إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2020/11/17

Absence of Insurance in Frederick Engels Writings

 

غياب التأمين في كتابات فردريك إنجلز

 

 

مصباح كمال

 

نشرت في موقع الحزب الشيوعي العراقي

https://www.iraqicp.com/index.php/sections/platform/45524-2020-11-17-17-22-21

 

 

كانت لي محاولة سابقة في التعرّف على موقف كارل ماركس من التأمين ضمن دراسة مكانة مؤسسة التأمين لدى بعض الاقتصاديين السياسيين الكلاسيكيين.[1]  تمرُّ هذه السنة الذكرى المائتين لميلاد فردريك إنجلز (18 تشرين الثاني 1820-5 آب 1895)، رفيق ماركس، ووجدتها فرصة مناسبة للبحث عن مدى حضور التأمين في كتاباته، واستعنت بهذا الشأن بما هو متوفر في الإنترنت.

 

قد يثار السؤال لماذا هذا الاهتمام إن كان إنجلز قد كتب أو لم يكتب عن التأمين؟  لأن رفيقه ماركس كتب عن التأمين، ولأنه كان على اطلاع بكتابات ماركس لا بل أنه حرر وأعد للنشر الجزئين الثاني والثالث من رأس المال، ولأنه لم يكن بعيدًا عن عالم الصناعة والتجارة والمال.

 

عمل أنجلز لفترات متقطعة في مصنع للغزل والنسيج في مانشستر يعود لوالده وشريكه Ermen & Engels، ولكن بحثي المحدود لم يدلني على معلومات تفيد بأن إنجلز أشار إلى تأمين هذا المصنع من عدمه.  كما أن كتابه حالة الطبقة العاملة في انجلترا  The Condition of the Working Class in England الذي كتبه سنة 1844 (نشرت ترجمته الإنجليزية سنة 1892) لم يضم إشارة للتأمين، كذلك كتبه الأخرى، ولم يتسنَ لي الاطلاع على رسائله التي ربما تأتي على ذكر التأمين.  وليس هذا مستغربًا في زمن لم يكن يعرف بعد تحديدًا لساعات العمل، والحق في الإضراب، وأي تأمين من إصابات العمل والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي والتقاعد والسكن اللائق، والمنافع الأخرى المرتبطة بدولة الرفاه الحديثة.

 

أفترض بأن إنجلز كان على علم بمؤسسة التأمين إلا أنه لم يعرها اهتمامًا في كتاباته.  هذا الافتراض يجد تأييدًا له في رسالة له مرسلة من لندن تحمل تاريخ 2-3 تشرين الثاني 1882 إلى إدوارد برنشتين (1850-1932) حيث كتب

 

[استلمت] من [أوغست] بيبل [1840-1913] مشروع قانون الحوادث والتأمين الصحي لسنة 1882، ولكن ليس القانون السابق الذي يمثل اشتراكية بسماركية حقيقية، الخالية من الانقسامات البرلمانية.  أود جدًا الحصول عليه، ربما، إلى جانب أمور أخرى تتعلق ببنك التأمين من الحوادث؛ فبدونه لا أستطيع فعل شيء.[2]

 

يدلّ هذا المقتطف من رسالته أنه كان متابعًا للتشريعات الألمانية في مجال الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وتعويض إصابات العمل.  وقد كتبت في سياق آخر أن

 

الأمير أوتو فون بسمارك (1815-1898) مستشار ألمانيا قد دشن إدخال الأشكال الأولى للضمان الاجتماعي سنة 1884.  وكان ذلك بعد انتخاب عدد من أعضاء الحزب الاجتماعي الديمقراطي كنواب في الرايخشتاغ الألماني وشيوع الأفكار الاشتراكية والتزايد المستمر في عضوية الحزب.  كانت سياسة الإصلاح الاجتماعي الذي تبعه بسمارك، بعد فترة قمع قانوني شرس للحركة الاشتراكية سنة 1878، محاولة ناجحة لإرضاء بعض مطالب الطبقة العاملة وكبح تطور الفكر والحركة الاشتراكية.  وما ساعده في ذلك وجود مدرسة "اشتراكية الدولة" التي كانت تنادي بدور اجتماعي موسع للدولة وخاصة تجاه الطبقة العاملة والفئات الفقيرة والمحتاجة ومن مفكريها الاقتصادي يوهان كارل رودبيرتس (1805-1875).  وقد شمل نظام التأمين الاجتماعي الألماني التأمين ضد المرض والتأمين ضد حوادث العمل، والتأمين ضد العجز والشيخوخة.  وأدخلت تشريعات لاحقة للتأمين الطبي الخاص بالأمومة، والتأمين ضد البطالة (1929).[3]

 

وتجد معرفة إنجلز بالتأمين ما يؤيدها من خلال مساعداته المالية لماركس وعائلته.  نقرأ في سيرة إنجلز أنه كان يساعد في إطفاء ما كان يقترضه ماركس من شركات التأمين.  ففي سنة 1867 اقترض ماركس مبلغ 167 جنيه استرليني من شركة تأمين وقام إنجلز بإطفاء هذا الدين.[4]  ونقرأ في كتاب حول سيرة ماركس أن إنجلز اقترح على ماركس للخروج من ضائقته المالية أخذ قرض من شركة تأمين.[5]  ونقرأ في نفس الكتاب أن إنجلز كان أشبه ما يكون بعميل سري يعمل وراء خطوط العدو، ويرسل لماركس ما أسماها الكاتب بتفاصيل سرية حول تجارة القطن، وملاحظات حول حالة الأسواق الدولية من موقف الخبير العالم.[6]

 

إن سكوت إنجلز مقارنة بغزارة ما كتبه رفيقه ماركس عن التأمين يبدو مستغربًا فقد كان إنجلز صاحب اهتمامات مختلفة وفي مجالات عديدة، وعلى معرفة وثيقة بالصناعة، والتجارة الدولية، والاستثمار في الأوراق المالية.[7]

 

آمل أن تفتح هذه المقالة القصيرة شهية المهتمين لبحث الموضوع، وأتمنى على من هم أعرف بكتابات إنجلز تنبيهي إلى ما يرد فيها من إشارات إلى التأمين لإكمال النقص في هذه المقالة.

 

12 تشرين الثاني 2020

 



[1] نشرت الدراسة أصلًا تحت عنوان "استخدام التأمين في الكتابات الاقتصادية الكلاسيكية: آدم سميث وكارل ماركس" الثقافة الجديدة، العدد 340-341، 2010، ص26-37.  وقمت بعد ذلك بتوسيعها لتكون فصلًا بعنوان "كارل ماركس والتأمين" في كتابي المعروض الآن للنشر تحت عنوان التأمين في الاقتصاد السياسي الكلاسيكي، وهو عنوان مفرط في الطموح.

[3] مصباح كمال، الاحزاب العراقية والتأمين: قراءة أولية في موضوعة حضور وغياب التأمين: الحزب الشيوعي العراقي نموذجاً (مكتبة التأمين العراقي، 2016)، ص 22.

الكتاب متوفر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2016/09/Iraqi-Political-Parties-and-Insurance-The-Communist-Party-as-a-Model.pdf

 

[5] Francis Wheen, Karl Marx (London: Fourth Estate, 1999), p 185.

لم يذكر المؤلف تفاصيل ترتيب هذا القرض من A People’s Provident Assurance Society

[6] Wheen, op. cit., p 160.

 

2020/11/04

Critique of Reforming Iraq's Insurance Sector

 

في نقد خطة إصلاح قطاع التأمين في الورقة البيضاء

 

 

مصباح كمال

 

نشرت أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2020/11/03/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%82%d8%af-%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%82%d8%b7%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85/

 

مقدمة

 

بعد انتظار طويل تقدمت الحكومة العراقية بمشروع لإصلاح قطاع التأمين من خلال الورقة البيضاء (تشرين الأول 2020).

 

بين الحين والآخر كنا نقرأ خلال السنوات الماضية تصريحات من مصادر مختلفة بأن الحكومة تعمل على تعديل قوانين التأمين وإعادة هيكلة قطاع التأمين.  وقد رحبنا غير مرّة بذكر التأمين في برامج حكومات ما بعد 2003 وحتى دون معرفتنا بالتفاصيل لقناعتنا بأنها تؤشر على اهتمام رسمي بموضوع التأمين.  لكن ترجمة هذه التصريحات في دراسات ظلت وما تزال حبيسة لدى مستشارية رئاسة الوزراء واللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء.  هناك، حسب علمي، استثناء بسيط ظهرت بعض ملامحه في ورقة نشرها د. عبد الحسين العنبكي.[1]

 

تتوزع الإصلاحات المقترحة لقطاع التأمين على الصفحات 57-58 وتحت العنوان الفرعي ب. قطاع التأمين، ضمن المحور الثاني لإصلاح النظام المصرفي وقطاع التأمين.  سنقتبس النص الكامل للمقترحات ونقوم بالتعليق على كل واحد منها لتسهيل متابعة القارئ للاقتباس والتعليق.

 

الأهداف في خطة إصلاح قطاع التأمين

 

رسمت خلية الطوارئ الأهداف الثلاثة التالية:

 

§      تطوير قطاع التأمين بما يضمن تحقيق بيئة مستقرة للاقتصاد

 

يفترض كُتّاب خطة الإصلاح أن القارئ على دراية بدور قطاع التأمين في تحقيق بيئة مستقرة للاقتصاد الوطني، ولذلك لم يقدموا شرحًا ولو بسيطًا لهذا الدور.  نعرف بأن عناصر الإنتاج الأساسية هي الأرض والعمل ورأس المال، كما تعلمنا في كتب الاقتصاد المدرسية.  ونعرف بأن التأمين يُصنّف ضمن قطاع الخدمات، وهو بهذا المعنى تابع للإنتاج وليس مُولّدًا له.  لكننا نعرف من التجربة التاريخية ومن ممارسات أصحاب رأس المال في الدول المتقدمة أن الإقدام على الإنتاج لا يتم بدون توفير حماية التأمين.[2]  ونعرف أن المؤسسات المالية الدولية تشترط في قروضها قيام المستفيد من القرض شراء عدد من وثائق التأمين.

 

أرى أن خطة الإصلاح تطلب من قطاع التأمين، حتى بعد تطويره، أن يساهم في ضمان بيئة مستقرة للاقتصاد، وهو مطلب يتجاوز إمكانيات قطاع التأمين.  إن قطاع التأمين يزدهر عندما يكون الاقتصاد مستقرًا وليس العكس.  إن الدور المتوقع من القطاع هو الاستجابة للخسائر المترتبة على الكوارث الطبيعية والأخطار البشرية وتلك الناشئة من ديناميكية الصناعة التي تلحق بالممتلكات، وخسارة الأرباح المترتبة على توقف العمل، والمسؤوليات القانونية الناشئة عنها والمؤمن عليها للتعويض من الخسائر.  الشرط هنا وجود تأمين يغطي الممتلكات وتوقف العمل والمسؤوليات.  والمثال الشاهد على ذلك هو القضية القانونية التي أثيرت في بريطانيا وغيرها من الدول حول تعويض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بسبب أو نتيجة لجائحة كوفيد-19.

 

إن هذا الاجتهاد ربما لا يتطابق مع هدف "تحقيق بيئة مستقرة للاقتصاد" وعلى خلية الطوارئ مَفصَلة وتوضيح المُراد من هذا الهدف، لتسهيل تحقيقه.

 

§      زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي

 

هنا أيضًا، يفترض كتاب خطة الإصلاح أن القارئ على دراية بمعرفة المفهوم الذي يختفي وراء هذا الهدف.  كان يكفي مجرد الإشارة، في المتن أو الهامش، أن المراد هو تعظيم ما يعرف بمؤشر التغلغل التأميني insurance penetration الذي يستخدم لقياس نسبة دخل أقساط التأمين المكتتبة إلى الناتج المحلي الإجمالي gross domestic product، وهو يبيّن مكانة التأمين في الاقتصاد الوطني وتطور نشاط التأمين مقارنة بتطور الاقتصاد الوطني ككل.

 

وكذلك الإشارة إلى ما يُعرف بمؤشر الكثافة التأمينية insurance density لرصد إنفاق الفرد على شراء الحماية التأمينية، ويعبّر عن إجمالي أقساط التأمين المتحقق في البلد منسوباً إلى عدد السكان.  وبفضل هذا المؤشر يمكن قياس حجم الطلب على التأمين في الاقتصاد الوطني.

 

§      زيادة إقبال الافراد والمؤسسات على التأمين

 

المراد من هذا الهدف هو رفع مستوى الكثافة التأمينية.  إن النقطة الأساسية الكامنة وراء هذا الهدف هو الطلب على التأمين، والسؤال المرتبط به: لماذا كان الطلب على التأمين، تاريخيًا، ضعيفًا في العراق وخاصة الطلب الفردي، تمييزًا له عن طلب الشركات/المؤسسات؟  بعض الوسائل المقترحة لإصلاح القطاع تصبُّ في تحقيق هذا الهدف، ومنها: "إفساح المجال أمام شركات التأمين العراقية لتوسيع خدماتها في العراق" (المقترح (1)، و"إلزام مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية بتوفير التغطية التأمينية" (المقترح 8).

 

الوسائل المقترحة لإصلاح قطاع التأمين

 

جاء في الورقة البيضاء أن خطة إصلاح قطاع التأمين يهدف الى "تطوير قطاع التأمين بما يضمن تحقيق بيئة مستقرة للاقتصاد، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة إقبال الافراد والمؤسسات على التأمين"، وذلك من خلال ثمانية وسائل نقتبسها حرفيًا بتسلسلها متبوعًا بتعليقنا:

 

1.     إفساح المجال أمام شركات التأمين العراقية لتوسيع خدماتها في العراق، عن طريق وضع مخصصات للشركات العاملة في هذا المجال للاستفادة من شركات التأمين العراقية لتغطية التأمين على الأصول في العراق، وذلك من خلال تعديل التشريعات ذات الصلة.

 

هل المجال مُغلق أمام شركات التأمين العراقية لتوسيع خدماتها؟  في ظني أن كُتّاب مشروع إصلاح قطاع التأمين لم يبحثوا ماذا يختفي وراء الأبواب المغلقة التي لا تستطيع شركات التأمين ولوجها.  لو كانوا حقًا قد قاموا بالبحث لكانوا اكتشفوا كيف أن نشاط التأمين يعكس الواقع الاقتصادي الاجتماعي للعراق، وأن تاريخ التأمين لا يمكن أن يُدرس دون ربطه بالتاريخ الاقتصادي للعراق، وكذلك التشريعات المنظمة للنشاط التأميني.  وهذه لا تنشأ في الفراغ وإنما تجئ متزامنة مع التوجهات الاقتصادية والإيديولوجية المهيمنة.

 

هناك ارتباك في صياغة هذا المقترح في ربط إفساح المجال أمام شركات التأمين و"وضع مخصصات للشركات العاملة في هذا المجال."  من هي هذا الشركات؟  كتاب هذا المقترح أرادو بهذه الشركات تلك الشركات التي لا تشتري التأمين وعليها وضع مخصصات لشراء التأمين في ميزانياتها لكن القدرة التعبيرية ربما خانتهم.

 

ولا يشير المقترح إلى آلية تنفيذه من خلال جعل التأمين على بعض الأخطار التي تتعرض لها الشركات إلزاميًا، كما هو الحال في العديد من الدول، وكما نقرأ في المقترح 8 حول "إلزام مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية بتوفير التغطية التأمينية، ومن ذلك الجهات المشغلة للمحولات الكهربائية، ومحطات الوقود ..."

 

إن لم يكن الإلزام مُستحبًا لأنه يتعارض من مفاهيم الليبرالية الجديدة وعدم تدخّل الدولة في قرارات الكيانات الاقتصادية، فهل خطر على بال كتاب المقترح أن يدفعوا الشركات، الخاصة والعامة، على شراء الحماية التأمينية من خلال إشاعة مفاهيم إدارة الخطر، وإقناع الشركات باستيعاب هذه المفاهيم وتطبيقها بحيث يكون التأمين واحدًا من الأدوات المستخدمة في إدارة الخطر.[3]

 

هناك ارتباك في الصياغة يتجلّى في نهاية المقترح حيث نقرأ الدعوة غير المكتملة "لتغطية التأمين على الأصول في العراق، وذلك من خلال تعديل التشريعات ذات الصلة."  ما هي التشريعات القائمة التي تُنظم وتُلزم الشركات بشراء التأمين وتحتاج إلى تعديل؟  تُرى هل أن هذا المقترح ترجمة ناقصة لنص مكتوب باللغة الإنجليزية؟  إن جانبًا من هذا الموضوع يتعلق بتأمين المشاريع الحكومية لدى شركات تأمين عراقية.  في رسالة لي للدكتور بارق شبر بتاريخ 27 حزيران 2017 تعقيبًا على ما جاء في منتدى حواري على الواتساب (لستُ مشاركًا فيه) حول تفعيل دور شركات التأمين العراقية في تأمين المشاريع الحكومية، كتبتُ الآتي:

 

"الموضوع المُثار هنا يتجاوز التأمين لدى شركات التأمين العراقية من قبل الوزارات، والشركات الأجنبية وغيرها.  وقد جاء هذا التجاوز إما جهلاً، أو لأن عقود الوزارات لا تضم فقرة عن التأمين إطلاقاً، أو تترك حرية إجراء التأمين للمقاول (كما هو الحال في قانون الاستثمار)، أو بفضل سكوت قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 بإلزام طالبي التأمين، عراقيين وأجانب، التأمين مع شركة تأمين مسجلة في العراق ومرخصة بالعمل من قبل ديوان التأمين العراقي.  لقد وفَّر هذا القانون الغطاء القانوني للتأمين لدى شركات تأمين غير عراقية.  فقد ورد في المادة 81 (أولاً) من القانون ما يلي: "لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك."

 

وحسب علمنا لم ينص القانون بغير ذلك.

 

لقد تناولتُ هذا الموضوع في بعض فصول كتابي قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)."

 

2.     تعيين مستشار خارجي لإعداد مخطط هيكلي لشركات التأمين الحكومية، ورفع المستوى الفني للكوادر العاملة، وتنشيط الوعي التأميني لدى الجمهور، واعداد دراسة جدوى لشبكة فروع الشركات.

 

يتضمن هذا المقترح أربعة محاور أُقحمت مع بعضها إذ اختلط الجانب التنظيمي (مخطط هيكلي وجدوى شبكة فروع الشركات) مع أمور أخرى (رفع المستوى الفني للكوادر والوعي التأميني لدى الجمهور) نعرضها كما يلي:

 

-      تعيين مستشار خارجي لإعداد مخطط هيكلي لشركات التأمين الحكومية

 

إن فكرة "تعيين مستشار خارجي لإعداد مخطط هيكلي لشركات التأمين الحكومية" ليست جديدة فقد جاءت مع الاحتلال الأمريكي سنة 2003 عندما استخدمت سلطة الائتلاف الموقتة خبيرًا بريطانيًا C R Weatherley لإعادة هيكلة شركات التأمين العامة تمهيدًا لخصخصتها خلال فترة قصيرة (بضعة شهور) وفق نظام العلاج بالصدمة.[4]  وقد تبنّى البنك الدولي مشروع إعادة هيكلة شركات التأمين في تقريره الذي يحمل العنوان البريء القطاع المالي العراقي (البنك الدولي، نيويورك، 2011).[5]

 

ضبابية "إعداد مخطط هيكلي لشركات التأمين الحكومية" تؤشر على وجود مشروعٍ ما يتحدد فيه مصير الشركات الحكومية التي لم تسميها الورقة البيضاء، وهي شركة التأمين الوطنية (1950)، شركة التأمين العراقية (1959) وشركة إعادة التأمين العراقية (1960).  وهي شركات تابعة لوزارة المالية، ولا يُعرف عنها أنها شكلت عبئًا على ميزانية الدولة، فهي شركات ذاتية التمويل، وهي مصدر للضرائب والرسوم وتشغيل مئات الموظفين.  فما المُراد من المخطط الهيكلي؟  أهي الخصخصة، أم دمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية،[6] أم تصفية شركة إعادة التأمين العراقية؟

-      رفع المستوى الفني للكوادر العاملة

هذا مطلب مهم ينطبق على شركات التأمين الحكومية والخاصة على حد سواء، فجميع هذه الشركات بحاجة إلى رفع مستوى الكوادر الفنية في الاكتتاب والتعويض وإعادة التأمين والاستثمار.

 

كانت لي وقفة مع هذا الموضوع قبل ما يقرب من عقد.  فقد كتبت أنه حسب المعلومات المتوفرة لا يوجد في الوقت الحاضر سياسة تدريبية واضحة لدى جمعية التأمين العراقية أو ديوان التأمين مُلزمة للقطاع، ولم يتقدم الديوان منذ تأسيسه ببرنامج للتدريب.  "نعم هناك دورات تدريبية تقوم بها الجمعية أو إحدى الشركات، وهناك المشاركة في ندوة أو ورشة في الخارج إلا أن هذه تتم من موقف الاستفادة مما هو متوفر وليس تنفيذاً للمتطلبات الرقابية وتقتصر على العناصر الشابة الجديدة العاملة في القطاع.  ولا نعرف إن كانت الدورات التدريبية تشمل المتمرسين لإحاطتهم بمستجدات المعرفة التأمينية والمنتجات المستحدثة.  كما لا نعرف إن كان هناك تصور، دونكم سياسة واضحة، بشأن التطوير المهني المستمر continuous professional development وهو نشاط يخضع للرقابة في أسواق التأمين المتقدمة."[7]

 

المطلوب من خلية الطوارئ وضع خطة تفصيلية لرفع المستوى الفني للكوادر العاملة في القطاع بشكل عام وليس في شركات التأمين العامة إذ أن شركات التأمين الخاصة تعاني من نقص في الكوادر الفنية المتمرسة.

 

-      تنشيط الوعي التأميني لدى الجمهور

ترد مسألة الوعي التأميني كلما جرى حديث عن أوضاع قطاع التأمين.  هذه المسألة لم تخضع للبحث، وما كتب عنها فيها تتسم بالعمومية، فتارة يُلام الجمهور على ضعف أو غياب الوعي لديه، وتارة تُلام شركات التأمين على عدم قيامها بدورها في إشاعة أهمية التأمين.

 

لماذا هذا التأكيد على تنشيط الوعي التأميني، وكأن هذا الوعي في حالة سبات؟  مهما تطور مستوى الوعي بالتأمين فإنه لا يؤدي بالضرورة إلى زيادة الطلب الفعّال على الحماية التأمينية.  يعني هذا أن الوعي يبقى محصوراً على مستوى الفكر (مثلًا، يتعلم طالب الجامعة عن التأمين وأهميته للأفراد والأسر والاقتصاد الوطني دون أن يترجم مثل هذا الوعي نفسه في شراء وثيقة/وثائق للتأمين).  يعني هذا إن المطلوب هو الكشف عن أصول تخلّف/عدم تطور الطلب على التأمين في البناء المادي للاقتصاد، وفي توزيع الدخول، وفي القوانين المُنظمة للطلب على التأمين.  وهو يعني أيضًا التفكير بأطروحة ثقافة التأمين الغائبة، وهي المرتبطة بالتدبر للمستقبل والتحوط من الأخطار المحيطة بالأفراد والمؤسسات بدلًا من التواكل على حماية سماوية.  إن المُلاحظ هو تشظّي الوعي الاجتماعي بين الديني (الذي يحصره البعض بالتواكل) والتقليدي القبلي (التعاضد في الملمات واستخدام التسوية العشائرية في حال النزاع، كما في أضرار السيارات) والعلمي غير المتجذر بعد (اعتبار الخطر جزءاً من البيئة التي نتحرك ونعمل فيها ولنا في علوم الإحصاء والرياضيات وأدوات إدارة الخطر وسائل للتعايش مع الخطر ورده أو الحماية من آثاره من خلال مؤسسة التأمين).

 

-      إعداد دراسة جدوى لشبكة فروع الشركات [الحكومية]

من المعروف أن شركات التأمين تلجأ إلى تأسيس فروع لها بهدف الوصول إلى المؤمن لهم المرتقبين من الأفراد والشركات في أماكن وجودهم.  في العادة، تُدرس الجدوى الاقتصادية لتأسيس الفروع قبل الإقدام على التأسيس.  وقد كانت شركة التأمين الوطنية قبل 2003 هي الأكثر نشاطًا في توسيع حضورها في العاصمة بغداد وفي جميع المحافظات وكذلك المنافذ الحدودية (فيما يخص التأمين على السيارات).

 

من رأينا إن المضمر في دراسة جدوى وجود شبكة فروع للشركتين الحكوميتين (التأمين الوطنية والتأمين العراقية) هو إعادة النظر بوجود فروع للشركتين.  ترى هل أن هذه الدراسة هي استجابة لإدخال التعامل الإلكتروني الآخذ بالتطور في العراق ولكن ببطء؛ أي إمكانية شراء التأمين، وخاصة وثائق التأمين النمطية، من خلال منصات إلكترونية بدلًا من فروع ومكاتب موزعة على المحافظات، أم أن هناك سبب آخر؟  في المقترح (4) تدعو خلية الطوارئ إلى "تضمين قطاع التأمين الإلكتروني تدريجياً" لكن لغة هذا المقترح ليست واضحة: ما هو المُراد من التضمين؟

 

هل أن هذه الدراسة لها علاقة بمقترح "تعيين مستشار خارجي لإعداد مخطط هيكلي لشركات التأمين الحكومية"؟

 

3.     زيادة السقوف التأمينية التي تمكن شركات التأمين من تغطية المشاريع الاقتصادية الكبيرة، وضمان حصول الشركات الأجنبية العاملة في العراق على التغطية التأمينية من الشركات العراقية، وقيام ديوان التأمين بتحليل رأسمال الشركات للعمل معها على زيادته تدريجيا.

 

لا شك أن حجم رأسمال شركة التأمين يقرر، نظريًا، قدرة شركة التأمين على الاكتتاب بالأخطار إلى حدود معينة تتناسب وهذا الحجم والاحتياطيات الحرة المتراكمة لديها.  لكن المعروف أن شركة التأمين لا تعتمد فقط على رأس المال والموارد المالية الأخرى المتوفرة لديها بل تلجأ إلى حماية إعادة التأمين.  هذا ما كانت تعمل به شركة التأمين الوطنية قبل 2003 عندما كانت تغطي المشاريع الإنشائية والصناعية الكبيرة (كانت الشركة الوحيدة التي تكتتب بالتأمينات العامة).

 

إن حجم الأخطار لم يُشكّل مشكلة فنية لشركة التأمين لأنها كانت تمتلك الوسائل المناسبة لتسعير الأخطار ووضع شروط التأمين اعتماداً على مواردها الداخلية (مهندسين ومكتتبين) وعند استنفاد ذلك وإن تطلب الأمر (تعقيد محل التأمين وجسامة مبلغ التأمين، على سبيل المثل)، فإنها تلجأ إلى التعاون مع أسواق إعادة التأمين العالمية إما بالاتصال المباشر أو من خلال وسطاء محترفين لإعادة التأمين.  ومن تجربتي كان ذلك يتم في سوق لندن في معظم الحالات.[8]

 

صحيح إن الإمكانيات الفنية لشركات التأمين العامة والخاصة لا ترتقي في الوقت الحاضر إلى ما كانت عليه في الماضي، لكنها تستطيع التعامل مع تأمين المشاريع الكبيرة باللجوء إلى شركات إعادة التأمين العالمية إما مباشرة أو من خلال وسطاء إعادة التأمين.

 

الدعوة في هذا المقترح إلى قيام ديوان التأمين بتحليل رأسمال الشركات للعمل معها على زيادته تدريجيًا دعوة معقولة شريطة تحديد فترة زمنية لتنفيذ الزيادة.  ولكن إذا كان المطلوب قيام شركات تأمين كبيرة فمن الأفضل قيام ديوان التأمين بإصدار تعليمات لرفع رأسمال شركات التأمين خلال فترة سنة أو سنتين، مع فتح الباب أمام شركات التأمين الصغيرة للاندماج كي تستطيع الامتثال للرأسمال الجديد العالي وإلا عليها أن تصفي أعمالها.  وهذا إجراء لجأت إليه العديد من أسواق التأمين.  إن سوق التأمين العراقي لا يحتاج إلى ما يزيد عن 30 شركة تتقاسم فيما بينها كعكة التأمين الصغيرة.

 

4.     تطوير المنتجات التأمينية الحالية، وإضافة أخرى جديدة لتوسيع القطاع، وتحسين التحليل التأميني لمختلف الشركات والسكان، وتضمين قطاع التأمين الإلكتروني تدريجياً.

 

لا يمكن تطوير تأمين المنتجات التأمينية ما لم يكن هناك طلبٌ فعّال على هذه المنتجات.  يمكن البدء بتحسين هذه المنتجات لغويًا والتخلص من عيوب الصياغة فيها[9] بالتزامن مع دراسة إدخال بعض المنتجات الجديدة.  إن إضافة منتجات تأمينية جديدة يجب أن يقترن بتدريب مُكثف عليها من ناحية الاكتتاب والتعويض وإعادة التأمين، وكذلك تسويق هذه المنتجات.

 

يتضمن هذا الاقتراح الدعوة إلى "تحسين التحليل التأميني لمختلف الشركات" وليس واضحًا ماذا ترمي إليه هذه الدعوة، ومن هي الجهة التي تقوم بالتحليل.  أهي شركات التأمين أم مدراء الخطر والتأمين في الشركات الصناعية والتجارية وغيرها (وهؤلاء لا وجود حقيقي لهم في هذه الشركات).  هل أن هناك حقًا تحليل تأميني لدى شركات التأمين والشركات الأخرى الطالبة لحماية التأمين وأن هذا التحليل بحاجة إلى تحسين؟

 

من المعروف أن شركات التأمين تقوم بتحليل جوانب عديدة لممتلكات الشركة التي تقوم بالتأمين عليها وما تتعرض لها من أخطار داخلية وخارجية في موقع هذه الممتلكات من خلال الكشف الهندسي الميداني، وكذلك تحليل حسابات الشركة في حال التأمين على خسارة الأعمال (توقف الأعمال)، وتقدير الخسارة القصوى التي يمكن أن تتعرض لها هذه الممتلكات وغيرها.

 

التحليل التأميني للسكان دعوة جيدة، وهي ضرورية في تأمينات الحياة وكذلك التأمينات الصحية وتأمينات المعاش التقاعدي.  قطاع التأمين العراقي مُقصّر من هذه الناحية وحتى أن القطاع بجميع شركاته لا يضم خبراء اكتواريين.  كان بالأحرى أن تدعو خلية الطوارئ إلى إدخال الخبرات الاكتوارية إلى شركات التأمين.[10]

 

العنصر الثالث في هذا المقترح هو "تضمين قطاع التأمين الإلكتروني تدريجياً."  أظن أن هذا العنصر مترجم من الإنجليزية إذ أنه ليس واضحًا إن كان المُراد هو إخضاع العمليات التأمينية داخل شركات التأمين إلى المعالجة الإلكترونية، أو التأمين على الأخطار الإلكترونية (السِبرانية).  على أي حال، إن خلية الطوارئ مدعوة لتوضيح ما تبغيه.

 

5.     تحسين إدارة الاستثمار من خلال فهم السندات الاستثمارية الحقيقية لشركات التأمين، وتوظيف الأموال من خلال زيادة الاستثمار في مختلف المشاريع، وفي أسواق المال الأجنبية تماشياً مع أفضل الممارسات العالمية، مقابل تقليل الودائع المصرفية بشكل تدريجي.

 

إن تحسين إدارة الاستثمار مطلب مهم خاصة وأن أغلب شركات التأمين العراقية لا تضم إدارة متخصصة بالاستثمار.

 

أما زيادة الاستثمار في مختلف المشاريع فهي دعوة تنطوي على مخاطر لأنها تغض النظر عن طبيعة "الإنتاج" في التأمين الذي لا يتحقق، عند إبرام عقد التأمين وإصدار وثيقة التأمين بل عند التعويض من خسارة أو ضرر، أي أن الإنتاج ليس آنيًا كما في إنتاج السلع المادية التي قد تستهلك وقت الشراء في حين أن وثيقة التأمين قد لا "تستهلك" خلال مدة عقد التأمين أو "تستهلك" بفعل وقوع خسارة قابلة للتعويض.

 

من المعروف أن شركات التأمين تميل، على العموم، إلى سياسة محافظة في الاستثمار للحفاظ على درجة من السيولة النقدية تستطيع بفضلها تسديد المطالبات بالتعويض.  وبالنسبة لشركات التأمين العراقية فإنني أزعم ان استثمارها يقتصر على شراء الأسهم في بعض الشركات الصناعية القائمة.  والاستثمار الأكثر شيوعًا هو في مجال العقارات.

 

أما الدعوة إلى الاستثمار في أسواق المال الأجنبية تماشياً مع أفضل الممارسات العالمية، فهي دعوة لا تأخذ بنظر الاعتبار واقع شركات التأمين العراقية المتمثل بغياب إدارات استثمار متخصصة في هذه الشركات، وعدم توفر خبرة حقيقية سابقة في الاستثمار في أسواق المال الأجنبية.  إن الاستثمار في أسواق المال الأجنبية التي تقوم على المضاربة والمنتجات المالية المشتقة والأدوات المالية الأخرى تتميز بالاضطراب وتتعرض للأزمات كما حصل سنة 2007 أدت إلى تدخل الحكومات، في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية مثلًا، لإنقاذ بعض المؤسسات وشركات التأمين الضخمة وتجنيبها من الإفلاس والتصفية.  إن الاستثمار في أسواق التأمين الأجنبية دعوة مُضللة ربما تكون مُستلة من توصيات بعض المؤسسات الدولية المالية الغبية.

 

والدعوة إلى استبدال الودائع المصرفية بشكل تدريجي بالاستثمار في أسواق المال الأجنبية هي الأخرى دعوة غبية نابعة من مصدر أجنبي لا تأخذ بعين الاعتبار القواعد الرقابية الخاصة بالملاءة المالية لشركات التأمين وضرورة الاحتفاظ بسيولة تتناسب مع التزاماتها التعاقدية.[11]

 

6.     وضع ضوابط تنظم الحصول على وثيقة التأمين في حالات عقود الايجار والبيع للعقارات (التجارية فقط)، والاستيرادات، والقروض السكنية والصناعية، وقروض السيارات، والتأمين الصحي في القطاعين العام والخاص، والسماح للقطاع بتغطية القروض والتسهيلات المصرفية.

 

توحي الدعوة في هذا المقترح بوجود فوضى في الحصول على وثائق تأمين معينة.

 

أستغرب هذا الانشغال التفصيلي بأنواع معينة من وثائق التأمين دون غيرها ومنها على سبيل المثل فقط التأمين من الحريق، والتأمين الهندسي على المشاريع الإنشائية، وتأمين المسؤوليات القانونية.  وإذا كان "وضع ضوابط تنظم الحصول على وثيقة التأمين في حالات عقود الايجار والبيع للعقارات (التجارية فقط)" يبدو جديدًا فلِمَ لَمْ تجري الإشارة إلى أنواع أخرى جديدة، بالنسبة لسوق التأمين العراقي، من أغطية التأمين مثل تأمين المسؤولية العشرية، وتأمين الأخطار السيبرانية، وتأمين مسؤولية المدراء، وتأمين تأمين الضمان والتعويض (Warranty and Indemnity) لحماية البائع والمشتري عند إجراء معاملات الاندماج والاستحواذ؟

 

7      استحداث أحكام للبنوك، بالتعاون مع البنك المركزي العراقي والجمعية المصرفية العراقية الخاصة، لتزويد شركات التأمين بالخدمات المصرفية التي تقدمها.

 

أليس مستغربًا استحداث أحكام للبنوك "لتزويد شركات التأمين بالخدمات المصرفية التي تقدمها."  هل هناك تشوش في ذهن من قام بصياغة هذه الفقرة واستغباء لشركات التأمين لأنها لا تعرف ما تقدمه البنوك من خدمات مصرفية؟  ربما أراد كتاب هذه الفقرة إشاعة فكرة التأمين عبر المصارف bancassurance لكنهم لم يستطيعوا التعبير عنها.  والتأمين عبر المصارف، الذي دشن أولًا في فرنسا، ما هو إلا وسيلة/قناة لتوزيع المُنتَج التأميني إضافة إلى قنوات التوزيع التقليدية: البيع المباشر من قبل شركات التأمين أو البيع من خلال وكلاء للشركات أو وسطاء التأمين.

 

اعتقد إن فكرة التأمين عبر المصارف تختفي وراء هذه الفقرة بدليل أن استحداث أحكام للبنوك في هذا المجال يتم "بالتعاون مع البنك المركزي والجمعية المصرفية العراقية الخاصة."  التعاون هنا مقصور على البنك المركزي والجمعية المصرفية العراقية الخاصة؛ ترى هل أن قناة توزيع المنتج التأميني، بفضل إصلاح قطاع التأمين، سيكون مقصورًا على البنوك الخاصة واستبعاد البنوك العامة منها؟  أهي محاولة لمحاربة البنوك العامة بالحد من نشاطها؟

 

خطة إصلاح قطاع التأمين ساكتة عن موضوع التأمين التكافلي الذي عمل البنك المركزي العراقي على إقحامه في سوق التأمين العراقي بالتعاون مع المصارف الإسلامية الخاصة (2019).[12]

 

8      إلزام مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية بتوفير التغطية التأمينية، ومن ذلك الجهات المشغلة للمحولات الكهربائية، ومحطات الوقود، والتأمين الصحي لموظفي القطاع الحكومي، والكيانات الصناعية، والسفن والبضائع المنقولة عليها، والمنشآت النفطية والمصافي، ومزارع الدواجن، والشاحنات الحاملة للمنتجات بأكثر من أربعة أطنان.

 

نلفت النظر هنا إلى اللغة الآمرة في هذه الفقرة: "إلزام مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية بتوفير [شراء] التغطية التأمينية."

 

السؤال الذي يثور هنا هو: هل سيقترن إلزامية شراء التأمين بإصدار تشريع محدد؟  أم يظل الإلزام مطلبًا غير قابل للتطبيق؟

 

هناك طيف واسع من أغطية (وثائق) التأمين.  إذا كان التأمين الصحي لموظفي القطاع الحكومي واضحًا، فما هو غطاء التأمين المُلزم، على سبيل المثل، للجهات المُشغلة للمحولات الكهربائية؟  أهو التأمين على ممتلكات هذه الجهات، أو المسؤولية المدنية للمشغلين تجاه الأطراف الثالثة، أو تأمين العمال لدى هذه الجهات من إصابات العمل، أو التأمين الصحي على العمال والمستخدمين الآخرين؟

 

من رأيي إن المقترح يخلط بين الفئات التي يراد منها أن تشتري حماية التأمين وبين محل التأمين.  وهذا يعكس تفكيرًا ناقصًا أو مشوشًا.

 

كتبت في دراسة لي ما يلقي بعض الضوء على موضوع هذا المقترح وأعني به:

 

"الشروع بوضع دراسات جدوى لجعل التأمين على بعض الأخطار إلزامياً بقوة القانون (كتأمين الحريق، والفيضان، ومسؤولية رب العمل، والمسؤولية العشرية)؛ أو بقوة قواعد العضوية لممارسة بعض المهن (كتأمين المسؤولية المهنية الناشئة من ممارسة المهنة كالطب والمحاماة والهندسة الاستشارية والمعمارية وغيرها).  وكذلك الدفع نحو تأمين المرافق العامة من موانئ بحرية وجوية وجسور ومباني وغيرها من المنشآت."[13]

 

من باب الختام

 

هناك نقص في الشفافية فنحن لا نعرف، إذا استثنينا الوزراء، من هم أعضاء خلية الطوارئ للتعرف على العضو المتخصص بالتأمين الذي ساهم في كتابة مقترحات إصلاح قطاع التأمين.  وعدا ذلك فإن هذه المقترحات غير مسنودة بدراسات منشورة، ولا يعرف القارئ المصادر التي اعتمدت عليه الخلية في صياغة مشروع إصلاح قطاع التأمين.

 

لمن يرغب بالتعرف على قطاع التأمين العراقي بشكل أفضل مما يرد في الورقة البيضاء، ومن موقف مغاير للاتجاه السائد لدى الحكومة ومستشاريها أنصح بقراءة ورقتي "قطاع التأمين العراقي: قضايا ومقترحات للتطوير"[14] وكذلك كراس الزميل منعم الخفاجي، نحو قطاع تأميني عراقي فعّال-تحديات وحلول.[15]

 

يلاحظ على الوسائل المقترحة السكوت المطلق على وثائق التأمين على الحياة، وهو أمر يثير التساؤل خاصة وأن فرع التأمين على الحياة يتميز ببناء الأرصدة التأمينية للمدى البعيد وهي تعتبر من المصادر المهمة في تمويل الاستثمارات.

 

خطة إصلاح قطاع التأمين ساكتة أيضًا عن تعديل القوانين المنظمة للنشاط التأميني وعلى رأسها قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المعروف بالأمر رقم 10.[16]  إن هذا القانون، والمادة 81 منه، شرَّعَ لتسريب أقساط التأمين خارج العراق وحرَّمَ شركات التأمين العراقية من حقها بالاكتتاب على الأصول المادية الموجودة في العراق والمسؤوليات القانونية الناشئة منها.  إضافة إلى ذلك فإن قانون الاستثمار الاتحادي وما يقابله في إقليم كوردستان ترك حرية التأمين على المشاريع الاستثمارية للمستثمر، فله الحق بالتأمين مع شركة تأمين أجنبية أو شركة تأمين عراقية.  وتدل التجربة أن التأمين يتمُّ في الغالب خارج العراق.

 

وكذلك سكوت الخطة عن التضارب بين قوانين التأمين: قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10) وقانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم 56 لسنة 1950.  التضارب الأساس هو بين المادة (81) من الأمر رقم (10):

 

"المادة-81-

أولاً- لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك."

 

والمادة (7) من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية:

 

"على دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ان تعهد حصرا الى الشركة بمعاملات التامين التي تجريها."[17]

 

لا تعير خطة الإصلاح اهتمامًا بموضوع تكامل قطاع التأمين العراقي إذ ليس هناك سوق وطني مشترك للتأمين، سوق فيدرالي حقيقي، فشركات التأمين العراقية لا تعمل/لا تستطيع أن تعمل في إقليم كوردستان.  مثلما لا تعير اهتمامًا بتطوير الخدمات الفنية الساندة للنشاط التأميني ومنها الخدمات الاكتوارية، والكشوف الهندسية الميدانية وما يرتبط بها من تقدير مشاهد الخسارة القصوى لأغراض الاكتتاب والاحتفاظ بالأخطار، وتسوية المطالبات، والاستشارات الحقوقية.

 

عتلة التحول الاقتصادي المضمرة في الورقة البيضاء هي القطاع الخاص والاستثمار المباشر الأجنبي.  لكن خطة إصلاح قطاع التأمين لا تضم موقفًا واضحًا من شركات التأمين العامة والخاصة، وكذلك شركة إعادة التأمين الوحيدة في العراق (شركة إعادة التأمين العراقية العامة).  لقد كان الخبير الاستشاري للحاكم الأمريكي للعراق (2003) صريحًا في تقديم ما جاء الاحتلال الأمريكي من أجله: تصفية القطاع العام ومنه شركات التأمين العامة.

 

نفترض أن خلية الطوارئ ستنشر ملحقًا فنيًا يشرح ما يختفي وراء إصلاح قطاع التأمين.  نأمل أن يكون هذا الملحق متوفرًا لكل من يرغب بالاطلاع عليه وليس للباحثين فقط، ذلك لأن النقاش العلني المفتوح ضروري للتوصل إلى قناعات غير متأثرة بمصالح ضيقة.

