إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2021/01/10

Rating of Iraqi Insurance Companies

 

حول تصنيف شركات التأمين العراقية

 

 

مصباح كمال

 

نشر أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/01/Misbah-Kamal-Rating-of-Iraqi-Insurance-Companies-Soverign-Rating-Iraq-response-to-Mustafa-Al-Hashimi-IEN.pdf

 

 

(1)

لقد ورد موضوع تصنيف شركات التأمين في مشروع قانون الموازنة 2021 ولم يُفرّق المشروع بين شركات التأمين العامة وشركات التأمين الخاصة.  ما كتبته في مقالتي "التأمين في مشروع قانون موازنة 2021"[1] هو أن اللجوء إلى التصنيف "سيكشف هشاشة الموارد المالية للعديد من شركات التأمين وضعف ملاءتها المالية وقدرتها على مواجهة مطالبات التعويض الكبيرة."  أردت من هذا التأكيد القول إن العديد من شركات التأمين الخاصة، التي وصفها مشروع القانون بالدكاكين، ليست في وضعٍ مالي جيد ولا تمتلك إدارة جيدة تسهل عليها الحصول على تصنيف ائتماني مقبول؛ هذا بافتراض أن هذه الشركات ستعمل على الحصول على التصنيف.

 

(2)

تهتم شركات التأمين في أسواق التأمين المتقدمة بالحصول على التصنيف والعمل على رفع درجة التصنيف.[2]  الفرد العادي المُقبل على شراء حماية التأمين في هذه الأسواق لا يهتم كثيرًا بالتصنيف بقدر اهتمامه بالسعر وربما الخدمة التي تقدمها شركة التأمين، في حين أن الشركات الصناعية والتجارية، التي تستدرج عروض التأمين على ممتلكاتها ومسؤولياتها، تهتم بتصنيف شركة التأمين، وفي العادة تشترط على وسطاء التأمين أن تكون شركة التأمين التي تقوم بالتأمين أن تتمتع بتصنيف عالٍ (A على الأقل) باعتبار أن مثل هذا التصنيف سيضمن حصولها على خدمات رفيعة المستوى والتعويض عند وقوع خسارة.

 

إن سوق التأمين العراقي، في الوقت الحاضر، لم يصل درجة من الرقي للاهتمام الحقيقي بتصنيف شركات التأمين سواء من قبل الأفراد أو شركات التأمين الخاصة (شركات التأمين العامة/إعادة التأمين الثلاث بدأت بعقد اجتماع مع إحدى وكالات التصنيف الدولية في دبي، ولكنها لم تُكمل مشروع تصنيفها حتى الآن).

 

لقد كان لوسطاء إعادة التأمين الدوليين لشركة إعادة التأمين العراقية، بعد دخولها لسوق التأمين العراقي سنة 2005، دور في إشاعة قيمة تصنيف شركات إعادة التأمين العالمية التي توفر اتفاقيات إعادة التأمين للإعادة العراقية وشركات التأمين العراقية، العامة والخاصة، المستفيدة من حماية هذه الاتفاقيات.

 

إن القاعدة العامة هي عندما يكون درجة التصنيف سالبًا فإن هذا التصنيف يرسل إشارة عدم ثقة للمؤمن لهم، بافتراض اهتمامهم بتصنيف شركات التأمين، ولشركات إعادة التأمين العالمية التي توفر اتفاقيات إعادة التأمين للإعادة العراقية.  الأمر نفسه ينطبق على الإعادة العراقية، وهي حتى الآن غير مُصنفة.  حسب علمي فإن عدم تصنيف الإعادة العراقية وشركات التأمين العامة والخاصة لم يلعب دورًا في توفير الاتفاقيات الإعادية لها، فقد كان العامل الأساس هو حجم أقساط التأمين المكتتبة (متدنية) وتدهور خبرة الخسارة (وقوع خسائر كبيرة في فروع معينة للتأمين) والقدرات الاكتتابية (ضعيفة).  نتيجة لذلك فإن حدود التسهيلات الإعادية المُقدمة من قبل شركات إعادة التأمين العالمية واطئة، كما أن الشروط الأخرى لاتفاقيات إعادة التأمين ليست بالمرونة التي كانت عليها قبل 2003 وخاصة الفترة السابقة لغزو العراق للكويت (1990).

 

(3)

لا يرد في نظام جمعية التأمين العراقية لسنة 2005 أي ذكر لموضوع التصنيف في أهدافها ومهامها.  مع هذا يمكن للجمعية أن تعمل على تشجيع شركات التأمين للحصول على تصنيف لها من وكالات التصنيف المعتمدة.  ويمكن لها أن تلعب دورًا في نشر الثقافة المناسبة الخاصة بتصنيف شركات التأمين من خلال نشر الأوراق وعقد الندوات.

 

بالنسبة لديوان التأمين، لا يرد ذكر التصنيف صراحةً في الفصل الخاص بديوان التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، لكن المادة 6 من القانون ترسم هدفًا للديوان لـ "تنظيم قطاع التأمين والاشراف عليه بما يكفل تطويره وتأمين سوق مفتوح وشفاف وآمن ماليًا، وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الاشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية وتنميتها واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية."  ويمكن للديوان التعكُّز على هذه المادة لدفع شركات التأمين نحو الشفافية وتعزيز أمنها المالي.  والأمن المالي، أي قوة الموارد المالية للشركات، من رأسمال مدفوع واحتياطيات قانونية وفنية وتسهيلات إعادة التأمين، هو ما يُسهّل على الشركات الحصول على تصنيف ائتماني مقبول.

 

لكن الأهم من ذلك هو قيام ديوان التأمين بإصدار تعليمات مُلزمة لشركات التأمين للحصول على التصنيف من الهيئات المتخصصة في هذا المجال.  إن مبادرة الديوان بهذا الشأن سيُحسّن من مكانتها في سوق التأمين العراقي ويعزز من دورها الرقابي غير المُفعّل في الوقت الحاضر.

 

إن معظم شركات التأمين الخاصة، في تقديري، ولأنها دكاكين كما جاء وصفها في مشروع قانون الموازنة 2021، ستتردد في الموافقة على القيام بالتصنيف.  ومنشأ هذا التردد ربما يعود إلى قناعتها بضعف مواردها المالية وضعف قدراتها الاكتتابية وغياب حسن إدارتها؛ أو عدم استعدادها لتحمّل تكاليف التصنيف.

 

(4)

في الفترة من 2015-2020 قامت ثلاث هيئات متخصصة بالتصنيف، وهي ستاندرد أند بورز Standard & Poor's وفيتش Fitch وموديز Moody’s، بدراسة الجدارة الائتمانية للعراق.  وقد تراوح التصنيف بين "مستقر" سنة 2015 (والذي يؤشر على أنه من غير المحتمل أن يخضع التصنيف للتغيير) وبين "سالب" سنة 2020 (والذي يؤشر أن التصنيف عرضة للهبوط).  ومن المعروف أن تصنيف الجدارة الائتمانية يؤثر على تكاليف الاقتراض.

 

إن هيئات التصنيف التي قامت بدراسة الجدارة الائتمانية للعراق أخذت وتأخذ بنظر الاعتبار جملة من العوامل، ومنها، على سبيل المثل، تقليص الانفاق على منتسبي القطاع العام (الرواتب والأجور) وكذلك تمويل عجز منشآت القطاع، دور البنك المركزي في التمويل النقدي للعجز، وتأثير الاستيراد المتعاظم، وتنويع الاقتصاد لتقليص الاعتماد على الإيرادات النفطية والأوضاع السياسية واستقرارها وغيرها، أي التحليل المالي والاقتصادي للبيانات والسياسات.  وقد جاءت الورقة البيضاء (تشرين الأول 2020) والإصلاحات التي تبنتها، وهي قابلة للنقاش وكان لنا موقف نقدي منها ومن من مضامينها المتعلقة بقطاع التأمين،[3] لضمان الاقتراض الداخلي والخارجي (خاصة صندوق النقد الدولي).

 

وحسب علمنا لم تأخذ هذه الهيئات في تصنيف الجدارة الائتمانية للعراق مساهمة النشاط التأميني بنظر الاعتبار.  ونرى أن تقوم جمعية التأمين العراقية بدراسة مساهمة هذا النشاط في الناتج المحلي الإجمالي، والأسباب التي حالت وتحول دون تحقيق طفرة في حجم إجمالي أقساط التأمين المكتتبة.  وإن لم تسمح مواردها الداخلية للقيام بهذه الدراسة يمكن لها أن تستعين بالمختصين داخل العراق ومن بينهم الأكاديميين.  كما يمكن لبعض ممارسي التأمين الاهتمام بموضوع التصنيف والكتابة عنه.

 

6 كانون الثاني 2021



[2] راجع مقالتنا "التصنيف الائتماني لشركات التأمين العراقية،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2018/05/Misbah-Kamal-Rating-of-Iraqi-Insurance-Companies-final-1.pdf

أو مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2018/05/31/rating-of-iraqi-insurance-companies/

وقد استفاد منها السيد مصطفى الهاشمي في كتابة مقالته "تصنيف شركات التأمين يعزز مكانتها في السوق،" الصباح الاقتصادي، 28 أيار 2018: تصنيف شركات التأمين يعزز مكانتها في السوق

 

[3] مصباح كمال، "ملاحظات وتأملات في نقد بعض جوانب الورقة البيضاء لحكومة مصطفى الكاظمي،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2020/10/26/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%82%d8%af-%d8%a8%d8%b9%d8%b6/

 

مصباح كمال، "في نقد خطة إصلاح قطاع التأمين في الورقة البيضاء،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/11/Misbah-Kamal-White-Paper-Insurance-IEN.pdf