إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/07/19

نقد "مؤتمر التأمين" وتصريحات وزير المالية مصباح كمال ملاحظة عن المؤتمر عقدت وزارة المالية "مؤتمراً" عن التأمين في بغداد يوم 28 حزيران 2009. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا لم يكن هذا مؤتمراً عاماً لقطاع التأمين العراقي إذ أن الدعوات كانت موجهة لشركات التأمين العامة (شركة التأمين الوطنية، شركة التأمين العراقية، شركة إعادة التأمين العراقية) أصلاً وقبل أيام قليلة من انعقاده قام رئيس جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين بالاتصال بالمدراء المفوضين لشركات التأمين الخاصة ودعوتهم لحضور المؤتمر. ويبدو من التصريحات التي أدلى بها وزير المالية "أنه ومنذ فترة بدأ بالاجتماع والاستماع الى وجهات نظر مدراء شركات التأمين الثلاث." ومما يثير الدهشة انه لم يجتمع بممثلي شركات التأمين الخاصة وهو الداعي إلى ما يسميه الاقتصاد الحر ودعامته القطاع الخاص. مشروع تنظيم مؤتمر لقطاع التأمين العراقي كان موضوعاً للتداول خلال الشهور الماضية بين شركات التأمين العراقية العامة والخاصة، وكذلك في اجتماعات جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين. وكنا قد تخاطبنا، كتابة وشفاهاً، بشأن المؤتمر مع بعض أركان سوق التأمين العراقي، ولا يسع المجال الإشارة إليها جميعاً ونكتفي بالإشارة إلى رسالة لنا في آذار 2009 إلى السيد سعدون مشكل خميس الربيعي، المدير المفوض للشركة الأهلية للتأمين ، ذكرنا فيها الآتي: " .. وبالنسبة لمؤتمر التأمين العراقي، الذي ستقوم جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق بعقده خلال سنة 2009، هل أن جدول الأعمال، الذي أشرتُ إليه في رسالتي، سيتضمن الآتي: 1. تعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2009. 2. تفعيل ديوان التأمين العراقي. 3. مراجعة قانون الاستثمار لسنة 2006 بما يتلاءم مع دور شركات التأمين العراقية في التأمين على الأصول المتواجدة داخل العراق. 4. توريدات البضائع إلى العراق (واعتقد بأن هذا البند له علاقة ببعض القرارات التوجيهية التي أصدرتها وزارة التخطيط وهي في غير صالح شركات التأمين العراقية. وقد ضمنتَ رأيك بشأن هذه الفقرة في رسالتك المؤرخة 23/12/2008 إلى ديوان التأمين العراقي/وزارة المالية). جدول الأعمال هذا، إن كان هو المتفق عليه، متماسك فيما يخص الوضع القانوني للنشاط التأميني في العراق مع تخصيص بند لتفعيل الديوان. وأنا أرى أن يبقى الجدول ضيقاً دون التوسع فيه بإدخال بنود عن العلاقة بين شركات التأمين الخاصة والعامة، وضع هذه الشركات في إقليم كوردستان، تطبيق قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 في الإقليم أو مراجعة هذا القانون وآلية إدارته .. الخ. هذه وغيرها من البنود يمكن أن تناقش في لقاءات أخرى وإن أثيرت في المؤتمر أرى أن يؤجل البحث فيها للتركيز على الضمان القانوني لحقوق شركات التأمين العراقية." ويبدو لنا ان الإعداد للمؤتمر كان دون المستوى المتوقع من حيث وضع جدول الأعمال، وتوزيع نصوص المحاضرات والمداخلات، ودعوة ممثلي شركات التأمين العراقية كافة للمشاركة قبل وقت مناسب مما يعزز التحفظات التي لمسناها مؤخراً من بعض الزملاء في الشركات الخاصة ان عدم الاهتمام بإشراك شركاتهم وراءه رغبة الشركات الحكومية في الاستئثار بسيطرة شركاتهم على السوق. كونه أول مؤتمر للتأمين كان يتطلب الإعداد اللائق به وتقديم الأوراق الأساسية مطبوعة وجاهزة للتوزيع على شركات التأمين والمعنيين بالشأن التأميني وعلى الصحفيين أيضاً لمساعدتهم في سبك الخبر جيداً والتعليق على مجريات المؤتمر في ضوء معلومات موثقة. ومن المعروف أن منظمي المؤتمرات غالباً ما يلجئون إلى إعداد نشرات يستفيد منها الصحفيون في كتابة تقاريرهم. لكن أياً من ذلك كان مفقوداً في مؤتمر أريد أن يكون الأول من نوعه في العراق، ولعلل أركان القطاع ينتبهون إلى ذلك في مؤتمراتهم القادمة. لعلنا متعسفين في قراءة الوضع وتقييمنا الأولي ليس صحيحاً ولذلك ًنرجو من أصحاب الشأن تصحيحه، وفي ذات الوقت نتمنى على الجمعية أو أحد المشاركين في المؤتمر توثيق أعمال هذا المؤتمر ونشره في مطبوع يوزع على جميع شركات التأمين العراقية والأطراف العراقية الأخرى ذات العلاقة لضمان المتابعة والتطوير بشأن تبني المقترحات المقدمة أو التي ستقدم من قبل اللجان[1] المنبثقة عن المؤتمر ومساءلة أصحاب الشأن عن اعتمادها ومدى تطبيقها. نعتقد ان الإعداد والتنسيق لهذا لمؤتمر كان دون المستوى المطلوب فهو لم يعتمد على تقديم بحوث بالمعنى الضيق لهذه الكلمة. واقتصرت مساهمة شركات التأمين على تقديم أوراق ذات طابع عمومي من قبل شركات التأمين الحكومية وذلك دليل آخر على عدم التهيئة المناسبة للمؤتمر. وانيطت مهمة عرض موقف شركات التأمين الخاصة، على عجل، إلى المدير المفوض للشركة الأهلية للتأمين الذي ارتجل كلمة أمام المؤتمرين لم تنقل فحواها إلينا إلا أن خطابه الذي كان قد أرسله إلى وزارة المالية في 23/12/2008، والذي لم ترد عليه الوزارة أو الديوان آنذاك (ليدللان من خلال سكوتهما على عدم اهتمامهما بقطاع التأمين العراقي) أصبح الصوت الوحيد الذي يدفع نحو إعادة النظر بقوانين التأمين القائمة وبغيرها من الضوابط والتوجيهات التي تمس مصالح شركات التأمين كافة، وإن كان انتدابه مناسباً. فهو كان قد خاطب الوزارة في أواخر 2008 بشأن قضايا قطاع التأمين، واستفاد من ذلك الخطاب، بعد تحديثه، لتكون ورقة عمل للمؤتمر.[2] تحليل ونقد تصريحات وزير المالية نسبت وكالة أنباء الإعلام العراقي/واع جملة من التصريحات لوزير المالية العراقي تحت عنوان "وزير المالية: غياب وعي التأمين سببه تقصير شركات التأمين" (واع، 29/6/2009) ومنها: "قال وزير المالية باقر جبر الزبيدي ان غياب وعي التامين لدى المواطن وعدم نشره بين ابناء الشعب هو تقصير من شركات التأمين بلا شك. واضاف الزبيدي انه ومنذ فترة بدأ بالاجتماع والاستماع الى وجهات نظر مدراء شركات التأمين الثلاث، مشيرا الى انه وجد ان هذا القطاع مهمل بشكل كبير ومتخلف خاصة بعد 1980 حيث انحدر انحدارا كبيرا في اقساط التأمين والاهتمام به وصولا الى ما مر به العراق من حصار اقتصادي، موضحا انه استلم قطاعا تأمينا مهملا بالكامل حيث بدأت الوزارة خطوات الاهتمام بالشركات الحكومية ودعم القطاع الخاص حتى وصلت الى مرحلة ان تكون ذا نقله نوعية عما كانت عليه سابقا ودعا الزبيدي الى زيادة الوعي التأميني لدى المواطن حيث ان هذا القطاع يحافظ على املاك المواطن ويدعم الاقتصاد الوطني."[3] بؤس الكتابة الصحفية عن التأمين. قبل أن نقوم بتحليل وتقييم هذه التصريحات نود الإشارة أولاً إلى الصياغة الركيكة للخبر[4] فالكاتب يفترض أن القارئ العادي يعرف من هي "شركات التأمين الثلاث" حتى من دون ذكر أسمائها أو تحديد عائديتها للقطاع العام أو القطاع الخاص. ولذلك نأمل أن يكون ما نسبه مراسل الوكالة للوزير صحيحاً كي لا نظلم الوزير بالقول أن أفكاره عن التأمين غير مكتملة أو مشوشة. ونأمل من القارئ أن يأخذ هذه الملاحظة بنظر الاعتبار. لننتقل الآن للتحاور مع بعض الأفكار التي وردت في هذه التصريحات. غياب وعي التامين لدى المواطن وعدم نشره بين أبناء الشعب هو تقصير من شركات التأمين بلا شك. نتفق مع الوزير أن الوعي بالتأمين، في صورته التجارية، غائب لدى المواطن. لكن غياب مثل هذا الوعي لم يدرس بعمق ولم يخضع للبحث ولا يتعدى ما كتب عنه في العراق عبارات ذات طابع عام. وحسب علمنا، لم يخضع الموضوع لمسح ميداني أو بحث أكاديمي. ومثل هذه الدراسات ضرورية لوضع السياسات المناسبة. صحيح أيضاً أن شركات التأمين لم تقم بما يكفي لنشر الوعي بالتأمين على المستوى الشعبي لكن المعروف أن هذه الشركات تعمل من خلال منتجيها لترويج وبيع الحماية التأمينية للأفراد والشركات. الثقافة التأمينية تكاد أن تكون معدومة في العراق وهذا موضوع يستحق البحث لكن المستغرب أن يبدأ الوزير تصريحه بالحديث عنه وكأن القضية الأساسية لقطاع التأمين العراقي تكمن في غياب الوعي به! الحالة التي يصفها الوزير، دون اهتمام بالتفاصيل، كانت موجودة قبل 2003 والوضع القائم هو من ذاك الحال، ولم يعمل الوزير وأقرانه ما يغير هذا الحال. تصريح الوزير هذا، إن كان ما نقل عنه صحيحاً، هو تحريف للنظر في القضية الأساسية، ونعني بها الإهمال القانوني والدولتي للتأمين: من خلال قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، وتوجيهات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، وغياب ديوان التأمين في مراقبة حسن أداء الشركات لتعاقداتها مع الجمهور وقيامه بالدعاية التنويرية. ونضيف إلى ذلك، المنتفعين من عقود الدولة الاتحادية كما في عقود حكومة إقليم كوردستان والمحافظات في الاستيراد وفي الإعمار. أما إذا كان ما يشغل ذهن وزير المالية هو موضوع الكثافة التأمينية (إنفاق الفرد على شراء الحماية التأمينية، وتعبّر عن إجمالي أقساط التأمين المتحقق في البلد منسوباً الى عدد السكان) في العراق فإن الموضوع يحتاج إلى دراسة موثقة. الوزير والمعلقين الآخرين يرددون كلاماً عن الموضوع لم يخضع للامتحان. هناك أسئلة بحاجة إلى فحص ومنها على سبيل المثال: هل للعادات الاجتماعية والثقافة الدينية المتوارثة دور في إضعاف الكثافة التأمينية؟ أم أن المسألة اقتصادية تكمن في عدم كفاية دخول الناس لشراء الحماية التأمينية؟ البحث الميداني والأكاديمي يمكن أن يشحذ الأسئلة ويوفر جواباً. لنتذكر أن محفظة التأمين العراقية كانت، تاريخياً، غير متوازنة فالمصدر الأساس لأقساط التأمين كان من الدولة ومؤسساتها المركزية والمحلية. ولنا هنا أن نتذكر الحجم الكبير لأقساط التأمين في سبعينات القرن الماضي والتي اقترنت بسياسة تخطيطية ناقصة عرفت باسم التنمية الانفجارية[5] وخلقت اختناقات اقتصادية عديدة. ومن الغريب أن الوزير، وهو عضو بارز في حزب سياسي قائم على دعائم دينية، لم يُشر من بعيد أو قريب إلى أشكال من العمل التأميني المستعار من التأمين التجاري الغربي والمكيّف مع بعض أحكام الشريعة الإسلامية والتي يمكن أن تساهم في زيادة الطلب على التأمين، وربما تسد فراغاً في ثقافة التأمين وتغطي على ما زعمه بتقصير شركات التأمين في عدم نشر وعي التامين لدى المواطن. القطاع مهمل بشكل كبير ومتخلف. استخدام صيغة المبني للمجهول وسيلة لحرف النظر عن الفاعل المسؤول عن الإهمال والتخلف. لم يحدد الوزير من يقف وراء الإهمال، في الماضي والحاضر، والتخلف، الذي نرى إنه قد حصره بتدني أقساط التأمين. لا نتوقع منه أن يسترسل في شرح الأسباب لكن الكلام المبهم الذي اعتمده لا يغني جوع القارئ المهتم للتعرّف على العوامل التي ساهمت في انحدار القطاع وتخلفه. ذكرَ 1980 كخط فاصل لما كان عليه واقع التأمين، من حيث الإقساط، وما آل إليه بعد ذلك لكنه لم يذكر لنا أن هذه السنة دشنت بدء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وما ترتب عليه من كبح التراكم في مختلف المجالات وخسارة الكوادر وتقلص فرص تنمية المهارات .. الخ. بدأت الوزارة خطوات الاهتمام بالشركات الحكومية ودعم القطاع الخاص حتى وصلت الى مرحلة ان تكون ذا نقله نوعية عما كانت عليه سابقا. ثم يؤكد لنا الوزير بدء وزارته خطوات الاهتمام بشركات التأمين الحكومية ودعم شركات التأمين الخاصة. نسأل ونحن نقرأ هذه العبارة أية خطوات وأي دعم؟ وماذا يعني بالنقلة النوعية؟ يبدو أن العجالة وعدم توخي الدقة والعودة إلى المصادر فرضت مواقف لا تعير اهتماماً بالقضايا الأساسية التي تشغل بال إدارات شركات التأمين ومنها، على سبيل المثال، النزيف المستمر لأقساط التأمين للخارج – النتيجة غير المقصودة لتبني قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. حاولنا جادين أن نكتشف المستور في تصريح الوزير هذا لكننا فشلنا فلعله أو من يرى رأيه أو جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق يستفيضون في إغناء معرفتنا الناقصة بخطواته المتعلقة بشركات التأمين الحكومية ودعمه لشركات القطاع الخاص في الوصول إلى "نقلة نوعية عما كانت عليه سابقا." تصريحات أخرى لوزير المالية ونسبت وكالة واع أيضاً تصريحات أخرى للوزير(29/6/2009) تحت عنوان "وزير المالية يطالب شركات التأمين بتامين المواطن العراقي" جاء فيها: "طلب وزير المالية باقر جبر الزبيدي من مدراء شركات التأمين الثلاثة التفكير جديا في تأمين المواطن العراقي ... مضيفا انه من الممكن ان يدفع المواطن قسطا وعن طريقها يؤمن بها على حساباته او على شركاته او على بيته ومن هذا المجال ان يؤمن حياة كريمة لعائلته عن طريق التأمين. واضاف الزبيدي ان هناك عشرين شركة تأمين قطاع خاص لكنها ذات رؤوس اموال محدودة ولهذا طلبت من الشركات الحكومية الثلاثة ان تفكر جديا في تأمين المواطن العراقي لحماية اموالهم فالكثير من البيوت تعرضت الى التخريب والتفجير دون تأمين وبالتالي تعرض اهلها الى الخسارة." وزير المالية يطلب من مدراء شركات التأمين الثلاثة التفكير جديا في تأمين المواطن العراقي. لن نذكر ثانية ركاكة صياغة التصريحات، ولا نصحح للوزير العدد الحقيقي شركات التأمين الخاصة المسجلة لدى ديوان التأمين العراقي. ولكن، لماذا لم يطلب الوزير من شركات القطاع الخاص التأمين على المواطن العراقي وحصر الموضوع بالشركات العامة وهو الذي يجب أن يقف على مسافة واحدة من الجميع؟ فهل السبب، كما يبدو، هو محدودية رؤوس أموال هذه الشركات وهي فعلاً صغيرة مقارنة برؤوس أموال الشركات العامة الثلاث. لكن المعروف أن الشركات الخاصة بالتوازي مع الشركات الحكومية تساهم، رغم محدودية رأسمالها، في تأمين المواطن العراقي. حجم أقساط التأمين التي تكتتب بها هذه الشركات ليس معروفاً لنا لكننا نعرف بأنها تكتتب بتأمين الحوادث الشخصية، مثلاً، والحريق وبعض الأعمال الهندسية وتستفرد إحداها بتأمين بعض مخاطر الخطوط الجوية العراقية، وأخرى تعمل على تأمين أخطار سياسية، وغيرها تمارس التأمين من خلال ترتيبات الواجهة لشركات التأمين وإعادة التأمين الأجنبية. هل يا ترى أن الوزير قد أحيط علماً بواقع سوق التأمين العراقي أم انه اكتفى بالاستماع لوجهات نظر الشركات العامة فقط؟ وإذ يتحدث الوزير عن حماية تأمينية للمواطن في أمواله العينية "فالكثير من البيوت تعرضت إلى التخريب والتفجير دون تأمين وبالتالي تعرض أهلها إلى الخسارة" كما ذكر. ربما أراد بهذا المقترح أنظمة الحماية التأمينية الوطنية من أخطار الإرهاب المطبقة في بعض الدول الغربية لكنه لم يشرح ذلك.[6] ولا نعرف، وقت كتابة هذه المقالة، موقف شركات التأمين العامة والخاصة من هذا المقترح أو، وهو مهم أيضاً، موقف وزارة المالية إذ أن نظاماً وطنياً للتأمين ضد أخطار الإرهاب يتطلب دوراً فاعلاً ودعماً مالياً كبيراً من الدولة. حصر الوزير دعوته بشركات التأمين الحكومية. وهنا يبرز سؤالنا مرة أخرى: لماذا الشركات العامة فقط وهو الداعي إلى تبني موقف دعم وتطوير الشركات الخاصة؟ وزير المالية ومزاعم منع الشركات الأجنبية من دخول سوق التامين العراقي ذكرت وكالة أصوات العراق (29/6/2009) في خبر يحمل عنواناً مثيراً وغريباً: "شركات التأمين تدعو لمنع الشركات الاجنبية من دخول سوق التامين العراقي" الموقف التالي: "دعا عدد من مدراء شركات التأمين، الاثنين، وزارة المالية الى التعاون في منع الشركات الاجنبية من دخول سوق التأمين العراقي، وجعله حكرا على القطاع الخاص الوطني. فيما رفض وزير المالية باقر جبر الزبيدي هذه الدعوة، مطالبا [هكذا] الشركات الاجنبية بدخول السوق، وعقد شراكات مع الشركات العراقية في مجال التامين. جاء ذلك في خلال مؤتمر عقدته وزارة المالية في بغداد لمناقشة اليات النهوض بمجال التأمين، وحضر المؤتمر وزير المالية باقر جبر الزبيدي، وعدد من مدراء شركات التامين والمصارف." مرة أخرى لن نعلق على ضعف صياغة المعلومات في هذا الخبر ولكن لا بد أن نسأل من هم مدراء شركات التأمين اللذين طلبوا تعاون وزارة المالية في "منع الشركات الأجنبية من دخول سوق التأمين العراقي، وجعله حكرا على القطاع الخاص الوطني." أهُمْ مدراء الشركات الحكومية أم الشركات الخاصة أو جميعهم؟ هل حقاً هم توجهوا بمثل هذه الدعوة لوزير المالية الذي قام بدوره برفضها لإيمانه المطلق بما يسميه الاقتصاد الحر- كما جاء في مكان آخر من الخبر: "من جانبه، قال وزير المالية باقر جبر الزبيدي في كلمة له خلال المؤتمر”نرفض التوجهات لمنع شركات التامين في باقي الدول من الدخول إلى العراق، ونحن ندعو هذه الشركات لتدخل السوق العراقية؛ كوننا نتجه نحو اقتصاد السوق الحر." هل يا ترى أن هذا التصريح يعني أن الوزير لم يطلع على قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي يضم أحكاماً متساهلة تجاه دخول شركات التأمين الأجنبية إلى العراق. شركات التأمين الأجنبية دخلت العراق قبل علم الوزير أو مباركته لاقتصاد السوق الحر، فقد شرّع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 لممارسة شركات التأمين وإعادة التأمين الأجنبية ومباشرة التأمين على الأصول العراقية دون أن تكون هذه الشركات متواجدة في العراق، ودون أن تسدد رسم الطابع على الوثائق التي تصدرها أو الضريبة المفروضة على دخل شركات التأمين العاملة في العراق. في حين أن قطاع التأمين العراقي يخسر مرتين: مرة بسبب حرمان شركاته من أقساط التأمين التي تسجل لصالح شركات التأمين الأجنبية، ومرة بسبب حرمان الشركات العراقية من عمولات إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري. وهناك خسائر أخرى تتمثل بالإبقاء على الحالة المتردية للقطاع في قدراته الاكتتابية وعدم تنمية مهارات كوادره وتطوير بنية السوق، وهذه وغيرها كانت مواضيع لدراسات لنا ولزملاء آخرين منشورة في هذه المدونة.[7] على مدراء شركات التأمين العراقية المعنيين بالأمر شرح موقفهم، وهل هم قاموا حقاً بصياغة موقف محدد تجاه رفض عمل شركات التأمين الأجنبية في العراق بالشكل الذي ورد في تصريح وزير المالية؟ أرى أن هناك سوء فهم لهذا الموضوع وأغلب الظن أن الأمر لا يعدو أن يكون صياغة ونقلاً خاطئاً من كاتب الخبر. ولعل مصدر الغموض والتشوش في الفهم سببه هذه الفقرة التي أوردتها أصوات العراق في نفس الخبر: "وقال مدير شركة التامين الوطنية صادق فاضل الخفاجي في كلمة له خلال المؤتمر”بعد اقرار قانون التامين في عام 2005 اصبح السوق مفتوح على مصراعيه للشركات الاجنبية لذلك نأمل ان يتم ايجاد حلول لهذه المشكلة بالتعاون مع وزارة المالية؛ حيث ان شركات التامين العراقية تعتمد على فروع الشركات الاجنبية حاليا في عملها، وليس لديها اي مكاتب في الاقطار العربية والدول الاجنبية."[8] وهنا أيضاً عدم دقة صحفية في نقل الخبر إذ لا يغيب عن ذهن مدير عام شركة التأمين الوطنية أن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 قد تسبب بالإضرار بمصالح شركات التأمين العراقية من خلال عدم النص على تأمين المصالح والأصول العراقية لدى شركات تأمين مسجلة في العراق. أي إن القانون، وفي غياب مثل هذا النص، أباح لطالبي التأمين إجراء التأمين خارج العراق. فالمقصود إذاً هو خلو القانون من فقرة تنص صراحة على حصر تأمين المصالح والأصول العراقية من قبل شركة تأمين مسجلة في العراق ومنع التأمين على تلك المصالح مع شركة أخرى في الخارج. وهو بهذا المعنى محق بالقول إن السوق قد أصبح مفتوحاً دون قيود لشركات التأمين الأجنبية. والمطلوب تصحيح الفهم المشوه لواقع التأمين. لعله من المفيد تذكير وزير المالية بما ثبتناه في دراسات سابقة واتفق عليه عموم سوق التأمين العراقي أن شركات التأمين غير العراقية وغير المسجلة لدى وزارة التجارة وغير المجازة من قبل ديوان التأمين العراقي تقوم بالاكتتاب بالأعمال العراقية في أوطانها وبذلك تحرم شركات التأمين العراقية - المسجلة والمجازة من قبل الديوان وتدفع الضرائب والرسوم عن نشاطها - من حقها القانوني في الاكتتاب بأعمال التأمين. وقد نشأ هذا الوضع، الذي خسرت شركات التأمين العراقية بسببه ملايين الدولارات من الأقساط مثلما خسرت الخزينة إيرادات رسم الطابع على وثائق التأمين وكذلك إيرادات الضريبة على شركات الـتأمين، لأن قانون تنظيم أعمال التأمين لا يضم مواد إضافية لضبط الاكتتاب وضمان الالتزام بما ورد فيه (المادتين 13 و 14 من القانون). كما أن القانون يؤكد على حرية شراء منتجات التأمين وخدماته من أي شركة للتأمين أو إعادة التأمين (المادة 81).[9] وقد ذكرنا أيضاً أن مسألة إعادة النظر بهذا القانون منوط بجمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق (التي كان من الأحرى تنظيم مؤتمر التأمين معها) بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في وزارة المالية و كذلك البرلمان. ولا نغالي إن قلنا أن هناك قناعة مشتركة لدى إدارات شركات التأمين العراقية كافة أن إعادة النظر في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 سيكون عاملاً أساسياً في تفعيل دور شركات التأمين في حماية الأصول العراقية، وفي زيادة حجم أقساط التأمين التي تكتتب بها، وفي إعدادها للتنافس الحقيقي مع شركات التأمين الأجنبية عندما تؤسس وجوداً قانونياً لها في العراق وتبدأ بتسديد الرسوم والضرائب على نشاطاتها. تحريم التأمين خارج العراق، أي التأمين خارج القواعد الرقابية، وهو ما يعرف باللغة الإنجليزية prohibition of non-admitted insurance يجب أن يكون مثبتاً في القانون. إن كان هذا يثير حفيظة وزير المالية المستغرق بمزايا الاقتصاد الحر نذكّره بأن النص على التحريم خارج القواعد الرقابية موجود في قوانين التأمين في مختلف دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي قام مفوض التأمين في إحدى ولاياتها بتدبيج الأمر رقم 10 أيام "المستبد بأمره" بول بريمر. وزير المالية وتعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 وجاء في خبر أصوات العراق أيضاً: ان "قانون شركات التامين لسنة 2005 [هكذا ورد في الخبر، والعنوان الصحيح للقانون المعروف باسم الأمر رقم (10) هو قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005] يحتوي على العديد من الثغرات؛ لذلك ندعوا [هكذا] شركات التامين ان تضع مقترحاتها لتعديل القانون، وفق ما يخدم مصلحة الاقتصاد العراقي." يبدو أن موضوع تعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 لم يناقش كما يجب في المؤتمر. وقد ورد إلى علمنا أن ممثلي شركات التأمين العراقية انتدبوا المدير المفوض لشركة التأمين الأهلية (قطاع خاص) لتقديم مقترحاته التي كان قد تقدم بها أصلاً أواخر عام 2008 لوزارة المالية دون أن تهتم بها الوزارة وقت ذاك. وقد أضاف عليه المدير المفوض فقرتين في ورشة عمل، لم تتوفر لنا تفاصيله، هما: "1 [إعادة النظر في] انفراد شركة التأمين الوطنية في إدارة المكتب الموحد الخاص بالبطاقة البرتقالية للسيارات عبر دول الجوار. 