إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2021/07/26

A Note on the National Insurance Company and Production

ملاحظة على شركة التأمين الوطنية وإنتاج أعمال التأمين

 

مصباح كمال

 

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/07/Misbah-Kamal-NIC-Insurance-Production-Comment-of-Israa-Saleh-Daoud-IEN.pdf

 

http://iraqieconomists.net/ar/2021/07/26/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%88/

 

 

(1)          موقف من إنتاج أعمال التأمين

 

قرأت مؤخرًا تقريرًا نشرته وكالة الأنباء العراقية بتاريخ 8 تموز 2021 تحت عنوان "التأمين الوطنية توضح إجراءاتها الخاصة بتعويض المتضررين من الحرائق."  https://www.ina.iq/129852--.html تضمن حديثًا مع الآنسة إسراء صالح داؤد، مدير عام الشركة.  وقد نقل التقرير معلومات مفيدة للمهتمين بالتأمين وللقراء عمومًا.

 

توقفت عند فقرة نقلها كاتب التقرير عن مدير عام الشركة ذكر فيها أنها تؤكد أن

 

أي شركة او مخزن او مول يرغب بالتأمين عليه مراجعة شركة التأمين ويملأ استمارة طلب التأمين وهناك لجنة كشف من الشركة تتولى إجراء الكشف لتقييم الخطر وتسعيره وتحديد القسط.

 

ظاهريًا ليس هناك ما يستدعي التساؤل عن الإجراء الذي تتبعه شركة التأمين الوطنية: مراجعة طالب التأمين للشركة للحصول على التأمين الذي يرغب به.  ولكن عند التأمل والتحليل نرى أن المضمر في هذا التأكيد هو أن الشركة لا تسعى إلى الإنتاج بل تنتظر أن يأتي إليها المؤمن لهم المرتقبون، طالبو التأمين، لتقوم بالتأمين على أموالهم ومسؤولياتهم.  والمضمر أيضًا افتراض وجود وعي بأهمية شراء الحماية التأمينية لدى طالبيها، لكن واقع الحال يشير إلى ضعف هذا الوعي إلا لدى القلة من الأفراد والشركات التي تلجأ إلى شركة التأمين للحصول على وثيقة تأمين من مخاطر معينة.  هذا الواقع، ضعف الوعي بالتأمين، يقضي أن يأتي التعريف بأهمية الحماية التأمينية من شركات التأمين ذاتها ومن وسطاء ووكلاء ومنتجي أعمال التأمين.

 

ربما جاء هذا التأكيد في غفلة، أو من نظرة متوارثة إلى وظيفة إنتاج وثائق التأمين في شركات التأمين العامة تعززت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.  من معرفتنا البسيطة بالمدير العام للشركة نرى أن ما نقل عنها ليس دقيقًا، وهو ما نرجوه، فهي حريصة على تقدم شركتها وتقدم جميع شركات التأمين في العراق.  فقد عملت مؤخرًا، كما علمت، على ضمان تمثيل شركات التأمين الخاصة في اجتماعات مركز التدريب المالي والمحاسبي الذي يعمل على إقامة مؤتمر تحت شعار "إصلاح قطاع التأمين في العراق."[1]  كما علمت بأنها تعمل على إعادة النظر بنص وثيقة التأمين على حياة المقترضين لضعف الصياغة وعدم الدقة في بعض المواضع.

 

(2)          نقد شركات التأمين العامة

 

من بين الانتقادات التي كانت تُوجّه لشركات التأمين العامة في العراق هو أنها، بفضل احتكارها لأعمال التأمين، لا تسعى إلى الإنتاج بل تنتظر طالبي التأمين ليأتوا إليها، وأن هذا الوضع يفسر عدم شيوع التأمين كما يجب.  وهذا انتقاد غير منصف وكان الهدف منه دائمًا هو الاستهانة بالقطاع العام والتقليل من دوره في النشاط الاقتصادي.  ففي الفترة ما قبل 2003، وخاصة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كانت شركة التأمين الوطنية، وبفضل إداراتها، تنتهج الخطط الإنتاجية[2] وتعمل على تحقيقها من خلال منتجي الشركة (كان للشركة قسم متخصص يحمل اسم قسم الإنتاج) ومن خلال ما يقرب من عشرين وكالة للتأمين.[3]  في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في تسعينيات القرن الماضي انحسرت أعمال هذه الوكالات وألغيت الاتفاقيات مع التأمين الوطنية.  ربما لم يكن الوضع مختلفًا بالنسبة لشركة التأمين العراقية (كان اسمها حتى أواخر ثمانينيات القرن المنصرم الشركة العراقية للتأمين على الحياة)، وكان معروفً عنها قوة جهازها التسويقي.

 

(3)     شركات التأمين الخاصة والعامة وتضارب قوانين تنظيم نشاط التأمين

 

ومن أجل إبراز أهمية شركات التأمين الخاصة فإنها تُقارن مع شركات التأمين العامة، فالأطروحة السائدة هي أن الشركات الخاصة لا تنتظر أن يأتيها طالب التأمين بل هي التي تبحث عنه وتعمل على إقناعه بشراء الحماية التأمينية.

 

لعل التأكيد المنقول عن مدير عام شركة التأمين الوطنية الذي اقتبسناه يعزز هذه المقارنة إذ يبدو أن النهج الاستباقي proactive approach في إنتاج أعمال التأمين لدى شركات التأمين العامة، وخاصة شركة التأمين الوطنية في الفترة ما بعد 2003، صار مفقودًا وفي أحسن الحالات ضعيفًا.

 

ولعل ما يؤيد هذه الصورة هو قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم 56 لسنة 1950 الذي لا يزال نافذًا.  فالمادة 7 من القانون تقضي بأن

 

على دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية أن تعهد حصراً إلى الشركة بمعاملات التأمين التي تجريها.

 

وهذا القانون هو ما يتعكز عليه منتقدو الشركات العامة في الادعاء أن أعمال التأمين تأتي إلى شركة التأمين الوطنية دون جهد من قبلها.

 

لكن الصفة الحصرية تقتصر على "دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية" أي أن معاملات التأمين الأخرى تبقى مفتوحة للمنافسة بين شركات التأمين العامة والخاصة.  كما أن هذه الدوائر والمؤسسات قلما تلجأ لشراء التأمين.  ويمكن أن نذكر هنا أن معظم المستشفيات لا تشتري حماية تأمينية، مثلما أن العديد من المشاريع الحكومية لا يؤمن عليها.

 

إن أحكام هذا القانون تتضارب مع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، وهو ما حاولنا دراسته.[4]  فالمادة 81 من قانون 2005 تؤسس لإطلاق حرية التأمين:

 

أولاً- لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

ثانياً- لا يجوز اجبار شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص على شراء منتجات خدمات التأمين من مؤمن أو معيد تأمين أو وكيل أو وسيط أو مقدم خدمات تأمين محدد، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

التضارب بين أحكام القانونين ما يزال قائمًا رغم التوجه الاقتصادي لحكومات ما بعد 2003 لبناء نظام اقتصادي رأسمالي بإرشادات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتحرير السوق وتعزيز التنافس بين الوحدات الاقتصادية وإعلاء دور القطاع الخاص (وإشاعة النهب والفساد والفقر والتفاوت الطبقي الحاد).  وهو ما يستدعي تنظيم المنافسة بين شركات التأمين العامة والخاصة على أسس اقتصادية وإزالة التنافر بين القوانين.  هذا بافتراض أن مشاريع الخصخصة أو الدمج بين الشركات العامة لم تعد قائمة في جدول أعمال الحكومة.

 

إن إزالة العوائق القانونية سيوفر الأرضية المناسبة لقيام منافسة حقيقية بين شركات التأمين العامة والخاصة.  وهنا تنهض مسألة كيفية حفاظ شركات التأمين على حصتها من الأعمال وسبل زيادتها، والخروج من رقدة انتظار مجيء طالب التأمين إليها.  لو ظلت شركة التأمين الوطنية على موقف انتظار طالب التأمين ليأتي إليها ستخسر الكثير من الأعمال لمنافسيها.

 

(4)          شيء من التاريخ

 

من المتوقع أن لا يظل حال قطاع التأمين العراقي على ما هو فيه الآن من ترهل وضعف في الموارد والقدرات الفنية إن تطورت شركات التأمين الخاصة نحو الأحسن، أو تم السماح بدخول شركات التأمين الأجنبية[5] عندها ستتراجع مكانة شركة التأمين الوطنية مالم تستلهم شيئًا من تراثها السابق، وتستفيد من الأدوات الحديثة لتسويق المنتج التأميني، وترفع مستوى خدماتها.

 

لنتذكر هنا أن د. سليم الوردي، الذي ترأس قسم التخطيط والمتابعة، ساهم على المستوى الفكري في إشاعة مفاهيم وتطبيقات تخطيط الإنتاج في شركة التأمين الوطنية وتسويق المنتجات والخدمات التأمينية في عقد السبعينيات وما بعدها.  فقد قام بترجمة وإعداد كتاب تسويق التأمين، وقبلها تعاون مع زملاء آخرين في تأليف كتاب تسويق خدمات التأمين.[6]

 

وقبل ذلك، لنتذكر حكاية أوردها الأستاذ عبدالباقي رضا في رسالة للكاتب اقتبس مقاطع مطولة منها لقيمتها التاريخية وما تنطوي عليه من مغزى.  ففي رسالة له جوابًا على سؤال عن ادارته للشركة كمؤسسة حكومية أو شركة تجارية، كتب الآتي:

 

سؤالك عن ادارتي الشركة كمؤسسة حكومية أو شركة تجارية يستحق وقفة خاصة.  تعلم انني عملت في القطاع الخاص مع مجموعة نشطة وطموحة ولم أحلم اني سأتحول للعمل في القطاع الحكومي وفجأة جاء التأميم وأصبحت مديراً عاماً لشركة حكومية.  بعد سنة وأكثر وأنا في شركة بغداد للتأمين حصل حريق كبير في سوق دانيال للأقمشة والتهم الكثير من المحلات التي كان مؤمناً عليها لدى شركتنا.  بعد أن أخمد الحريق وبانت أضراره الكبيرة بادرت إلى استحداث مكتب لتسوية التعويضات داخل السوق وأظن أن رفعت الفارسي كُلّف بإدارته وباشرنا بتسوية التعويضات موقعياً وعاجلاً مما كان له أثر طيب في نفوس أبناء السوق وكذلك المسؤولين.  من جهة أخرى وجهنا الجهاز الانتاجي في الشركة لحصد نتائج عملنا بإجراء التأمين على المحلات غير المؤمن عليها فكانت حملة انتاجية فريدة وناجحة.  هذا الأسلوب لم يكن بالإمكان الاستمرار عليه خاصة بعد ان تخصصت الوطنية، ذات الإرث الروتيني الحكومي، في أعمال التأمين العام.  لا أدري إذا كنتَ عاصرت الزوبعة التي أثارها ضدي بعض البعثيين وأدت الى احتجازي والزملاء موريس منصور وبصري محمد صالح ورفعت الفارسي[7] في الأمن العامة لمدة أسبوع بأمر محكمة الثورة التي وقفنا أمامها متهمين، قبل ان تقرر رئاسة الجمهورية غلق القضية بنصيحة بعض العقلاء من القيادات الاقتصادية التي كان يستشيرها رئيس الجمهورية في اجتماع أسبوعي معها.

 

في التحقيق الذي اجرته معي لجنة خاصة برئاسة وحيد إبراهيم، الذي أصبح فيما بعد وكيلاً لوزارة المالية لفترة ما، أنهيت افادتي الطويلة على سؤالها الأول بعبارة "إذا كنتم تريدون أن تُدار شركة التأمين كدائرة ضريبة الدخل فأنا لا أصلح لإدارتها وابحثوا عن غيري لها." (التأكيد مني، م. ك.)

 

لقد أنجزت الكثير في هذا الاتجاه، مع ذلك ينبغي أن لا يغيب على البال إن إدارة مؤسسة حكومية لا بد أن تخضع الى ضوابط ملزمة وهي تخضع لرقابة أعلى سلطة رقابية في البلد هي ديوان الرقابة المالية ولا يمكن بأي حال من الأحوال مجاراة مرونة وحرية مؤسسة القطاع الخاص التي تخضع في أحسن الأحوال لمراقبة مراقب حسابات أهلي.  اعتقد انني بذلت ما أملك من ثقة لأدير الشركة بمرونة متميزة.[8]

 

ولي أن أضيف إلى ذلك ما كتبه الزميل العزيز محمد الكبيسي، الخبير في تسويق منتجات التأمين على الحياة، اقتبس فقرات قصيرة منه.  في ورقته بيَّن الفرق بين بيع وثائق التأمين والتسويق الذي أشار إليه بأنه ذلك "المزيج التسويقي المكون من عمليات:

 

1)    مسح السوق وتحديد الطلب.

2)    تهيئة وتأهيل رجال البيع (Sale Force).

3)    وضع الخطة الإعلامية السنوية ومتابعة تنفيذها.

4)    وضع الخطة الإنتاجية (القريبة والبعيدة) ومتابعة تنفيذها.

5)    تطوير المُنتج (Product) بمواكبة رغبات السوق.

6)    وأية جوانب أخرى حسب طبيعة السوق ومتطلباته."

 

وتأكيده على أن زبائن الشركة في الفروع الاخرى زبائن مرتقبين في تأمينات الحياة، والعكس صحيح.  ويستدلُّ على ما جاء في عرضه الشيّق لتخطيط الإنتاج وإعداد المنتجين ومسائل أخرى بأنها ليست تنظيرًا إذ

 

يكفي إننا [في الشركة العراقية للتأمين على الحياة] كنا نحقق في زمن الحرب العراقية الإيرانية (عندما كان الأستاذ عبد الخالق رؤوف مديرها العام) نسبة نمو وصلت إلى 17% سنويا.  وكانت لدينا خمسة وأربعين ألف وثيقة حياة مختلط سارية المفعول مع عشرات المشاريع الجماعية وآلاف وثائق الحوادث الشخصية الملحقة بوثائق الحياة.  وكان لدينا 24 فرع جغرافي، واحد في كل محافظة وسبعة فروع في العاصمة بغداد.  وكان عدد المنتجين (المندوبين) المتعاقدين يصل إلى (180) عنصرا.[9]

 

من المؤسف أن تاريخ التأمين العراقي لم يبحث، وما هو منشور عنه يتوزع على كتابات متناثرة ولم تكتب أصلًا لتوثيق وتحليل هذا التاريخ.[10]  نبحث في التاريخ ليس لإعادته بل استنباط الدروس منه، وتعريف الجيل الحالي من العاملات والعاملين في النشاط التأميني به.  وقد قرأت في مكان ما علق بذاكرتي أنه لا مفر من استخدام المقارنات كوسيلة للمساعدة في التوضيح.

 

21 تموز 2021



[1] للتعريف بهذا المؤتمر راجع: مصباح كمال، "مركز التدريب المالي والمحاسبي ومؤتمر إصلاح قطاع التأمين في العراق،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/05/Misbah-Kamal-Conference-Financial-Acounting-Training-Centre-IEN.pdf

 

[2] سليم الوردي، "معايشتي لتجربة التخطيط في شركة التأمين الوطنية،" فصل في كتاب كتابات اقتصادية في التأمين، إعداد وتحرير مصباح كمال (مكتبة التأمين العراقي، 2017)

 

كتب د. سليم الوردي هذه الدراسة لتكون فصلاً في مشروعي لكتاب يكتب على شرف الأستاذ عبد الباقي رضا festschrift.  إلا أن هذا المشروع لم يتحقق حتى الآن لأن من توسمت فيهم المساهمة فيه خذلوني باستثناء المرحوم الوردي والسيدة إيمان عبد الله شياع.

 

وقد قمت بضم هذه المقالة لكتاب في استذكار أ. د. سليم الوردي، 1942-2016، إعداد وتحرير مصباح كمال (مكتبة التأمين العراقي، 2016)، ص 44-55.

 

[3] مصباح كمال ومشاركة منذر الأسود وفؤاد شمقار، "وكالات التأمين في العراق: محاولة أولية لاستثارة البحث،" مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2010/01/1.html

 

[5] المادة 29 من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 لا تجيز الاستثمار في قطاع التأمين إذ تنص على ما يلي:

 

"تخضع جميع مجالات الاستثمار لأحكام هذا القانون باستثناء ما يأتي:

اولا: الاستثمار في مجالي استخراج وانتاج النفط والغاز.

ثانيا: الاستثمار في قطاعي المصارف وشركات التأمين."

 

[6] جارلس دوفت، تسويق التأمين، ترجمة وإعداد د. سليم الوردي (بغداد: مكتبة البلورة، 2002).

 

سليم الوردي، علاء عبد الكريم البلداوي وجبار صبري محمد العنبكي، تسويق خدمات التأمين (بغداد: هيئة المعاهد الفنية، 1993).

 

أشكر نجل المرحوم سليم الوردي، زيد، على إرسال هذين الكتابين ضمن كتب أخرى من مكتبة والده بعد رحيله عن دنيانا سنة 2016.

 

[7] كان الثلاثة، مع آخرين، من أركان شركة التأمين الوطنية عندما كانت تحت إدارة الأستاذ عبدالباقي رضا (1966-1978) ويحتلون مواقع فنية في الشركة.

[8] عبدالباقي رضا، رسائل في السيرة الذاتية والتأمين، 2013، ص 66-67. يضم الكتاب مجموعة من الرسائل لي أعدتها كتاب للنشر لكن الأستاذ عبدالباقي آثَر وقتها على عدم النشر.

[9] مقتطفات من ورقة عن جوانب من تسويق تأمينات الحياة كتبها سنة 2005، غير منشورة، محفوظة لديَّ بانتظار قيام الفرصة لنشرها.

 

[10] كتب الزميل فؤاد عبدالله عزيز ثلاثة عقود في شركة التأمين الوطنية فصَّل فيه تجربته الممتدة من 1966 إلى 1996 عندما نقل إلى ديوان وزارة المالية، وبعدها الى إدارة مركز التدريب المالي والمحاسبي، وفي عام 1998 الى إدارة شركة إعادة التأمين العراقية.  اضطر إلى مغادرة العراق إلى البحرين بسبب الاقتتال الطائفي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.  حتى الآن لم ينشر كتابه.

2021/07/05

Notes on Compulsory Third Party Motor Insurance in Iraq-invitation for discussion

 

ملاحظات سريعة ودعوة للمناقشة حول التأمين الإلزامي من حوادث السيارات

 

 

مصباح كمال

 

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2021/07/05/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a7%d8%aa-%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d9%88%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d9%82/

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/07/Misbh-Kamal-Compulsory-Motor-Insurance-IEN.pdf

 

 

(1)

 

يعتبر التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات موردًا مهمًا لشركات التأمين، وأضيف له في العقود الثلاثة الماضية التأمين الصحي.  نجد ذلك في العديد من أسواق التأمين العربية بعد أن صار التأمين في هذين الفرعين إلزاميًا، كما هو الحال في معظم أسواق الخليج.

 

بالنسبة للعراق فإن هذا المورد قد توقف مع صدور قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 (أصبح نافذًا اعتبارًا من 1 كانون الثاني 1981) إذ صار التأمين تلقائيًا دون الحاجة لتقديم طلب للتأمين أو إصدار وثيقة للتأمين.  لقد كان هذا القانون تشريعًا متقدمًا في فلسفته إذ اعتمد على مبدأ تحمل التبعة كأساس لالتزام شركة التأمين بدفع التعويض للطرف المتضرر بدلًا من اعتماد المسؤولية القائمة على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس.  وثبتّ القانون أطروحة قيام علاقة قانونية بين شركة التأمين والمؤمن له بدلًا من العلاقة العقدية إضافة إلى جوانب أخرى.

