إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019/02/21

Social Insurance, Informality and Labour Markets


مراجعة كتاب

التأمين الاجتماعي، والعمل غير الرسمي، وأسواق العمل
Social Insurance, Informality and Labor Markets: How to Protect Workers While Creating Good Jobs. Markus Frolich, David Kaplan, Carmen Pagés, Jamele Rigolini, and David Robalino, editors. Oxford University Press. December 2014.

نشرت المراجعة في موقع
London School Review of Books
June 19th, 2015
كاتب المراجعة: كريس ماكلاخلن*
ترجمة: مصباح كمال**

نشرت هذه الترجمة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:


في تقديمه لهذه المراجعة كتب محرر الموقع ما يلي:

يعالج كتاب التأمين الاجتماعي، والعمل غير الرسمي، وأسواق العمل برامج الحماية الاجتماعية في أمريكا اللاتينية ويركز على أحد أكثر القضايا إلحاحاً في محاولات المنطقة لتوفير شبكة أمان لمواطنيها: وفيما إذا كانت البرامج الاجتماعية لا تشجع على المشاركة في القطاع الرسمي.  يكتب كريس ماكلاخلن أن الأدلة الموضحة في هذا الكتاب سيكون لها آثار مهمة على تطوير السياسات على مستوى العالم.


في ضوء انتخاب الشعب البريطاني مؤخراً[1] لحكومة محافظة على خلفية تعهد يقضي بإجراء تخفيضات بقيمة 12 مليار جنيه إسترليني من ميزانية الرعاية الاجتماعية، فإن الأسئلة التي استحوذت على اهتمامنا منذ إعلانها هي كيفية حساب تكلفة هذه التخفيضات.  إن الخطط التي من المفترض أن تحمي ميزانية الخدمات الصحية الوطنية NHS وبعض مزايا المعاشات تعني بأننا سنضرب أخماساً بأسداس حول الترتيبات التي سيخرج بها إيان دانكان-سميث[2] Iain Duncan-Smith ووزارة العمل والمعاشات لتحقيق هذا التعهد.

إن المناقشات حول هذه الترتيبات للحماية الاجتماعية هي ذات طابع عالمي ومعقدة.  ويأتي كتاب التأمين الاجتماعي، والعمل غير الرسمي، وأسواق العمل: كيفية حماية العمال أثناء خلق وظائف جيدة، الذي تم تحريره من قبل مؤلفين من معهد دراسة العمل، بنك التنمية للبلدان الأمريكية والبنك الدولي، لتقيّم السياسات المختلفة لتوفير الحماية الاجتماعية للعمال في أمريكا اللاتينية.

لقد جاء تأليف هذا الكتاب متسقاً مع الأعراف الأكاديمية من حيث الأسلوب والمنهجية، وهو تتويج للأعمال التجريبية لمختلف البرامج الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة.  وتشمل الحماية الاجتماعية التأمين الاجتماعي، الذي يركز على المنافع المستحقة عند البطالة، ومنافع كبار السن، والإعاقة، والمعاشات التقاعدية، والرعاية الصحية، كما يشمل المساعدة الاجتماعية للعمال، التي تعمل على تقليل الفقر والحدّ منه.  وعلى وجه الخصوص، يركّز الكتاب على كيف يمكن للبرامج الاجتماعية تشويه أو تقليل الحوافز للانخراط في "العمل الرسمي" ‘formal work’، وبالتالي زيادة القطاع "غير الرسمي" ‘informal’ sector.

يتناول القسم الأول من الكتاب تقييم آثار التأمين الاجتماعي على أسواق العمل.  منذ ثلاثينيات القرن العشرين، تميَّزت أمريكا اللاتينية برؤية بسماركية للضمان الاجتماعي حيث يقتصر الوصول إلى الحماية الاجتماعية على الأفراد الذين يساهمون في النظام.  واستند الضمان الاجتماعي إلى مساهمة العمال في هذا النظام من خلال العمل الرسمي.  واعتماداً على ذلك يجب كسب الحماية الاجتماعية [من خلال تسديد الاشتراكات في صندوق الحماية].  وهذا النظام يسبب مشكلة لأمريكا اللاتينية، كما لاحظ بوش وزملاءه Bosch et al (الفصل 4) إذ أن واحداً من أثنين من العمال في المنطقة في المتوسط يعمل بشكل غير رسمي، مما يعني أن المساهمات في الصندوق ممولة من قبل العاملين في القطاع الرسمي.

إن الفكرة الأساسية للكتاب تتركز على نقد هذا النموذج البسماركي.  وهذا النقد صحيح، عند مقارنة هذا النموذج مع النجاحات التي حققها تقرير [وليم] بيفرج Beveridge في بريطانيا في عام 1942 والذي شكَّل أساساً لدولة الرفاه الاجتماعي، وأكدَّ على أن منافع محددة specific benefits، مثل الصحة والمعاشات، يجب أن تكون متاحة للجميع.  ويشير الكتاب بشكل أساسي إلى أن غطاء الحماية الاجتماعية لم يشمل فئات واسعة من سكان أمريكا اللاتينية بسبب بروز العمل غير الرسمي في المنطقة.  قد تكمن الإشكالية الكبرى في خطابنا المعاصر غير المدروس في الربط بين الحماية الاجتماعية والعمالة الرسمية، لأنه بمجرد ربط العمل بالحماية، تبدأ الحجج حول "المستحق" و "غير المستحق" للحماية الاجتماعية في الظهور.  وبالتالي، فإن أحد الأهداف الرئيسية للكتاب هو تحليل مدى إمكانية توسيع نطاق الحماية – وهي مطبقة في بعض الحالات - ليشمل القطاع غير الرسمي الذي لا يساهم في صندوق الحماية.

يستعرض الفصل الرابع، الذي يضم دراسة تجريبية بارزة كتبها ماريانو بوش، م. بيلين كوباشو وكارمن باغيز Mariano Bosch, M. Belén Cobacho and Carmen Pagés، تنفيذ برنامج "التأمين الشعبي" ‘Seguro Popular’ في المكسيك في عام 2003: برنامج اجتماعي يهدف إلى توفير الرعاية الصحية بأسعار معقولة إلى 50 مليون شخص غير مؤمن عليهم في المكسيك، يستهدف أساساً توفير التغطية الصحية الشاملة.  لكن الأكثر إثارة للانتباه في هذا التأمين الشعبي هو أنه على الرغم من أن البرنامج قلَّل العبء المالي على الإنفاق الصحي مع زيادة الموارد في هذا القطاع، إلا أن هناك القليل من الأدلة على تحسن النتائج الصحية للأفراد.  في الواقع، يقول المؤلفون، إنه قد يكون من السابق لأوانه أن تتحقق النتائج، لكنه رغم ذلك فإنه سيثبت بأنه [التأمين الشعبي] عمل مهم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إحدى النتائج غير المقصودة للتأمين الشعبي هي أنها تجعل العمل غير الرسمي أكثر جاذبية، حيث يحصل العمال غير الرسميين في المكسيك الآن على الرعاية الصحية بغض النظر عن المساهمات المقدمة من خلال وضعهم الوظيفي [أي بغض النظر عن كونهم عمال رسميين أو غير رسميين].  وعلى الرغم من أن المؤلفين يناقشون بأن مثل هذه النتيجة مقلقة، إلا أن المرء يتساءل عما إذا كان الهدف من الرعاية الصحية الشاملة هو ضمان رفاهية الأفراد أو هو، بالأحرى، الحفاظ على القدرة الإنتاجية في الاقتصاد الرسمي.

زيادة على ذلك يمكن المحاجّة أنه لو تمَّ تفكيك ‘unbundled’ الرعاية الصحية وفصلها من أشكال الحماية الاجتماعية الأخرى - وبالتالي تصبح غير مسيسة depoliticised - فإن فقدان المنافع الأخرى نتيجة للعمل غير الرسمي سوف لن يكون مشكلة كبيرة.  ومن النقاط التي أثارها المؤلفون في الكتاب أن التأمين الاجتماعي قد يخدم الأفراد على أفضل وجه إذا اختاروا ("قائمة" a ‘menu’)، مجموعة من أشكال الحماية ذات القيمة القصوى بالنسبة لهم، بدلاً من تجميعها معاً في حزمة واحدة.  ويبدو أن الرعاية الصحية في المكسيك ستتصدر هذه القائمة.

ينتهي الكتاب بفصول مكرّسة للطرق التي يمكن تمويل برامج التأمين الاجتماعي بها.  وهنا تصبح رسالة الكتاب أوضح: إن توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لفئات السكان غير الرسمية وغير المشتركة في صندوق الحماية في أمريكا اللاتينية هو الأكثر فعالية وقابلاً للتطبيق مالياً على حد سواء.  بالطبع، هناك اختلافات في السياق السياسي والاقتصادي لكل دولة.  ومع ذلك، فإنه نظام من الممكن تطبيقه.

أحد التغييرات الرئيسية التي يمكن القيام بها، على سبيل المثال، هو تمويل الحماية الاجتماعية من خلال ضريبة القيمة المضافة (VAT) بدلاً من الضرائب المفروضة على الرواتب، ويقيّم المؤلفون في الفصول الأخيرة الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها تحقيق هذا التمويل.  ينبغي أن تكون حماية الأشخاص، سواء أكانوا يعملون في القطاع الرسمي أو غير الرسمي، علّة وجود أي نظام للرعاية الاجتماعية.  وعلى الرغم من أن هذه العلّة ترد ضمنياً في الكتاب، كان بالإمكان عمل المزيد لإبراز الحجج المعيارية لهذه التغييرات.

إن الطبيعة الإشكالية التي يتضمنها عنوان الكتاب لا تصبح محلاً للتركيز حتى الصفحة 376.  ما هي "الوظائف الجيدة" ‘good jobs’؟ [الذي يرد ذكرها في العنوان الثانوي للكتاب].  جاءت مناقشة هذا المفهوم فقط بقدر تعلقه باعتبارات "المساواة والكفاءة" حيث يعتبر أنه من غير العدل أن يتحمل العمال الرسميون عبئاً غير متناسباً في تمويل المنافع العامة.  لذلك، يبدو أن المؤلفين يعتبرون الوظائف الجيدة على أنها الوظائف الرسمية.  في الواقع، إن هذا أمر مهم لتمكين الأفراد من الوصول إلى الحماية الاجتماعية، لكن المرء يتساءل: كيف يمكن فهم الوظائف الجيدة في إطار مفاهيمي أفضل.

إن الأدلة المعروضة في هذا الكتاب ستكون لها آثاراً هامة على تطوير السياسات [في مجال الحماية الاجتماعية] على مستوى العالم.  ينبغي الإشادة بالمؤلفين على تقديم هذه الأفكار البديلة وإبرازها بطريقة تقنية متقدمة.  والأهم من ذلك، أنه - مع مراعاة العناية والتنفيذ – فإن الملايين من الأفراد الضعفاء والمهمشين في أمريكا اللاتينية قد ينتفعون من نظام الحماية الاجتماعية الذي لا يميّز عملهم على أساس الشكل المتصور لرسمية عملهم.


* كريس ماكلاخلن Chris McLachlan طالب دكتوراه بجامعة ليدز في مركز علاقات الاستخدام والابتكار والتغيير.  ينصبُّ بحث الدكتوراه على عمليات إعادة الهيكلة في صناعة الفولاذ، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تخفيف المؤسسات للتأثيرات السلبية لفقدان الوظيفة.

** كاتب في قضايا التأمين.



[1] الإشارة هي للانتخابات البرلمانية في المملكة المتحدة بتاريخ 7 أيار/مايو 2015 التي فاز فيها حزب المحافظين بالأغلبية.
[2] كان وزيراً للعمل والمعاشات للفترة 2010-2016.  وفي عهده تم إطلاق النظام الجديد للمنافع الاجتماعية لتحل محل منافع الطفولة، والسكن، ودعم الدخل، ومخصصات للباحثين عن العمل وغيرها.  وترافق تطبيقه بالعديد من المشاكل والتذمر وآثار اجتماعية جمّة، ولم يكتمل التطبيق حتى الآن.  لتكوين صورة عامة راجع: https://en.wikipedia.org/wiki/Universal_Credit

ليست هناك تعليقات: