إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/01/30

وقفة جادة مع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المحامي جبار عبد الخالق الخزرجي خبير تأمين مستشار قانوني للشركة الأهلية للتأمين وشركة السلام للتأمين وشركة الرهام للتأمين، بغداد مقدمة صدر الأمر المرقم 10، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، ونشر في جريدة الوقائع العراقية، العدد 3995 في 2/3/2005. وللأهمية التي يشكلها هذا القانون في حاضر ومستقبل قطاع التامين في العراق، كجزء من القطاع الاقتصادي والمالي في بلادنا، نستعرضه وفق التسلسل التالي: نبذة تاريخية بعد صدور قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم (56) لسنة 1950 عرفت السوق العراقية شركة وطنية للتأمين، مارست أعمالها وأصدرت وثائقها باللغة الانكليزية والمنظمة وفق القانون الأنكلو-سكسوني، الإنجليزي، وترجمت إلى العربية بعد ما يفوق على العقدين من السنين. وكانت عمليات التأمين قبل ذلك وبعده تتم من قبل شركات التامين الأجنبية وفروعها بموجب قانون شركات الضمان (السيكورتاه) والذي نشر ذيلاً لقانون التجارة البرية والنافذ المفعول حتى الوقت الحاضر، يعالج عقد التأمين في خمسة وعشرين مادة. صدر القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 وعالج الفصل الثالث من الباب الرابع عقد التأمين في أربعة وعشرين مادة، تناول فيه عقد التأمين وشروطه وأحكامه مع بيان التزامات المؤمن له والمؤمن وأحكام خاصة بأنواع مختلفة من التأمين كالتامين على الحياة والتأمين ضد الحريق وعن المسؤولية. والغريب أن القانون المدني لم يلغي المواد التي تعالج عقد التامين والوارد بقانون شركات الضمان (السيكورتاه) العثماني رغم عدم الحاجة إليها لتنظيم أحكام عقد التامين في القانون المدني علماً بأن الأحكام الواردة بالقانونين المذكورين مأخوذة من أحكام القانون اللاتيني، الفرنسي، مما أوجد تناقضاً بين الصياغة القانونية لوثائق التامين المعمول بها بالعراق والمصاغة وفقاً للقانون الانكليزي وبين أحكام القانونين المذكورين والمستمدة أحكامها من القانون المدني الفرنسي. في عام 1960 تم تأسيس شركة إعادة التامين العراقية بموجب القانون رقم (21) لسنة 1960 وهي أول شركة عربية تفتح لها مكتب اتصال مع السوق الانكليزية في لندن، وابتدأت بممارسة أعمالها في عام 1961 لإعادة تامين الأخطار في السوق العراقية والتي تتجاوز في أخطارها الطاقة الاستيعابية لشركات التأمين العاملة في السوق العراقية. وواصلت أعمالها ونشاطها لحين احتلال الكويت في آب عام 1990. تم تأسيس الشركة العراقية للتأمين على الحياة متخصصة بهذا النوع من التامين ورغم نجاحها أدمجت فيما بعد مع شركات تأمين القطاع العام ثم أخذت تمارس مختلف أعمال التأمين وهي من شركات القطاع العام الناجحة. وهناك حالياً أربعة عشر شركة أهلية للتامين تمارس أعمالها بنجاح رغم الصعوبات القائمة. صدر قانون التأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات المعدل (205) لسنة 1964 وحل محله بعد ذلك قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم (52) لسنة 1980 والنافذ حتى الوقت الحاضر. وصدر قانون التأمين الإلزامي للسفن النهرية رقم (25) لسنة 1973. تعرض قطاع التامين للعقوبات الاقتصادية من قبل هيئة الأمم المتحدة (1990-2003) وأخيرا واستنادا لقرار مجلس الأمن المرقم 1483 وضعت اليد من قبل سلطات التحالف على الموجودات النقدية لهذه الشركات العامة علماً بأن موجوداتها وأبنيتها تعرضت للسلب والنهب والحرق كباقي دوائر الدولة الأخرى. استعراض قانون تنظيم أعمال التامين يتكون القانون من مائة وست مواد مقسمة على سبعة أبواب. في الباب الأول عالج السريان والتعاريف، والباب الثاني مخصص لديوان التامين، والباب الثالث لإجازة ممارسة أعمال التامين، والباب الرابع لرقابة رئيس الديوان على المؤمنين، والباب الخامس تحويل الوثائق وتملك واندماج وتصفية المؤمنين، والباب السادس وكلاء ووسطاء وخبراء التأمين ومنازعاته، والباب السابع أحكام متفرقة. ملاحظاتنا على القانون 1- إن قانون الاستثمار الأجنبي رقم (39) الصادر في 19/9/2003 أستثنى قطاع التامين من أحكامه. أضف إلى ذلك أن قانون التجارة المعدل رقم (30) لسنة 1984 في الفقرة (14) من المادة الخامسة اعتبر التامين من الأعمال التجارية، وبناء عليه فان الحفاظ على الشخصية المعنوية المستقلة لشركات تأمين القطاع العام والتي اكتسبتها بموجب قانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997 مسألة جوهرية وقد منحها الاستقلال المالي عن ميزانية الدولة وبالتالي جعلها شركات تامين تجارية تمارس استقلالها التام في كل نشاطاتها عن الدولة وحسب واقع سوق التأمين الحالية في العراق بعيداً عن التخصص والخصخصة وضمن محافظها التأمينية وتجربتها العريقة والجيدة لنصف القرن الماضي ومع واقع الكثافة التأمينية المعتمدة أصلاً على دخل الفرد العراقي. يبنى على ذلك أن الفقرتين أولا وثالثاً من المادة (16) في قانون أعمال التأمين غير ملائمة لسوق التامين العراقية التي تدعو إلى التخصص وعلى المشرع العراقي وقف العمل بها بأسرع وقت ممكن. 2- إن الكثير من شركات التأمين وإعادة التأمين الأجنبية شركات وهمية وان السمعة الطيبة والرصانة المالية والخبرة العريقة في سوق التأمين العراقية والتي تزيد على نصف قرن تؤهل شركاتنا الوطنية، كتأمين مباشر وإعادة تأمين، لتضميد جراحها وإعادة بناء كيانها والحفاظ وصيانة هذه الشركات وعدم منح أفضلية للشركات الأجنبية وفروعها على شركاتنا الوطنية. وبالتالي يصبح من الضروري إلغاء الفقرة (3) من المادة(13) والفقرة (2) من المادة (14) والفقرة (5) من المادة (38) من القانون. 3- إن تأسيس جمعية مهنية تسمى (جمعية المؤمنين ومعيدي التأمين العراقية) المنصوص عليها في الفقرة أولاً من المادة (84) خطوة جيدة ومفيدة ويستوجب في رأينا تفعيل دور هذه الجمعية وجعل آرائها وطلباتها ملزمة الاعتداد والاسترشاد بتلك الآراء والطلبات وذلك انطلاقاً من ضرورة تعشيق وتمتين العلاقة بين شركات القطاع العام والمختلط والخاص في باب التامين وإعادته لخدمة الاقتصاد الوطني وحمايته من مختلف الأخطار. وبناءاً عليه فان إجراء التأمين على الأموال العامة والأخطار التي ترغب الوزارات ودوائر الدولة في التامين عليها بالمناقصة العلنية الواردة بالمادة (81) لا تتناسب وهذه الشفافية والتعاون والتنسيق بين قطاعات التامين الثلاث، العام والمختلط والخاص، وذلك لكونها تتعارض مع طبيعة عمل التامين التجاري والذي يحتاج إلى السرعة ويتعارض مع إجراءات المناقصة الطويلة والمعقدة. أضف إلى عدم تحقيق العدالة المطلوبة في توزيع التغطية التأمينية لأخطار دوائر الدولة ووزاراتها على شركات التامين وقطاعاتها الثلاث، ومن الضروري البحث عن آلية بديلة مناسبة. 4- إن قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 وقانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997 نظما كيفية تأسيس الشركات الخاصة والمختلطة والعامة وإدارتها وزيادة رأس مالها ومراقبتها ودمجها وتحويلها وتصفيتها وإعلان إفلاسها. وهناك نظام وفروع ومكاتب الشركات والمؤسسات الاقتصادية الأجنبية رقم (5) لسنة 1989 وغير ذلك من تفاصيل الحياة القانونية لتلك الشركات، وبالتالي فإن وضع أحكام ومواد قانونية مغايرة أو متعارضة في قانون تنظيم أعمال التأمين الواردة بالفصل الرابع (إعادة التأهيل)، المواد من (51) إلى (57)، لا مبرر لها وتعرقل وتعيق النمو والازدهار والتطور لقطاع التامين، نرى إلغاؤها لعدم الحاجة إليها. الخاتمة بهذا الاستعراض لواقع التامين وأسواقه في العراق وللملاحظات القانونية الأساسية على القانون نرى ضرورة إعادة النظر في هذا القانون وبأسرع وقت ممكن من قبل الجمعية الوطنية لتعلقه بأحد أهم النشاطات الاقتصادية والمالية في العراق بعد النشاط المصرفي. المحامي جبار عبد الخالق الخزرجي بغداد كانون الثاني 2005

ليست هناك تعليقات: