إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019/11/22

Insurance Implications of the October Uprising




مصباح كمال


سينهضُ من صميم اليأسِ جيلٌ      مريدُ البأسِ جبارٌ عنيدُ

محمد مهدي الجواهري


نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين


انتفاضة تشرين 2019

إن انتفاضة تشرين 2019 احتجاج تاريخي غير مسبوق ضد النظام السياسي الاقتصادي القائم منذ 2003 الذي كرّس النهب المحاصصي المنظم لثروات البلاد تارة باسم المظلومية وتارة باسم الاستحقاق الطائفي والإثني وبمباركة دينية تتلحف بها الطبقة الحاكمة[1] في الإدارة البائسة لشؤون الدولة؛ وهو نظام جعل العراق تابعاً لدولة ولاية الفقيه في إيران من خلال الأحزاب والمليشيات ذات الطابع الديني.

يشهد التاريخ أن الانتفاضات والثورات غالباً ما تكون مقترنة ببعض الآثار السلبية التي لا يمكن تجنبها لا بل أن البعض منها ضرورية لضمان تحقيق التغيير لأن الطبقة الحاكمة لا تقبل بالتخلي عن مصالحها ومغانمها ("هو يكدَر أحد ياخذها حتى ننطيها بعد" كما أكد نوري المالكي بالنسبة للعراق).  إن التظاهر والاحتجاج والإضراب والاعتصام ليس كافياً لإسقاط الأنظمة، ولهذا ينشأ العصيان المدني السلمي، وأحياناً المسلح، كوسيلة للدفع باتجاه التغيير.

لو استجابت الطبقة الحاكمة للمطالب الأساسية للمنتفضين ما كان لهم أن يتسببوا بتوقف العمل في بعض المؤسسات الرسمية والتجارية، وهو توقفٌ لا يعادل ما تسببه العطل الدينية من هدر للإنتاج وإعاقة النمو الاقتصادي، ومن فشل في بناء مؤسسات الدولة، ومأسسة الفساد الذي صار الهوية المميزة لنظام ما بعد 2003.  يضاف إلى ذلك مراكمة الثروات الكبيرة، المادية والنقدية، لدى الطبقة الحاكمة خلال فترة قصيرة، بفضل الفساد وسط تفاقم التفاوت الطبقي، وتحويل الأرصدة النقدية المنهوبة خارج العراق وليس ضخها في مشاريع إنتاجية - المحرك الحقيقي للنمو الاقتصادي.

يمكن للقارئ أن يتخيل حجم الأضرار التي ألحقها أصحاب المحاصصة بالعراق وأهله منذ دخولهم إلى العراق بصحبة الدبابات الأمريكية وتحويل الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد استهلاكي تابع وتكبيله بديون جديدة.  والغريب أن نشهد، ومع تصاعد زخم الانتفاضة، عدم مبادرة أي واحد من أفراد الطبقة السياسية إلى الاستقالة كتعبير عن الفشل وتحمل المسؤولية، كما يحصل في العديد من دول العالم، لتليين مواقف المنتفضين.

دراسة الآثار التأمينية للانتفاضة

مع اندلاع انتفاضة تشرين كتبتُ إلى بعض الزميلات والزملاء في قطاع التأمين العراقي مستفسراً عن جوانب من آثار الانتفاضة على شركات التأمين إلا أنني لم استلم أية معلومات ملموسة تفيد في تحليل هذه الآثار.  كان في بالي تساؤلات حول تأثير الانتفاضة على الطلب على التأمين، وتقلص حجم أقساط التأمين المكتتبة، وتضرر بعض الممتلكات، ومدى استجابة بعض وثائق التأمين لمطالبات التعويض من قبل أصحاب الممتلكات المتضررة، وغيرها من الآثار.  وكذلك التعرّف على الإجراءات التي قامت أو ستقوم بها شركات التأمين أو جمعيتها كرصد ما يجري لأغراض إحصائية ودراسة كيفية التعامل مع آثار الانتفاضة (إعادة النظر بنصوص يعض وثائق التأمين أو صياغة وثائق تأمين جديدة، على سبيل المثل).

ربما كنت هنا أحلق في فضاء خيالي إذ لم يُعرف عن شركات التأمين أو جمعيتها التعاطي مع الأحداث العامة.  يكفي أن أذكر هنا مثالاً واحداً: السكوت التأميني بشأن غرق العبارة في الموصل (21 آذار 2019).  وحتى اندلاع ‏حريق داخل بناية شركة التأمين الوطنية، في الطابقين الخامس والسادس، في ساحة ‏الخلاني، يوم الاثنين 11 تشرين الثاني 2019،[2] وتوقف العمل المنتظم في الشركة، لم يكن كافياً للانتباه إلى الأهمية التأمينية لآثار الانتفاضة.  لم يستهدف المنتفضون بناية شركة التأمين الوطنية؛ إن جغرافية المكان هي التي سهّلت غلق الشركة مؤقتاً.  ولم يكن غلق الشركة مثار تذمر فقد كتبت لي إحدى الزميلات أن
الجميع هنا بخير والحمد لله نحن الآن في عرس وطني فقد أثبت العراقي على وطنيته بجدارة وان شاء الله صامدون لحين تحقيق مطالب الشعب.  نحن متأكدين بأنكم تدعمونا من خلال مشاركاتكم الوجدانية.  دم الشهيد البطل الذي روى هذه الأرض لن يذهب سدى فهو نظير بإنبات الأمل في هذه الأرض.  كلنا العراق.

هذه النظرة المتفائلة تحمل معها، في نظري، تفاؤلاً بمستقبل أفضل لقطاع التأمين الذي انهكته حكومات المحاصصة الطائفية والإثنية بإهمالها للقطاع، وتجاوز مطلب التأمين في عقود الدولة وفي مشروعات بعض القوانين كمشروع قانون صندوق الإعمار والتنمية ومشروع قانون شركة النفط الوطنية العراقية، وبعدم استماعها إلى نداءات تعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10) الذي وضعه المحتل الأمريكي.[3]

قد يُصنف تساؤلي عن الآثار التأمينية للانتفاضة في خانة الترف خاصة وأن العديد من الشباب المنتفض المحتج يقتلون ويختنقون من الغازات المسيلة للدموع ويختطفون ويعتقلون ويعذبون، لكن السؤال يظل قائماً كون الانتفاضة حدثاً تاريخياً لم يشهده العراق سابقاً، وعلى العاملين في قطاع التأمين رصد ما يجري وربط آثاره على العمل التأميني الآن وفي المستقبل.  ولأني لست على معرفة بيوميات العمل التأميني في العراق وتأثيرات الانتفاضة عليه كي أكتب عنه بتفصيل، كنت أتمنى على المهتمين بالنشاط التأميني الكتابة عن الموضوع.  وما يزال هذا الأمل قائماً.

إن الانتفاضة العراقية يمكن أن تصنف ضمن انتفاضات الربيع العربي التي دشنتها تونس أواخر 2010 (مع قيام الشاب التونسي محمد البوعزيزي بإحراق نفسه يوم 17 كانون الثاني/ديسمبر 2010 في مدينة سيدي بوزيد)، وتبعتها مصر (25 كانون الثاني/يناير 2011)، واليمن (11 شباط/فبراير 2011) وليبيا (17 شباط/فبراير 2011)، وسوريا (18 آذار/مارس 2011).[4]



تأمين أخطار العنف السياسي

لقد صاحبت هذه الانتفاضات ما نسميه بلغة التأمين "العنف السياسي" الذي كان يشكّل في تاريخ التأمين خطراً مهماً تحيط به الصعوبات الاكتتابية من حيث شروط التأمين عليه أو استثناءه من وثائق التأمين أو تسوية مطالبات التعويض الناشئة منه.  لقد اقتصر التأمين على العنف السياسي أصلاً على ما يسمى بأخطار الحرب بموجب وثائق التأمين البحري[5] والطيران (تأمين هيكل الطائرة ضد مخاطر الحرب).  وخارج هذين الفرعين من التأمين ونظراً لتعدد أشكال العنف السياسي الذي لم يعد تأمينه مقتصراً على تأمين "الشغب والاضطرابات والضرر العمدي"، الذي كان يضاف بموجب ملحق لوثيقة التأمين من الحريق وتوسيع هذا الملحق ليشمل خطر تأمين الأعمال الإرهابية،[6] ظهرت الحاجة إلى وثيقة تأمين متخصصة.

تمثلت استجابة أسواق التأمين المتقدمة لتنوع أشكال العنف السياسي، خاصة بعد حادث تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وجزء من مبنى وزارة الدفاع (11 أيلول/سبتمبر 2001)، بتطوير وثيقة تأمين مستقلة للتأمين عليها بدلاً من الاكتفاء بالتغطية المحدودة التي توفرها وثيقة التأمين من الحريق التقليدية ووثائق تأمين الممتلكات الأخرى.  هذه الوثيقة المستقلة تغطي جملة من الأخطار يستطيع طالب التأمين المرتقب التأمين عليها بالكامل أو انتقاء التأمين عل أخطار معينة.  توفر الوثيقة المستقلة تغطية للأخطار التالية:

التخريب
Sabotage
الإرهاب
Terrorism
الإضرابات، أعمال الشغب، الاضطرابات المدنية
Strikes, Riots, Civil Commotion
الإضرار المتعمد
Malicious Damage
العصيان، الثورة أو التمرد
Insurrection, Revolution or Rebellion
التمرد (تمرد الجنود والبحارة) و/أو الانقلاب
Mutiny and/or Coup d'état
الحرب و/أو الحرب الأهلية
War and/or Civil War

يصعب أحياناً توصيف أحداث العنف السياسي ولذلك تلجأ شركات التأمين إلى تعريفها في صلب الوثيقة في محاولة لتحديد مصادر الخطر والغطاء التأميني المقابل لها.  التعاريف التالية مستلة من وثيقة تأمين أخطار سياسية لإحدى النقابات الاكتتابية في سوق لويدز:

Sabotage - a subversive act or series of such acts committed for political, religious or ideological purposes including the intention to influence any government and/or to put the public in fear for such purposes.

Terrorism - an act or series of acts, including the use of force or violence, of any person or group(s) of persons, whether acting alone or on behalf of or in connection with any organisation(s), committed for political, religious or ideological purposes including the intention to influence any government and/or to put the public in fear for such purposes.

Strikes - means a work stoppage to enforce demands made on an employer or to protest against an act or condition.

Riots - means a violent disturbance by a group of persons assembled together for a common purpose which threatens the public peace.

Civil Commotion - means a substantial violent uprising by a large number of persons assembled together and acting with common purpose or intent.

Malicious Damage - means the loss, damage or destruction of property caused by the actions of anyone intending to cause harm or mischief during the disturbance of the public peace.

Insurrection, Revolution and Rebellion - shall mean a deliberate, organised and open resistance, by force and arms, to the laws or operations of a sovereign government, committed by its citizens or subjects and/or a rising against a sovereign government or other authority.

Coup d'Etat - shall mean the sudden, violent and illegal overthrow of a sovereign government or any attempt at such overthrow.

Mutiny - shall mean a wilful resistance by members of legally armed or peace-keeping forces to a superior officer.

الملاحظ في الوثيقة المستقلة لـتأمين العنف السياسي أنها خلافاً لوثيقة التأمين من الحريق ووثائق تأمين الممتلكات البرية والممتلكات في المناطق المغمورة أنها لا تستثني الأحداث التي تحمل معها دوافع سياسية.

في حوار مع السيد عبد اللطيف عبود، أحد مخضرمي صناعة التأمين في سوريا، قال معلقاً على الأحداث المريرة في سوريا:

ليس سهلاً أن نجد أسماً أو وصفاً لما حصل في سوريا على مدى السنوات الثماني الماضية، فهي تجربة صعبٌة فعلاً، وهي حربٌ احتوت حروباً.  وبمقدار ما كانت عدواناً على الوطن والمواطن كانت عدواناً على كل القطاعات الاقتصادية والمؤسسات، وجميع أوجه النشاط البشري.  ولا يمكن أن يكون قطاع التأمين بمنأىً عنها، أو خارج تأثيرها، خاصةً وأن هذا القطاع كان ما يزال حديث العهد في ممارسته الجديدة عندما بدأت الأزمة.[7]

لقد جاءت وثيقة تأمين أخطار العنف السياسي في أسواق التأمين المتقدمة لتجاوز الفجوات في وثائق تأمين الممتلكات أو قل ضيق نطاق التغطية التأمينية لهذه الوثائق، وتوفير حماية تأمينية أوسع تستجيب للظواهر الجديدة في الدول الغربية (العمليات التي كان يقوم بها الجيش الجمهوري السري في بريطانيا، على سبيل المثل) قبل أن تنتشر في بعض أسواق التأمين في دول الأطراف ومنها بعض الدول العربية.

التجربة المصرية

في أطروحة أكاديمية لدراسة التجربة المصرية في التعامل التأميني مع العنف السياسي تناول مؤلفها[8] الأحداث الممتدة من 28 كانون الثاني/يناير لغاية 2 شباط/فبراير 2011، وهي الفترة التي شهدت وقوع معظم الخسائر التي كان على شركات التأمين المصرية النظر في مطالبات التعويض عنها.  قدَّم الكاتب ثبتاً بتطور الأحداث، وموقف الكيانات التأمينية المصرية منها، وكذلك مواقف شركات إعادة التأمين.  كما قام بتحليل نقدي لنصوص وثائق التأمين معتبراً إياها غير واضحة بما يكفي، وأشار إلى قرارات المحاكم السابقة، والقضايا المتعلقة بولاية الاختصاص والتحكيم، ومبدأ السبب المباشر، وعبء الإثبات، وشرط اتباع المصير Follow the Fortunes الذي يحدد اتباع معيد التأمين لمصير الاكتتاب الذي تقوم به شركة التأمين المباشر (الشركة المسندة)، أي اتباع قرارات الشركة في تسوية التزاماتها بموجب عقود التأمين الأصلية (وقد كان هذا موضوع للنزاع مع شركات إعادة التأمين).

وشرح المؤلف كيف تم حل النزاع بين شركات التأمين المصرية وشركات إعادة التأمين حول الأضرار والخسائر التي وقعت في هذه الفترة.  وتوسع في تحليل نصوص وثائق تأمين العنف السياسي الراهنة.  واختتم دراسته بجملة من الدروس المستنبطة من التجربة المصرية، من بينها ضرورة التطابق بين عقد التأمين الأصلي وعقد إعادة التأمين، وضرورة ضمان الدقة في تحديد ما هو مغطى وما هو مستثنى، ودراسة قضايا تراكم المسؤولية عند شركة التأمين وشركة إعادة التأمين، وتأسيس مجمع لتأمين أخطار العنف السياسي بسبب شحة حماية إعادة التأمين ... الخ.

مقاربة تصورية لبعض الآثار التأمينية للانتفاضة

في غياب المعلومات الملموسة ليس ممكناً الكتابة عن الآثار التأمينية المحتملة للانتفاضة على المؤمن لهم وشركات التأمين وشركات إعادة التأمين.[9]  لذلك فإن الملاحظات التالية يجب أن ينظر إليها كمقاربة أولية تصورية بحاجة إلى تمحيص.[10]  سأعرض بعض هذه الآثار كنقاط موجزة.

1-   الطلب على التأمين.  من المحتمل أن ينشأ طلبٌ على تأمين الشغب والاضطرابات والضرر العمدي وكذلك خطر الإرهاب.  ويرتبط قيام هذا الطلب المفترض بجهود شركات التأمين العراقية للترويج لغطاء التأمين الذي يضم هذه الأخطار، وكذلك العمل على إدخال وثيقة تأمين العنف السياسي في العراق بالتعاون مع شركات إعادة التأمين، إن كانت راغبة في ذلك، أو من خلال تأسيس مجمع محلي متخصص بتأمين أخطار العنف السياسي.

2-  احتمال تقلص حجم أقساط التأمين المكتتبة بدءاً من ا تشرين الأول 2019 نظراً لتوقف بعض الشركات الصناعية والتجارية عن العمل وبالتالي وقف وثائق التأمين أو تقليص نطاق التغطية (التأمين عليها كأخطار ساكنة silent risks) للتوفير في قسط التأمين.

3-  التأثير على سير الإنتاج بسبب الإضراب، الزحام المروري (صعوبة توصيل المواد الأولية والمنتجات).  ترد في الأخبار قطع المتظاهرين من المهندسين لطريق مصفى كربلاء النفطي ومنع موظفيه من الوصول الى عملهم بسبب الإجحاف الذي لحقهم جراء التعيينات التي أطلقتها وزارة النفط في المحافظة (إعطاء حصة 15 %فقط للتعيينات من داخل المحافظة).[11]  إن هذه الأوضاع قد تؤدي أضرار مادية غير منظورة وبالتالي توقف الإنتاج، وهو موضوع للتأمين بموجب وثيقة تأمين خسارة الأرباح.  (ليس معروفاً إن كانت الشركات العراقية تؤمن على توقف الإنتاج.  ربما تؤمن الشركات الأجنبية العاملة في العراق على هذا الخطر مع شركات تأمين في أوطانها).

4-  الإصابات والوفيات جراء العنف المسلح للحكومة والمليشيات المختلفة والأطراف الثالثة المجهولة (المعلومة) التي لا ترغب الحكومة بالكشف عنها.  ترى من سيقوم بتعويض الضحايا في غياب وثائق التأمين على الحياة ووثائق التأمين على الحوادث الشخصية؟

5-  احتمال قيام مطالبات بالتعويض من قبل مالكي السفن الراسية في ميناء أم قصر عن الغرامات التي تسدد لسلطات الميناء لقاء بقاء السفينة لفترة تتجاوز ما هو مسموح بها لأغراض التفريغ والتحميل.

6- تضرر بعض الممتلكات العامة والخاصة ربما كانت مؤمنة لدى شركات التأمين؛ إنْ لم تكن فالضرر يمثل خسارة اقتصادية لأصحابها مع آثار جانبية على المستفيدين منها أفراداً وشركات.

لا تقع مسؤولية هذه الأضرار على المتظاهرين إذ أن بعضها كان متعمداً قامت بها الأطراف الثالثة المجهولة (المعلومة)، كما هو الحال مع حادث الحريق في بناية شركة التأمين الوطنية في ساحة الخلاني، فقد أعلنت مديرية الدفاع المدني أن الحريق كان متعمداً، وقد حصل الحريق أثناء ما كانت ساحة الخلاني في قبضة القوات الأمنية الحكومية.[12]

7-  احتمال نفور شركات إعادة التأمين العالمية من إعادة تأمين الأخطار العراقية.  (ستكشف اجتماعات تجديد اتفاقيات شركة إعادة التأمين العراقية المزمع عقدها في إسطنبول أواسط كانون الأول/ديسمبر 2019 عن موقف ورؤية معيد التأمين القائد).

8- التأثير المحتمل على شركات النفط العالمية العاملة في العراق بموجب عقود جولات التراخيص.  يبدو أن إنتاج هذه الشركات لم يتأثر مثلما لم يتأثر تصدير النفط العراقي.  إن استمرار الانتفاضة وتوسع الإضراب والعصيان المدني قد يؤدي إلى أضرار غير متعمدة للممتلكات.  لكن الخوف هو من القوى الثالثة المجهولة (المعلومة) التي تعمل على تقويض الانتفاضة من خلال افتعال الحرائق إضافة إلى قتل المنتفضين.  مثل هذه الأضرار قد تكون موضوعاً للمطالبة بالتعويض.  لو تحقق ذلك فإن مسؤولية شركات التأمين العراقية التي تصدر وثائق تأمين جولات التراخيص ضيقة جداً، ذلك لأن الشركات النفطية العالمية قد دفعت شركات التأمين العراقية نحو الاحتفاظ بنسبة ضئيلة جداً من تأمين أخطار التراخيص.

ربما فاتنا رصد آثار أخرى أكثر ملموسية من هذه الآثار المتصورة، لذلك نرجو من القارئ تنبيهنا إليها.

أتمنى على جمعية التأمين العراقية وبالتعاون مع أعضائها القيام بجمع المعلومات المتعلقة بالجوانب التأمينية للانتفاضة، وخاصة تصنيف إحصائية بمطالبات التعويض وأقيامها وموقف شركات التأمين منها، ودراسة جدوى صياغة وثيقة تأمين جديدة خاصة بأخطار العنف السياسي.

18 تشرين الثاني 2019



[1] Dr Amer K. Hirmis, “Economic Manifesto for Iraq,” [Bayan Iqtisadi lil-‘Iraq], http://www.iraq-businessnews.com/2019/11/07/an-economic-manifesto-for-iraq
[2] طريق الشعب، العدد 61، السنة 85، الثلاثاء 12 تشرين الثاني 2019.
نشر الخبر في صحف أخرى.

[3] مصباح كمال، "قطاع التأمين العراقي: قضايا ومقترحات للتطوير،" شبكة الاقتصاديين العراقيين

[4] انتفاضات اليمن وليبيا وسوريا تحولت إلى حروب أهلية صارت تشارك فيها بعض الدول العربية وإيران وتركيا وعدد من الدول الغربية بضمنها الولايات المتحدة الأمريكية.  لم أطلع على الآثار التأمينية لهذه الأحداث.  وكذلك لم أطلع على ما صدر من مواقف تأمينية بشأن انتفاضة تونس سوى أن وزارة المالية قد أصدرت مرسوماً في 2011 باعتبار أن الأحداث كانت تمثل إضراباً، وشغباً، وهيجاناً مدنياً، وهي التي تقع تحت غطاء وثيقة التأمين من الحريق، وذلك لتسريع عملية تعويض المتضررين.

[5] Luis Lobo-Guerrero, Insuring War: Sovereignty, Security and Risk (London: Routledge, 2012).

Virginia Haulfer, Dangerous Commerce (Ithaca and London: Cornell University Press, 1997).

[6] للتعرف على نص هذا الملحق راجع: منعم الخفاجي، مدخل لدراسة التأمين، (بيروت: منتدى المعرف، 2018)، ص 243-248.
[7] تيسير التريكي ومصباح كمال، ذاكرة التأمين العربي: حوارات (بيروت: منتدى المعارف، 2019)، ص 156.

[8] Mohamed Kotb, The Arab Spring: The Egyptian Insurance Experience, research paper presented for MSc in Insurance and Risk Management, Cass Business School, City University, London, 2012.

[9] هناك آثار اقتصادية للانتفاضة تقع مهمة رصدها وتحليلها على عاتق الاقتصاديين العراقيين، وقد لاحظت غياب مساهماتهم في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين بهذا الشأن وكذلك مساهماتهم في رسم معالم الرؤية الاقتصادية للانتفاضة.  نشر موقع الشبكة مقالاً للدكتور حسن لطيف كاظم بعنوان "الاقتصاد السياسي لانتفاضة الشباب في العراق 2019: رؤية لإصلاح الإدارة الاقتصادية"
لكن رؤيته للإصلاح تدور داخل إطار النظام السياسي-الاقتصادي القائم (رأسمالية مشوهة) والقائمين عليها من أطياف المحاصصة الطائفية والإثنية، والبعض منهم بعيدون عن مهام الموقع الذي يشغلونه: "وإذا عرفت عزيزي القارئ أن وزير تخطيط العراق نوري صباح الدليمي يحمل شهادة مدرسة دينية، لك أن تتخيل حجم التنمية والمشاريع التي ستنعم بها البلاد." علي حسين، مستشارو العراق وبرامجهم الساخرة،" جريدة المدى https://almadapaper.net/view.php?cat=222113

إن وضع قائمة بالتوصيات أو تشكيل مجلس اقتصادي ليس كافياً فالمطلوب، كما يحاجج بعض الاقتصاديين، هو التركيز على أولوية السياسية الاقتصادية، والتخطيط الاقتصادي المركزي، وتحديد الهوية الوطنية وكذلك هوية الاقتصاد الوطني، وجعل السياسة النفطية تابعة للسياسة الاقتصادية وليس العكس كما هو جارٍ الآن ومنذ سنوات صعود الأحزاب الدينية والإثنية إلى سدة الحكم، وفصل ميزانية الاستثمار لتكون قائمة بذاتها.  راجع: صبري زاير السعدي، "العراق: السياسة النفطية في غياب الرُؤية الاستراتيجية الاقتصادية المستقبلية،" مجلة المستقبل العربي، العدد 488، تشرين الأول/أكتوبر 2019، ص 132-133.

[10] راجع بهذا الشأن مصباح كمال، "آثار داعش على قطاع التأمين العراقي،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين http://iraqieconomists.net/ar/2014/10/26/، وخاصة الفقرات المدرجة تحت العنوان الثانوي "الآثار المباشرة وغير المباشرة."

[11] إن مثل هذه المسكّنات لا تحل أزمة النظام الاقتصادي "بغياب الرؤية الوطنية المستقلة وإهمال التخطيط الاقتصادي المركزي في تحديد أولويات الاستراتيجية وأهداف السياسات الاقتصادية والالتزام السياسي بتحقيقها بآماد زمنية متعددة." راجع: صبري زاير السعدي، المصدر آنف الذكر.  لقد عمل الإسلام السياسي الذي يحكم العراق منذ 2003 على تقويض القطاع العام، الصناعي منه بوجه خاص، وكذلك القطاع الزراعي وتحويل العراق إلى سوق استهلاكي ضخم لفائدة دول الجوار؛ وعمل في ذات الوقت على تضخيم بيروقراطية الدولة من خلال توظيف أعداد هائلة من المحسوبين على الأحزاب الإسلامية.

[12] طريق الشعب، المصدر أعلاه.