 

هل ترقى مقترحات الورقة البيضاء إلى خطة؟  نقرأ في مقدمة الورقة البيضاء أنها ترمي إلى وضع "خطة تنفيذية تفصيلية تشمل الإجراءات المطلوبة والجهة المعنية بالتنفيذ والجدول الزمني وآليات المتابعة".  إذا كان هذا صحيحًا لعموم خطة الإصلاح الاقتصادي لم نلحظ ما يفيد "الجهة المعنية بالتنفيذ والجدول الزمني وآليات التنفيذ" بالنسبة لقطاع التأمين.  وعدا ذلك فإن المقترحات تحت باب إصلاح قطاع التأمين لا ترقى إلى خطة بسبب انشغال كتاب الخطة بتفاصيل جانبية، وغياب رؤية لقطاع التأمين العراقي يُستهدى بها لاقتراح سياسة لقطاع التأمين بشقيه العام والخاص وهو ما حاولنا الاقتراب منها في كتابات سابقة ومنها "قطاع التأمين العراقي: قضايا ومقترحات للتطوير"، المذكور أعلاه، وكذلك "السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة: قطاع التأمين نموذجاً."[18]

 

إن مجرد سرد جملة من المقترحات غير المترابطة والمرتبكة في بعض المواضع والخالية من التعليل لا يكفي لا يشكّل خطة لإصلاح قطاع التأمين.  لقد تقدم الغير بقائمة مختلفة من المقترحات لتطوير قطاع التأمين العراقي ولم يطلقوا عليها عنوان خطة لإصلاح قطاع التأمين.

 

إن إصلاح قطاع التأمين لا يمكن أن يتم بوضع مقترحات لا تنهض على رؤية لتاريخ النشاط التأميني في العراق وواقعه الحالي.  إن جهدًا جماعيًا مطلوب للتوصل إلى رسم خطة لتطوير قطاع التأمين.

 

2 تشرين الثاني 2020



[1] مصباح كمال، "أ.د. عبد الحسين العنبكي وإصلاح قطاع التأمين، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

أ.د. عبد الحسين العنبكي*: المنجحات العشر مجددا .. منهج حكومي متكامل

 

[2] مصباح كمال: ترجمة وإعداد، مقالات ومراجعات حل الخطر والتأمين، تحرير: تيسير التريكي (بيروت: منتدى المعارف، 2019)، الفصل الرابع عشر: التأمين على الثورة الصناعية: التأمين ضد الحريق في بريطانيا العظمى، 1700-1850، ص 171-175.

[3] مصباح كمال، "هل هناك تكلفة للاقتصاد عندما يكون التأمين غائباً؟  ملاحظات أولية،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين Cost to Economy whre Insurance is Absent

 

[4] للتعرف على تفاصيل مشروع إعادة الهيكلة ونقدها راجع: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 1914)، فصل "نقد مشروع إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي،" ص 33-48.  النسخة الإلكترونية للكتاب متوفرة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.

 

[5] راجع نقدنا لأطروحة البنك الدولي وحماس المرحوم د. مهدي الحافظ لما ورد في تقرير البنك: مصباح كمال، "البنك الدولي وقطاع التأمين العراقي: مناقشة لتقرير البنك الدولي،" مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2012/03/world-bank-iraqs-insurance-sector.html

 

[6] للتعرف على خلفية وإشكالية الدمج أنظر المقالات التالية لمصباح كمال،

"مشروع دمج شركات التأمين العامة،" نشرت هذه المقالة في مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/02/proposed-merger-of-state-owned.html

وكذلك في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

 

"قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون"

نشر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2017/04/12/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%b2%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1/

"عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ومجلة التأمين العراقي

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

 

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/

 

[7] مصباح كمال، "التدريب المهني بين الجمعية والديوان: ملاحظات أولية،" مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2011/12/03/training-professional-development/

وقد كتب مدير عام سابق لشركة إعادة التأمين العراقية ملاحظات قيمة حول سياسة التدريب في الشركة تقدم درسًا مفيدًا لرسم سياسة تدريبية:

قيس المدرس، "استذكار مسيرة العمل في شركة إعادة التأمين العراقية،" مرصد التأمين العراقي:

http://iraqinsurance.wordpress.com/2014/08/12/kays-al-mudaries-recollections-of-my-time-at-iraq-re-2/

[8] للتعريف بجوانب من العملية الاكتتابية للمشاريع الهندسية الكبيرة راجع: مصباح كمال، "مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/04/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a4%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%81%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%aa%d8%a8-%d9%88%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d9%81%d9%8a/

 

[9] منعم الخفاجي، نحو قطاع تأميني عراقي فعّال-تحديات وحلول (منشورات شبكة الاقتصاديين العراقيين، 2020)، فصل "مراجعة نصوص وثائق التأمين،" ص 20-23.

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/10/Challenges-and-Solutions-to-Iraqs-Insurance-Problems-draft-3-3.pdf

[10] مصباح كمال، "الجداول الاكتوارية: ريادة سوق التأمين المصري وركود سوق التأمين العراقي،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2020/08/09/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d8%a7%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%82-%d8%b9/

 

[11] راجع: مصباح كمال، التأمين في كوردستان العراق: دراسات نقدية (مكتبة التأمين العراقي، 2014)، وخاصة الصفحات عن دور الأصول المالية والوساطة المالية والأسواق المالية في تكوين رأس المال، الإنتاج والتمويل، السياسة الاستثمارية لشركات التأمين، القيود المفروضة على السياسة الاستثمارية، العلاقة بين العمليات الاكتتابية لشركات التأمين وعملياتها الاستثمارية، ص 11-30.  (الكتاب متوفر عندي بصيغة بي دي إف لمن يرغب بالحصول على نسخة منه).

 

[16] مصباح كمال، "المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10): المدخل لتغيير القانون،" الثقافة الجديدة، العدد المزدوج 353-354، كانون الأول 2012

[17] مصباح كمال، "دعوة لحل التناقض بين قوانين التأمين العراقية،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2020/06/07/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%84%d8%ad%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%a7%d9%82%d8%b6-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%82%d9%88%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%86/

[18] مصباح كمال، "السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة: قطاع التأمين نموذجاً،" الثقافة الجديدة، العدد 333-334، 2009، ص 80-91.  نشرت أيضًا في مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2009/12/2009.html