إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019/02/13

Baha Baheej Shukri: Insurance of Persons - review


بهاء بهيج شكري: التأمين على الأشخاص

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

مصباح كمال


صدر مؤخراً للأستاذ بهاء بهيج شكري كتاب جديد بعنوان التأمين على الأشخاص (عمّان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2019).

يأتي نشر هذا الكتاب تتويجاً لمجموعة من مؤلفات أساسية للأستاذ المحامي بهاء بهيج شكري، صاحب المعرفة الموسوعية بالفروع المختلفة للتأمين.  فقد صدرت له سابقاً: النظرية العامة للتأمين (1960)، التأمين في التطبيق والقانون (2007)، إعادة التأمين بين النظرية والتطبيق (2008)، التأمين البحري في التشريع والتطبيق (2009)، التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق (2010)، بحوث في التأمين (2012)، المعجم الوسيط في مصطلحات وشروط التأمين، 2ج (2016)، غطاء الحماية والتعويض في نظام التأمين (2017).[1]

يشكل صدور هذا الكتابة إضافة مهمة لمكتبة التأمين العربي التي قلما تشهد وفراً بنشر الكتب.  ولهذا فهو موضع ترحيب عالٍ.  والأهم من ذلك هو أن الكتاب دراسة شاملة لموضوع التأمين على الأشخاص، كأفراد وجماعات.  هو من نمط الكتب المنهجية المرجعية الذي يجد فيه القارئ والطالب ضالته ليرسم له منهج متابعة الموضوع بعد أن استوعب المفاهيم الأساسية للكتاب.

ليس سهلاً تلخيص محتوى هذا الكتاب الضخم (515 صفحة من القطع الكبير) ولعله من المفيد أن نذكر لإشباع فضول القارئ بأنه يتوزع على مقدمة، وثلاثة أجزاء:

الجزء الأول: التأمين على الحياة، ص 21-330، وهو الجزء الأكبر من الكتاب، يضم خمسة أقسام هي: التأمين الفردي على الحياة، التأمين المشترك على الحياة، التأمين الجماعي على الحياة، التأمين الصناعي على الحياة، التأمين التكافلي (الإسلامي) على الحياة.

الجزء الثاني: التأمين الصحي، ص 325-404، يضم أربعة أقسام هي: عقد التأمين الصحي، التأمين الصحي الفردي، التأمين الصحي الجماعي، إعادة التأمين الصحي.

الجزء الثالث: أنواع أخرى من التأمين على الأشخاص، ص 407-492، يضم ثلاثة أقسام هي: التأمين الاجتماعي، الأنظمة التقاعدية، التأمين من الحوادث الشخصية، إعادة تأمين الحوادث الشخصية.

ويضم الكتاب أيضاً ملحقاً بمصطلحات مختارة باللغة الإنجليزية مع تعريف لكل مصطلح، ص 493-515.  وهو يعين القارئ الذي يرغب بدراسة الموضوع باللغة الإنجليزية.

يعود مشروع تأليف هذا الكتاب إلى أكثر من نصف قرن، إذ يقول المؤلف إنه نظراً لعدم وجود "مؤلفات عربية في التأمين على الأشخاص فقد انصرفت نيتي إلى إعداد مؤلف جامع يضم جميع فروع التأمين على الأشخاص ليكون الكتاب الثاني بعد كتابي "النظرية العامة للتأمين" الذي صدر سنة 1960، إلا أن بعض الظروف الشخصية حالت دون تحقيق ذلك." (ص 16).

ينصبُّ اهتمام المؤلف في هذا السفر التأميني المهم على الجوانب القانونية والفنية للتأمين على الأشخاص التي يعالجها بمبضع الخبير المقتدر، وكما يقول: "لقد حاولت جهدي في هذا المؤلف، أن أوضح الضوابط القانونية والفنية لكل من التأمين على الحياة والتأمين الصحي والأنظمة التقاعدية المختلفة، بطريقة يسهل على المتلقي العربي استيعابها." (ص 16-17).  ومع هذا فقد أفرد بضع صفحات لعرض جوانب من تأريخ التأمين على الأشخاص، وخاصة التأمين على الحياة، وفائدته الاقتصادية. (ص 21-23).  يعني هذا أن مكتبة التأمين العربية ما زالت تنتظر مؤلفاً مكرّساً لاقتصاديات التأمين على الحياة في العالم العربي، وكذلك تأريخ هذا التأمين.

من مزايا الكتاب لغته الخالية من التعقيد، والاقتصاد والوضوح في العرض مما يقرّب المفاهيم الصعبة من ذهن القارئ.

ومن مزاياه أيضاً هو أنه لم يتوقف عند المفاهيم السائدة لتأمين الأشخاص، وهي المفاهيم التي اقتبسناها من الغرب، بل أخذ بالحسبان ما ظهر خلال العقود الأربعة الأخيرة من شكل "جديد" لهذا التأمين أطلق عليه اسم التأمين التكافلي أو التأمين الإسلامي على الممتلكات وعلى الحياة، يعرضه ويعلق عليه بموضوعية.  وقد استوقفني بهذا الشأن محاجته لأطروحة تحدّي القدر الإلهي (ص 44-48) مستفيداً من كتابات من نادوا بمشروعية التأمين في ردهم على شبهة التحدي وشبهة التعارض مع قواعد الميراث والوصية.  مثلما استوقفني عرضه للاستثناء المطلق للانتحار[2] من غطاء التأمين على الحياة في وثيقة تأمين إحدى شركات التأمين الإسلامي (ص 322)، إذ أن التأمين التجاري يكتفي في حال الانتحار أن يردَّ للمستفيد من وثيقة التأمين ما ترتب عليها من الاحتياطي الحسابي.

أعرف بأن الأستاذ بهاء بهيج شكري له متاعبه الصحية لكن ذهنه ما زال متوقداً قوياً، مهتماً بالتفاصيل وبتاريخ الأشخاص والأحداث.  ولذلك آمل منه أن يرفد المكتبة العربية بما خطط له من مشاريع دراسية لفروع أخرى للتأمين.

مصباح كمال
30 كانون الثاني 2019



[2] اعتقد أن شركة التأمين الإسلامي تستثني دفع منفعة وثيقة التأمين على الحياة في هذه الحالة عملاً بالنص القرآني: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا." (سورة النساء، الآية 29)، وما يقرب منه من أحاديث منسوبة للنبي.  هذا بالرغم من أن المعنى قد ينصبُّ على قتل الإنسان (المسلم) لنفسه أو قتل هذا الإنسان لغيره.  ومفاد هذا الاستثناء هو حرمان المستفيد من وثيقة التأمين، المسمى في وثيقة التأمين، مما هو مستحق للمستفيد من الاحتياطي الحسابي لدى شركة التأمين – على عكس ما تعمل به شركات التأمين غير الإسلامية بدفع منفعة الوثيقة للمستفيد.

ومن الغريب، وكما يورد المؤلف، فإن وثيقة التأمين لهذه الشركة لا تضم استثناءً لحالة قتل المُشترك (المؤمن عليه) عمداً من قبل المُستفيد المسمى في وثيقة التأمين (ص 322).  في حين أن وثيقة التأمين على الحياة، غير الإسلامية، تنصُّ على إعفاء شركة التأمين من دفع مبلغ التأمين في هذه الحالة.  وذلك باعتبار أن التأمين لا يكافئ الجريمة.

ليست هناك تعليقات: