إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2020/12/18

Ministry of Finance Press Release on an Insurance Meeting

 

التأمين في بيان للمكتب الإعلامي لوزارة المالية

 

 

مصباح كمال

 

نشرت أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2020/12/16/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b9/

 

 

نشرت بعض الوكالات الإخبارية العراقية بتاريخ 6 كانون الثاني 2020 بيانًا صادرًا من المكتب الإعلامي لوزارة المالية بعنوان "وزير المالية العراقي يطالب بتوفير برامج تأمينية جديدة لحماية المواطنين."[1]  ويبدو أن البيان كان قصيرًا نقلته الوكالات حرفيًا دون تعديل أو إضافة.[2]  فيما يلي سأنقل نص الفقرات الأربع للبيان المنشور نقلًا عن المكتب الإعلامي لوزارة المالية، وأعقب على ما جاء في هذه الفقرات.

 

لم يعرف عن وزارة المالية، قبل الدكتور علي علاوي، اهتمامها الحقيقي والجاد بقطاع التأمين العراقي ومصائره.[3]

 

نقد الفقرات الأربع لبيان المكتب الإعلامي

 

ترأس وزير المالية العراقي، علي عبدالأمير علاوي، اليوم الأحد، اجتماع[اً] ضم مدراء شركات [شركة] التأمين الوطنية وشركة إعادة التأمين [العراقية] التابعة لوزارة المالية، في مقر الوزارة.

 

اجتماع ناقص

نفهم من هذه الفقرة أن المشاركين من شركات التأمين التابعة لوزارة المالية لم يقتصر على المدير العام لكل شركة تأمين بل مدراء آخرين، وهو ما لا يتضح من قراءة البيان.  كان من المناسب أن يقوم المكتب الإعلامي للوزارة بتسمية الشركات التابعة للوزارة وهي شركة التأمين الوطنية، وشركة التأمين العراقية، وشركة إعادة التأمين العراقية، ومن ثم تحديد من حضر من ممثليها.

 

قراءة هذه الفقرة توحي بأن المدير العام لشركة التأمين العراقية لم يكن مشاركًا في هذا الاجتماع.  ونستنتج أن ممثلي ديوان التأمين[4] وشركات التأمين الخاصة من خلال جمعية التأمين العراقية التي تضم في عضويتها شركات التأمين العامة والخاصة، هم أبضاً لم يشاركوا في هذا الاجتماع.  أليس هناك دور للشركات الخاصة في فكر وزير المالية، وكذلك ديوان التأمين في رسم سياسة لقطاع التأمين؟

 

وأكد علاوي، وفقا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لوزارة المالية، على ضرورة تطوير برامج التأمين القائمة، وتوفير برامج تأمينية جديدة توفر الحماية اللازمة للمواطنين، وتوسيع نطاق عمله [نطاق عمل من؟  عمل شركات التأمين العامة؟] بما يسهم في استعادة الثقة بشركات التأمين العراقية.

 

تطوير برامج التأمين

أكدَّ الوزير علاوي على "ضرورة تطوير برامج التأمين القائمة، وتوفير برامج تأمينية جديدة توفر الحماية اللازمة للمواطنين."  من رأي ان استخدام تعبير "برامج التأمين" فيه مجانية ذلك لأن برامج التأمين هي ما تبحث عنه الشركات أو ما تقدمه شركات التأمين لها.  وفي العادة فإن البرنامج التأميني لشركة ما قد يضمُّ جملة من أغطية التأمين من أخطار الحريق، وخسارة الأرباح، والسرقة، والمسؤولية المدنية تجاه الغير، وعطب المكائن، والتأمين الهندسي (لأعمال الهندسة الإنشائية المدنية والميكانيكية والكهربائية والكيمياوية)، وكذلك الأخطار السيبرانية وغيرها من أغطية التأمين المتخصصة.[5]

 

في حين أن المواطن العادي قد يشتري وثيقة تأمين من الحريق، أو وثيقة تأمين على الحياة، أو وثيقة التأمين التكميلي من حوادث السيارات.  وقد يجمع المواطن المقتدر ماليًا ويتمتع بوعي تأميني مناسب بين كل هذه الوثائق.

 

ربما أراد الوزير من "برامج التأمين" وثائق التأمين القائمة التي تحتاج إلى تحديث في اللغة والصياغة.[6]

 

ربما ناقش الوزير مع مدراء الشركات العامة ما يعنيه بتطوير برامج التأمين، مستفيدًا من اطلاعه على مثل هذه البرامج في البلدان التي عمل فيها.  وليس معروفًا إن كان مدراء الشركات قد أشاروا أو أوضحوا العجز الفني لدى الشركات، وضعف التواصل مع تطور صناعة التأمين في البلدان العربية والعالم مما يجعل مَهمَة التطوير خارج نطاق إمكانياتها.

 

استعادة الثقة بشركات التأمين العراقية

يرد في هذه الفقرة أيضًا تأكيد وزير المالية على "استعادة الثقة بشركات التأمين العراقية" دون تحديد هوية هذه الشركات.  هل هي شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية،[7] أم شركات التأمين الخاصة أيضًا؟

 

يفترض هذا التأكيد وجود ثقة سابقة وغياب الثقة في الوقت الحاضر بشركات التأمين العامة (وربما الخاصة أبضًا).  ترى هل أن هذا الموقف من الشركات قائم على انطباعات شخصية أو حكايا متداولة أم أنه جاء بعد دراسة للعلاقات القائمة بين شركات التأمين وجمهور المؤمن لهم والمواطنين بشكل عام؟

 

نفترض أن وزير المالية ومدراء شركات التأمين العامية قد ناقشوا بعض السبل لاستعادة الثقة المفقودة.  لعل الأيام القادمة تشهد على تحرك من نوعٍ ما من قبل الشركات المعنية للتمهيد لاستعادة الثقة.

 

وشدد علاوي، على أهمية دور قطاع التأمين ومدى مساهمته في تحقيق الإصلاح المالي الذي نصت علية [عليه] الورقة البيضاء.

 

هل هناك دور لقطاع التأمين في الإصلاح المالي؟

ما قيمة هذا الكلام الإنشائي؟  وهل أن المواطن العراقي عند قراءته للبيان سيُكوَّن فهمًا أفضلَ لدور قطاع التأمين في الاقتصاد الوطني، ودوره في الإصلاح المالي؟[8]  لا نعرف أين يكمن العيب في هذا التأكيد، أهو عند الوزير أم المكتب الإعلامي الذي نقل عنه موقفه؟  أو لعله يكمن في الكسل الفكري في التعامل مع إشكاليات دور قطاع التأمين؟

 

يمكن لقطاع التأمين أن يساهم في التنمية الاقتصادية لو قُيّض له، من خلال التشريعات السليمة، أن يعظم من حجم أقساط التأمين المكتتبة، وتكوين الصناديق المالية للاستثمار (العيني والمالي) بعد مقابلة التزاماته التعاقدية تجاه المؤمن لهم.

 

وتم أثناء اللقاء طرح معوقات قطاع التأمين وسبل تذييلها [تذليلها] والارتقاء بمستوى عمل القطاع بما ينسجم مع متطلبات المرحلة.

 

ما هي معوقات قطاع التأمين، وما هي الحلول؟

ألم يكن من المناسب تنوير القراء ببعض المعوقات التي يجابهها قطاع التأمين، والحلول المقترحة للتغلب عليها؟  نفترض ان من طرح معوقات قطاع التأمين هم ممثلو شركات التأمين العامة أو من كان منهم حاضرًا في الاجتماع.  لاحظ بأن هؤلاء لا يمثلون قطاع التأمين العراقي بأكمله.  لنتذكر بأن القطاع يضم شركات التأمين العامة، شركات التأمين الخاصة، وسطاء التأمين، وسطاء إعادة التأمين، ديوان التأمين، جمعية التأمين العراقية.  مع ذلك فإن تشخيص المعوقات، وسبل تذليلها، والارتقاء بمستوى عمل القطاع يبدو وكأنه من اختصاص شركات التأمين العامة.

 

مركزية وزير المالية

لقد ركَّز بيان المكتب الإعلامي لوزارة المالية على كل ما يتعلق بوزير المالية فهو الذي "ترأس" الاجتماع، وهو الذي "أكد" على ضرورة تطوير برامج التأمين، وهو الذي "أكد" على تطوير برامج تأمينية جديدة، وهو الذي "شدد" على أهمية دور قطاع التأمين.  لم ينقل لنا البيان أي رأي للمشاركين الآخرين في الاجتماع.  إن ما نقل من رأي لوزير المالي لا يتناسب مع خلفتيه الثقافية والفكرية.

 

ترى هل أن هذا الاجتماع كان بغرض إسماع المشاركين بآراء وزير المالية، أم أنه كان للتشاور معهم والمشاركة في رصد ركود قطاع التأمين العراقي واجتراح بعض الحلول الآنية وأخرى للمدى المتوسط والبعيد؟[9]

 

يستخدم بيان المكتب الإعلامي "قطاع التأمين" وكأن هذا القطاع يقتصر على شركات التأمين العامة، بما فيها شركة إعادة التأمين العراقية، مع إهمال أي ذكر لشركات التأمين الخاصة (أزيد من ثلاثين شركة)، هذا بغض النظر عن القيمة الاقتصادية المشكوكة لبعض الشركات الخاصة ومصادر رأسمالها وافتقارها للكوادر الفنية.

 

من المحزن أن الصحافة التأمينية في العراق تعاني، بشكل عام، من ضعف في فهم مؤسسة التأمين، وعدم قدرة على فهم تفاصيل العملية التأمينية، وقد كانت لي إشارات بهذا الشأن.[10] ويمتد هذا أحيانًا إلى بعض العاملين في التأمين وحتى من يحتل منهم مواقع تنفيذية مهمة في الشركات التي يعملون فيها.

