مشاركة سوق التأمين العراقي
في المؤتمــر العـام السابــع والعشـرون للاتحـاد العـــام العربي للتأميـــن، المنامة، البحرين، 26-28/2/2008
عندما قرأت قبل أيام في قائمة المشاركين في مؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين أن وفداً من قطاع التأمين العراقي سيشارك في هذا المؤتمر، الذي يعقد مرة كل سنتين، سررت لذلك لأن خروج بعض العاملين في القطاع من الإطار الحالي الضيق والمأزوم للسوق العراقي لاجتماع في الخارج قد يساعد، بفضل اللقاء مع الغير، في شحذ الهمم المزعزعة بالمثبطات، على أنواعها، والدفع باتجاه تحسين النشاط التأميني.
وجاء في قائمة المشاركين التي وزعتها الأمانة العامة للاتحاد، مقرها في القاهرة، أن الوفد العراقي يضم:
السيد عبدا لله رحمة إبراهيم الموسوي، مدير عام، شركة إعادة التأمين العراقية.
السيد صادق عبدا لرحمن حسين الخالدي، مدير عام، الشركة العراقية للتأمين.
السيد صادق فاضل عليوي الخفاجي، ومدير مدير عام، شركة التأمين الوطنية.
الآنسة شروق عدنان علي، الشركة العراقية للتأمين [هكذا].
السيد عبد الباقي رضا هادي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة التأمين الوطنية.
وكنت قد سألت الصديق الزميل محمد الكبيسي عما إذا كانت شركات القطاع الخاص ستشارك في المؤتمر. وكان جوابه بالنفي مع احتمال مشاركة واحدة. لكن المحير والمحزن ما علمته بعد ذلك عن رفض وزير المالية لطلب شركات القطاع العام المشاركة في هذا المؤتمر.
رفضُ وزير المالية لسفر الوفد، إن كان الخبر صحيحا، يثير بعض الأسئلة: ترى أية مبررات دفعت بالوزير ومستشاريه إلى اتخاذ هذا القرار وهو من ينسب إليه "تفعيل دور شركات التأمين لأيمانه بأن الحياة الاقتصادية وتوفر مستلزماتها يبدأ من هذه النقطة الحرجة لمواجهة الإرهاب والتصدي له بغية بناء اقتصاد مزدهر تتوفر فيه كل الدعائم الأساسية." (صوت العراق، كانون الثاني 2008) أهو الحرص على أموال الدولة وهي خاضعة لحالة نهب تكاد أن تكون دائمة؟ أهو الاستهانة بالبعد العالمي للنشاط التأميني ؟ أهو عدم الرضا عن المرشحين للوفد أم هي نكاية الأزلام من الإمعات المنتشرين في دوائر الدولة وشركاتها؟ إن كانت شركات التأمين تمثل " النقطة الحرجة لمواجهة الإرهاب والتصدي له" ـ وهو فوق طاقتها ـ ألا ينبغي أن ندعمها ونؤازر جهود إداراتها للتطوير والتواصل مع العالم؟
أوَصَلَ بنا الأمر أن العراق، كما عهدناه في بعض ماضيه وأعني به حصراً ماضي صناعة التأمين، قد بات الآن لا يرجى منه ولا يرجى له؟ لا أجد جواباً مقنعاً، ولعل هناك من يلقي ضوءاً على الموضوع فهو يستحق المزيد من العرض والتحليل قبل القفز إلى إدانته اعتماداً على موقف عام. ويخطر ببالي هنا سؤال: ترى هل أن موضوعة التمويل الذاتي، التي تقوم عليها شركات التأمين العامة، تسعف في رفع اليد الثقيلة للوزارة ووزيرها ومستشاريه عن عمل الشركات العامة؟ وهل أن أصحاب الشأن في الشركات العامة يعملون من أجل استقلالية أكبر في إدارة شؤونها؟
إن من أبرز مقومات العمل التأميني اليوم، والعالم يشهد تطورا هائلا في الاتصالات، هو المرونة والسرعة والمناورة في هذا السوق أو ذاك لاستعادة مواقع الشركات العامة وتأكيد حضورها وأهميتها في تغطية الأخطار العراقية، العامة منها والخاصة، لدى الأسواق العالمية. ويفرض هذا الأمر تحرر إدارات هذه الشركات من القيود التي يفرضها عليها انتمائها لوزارة أو كونها شركة عامة. ويتطلب معالجة هذا الوضع تخويل مجالس إداراتها صلاحيات مالية وفنية وإدارية كافية لتستطيع مواكبة قريناتها في الأسواق العربية والعالمية فحرية الحركة والتواجد والتواصل مع الأسواق العالمية أمور في غاية الحيوية، وإلا فمن غير المعقول أن لا يستطيع المدير العام أو مدير قسم في الشركة من السفر بسرعة لمناقشة اتفاق معين أو إبرام صفقة ما في هذا البلد أو ذاك إلا بعد استحصال موافقة الوزارة .. إلى آخر ما هناك من القرارات التي يبدو أنها تقع خارج صلاحية مجالس إداراتها ومن صلاحيات الوزارة حصرا ونركز هنا بالذات على صلاحيات إدارة المحفظة الاستثمارية للشركة. ولعل مبادرة شركة إعادة التأمين العراقية في سبعينات القرن الماضي إلى تأسيس مكتب اتصال لها في لندن خير دليل علي أهمية ما أوردناه آنفا. كان ذلك قبل ما يزيد عن ربع قرن من الزمن فما بالك باليوم.
مصباح كمال
لندن 12 شباط 2008
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق