إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2020/06/26

Tayseer Treky & Misbah Kamal in Conversation with Dr Mustafa Rajab - A Pioneer Reinsurer


والذكرى تنفع السائلين
ضوء على كتاب
تيسير التريكي ومصباح كمال: حوار مع رائد في إعادة التأمين-الدكتور مصطفى رجب


الانسان سؤال.  والمعنى أن الانسان اليقظ والمنفتح هو دائم التساؤل عما كان وما هو كائن وإلى أين المصير.  هذا هو دأب المتبصرين في أحوالنا، ومعشر المشتغلين بالشأن التأميني في وطننا العربي يضمون في صفوفهم من المتبصرين والمتسائلين عدداً غير قليل.

في محاولة إلقاء بصيص من الضوء على "ما كان" في صناعة التأمين العربية، يأتي كتاب "حوار مع رائد في إعادة التأمين -الدكتور مصطفى رجب".  والكتاب هو ثمرة حوار موسع أجراه تيسير التريكي ومصباح كمال مع الدكتور مصطفى رجب.

يأخذنا الكتاب/الحوار إلى العقود الثلاثة الأول من النصف الثاني من القرن العشرين.  تلك العقود التي شبَّ رجب في بدايتها عن الطوق مواصلًا مسيرة علمية برّاقة أخذته من ثانوية العشّار في البصرة (1950) غير البعيدة عن جيكور بدر شاكر السياب في أبو الخصيب، إلى كلية القانون في جامعة بغداد، ليتخرج منها بعد سنوات محتلًا الترتيب الأول في دفعته ولينتهي به المطاف بعد فترة قصيرة من العمل في محاكم البصرة، مبتعثًا للحصول على شهادة الدكتوراة في أحكام القانون المدني المقارن من جامعة جنيف.  وَقّد عاد إلى العراق حاملًا تلك الشهادة عام 1958.

من المعروف عن د. رجب انه رجل قانون بامتياز. وهو بهذه الصفة لا يبرح الحذر في الكلام، معتصمًا بما تمليه عليه ثقافته القانونية الأمارة بدقة التعبير وعدم الإطناب.  وهذا يشجع على القول بأن ما قاله د. رجب بين السطور ربما يفيض حجمًا عما أفصح به جَهْرًا في حوارنا معه.

نقرأ بين سطور الحوار معه أو خلفها أن ظروف ابتعاثه للدراسة العليا، والمناصب التي عرضت عليه، تؤشر مجتمعة إلى أن جذور مشروع بناء الدولة في العراق تمتد في تربة كيانه إلى سنوات طويلة قبل انبلاج عهد الجمهورية عام 1958.  كان بناء الكوادر القادرة على بناء الدولة وقيادتها وصولًا إلى التنمية الاقتصادية والتقدم يشكل على ما يبدو أحد ركائز ذلك المشروع.

ريادة الدكتور رجب في مجال إعادة التأمين ترتكز إلى أنه كان المؤسس لشركة إعادة التأمين العراقية (1960).  وقد تولى إدارة الشركة منذ تأسيسها واستمر في منصب مديرها العام لعقدين من الزمن أو ما يزيد قليلًا عن ذلك.  واستطاعت الشركة بقيادته وبفضل فريق العمل الذي عمل معه، والذي أحسن اختياره وتدريبه وحفزه، أن تكتسب ثقة سوق التأمين العراقي وأسواق التأمين العربية امتدادًا إلى أسواق الدول النامية.  تحقق كلُّ ذلك في مدة عقد من الزمن، وتلك مدة قياسية نسبيًا من منظور الزمن اللازم لرسوخ بنيان شركات الخدمات المالية.

انطلقت شركة إعادة التأمين العراقية على قاعدة صلبة قوامها الدعم الذي حظيت به من سوق التأمين العراقي الذي كان يعيش فترة نمو وازدهار.  فقد أعطيت للإعادة العراقية حصة إلزامية وازنة من أعمال السوق، بمباركة وتعاون قيادات جهة الإشراف والشركات المباشرة.  الأسماء الكبيرة التي نتحدث عنها، مع حفظ الألقاب، تضم أديب جلميران، عبد الباقي رضا، بديع السيفي وَعَبَد الخالق رؤوف خليل وآخرين.  والمتأمل للأسماء التي كانت في قيادة قطاع التأمين العراقي حين تأسيس الإعادة العراقية سرعان ما يدرك أن أصحابها كانوا من مخرجات نظام التعليم في العهد الملكي ما يؤكد ما تقدم بشأن جدّية مشروع بناء الدولة في العراق قبل انبلاج فجر النظام الجمهوري عام 1958.

الحوار مع د. رجب يأخذ القارئ إلى تفاصيل جمة في مسيرته العلمية والعملية والمعايير التي تشبَّث بها في تأسيس وبناء الإعادة العراقية التي ربما يمكن اعتبارها ذروة انجازاته وإن لم تقتصر عليها.  فإلى جانب نجاحه في تأسيس تلك الشركة والوصول بها إلى مصاف شركات إعادة التأمين صاحبة الحضور على مستوى العالم الثالث، أسهم د. رجب في مشاريع عربية أخرى منها الاتحاد العام العربي للتأمين (1964) والشركة العربية لإعادة التأمين (1972) والصندوق العربي لتأمين اخطار الحرب (1980).

الحوار مع رجل قانون مثل د. رجب محكوم بإنتاج نص كثيف وطافح بالحذر العلمي.  وما نرمي إليه بهذا القول هو أن مراجعة الكتاب ربما لا تغني في كثير عن قراءته.

يندرج الكتاب في خانة تاريخ قطاع التأمين العربي.  وهو يلقي بصيصًا من الضوء على جانب من هذا التاريخ، الذي ما زال بانتظار من يلقون عليه حزمًا من نور البحث الكاشف له وعنه.

محتويات الكتاب


للاتصال بالدكتور مصطفى رجب
رقم الهاتف: 00971545536226
العنوان الإلكتروني: m.rajab@ia.gov.ae

يمكن الحصول على الكتاب من الناشر منتدى المعارف:

الدكتور ربيع كسروان
المدير العام
منتدى المعارف
بناية طبارة – ط 4 – شارع نجيب العرداتي – المنارة – رأس بيروت
ص. ب: 7494 – 113 حمرا – بيروت 2030 1103 لبنان
هاتف مكتب: 749140 (9611)
هاتف خليوي (موبايل): 586063 (9613)
بريد إلكتروني: rabih@almaarefforum.com.lb


2020/06/13

Resolving Repugnance In Iraqi Insurance Laws




مصباح كمال

نشرت أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

[1]

ترجع خلفية هذه الورقة القصيرة إلى رسالة من زميلي محمد القره غولي بتاريخ 4 أيار 2020 جاء فيها: "انا ابحث عن جريدة الوقائع العراقية العدد 3995، 3 اذار 2005 لتضمنها امر رقم 10 لسنة 2005 قانون تنظيم اعمال التأمين."  تزامن هذا الطلب بالبحث الذي كنت أقوم به حول التضارب بين أحكام قوانين تأمينية قديمة نافذة والقوانين/الأوامر التي صدرت بعد 2003 الذي كان موضوعاً لدراسة سابقة.[1]

ماذا نقرأ في جريدة الوقائع العراقية، العدد 3995، 3 آذار 2005؟

بالرجوع إلى هذا العدد نكتشف أن عنوان التشريع هو "اعادة العمل بالمادة (136) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل" ويأتي تصنيفه تحت باب "أصول محاكمات جزائية"، ويقضي هذا التشريع بإلغاء "الفقرة هـ من القسم 4 من مذكرة سلطة الائتلاف المنحلة رقم 3 لسنة 2003."

وفي الملاحظة رقم 2 الملحق بالتشريع نقرأ التالي:

"- الغيت الفقرة (هـ) من القسم 4 بموجب امر اعادة العمل بالمادة (136) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل، رقم 14 لسنة 2005:

النص القديم للفقرة هـ: اعيد العمل بالمادة 136."

نستخلص من هذا العرض السريع أن هذا القانون والتعديل الذي جاء به ينحصر بأصول المحاكمات الجزائية ولا علاقة له بقوانين التأمين السابقة أو تلك التي شرعت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

إن قيمة ما نشرته جريدة الوقائع العراقية هي إلغاء مادة وإعادة العمل بها في قانون سابق للاحتلال الأمريكي.  في حين أن هذا المقترب من القوانين العراقية لم يمتد لقوانين التأمين الصادرة قبل وبعد الاحتلال المتضاربة فيما بينها، كما سنحاول عرضه فيما يلي، وهنا تكمن قيمة سؤال الزميل محمد القره غولي.

[2]

نقرأ في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الصادر بتاريخ 1 كانون الثاني 2004 الأحكام المرتبطة بالمادة 26[2] ما يلي:

ا- ستبقى القوانين النافذة في العراق في 30 حزيران 2004 سارية المفعول، الا اذا نص هذا القانون على خلاف ذلك والى ان تقوم الحكومة العراقية الانتقالية بالغائها او تعديلها وفقا لهذا القانون.

ب- التشريعات الصادرة من قبل السلطة التشريعية الاتحادية تعلو على اية تشريعات اخرى صادرة من قبل اية سلطة تشريعية اخرى وذلك في حالة التعارض بينهما، باستثناء ما نص عليه في المادة 54 ب[3] من هذا القانون.

ج- ان القوانين والانظمة والاوامر والتعليمات الصادرة من سلطة الائتلاف بناءا على سلطتها بموجب القانون الدولي تبقى نافذة المفعول الى حين الغائها او تعديلها بتشريع يصدر حسب الاصول ويكون لهذا التشريع قوة القانون.

ألغي هذا القانون بموجب دستور جمهورية العراق لعام 2005، باستثناء ما ورد في الفقرة ا من مادة 53 والمادة 58 منه.[4]

ونستخلص هنا أيضاً أن أحكام قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لا تنطبق على ترتيب أوضاع التأمين التي صارت تخضع لأحكام الدستور وقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  فقد نص الدستور الدائم في المادة 130 حول نفاذ القوانين القائمة على الآتي:

"تبقى التشريعات النافذة معمولاً بها، ما لم تُلغَ أو تُعدّلَ، وفقاً لأحكام هذا الدستور."

لكن مشكلة عدم الاتساق بين قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 والدستور تظل قائمة.  نلاحظ أولاً، إن قانون 2005 (الأمر رقم 10) صدر في حزيران 2005، قبل إقرار الدستور في تشرين الأول 2005، أي أن الأمر رقم 10 صدر في غياب الدستور (وهو أصلاً أمر/قانون وضعه المحتل الأمريكي).[5]

ونلاحظ ثانياً، إن الأمر رقم 10 لسنة 2005 صدر بقرار من مجلس الوزراء كما جاء في ديباجته:

"استناداً الى أحكام القسم الثاني من ملحق قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، وبناء على موافقة مجلس الرئاسة، قرر مجلس الوزراء اصدار القانون الاتي"

وينص ملحق قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية على أن

لمجلس الوزراء وبموافقة رئاسة الدولة بالإجماع إصدار أوامر لها قوة القانون وتبقى سارية المفعول حتى يتم إلغاؤها أو تعديلها بواسطة حكومات عراقية منتخبة.[6]

ونلاحظ ثالثاً، إن الأمر رقم 10 لا يضم نصاً بإلغاء قوانين التأمين السابقة أو الاحتكام إليها في حالات معينة، أو نصاً يقضي بأن أحكام الأمر رقم 10 هي التي سيعمل بها عند تعارضها مع أية قوانين تأمينية نافذة.

هناك إذاً تضاربٌ بين الأمر رقم 10 قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 والقوانين السابقة ذات العلاقة بالتأمين التي لم تخضع للإلغاء ومنها، على سبيل المثل، قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم (56) لسنة 1950 الذي يقضي بحصر تأمين ممتلكات الدولة لدى الشركة.  وهذا القانون ما يزال نافذاَ.

[3]

لا أدعي بأني مختص بقوانين التأمين أو القوانين الدستورية ولذلك أدعو أهل الاختصاص لتنويرنا فيما يخص التناقض repugnance المحتمل بين قوانين التأمين السابقة للاحتلال وتلك التي ارتبطت بالاحتلال، وقراءة هذه القوانين في إطار دستور جمهورية العراق.  وقد ينهض سؤال حول مدى تطبيق/انطباق النص الدستوري على قوانين التأمين القائمة، وخلاف ذلك هل أن النص الدستوري صار معطلاً في مجال التأمين؟

من رأيي اننا بحاجة لمثل هذه القراءة لأن القوانين[7] لها آثارها الاقتصادية والتنظيمية على قطاع التأمين في العراق من حيث العرض (شركات التأمين العامة والخاصة) والطلب على الخدمة التأمينية (وخاصة الطلب من شركات القطاع العام ومؤسسات الدولة والشركات الأجنبية العاملة في العراق وشركات القطاع الخاص).

آمل أن تحظى هذه الدعوة بالاستجابة وألّا يكون مصيرها سكوت أهل الشأن كما حصل مع دراستي السابقة "قراءة أولية لمشروع حصر تأمينات الدولة بشركة التأمين الوطنية" (2018).

17 أيار 2020


[1]مصباح كمال، "قراءة أولية لمشروع حصر تأمينات الدولة بشركة التأمين الوطنية،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

[3] المادة 54 ب من القانون تتعلق بالوضع الاستثنائي لإقليم كوردستان-العراق وتنص على ما يلي:

ا‌ – تستمر حكومة اقليم كردستان في مزاولة اعمالها الحالية طوال المرحلة الانتقالية، الا ما يتعلق بالقضايا التي تقع ضمن الاختصاص الحصري للحكومة الاتحادية كما ينص عليه هذا القانون. ويتم تمويل هذه الوظائف من قبل الحكومة الاتحادية تماشيا مع الممارسة الجاري بها العمل ووفقا للمادة 25 هـ من هذا القانون. تحتفظ حكومة اقليم كردستان بالسيطرة الاقليمية على الامن الداخلي وقوات الشرطة، ويكون لها الحق في فرض الضرائب والرسوم داخل اقليم كردستان.

ب‌ – فيما يتعلق بتطبيق القوانين الاتحادية في اقليم كردستان، يسمح للمجلس الوطني الكردستاني بتعديل تنفيذ اي من تلك القوانين داخل منطقة كردستان، ولكن في ما يتعلق فقط بالامور التي ليست مما هو منصوص عليه في المادة 25 وفي المادة 43 د من هذا القانون التي تقع ضمن الاختصاص الحصري للحكومة الاتحادية حصرا.

[4] الفقرة ا من مادة 53 والمادة 58 منه تتعلقان بالأوضاع في إقليم كوردستان-العراق.

[5] للتعريف بالخلفية والدوافع وراء الإسراع بإصدار القانون، راجع: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، وخاصة "المدخل" (ص 17-33)، وفصل "إعادة صياغة قوانين التأمين في العراق (ص 49-76)، وفصل "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية" (ص 77-105).

[6] موقع مجلس القضاء الأعلى: https://www.hjc.iq/view.79/

[7] إن ما نعنيه بقوانين التأمين هي تلك القوانين المنظمة للنشاط التأميني وليس القوانين المتعلقة بعقد التأمين إذ أن الأخيرة تنحصر بقانون شركات الضمان – السيكورتاه العثماني (1905)، والفصل الخاص بعقد التأمين البحري في قانون التجارة البحرية العثماني (1883).  نقلاً عن: بهاء بهيج شكري، بحوث في التأمين (عمان: دار الثقافة، 2012)، ص 829.  قدم الأستاذ بهاء في كتابه مشروع تفصيلي لقانون مقترح للتأمين، ص830-886.