 

 

15 كانون الأول 2020



[1] انتقيت المصدر التالي لنقل البيان: https://iq24.net/?p=22649

 

[2] قرأت نص البيان أولًا في النشرة الإلكترونية للاتحاد العام العربي للتأمين، العدد 80، 14 كانون الأول، 2020، ص 5، ثم تابعته في الوكالات الإخبارية العراقية.

http://www.gaif-1.org/userfiles/file/newsletter/14-12.pdf  سررت بقراءة البيان في هذه النشرة لأن ذكر النشاط التأميني العراقي يكاد أن يكون غائبًا في الصحافة التأمينية العربية والأجنبية.

 

[3] كانت هناك محاولة يتيمة وبائسة لوزير مالية سابق، بيان جبر باقر الزبيدي، لعرض أفكاره حول تطوير قطاع التأمين العراقي (28 حزيران 2009) بعضها ليس بعيدًا من اهتمامات وزير المالية الحالي.  وقد تناولت هذا المؤتمر بالنقد في مقالة بعنوان "نقد ’مؤتمر التأمين‘ وتصريحات وزير المالية،" مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.com/2009/07/28-2009.html

 

 

[4] من خلال صورة للمشاركين في الاجتماع التي نشرتها الوكالات الإخبارية مع بيان المكتب الإعلامي، نعتقد أن المدير العام لشركة التأمين الوطنية وكالة (شغلت موقعها ابتداءً من كانون الثاني 2020) كانت من بين المشاركين في الاجتماع.  وربما كانت تمثل ديوان التأمين أيضًا إذ أنها كُلفت بتمشية أعمال الديوان في أيلول 2020.  إن تكليف شخص واحد بإدارتين، التأمين الوطنية والديوان، يدلُّ على تخبط فكري في وزارة المالية، إذ كيف يمكن الجمع بين إدارة شركة للتأمين وإدارة الرقابة على الشركة وغيرها من شركات التأمين!  يبدو أن الوزارة لا ترى تضاربًا في المصالح conflict of interest في هذا الجمع.

[5] للتعريف ببعض هذه الأغطية وغيرها راجع: منعم الخفاجي، مدخل لدراسة التأمين، (بيروت: منتدى المعارف، 2018)

 

[6] راجع: منعم الخفاجي، نحو قطاع تأمين عراقي فعّال: تحديات وحلول (منشورات شبكة الاقتصاديين العراقيين، 2020)، ص 19-22.

 

[7] شركة إعادة التأمين العراقية ليست موضوعًا لمسألة الثقة إذ أنها بحكم تخصصها لا تتعامل مع جمهور المؤمن لهم.  ولكن قد يمتد غياب الثقة إلى العلاقة بين الشركة وشركات التأمين المباشر، العامة والخاصة، التي تقوم بتوفير حماية إعادة التأمين لها.  وفي وقت ما نشأ ما يشبه الأزمة بين الشركة وبعض شركات التأمين الخاصة.  راجع بهذا الشأن: مصباح كمال، دراسات حول قطاع التأمين العام في العراقي (مكتبة التأمين العراقي، 2020)، ص 182-187.

 

[8] منعم الخفاجي، "الورقة البيضاء وقطاع التأمين،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2020/11/24/%d9%85%d9%86%d8%b9%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%81%d8%a7%d8%ac%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b1%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d9%82%d8%b7%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%aa/

 

مصباح كمال، "في نقد خطة إصلاح قطاع التأمين في الورقة البيضاء،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/11/Misbah-Kamal-White-Paper-Insurance-IEN.pdf

 

[9] من المفيد هنا الإشارة إلى الدراسات التالية: منعم الخفاجي، نحو قطاع تأمين عراقي فعّال: تحديات وحلول (منشورات شبكة الاقتصاديين العراقيين، 2020).  يضم هذا الكتاب الفصول التالية: "مقترحات حول تطوير قطاع التأمين"، "التحديات التي يواجهها قطاع التأمين في العراق"، "سبل النهوض بقطاع التأمين".

 

مصباح كمال، "قطاع التأمين العراقي: قضايا ومقترحات للتطوير،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/09/قطاع-التأمين-العراقي-قضايا-ومقترحات-مصباح-كمال.pdf

 

مصباح كمال، "نحو مشروع لصياغة سياسة لقطاع التأمين في العراق،" مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/10/blog-post.html

 

[10] على سبيل المثل: مصباح كمال، "جريدة العراق اليوم وشركة الحمراء للتأمين: مثال آخر على الكتابة الصحفية عن التأمين،" مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.com/2009/11/blog-post_04.html

 

مصباح كمال، "التأمين في الصحافة العراقية وتضليل الفرد العادي: حالة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات،" مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.com/2013/02/press-misrepresentation-of-insurance.html

ليست هناك تعليقات: