إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/02/23

نزيف أقساط التأمين في العراق كتبنا هذه المقالة على عجل ونعتذر من القارئ إن شابها القصور. مصباح كمال مرة أخرى يطل علينا السيد وزير التخطيط والتعاون الإنمائي بتصريح عن بعض جوانب الاقتصاد العراقي. فتحت عنوان: "علي بابان لـ (النور): البنك المركزي يشجع على تهريب ملايين الدولارات" نشرت صحيفة النور التي تصدر عن وكالة (الملف برس) خبراً بقلم محمد الجبوري بتاريخ 22/2/2009، انتقد فيه السيد الوزير: "السياسة النقدية للبنك العراقي التي شجعت على تهريب ملايين الدولارات من العراق، وقال في تصريح خص به (النور): ((اليوم المزادات التي تسمعونها في البنك المركزي العراقي وان الدولة باعت 400 مليون دولار هذا لا يذهب إلى تمويل التجارة بل يذهب إلى التهريب وهو نزيف للاحتياط العراقي وتهريب المال العراقي)). وكشف بابان عن أن تهريب الخبرات والأموال العراقية جار منذ 2003 بوتائر عالية وحتى قبل هذا التاريخ وهما رأس المال العراقي الحقيقي وعنصرا العمل هما الرجال والمال. ويرى أن سياسة البنك الحالية شجعت على هذا فالعراق اليوم حسب قوله نزف كثيرا ويجب أن يتوقف هذا النزيف وان تعود الخبرات والمال لبناء البلد وهذا لن يأتي بقرار حكومي بل حين تستقر الأوضاع وحصول الأمان والاستقرار والأجواء الاقتصادية المشجعة على العمل ولن نجد فقط الأموال العراقية بل حتى الاستثمارات الأجنبية لاسيما ان تغيير الظروف بمجملها هي من سيعيدهم." [التأكيد من عندنا. ميم كاف] نقرأ في الصحف العراقية أخباراً عن التفريغ اليومي للبضائع المستوردة من السفن في الموانئ العراقية، وإرساء عقود المشاريع على شركات وطنية وأجنبية وبأقيام عالية جداً لكننا قلما نقرأ عن تأمين هذه البضائع الداخلة إلى العراق أو المشاريع الإنشائية وغيرها من الأصول والمصالح والمسؤوليات القانونية التي تنشأ منها.[i] غياب التأمين يعني ببساطة غياب أقساط التأمين التي كان من الممكن أن تستفيد منها شركات التأمين العراقية لو قامت بالتأمين على هذه البضائع والمشاريع والمصالح والمسؤوليات. التأمين المسكوت عنه هو بمثابة السر المفضوح لكن أحداً من المسؤولين لم يعره ما يستحق من انتباه. السيد وزير التخطيط زعم مرة عدم وجود شركات للتأمين في العراق.[ii] ودعا في وقت لاحق إلى تأسيس شركات للتأمين.[iii] واليوم يحدثنا عن نزيف المال العراقي، وهو، في اعتقادنا، نزيف ينصّب على التهريب الحقيقي للمال العراقي كما يؤكد السيد الوزير. ويضم هذا النزيف عنصراً، يهم قطاع التأمين العراقي، لم يأتي السيد الوزير على ذكره ونعني به أقساط التأمين التي تحرم منها شركات التأمين العراقية. كيف؟ من خلال قانون تأمين أعمال التنظيم لسنة 2005 الذي لا ينص على تأمين الأصول العراقية والمسؤوليات الناشئة عنها لدى شركات تأمين مسجلة في العراق. من خلال بعض القرارات التوجيهية لوزارة التخطيط. وهو ما أشار إليه السيد سعدون مشكل خميس الربيعي، المدير المفوض للشركة الأهلية للتأمين، في كتابه المؤرخ 23/12/2008 الموجه إلى وزارة المالية/ديوان التأمين، الذي وزعه على شركات التأمين العراقية. فقد ذكر في هذا الكتاب القيم، اقتراحاً لإعادة النظر في بعض مواد القانون رقم 10 لسنة 2005 "لأنه وفر الغطاء القانوني للتأمين لدى شركات غير عراقية. صحيح أن المادة 25 من الدستور العراقي تشير إلى (تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي على وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته) ونحن مع تشجيع القطاع وتنشيطه ودعمه بقوة في مجال الاستثمار ولكن نعارض الاستحواذ على الموارد المالية المتمثلة بأقساط التأمين وتسريبها إلى الخارج. ومثال على ذلك (تعليمات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي رقم 1 لسنة/2008 المادة 9 فقرة ب الاعتمادات المصرفية سمحت للمجهز (البائع) الأجنبي التأمين على البضائع خارج العراق من قبل الشركات الأجنبية." [التأكيد من عندنا. ميم كاف] وأشار إليه أيضاً السيد محمد فؤاد شمقار، المدير المفوض لشركة دلنيا للتأمين.[iv] من خلال قانون الاستثمار العراقي وكذلك قانون الاستثمار لحكومة إقليم كوردستان بالسماح للمستثمر التأمين لدى شركة تأمين أجنبية أو وطنية حسب رغبته. وقد تعرضنا للموضوع في مقالات منشورة في مدونة التأمين العراقي. من خلال العقود التي تبرمها الوزارات العراقية دون النص على إجراء التأمين لدى شركات تأمين عراقية. من خلال تجاهل التأمين كما في عقود واتفاقيات وزارة النفط ومنها الاتفاقية العراقية الأردنية عن بيع النفط العراقي بأسعار تفضيلية وعدم إشراك شركات التأمين العراقية في تأمين الجانب العراقي من عملية النقل، وغيرها من العقود. ويرد في تصريح السيد الوزير: "فالعراق اليوم حسب قوله نزف كثيرا ويجب ان يتوقف هذا النزيف وان تعود الخبرات والمال لبناء البلد وهذا لن يأتي بقرار حكومي." لو سلمنا جدلاً أن التغيير لن يأتي بقرار حكومي هل يا ترى أن استقرار "الأوضاع وحصول الأمان والاستقرار والأجواء الاقتصادية المشجعة على العمل" كما يؤكد سيؤدي إلى وقف نزيف أقساط التأمين العراقية دون مرورها بشركات التأمين العراقية؟ من أين التغيير يا سيدنا الوزير وقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 قد شَرّع لهذا النزيف؟ نأمل أن تتضمن دعوة السيد الوزير "إلى عقد مؤتمر يومي 25 و26 بحضور كافة الخبراء والأكاديميين سيسلط الضوء على البحث عن بدائل التنمية في العراق في ظل انخفاض عائدات النفط التي هي ليست مجهولة فلدينا الزراعة والصناعة" إشارة لشركات التأمين العراقية، ولو من باب رفع العتب. ونأمل أيضاً أن تقوم جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق بإرسال من يمثلها في هذا المؤتمر. وكما ذكر السيد شمقار في مقالته:[v] "لرفع الحيف عن القطاع نود أن نسمع الرد الحازم من جانب المعنيين والمشرفين على القطاع في مؤتمر شباط لوزارة التخطيط وإبراز الدور المشرف لهذا القطاع بالأرقام والإحصاء والوقائع ومدى مســاهمة القطاع في تنمية الاقتصاد الوطني في قطاع التأمين بشقيه التأميني (الإنتاجي والاستثماري) .." نود أن نضيف، كجواب أولي مسبق وبسيط في الرد على تسفيه إمكانيات شركات التأمين العراقية، ان المسألة، في هذه المرحلة، ليست مجرد احتساب لأرقام أقساط التأمين فواقع الإمكانيات الاكتتابية والاحتفاظية لشركات التأمين العراقية ضعيفة جداً، بل المسألة تكمن في بناء قدرات هذه الشركات من خلال مرور أقساط التأمين في قنواتها. هذه مسألة أساسية ترتبط بتعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. من يوقف نزيف أقساط التأمين العراقي؟ من المؤسف أن المحاولات ما زالت دون المستوى المطلوب. اهتمامات القائمين على الشأن التأميني في العراق تنحصر في أمور لا تصبّ رأساً في مهمات بناء صناعة التأمين العراقي الفيدرالي. فالدولة الاتحادية في منأى عن الشأن التأميني وكذا الأمر بالنسبة لحكومة إقليم كوردستان. أوضاع التأمين الحالية في العراق هي خليط من إرث الماضي، وانعكاس لغياب الإرادة السياسية في رسم الإطار العام لسياسة تأمينية واضحة تضع المصالح الاقتصادية لشركات التأمين العراقية في أولوية المهام، وضعف الإدارات التأمينية في الذود عن مصالح مؤسساتها. مصباح كمال لندن 23 شباط 2009 [i] وقد كتبنا غير مرة عن هذا الموضوع. أنظر، على سبيل المثال مقالتنا: مصباح كمال: "لماذا تحرم شركات التأمين العراقية من أقساط التأمين؟" المنشورة في هذه المدونة بتاريخ 14/4/2008. [ii] أنظر: مصباح كمال، "رسالة غير مكتملة إلى جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق: لنعمل على وقف الإساءة لقطاع التأمين العراقي"، مدونة Iraq Insurance Review http://misbahkamal.blogspot.com/ 23 يناير 2009. [iii] أنظر: مصباح كمال "رسالة عاجلة إل جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق" المنشورة في هذه المدونة بتاريخ 5/2/2009. [iv] أنظر: محمد فؤاد شمقار، "في الدفاع عن قطاع التأمين العراقي" المنشورة في هذه المدونة بتاريخ 11/2/2009. http://misbahkamal.blogspot.com/ [v] شمقار، مصدر سابق.

ليست هناك تعليقات: