إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/02/02

سوق التأمين العراقي وندوة "خطر الإرهاب وكيفية مواجهته تأمينياً" مصباح كمال يمارس الاتحاد العام العربي للتأمين (مقره في القاهرة) دوراً إيجابياً في عقد ندوات عن مواضيع مهمة ذات صلة بواقع التأمين في العالم العربي وسبل تطويره من خلال مشاركة جماعية لعاملين متميزين في القطاع وكذلك الاستفادة من غيرهم، كجزء من برنامجه الثقافي المقر في مؤتمره العام. وفي رأينا فإن عقد هذه الندوات توفر الفرصة للتعريف بالقدرات الفكرية والفنية التأمينية العربية، وتقديم مساهمات أصحابها في لقاءات علنية تخضع للمناقشة العلمية، وتحفز على تطوير الممارسة من خلال التوصيات والمقترحات، كما توفر فرصة لاكتساب وصقل المعرفة. وقد عقد الاتحاد مؤخراً ندوة حول "خطر الإرهاب وكيفية مواجهته تأمينياً" (القاهرة، 19-20 تشرين الأول/أكتوبر 2008) تم فيها تقديم الأوراق التالية نذكرها مع حفظ ألقاب أصحابها: مصطفى رجب، الحلول الوطنية لتأمين خطر الإرهاب. محمود عبد الله، تأمين خطر الإرهاب من واقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. امور أركان، الإرهاب: الخطر والحلول التأمينية لمواجهته. جمال حمزه، العوامل الأساسية للاكتتاب في تأمينات أخطار الإرهاب. التوصيات وكانت حصيلة الندوة إصدار مجموعة من التوصيات ننقلها لفائدة القارئ وتوفير فرصة للتعليق والنقد[1] لكننا لن نناقش مضمون التوصيات. "1 العمل على نشر الوعي التأميني لدى المؤسسات والأفراد من خلال قيام شركات التأمين وهيئات الرقابة والاتحادات والوسطاء بإعداد برامج توعية بوسائل الإعلام المختلفة لتوضيح أهمية التغطية ضد خطر الإرهاب وضرورة توفير الحماية التأمينية للمنشأة وعملائها والعاملين بها. 2 دعوة شركات التأمين لدراسة محافظ عملياتها وتحديد الوثائق الأكثر عرضة لأخطار الإرهاب والتخريب، وتكثيف اتصالاتها بحملة هذه الوثائق لإقناعهم بضرورة توفير مثل هذه التغطية. 3 أهمية تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف ذات العلاقة بخطر الإرهاب، من خلال توفير التغطية التأمينية المناسبة بأسعار وشروط تتناسب مع درجة التعرض للخطر واحتمالات تكراره مما يتحقق مع استمرارية التغطية التأمينية. 4 الدعوة لتكوين مجمعة أو حساب مشترك لكل سوق تأمين وطني لتغطية أخطار الإرهاب والتخريب. 5 الدعوة إلى بحث إمكانية فرض التأمين إلزامياً على الممتلكات الحكومية بالإضافة إلى المنشآت الصناعية والتأمينية والخدمية مما يمكن معه التأمين على أكبر عدد من الممتلكات ليتحقق معها التوزيع الجغرافي وانتشار الخطر وتوفر قاعدة عريضة من العملاء تسمح بتوافر الأعداد الكبيرة لمثل هذه التغطية. 6 دعوة شركات التأمين العربية في كل سوق تجميع طاقاتها الاستيعابية (الاحتفاظية) لتأمين خطر الإرهاب والتعاون مع الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب لأجل تعظيم هذه الطاقات، مع التأكيد على الحاجة الماسة لإيجاد ضمانة حكومية تعمل بعد هذه الطاقات. 7 دعوة شركات التأمين العربية – التي لم تنضم بعد لعضوية الصندوق حتى يمكنها الاستفادة من التغطيات المتاحة لدى الصندوق. 8 تشكيل لجنة فنية تضم بعض المختصين كممثلين عن الاتحاد العام العربي للتأمين وممثلين عن الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب لبحث آلية التعاون بين الاتحاد والصندوق، وكيفية تطوير الطاقة الاستيعابية مع الإمكانيات المتوفرة لدى الصندوق." ما يهمنا هنا، بعد قراءتنا للتوصيات، هو إثارة بعض الأسئلة عن هذه الندوة وتقديم بضعة ملاحظات قصيرة بشأنها من منظور ما له علاقة بسوق التأمين العراقي. غياب مشاركة الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب نسأل، أولاً، عن سبب غياب الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب (مقره في المنامة) من خلال المشاركة بورقة عن تجربة الصندوق في مجال التأمين على أخطار الإرهاب. نلاحظ أن ثلاثاً من التوصيات: 6، 7 و 8 تركز على تعاون أسواق التأمين العربية مع الصندوق، وانضمام شركات التأمين العربية إلى عضويته، وبحث آلية التعاون بين الاتحاد والصندوق وكيفية تطوير الطاقة الاستيعابية للصندوق. كان من شأن مشاركة الصندوق لو قام بعرض هذه التوصيات الخاصة به، وربما غيرها من توصيات اعتماداً على تجربته، في ورقة عمل، تسهيل دراسة تعميق دور الصندوق في تأمين خطر الإرهاب والتخريب في العالم العربي، وهو مؤسسة عربية تضم عضويتها شركات تأمين من مختلف الأقطار العربية. لعل الجواب عن غياب الصندوق موجود لدى الهيئة المنظمة للندوة أو الصندوق نفسه. غياب مشاركة سوق التأمين العراقي ونسأل، ثانياً، عن عدم مشاركة سوق التأمين العراقي بورقة في الندوة. عدم المشاركة هو أمر مؤسف خاصة وأن هذا السوق طور غطاءً تأمينياً مبسطاً وبحدود تعويضية واطئة، يلحق بوثائق تأمين الحوادث الشخصية الجماعية، للحماية من آثار خطر الإرهاب قدر تعلقها بالأضرار البدنية، بما فيها الوفاة، التي تلحق بالأشخاص. عرض تجربة سوق التأمين العراقي، الذي لم يكن له تجربة سابقة في هذا المجال قبل 2003، كان سيكون مفيداً بحد ذاته للتعرف على طبيعة الغطاء ونطاق التغطية، والآليات المتحكمة في تطبيقه، والتعريف المعتمد للإرهاب ومصدر التعريف، وكيفية تحديد الأسعار، وتسويق الغطاء، ومستقبل الغطاء .. الخ. كما أن مثل هذا العرض كان سيوفر فرصة جيدة لمناقشة الموضوع والتجربة الفتية لسوق التأمين العراقي من قبل نخبة متميزة من رجال ونساء التأمين المشاركين في تقديم أوراق الندوة. ولعل المناقشة كان سيثمر عن مقترحات لتدارس إمكانية توسيع الغطاء وتطبيقه في أكثر من فرع تأميني، وربما الدعوة لمشاركة الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب في توفير غطاء إعادي إضافي أو مستقل لمحفظة الإرهاب العراقية خاصة وأن هذه المحفظة مستثناة من الاتفاقيات الإعادية الأساسية التي تديرها شركة إعادة التأمين العراقية لصالح جميع الشركات العاملة في السوق. أخطار المحفظة في الوقت الحاضر يحتفظ بها داخل العراق دون أية حماية إعادية خارجية. وبسبب هذا الاحتفاظ، الذي يفتقر إلى الحماية الإعادية الجيدة، فإن نطاق الغطاء يظل صغيراً وقد يمضي وقت ليس بالقصير قبل أن يتطور ليواكب التغييرات الحاصلة في مستوى الدخول وغيره من العناصر المؤثرة على طلب هذا النوع من التأمين. ولا يرقى غطاء تأمين خطر الإرهاب في العراق إلى مستوى "الحلول الوطنية لتأمين خطر الإرهاب" الذي عالجه د. مصطفى رجب في ورقته. فقد اقتصر د. رجب على الحلول الأوروبية ولم يأتي على ذكر المحاولة العراقية البسيطة اليتيمة. غياب مشاركة ممارسي التأمين في العراق ونسأل، ثالثاً، عن عدم مشاركة ممارسي التأمين في العراق في مثل هذه الندوات[2] وهي التي توفر الفرص لتعلم ما هو جديد وتعزيز المعرفة بما هو قائم. مثل هذه المشاركة ضرورية في سوقٍ تهرأ وهزُل من جراء الحروب والحصار الاقتصادي الطويل والغزو والاحتلال وما تبع ذلك من استفحال سوء الوضع الأمني. المشاركة في ندوات علمية، وهي إن كانت جدية تشكل مصدراً آنياً لبناء المعرفة المهنية، ليس ترفاً بل جزءاً مكملاً لعملية بناء قدرات العاملين وهي التي تتم من خلال التدريب والتعليم النظري واكتساب المهارات أثناء العمل، وكذلك من خلال الأداء الموجه والمراقب بهدف التطوير وليس برصد الأخطاء لذاتها. لن تحدث نقلة نوعية في سوق التأمين العراقي ما لم تبادر إليها شركات التأمين اعتماداً على مصادرها الداخلية واستقداماً للموارد التدريبية والتعليمية والاستفادة من الفرص المتوفرة في الخارج. إلى متى يبقى البعير على التل؟! مصباح كمال لندن 2 شباط/فبراير 2009 [1] لا ينشر الاتحاد مواضيع الندوات في كتب دائماً، كما لا ينشر نصوصها في موقعه الإلكتروني: http://www.gaif-1.org/index.html ويقوم أحياناً بنشر بعض مواضيع الندوات في مجلته الفصلية التأمين العربي. وقد نشر دراسة د. مصطفى رجب "الحلول الوطنية لتأمين خطر الإرهاب" في العدد 99، ديسمبر 2008 من المجلة. [2] حسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية الأعضاء في الاتحاد هي الشركات العامة حصراً إذ أن الشركات الخاصة لم تتقدم لعضوية الاتحاد. مشاركة أي من العاملين في الشركات العامة في مؤتمر أو ندوة أو اجتماع خارج العراق ما زال يخضع لضوابط بيروقراطية تتمثل بموافقات داخلية لدى الشركات وموافقة وزارة المالية. ولم يجري لحد الآن مراجعة هذه الضوابط لتسهيل عمل الشركات العامة. أما الشركات الخاصة فيبدو أن أوضاعها المالية الضعيفة لا تشجع على قيام العاملين فيها إلى السفر إلا الخارج إلا لأغراض الإنتاج (ربما تكون هذه المعلومة غير دقيقة وتحتاج إلى من يؤكدها أو يصححها).

ليست هناك تعليقات: