إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/11/23


قطاع التأمين العراقي والانتخابات العامة القادمة


حاول ثلاثة من زملاء أعزاء في العراق (إثنان يعملان في شركات تأمين وواحد يعمل أستاذاً أكاديمياً في إحدى الجامعات في بغداد) نشر هذه المقالة في صحف عراقية. لحد الآن لم تثمر جهودهم. هذا دليل آخر على عدم جدية الصحافة العراقية في التعامل مع الشأن التأميني.

مصباح كمال


يجري الآن في العراق نقاش حامي عن الانتخابات العامة التي ستجري في 16 كانون الثاني/يناير 2010 وما يتعلق بها من إعادة النظر في قانون الانتخابات وتشكيل التحالفات السياسية وهلم جرا. ويُدلي العديد من الأطراف، سياسية وحزبية وغيرها، مواقف تجاه جوانب مختلفة لهذه الانتخابات إلا أن قطاع التأمين ليس معنياً بها. موقف السكوت وعدم الاهتمام ليس بالمستغرب فالقطاع ظل دائماً، في رأينا، في الماضي كما في الحاضر، ساكتاً عن الشأن السياسي العام ونعني به تحديداً المخططات السياسية والاقتصادية للحكومات والأحزاب. ربما يكون هذا التقييم مجحفاً، ولعل القارئ الحصيف ينبهنا على غير ذلك، لكننا لا نتذكر مواقف متميزة معلنة للقطاع، ولا أطروحات واضحة مكتوبة في هذا المجال، ويبدو القطاع وكأنه يعمل في عزلة عن الفضاء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. فلم نقرأ يوماً رأياً تأمينياً تجاه إعداد ميزانية الدولة ووجوه الإنفاق فيها وتأثيرها على الطلب على التأمين، أو موقفاً تجاه عقود الدولة، أو نظام التقاعد، أو النظام الصحي، أو نظام الضرائب .. الخ. هذه وغيرها لها انعكاسات على النشاط التأميني. كما لم ينجح القطاع في بلورة دوره غير التجاري كقوة اقتصادية مجتمعية ضاغطة في إحداث تغييرات تصب في المصالح العامة وربما يكون لها آثار تجارية إيجابية على نشاطه (سيكون لنا وقفة أخرى تجاه الموضوع ضمن مشروع كتابة مقالة عن إخفاقات قطاع التأمين العراقي، نأمل أن يتوفر لنا الوقت لإنجازه).

لا يعني هذا أن العاملين في القطاع ليسوا معنيين بالانتخابات فهم، كغيرهم، لهم مواقفهم السياسية العامة والحزبية وربما الطائفية والعشائرية والقومية تجاه تشكيل قوائم المرشحين والتحالفات، ولهم تفضيلاتهم التصويتية. لكننا لا نتوقع توجيه القطاع على أساس سياسي حزبي طائفي لا بل نقف ضد هذا المسعى لأنه يقوّض معنويات العاملين في القطاع. وكما كان يقال في السابق، وفي سياق مختلف، فإن القطاع يجب أن يكون "فوق الميول والاتجاهات" إذ أنه بعكس ذلك سيساهم في إضعاف دوره الاقتصادي والاجتماعي وتقويض مشروع بناء دولة المؤسسات الديمقراطية.

قد يرى البعض في إثارتنا لهذا الموضوع ترفاً فكرياً فنحن نُصنفُ ضمن من لم يكتوي مباشرة بوطأة أوضاع العراق العامة، ومن لم يعاني من عسف النظام السابق وحروبه والغزو والاحتلال فيما بعد. وقد يكون هؤلاء مُحقين في تقييمهم.1 ولكن، بالنسبة لنا، فإن إثارة الموضوع هو من باب الدعوة لإخراج القطاع من انغلاقه في محيطه التجاري الصرف وولوج فضاء الحياة العامة فنشاطه رهن بالوضع العام السائد - كلما ساء هذا الوضع أزداد تدهور النشاط التأميني. ولنا في حقبة العقوبات الدولية (1990-2003) خير مثال على ما آل إليه قطاع التأمين وما زال لم ينهض إلى الوضع الذي كان عليه قبل ذلك من حيث حجم أقساط التأمين، والكوادر البشرية المدربة، والعلاقات مع أسواق إعادة التأمين العالمية. خروج القطاع من تمترسه التجاري (بيع الحماية التأمينية) نحو الحياة العامة سيساهم في تطوير المنهج الديمقراطي قيد التشكل في العراق، أي إدارة الخلافات والتعارضات بالوسائل المتاحة للضغط السلمي على صناع القرار وفي ذات الوقت تكوين رأي محدد تجاه مسائل لها مساس بقطاع التأمين مثلما لها مساس بحياة الناس.

ولعله من المفيد التذكير هنا بأن الصحافة التأمينية في بلد مثل المملكة المتحدة تكرس الصفحات عن مواقف الأحزاب السياسية أثناء انعقاد مؤتمراتها السنوية أو بعد تشكيل الحزب الفائز للحكومة وعند تشريع القوانين التي تؤثر على النشاط التأميني. أكثيرٌ أن نطلبَ من أركان التأمين المساهمة في مثل هذا العمل، والتأثير على الأحزاب وعلى الحكومة من خلال الصحافة أو الاتصال المباشر؟

إن الانتخابات العامة هي مناسبة لدعوة الأحزاب السياسية لتطوير مواقفها تجاه التأمين في صيغته الاجتماعية والتجارية.2 نحن نرى أن الديمقراطية في العراق ما زالت هشة إذ أن البعض لا يتصورها إلا كأداة للوصول إلى الحكم وليس فلسفة ومنهجاً عاماً في الحياة وفي العمل والثقافة ونظاماً للدولة يعمل من خلال مؤسسات محايدة لا تدين بالولاء للحكومة أو لحزب معين إذ أنها لجميع المواطنين. ونرى أيضاً أن مبادرة قطاع التأمين للدخول في معترك الجدل الانتخابي، لتمثيل وعرض المصالح التأمينية، خطوة نحو تعزيز العمل الديمقراطي المؤسسي الذي يتجاوز الهوس، أو قل التعصب، السياسي الطائفي والحزبي الضيق منه. وقد تحضى مثل هذه المبادرة باهتمام أحد الأحزاب أو المرشحين أو مجموعة منهم. وإن تحقق ذلك يكون القطاع وكأنه قد وجد صوتاً له داخل الحزب أو الحكومة التي ستتشكل أو داخل السلطة التشريعية.

يتمثل قطاع التأمين العراقي بشركات التأمين وإعادة التأمين منفردة، ومجتمعة في جمعيتها، وفي ديوان التأمين. لم نقرأ ما يفيد قيام أي من هذه الأطراف الثلاثة بتقييم أداء الحكومة الحالية تجاه قطاع التأمين، وما تتمناه هذه الأطراف على الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات من سياسات خاصة بالنشاط التأميني. لم نقرأ ورقة موقف position paper تجاه قضية تأمينية يمكن أن تكون موضوعاً للاتصال مع البرلمان أو الحكومة، وما وصل إلينا في الماضي، ولا علاقة له بالحملة الانتخابية الحالية، قليل جداً ولم يكن موضوعاً للمتابعة إضافة إلى افتقاره إلى التحليل والمحاجة. وبالطبع فإن الجهل العام بالأهمية الاقتصادية للتأمين لدى معظم أعضاء الحكومة وكذلك نواب البرلمان يعني أن قطاع التأمين مُطالب بتقديم مقترحات إلى المرشحين وعلى حكومة المستقبل. أي أن القطاع عليه أن يقود عملية الاتصال بهذه الأطراف. ومن باب توسيع هذه الدائرة نرى أن يقوم القطاع صياغة وبلورة مواقف تجاه قضايا لها مساس بعمله، ومساءلة المرشحين عنها الآن وحتى إجراء الانتخابات، واكتشاف من يقف من هؤلاء مع القطاع، ومن يحاول إغفال دوره ويسكت عن السياسات والقوانين التي تكبل نشاطه وهلم جرا. إن الانتخابات البرلمانية هي أيضاً فرصة للقطاع لإعادة تقييم وضعه وأدائه الحالي وما يرجوه للمستقبل.

نعتقد أن هناك مطالب عديدة يمكن لقطاع التأمين أن يتقدم بها ويقحمها في الجدل الانتخابي، وقد قمنا بعرض ودراسة العديد من هذه المطالب في مدونة مجلة التأمين العراقي (http://misbahkamal.blogspot.com/) يمكن الرجوع إليها لمن يرغب في الإطلاع عليها. ويأتي على رأس هذه المطالب إعادة النظر في بعض مواد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 والتي لا تخدم مصالح شركات التأمين العراقية، والقرارات التوجيهية لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي. ويتبع ذلك تحديد موقف القطاع من:

1. عقود النفط وغيرها من عقود الدولة التي تغفل مسألة التأمين على الموجودات والمسؤوليات القانونية والتعاقدية، والعمل على تبني صياغة موحدة للعقود الإنشائية للدولة.


2. تأمين الاستيرادات العراقية بحرً وبراً وجواً لدى شركات التأمين العراقية كلما كان ذلك ممكناً.


3. عقود الاستثمار الأجنبي العيني والتوجه نحو الاستفادة من طاقة شركات التأمين العراقية في توفير التأمين لها.


4. التكافؤ في التعامل مع شركات التأمين العامة والشركات الخاصة في تأمين الموجودات المادية للدولة - كما يقضي بذلك قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.


5. الضرائب والرسوم المفروضة على شركات التأمين والآثار الاقتصادية الإيجابية لتقليصها في تكثيف الطلب على الحماية التأمينية.


6. فيدرالية التأمين ونعني بها رجوع شركات التأمين إلى ممارسة النشاط في إقليم كوردستان العراق والرقابة الاتحادية عليه لتشكيل سوق وطني عراقي مشترك للتأمين.


7. إشاعة الطلب على التأمين وجعل فروع معينة إلزامياً من باب حماية ثروات الوطن (التأمين ضد خطر الحريق ).3


8. حقوق الإنسان وإبراز علاقتها مع النشاط التأميني.4

هناك قضايا أخرى تتعلق بتفعيل دور الإشراف والرقابة (ديوان التأمين العراقي الذي أصبح، تعيين رئيسه، مع الأسف، موضوعاً للمحاصصة الطائفية)، وإدارة التنافس بين الشركات العامة والخاصة (والحيف الذي وقع، كما يبدو، على شركات التأمين الخاصة)، وقانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 .. الخ.

نعرف أن العديد من هذه المطالب والمقترحات ذا طبيعة إشكالية وقد لا تحضى لذلك بتوافق جميع أطراف القطاع. قد يكون الإجماع صعباً بسبب وجود مصالح متعارضة لكن ذلك لا يعفي أياً من هذه الأطراف من طرح وجهة نظرها. فمن خلال الجدل والحوار البيني، الذي يفترض القبول بالرأي المغاير، يمكن التوصل إلى الحدود الدنيا للاتفاق على سياسات معينة.

إثارتنا للموضوع ليس من باب العتب أو الانتقاص من أي طرف بل التحفيز على تطوير وتعزيز فهم مشترك للتأمين ودوره في المجتمع وفي الاقتصاد وكونه حاجة أساسية للتقدم.

نطمح أن نقرأ ما سيقوم به قطاع التأمين (شركات التأمين منفردة، جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين وديوان التأمين) تجاه الموضوع المثار في هذه المقالة.

نود التنبيه إلا أن مقاربة الانتخابات من موقف تأميني لم يكن في الماضي أو الحاضر موضوعاً للمناقشة، وقد نكون أول من بادر إلى طرقها. لذلك، نتوقع أن يتصدى المعنيون والقراء المهتمين بما أوردناه في هذه المقالة وإغناءه مختلف جوانب الموضوع لصالح قطاع التأمين العراقي.

مصباح كمال
لندن، 20 تشرين الأول 2009

1  ربما كنا الآن في العراق لولا أن النظام الدكتاتوري اعتبرنا سنة 1977 مستقيلين من الخدمة في شركة التأمين الوطنية ونحن نتابع دراستنا العليا إذ لم يوافق مجلس قيادة الثورة، لا غيره، على إكمال دراستنا في الخارج وعلى حسابنا الشخصي! وكان قبلها قد حرمنا من بعثاته الدراسية فدفع بنا إلى اختيار المنفى.


كانت سياسات النظام الدكتاتوري الشمولية (التوتاليتيرية) تقوم على "بعثنة" الحياة العامة ومؤسسات الدولة، وفيما يخص موضوعنا، حصر الحصول على الشهادات العلمية العالية بأعضاء الحزب والموالين له وأزلامه والمتزلفين له. وهي ذات السياسة التي طبقت في السيطرة على النقابات العمالية والمهنية لتكون واجهات للحزب الحاكم. وبالطبع بدأ مثل هذا الاحتكار، والمكارم الملازمة له، في الجيش والشرطة .. الخ.

ويلاحظ أن بعضاً من هذا التوجه، ذو البعد الواحد القائم على العصبية الطائفية والحزبية، يجد ترجمته لدى الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان العراق. حصر المنافع وشراء ولاء بعض المواطنين يتم على حساب غالبية المواطنات والمواطنين وينافي النهج الديمقراطي ومبادئ العدالة وحقوق الإنسان. يبدو أن "العادات قاهرات" كما قيل قديماً، وهي، بالطبع، أكثر من عادة وليس هذا بالمجال المناسب للكتابة عنه.

2  انتهينا مؤخراً من كتابة دراسة قصيرة عن أحد الأحزاب السياسية العراقية العريقة وموقفه من التأمين الاجتماعي كما يرد في برنامجه. ونأمل أن نستطيع نشر هذه الدراسة قريباً.

3 دبجنا بعض الملاحظات بشأن التأمين الإلزامي ضد خطر الحريق على المستوى الوطني ونأمل أن يسنح الوقت تحويلها إلى موضوع لمقالة قصيرة كمدخل لمناقشة الموضوع بين العاملين في القطاع.

4  قد يكون موضوع حقوق الإنسان والتأمين بعيداً عن اهتمامات قطاع التأمين العراقي إلا أنه، وكما ذكرنا في رسالة لنا لمدير إحدى شركات التأمين الخاصة في بغداد، فإنه وبمرور الوقت، سينال اهتماماً من قبل البعض.

وبعض جوانب الموضوع يضم إلغاء التمييز بين طالبي التأمين مما يفرض على شركات التأمين عبء تبرير اعتماد معايير تمييزية في التأمين بسبب العمر، أو الجنس، أو الحالة الزوجية أو العجز البدني. ويظهر ذلك التمييز في عقود التأمين على الحياة وتأمين المركبات. وقد يكون من المناسب لشركات التأمين العراقية التفكير جدياً بالتمييز، في المرحلة الحالية، لصالح المرأة فقد أزداد عدد النساء الأرامل وهن بحاجة إلى دعم للحفاظ على نسيج العائلة وسلامة النسيج الاجتماعي عموماً.

وضمن نفس التوجه، يجب التفكير بملايين العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وسبل توفير الحماية الاجتماعية لهم من خلال مؤسسات الدولة ذات العلاقة، وربما تستطيع شركات التأمين المساهمة من خلال توفير فرص عمل مجزية ضمن مشاريع استثمارية، أو صندوق إعانات لبنات وأبناء الفقراء المتميزين لمتابعة دراستهم. ونأمل أم يتفتق ذهن العاملين في شركات التأمين بمقترحات ذات جدوى.




2009/11/04

الكتابة الصحفية عن التأمين
أرسل لي الزميل المحامي منذر عباس الأسود المادة الصحفية موضوع مقالتي هذه. وقد تبادلنا بشأنها بضعة رسائل. ويسرني أن أعرض رسالته هنا لما تضمنته من مواقف إيجابية وأخص بالذكر منها موقف د. ياسر صبري رؤوف، المدير المفوض لشركة الحمراء للتأمين، على اهتمامه بما كتبتُ، وعلى سعة صدره في تقبل ملاحظاتي النقدية والموافقة على نشر تعليقاتي في المدونة. موقفه هذا يستحق كل التقدير ويشجعني أن استمر في الكتابة النقدية عن التأمين في العراق. وللزميل الأسود فضلٌ على بتوفير ما ينشر عن التأمين في العراق. مصباح كمال كتب الزميل الأسود في رسالته المؤرخة في 1 تشرين الثاني 2009: "الأخ العزيز مصباح المحترم اطلعت على رسالتك وملاحظاتك بخصوص موضوع اللقاء الصحفي مع الدكتور ياسر الذي نشر في جريدة العراق اليوم. إن كل ما طرحته في ملاحظاتك جدير بالاهتمام، ولكنك تعرف انه لا يوجد صحفي له دراية وإلمام بأمور التامين وحتى في مواضيع أخرى. ولهذا لم يكن هناك تعاملا من قبل الصحفية – بان رافد- مع الردود سواء هي أو من محرر الجريدة. إن الذي يجري في الصحافة في العراق - حيث إن هم الصحفيين والصحافة هو إجراء أي لقاء مع أي مسؤول سواء أكان في القطاع العام أو الخاص وحتى مع أشخاص ليس لهم دراية أو إلمام كافٍ بموضوع اللقاء فالمهم إملاء الجريدة بالمواضيع مهما كانت. بالإضافة إن الصحافية أو الصحافي لا ترغب أن يراجع غيرها نص الحوار أو اللقاء لتصحيح الخطأ، إن وجد، في نقل أفكار من جرى اللقاء بهم أو تقويلهم بما لم يتفوهوا به. وهذا ديدن الصحافة في العراق. ان ما ذكرته في ملاحظاتك هي الواجب التطبيق في مختلف الكتابات الصحفية. وكما قلت أنت (فان الصحفية – بان رافد - ربما قامت بما هو مطلوب منها وضمن معطيات الممارسة الصحفية في العراق ) علما إن ذلك اللقاء مع الدكتور ياسر تزامن مع الحملة الدعائية التي تروجها شركة الحمراء للتأمين. أخي مصباح – لقد أوصلت الموضوع إلى الدكتور ياسر وقد شكرك كثيرا على اهتمامكم بالموضوع وأيد ما جاء به، وكان بوده أن يكثر من التوضيح والإجابة المطلوبة في اللقاء إلا أن ذلك يتطلب أكثر من صفحة في الجريدة وهو ما لا يرغب به الصحفيون ويحبذون الإجابة المختصرة. إن الدكتور ياسر لا يمانع من نشر ملاحظاتكم في مدونة مجلة التأمين العراقي مع شكره وتقديره. المحامي منذر عباس الأسود بغداد 1 تشرين الثاني 2009"
جريدة العراق اليوم و شركة الحمراء للتأمين مثال آخر على الكتابة الصحفية عن التأمين مصباح كمال مقدمة تفضل الزميل المحامي منذر عباس الأسود مشكوراً بإرسال مادة صحفية تحت عنوان شركة الحمراء للتأمين. (العراق اليوم، الخميس 15 تشرين الأول 2009). احتل العنوان الرئيسي، شركة الحمراء للتأمين (بالعربية والإنجليزية) والعناوين الثانوية الثلاث تحته (عن الارتقاء بصناعة التأمين العراقية، وتميز الشركة في السوق، والمشروع الاستثماري للشركة في الكوت)، حيزاً كبيراً مقارنة بحجم نص المقابلة. وسمت الجريدة هذه المادة بالحوار مع د. ياسر صبري عبد الرؤوف، المدير المفوض للشركة. ابتداءً فرحنا بهذه المادة إذ أن ما ينشر عن التأمين في الصحافة العراقية محدود ومعظم ما ينشر يفتقر إلى الدقة. وقد رصدنا بعض الكتابات الصحفية وعلقنا عليها نقدياً في مقالات نشرناها في مدونة مجلة التأمين العراقي.[1] نحاول في هذه الورقة تقديم ما يشبه المراجعة النقدية لهذه المادة الصحفية والكتابة الصحفية. وهدفنا ليس إملاء ما يجب أن يقال بل الإشارة والتأكيد معاً على قضايا وحقائق نراها أساسية في واقع النشاط التأميني في العراق. ونأمل أن يتسع صدر د. ياسر صبري عبد الرؤوف لمراجعتنا لتأكيد الاقتناع المشترك بروح النقد والرأي الآخر المغاير، فمرادنا مما سنورده هو المساهمة في تطوير الكتابة عن الشأن التأميني في العراق في صوره المختلفة. ماذا نعني بالحوار؟ هل أن مجرد طرح بضعة أسئلة على مدير الشركة كافياً لأن يُنعت الموضوع بالحوار؟ صحيح أن المحادثة بين شخصين يمكن أن يعتبر حواراً، بمعنى رد الجواب، كما يرد في القواميس العربية القديمة، أي الجواب على أسئلة. لكننا نرى أن الحوار ينطوي على ما هو أكثر من مجرد الجواب، فهو يستدعي في الذهن تبادلاً للآراء، سواء كانت متناغمة أو متعارضة، أو مناقشة في موضوع معين. لذلك عندما نقرأ الأسئلة الخمس التي أثارتها الصحفية بان رافد في زيارتها لمقر الشركة في بغداد وجواب د. عبد الرؤوف عليها لم نحس بنبرة الحوار، فالأسئلة مسطحة والأجوبة تتناسب معها. فلم يكن هناك تعاملاً من قبل الصحفية مع الردود. يذكرنا هذا بالمُقدمات الفاتنات في بعض الفضائيات العربية وهن يسألن ضيوف البرنامج عن أمور لا يفقهن منها، في أحسن الحالات، إلا القليل. أي إننا إزاء حالة عامة فيما يخص فن إجراء المقابلة وإدارة الحوار، وليس التأمين إلا جزءاً من هذه الحالة. ومن المؤسف أن مدراء شركات التأمين في العراق لا يعيرون اهتماماً كبيراً بما يذكره الصحفيات والصحفيون عن التأمين أو يدققون فيما ينقل عن لسانهم. ولا نعرف إن كانوا يرجعون إلى محرري الصحف لتصحيح خطأ في نقل أفكارهم أو تقويلهم بما لم يتفوهوا به. في حالتنا هنا قامت الصحفية بزيارة مقر الشركة للقاء المدير المفوض لإجراء "الحوار" معه. ثم نشرت الصحفية ما تمخض عنه هذا اللقاء. كان الأولى، لضمان الدقة وتبسيط التعليق إضافة شرح مناسب لبعض المصطلحات، بدلاً من الإكثار من الصور، كي يفهم القارئ العادي غير المتخصص بمصطلحات التأمين ما يرمي إليه المتحدث. وكان من المناسب من أجل ذلك إما الطلب من الصحفية عَرْضَ مسودة ما كتبتْ على إدارة الشركة كي تطمئن على ما ورد فيها، أو تستلم إدارة الشركة الأسئلة منها ومن ثم كتابة الجواب عليها. والمعروف أن الكتابة، خلافاً لارتجال الكلام، تستدعي ممن يقوم بها التأمل، وتفرض انضباطاً على التفكير والتعبير معا. ولكي نكون منصفين فإن الصحفية بان رافد ربما قامت بما هو مطلوب منها وضمن معطيات الممارسة الصحفية في العراق. وحسب علمنا، ليس هناك صحفية أو صحفي في العراق متخصص في شؤون التأمين. ويتمنى المرء أن تبقى الصحفية بان رافد على اتصال بشركات التأمين العراقية وتكتب عن نشاطاتها وأن تعير موضوع التأمين ما يستحقه من عناية.[2] الأسئلة والردود سنعرض الأسئلة، وكانت ذات طبيعة عامة بحيث يمكن أن توجه لأي مسؤول في مجالات أخرى غير التأمين دون الحاجة إلى إعادة صياغتها، ومن ثم نعلق على جواب كل منها حسب تسلسلها كما وردت في الجريدة. السؤال الأول: هل لك أن تعطي القارئ نبذة عن الشركة وعن طبيعة عملها؟ هذا السؤال ينطوي على ما يمكن أن يوصف بكسل صحفي شبيه بذلك الذي نشاهده على الفضائيات العربية عندما تسأل مقدمة البرنامج ضيفها: هل لك أن تذكر أسماء الكتب التي نشرتها، بدلاً من أن تقوم هي بجرد العناوين وتعريف المُشاهد بها لتستفيد من وقت البرنامج في المناقشة. كان من الأحرى بالصحفية أن تقوم هي بتقديم نبذة عن الشركة في المقدمة أو داخل إطار صغير يضم معلومات أساسية عن الشركة. وليس ذلك بالأمر الصعب فهي تستطيع البحث عن المعلومات الخاصة بالشركة من مصادرها الخاصة أو العامة وإن لم تتوفر مثل هذه المصادر فمن الشركة نفسها. وهكذا كان على د. عبد الرؤوف التقدم في جوابه بمعلومات عادية عن تاريخ تأسيس الشركة واستحصال موافقات التسجيل ومزاولة العمل. ونظراً لعمومية السؤال اُستدرج إلى ذكر أنواع التأمين التي تمارسها الشركة ومنها إعادة التأمين،[3] وإطراء للشركة فيه بعض المبالغة (طاقة استيعابية عالية وغيرها) وكل ذلك في محاولة منه للإجابة عن سؤال مسطح فاقع، فجاءت المعلومات التي تقدم بها بشكل يقترب من نمط المعلومات الدعائية. ولا ضير في ذلك فجميع الشركات تلجأ إلى مثل هذا التوصيف الترويجي. لكننا نتساءل: هل يفهم القارئ العادي ماذا تعني "طاقة استيعابية عالية"؟ ربما يسأل القارئ: ماذا تستوعب الشركة؟ وإن كانت الصحفية تحاور د. عبد الرؤوف أما كان من المناسب أن تستفسر منه دلالات المصطلحات؟ السؤال الثاني: ما هي قراءتك لواقع التأمين الآن مقارنة مع السابق؟ سؤال جيد حاول د. عبد الرؤوف، كما يتبين من قرأتنا الفاحصة له، تقديم إجابة وافية عنه إلا أنه سها عن أو أهمل ذِكْر ما يوضح أن بنية سوق التأمين في العراق قد تغير بفضل قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 وقانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 فهذين القانونين أسسا الأرضية لتأسيس شركات التأمين الخاصة. أي إنهاء احتكار السوق من قبل شركات التأمين التي أممت سنة 1964. ولذلك ليس صحيحاً القول: "بعد عام 2003 انفتح المجال وفتحت الأبواب لشركات تأمين جديدة" فالتغيير القانوني السابق كان قد مَهَّد السبيل لتأسيس الشركات الخاصة. ولم يذكر د. عبد الرؤوف أن سنوات الحصار، التي امتدت من آب 1990 لغاية أيار 2003، عرضت الاقتصاد العراقي برمته إلى الانهيار إذ ضاعت فرص التراكم الرأسمالي وتراجع النمو الاقتصادي، وأن الحصار جاء تتويجاً للسياسات الاقتصادية الإرادوية واستنفاذ الموارد في الحروب وبذخ الطاغية وفي ظلم الناس. ولم يكن النخر الذي أصاب شركات التأمين وقوض إمكانياتها إلا انعكاساً لهذا الواقع الأليم. كما أنه ذكرفي جوابه قانون التأمين رقم 10 لسنة 2005 (الأمريكي الصنع) كعامل في تزايد المرونة في تحرك شركات التأمين الخاصة دون الإشارة إلى عيوب بعض مواد هذا القانون التي هي محط إجماع من قبل شركات التأمين على ضرورة تغييرها، أو الإشارة إلى مزاياها الإيجابية في تنظيم النشاط التأميني. ونحن لا نرى كيف ساهم هذا القانون في مرونة تحرك شركات التأمين الخاصة، ولم تمارس الصحفية دورها الحواري في اسيضاح الأمر. لم يكن الرد على هذا السؤال متوازناً وكافياً في مقارنة الماضي بالحاضر، وتحول الحديث في نهاية الرد إلى عرض خدمات شركة الحمراء للتأمين، وهو موضوع لا علاقة له بقراءة واقع التأمين ماضياً وحاضراً. السؤال الثالث: هل تواجهة [تواجهون] في عملكم سلبيات أو معوقات معينة؟ استطعنا أن نرصد في جواب د. عبد الرؤوف ما يلي: شكوى من دوائر الدولة، لأنها لا تؤمن مع شركات التأمين الخاصة وتحصر تأميناتها بشركات التأمين الحكومية. لكنه لم يذكر أن هذا التصرف يتناقض مع أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (المادة 81-ثالثاً حيث يرد ما نصه: يجري التأمين على الأموال العامة والأخطار التي ترغب الوزارات أو دوائر الدولة في التأمين ضدها بالمناقصة العلنية وفقاً لأحكام القانون [لم يذكر أي قانون ينطبق على هذه الحالة] ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها. يمكن لشكوى د. عبد الرؤوف إذاً أن ينهض على أساس قانوني. والمطلوب، كحد أدنى، تنبيه دوائر الدولة بمخالفتها لأحكام قانون التأمين فإن لم ترتدع عندها تستطيع الشركة أن تلجأ إلى السلطات المعنية لتقويم سلوك هذه الدوائر. ولم تفكر الصحفية أن تسأله كيف يمكن إصلاح هذا الوضع. ويذكر عدم تفعيل ديوان التأمين ويربط ذلك بما "تخططه الدولة لجلب الاستثمارات الأجنبية" لكنه لم يتوسع في الشرح، وظلَّ موضوع التفعيل معلقاً في ثنايا الحديث دون أن يستطيع القارئ أن يتعرف على ما يعنيه هذا التفعيل وأهميته في النهوض بالنشاط التأميني. وكانت الصحفية غائبة في محاورته بهذا الشأن. ويذكر أخيراً معاناة الشركة "من قصور نظرة المواطن إلى التأمين الخاص" وتفضيل شركات التأمين الحكومية دون أن يُعرّفَ لنا سبب التفضيل، ولم تبادر الصحفية في حث د. عبد الرؤوف على تفسير هذا الواقع إن كان هو حقاً كذلك. ثلاث قضايا مهمة أثارها د. عبد الرؤوف، في رد ملتبس، ولكن دون أن يتعرف القارئ على مغزاها وما تعنيه بالنسبة لتأسيس سوق قائم على التنافس أو هكذا يراد له أن يكون من قبل الحكومة ومستشاريها الأجانب والعراقيين وتوجيهات المؤسسات المالية الدولية.[4] السؤال الرابع: ما مدى مساهمتكم في حملة الإعمار والبناء التي يشهدها القطر؟ يرد في الجواب ذكر مشروع استثماري واحد للشركة هو حدائق الياسمين، وهو مشروع سكني، وذكر د. عبد الرؤوف أنه خطوة لمشاريع (لم يحددها) في محافظات أخرى. ولم تتابع معه الصحفية كيف تستطيع شركة التأمين تمويل الاستثمارات. السؤال الخامس ماذا عن مشاريعكم المستقبلية حصر د. عبد الرؤوف الجواب في تطوير عمل الشركة من خلال فتح فروع جديدة في كافة المحافظات (يبدو أن للشركة فرع واحد فقط في الموصل كما نفهم من سياق الجواب)، واعتماد خطط تسويقية (مشاركة في معارض ومؤتمرات ومنها معرض بغداد الدولي).[5] لا ندري إن كانت الشركة تستطيع فتح فروع لها في محافظات إقليم كوردستان العراق. المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد أن شركات التأمين، العامة والخاصة، لم تفلح في تأسيس أو إعادة فتح فروع لها في الإقليم. لعل د. عبد الرؤوف يسعفنا بمعلومات بهذا الشأن. ملاحظة ختامية هناك مفارقة بين العناوين الكبيرة الجذابة وتقديم الصحيفة "للحوار" وبين ما ذكره د. عبد الرؤوف من معاناة الشركة وقصور نظرة المواطن. فقد جاء في التقديم: "وتعتبر شركة الحمراء للتأمين من الشركات المتميزة .. بما جسدته من دور كبير ومهم في المساهمة في تنمية وتطوير الاقتصاد المحلي .. وبما عززته من خلال عملها في الارتقاء بصناعة التأمين العراقية بتحقيقها قفزة نوعية في الخدمات التأمينية." عبارات مثل "دور كبير" و "الارتقاء بصناعة التأمين" و "قفزة نوعية في الخدمات التأمينية" فيها مبالغة غير مبررة لم تقترن بمعلومات تفصيلية عنها. نحن لا ندعو إلى دقة رياضية في الكتابة عن التأمين ولكن ربط الكتابة بمعطيات الواقع يولد قناعة سليمة بدور شركة الحمراء للتأمين وغيرها من شركات التأمين العراقية. عند توفر فرصة إعلامية لشركات التأمين عليها الاستفادة القصوى منها في تقديم المعلومات بشكل يسهل على القارئ العادي فهمها. هناك ميل مفهوم لدى الشركات لتجميل وتعظيم خدماتها فهذه الفرص هي أيضاً مصادر للدعاية التجارية. ومع ذلك، نرى اقتناص هذه الفرص للدعاية للتأمين كإحدى وسائل إدارة المخاطر التي يواجهها الأفراد والشركات. نأمل أن تثير ملاحظاتنا بعض الاهتمام وندعو إلى التعامل معها نقدياً وتصويب أخطائنا. مصباح كمال لندن 21 تشرين الأول 2009 [1] أنظر على سبيل المثال: مصباح كمال "أخبار العراق التأمينية في الصحافة" مدونة مجلة التأمين العراقي، تموز 2008. http://misbahkamal.blogspot.com/2008_07_01_archive.html [2] ومن باب التخفيف من نقدنا للصحافة العراقية، فيما يخص معالجة موضوع التأمين، يتعين علينا أن نقول إن التقصير واللوم يقع على قطاع التأمين الذي لم يبادر إلى نشر مجلة تأمينية مطبوعة أو إلكترونية، كتبنا بشأنها إلى جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية وعرضنا عليها المساعدة لكننا لم نسمع رأيها بمقترحنا. [3] لسنا متأكدين إن كانت شركة الحمراء للتأمين تمارس أعمال إعادة التأمين قبولاً وإصداراً، وذلك لأن دخل شركات التأمين العراقية من الهزال بحيث أنها لا تستطيع شراء حماية إعادة التأمين منفردة، واضطرت إلى المشاركة فيما بينها في برنامج إعادي اتفاقي تديره شركة إعادة التأمين العراقية. ربما كان ذهن د. عبد الرؤوف منصرفاً إلى إعادة التأمين الاختياري التي تقوم الشركة بشرائها من أسواق إعادة التأمين الدولية مباشرة أو من خلال وسطاء إعادة التأمين. إن كان هذا هو ما أراده كان عليه أن يوضح ذلك. [4] نتمنى على د. ياسر صبري عبد الرؤوف أن يبحث هذه القضايا ويكتب عنها بهدف مناقشتها وتنظيم العلاقة بين شركات التأمين العاملة في سوق التأمين العراقي وبما يساهم في تقدم هذا السوق. [5] في نيتنا الكتابة عن هذا الموضع ضمن إشاعة يوم أو أسبوع للتأمين في العراق.

2009/11/03

تعقيب على مقالة السيد مصباح كمال حول "مُجمع تأمين النقد أثناء النقل: تداعيات مطالبة بالتعويض" ضياء هاشم الأخ العزيز مصباح تحية طيبة قرأت وبإمعان ما كتبتموه حول مجمع تأمين النقد أثناء النقل وحيث انني غير ملم بتداعيات المطالبة بالتعويض ولا ادري إن كان التعويض يخص طلباً للتعويض قبل نشأة المجمع أم بعده إلا انني أحببت فقط أن أعطي صورة واضحة لعمل المجمع وإدارته وما ينبغي أن يكون عليه. بعد أن ألغى معيد التامين القائد للاتفاقية الموحدة للسوق العراقي في العام 2005 شمول نقل النقد في تلك الاتفاقيات، بسبب الظروف التي كانت سائدة في ذلك الحين أصبحت شركات التامين العاملة في العراق أمام موقف صعب تجاه طلبات التامين لهذا النوع من الأخطار. وبعد اجتماعات عدة لكوادر الشركات والنقاشات التي جرت في حينه فقد تم الاتفاق بين الشركات العاملة في السوق على تنظيم مجمع تديره شركة إعادة التامين العراقية للإسناد والقبول من هذه الشركات لأعمال تامين نقل النقود. وقد حدد بدء العمل به اعتباراً من 1/1/2006. وقد ساهمت جميع الشركات العاملة في السوق بهذا المجمع اسناداً وقبولاً كل حسب طاقته حيث أصبح مجموع المساهمات 450 مليون دينار عراقي للنقلة الواحدة. إن تحديد المسؤولية بهذا المبلغ للنقلة الواحدة لم يكن يعني أن التامين يتم على أساس النقلة الواحدة وإنما بوثيقة سنوية تعتمد التصريحات الشهرية التي يجب أن يقدمها المؤمن له لأية شركة يتفق معها إضافة إلى تثبيت شروط عدة واجبة التطبيق منها: وحدة سعر التامين للعملية الاكتتابية لجميع الشركات دون استثناء، ثم بعض الشروط التي ينبغي لطالب التامين إتباعها لحماية الأموال المنقولة. لست متأكداً ان المسؤولين عن الاكتتاب لوثائق هذا النوع من التامين يقومون فعلاً بمتابعة الحصول على التصريحات، أو أنهم يلتزمون بها، ولكن الذي أقوله: إن التامين يتم في بادئ الأمر على أساس المبلغ التقديري السنوي المنقول والذي يتم احتسابه على أساس المسؤولية القصوى للنقلة الواحدة مضروباً في عدد النقلات خلال السنة على أن يتم تعديله نهاية السنة على ضوء الأرقام التي ترد في التصريحات الشهرية للأموال المنقولة فعلاً. وهذا هو الأسلوب الصحيح لتحديد إقساط التامين لهذا النوع من الأغطية. لا أريد أن أطيل الكلام حول هذا الموضوع لعلمي بأنكم أدرى مني حوله ولكني فقط أردت أن ارفع بعض اللبس إضافة إلى إيضاح أن رغبة مسؤولي قطاع التامين كانت جادة في تطوير هذا المجمع وخير دليل على ذلك زيادة حدود المسؤولية القصوى إلى 800 مليون دينار اعتباراً من 1/1/2009 وقد ساهم الجميع بزيادة حصصهم المقبولة واعتقد أن هناك نية لزيادته ايضاً خلال العام القادم ما لم يستطع الأشخاص المفاوضين لمعيد التامين القائد للاتفاقية الحالية من إقناعه بالعودة عن قراره وشمول هذا النوع من التغطيات ضمن اتفاقية التامين البحري. إن أسلوب المجمعات قد يصبح ظاهرة يعتمدها السوق العراقي (خاصة بعد الإجراءات الجادة لزيادة رؤوس أموال الشركات العاملة في السوق) لبعض الأخطار التي لا تتوفر لها أغطية اتفاقية، أو التي تعرضت أغطيتها لشروط غير مقبولة فنياً فرضها المعيد القائد للاتفاقية، في حالة عدم توصل الشركات العاملة إلى نتائج ايجابية مع المعيد لتعديل تلك النصوص. مع فائق التقدير والاحترام ضياء هاشم بغداد25 تشرين الأول 2009