إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2020/03/26

Iraq Insurance Co and its New Director General: Old-New Tasks


شركة التأمين العراقية ومديرها العام الجديد وبعض المهمات الجديدة-القديمة


مصباح كمال


نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين


عرض سريع لتعيين مدير عام لشركة التأمين العراقية العامة

نقل لي أحد الزملاء في بغداد أن منتسبي شركة التأمين العراقية في بغداد استقبلوا يوم 16 آذار 2020 خبر تعيين د. أحمد جواد الدهلكي مديراً عاماً للشركة بدرجات متفاوتة من الارتياح والرضا والسرور خاصة وأن له معرفة بالتأمين وإدارة الخطر إذ أنه كان يُدرّس مادة إدارة الخطر والتأمين، المرحلة الثالثة، قسم إدارة الأعمال، جامعة المستنصرية (كان تدريسياً في الجامعة منذ 2014).[1]

إن مبعث هذا الرضا والسرور يأتي بعد رفض منتسبي الشركة لتعيين د. رشاد خضير وحيد الدايني مديراً عاماً للشركة إذ أنهم منعوه من دخول مقر الشركة لاستلام مهام عمله يوم 4 شباط 2020. [2]

منذ أن انتهت ولاية السيد صادق عبد الرحمن حسن الذي أدار الشركة من كانون الثاني 2007 لغاية آب 2015، تناوب على إدارتها وكالة:

§  عباس شهيد (آب 2015-حزيران 2016، أحيل على التقاعد.  كان مديراً للإنتاج في شركة التأمين العراقية).
§  هيفاء شمعون عيسى (حزيران 2016-تشرين الأول 2019، كانت أيضاً المدير العام وكالة لشركة التأمين الوطنية، آذار 2017-تشرين الأول 2019.  كانت لسنوات طويلة مديراً للحسابات في شركة التأمين الوطنية).
§  فائزة سلمان (تشرين الأول 2019-شباط 2020.  كانت تشغل منصب مدير القسم المالي في شركة التأمين العراقية)
§  رشاد خضير وحيد الدايني (شباط 2020، رفضه منتسبو الشركة).
§  سحر هادي حميد (آذار 2020، قيل بأنها لم تشغل منصبها لأسباب غير معروفة.  عند تعيينها في شركة التأمين العراقية الذي لم يتحقق كانت مديراً عاماً لدائرة الموازنة في وزارة المالية).

أردت من هذا العرض لأسماء المدراء تأكيد حقيقة أن من كان يشغل موقع المدير العام كان عاملاً في قطاع التأمين لحين إقحام تعيين رشاد الدايني.  ويأتي تعيين أحمد الدهلكي ليؤكد التوجه للتعيين من خارج القطاع أيضاً.  ولا ضير في ذلك إن كان من يشغل موقع القيادة في الشركة يحمل خبرة إدارية ومؤهلاً أكاديمياً يستطيع توظيفها للإدارة الكفؤة للشركة وتطويرها.  هذا ما ستثبته الأيام بالنسبة للدكتور الدهلكي.

حتى كتابة هذه الورقة لم أطلع على الأمر الرسمي لتعيين الدكتور الدهلكي، ولا خلفيته، وفي ما إذا كان هناك بعداً محاصصياً وراء التعيين.  لكنني أعلق إبداء رأي الآن منتظراً ما سيسفر من إدارته للشركة.  بودب هنا تقديم بعض المقترحات/المهمات التي تستحق التفكير بها وتقييمها والنظر في إمكانية تحقيقها.

بعض المهمات المطروحة على المدير العام الجديد للشركة

نفترض أن المدير العام الجديد وفريق الإدارة العامل معه سيقوم بوضع برنامج عمل للشركة للسنة القادمة أو مراجعة البرنامج القائم إن كان مثل هذا البرنامج موضوعاً، وهذا مطلوب للاستفادة من الخبرة الموجودة والتراكم المعرفي لدى منتسبي الشركة لرسم السياسات في مجالات الإنتاج، والعلاقات مع جمهور المؤمن لهم الحاليين والمرتقبين، والاستثمار، والتدريب المهني وغيرها.

لقد تزامن تعيين المدير العام الجديد مع التدهور غير المسبوق في أسعار النفط والانخفاض الشديد في العوائد، وتوقع التقشف في موازنة سنة 2020 وما يعنيه ذلك من هبوط متوقع في الطلب على الحماية التأمينية بسبب توقف وفي أحسن الحالات تقلص الانفاق على المشاريع وتوسيع الإنتاج والتأثيرات الناجمة من تفشي وباء/جائحة فيروس كورونا.

مع ذلك أتمنى عليه وفريقه الإداري الاهتمام ببعض المهام والعمل على تحقيقها في الأمد المنظور، أعرضها باختصار.

الموقف من فيروس كورونا المستجد
قامت شركات الوساطة والتأمين وإعادة التأمين والجمعيات التأمينية في مختلف أنحاء العالم ببيان مواقفها وسبل التعامل مع فيروس كورونا المستجد.  حتى كتابة هذه الورقة[3] لم تصدر أي من شركات التأمين العراقية أو جمعيتها بياناً بهذا الشأن (العمل داخل مقرات الشركات، العمل من البيت عن طريق وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة، التعامل مع جمهور المؤمن لهم، احتمال قيام مطالبات بالتعويض وكيفية التعامل معها وغيرها).

هذه فرصة لشركة التأمين العراقية لبيان موقفها، لطمأنة منتسبيها وحاملي وثائق التأمين الصادرة منها واتخاذ الإجراءات المناسبة.  وبذلك تكون الأول بين شركات التأمين العراقية في التعامل مع آثار هذا الفيروس.  عليها أن تطمئن المستفيدين من وثائق التأمين على الحياة الحاليين أن وفاة المؤمن عليه بسبب فيروس كورونا (الفيروس التاجي) سيحصلون على مبلغ التأمين كتعويض عن الوفاة.[4]

تطوير منتجات التأمين
منذ عقود طويلة تتعامل الشركة مع منتجات تأمين تقليدية وخاصة في مجال التأمين على الحياة، وتعتمد قنوات تقليدية أيضاً في مجال توزيع هذه المنتجات.  في العادة، يمكن للشركة التي تزاول أعمال التأمين على الحياة الاكتتاب بمختلف عقود التأمين على الحياة بضمنها الحوادث الشخصية، وعقود السناهيات (المعاشات التقاعدية)، والتأمينات الصحية.

لم تتغير عقود المنتجات التي تكتتب بها الشركة إلا قليلاً، ولم تعتمد صياغة حديثة لوثائق التأمين، ولم يجرِ التفكير باستحداث منتجات جديدة جاذبة لفئات اجتماعية معينة هي الآن خارج التغطية التأمينية.

التدريب المهني
لقد صار التدريب المهني المتواصل مطلباً تؤكد عليه الهيئات الرقابية على النشاط التأميني، ذلك لأن الكوادر المدربة هي التكنولوجيا الحقيقية في صناعة التأمين.  إن التدريب المهني المستمر ضروري لامتلاك المعارف والمهارات المستجدة عالمياً في مجال التأمين.  وهو ضروري أيضاً للمساهمة في تطوير منتجات تأمينية جديدة وضمان بيعها وإدارتها على قاعدة معرفية احترافية.[5]

الاكتواري
إن لم تكن معلوماتي خاطئة فإن شركة التأمين العراقية، وهي الأكبر من حيث حجم الاكتتاب بأعمال التأمين على الحياة، لا تضم بين منتسبيها خبيراً اكتوارياً متخصصاً في رياضيات التأمين على الحياة، يساهم في التقدير "العلمي" للاحتفاظات والاحتياطيات المختلفة والاستثمارات التي تقوم بها الشركة، وكذلك رفع مستوى الاكتتاب الفني.  إن وجود مثل هذا الخبير من أصحاب المعرفة العلمية والتدريب العالي يمكن أن يُشكّل نقلة نوعية في عمل الشركة.[6]

في ظني أن مثل هذا الخبير موجود بين خريجي الجامعات العراقية في فروع العلوم الرياضية، وإن لم يكن موجوداً يمكن ابتعاث من تراه إدارة الشركة للدراسة والتدريب خارج العراق (بعد انحسار جائحة فيروس كورونا).

من المناسب هنا التذكير بأن وجود الخبير الاكتواري هو مطلب رقابي، كما جاء في المادة 78 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

المادة-78-   ثانياً-
على المؤمن المجاز بممارسة أعمال التأمين على الحياة أو أعمال التأمينات العامة التي تمتد التزاماتها تجاه حملة وثائق التأمين لأكثر من سنة أن يعين أو يعتمد خبير برياضيات التأمين مرخص خلال ستين يوماً من تاريخ منحه الاجازة، على أن يشعر الديوان خلال شهر من تاريخ تعيينه أو اعتماده مع بيان اسمه وعنوان عمله ومؤهلاته المهنية.

حسب المعلومات المتوفرة فإن الشركة وديوان التأمين لم يلتزما بتطبيق أحكام هذه المادة.

وضع جداول الوفيات
يمكن للاكتواري المساهمة في وضع جداول الوفيات (جداول الحياة).  لقد آن الأوان أن تقوم إدارة الشركة بتجديد جداول الوفيات التي تعتمدها فهذه قديمة، وهي أصلاً لم تكن قائمة على واقع معدلات المواليد والوفيات في العراق.  لقد كانت هذه الجداول هبة من إحدى شركات إعادة التأمين الأوروبية في خمسينيات القرن الماضي.  قبل أكثر من نصف قرن، كتب د. مصطفى رجب، تحت باب "المشاكل الآنية لقطاع التأمين"، عن عدم وجود جداول حياة مستقاة من خبرة السوق العراقية:

إذ أن جداول الحياة المستخدمة في العراق مستندة إلى خبرة الشركات الإنكليزية والفرنسية التي تطبق جداول مستعملة في بلدان المنطقة مع بعض التغييرات لذلك فلابد من إعداد جداول عراقية بعد وضع الأسس الفنية التي تستخدم في حساب معدلات الوفاة.[7]

إن تنظيم جداول الوفيات العراقية يمكن أن يكون مشروعاً مشتركاً بين الشركة وأصحاب الاختصاص في بعض مؤسسات الدولة وكذلك الجامعات العراقية.

التصنيف الائتماني للشركة
إن موضوع التصنيف الائتماني للشركة لم يكن غائباً عن تفكير إدارة الشركة، إذ أنها، وكذلك شركة التأمين الوطنية وشركة إعادة التأمين العراقية، بادرت إلى الحصول على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الدولية.  وقد كتبت وقتها عن أهمية التصنيف:

إن شروع شركات التأمين العامة الثلاث في الحصول على تصنيف لها من شركة/شركات متخصصة أمر محمود ومطلوب، ومتى ما حصلت على التصنيف، إن كانت درجة التصنيف جيدة، فإن ذلك سيعزز من مكانتها في سوق التأمين العراقي وفي ذات الوقت يقوي من قيمتها ومن مركزها التفاوضي مع شركات إعادة التأمين الدولية.  ومن الآثار الأخرى للتصنيف هو دفع شركات التأمين الخاصة نحو التفكير بالحصول على تصنيف لها، ذلك لأن التصنيف الجيد هو أحد أدوات التسويق، كما أن درجة التصنيف الجيدة تبعث على اطمئنان المؤمن لهم الحاليين على المكانة المالية لشركات التأمين وقدرتها على تسديد المطالبات بالتعويض وتشجع طالبي التأمين المرتقبين لإجراء تأميناتهم معها.[8]

لكن مشروع التصنيف لم يتحقق حتى الآن.  وأرى أنه من المناسب وضعه على جدول أعمال إدارة الشركة للعمل على تحقيقه بعد انفراج أزمة فيروس كورونا المستجد.

دمج شركة التأمين العراقية بشركة التأمين الوطنية
بتاريخ 22 آذار 2017 صدر قرار وزاري من وزارة المالية بدمج الشركتين، وقد انتقدت هذا القرار لتجاوزه الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون.[9]  وقبل ذلك عرضت لموضوع هيكلة الشركات العامة للدولة الذي جاء ضمن إطلاق استراتيجية تطوير القطاع الخاص في العراق 2014-2030 تحت شعار (التحول نحو القطاع الخاص ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد العراقي)، وناقشت مشروع الدمج ومآلاته بالنسبة لشركتي التأمين.[10]  ورجعت إلا مناقشة موضوع الدمج، بعد الإعلان عنه من قبل ديوان التأمين، مرة أخرى، وذكرت في ورقتي

أن لشركة التأمين العراقية موقفاً قانونياً رصيناً مناقضاً لما أعلنه ديوان التأمين بشأن البدء بإجراءات الدمج، وأن للتأمين العراقية مشروعها الخاص باستعادة تخصصها السابق في التأمين على الحياة (الذي توقف بقوة القانون عام 1988) و... أن مجلس إدارة التأمين العراقية قد تبنّى قراراً بشأن التخصص ... وأنه وجَّه كتاباً إلى وزارة المالية يفند فيه إعلان الدمج.[11]

أدعو الإدارة الجديدة للعمل على وقف دمج الشركة بشركة التأمين الوطنية، والتركيز على استعادة التخصص في أعمال التأمين على الحياة الذي ألغي سنة 1988، والشروع بإجراء الدراسات التي تدفع باتجاه التخصص وتحقيقه خلال إطار زمني مناسب.

ضمان تمثيل المرأة في مجلس إدارة الشركة
لقد احتلت المرأة العراقية مواقع متقدمة في الشركة، ومن المهم الاستمرار بهذا النهج وضمان تمثيلها في مجلس إدارة الشركة خاصة بعد أن كان حضورها قائماً لبعض الوقت.  ويتماشى هذا النهج مع الاتجاه العالمي للتمكين والشمول.[12]

دور نافع للسوق التنافسية في العراق
عندما تستعيد الشركة تخصصها في أعمال التأمين على الحياة يمكن لها أن تلعب دوراً نافعاً لصالح السوق التنافسي للتأمين في العراق، إذ يمكن لها أن تكون المُحكّم أو المرجع الفني في أعمال التأمين على الحياة.[13]  ويتأسس هذا الدور المرتقب على حقيقة أن الشركة هي الأكبر في فرع التأمين على الحياة؛ والأهم من ذلك هو امتلاكها لمعرفة وخبرة اكتتابية متراكمة في هذا الفرع يفوق ما هو موجود لدى شركات التأمين الأخرى.  لنتذكر أنها، وهي التي كانت أصلاً متخصصة في التأمين على الحياة، ساهمت في بناء فرع التأمين على الحياة في شركة التأمين الوطنية عندما ألغي تخصصها في التأمينات العامة سنة 1988 وشرعت التأمين الوطنية بمزاولة التأمين على الحياة.

إن هذا الدور لا يعني أن أسعار التأمين المعتمدة لدى الشركة ستفرض على شركات التأمين الأخرى، أو أن شروط التأمين التي تعتمدها ستكون مُلزمة لهذه الشركات.

آمل أن لا تهمل هذه الورقة كما حصل بالنسبة لورقتي التي كتبتها إبان تعيين مدير عام جديد لشركة إعادة التأمين العراقية (آب 2015).[14]    كما آمل مناقشة ما ورد فيها من أهل الاختصاص في قطاع التأمين العراقي.

23 آذار 2020



[1] يرد في سيرته الذاتية أنه من مواليد 1988، وأن اختصاصه الدقيق هو الإدارة المالية والمصرفية.  راجع:
استطعنا التعرف على عنوان اطروحته للماجستير: "أثر التصنيف الائتماني للديون السيادية في أسعار الصرف: دراسة تحليلية مقارنة" (جامعة المستنصرية، 2012).  قبل تعيينه لإدارة شركة التأمين العراقية كان يشغل موقع مدير عام دائرة المحاسبة، وزارة المالية.
[2] راجع مصباح كمال، "هل أن شركة التأمين العراقية بحاجة إلى مدير عام من خارج قطاع التأمين؟"، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

[3] ربما صدرت بيانات لم نتطلع عليها لأنها لم تخضع للنشر والتداول العام.
[4] من بين وثائق التأمين الأخرى التي يمكن أن تكون موضوعاً للتعويض بسبب فيروس كورونا وثيقة تأمين خسارة الأرباح، لكن هذه الوثيقة ليست شائعة في العراق والمطالبة بالتعويض بموجبها قضية إشكالية.
[5] للتعرف على بعض جوانب موضوع التدريب راجع: مصباح كمال، "التدريب المهني بين الجمعية والديوان: ملاحظات أولية"، مرصد التأمين العراقي: https://iraqinsurance.wordpress.com/2011/12/03/training-professional-development/
[6] للتعرف على بعض الجوانب ذات العلاقة، راجع: مصباح كمال، "الدراسة التخصصية الأكاديمية للتأمين في العراق"، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: Actuarial and Insurance Studies in Iraq وكذلك في موقع:

[7] الدكتور مصطفى رجب، التأمين في العراق: تطوره ومستقبله (بغداد: منشورات المؤسسة العامة للتأمين، 1967)، ص22.
[8] مصباح كمال، "هل هناك مشروع حقيقي لتصنيف شركات التأمين العامة في العراق؟"، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
أنظر أيضا: جريدة الصباح، 28 أيار 2018 تصنيف شركات التأمين يعزز مكانتها في السوق
[9] مصباح كمال، "قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون"، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
http://iraqieconomists.net/ar/2017/04/12/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%b2%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1/

[11] مصباح كمال، "عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين و مجلة التأمين العراقي


[12] للتعرف على بعض التفاصيل أنظر: مصباح كمال، احتفاء بالقيمة: تيسير التريكي يحاور مصباح كمال (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص 145-158.
[13] هذه الفكرة مقتبسة من سياق آخر لا علاقة له بالتأمين على الحياة ورد في كتاب:
Julius Neave, Speaking of Reinsurance (London: Kluwer Publishing, 1980), p 163.
إذ يقول ما ترجمته: "ومع ذلك، لا ينبغي إغفال أن بعض احتكارات إعادة التأمين يمكن أن تمارس سلطاتها لصالح السوق.  فبصفتها نوعًا من المحكم الفني، يجوز لها، من خلال مراقبة الشروط والأحكام الأصلية التي تقدمها شركات التأمين المباشرة ومن خلال الإصرار على التطبيق الصارم لتعرفات الأسعار، التحكم بشكل فعّال بالمنافسة المفرطة وذلك برفض تغطيتها."
[14] مصباح كمال، "مهام جديدة-قديمة أمام شركة إعادة التأمين العراقية"، مجلة التأمين العراقي


Does the Iraq Insurance Co Need an Outsider as a New Director General?


هل أن شركة التأمين العراقية بحاجة إلى مدير عام من خارج قطاع التأمين؟


مصباح كمال



مدير عام جديد لشركة التأمين العراقية العامة؟

قرأت هذا اليوم الخبر التالي:

موظفو دائرة تابعة لوزارة المالية يطردون مديرهم العام في أول يوم له بالمنصب

4 شباط 2020
بغداد اليوم-بغداد

أقدم عدد من موظفي شركة التأمين العراقية، التابعة لوزارة المالية، على طرد مديرهم العام المكلف حديثا، رشاد الدايني، في أول يوم له.

وحصلت (بغداد اليوم)، على شريط يوثق طرد موظفي شركة التأمين العراقية، لمديرهم العام المكلف حديثاً، رشاد الدايني، ومنعه من الدخول إلى البناية.

وقال مصدر لـ(بغداد اليوم)، إن "طرد الموظفين للمدير الجديد، ومنعه عن استلام مهامه، جاء بسبب تهم وملفات فساد متعلقة به". وأشار الى ان "الدايني سبق وأن تم طرده، من قبل موظفي مصرف الرشيد قبل عدة أيام للسبب ذاته."[1]

لقد كان المجتمع التأميني في بغداد يتداول خبراً غير مؤكد في تشرين الأول 2019 حول تعيين د. رشاد الدايني مديراً عاماً لشركة التأمين العراقية بالأصالة على خلفية اتهامات الفساد التي كانت توجّه له أثناء إدارته لمصرف الرشيد وإيجاد موقع ملائم له.  ويبدو أن استمراره في إدارة المصرف لم يعد ممكناً فاختارت له الطبقة السياسية أن يكون مديراً عاماً بالأصالة لشركة التأمين العراقية العامة إذ أنها فشلت في إيجاد موقع آخر له.

ولكن لماذا شركة التأمين العراقية وهي المعروفة منذ تأسيسها في بغداد في 14 تشرين الأول 1959 أن مدراءها هم من أصحاب الدراية بالتأمين.  ولفائدة القارئ أعرض أسماء المدراء، وهم من داخل قطاع التأمين.

ت
الاسم
تاريخ إشغال الموقع
1
كاظم الشربتي
15/7/1964 – 10/8/1965
2
ممتاز العمري
11/8/1965 – 7/5/1972
3
بديع أحمد السيفي
8/5/1972 – 3/3/1978
4
مجيد أحمد الياسين
4/3/1978 – 31/7/1978
5
مدحت الجراح
1/8/1978 – 21/5/1982
6
عبد الخالق رؤوف خليل
22/5/1982 – 28/10/1998
7
سالم يوحنا يوسف
29/10/1998 – 31/1/1999
8
طارق خليل إبراهيم
1/2/1999 – 30/9/2001
9
وليد خليل النعيمي[2]
1/10/2001 – 30/6/2003
10
صادق عبد الرحمن حسين
1/7/2003 – 9/1/2004
11
باسم مهدي صالح
10/1/2004 – 1/1/2007
12
صادق عبد الرحمن حسين
24/1/2007 – آب 2015
13
عباس شهيد
آب 2015 مدير عام وكالة.  أحيل على التقاعد بتاريخ 15 حزيران 2016
14
هيفاء شمعون عيسى
23 حزيران 2016 مدير عام وكالة.  عينت أيضاً بموجب الأمر الوزاري رقم 3 الصادر من وزارة المالية بتاريخ 20 آذار 2017 مديراً عاماً وكالة لشركة التأمين الوطنية
15
فائزة سلمان
عينت في تشرين الأول 2019 لتمشية الأعمال.  تشغل منصب مدير القسم المالي
16
رشاد خضير وحيد الدايني
شباط 2020. منع من دخول الشركة لبدء عمله يوم 4 شباط من قبل منتسبي الشركة

موقف منتسبي شركة التأمين العراقية من تعيين رشاد الدايني مديراً عاماً للشركة: تأملات

إن موقف موظفي وموظفات شركة التأمين العراقية يدل على شجاعة غير مسبوقة في مواجهة قرار وزارة المالية لتعيين من ينظرون إليه كفاسد.  ما يدعو إلى التساؤل والقلق هو سكوت هيئة النزاهة والادعاء العام والحكومة عموماً بما فيها وزارة المالية عن التحقيق بتهم الفساد الموجهة لرشاد الدايني (وغيره) كي تتبين الحقيقة.  لكن هذا السكوت ليس بغريب إذ أن العديد من ملفات الفساد تم تسويفها أو لم يتم فتحها بالرغم من الوعود المتكررة من قبل رؤوس السلطة المتعاقبين.

الفساد، المالي والإداري، مشكلة سياسية-اقتصادية لها آثارها السيئة على التطور الاقتصادي والنسيج الاجتماعي وعلى معنويات العاملات والعاملين في المؤسسات الرسمية.  لكنه صار صفة مميزة للطبقة السياسية الحاكمة منذ 2003.  ويمثل تعيين رشاد خضير وحيد الدايني لإدارة مصرف الرشيد وخروجه أو طرده كما جاء في الخبر أو إقالته، ومن ثم تعيينه مديراً عاماً لشركة التأمين العراقية مثالاً لدوران النخب الفاسدة أو المتهمة بالفساد.

آمل أن تكون رسالة العاملين والعاملات في شركة التأمين العراقية تنبيهاً وتحذيراً لوزارة المالية ولرئيس الوزراء والطبقة السياسية ألّا تستهين بشركات التأمين العامة وكأنها دكاكين يمكن أن تتصرف في إدارتها كما تشاء وليس كمؤسسات لها تاريخها الطويل ودورها في بناء قطاع التأمين العراقي ورفد خزينة الدولة والمساهمة في الاستثمار العيني.  وآمل أن لا تتجه الحكومة لتعيين رشاد الدايني مديراً عاماً لشركة إعادة التأمين العراقية (الشركة بدون مدير عام منذ فترة)، آتياً من خارج قطاع التأمين.  لو جرى مثل هذا التعيين فإن الموقف المطلوب ربما يكون هو ذاك الذي اتخذه العاملون والعاملات في شركة التأمين العراقية، خاصة وأن الشركة عانت من إدارات سابقة لا علاقة لها بالتأمين ولم تعمل على تطوير الشركة.

لم يشهد تاريخ التأمين العراقي احتجاجاً ورفضاً لتعيين مدير عام لشركة تأمين عامة كالذي شوهد بالتوثيق أمام بناية شركة التأمين العراقية العامة.  ترى هل أن مثل هذا الرفض كان ممكنا في غياب حركة الاحتجاج على نظام ما بعد 2003؟  لقد كسرت حركة الاحتجاج الحالية حاجز الخوف من "الدولة العميقة" ومن العسف المليشاوي وأركان الفساد.  وفقدت الطبقة السياسية الطائفية الإثنية احترام المواطنين لها لفسادها ولفشلها في إدارة وتنمية الاقتصاد العراقي.

يحمل رشاد خضير وحيد الدايني شهادة ماجستير (2010، جامعة الشرق الأوسط، عمّان) وشهادة دكتوراه (2013، جامعة النيلين، الخرطوم) تتعلقان بجوانب من العمل المصرفي، ومع ذلك فإن الشهادة الأكاديمية لم تشفع له في البقاء في منصبه في مصرف الرشيد أو تقلد موقعه الجديد في شركة التأمين العراقية.  لم يعد العاملات والعاملون في المؤسسات العامة يقيمون وزناً للشهادات الأكاديمية إذا كان أصحابها متهمون من قبل المنتسبين بالفساد الإداري أو المالي.  يبدو أن رشاد الدايني مثال على ذلك، حسب ما يرد في الأخبار.[3]  ويبدو أن الدفاع[4] عنه لم ينجح أو يلقَ قبولاً من المحتجين ضده في مصرف الرشيد وشركة التأمين العراقية.  لتبرئة ساحته فإن تحقيقاً مستقلاً ضروري إنصافاً له، وخلاف ذلك فإن إلصاق التهمة به سيظل قائماً يلاحقه أينما حلَّ.

لقد عانت شركات التأمين العامة من التدخل السياسي في بعض شؤونها.  وقد كتبت بهذا الشأن بعض المقالات.  أقتبس هنا بعض ما كتبته:

"هذه الشركات تبدو في الظاهر مستقلة في إدارة كل شؤونها إلا أن ما ينتقص من هذه الاستقلالية أنها كانت، ومنذ أواخر سبعينات القرن العشرين ولا تزال خاصة بعد سقوط الدكتاتورية في 9 نيسان 2003، عرضة لتكون أوعية لاستخدام عناصر ذو توجه سياسي معين في كادرها الوظيفي، وأداة لامتصاص البطالة بين خريجي الجامعات وعلى أسس غير فنية (حزبية وطائفية وعشائرية)، أحياناً، وتعمل بموجب قواعد للاستخدام والترقية تفتقر إلى المحفزات وتكبح الطموح والإبداع وتعظيم كفاءة الأداء ولا تعتمد على مبدأ الثواب والعقاب والشفافية والمحاسبة.  لربما تلحق هذه الملاحظة حيفاً ببعض العاملين في الشركات وهو ما لا نقصده فنحن نعرف أن المؤهلات الفنية والحرفية للعديد منهم كانت رفيعة وهم الذين ساهموا في إبقاء النشاط التأميني حياً أثناء السنوات الصعبة وهم الذين رفدوا شركات التأمين الخاصة بالعديد من الكوادر وما زال البعض مثابراً في العمل وفي إحياء النشاط التأميني رغم المعاناة الطويلة التي كانت تسم حياتهم."[5]

بودي أن أختم بإثارة سؤال لا أعرف جوابه: هل أن رفض تعيين مدير عام لشركة عامة يؤشر على تطور جديد في التفكير الإداري؟  أعني بذلك بوادر نشوء نظام إداري ديمقراطي حيث يكون للعاملات والعاملين دور رئيس في اختيار المدير؟  أما آن الأوان لاختيار مدير من داخل شركة التأمين العراقية العامة وانهاء المحاصصة الحزبية وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب؟


4-5 شباط 2020


[2] لست متأكداً من الخلفية التأمينية للدكتور وليد خليل النعيمي.
[3] قرأنا الآتي في أحد المواقع:

العشرات من الموظفين التابعين لمصرف الرشيد خرجوا بتظاهرة امام مبنى الادارة العامة للبنك المركزي في منطقة الشورجة وسط بغداد. مطالبين بضرورة ابعاد مدير المصرف بسبب تهم الفساد الموجهة اليه.

ناهيك عن تعامله بمبدأ الرشوة والمحسوبية بتمرير المعاملات اليومية التي تخص الموظفين والمراجعين على حد قولهم.

وفي خضم الحديث عن تهم الفساد كشف بعض المتظاهرين عن وثائق صادرة من هيأة النزاهة في وقت سابق تشدد على عدم تولي رشاد الدايني اي منصب. الا ان هنالك بعض الاحزاب هي التي عملت على تنصيبه مديرا لمصرف الرشيد.. رغم وجود شخصيات كفوءة قادرة على ادارة المصرف بالشكل الذي يرضي جميع الاطراف وفق المحتجين

ولوح المتظاهرون بتصعيد موقفهم واستمرارهم بالتظاهرات امام مبنى ادارة البنك المركزي في حال عدم استجابة الجهات المعنية بما طالبوا به بابعاد كل شخص متهم بالفساد من المؤسسات الحكومية وخصوصا في وزارة المالية.

[4] أنظر ما ورد في هذا الموقع:
حراك “مريب” ضد مدير الرشيد: كيف يتهم بـ”سوء الادارة” بعد يوم من تنصيبه.. وما علاقة شركة “كي كارد”؟

[5] مصباح كمال، "نظرة سريعة على بعض قضايا شركات التأمين العامة في العراق - ورقة استهلالية للنقاش" لندن، آب 2006.  [لا أتذكر مكان النشر.  نص المقالة متوفر عندي لم يرغب بقراءته]

مصباح كمال، "حول تعيين مدراء شركات التأمين العراقية العامة،" نشرت في الحوار، مجلة معهد التقدم للسياسات الإنمائية، بغداد، 2007.

مصباح كمال، "آثار إعادة المفصول السياسي إلى وظيفته في شركات التأمين،" مجلة التأمين العراقي