مجيد أحمد الياسين
مساهمة في التعريف بشخصية
تأمينية
1931-1985
إعداد
مصباح
كمال
توطئة
هذه
الورقة الصغيرة مساهمة متواضعة في التعريف بأحد أركان التأمين في العراق. هناك آخرون من طبقة المرحوم مجيد أحمد الياسين
يستحقون اهتمامنا والكتابة عنهم، لكننا لا نمتلك معلومات كافية في الوقت الحاضر تشجعنا
للكتابة عنهم. آمل أن تدفع هذه الورقة
الزميلات والزملاء المساهمة في كتابة تاريخ التأمين في العراق من خلال التعريف
بالشخصيات التأمينية أو الجمع بينها وبين تطور قطاع التأمين العراقي في جوانبه المختلفة.[1]
الدراسات التي تنشر عن النشاط التأميني في
العراق تُركّز على القوانين والبيانات الإحصائية وتهمل الجانب البشري - الناس
المختفين وراء القوانين والأرقام والذين يقومون بترويج منتجات التأمين وخدمة
زبائنهم. وهذا وضع مؤسف لأن الناس،
المتمرسين في العمل التأميني، هم التكنولوجيا الأساسية في النشاط التأميني. بدونهم يتعثر النشاط التأميني - كما هو حاصل
الآن في العراق بسبب تشتت الكوادر وخروج العديد للعمل في دول أخرى. كان المرحوم مجيد أحمد الياسين واحداً من هؤلاء
الناس. كُلُّ واحدٍ منهم ساهم بطريقته في
نمو صناعة التأمين العراقية، وواجب علينا، إن استطعنا، التعرُّف على هذه المساهمات
أو على الأقل الإشارة إليها، وهو ما حاولته من خلال الرسائل المنشورة في هذه
الورقة فلم أتعرّف على الياسين عندما كنت أعمل مع شركة التأمين الوطنية في بغداد
(1968-1977) لكنني كنت أعرف وكالته للتأمين كواحدة من قنوات توزيع المنتجات
التأمينية الناجحة في العراق.
ربما لو حفرنا في الذاكرة، وكذلك في
الوثائق الموجودة لدى شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية، وربما في
أماكن أخرى، لعلنا ننجح في استرجاع سيرة رجال مهنيين ونساء أيضاً ممن عملن في قطاع
التأمين ومنهم الياسين.
ترجع
خلفية هذه الورقة إلى رسالة قصيرة من السيدة سمر فائز الكبيسي،[2] حفيدة
المرحوم مجيد أحمد الياسين، تُقدم فيها الشكر،
باسمها
واسم والدتها السيدة مها مجيد أحمد الياسين، لذكر وكالة تأمين جدها في مقالة نشرت في
مدونة مجلة التأمين العراقي.[3] فيما يلي سأعرض بعض ما دار من مراسلات خلال شهر
تشرين الأول 2012 مع السيدة سمر الكبيسي، والزميل منعم الخفاجي والأستاذ عبدالباقي
رضا والزميل محمد الكبيسي[4] للتعريف
بالمرحوم مجيد الياسين.
نهدف
من إعداد هذه الورقة تشجيع القارئات والقراء على المساهمة بذكرياتهم وتعليقاتهم لسد
الفراغ في الكتابات التأمينية عن الجيل الذي تعلمنا منه مبادئ وممارسات التأمين
ومنهم مجيد أحمد الياسين، وكيل التأمين المتميز بمعرفته وخلفيتيه التأمينية الفنية
والإدارية ومظهره الخارجي الأنيق. فقد جمع
بين المؤهل الأكاديمي، والممارسة التأمينية، والإدارة قبل أن يتحول إلى تأسيس
وكالة متخصصة بالتأمين.
سأدرج
نصوص الرسائل حسب تسلسل ورودها مع حفظ ألقاب أصحابها.
رسالة سمر فائز الكبيسي
"فقدنا
اغلب الصور والمجلات واقلام الدعاية والحاسبات وغيرها التي كانت كذكرى لوكالة
التامين، احتفظتْ بها عائلتي لفتره طويله حتى الاحتلال 2003. بعد سفرنا فقدنا اغلب ذكرياتنا.
سألتني
ان كنتُ اذكر تفاصيل عن جدي. للأسف انا
ولدت بعد وفاة جدي (اثر حادث السيارة المعروف في نفق الحارثية أواخر سنة 1985) ولكن
والدتي وخالاتي اكيد يحملون الكثير من الذكريات عن والدهم. قد يكون ما اعرفه بسيط جدا ولكني سوف اورد لك في
ملحق بعض ما قد يفيدك في توثيق ملف جدي خلال مسيرته بالتامين.
·
مجيد أحمد الياسين من مواليد عام 1931 في الموصل.
·
خريج كلية الادارة والاقتصاد، جامعة بغداد، 1953.
·
حاول متابعة تحصيله الجامعي في لندن ولكن لظروف
خاصة ترك لندن وأكمل دراسة الماجستير في جامعة عين شمس في القاهرة.
·
بعد أن عمل في بعض شركات التأمين، اسس وكالة مجيد
الياسين للتأمين، إحدى الوكالات المهمة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وكان مقرها في عمارة الخليلي في منطقة الشورجة
بشارع الجمهورية ببغداد. وكانت متعاقدة مع
الشركتين الحكوميتين وهما شركة التامين الوطنية والشركة العراقية للتامين على
الحياة.
·
ومن اهم الوكالات في السوق العراقي آنذاك، حسب
مجلة التامين العراقي: الدرزي،
مجيد الياسين، بيرسي سكويرا، عبد الحميد الهلالي، الدبوني، جورج نعيم، البحراني،
نزهت غزالة، فيكتور كوريه، حسن النجفي، أست حنا، فؤاد حبّه، عجينه، سمير جرجس
بوتا، ملكونيان، الاعتماد، سليم جاسم شاهين، العنبكي، فالح حسن، محمد جواد حسن
سعيد.[5]
·
ذُكر لي أنه ألف كتاباً عن التأمين ولكنني لست
متيقناً من الأمر.[6]
·
ساهم في سن قانون توريث الوكالات، وكان ذلك قبل
قبل وفاته.[7]
·
توفي اثر حادث مؤسف في نهاية الثمانينات.
·
لم يعمل أحد من أفراد عائلته معه في الوكالة. انتقلت الوكالة بعد وفاته إلى ورثته.
·
كان مستقلاً في تفكيره السياسي إذ لم ينتظم في أية
حركة أو حزب سياسي"
رسالة منعم الخفاجي
"معلوماتي
من الذاكرة البعيدة عن السيد مجيد الياسين كالآتي:
اول
معرفتي ومقابلتي للسيد مجيد كانت في تموز 1963 عندما باشرتُ العمل في شركة بغداد
للتامين حيث كان رحمه الله مديرا لقسم التامين البحري في هذه الشركة. وكان قبل ذلك قد عمل في شركة التأمين الوطنية.
بعدها
بفترة قصيرة انتقل للعمل كمدير عام لأحدى شركات التامين الخاصة التي تأسست حديثا
آنذاك قد تكون شركة دجلة للتامين، لست متأكدا.[8]
بعد
تأميم الشركات سنة 1964 وما تبعها من دمج شركات التامين تم تأسيس وكالة مجيد
الياسين التي كانت تعمل مع شركة التامين الوطنية والشركة العراقية للتامين على
الحياة علما بانهما الشركتين الوحيدتين العاملتين في السوق وكان ذلك في او بعد سنة
1965 ولم يكن للوكالة فروع لا في بغداد ولا
في خارجها.
لم
يعمل السيد مجيد في شركة التامين الوطنية ولكن عمل في المؤسسة العامة للتامين وفي
الشركة العراقية للتامين على الحياة كمدير عام لها.
لا
اعلم ولا اعتقد انه الّفَ كتابا في التامين.
هذا كل ما هو متوفر لدي من معلومات عن السيد مجيد وان استجد شيء سأرسلها
لك."
رسالة عبدالباقي رضا
"فيما يلي بعض
المعلومات التي أعرفها
عن المرحوم الزميل مجيد الياسين:
لم تكن بيننا زمالة في في كلية التجارة والاقتصاد (تغير اسمها فيما بعد إلى
كلية الإدارة والاقتصاد) اذ تخرج
منها قبلي بسنتين، ولم
أتعرف عليه حين التحقت بالعمل في شركة
التأمين العراقية من الاول من تشرين الاول 1959 حتى تأميمها في الرابع عشر من تموز 1964 و بعده عينت مديرا عاما
لشركة بغداد للتأمين.
لم أكن أعرف قبل أن أقرأ ما كتبه الزميل
منعم من انه عمل مديرا للبحري
في شركة بغداد للتأمين قبل العام 1963 ولكني أعرف انه عمل في التأمين الوطنية ومنها
اكتسب الخبرة التي أهلته
ليشغل وظيفة مدير البحري في شركة بغداد. أما كيف و لماذا ترك العمل في التأمين الوطنية
فلا علم لي به.
بخلاف ما ذكر الزميل منعم فان الياسين لم يكن مديرا عاما
لشركة دجلة للتأمين التي كان مديرها العام أستاذنا المصري في الكلية
المرحوم محمود عزم. أما الياسين فكان مديرا
عاما لشركة الرشيد للتأمين التي تأسست بجهوده قبل التأميم بسنوات قليلة ثم
أدركها التأميم
مع الشركات الاخرى
فاعفي من ادارتها وعين محله السيد عبداللطيف السلام الذي لا أعرف عنه شيئا الآن. والغريب انه لم يكلف بإدارة اية شركة أخرى كما لم يكلف بإدارة
اي من الفروع والوكالات الاجنبية. لقد ألغي نظام الوكالات وتوقف العمل بها ثم جرت عمليات دمج بين الشركات المؤممة حتى انحصرت في ثلاث شركات
عامة فقط.
في عهد رئيس الوزراء المرحوم البزاز عين المرحوم كليمان شماس رئيسا للمؤسسة
العامة للتأمين وكان هو في الاصل وكيلا أو يعمل في وكالة لشركة يونيون الفرنسية
التي سبق لشركة التأمين العراقية ان اشترت محفظتها في التأمين على الحياة قبل
التأميم بوقت قصير. تبنى المرحوم كليمان اعادة العمل بنظام
الوكالات فكان ذلك أحد أسباب انسحاب الاستاذ عطا عبد الوهاب من ادارة التامين
الوطنية خلال اجتماع لمجلس ادارة المؤسسة مساء يوم 31 كانون الثاني 1966 وهو
الاجتماع الذي تقرر فيه نقلي من المؤسسة الى التأمين الوطنية التي ادرتها صباح
اليوم التالي مباشرة.
بعد اقرار نظام الوكالات حصل المرحوم الياسين على وكالة تأمين مع مجموعة
أخرى وكان هو من ذوي الخبرة بينهم.
في عام 1977 شغرت وظيفة المستشار في المؤسسة العامة للتأمين بتقاعد السيد
صباح محمد علي محمود فسعيت للحصول على هذه الوظيفة وتوسط لي المرحوم أديب جلميران
لدى وزير المالية المرحوم د.فوزي القيسي الذي أخبره بانه ينوي تعيين الياسين في
هذه الوظيفة. بناء على نصيحة المرحوم أديب
زرت الوزير شخصيا ورجوته منحي هذه الوظيفة بعد خدمة 11 سنة في ادارة الوطنية
فأخبرني بصراحته المعروفة انه ينوي تعيين الياسين فيها لأنه لا يستطيع تعيينه
مديرا عاما الآن و يمكن له ذلك فيما بعد.
صدر فعلا قرار بتعيينه مستشارا في المؤسسة.[9]
بعد عدة أشهر جددت محاولتي مع الوزير بتوسيط أحد الاصدقاء المشتركين من
الوزراء الاقتصاديين السابقين. نجحت
المحاولة هذه المرة فصدر مرسوم جمهوري بنقل بديع السيفي من العراقية الى الوطنية ونقلي من الوطنية الى المؤسسة مستشارا ونقل الياسين
من المؤسسة الى ادارة التأمين العراقية مديرا عاما. و من دواعي استغرابنا جميعا فوجئنا بعد وقت غير
طويل بإعفاء الياسين من ادارة العراقية. وحتى الآن لا أعرف سبب ذلك القرار المفاجئ ولم
يعرف السبب رئيس المؤسسة أيضا."
رسالة ثانية من عبدالباقي
رضا
"بالعودة الى ملاحظاتك أقول نعم انها شركة الرشيد للتأمين التي أعفي المرحوم من ادارتها بعد
تأميمها. تأكد اني لا أعرف السبب و لكن
أعرف ان المدراء العامين الآخرين للشركات المؤممة اما ثبتوا في مواقعهم كالدكتور
مصطفى رجب والاستاذ محمود عزمي، واما كلفوا بإدارة الفروع والوكالات الاجنبية. وما اتذكره هو ان الاعفاء شمل الياسين بينما نقل
مدير عام التأمين الوطنية المرحوم الدكتور هاشم الدباغ الى ادارة السمنت المتحدة مُبعداً
من قطاع التأمين. لماذا؟ لا أعرف.
كما لا أعرف لماذا لم يكلف الياسين بإدارة اية شركة مؤممة او الفروع
والوكالات الاجنبية وجيء بالمرحوم كاظم الشربتي من كلية الإدارة والاقتصاد، الذي
لم يكن من العاملين في قطاع التأمين، لإدارة التأمين العراقية التي كنت المدير
المالي فيها.
والملاحظة الاخيرة أؤكد لك باننا جميعا فوجئنا بإعفائه من ادارة التأمين
العراقية وكذلك كان حال الرجل الطيب النبيل المرحوم أديب جلميران وان علاقته مع
الياسين لم تكن بنفس المستوى من المودة مع الآخرين."
دعوة للبحث
تظل
هناك قضايا تستحق البحث عن دور وكالات التأمين، ومنها وكالة مجيد الياسين، في
الطلب على التأمين، وتوزيع المنتجات التأمينية، وإشاعة الوعي بالتأمين من خلال
الاحتكاك المباشر بجمهور الناس، حجم أعمالها، وكوادرها والقوانين المنظمة
لأعمالها، ومكانتها في بنية سوق التأمين، نهوضها وتدهورها اللاحق. وحسب علمنا لم تكن وكالات التأمين العراقية
موضوعاً للدراسات العليا في المعاهد والجامعات العراقية. ونأمل أن تحفز هذه الورقة أحد طلاب الدراسات
العليا البحث في مكانة وكالات التأمين في تاريخ وبنية سوق التأمين العراقي وربما
الكشف عن أدوار أشخاص مهمين في هذا التاريخ.
لندن 29 تشرين الأول – 7 تشرين الثاني
2012
[1] بودنا هنا أن نشير إلى الدراسة
الرائدة التي كتبها د. سليم الوردي عن الأستاذ عبد الباقي رضا. أنظر: د. سليم الوردي، "أنموذج للدور القيادي في
الوظيفة العامة: السيرة الوظيفية للأستاذ عبد الباقي رضا" الثقافة الجديدة،
العدد 347-348، 2012، ص53-62. نشرت أيضاً
في مرصد التأمين العراقي:
http://iraqinsurance.wordpress.com/2012/02/29/266/
[2] سمر
فائز عوده الكبيسي، المرحلة الثالثة في كلية العلوم، جامعة بغداد، اضطرت لمتابعة
الدراسة في سوريا وهي الآن بصدد إكمالها في الأردن. هي رسامة وكاتبة مقالات. للتعرف على بعض مقالاتها أنظر:
[3] مصباح
كمال ومشاركة منذر الأسود وفؤاد شمقار، "وكالات التأمين في العراق: محاولة
أولية لاستثارة البحث" مجلة التأمين العراقي:
[5] مصباح
كمال ومشاركة منذر الأسود وفؤاد شمقار، "وكالات التأمين في العراق: محاولة
أولية لاستثارة البحث،" مجلة التأمين العراقي.
[6] في
استفساري عن الكتاب وعنوانه وسنة نشره أوضحت السيدة سمر الكبيسي في رسالة لاحقة: "بالنسبة
للكتاب سأذكر لك واقعه حدثت لتأكيد وجوده (كانت والدتي في مرحلة الاعدادية في
مدرسة التجاري، وكانوا يدرسون
اتذكر التامين - وهي من مواليد تقريبا 63 - المهم تقول انها اهدت حين صدور الكتاب
نسخة منه الى تدريسية لمادة التامين اسمها مس طرب اتصور زوجه الاستاذ مولود مخلص
او اخوه) لذلك هو موجود ولكن اسمه تحديدا التامين او غيره لا اتذكر بشكل
مضبوط."
[7] جواباً
على سؤالي عن ماهية "قانون توريث الوكالات" الذي حاولت البحث عنه وفشلت
ذكرت السيدة سمر الكبيسي في رسالة لاحقة ما يلي: "أما بالنسبة لقانون التوريث
سأشرح لك ماهيته حسب فهمي البسيط. كانت
الوكالات تمنح لصاحبها او يحق له هو فقط العمل في وكالة التامين طيلة فتره حياته،
ولكن لا تعطى احقية لعائلته، في حالة وفاته، بورث الوكالة وامكانية العمل بها وفتح
مكاتب للوكالة على نفس اسم صاحب الوكالة.
إي انه بفضل قانون توريث الوكالات صار بالإمكان اعادة العمل في مجال
التامين على نفس اسم وكالة مجيد الياسين.
هذا ما ادركته من قانون توريث وكالات التامين، اي لا يقف عملها في حالة
وفاة صاحبها."
وعن هذا الموضوع ذكر الأستاذ عبدالباقي
رضا التالي: " ما زلت اشكك في وجود
قانون لتوريث الوكالات. أعتقد ان ذلك تم
بقرار من مجلس المؤسسة العامة للتأمين وذلك بمنح
اجازة الوكالة الى الورثة."
[8] صحح الزميل منعم الخفاجي هذه المعلومة في رسالة مؤرخة في
6 تشرين الثاني 2012 بالتأكيد على أن شركة التأمين المعنية هي شركة الرشيد
للتأمين.
[9] في رسالته المؤرخة في 5 تشرين الثاني 2012 أضاف الأستاذ
عبدالباقي رضا ما يلي: " لا أتذكر بالضبط هل صدر قرار من
مجلس قيادة الثورة أم مرسوم جمهوري بتعيين الياسين. أغلب الظن ان التعيين حصل بمرسوم جمهوري."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق