إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2021/04/05

Iraq's 2021 Budget and Insurance for Imported Goods

 

قانون موازنة 2021 والتأمين على استيراد البضائع

 

 

مصباح كمال

 

نشرت أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2021/04/05/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%b2%d9%86%d8%a9-2021-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d9%84%d9%89/

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/04/M.-Kamal-Budget-2021-Insuring-Imports-with-Iraqi-Insurers-IEN.pdf

 

 

(1)

قبل أيام صدر قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2021 بعد أن خضعت مسودته للمناقشة والمساومة داخل مجلس النواب والنقد من مختلف الأطراف والتنظيمات السياسية والحراك الشعبي.  تعتمد الموازنة كسابقاتها على آلية توزيع الإيرادات النفطية بين مؤسسات الدولة وإقليم كردستان لتأمين النفقات الجارية والتشغيلية والنفقات الاستثمارية.  وهي كسابقاتها لن تؤدي إلى تحقيق تحول في طبيعة الاقتصاد العراقي الريعي.

 

ما يهمنا لأغراض هذه الورقة، حصرًا، هو التعليق على ما ورد في القانون بشأن التأمين البحري على البضائع المستوردة (المادة 45).

 

(2)

منذ سنة 2005 بادرتُ إلى نقد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10) الذي وضعه المحتل الأمريكي لأنه يضم أحكامًا ضارة بمصالح شركات التأمين العراقية العامة والخاصة ومستقبل قطاع التأمين.[1]  وقد تابعت النقد، مثلما عمل بعض العاملين في قطاع التأمين العراقي،[2] في عدد من المقالات معظمها منشورة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.  في دراسة لي وتحت العنوان الثانوي "توطين صناعة التأمين"[3] كتبت التالي لعلاقته بالمادة 45:

 

توطين صناعة التأمين

 

من خلال العمل على ما يلي:

 

1-  اشتراط إجراء التأمين على الأصول المادية والمسؤوليات القانونية الناشئة عنها حصراً لدى شركات تأمين مسجلة لدى الدوائر المختصة في العراق ومجازة من قبل ديوان التأمين العراقي.

 

2-  تحريم إجراء التأمين خارج العراق، أي خارج القواعد الرقابية التي يديرها ديوان التأمين العراقي.

 

3- اشتراط ان تكون استيرادات العراق بشروط الكلفة والشحن (سي أند اف - C & F) وليس بشروط الكلفة والتأمين والشحن (سي آي اف -CIF) عند فتح الاعتمادات المستندية مع المصارف.

 

4- فرض غرامات مالية وغير مالية - عند مخالفة شرط التأمين لدى شركات مجازة من قبل ديوان التأمين العراقي - على أي طرف عراقي، عام أو خاص، أو أجنبي يعمل في العراق (أي المؤمن له)، وإلزام الطرف المخالف بشراء التأمين من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

5- تعزيز الالتزام بهذه الشروط أعلاه وضمان تطبيقها من خلال التنسيق مع الإدارات الجمركية لتقييد إخراج البضائع المستوردة على أنواعها من الموانئ العراقية البرية أو البحرية أو الجوية وذلك باشتراط إبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

6- عدم تقديم السلف أو الدفع على الحساب أو إجراء التسوية النهائية لعقود المقاولات دون إبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

7- النص في عقود الدولة على إجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

8- تأمين صناعة النفط والغاز، في جميع مراحلها، لدى شركات التأمين المسجلة في العراق العامة أو الخاصة منها.

 

(3)

نصّت المادة 45 من قانون الموازنة لسنة 2021 على الآتي:

 

المادة - 45 إلزام المصارف الحكومية والاهلية بالتأمين على الاعتمادات المستندية المفتوحة لديها للبضائع المستوردة من المنشأ الى مخازن الدوائر الحكومية والتجار لدى شركات التأمين العراقية الاهلية والعامة والشركات الاجنبية التي لديها فروع مسجلة بالعراق ومرخصة بممارسة التأمين.

 

فتح الاعتمادات المستندية هي الطريقة المتبعة في التجارة الدولية، وقد دعا إليها قبل سنوات عدد من المصرفيين والاستشاريين من بينهم المرحوم موفق حسن محمود إذ كتب يقول:

 

لسنوات قبل اليوم دعوت غير مرة وفي غير مناسبة الى ضرورة التخلي عن أسلوب الحوالات من نافذة العملة لدى البنك المركزي لتمويل الاستيرادات والعودة الى الاعتمادات المستندية حفاضا على رصيد الامة من العملات الاجنبية من الضياع، ولست بحاجة الى التذكير بأن الاعتمادات المستندية الاسلوب المتبع على اوسع نطاق في التجارة الدولية وتنظمها أعراف وممارسات Uniform Customs & Practices دولية تصدرها غرفة التجارة الدولية ومقرها في باريس.[4]

 

والاعتمادات المستندية هي أيضاً وسيلة للحيلولة دون ما وصفه المرحوم بنهب الدولار من خزينة الدولة بدعوى تمويل تجارة الاستيراد، وهو في الواقع نهب منظم ينطوي على فساد.  ولذلك فإن الإشارة إلى الاعتمادات المستندية المفتوحة في هذه المادة خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لضبط الاستيراد وربطه بالتأمين على الاستيرادات لدى شركات تأمين عراقية.

 

يرد في هذه المادة إلزام أن يكون التأمين من المنشأ إلى المخزن warehouse to warehouse أي أن التأمين يجب أن ينصبُّ على جميع مراحل الخطر البحري بضمنها المناولة في المنشأ والتحميل على واسطة النقل والتفريغ والخزن في مخازن الجمارك في العراق لحين إخراجها وتحميلها ونقلها إلى مخازن المؤمن له حيث تنهي مسؤولية شركة التأمين.

 

لقد كانت التعليمات السابقة للأمر رقم 10 والتي ما تزال نافذة تقضي بالتأمين على الأصول العراقية مع شركات تأمين عراقية.  ومنذ 2003 أهملت هذه التعليمات مما أثر على مصالح شركات التأمين العراقية وتهميش دورها.

 

لنجاح تطبيق مادة الموازنة يجب "التنسيق مع الإدارات الجمركية لتقييد إخراج البضائع المستوردة على أنواعها من الموانئ العراقية البرية أو البحرية أو الجوية وذلك بالاشتراط على المستورد إبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مسجلة لدى مسجل الشركات ومجازة لمزاولة العمل في العراق من قبل ديوان التأمين."  وهو ما ذكرته تحت البند رقم 5 تحت عنوان "توطين صناعة التأمين" أعلاه.

 

حصرت المادة 45 من قانون الموازنة إجراء التأمين البحري-بضائع "لدى شركات التأمين العراقية الاهلية والعامة والشركات الاجنبية التي لديها فروع مسجلة بالعراق ومرخصة بممارسة التأمين" وهو إجراء طالما دعت له شركات التأمين العراقية منذ صدور الأمر رقم 10.

 

ويأتي هذا الحصر بالتأمين لدى شركات تأمين عراقية متطابقًا مع المادة 13 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

 

المادة-13-    لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق إلا من:

أولا- الشركات العراقية العامة.

ثانيا- الشركات العراقية المساهمة الخاصة أو المختلطة.

ثالثا- فروع شركات التأمين الأجنبية المسجلة في العراق.

رابعا- كيانات تأمين التكافل أو إعادة التكافل.

خامسا- مؤمن أو معيد تأمين آخر يعتبره رئيس الديوان مؤهلا وذو قدرة مالية شرط التزامه بأحكام هذا القانون.

 

إن المادة 45 خطوة مهمة لتوجيه المستوردين، أيًا كانت صفتهم، إلى التأمين البحري لدى شركات التأمين العراقية لكنها بحاجة إلى آلية لضمان الالتزام بها.  واحدة من هذه الآليات تتضمن التنسيق مع الإدارات الجمركية لتقييد إخراج البضائع المستوردة من الموانئ والمنافذ العراقية البرية أو البحرية أو الجوية، بضمنها الموانئ والمنافذ في إقليم كوردستان، وذلك باشتراط إبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

(4)

من الآثار المتوقعة عند الالتزام بمضمون المادة 45 رفع حجم اكتتاب شركات التأمين العراقية بأخطار التأمين البحري بضائع.  ومن المفيد هنا عرض أقساط هذا التأمين خلال السنوات 2016-2019 (إحصائية سنة 2020 لم تصدر بعد).[5]

 

أقساط التأمين البحري-بضائع 2016-2019

السنة

الأقساط المكتتبة (ألف دينار)

2016

1,252,777

2017

2,090,994

2018

2,334,167

2019

2,142,578

المجموع

7,820,516,000 دينار عراقي=

5,347,361 دولار أمريكي

1USD=1,462.5 IQD

 

إن مجموع الأقساط المكتتبة في فرع التأمين البحري-بضائع لأربع سنوات ضئيل جدًا مقارنة بحجم الانفاق الاستثماري للحكومة الذي يتضمن استيراد المواد والمعدات والمكائن وكذلك استيراد الشركات الخاصة.

 

من المناسب التذكير هنا أن قانون الموازنة العامة لسنة 2021 يضم أرقامًا بملايين الدولارات لها علاقة بمشاريع استثمارية بتمويل من المصرف العراقي للتجارة ومصرفي الرشيد والرافدين، مشاريع بتمويل من القروض الأجنبية، مشاريع إعمار المدن المحررة والمتضررة من العمليات الإرهابية، مشاريع الوزرات (الإنتاجية وتلك المتعلقة بإنشاء البنى التحتية)، خطط إعمار المحافظات.  بعض هذه المشاريع تتضمن استيرادًا للمكائن والمعدات والمواد الأخرى وهذا يعني أنها ستكون مصدرًا للطلب على التأمين البحري، وكذلك التأمين الهندسي (تأمين كافة أخطار المقاولين، تأمين كافة أخطار النصب، المسؤوليات تجاه الأطراف الثالثة).

 

ستبين إحصائيات سنة 2021-2022 وما بعدها مدى الالتزام بالمادة 45 من قانون الموازنة، ومدى ترجمة أرقام المشاريع الاستثمارية والنفقات الرأسمالية الأخرى إلى طلب حقيقي على الحماية التأمينية لدى شركات التأمين العراقية العامة والخاصة.

 

(5)

قانون موازنة سنة 2021 قانون اتحادي، أي ان أحكامه تنطبق على إقليم كردستان-العراق أيضًا.  من المعروف أن تجارة الإقليم كانت، وربما لا تزال، قائمة على التهريب وتجري دون ضوابط منذ تسعينيات القرن الماضي سوى سيطرة الحزبين الحاكمين على إيرادات المنافذ الحدودية.[6]  السؤال الذي ينهض هنا، وهو ينطبق على العراق الاتحادي، هو مدى التزام المستوردين بأحكام هذه المادة خاصة وأن الاستيراد كان يجري في الماضي دون فتح اعتمادات مستندية، وهناك خشية من أن يستمر الاستيراد دون فتح اعتمادات مستندية.  هناك اقتصاد الظل في عموم العراق وبعضه خاضع للجان الاقتصادية ومكاتب الأحزاب وميليشيات الحشد الشعبي وأزلامها الموجودين بشكل رسمي أو غير رسمي في المنافذ الحدودية.[7]  إضافة إلى استمرار التهريب من إيران وسوريا وارتباطه بالفساد الإداري والمالي رغم محاولات الحد منه.[8]

 

(6)

نأمل أن يكون تطبيق المادة 45 من قانون موازنة 2021 بداية لتحقيق مشروع إصلاح قطاع التأمين، والاستمرار في تعديل بعض أحكام الأمر رقم 10 ومنها، على سبيل المثل، المادة 81 التي شرّعت لحرية التأمين خارج العراق مثلما خلقت تناقضًا مع قوانين أخرى ذات علاقة بالنشاط التأميني.[9]

 

كما نأمل من شركات التأمين العراقية منفردة أو من خلال جمعية التأمين العراقية متابعة مضامين المادة 45 مع الأطراف ذات العلاقة.

 

3 نيسان 2021



[1] مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).

 

[2] جبار عبد الخالق الخزرجي، سعدون الربيعي، فؤاد شمقار، محمد الكبيسي، مصباح كمال، منعم الخفاجي، مساهمة في نقد ومراجعة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، تحرير: مصباح كمال (مكتبة التأمين العراقي، 2013)

 

[3] مصباح كمال، "قطاع التأمين العراقي: قضايا ومقترحات للتطوير،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://new-site.iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/09/%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%A8%D8%A7%D8%AD-%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84.pdf

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/09/قطاع-التأمين-العراقي-قضايا-ومقترحات-مصباح-كمال.pdf

وقبل ذلك كنت قد نشرت ورقة بعنوان "نحو مشروع لصياغة سياسة لقطاع التأمين في العراق،" نشرت في مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/10/blog-post.html

كنت قد وزعتها وقتها على الدائرة الإعلامية للبرلمان العراقي وبعض لجانه المتخصصة ومن بينها اللجنة المالية واللجنة الاقتصادية.  لم استلم جواباً من أي منها.

 

[4] موفق حسن محمود، "مفترق طرق: حوالات مصرفية نهبت الدولار بزعم الاستيراد أم اعتمادات مستندية؟"  موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/03/03/%d9%85%d9%88%d9%81%d9%82-%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d9%85%d8%ad%d9%85%d9%88%d8%af-%d9%85%d9%81%d8%aa%d8%b1%d9%82-%d8%b7%d8%b1%d9%82-%d8%ad%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%81%d9%8c/

 

[5] الأرقام في هذا الجدول مستلة من إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق التي تصدرها جمعية التأمين العراقية سنويًا.

[6] كان اقتصاد الإقليم يعتمد على التهريب مع إيران وتركيا وعلى حصته من برنامج النفط مقابل الغذاء (13%) بموجب قرار مجلس الأمن الذي صدر سنة 1991.  راجع مصباح كمال، التأمين في كوردستان العراق: دراسات نقدية (مكتبة التأمين العراقي، 2014)، ص 33-39.

 

[8] أنظر بهذا الشأن "حرس الحدود: خطط للسيطرة على ملف التهريب بشكل كامل،" وكالة الأنباء العراقية، 3 آذار 2021:

https://www.ina.iq/122917--.html

 

[9] أنظر الفقرات تحت العنوان الثانوي "المادة 81 وإطلاق حرية التأمين خارج العراق والتناقض القانوني" من دراستي "قطاع التأمين العراقي: قضايا ومقترحات للتطوير،" مصدر سابق.