 

ويغطي هذا القانون المسؤولية الناشئة من حوادث السيارات تجاه الإصابات البدنية، بضمنها الوفاة، التي تلحق بالشخص الثالث.  أي أن نطاق القانون لا يشمل الأضرار المادية التي تلحق بممتلكات الشخص الثالث ومنها هيكل السيارة.

 

بفضل التعديلات التي أدخلت على هذا القانون فقد تم الاستغناء عن إصدار وثيقة تأمين، وفي سنة 1987 أنيطت جبابة "أقساط" التأمين الإلزامي للشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية، إحدى شركات وزارة النفط.  وتأخذ هذه الأقساط شكل إضافة زيادة بواقع 15 فلسا على كلفة شراء البنزين و 20 فلساً على زيت الغاز.  كانت الشركة تقوم "بتجميع مبالغ الزيادة على أسعار الوقود وتسديدها بعد استقطاع حصتها البالغة نصف بالمائة من هذه الزيادة بأقساط ربع سنوية بواقع 68% إلى شركة التأمين الوطنية وتبلغ 10,2 فلس من مبلغ الزيادة و 32% إلى الموازنة العامة (رسوم إجازة التسجيل) وتبلغ 4,8 فلس من مبلغ الزيادة."[1]

 

أنيطت وظيفة تسوية المطالبات بالتعويض لشركة التأمين الوطنية، وكانت حتى أواخر ثمانينيات القرن المنصرم الشركة الوحيدة التي تمارس أعمال التأمينات العامة، ثم أجيزت الشركة العراقية للتأمين على الحياة، بعد تعديل اسمها إلى شركة التأمين العراقية، للاكتتاب بأعمال التأمينات العامة والحياة، كما أجيزت شركة التأمين الوطنية للاكتتاب بأعمال التأمين على الحياة.  وبفضل قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 تأسست شركات تأمين خاصة (تأسست أول شركة خاصة سنة 2000).  لكن جميع الشركات، العامة والخاصة، لم يكن يحق لها، بسبب القانون رقم 52 لسنة 1980، الاكتتاب بأعمال التأمين على المسؤولية المدنية من إصابات الأشخاص الناشئة من حوادث السيارات.  وبذلك لم يعد تأمين هذه المسؤولية موضوعًا للتأمين التجاري.

 

لقد جاء تحميل قسط التأمين على وقود السيارات للتغلب على أعباء الجباية على شركة التأمين وعلى مالكي السيارات وما قد يترتب عليها من إجراءات إدارية وقانونية.[2]  وترافق ذلك مع وقف إصدار وثيقة للتأمين إذ انتفت الحاجة إليها بعد أن صارت المسؤولية مؤمنة بقوة القانون.

 

(2)

 

لكن تطبيق القانون، وكما كتبنا في مكان آخر، كشف عن بعض العيوب.  ومنها ضآلة التعويضات المدفوعة للمضرورين، فالتعويضات كانت بشكل عام دون القيمة الحقيقية لآثار الإصابة الفعلية.  وبهذا الشأن كتب المحامي بهاء بهيج شكري أن هناك عيباً أساسياً في قانون 1980 مقارنة بالقانون القديم (قانون التأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات رقم 205 لسنة 1964) فقد كتب أن

 

"ضآلة مبالغ التعويضات التي درجت اللجنة المذكورة [لجنة تقدير التعويض المكونة من قاضٍ من الدرجة الثانية وعضوين يمثلان شركة التأمين الوطنية ودائرة الرعاية الاجتماعية] على تقديرها لم تكن لتغطي 10% من الضرر الفعلي الذي يصيب الشخص المضرور، مما أعاد "النظام العشائري" المعروف بنظام "الفصل والدية" للظهور والذي سبب إعادة تطبيقه إرهاقاً كبيراً لمالكي المركبات.  هذا النظام الذي اختفى نهائياً بتشريع قانون التأمين الإلزامي القديم وما رافقه من إلغاء نظام دعاوى العشائر."[3]

 

وهناك جوانب أخرى في قانون 1980 رصدها الأستاذ شكري في دراسته: إشكالية تحديد الخطأ الجسيم، الحوادث المسببة بسيارات مجهولة، اختزال تحديد قسط التأمين بعلاوة على سعر البنزين المستهلك مما يخلق إشكالية تتمثل بعدم وجود تناسب حقيقي بين حدة الخطر وكلفة التعويض حسب نوع المركبات واستعمالاتها وغيرها من العناصر الاكتتابية التي تؤخذ اعتيادياً بنظر الاعتبار لتحديد سعر التأمين   الخ.

 

(3)

 

يظل هناك سؤال حول كفاية حصيلة أقساط التأمين المُحوّلة إلى شركة التأمين الوطنية لتمويل مطالبات التعويض قائمًا.  ففي سنة 2018 كان حجم أقساط التأمين الإلزامي 8,560,070,000 دينار في حين بلغت التعويضات المسددة 9,530,558,000 دينار، أي بعجز مقداره 970,488,000 دينار، كما في الجدول أدناه.

 

اقساط تأمين الزامي سيارات (2018-2019) [4]

ألف دينار

2019

2018

اسم الشركة / السنة

9,157,367

8,560,070

شركة التامين الوطنية

 

تعويضات تامين الزامي سيارات (2018-2019)

ألف دينار:

2019

2018

اسم الشركة / السنة

6,620,741

9,530,558

شركة التامين الوطنية

 

وشهدت سنة 2017 أيضًا عجزًا بمقدار 2,032,976,000 دينار كما في الجدول أدناه.  في حين شهدت السنوات من 2013-2015 فائضًا نظرًا لهبوط عدد المطالبات بالتعويض.

 

اقساط تأمين الزامي سيارات (2016-2017)

ألف دينار:

2017

2016

اسم الشركة / السنة

7,565,587

8,190,273

شركة التامين الوطنية

 

تعويضات تامين الزامي سيارات (2016-2017)

ألف دينار:

2017

2016

اسم الشركة / السنة

9,598,563

7,955,606

شركة التامين الوطنية

 

إن التقلب في نتائج الاكتتاب بأعمال التأمين ظاهرة معروفة، وتلجأ شركات التأمين إلى التحوط منها وتصحيحها من خلال إعادة النظر بالسياسة الاكتتابية وتعديل الأسعار اعتمادًا على التجربة السابقة.  هذا هو الوضع في أسواق التأمين المفتوحة، ولكن عندما تقوم الحكومة بوضع الأسعار في تأمين المسؤولية من حوادث السيارات فليس أمام شركات التأمين غير الضغط على الحكومة لتعديل الأسعار لتتناسب مع خبرة الخسارة وعدم تعريض بعض شركات التأمين للعسر المالي.

 

ليس لشركة التأمين الوطنية سلطة تقديرية لإعادة النظر بسعر تأمين المسؤولية المدنية للإصابات من حوادث السيارات إذ أن سلطتها مقيدة بقوة القانون.  ما تستطيع أن تقوم به هو الضغط على الحكومة لتعديل السعر أو زيادة النسبة المخصصة لها (68%) أو تقليص حصة الموازنة العامة (32%) لتوفير رصيد كافٍ لتسوية التعويضات.

 

(4)

 

ليس معروفًا إن كان تحميل أقساط التأمين على وقود السيارات قد خضع أصلًا لدراسات اكتوارية لخبرة الخسارة، وما يتعلق بها من تكاليف، في فرع التأمين من المسؤولية المدنية (الإصابات البدنية) الناشئة من حوادث السيارات، وإسقاط نتائج هذه الدراسات على كفاية أقساط التأمين، التي تجمعها الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية، لتقوم شركة التأمين الوطنية باستخدامها لتمويل التعويضات.  لقد اعتمدت اللجان التي درست الموضوع في الماضي على معادلة بسيطة، قد يعتبرها البعض ساذجة، تعتمد على "تقسيم أقساط التأمين السنوية على مجموع الاستهلاك السنوي من الوقود."[5]

 

في مرحلة متأخرة قام اثنان من ممارسي التأمين العريقين، فؤاد شمقار ومنذر عباس الأسود، بتفكيك معيار مبلغ مبيعات الوقود كأساس لاستيفاء القسط في دراستهما لمشروع قانون تعديل بعض احكام قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 المعروض على مجلس النواب لإقراره والذي تم قراءته الاولى بتاريخ 2-5-2015.  ومما جاء في المادة ـ 4 ـ اولاً في مشروع التعديل الآتي:

 

يستوفى قسط التأمين الالزامي على المركبات بنسبة (0.003) ثلاثة بالألف من مجموع مبالغ المبيعات الفعلية لشركة توزيع المنتجات النفطية من البنزين وزيت الغاز عدا المجهز الى وزارة الكهرباء وتودع المبالغ لدى الشركة لحين توزيعها.

 

ومما جاء في ورقتهما النقدية:

 

ان المبلغ الواجب استيفاءه كقسط للتامين لقاء التلقائية في التأمين يكون بنسبة الفية من قيمة مبيعات المنتجات النفطية من البنزين وزيت الغاز ولا نجد من الصواب اعتماد اية نسبة سواءً أكانت مئوية او الفية على مبلغ المبيعات واعتماد ذلك كأساس لاستيفاء القسط ذلك للأسباب التالية:

 

1- ان اعتماد مبلغ قيمة المبيعات تجعل من مبلغ القسط متأرجحا غير ثابت مع رفع سعر اللتر الواحد من مادة البنزين وزيت الغاز او القيام بخفض السعر في حين ان القسط الواجب استيفاءه يجب ان يكون ثابتا غير متأرجح.

 

2- ان عدم ثبات القسط وتأرجحه بين الصعود والنزول طبقا لبيع اللتر الواحد من البنزين وزيت الغاز يؤدي الى عدم تحقق ثبات الرصيد المتحقق لدى شركة التامين الوطنية في المحفظة الخاصة بالتامين الالزامي لدى الشركة وينعكس ذلك سلبا على نتائج هذه المحفظة.

 

3- لقد جاء النص بالإعفاء المطلق لصالح وزارة الكهرباء من استيفاء النسبة المحددة على الكميات من البنزين وزيت الغاز التي يتم تجهيز الوزارة بها. ان الاعفاء المطلق غير المقيد غير صحيح، ويجب قيد هذا الاعفاء فقط بالكميات التي تجهز بها الوزارة والتي تستخدم فقط في تشغيل محطات توليد الطاقة اذ لا يستبعد استخدام جزء من المنتجات في سيارات الوزارة وبالتالي الاستفادة من تلقائية التامين دون تسديد القسط المستحق عن التلقائية والتغطيات التي يوفرها القانون عند ذلك نكون قد أفشلنا السبب الموجب للإعفاء الذي هو التخفيف من على كاهل الوزارة لجزء من الكلف والنفقات التي تصرف على توفير الطاقة.

 

4- ان الطريقة الواجب اتباعها في استثناء القسط المستحق على مالك السيارة يجب ان يكون بفرض مبلغ زيادة على سعر اللتر الواحد من البنزين وزيت الغاز بدلا من اعتماد نسبة من حصيلة البيع اذ ان زيادة حدة الخطر وحصول الحوادث لا علاقة لها بمبلغ سعر البيع بقدر ما لها من علاقة بالكميات التي تستخدم من البنزين وزيت الغاز، عليه لا بد من فرض القسط على اللتر الواحد من البنزين بمبلغ 1250 دينار عن كل لتر من البنزين ومبلغ 1500 دينار عن كل لتر من زيت الغاز. ولم يكن هذا الامر امرا غائبا على مشروع القرار (رقم 955)، تأريخ القرار 23-2-1987 الصادر عن مجلس قيادة الثورة (المنحل) وذلك بتوزيع مبلغ قسط التامين والرسم السنوي عن تجديد اجازة تسجيل السيارة بطريقة توزيعها على مقدار ما تستهلكه السيارة من الوقود.[6]

 

لقد أشارا في الفقرة 4 من ورقتهما إلى مبدأ مهم في الاكتتاب وهو:

 

ان زيادة حدة الخطر وحصول الحوادث لا علاقة لها بمبلغ سعر البيع بقدر ما لها من علاقة بالكميات التي تستخدم من البنزين وزيت الغاز.

 

إلا أنهما لم يتوسعا في الشرح والتعليل، على سبيل المثل، قولهما إن حدة الخطر تتأثر بكميات الوقود المستخدمة، فشراء المزيد من الوقود يعني اشتداد استخدام السيارة وبالتالي زيادة احتمال تعرضها للحوادث.  إن معايير الاكتتاب بتأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات عديدة، وتشترك شركات التأمين بأخذ معايير معينة بعين الاعتبار ومنها: عمر السائق، مواصفات السيارة وقوة محركها، النطاق الجغرافي لاستعمال السيارة، أغراض الاستخدام: التنقل الشخصي أو لأغراض تجارية، وخبرة خسارة طالب التأمين وكل ذلك مفقود في نظام فرض علاوة على سعر البنزين وزيت الغاز كمعادل لقسط التأمين.

 

إن الاعتماد على معيار واحد لتحديد قسط التأمين (كمية الوقود المستخدم) يساوي بين مالكي/سائقي السيارات كافة.  مثل هذا المقترب يلغي فرصة التقييم الاكتتابي لطلب التأمين وتطبيق أسعار وشروط مختلفة تعكس عدم التناظر في البيانات الاكتتابية الخاصة بالسيارة ومن يستخدمها.

 

بقوة القانون فإن تسعير خطر التأمين على المسؤولية المدنية ليس مهمة فنية اكتتابية لتقييم حدة الخطر المؤمن عليه وإنما أمراً خارجياً صادرًا من المُشرّع يفترض أن كل من يسوق سيارة متساوياً مع أقرانه.  هذه المساواة قسرية، متعسفة، بفضل تسعير أوامري لا ينهض به واقع الحال في المجال التأميني.

 

قد يكون تبرير/تعليل هذا الأمر الخارجي للتسعير قائمًا على مبدأ حماية المستهلك من سوء استخدام شركات التأمين لحقها في تطبيق ما تراه سعراً مناسباً ربما ينطوي على إجحاف بحق المؤمن له خاصة عندما يفتقر سوق التأمين إلى منافسة بين شركات التأمين فيما يخص الأسعار والشروط ومستوى الخدمات (في ظل المنافسة غير التامة أو الاحتكار).

 

ربما يقوم التبرير/التعليل على أن وظيفة مؤسسة التأمين هو تمويل الضرر الذي يصيب البعض من مساهمات مجموع المؤمن لهم أي من أقساط التأمين التي تجمعها الشركة وأن جباية أقساط مقطوعة ثابتة هي من باب الدعم المتبادل cross-subsidization بين أصحاب السيارات لخدمة هدف أعلى: تعويض ضحايا حوادث السيارات.  ولهذا يتعين على كل مالكي السيارات، بغض النظر عن مواردهم المالية ومدى مسؤوليتهم عن الضرر، المشاركة بالتساوي في تحمل عبء تعويض ضحايا حوادث السيارات.

 

في غياب التأمين فإن مسبب الضرر يكون مسؤولاً عن تعويض المضرور، ومن المرجح أن يتحمل كل من مسبب الضرر والطرف المتضرر العبء المالي للضرر الحاصل خاصة عندما يكون الوضع المالي لمُسبب الضرر ضعيفًا وعندها فإن تقليص حجم تعويض الضرر يصبح واردًا ليتناسب مع قدرته على الدفع.  ويأتي التأمين الإلزامي لتحقيق العدالة في تعويض المضرورين من حوادث السيارات.

 

بما أن السيارة مصدر لمخاطر متزايدة فإن تشريعات العديد من البلدان تقضي بتطبيق قواعد المسؤولية الصارمة strict liability حيث تنشأ المسؤولية بغض النظر عن خطأ مرتكب الضرر؛ وهكذا فإن مالك السيارة يصبح مسؤولًا عن الأضرار دون إخضاع المدعى (الطرف المتضرر) لاختبار الإهمال test of negligence.  وقد جاء قانون 1980 ليتماشى مع هذه القواعد ربما لقناعة أن السيارة تمثل خطرًا كامنًا ومصدرًا للحوادث.[7]

 

(5)

 

لقد مهّد صدور قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 لتأسيس الشركات الخاصة، وبفضله تأسست أول شركة تأمين خاصة سنة 2000 ثم تأسست شركات تأمين أخرى (أزيد من ثلاثين شركة خاصة في الوقت الحاضر، معظمها هزيلة فنيًا وماليًا).  لكن هذه الشركات وبسبب قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 لا يحق لها الاكتتاب بأعمال تأمين المسؤولية المدنية (الإصابات البدنية بما فيها الوفاة) الناشئة من حوادث السيارات.  لكنها تستطيع الاكتتاب بتأمين المسؤولية المدنية (الأضرار المادية لأموال الشخص الثالث) وكذلك تأمين السيارات التكميلي (الشامل).

 

لو كانت "الأقساط" التي تضاف إلى سعر الوقود تجبى من قبل شركات التأمين، كما كان عليه الوضع قبل صدور القانون 52 لسنة 1980 الذي ألغى قانون التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات رقم 205 لسنة 1964، لكانت شركات التأمين قد راكمت هذه الأقساط وربما ساهمت بالتنمية الاقتصادية بافتراض عدم تعرض محفظة التأمين على السيارات للخسارة.  ولكان هذا الوضع قد خلق تنافسًا بين شركات التأمين على الأسعار والخدمات التأمينية.  بالطبع، فإن اشتراك العديد من شركات التأمين بمزاولة تأمين المسؤولية المدنية من حوادث السيارات يخلق معه مشاكله الخاصة التي تحتاج إلى ضوابط صارمة من قبل المشرع ومن هيئة الرقابة للحيلولة دون الإجحاف بحقوق المؤمن لهم إضافة إلى إجراءات أخرى.

 

(6)

 

حسب علمي لم يخضع قانون سنة 1980 لمراجعة اقتصادية وقانونية نقدية من قبل شركات التأمين.[8]  ربما بالإمكان الجمع بين بعض أحكام قانون 1980 مع قانون جديد لتأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات لإشراك جميع شركات التأمين في الاكتتاب بتأمين الإصابات من حوادث السيارات.  ربما آن الأوان لمناقشة الآثار الاقتصادية لقانون سنة 1980 على شركة التأمين الوطنية المفوضة بتسوية المطالبات بالتعويض وعلى شركات التأمين وتقييم السجل التاريخي لهذا القانون.

 

أرجو ألّا يفهم من هذا أنني ضد قانون 1980 بالمطلق، لكنني أتمنى من المهتمين بإصلاح قطاع التأمين العراقي الاستفادة من تجربة أسواق التأمين الأخرى والمفاهيم والممارسات التي تنتظم إدارة مطالبات التعويض فيها، والتركيز على النتائج الأولية ومآلات القانون التي كانت متوقعة وقت صاغتها وتلك التي كانت خارج التوقع.  لقد صدر قانون 52 لسنة 1980 عندما كانت التأمينات العامة، ومنها التأمين على السيارات والمسؤوليات المدنية الناشئة من حوادثها، محصورة بشركة واحدة هي شركة التأمين الوطنية إلى جانب شركة التأمين العراقية على الحياة التي اختصت بتأمينات الحياة.  مع تغيير بنية السوق بفضل قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 وتأسيس شركات تأمين خاصة حصل ما يشبه الاختلال في التوازن بين شركات التأمين من حيث حرمان شركات التأمين الأخرى من لعب أي دور في تأمين المسؤوليات.

 

ربما ليس المطلوب الآن إيجاد حل آني سريع لهذا الخلل لأننا لا نملك معرفة يقينية بمجرى التطور، بل العمل على بدء النقاش المفتوح في الموضوع ورفع مستواه، وخلق قناعة بضرورة مراجعة قانون 1980 وتشخيص المشاكل المهمة.

 

تموز 2021

 

 


ملحق

"خطر السيارة وخطر الذهنية خلف مقودها"

 

مستل من دراسة قديمة تناولنا فيها ما تمثله السيارة من خطر كامن تحت عنوان ثانوي "خطر السيارة وخطر الذهنية خلف مقودها،" تضمنت الدراسة أيضًا استطرادات حول حوادث السيارات.[9]  وهو يضم ملاحظات يمكن أن تنطبق على السيارات.  اقتبس من هذه الدراسة الفقرات التالية:

 

الإعلانات البراقة والجذابة في زماننا ترسم لنا صورة جميلة عن السيارة ننسى معها أن السيارة ماكنة تنطوي على مخاطر عديدة، وتحمل مع جمالها وفائدتها الوظيفية قدْراً كبيراً من التهديدات لسائقها وركابها والناس عموماً والبيئة وكذلك الأموال الخاصة والعامة.  ولعله من المناسب أن نتذكر بجانب الأسماء الناعمة والرقيقة التي تطلقها الشركات المصنعة على سياراتها الأسماء الموازية لها والتي توحي بالقوة والمنعة، وحتى العدوانية، لصاحبها ومستعملها.  كانت بعض السيارات، على سبيل المثال، تحمل أسماء البرّكودة barracuda أو اليَغْوَر jaguar أو المستنغ mustang وغيرها.  ولنا أن نتخيل ما تحمله هذه الأسماء، التي تبدو في ظاهرها بريئة، من مظاهر للسلوك قد لا نشارك فيها.

 

ربما يقال بأن هذه الأسماء لا تعني الكثير بالنسبة للإنسان العربي السائق للسيارة.  والأمر هو كذلك، ولكن هذا لا يعني إلغاء صفة الخطر والتهديد الذي ينتظم استعمال السيارة من خلال ماكنتها.  لنتخيل سائق السيارة خلف المقود.  تـرى أية رؤى تطرأ على مخيلته: القوة، الرغبة في تجاوز الزمن، الخروج من أسر الآخرين ... الخ.  لعل رؤى متضاربة متداخلة تمتزج مع بعضها، صافية أحياناً ومُلَوثَةً أحياناً أخرى.  ولكنني أود التأكيد على صفات القوة والعدوانية، وكلاهما ينبعان من تركيبة السيارة ذاتها.  فبمجرد الضغط البسيط على دوّاسة البنزين يستطيع السائق تعجيل السرعة خلال بضع ثواني.  ترى أية قوة أخرى تعادل إنتاج مثل هذه القوة التي يمكن تحقيقها بحركة بسيطة من القدم!  هذه القوة حقيقية في ذاتها ولكن السيطرة عليها وهمية في ظل الاستعمال اليومي للسيارة.  ولذلك لا نشهد السرعة الهائلة للسيارات في التطبيق[10]، على العموم، إلا في السباقات وفي أماكن مخصصة لها.

 

إذا سلمنا بمقولة أن السيارة جهاز ينطوي استعماله على خطر وتهديد يقومان على القوة الكامنة في تصميم السيارة ذاتها، علينا أن نرسم ملامح الآثار السلبية لهذه القوة.  أول ملمح هو أن السيطرة على هذا الجهاز قد تكون خدّاعة وخاصة بالنسبة للسائق العادي الذي لا يمتلك غير بعض المهارات الأساسية لقيادة السيارة.  ثاني ملمح يرتبط بالأول هو أن استعمال هذا الجهاز الخطر لا يتم في فراغ أو خلاء وإنما ضمن محددات تتمثل أساساً بالناس، وهم على فئتين: المارة وسائقي السيارات الأخرى الذين يستعملون نفس الطرقات ويتزاحمون مع بعضهم لأتفه الأسباب.  وتتمثل كذلك بأنظمة المرور ― من تخطيط الشوارع، مروراً بسلامة هذه الشوارع وما عليها، إلى الأنظمة الآلية الضوئية لضبط حركة المرور.  والمحددات الأخيرة هذه ما وضعت إلا للحد من الآثار الضارة للسيارة وخاصة ما يسببه السائقون من أذى ووفاة لأنفسهم ولركابهم وللمارة، وكذلك الإضرار بالممتلكات.

 

مما يفاقم من خطورة السيارة هو كيفية تعاملنا معها كإحدى وسائل المدنية الحديثة.  أرجو ألّا أكون متجنياً إن قلت بأن تعاملنا مع السيارة لا يرقى إلى درجة الخطورة التي تنطوي عليها.  لربما أبدو متعسفاً إن قلت بأن قيادتنا للسيارة فيها بعض من آثار البداوة في تكويننا الثقافي.[11]  ولعل خير ما يشهد على الذهنية البدوية، كما تترجم نفسها في سياقة السيارة، هي عدد الحوادث في الطرقات الخارجية.  وتعليلي لذلك هو توهم الانبساط والخلاء الصحراوي في مثل هذه الطرقات، وفراغها من الآخرين.  فالسيارة هنا بمثابة الجمل أو الحصان الذي يمكن ركوبه والمطاردة به دون أية عوائق غير الكثبان التي يمكن تجنبها بيسر.  هنا لا نشهد أرصفة ولا سابلة ولا مباني على جانبي الطريق.  هذه الذهنية المترسبة في أعماق الوعي الباطن تطفو على السطح في أحيان كثيرة وعند العديد من الناس في تجاوز أنظمة السير، ومحاولة تجاهل وجود الآخرين، كسابلة[12] وكسائقين، في الطريق للتغلب على قيود السير بالاعتماد على قوة السيارة بنية الانطلاق من سجن الطريق ـ والتي تقود في غالب الأحيان إلى وقوع الحوادث المأساوية لتنتهي عند أبواب شركة التأمين كمطالبات للتعويض.  ولعل بعضاً من عنصر التغالب البدوي ينعكس في طريقة استخدام منبه السيارة: فهو يستعمل كدعوة للآخرين لإخلاء السبيل أمام السائق كي ينطلق بسيارته كما ينطلق الفارس في الصحراء دون أي عائق.

 

وضع الثقافة المرورية في المملكة العربية السعودية وآثارها تلقي بعض الضوء على النفور المترسخ في ذهن السائق عندما يجلس خلف المقود.  تحت عنوان مثير "الشوارع ساحات مفتوحة للسائقين المبتدئين والسيارات تحصد الأبرياء" نشرت جريدة الحياة مقالاً حول ضحايا حوادث السير في المملكة العربية السعودية.  يقول الكاتب جاسر الجاسر:

 

"التركيبة الاجتماعية العجيبة والمتناقضة في السعودية هي أحد أبرز الأسباب الظاهرية للحوادث لأنها تفتقد الثبات والاستقرار اللازمين لتبلور أي صيغة ثقافية إذ أن توالي دخول الجاليات وخروجها في فترات زمنية قصيرة وبأعداد كثيفة ساهما في تعميق الشتات الثقافي، وخلخلة بناء المنطلقات الأولية."

 

وبعد استعراضه لمسببات أخرى للحوادث، يؤكد أن الأنظمة لن تنفع "ولن تثمر الاحتياطات لأنها تفترض شكلاً يغاير الواقع، وتتبنى حلولاً مباشرة لمشكلة ذات جذر ثقافي عميق الأثر ..." 

 

أريد من هذا الاستعراض السريع التأكيد على أن الحد والتخفيف من حوادث السيارات وبالتالي حجم المطالبات بالتعويض لا يقع فقط ضمن الوضع القانوني لتسعير التأمين الإلزامي على السيارات، وأنظمة المرور، وترخيص استعمال السيارة والمهارات الفنية المتعلقة بقيادة السيارة، بل تتجاوز كل ذلك إلى إعادة تكييف الذهنية المسيطرة علينا عندما نجلس خلف مقود السيارة.  وبعبارة أخرى، يجب العمل من أجل إيجاد لغة مرورية مشتركة محورها الخطر الكامن في السيارة.

 

وإذا كان هناك ما يستوجب الإضافة هنا، فيما يخص الثقافة المرورية، فهو الاستهانة بحياة الإنسان.  وهنا علينا أن نسأل: ماذا يعني أن يموت إنسان ليبي من جراء الحوادث السخيفة للسيارات؟  هل فكرنا بالكلفة الاقتصادية للموت المجاني هذا؟  نحن نفكر بالتعويض المادي لورثة المضرورين ـ وهي الوظيفة التي تقوم بها شركة التأمين أو أي صندوق آخر معد لهذا الغرض بفعالية وفي معظم الأحيان بعدالة.  كم هو عمر تربية الإنسان؟  كم سنة نحتاج لكي نُخرّج طبيباً أو مهندساً أو غيرهم من أصحاب المؤهلات؟  هنا أحد مكامن الهدر الذي يجب أن لا يكون التأمين الوسيلة الوحيدة للتحوط منه.  أي أن المطلوب منا كجماعة التفكير بسبل التخلص من عقلية الاستهانة بالغير والكلفة الاقتصادية غير المنظورة والتي تختفي وراء الأرقام الخاصة بعدد الحوادث والتعويضات المسددة.

 

إن الاقتصار على الأرقام المباشرة تحجب التكاليف غير المنظورة، خارج التكاليف النفسية والعائلية، كضياع الوقت، والتأثير على الإنتاج، وتراكم المعرفة والمهارات في المجتمع عندما يموت بعض مالكيها في حوادث السيارات.  ما لم نضع ذلك نصب أعيننا نكون كمن يبحث في تخفيف الآثار بدل التبصر دراسة وبحثاً في جذور المشكلة وإيجاد الحل المناسب لها.

 

 



[1] فؤاد عبدالله عزيز، التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل (بغداد: موسوعة القوانين العراقية، [2005])، ص 89.

[2] عزيز، مصدر سابق، ص 88.

[3] المحامي بهاء بهيج شكري، التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق (عمّان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2010)، ص 585-586.

[4] جمعية التأمين العراقية، إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام (2018 - 2019)، جدول خاص بشركة التأمين الوطنية.

[5] فؤاد عبدالله عزيز، التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل، ص 88.

[6] منذر الأسود ومحمد فؤاد شمقار، "ملاحظات حول مشروع قانون تعديل قانون التامين الالزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980،" مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2015/05/18/notes-on-bill-to-amend-the-1980-compulsory-motor-insurance-law/

وقد كانت لي وقتها تعليقات على آراء بعض أعضاء مجلس النواب في مناقشتهم لتعديل قانون 52 لسنة 1980.  راجع: مصباح كمال، "وقفة مع مداخلات مجلس النواب العراقي في القراءة الثانية لمشروع قانون تعديل قانون التأمين الالزامي من حوادث السيارات رقم (52) لسنة 1980،" مجلة التأمين العراقي:

https://misbahkamal.blogspot.com/2015/07/iraqi-parliament-debates-amendment-of.html

 

[7] يضم الملحق ملاحظات حول خطورة السيارة وسائقها والحوادث الناشئة عنها اقتبستها من دراسة سابقة.

[8] بعض الدراسات المتوفرة عندي تضم الآتي:

هاني النقشلي، "أضواء على القانون الجديد للتأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980،" رسالة التأمين، العدد 42، تشرين الثاني 1980، ص 4-19.

بهاء بهيج شكري، التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق (عمان: دار الثقافة، 2010)، فصل "مبحث خاص: ملاحظات حول قانون التأمين الإلزامي العراقي رقم (52) لسنة 1980،" ص 582-599.

تيسير التريكي ومصباح كمال، حوار مع رائد في إعادة التأمين: الدكتور مصطفى رجب (بيروت منتدى المعارف، 2020)، ص 79-86، وكذلك ملحق "التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات (مسؤولية دون خطأ)،" ص 103-131.

[9] مصباح كمال، "مقتربات لدراسة آثار السيارة وتأمين المسؤولية المدنية،" مجلة التأمين العربي، العدد 63، 1999، ص 30-39.

كتبت هذه الدراسة للمشاركة في ندوة لشركة ليبيا للتأمين "ندوة التأمين الإجباري للسيارات: مشاكل الحاضر وآفاق المستقبل – بنغازي 23-24/10/1999."

[10] يؤيد ذلك قوانين السير التي تحدد سرعة استعمال السيارة داخل المدن وفي الطرقات الخارجية، دون أن يعني ذلك أن الجميع يلتزم بالقانون لأن السيارة في تصميمها توفر الفرصة الآنية للتسابق مع الغير واختصار الزمن، إضافة لمنح السائق وَهْمْ القوة المرضية.

[11] استوحيت هذه الفكرة، أو بالأحرى الافتراض، من أطروحة عالم الاجتماع العراقي د. علي الوردي حول صراع البداوة والحضارة في كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي (ب.ن، طبعة 1996).  ليس هذا بالمجال الذي ينهض باستعراض هذه الأطروحة ويكفي القول بأن البداوة هنا تقوم على النفور من الدولة، ومحاولة عدم الخضوع لها ومؤسساتها إذ أن العصبية القبلية هي البديل.  والمركب الأساسي في الثقافة البدوية هو ما يسميه الوردي "التغالب" ـ فالبدوي يريد أن يغلب بقوة قبيلته، ويغزو بقوته الشخصية ويتفاخر بمروءته، أي بتفضله على الغير. ص 38.

[12] لاحظت اعتماداً على تجربتي الشخصية في المشي في مدينة طرابلس أن سائقي السيارات لا يتوقفون وهم يشاهدون أحد السابلة يحاول عبور الشارع في المنطقة المخصصة للعبور (zebra crossing).