2 إعادة النظر بالتأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناجمة عن حوادث السيارات وضرورة مشاركة الشركات الخاصة لشمولها بفوائد هذا النوع من التأمين مع بقاء شركة التأمين الوطنية على إدارة هذا المشروع." وهكذا فإن المؤتمر لم يكن يستهدف إبراز ومعالجة قضية قانونية أساسية ترمي بثقلها السلبي على الواقع الحالي لقطاع التأمين العراقي ومستقبله. واكتفى الوزير بالطلب من شركات التأمين تقديم مقترحات ومنها مقترحات بشأن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005– وهو موقف إيجابي نرحب به إذ أنه لأول مرة يثار، وفي العلن، موضوع الجوانب السلبية في هذا القانون. وقد يكون من المفيد عند إعداد المقترحات من قبل اللجنة المشكلة في المؤتمر بهذا الشأن الإطلاع على الدراسات العديدة المنشورة في العراق والخارج.[10] وزير المالية وتقييمه لشركات التأمين الخاصة ورد في خبر أصوات العراق تصريح وزير المالية ان ”شركات التامين الخاصة في العراق غير قادرة لوحدها ان تستلم الاعتمادات كون رؤوس اموالها قليلة؛ لذلك تحتاج الى عقد شراكات مع الشركات العالمية." لا نعرف ما الذي قصده الوزير، أو كاتب الخبر، باستخدام تعبير استلام شركات التأمين للاعتمادات. لعله أراد الإشارة إلى أن مبالغ تأمين البضائع المستوردة الخاضعة للتأمين تتجاوز رأسمال شركات التأمين العراقية منفردة ومجتمعة. إن كان هذا صحيحاً فإنه كان يتحدث عن فرع التأمين البحري. لا نرغب مناقشة أهمية كفاية رأس المال لكنه من المفيد أن نذكر أن الطاقة الاكتتابية لشركات التأمين تتعزز من خلال الاحتياطيات الفنية والحرة لهذه الشركات والحماية الإعادية، الاتفاقية والاختيارية، التي توفرها شركات إعادة التأمين. ولذلك فإن الشركات الخاصة تستطيع الاكتتاب لوحدها، أو مجتمعة من خلال ما يعرف بالمشاركة، توفير التأمين لهذه الاعتمادات. والعلة لا تكمن في رأس المال بل في القرارات التوجيهية لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي.[11] المشكلة لا تكمن في رأس المال وإنما في حرمان شركات التأمين العراقية، العامة والخاصة، من إجراء التأمين على السلع المستوردة وذلك لسببين: أولاً، القرارات التوجيهية لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ذات العلاقة بالتأمين على الواردات العراقية. ثانياً، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي شرّع للترخيص بالتأمين خارج العراق دون المرور على شركات التأمين العراقية. نعم، شركات التأمين العراقية، العامة والخاصة، في وضعها الحالي غير قادرة لوحدها واعتماداً على إمكانياتها الذاتية توفير التأمين على ما نسميه بالأخطار الكبيرة، لكن ذلك لا يمنع من مشاركتها مع بعضها في الاكتتاب بهذه الأخطار ومن ثم إعادة تأمينها اتفاقياً أو اختيارياً. لعله من المفيد أن يقوم زملاء المهنة في العراق شرح آلية التأمين وإعادة التأمين لوزير المالية ولمستشاريه. شركات التأمين الخاصة والحاجة إلى عقد شراكات مع الشركات العالمية. بما أن حديث وزير المالية ينصّبُ على رأسمال شركات التأمين العراقية فإن ما يراد من "عقد الشراكات" التي يدعو لها هو مساهمة رأس المال الأجنبي في رأسمال شركات التأمين الخاصة، ربما لقناعته أن رأسمال الشركات العامة كافية. المشاركة التي يدعو لها هو أحد أشكال الاستثمار الأجنبي المباشر (direct foreign investment) غير العيني. مثل هذه الشراكة قائمة لدى عدد من شركات التأمين الخاصة، والتوجه موجود لدى غيرها من شركات التأمين الخاصة التي لم تستطع بعد في جذب شركاء أجانب إليها. إدارات شركات التأمين العراقية تعرف مشاكلها لكنها لم تلق بعد دعماً من وزارة المالية وغيرها من الوزارات والمؤسسات الرسمية. وما الموقف الذي أبان عنه وزير المالية إلا مصداقاً لغياب الدعم التي تطلبه شركات التأمين العراقية. وعلينا القول أن ما يمنع الشراكة الأجنبية هو عدم استقرار الوضع الأمني بالقدر الذي يطمئن المستثمر الأجنبي. القضية الأساسية التي لا يشير إليها وزير المالية في تصريحاته تكمن في غياب سياسة اقتصادية واضحة رغم الإشارات التي ترد في التصريحات لاستقدام الاستثمارات الأجنبية كإحدى وسائل التنمية الاقتصادية. الهروب نحو الاستثمار الأجنبي، كما هو معروض علينا، يعبر عن قصور في دراسة وفهم الواقع، وهو ترديد لوصفات جاهزة، وهو إعفاء للدولة ومؤسساتها لتكون الحاضنة لرأس المال الوطني – كما هو عليه الوضع في . وسيظل رأس المال الوطني ضعيفاً في مساهمته في التنمية الاقتصادية طالما أن التفكير منصب على أن مصادر التنمية موجودة في الخارج.[12] لنسأل أخيراً: ما هو دور وزارة المالية في دعم قطاع التأمين العراقي؟ في تصريحات سابقة له أراد وزير المالية الاستفادة من قطاع التأمين من خلال تفعيل شركات التأمين لتعزيز موارد الدولة (أنظر مصباح كمال: "تفعيل دور شركات التأمين في تعزيز موارد الدولة: مناقشة دعوة وزير المالية" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/05/6-2009.html وقتها سألنا "ما الذي عملته وزارة المالية كمساهمة في تفعيل دور شركات التأمين؟ وسؤال آخر: هل كانت شركات التأمين في سبات وقد آن الأوان لتفعيل دورها؟ الوزير ومعاونوه ومستشاريه هم كمن يحاول استعمال إصبع لوقف "فيضان" هدر المال العام في غياب إستراتيجية اقتصادية واضحة وحكومة تفتقد إلى ممارسة المسؤولية الجماعية." لنسأل وزير المالية مجدداً: ما الذي عملته وزارته لقطاع التأمين العراقي بعد أن "استلم قطاعا تأمينا مهملا بالكامل حيث بدأت الوزارة خطوات الاهتمام بالشركات الحكومية ودعم القطاع الخاص حتى وصلت الى مرحلة ان تكون ذا نقله نوعية عما كانت عليه سابقا" كما يدعي في تصريحاته؟ هل له أن يوفر لنا جرداً بالقرارات التي اتخذتها الوزارة لصالح هذا القطاع؟ هل له أن يشرح لنا لماذا وضعت مخاطبة إحدى شركات التأمين الخاصة للوزارة في الحفظ ولم يقم الجهاز المعني في وزارته، ديوان التأمين العراقي أو الدائرة المسؤولة في الوزارة، مجرد الإقرار باستلام الخطاب؟ ما الذي عمله بالنسبة لتوفير الكادر المهني لديوان التأمين العراقي كي يستطيع القيام بمهامه؟ هل قام بمساءلة الديوان عن أداء دورها المنصوص عليه في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005؟ ما الذي عمله لتسهيل إعادة فتح فروع ومكاتب شركات التأمين العامة، وكذلك رغبة شركات التأمين الخاصة في فتح الفروع، في إقليم كوردستان؟ هل سيترك الجهود المبذولة لحد الآن مع حكومة إقليم كوردستان تذهب سدى وتبقى موضوعاً للمساومة من قبل حكومة الإقليم؟ ما هي الإجراءات التي اتخذها لتسهيل سفر مدراء وموظفي شركات التأمين العامة إلى الخارج لمتابعة أعمال شركاتهم؟ وهل أوعز بإعادة صياغة صلاحياتهم المالية بما يتيح لهم التواجد الفوري والسريع الذي تتطلبه بعض الصفقات في السوق الدولية للتأمين، وتسويق شركاتهم في المؤتمرات والندوات التأمينية العربية؟ هل قام أو مستشاريه بدراسة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005؟ هل أشار على الوزارات والمؤسسات الرسمية والمتعاقدين معها من العراقيين وغير العراقيين التأمين على أنشطتها لدى شركات التأمين العراقية؟ هل طالب محرري العقود الإنشائية للدولة النص على تأمين المخاطر في العراق مع شركات تأمين عراقية؟ هل سمع بنزيف أقساط التأمين من العراق إلى الخارج وعمل ما من شأنه وقف هذا النزيف؟ أو ليس هو مهتماً برفد الخزينة بالرسوم والضرائب المفروضة عل وثائق التأمين وشركات التأمين؟ هل سارع إلى الضغط على رفع تجميد أموال جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية؟ هل قام بتكليف شركة استشارية عراقية أو مؤسسة أكاديمية عراقية أو لجنة مشكلة من داخل قطاع التأمين العراقي بدراسة وبحث قضايا القطاع؟ كنا نتمنى أن يقوم زملاء المهنة في العراق أو جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين بمناقشة مهنية لتصريحات وزير المالية للتدليل على متابعتهم لما ينشر عن قطاع التأمين. ربما قالوا الكثير في المؤتمر واقترحوا وأوصوا وطالبوا لكن أياً من ذلك لم يصل إلى علمنا، ونحن بانتظار ما سيحققونه في أرض الواقع. لعل هذا المؤتمر سيشكل بداية لتوجه جاد لدراسة قضايا قطاع التأمين العراقي من موقف علمي يعتمد رؤية وطنية، ونعني بها رؤية تقوم على تقديم مصالح شركات التأمين العراقية على غيرها وتعمل من أجل تأسيس سوق اتحادي تأميني مشترك. وحتى تتوضح هذه الرؤية وتترجم نفسها في سياسة تأمينية وطنية ما علينا إلا المتابعة والرصد والمناقشة لأننا لا نملك من الأدوات غير النقد العلمي للواقع وتقديم ما نستطيعه من مقترحات. ونحن بانتظار مشاركة زملاء المهنة في هذا الجهد كي يكون ترحيبنا بالمؤتمر القادم، إن انعقد، أكثر حماساً. لندن 15 تموز 2009
[1] لا نعرف إن قام المؤتمر بتشكيل لجان متخصصة من ممثلي شركات التأمين العامة والخاصة لمتابعة المقترحات أو التوصيات. [2] ورقة العمل متوفرة لدينا لمن يود الإطلاع عليها أو يمكن طلبها مباشرة من الشركة الأهلية للتأمين على العنوان الإلكتروني التالي: info@aic-iraq.com [3] تصريحات الوزير، التي ستكون موضوعاً لمقالتنا، وردت في وكالة أنباء الإعلام العراقي/واع بتاريخ 29/6/2009، وكالة أصوات العراق (29/6/2009) وجريدة الحياة (2/7/2009)، وهي المصادر التي استطعنا التوفر عليها. وقد سألنا زميلاً لنا في بغداد إن كان الوزير قد ألقى كلمة مكتوبة على المؤتمرين فقيل لنا بأنه أرتجلها. أصوات العراق أوردت خبر المؤتمر وتصريحات وزير المالية تحت عنوان "شركات التأمين تدعو لمنع الشركات الأجنبية من دخول سوق التامين العراقي." [4] الكتابة الصحفية العراقية عن النشاط التأميني يثير الحزن لعدم دقة ووضوح ما ينشر من خبر أو تعليق. وقد نشرنا بهذا الشأن في مجلة التأمين العراقي (مدونة الإلكترونية) تعليقاً قصيراً في 5 آذار 2008 بعنوان: "ملاحظة نقدية على خبر توقيع مذكرة تفاهم في مجال التأمين بين العراق وإيران" نقتبس منه الفقرة التالية: "قلما تنشر الصحافة العراقية أخباراً وتعليقات عن النشاط التأميني في العراق. وقد يعود سبب ذلك إلى عدم اهتمام قراء الصحف بهذا النشاط أو عدم اهتمام المحررين بالموضوع. ونضيف إلى ذلك ضعف، أو قل انعدام المبادرة، لدى شركات التأمين ذاتها في ترويج دورها وإصدارها لمواد صحفية للنشر وهو أمر مألوف في العلاقات العامة. هذه الحالة ليست مقتصرة على العراق إذ أن صحافة العديد من الدول العربية أيضاً لا تبالي كثيراً بقطاع التأمين. ولعل هذا الوضع يفصح عن الدور الثانوي والضعيف الذي يحتله التأمين في مجمل النشاط الاقتصادي لهذه البلاد. وإن نهضت الفرصة لتوريد خبر أو نشر تعليق فإنه يكتب بلغة ضعيفة وعدم اهتمام بصحة المعلومات والصياغة اللغوية." http://misbahkamal.blogspot.com/2008_03_01_archive.html وقد قمنا فيما بعد بتحليل نماذج الكتابة الصحفية عن النشاط التأميني تحت عنوان "أخبار التأمين في الصحافة" يمكن قرأتها في المدونة باستخدام هذا الرابط: http://misbahkamal.blogspot.com/2008/07/1-5-2008.html [5] د. صبري زاير السعدي، التجربة الاقتصادية في العراق الحديث: النفط والديمقراطية والسوق في المشروع الاقتصادي الوطني (1951-2006) (بغداد/دمشق/بيروت، 2009)، الفصل الثالث: تخطيط التنمية في عقد السبعينات. [6] للتعرف على بعض هذه الأنظمة انظر د مصطفى رجب "الحلول الوطنية لتأمين خطر الإرهاب" التأمين العربي، العدد 99،كانون الأول/ديسمبر 2008. [7] أنظر على سبيل المثال: مصباح كمال "تفعيل دور شركات التأمين في تعزيز موارد الدولة: مناقشة دعوة وزير المالية" مدونة مجلة التأمين العراقي الإلكترونية http://misbahkamal.blogspot.com/2009/05/6-2009.html [8] ربما جاء نقل ما ذكره مدير عام شركة التأمين الوطنية من قبل وكالة الأنباء أن "شركات التامين العراقية تعتمد على فروع الشركات الأجنبية حاليا في عملها" خاطئاً أو ناقصاً. فالشركات ليس لها مكاتب في إقليم كوردستان العراق فكيف يكون لها "مكاتب في الأقطار العربية والدول الأجنبية" ورأسمالها ضعيف وكذلك قدراتها الاكتتابية، وهل هي في وضع مالي وفني تستطيع فيه أن تلبي متطلبات هيئات الإشراف والرقابة في هذه الدول؟ [9] نفهم أهمية حرية الاختيار لكن هذه الحرية ليست مطلقة حتى في الديمقراطيات الغربية، فهي مقيدة بقوانين ومؤطرة بأعراف. المادة 81 جاءت مطلقة لتعزز حرية طالب التأمين شراء منتجات وخدمات التأمين من خارج العراق. وبالنسبة لشراء منتجات وخدمات إعادة التأمين فإن إعادة التأمين الإلزامي لنسبة من محافظ تأمين شركات التأمين العراقية لدى شركة إعادة التأمين العراقية قد ألغيت قبل 2003 ومن الطبيعي أن تبحث شركات التأمين العراقية، وكذلك شركة إعادة التأمين العراقية، عن أفضل معيدي التأمين لشراء الحماية الإعادية منهم. [10] تضم مجلة التأمين العراقي العديد من الدراسات عن هذا القانون ومنها: محمد الكبيسي: "دعوة لتعديل قانون تنظيم أعمال التامين لسنة 2005" http://misbahkamal.blogspot.com/2008/12/2005-2004.html ضياء هاشم: "مشاكل شركات التأمين الخاصة في العراق" http://misbahkamal.blogspot.com/2008/06/1964-2000.html فؤاد شمقار: "في الدفاع عن قطاع التأمين العراقي" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/02/1.html جبار عبد الخالق الخزرجي: "وقفة جادة مع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/01/2005-10-2005-3995-232005.html [11] أنظر: مصباح كمال "نزيف أقساط التأمين في العراق" مجلة التأمين العراقي الإلكترونية http://misbahkamal.blogspot.com/2009/02/blog-post_23.html [12] كتبنا في نيسان 2009 دراسة بهذا الشأن تحت عنوان "السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة: قطاع التأمين نموذجاً" لتقدم في الندوة العلمية حول "أداء السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة" المزمع عقدها في برلين في النصف الأول من شهر آب/أغسطس 2009. لم تنشر الورقة بعد.

ليست هناك تعليقات: