتوجيهاته:

 

عزيزي الأستاذ عبدالباقي

 

ها أنذا ألجأ إليك ثانية للاستئناس برأيك والاستفادة من ذاكرتك في قراءة مسودة النص المرفق (غير المكتمل) في نعي المرحومة سهير حسين جميل.

 

وقد طلبت من الآنسة إيمان شياع أن تسأل السيدة سعاد محمد محمد سعيد، مسؤولة مكتبة شركة التأمين الوطنية (لا أعرف عنوانها الإلكتروني)، للبحث عن ما كتبته المرحومة سهير من مقالات والتأكد من صحة عنوان الرسالة التي اعتقد بأن نسخة منها محفوظة في المكتبة.

 

لك كل الخير.

 

إزاء الخبر المفجع كتب الأستاذ عبدالباقي رضا من بغداد يقول:

 

عزيزي أخي السيد مصباح

 

صدمت بالخبر المفجع وأدعو أن لا يكون صحيحا فقد تكلمت معها هاتفيا وانا في عمان بعد ظهر السبت 20 تشرين الاول ولم تشك من أي عارض صحي ولم أكن أعرف انها في عمان حتى عرفت ذلك من مي مظفر فسررت بالكلام معها على هاتف مي وأخبرتني انها تنوي العودة الى بغداد.

 

لم أكمل قراءة رسالتك فبمجرد ان اطلعت على جزء من السطر الاول حتى بادرت بالكتابة اليك.  الوقت متأخر الآن وغدا سأكون في مكتبي واستخرج كلمتيك عن مجيد و سهير وأوافيك بما يعن لي.

 

آمل أن لا يكون الخبر صحيحا ولا أعرف بمن أتصل هنا في بغداد للتأكد.  يعزُّ علي جدا أن أصفها بالمرحومة على أمل أن تكون بخير.

 

سأوافيك بما يستجد لدي.  شكرا ومع السلامة.

 

وكعادته في الوفاء بما يلتزم به، كتبَ الأستاذ عبدالباقي الرسالة التالية يوم 30 تشرين الأول:

 

عزيزي أخي السيد مصباح

 

من المؤسف والمحزن أنَّ نعي المرحومة سهير صحيح فقد تأكد لي وفاتها بعد تركي عمان بيوم واحد وبلغني انها كانت جالسة ولم تشك من أي عارض صحي.

 

كان تعيين المرحومة في 1 تشرين الثاني 1965 في عهد ادارة الاستاذ عطا عبد الوهاب للشركة أي قبل التحاقي بالشركة في 1 شباط 1966 بثلاثة أشهر.

 

ان عنوان رسالتها للماجستير هو الالتزام بإعلان الخطر في التأمين في القانون العراقي والقانون الانكليزي من كلية القانون والسياسة – هكذا كان اسمها يومذاك.  كلفتُ السيدة سعاد مديرة المكتبة البحث عن مقالاتها فأفادتني بمقال واحد بعنوان قدرة الاثر الرجعي لفسخ عقد التأمين منشور في رسالة التأمين، العدد 37 في حزيران 1975 ولم تجد شيئا آخر لها.

 

أشهدُ أن المرحومة كانت موظفة مثالية اخلاصا وصراحة واستقامة وذكاء وخلقا والتزاما ومتابعة للشؤون القانونية، وكنت أعزها وأكن لها كل التقدير.  وأتذكر اني رشحتها للتعيين كمشاورة قانونية في مصرف الاستثمار العراقي بعد تقاعدها في عام 94 أو 95 يوم كنت مستشارا لهذا المصرف الذي ساهمت في تأسيسه في عام 93 وقد تركتْ المصرف بعد تركي اياه بوقت قصير.

 

وكم كنت سعيدا اذ عرفت انها في عمّان فكلمتها هاتفيا بعد ظهر السبت 20 من هذا الشهر، ولم أشعر بأنها تشكو من أي مرض بل قالت انها عائدة الى بغداد.  كما تكلمت مع السيدة بثينة حمدي التي وعدت هي الاخرى بزيارة لبغداد قريبا فتطلعت الى لقائهما بشوق لأني أحمل مشاعر تقدير واعتزاز لهاتين السيدتين الزميلتين الرائعتين.

 

أكرر، ان نعي السيدة سهير كان صدمة في غاية المفاجأة ولم أصدق النعي وان كان الموت حقا ويأتي دونما اشعار.  رحم الله سهير وخفف المصاب برحيلها المفاجئ على زملائها وذويها ومقدري مكانتها العال.

 

وكتب الحقوقي السيد محمد فؤاد شمقار من أربيل وكان زميلاً للمرحومة:

 

لولا اهتمامكم بقطاع التأمين العراقي والعاملين فيه وإعلامنا عن نبأ وفاة السيدة الفاضلة سهير حسين جميل (ام بشار) لما كنا نطلع على الخبر الذي نزل علينا كالصاعقة اذ لغاية الان لا أصدق بأن السيده سهير قد رحلت وانتقلت الى جوار ربها رغم ان الموت حق وكلنا في انتظار زيارته لنا.

 

نحن الحقوقيين في شركة التأمين الوطنية، وانا منهم، علينا كلما ذكرنا اسم التأمين الوطنية ان لا يغيب عن بالنا اسم السيده الفاضلة.  لقد كانت رحمها الله غيورة على المصلحة العامة ومهتمة بواحدة من القطاعات الاقتصادية المهمة في الوطن اذ كانت على رأس النقاشات والطروحات القانونية وليس القانونية فقط وإنما الفنية التأمينية ايضاً، ووضع الحلول للمواضيع التي كانت تطرح وتناقش حينما كنا في القسم القانوني ونحن على مكاتبنا. 

 

لقد كانت زميلة واخت فاضلة وعرفناها عن قرب كإنسانة مدركة واعية لكل كلمة تكتبها وتقولها بكل جرأة وصراحة وبوعي الاكاديمي المتمرس.  لا اكون مغالياً حينما أقول بأن النقاشات والحلول قد اصبحت من المصادر التي كنا نرجع اليها في كثير من الاحيان.  لقد كانت السيده سهير حقوقية رائعة، جدية في العمل، ومحبة لاختصاصها، كما كانت محبة ومخلصة لوظيفتها.  ونكون ناكرين للجميل حينما لا نصارح بأننا قد تعلمنا منها الكثير.  هذا من الجانب الوظيفي المهني، اما من الناحية الشخصية فقد كانت مثال النبل والاخلاق الحميدة وامرأة فاضلة بكل معنى كلمة (الفاضلة)، وكانت ضمن الرعيل الاول من الحقوقيين البارزين.

 

ان وعيها وإدراكها لكل كلمة كتبتها وقالتها بكل جراءة وصراحة كان السُلّم الذي اوصلها الى ادارة الجانب الفني للأعمال في شركة التأمين الوطنية.  لعله من الوفاء لها ان لا ننكر نحن زملاءها جميلها علينا.

 

لقد اتت يد المنون لتخطف (ام بشار).

 

رحم الله السيده الفاضلة سهير حسين جميل واسكنها فسيح جناته وعزاؤنا لذويها ولأصدقائها ولكل معارفها ولنا نحن من عشنا معها في قسم واحد مدة طويلة.  وانا لله وانا الية راجعون.

 

وكتب فؤاد عبد الله عزيز من البحرين:

 

لم أكن اتوقع مثل هذا الخبر رغم ان الاخبار السيئة اصبحت في وقتنا الحاضر شبه مألوفة.  سهير زميلة عمرنا في التأمين الوطنية.  كانت من القريبات جدا لجيلنا بتوجهاته الفكرية المعاصرة.  كانت اديبة وشاعرة، محبة للفن بمختلف اشكاله تمثّلَ بحرصها على حضور اغلب حفلات الفرقة السمفونية الوطنية العراقية وكل معارض الفنون التشكيلية والانطباعية حيث كانت تتواجد غالبا في قاعة الاورفلي القريبة من بيتها.

 

لم نكن نحن اصدقائها، انا والمرحوم مؤيد الصفار وشهاب العنبكي وغيرنا، نتردد في مناقشة أي موضوع بحضورها بل كانت تتمتع بجرأة فذة وشجاعة في طرح الكثير من الأمور التي تعجز بقية النساء عن سماعها لا بل حتى كانت متميزة في طروحاتها الفكرية المعاصرة والتقدمية.

 

الغريب انني حاولت بشتى الوسائل لمعرفة مكانها حتى اني تكلمت مع السيدة ليلى عبد العزيز التي كانت احدى صديقاتها ولم يكن ليها معلومات عنها سوى خبر وفاة أعز صديقات سهير وهي الآنسة منال جمال أحمد في لندن.

 

لا حدود للحديث عن سهير حسين جميل كزميلة وصديقة ولابد لكل محبيها من تناول مسيرتها الطويلة في التأمين وفي موسوعة الحياة.

 

رحم الله سهير وعزائي لكل محبيها.

وكتبت السيدة سعاد محمد محمد البيطار من بغداد نصاً بعنوان "كلمة ثناء للراحلة سهير حسين جميل" سأقوم بنشره في وقت لاحق.

 

يذكر البعض اسم المرحومة سهير مقترناً بوالدها حسين جميل، الشخصية الوطنية صاحب التاريخ السياسي الطويل.[4]  هي لم تصل إلى شهرته لكنها كانت معروفة في المجتمع التأميني العراقي ولسنوات عديدة كحقوقية متميزة في الإدارة العامة في شركة التأمين الوطنية في بغداد، قبل مغادرتها العراق إلى الأردن.  كانت نداً لزملائها من الحقوقيين، وجاءت الندية بفضل علمها وشخصيتها الأنيسة.  هي من جيل سبعينيات القرن الماضي الذي ارتبط بإدارة الأستاذ عبدالباقي رضا التي شهدت النهوض المتميز للمرأة العاملة في الشركة من حيث احتلال المواقع القيادية فقد كان الأستاذ عبدالباقي لا يعرف للتميز بين الرجل والمرأة معنى فيما يخص متطلبات الوظيفة وأداء مهامها.

 

أثناء عملها في شركة التأمين الوطنية كانت تواصل الدراسة الجامعية وحصلت سنة 1974 على شهادة الماجستير من كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد عن أطروحتها ‏الالتزام ‏بإعلان ‏الخطر ‏في ‏التأمين ‏في ‏القانون ‏العراقي ‏والقانون ‏الانكليزي.

 

لم أعرف سهير حسين جميل عن كثب ولم أعمل معها إلا قليلاً من خلال المرحوم مؤيد الصفار، مدير قسم التأمين الهندسي في شركة التأمين الوطنية، عندما كنت معاوناً له.  كان الصفار، بحكم تكوينه الفكري، كثير التساؤل عن أمور عديدة ومنها نصوص وثائق التأمين الهندسي.  كان الشرط السابق للمسؤولية في هذه الوثائق عن الإخطار الفوري من قبل المؤمن له عن حدوث واقعة قد تؤدي إلى مطالبة، أو خلال فترة لا تتجاوز أربعة عشر يوماً من تاريخ الواقعة، مسألة تشغل باله.  ولإجلاء القيمة القانونية لمثل هذا الشرط الصارم كان يستعين بسهير حسين جميل وغيرها من الحقوقيين في الشركة.  وكانت سهير صاحبة معرفة بهذا الموضوع بفضل دراستها الجامعية.[5]

 

رحلت السيدة سهير حسين جميل عن دنيانا وهي في غير وطنها العراق.  ربما رحلت وهي باسمة الوجه كما عهدنا أن نراه.

 

أرجو ممن عمل مع سهير حسين جميل الكتابة عنها ضمن ما هو مُتاح من معلومات أو تجارب مشتركة في العمل.  وبذلك نكون قد أوفيناً حقاً علينا تجاه إحدى زميلاتنا المتميزات في شركة التأمين الوطنية، وساهمنا في تعريف الجيل الجديد بها وبكم وبالمجتمع التأميني العراقي.

 

لندن 30 تشرين الأول – 2 تشرين الثاني 2010



[1] أنظر: سحر الحمداني، "في ذكرى السيدة سهير حسين جميل،" مرصد التأمين العراقي.

[2] اعتذر من كل من كان قريباً من الراحلة سهير حسين جميل ولم استطع التعرف عليه ودعوته للمشاركة في تأبينها.
[3] سأقوم بنشر ما يردني من نصوص لاحقاً من خلال تحديث هذه الورقة.
[4] للتعريف بمكانة وأهمية حسين جميل أنظر، على سبيل المثال، جاسم المطير، "حسين جميل في ذمة الخلود" الحوار المتمدن، 10 كانون الثاني 2012 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=693
وكذلك:
خالد خلف داخل، "المحامي حسين جميل من أعلام القضاء والسياسة في العراق" البينة الجديدة
http://www.albayyna-new.com/news.php?action=view&id=3172
 
[5] لا أتذكر موقف سهير حسين جميل من الموضوع ومشورتها للصفار.  ربما كان شرحها مستنداً للفقرة 2 من المادة 985 من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 التي تعتبر باطلاً "الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخر في اعلان الحادث المؤمن منه الى السلطات، او في تقديم المستندات، اذا تبين من الظروف ان التأخر كان لعذر مقبول."