إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/12/09

دعوة لتعديل قانون تنظيم اعمال التامين لسنة 2005 محمد الكبيسي شركة ستاركار للتامين، اربيل، اقليم كوردستان العراق المقدمة عندما بُلـغ مدراء شركات التامين في السوق كافة بحضور اجتماعات تعقد لدراسة مسودة لقانون التامين في بداية العام 2004 استبشرت خيرا ، فلا اعز عندي كأحد ابناء قطاع التامين العراقي من ان اجده يقف على قدميه من جديد وتنتظم اعماله بقانون يلبي طموح اهله والعديد ممن تبقى من رواده الاوائل ومن فطاحله المنتشرين في الكثير من الاسواق الاقليمية والعالمية ، إلا انني سرعان ما ادركتني خيبة امل كبيرة بعد اول او ثاني اجتماع عندما تبين لي، ولكل من كان يحضره، ان اي تعديل على المسودة لمادة او مفهوم امر غير وارد بالمرة وتأكد لي ان هذه الاجتماعات تعقد لرفع العتب ومجرد تحصيل حاصل ليس إلا. كان بريمر على وشك ان يسلم الادارة في العراق الى اول مجلس وزراء يخلفه عندما قيل لنا ان المسودة قد اعتمدت ولم يتسنى لنا دراسة جميع موادها بعد. كما قيل لنا انها ستترجم الى العربية وتحال الى وزارة المالية على الرغم من اعتراضات جميع المجتمعين على خلو مسودة القانون من اي نوع من الحماية للشركات المحلية امام المنافس الاجنبي. ولشد ما كانت دهشتي عظيمة عندما تمت المصادقه عليها، ونشر القانون وتم نفاذه في اذار 2005 ليتم العمل به في حزيران 2005 فلقد كانت بحق اسرع مسودة قانون تأخذ طريقها كقانون الى الوقائع العراقية وكأن هذا القانون هو الذي سينقذ العراق مما الم به. لماذا الحماية لشركات السوق لعله سيكون تساؤلا مشروعا ان يجادل المرء من ان جميع اسواق العالم، السوق الامريكي مثلا، فيه شركات عملاقة كما فيه شركات صغيرة والكل يعمل وكل يأخذ حصته من السوق فلماذا اذن الحاجة الى الحماية. وأقول: ان ثلاثة عقود من الركود الاقتصادي في العراق وما ترتب عليها من ركود في النشاط التأميني، الذي يعرف بأنه يتبع النشاط التجاري العام، الذي اذا ما ازدهر ازدهرت معه وكنتيجة له الانشطة التأمينية، مما لم يمر على امريكا وعلى اية سوق اخرى. وأقول ايضا: ان عقدين من الزمن لم يتصل السوق العراقي فيهما بالأسواق العالمية، ولم يواكب منتسبيه التطورات السريعة في جميع الجوانب، اضافة الى ان الكيانات التأمينية الجديدة المملوكة للقطاع الخاص في السوق العراقي، التي بلغ عددها اليوم حوالي 14 شركة، لم يتسن لها بعد الوقوف على قدميها فقد بدأت تمارس نشاطها في مطلع الالفية الجديدة في زمن كان العراق فيه محاصر ومقاطع اقتصاديا. ثم دخلنا في زمن الاحتلال، الذي رافقه ما رافقه من احداث وظروف معروفة الحال، الذي لم تستطيع هذه الشركات فيه من تحسين وضعها المالي ومن ترسيخه (حجم عمل متواضع جدا وإرباح بسيطة واحتياطيات متواضعة هي الاخرى) بما لا يتيح لها توسيع اعمالها والدخول في اعمال واكتتابات جديدة تتطلبها المرحلة او الاكتتاب بأخطار تأمينية غير ما اعتادت عليه من اعمال محلية بسيطة لم تعود عليها بالاحتياطيات التي تتطلع الى بناءها اية شركة تامين بعد اربع او خمس سنوات من تأسيسها، دون ان ننسى ما يعانيه سوق التامين العراقي اصلاً من نقص هائل في كوادره الفنية الخبيرة التي تنتشر اليوم في كل بقاع الارض. قانون تنظيم اعمال التامين الرقم 10 لسنة 2005 عندما اصبح واضحا لنا ان القانون بصيغة مسودته، التي قلت انها تخلو من اية بنود تحمي المؤمن المحلي امام منافسيه (الكبار والصغار) من الشركات الاجنبية، قد اصبح امرا نهائيا مفروغ منه وواقع حال مفروض، لم نجد إلا ان نطرح بديلا وسطا بين هذا وذاك. وخلاصته: اذا كانت الشركات العالمية للتأمين ستتقدم للترخيص والعمل في العراق فلتفعل ذلك من خلال الدخول في مشاركة مع اية شركة محليه مسجله لتستثمر فيها كما حصل مع المصارف الخاصة، وهو الامر الذي كنا نأمل ان يحسن كفاءة المؤمن المحلي الفنية ويمنحه ثقلا ماليا وقدرة اكتتابيه مضافة وتجعله يكبر في عيون المعيدين العالميين الذين لا يغريهم، الى اليوم، التعامل مع شركات السوق العراقي منفردا لتواضع حجم الاعمال والإمكانات الفنية المتوفرة اضافة الى تواضع الوضع المالي للمؤمن المحلي وارتفاع حدة الاخطار في السوق (خاصة اذا اخذنا نتائج السنوات الثلاث المنصرمة بنظر الاعتبار من زاوية اقساط الاعادة مقارنة بالتعويضات المدفوعة). الشركات العالمية والشركات متعددة الجنسية والمؤمن المحلي من المعروف وعلى نطاق واسع بين اوساط شركات التامين العراقية ان معظم المشاريع التي انيط تنفيذها بشركات عالمية أن هذه الشركات تفضل التعامل مع شركة التامين او الوسيط الدولي الذي عادة ما يتولى تنظيم ادارة الخطر لأعمالها على صعيد انشطتها في مختلف بقاع الارض بدلا من التعامل مع المؤمن المحلي الذي لا ترى هذه الشركات فيه القدرة المالية والفنية التي تتطلبها المعايير المالية والفنية التي وضعتها لشركة التامين او الوسيط الدولي الذي يمكن ان يعتبر شريكها المناسب في ادارة الخطر. وفي احسن الفروض فان رب العمل او صاحب المشروع او وسيطهما الدولي يلجأ الى المؤمن المحلي في تأمينات الواجهة الـ Frontingاو ربما لتغطية بعض الاخطار التي تحتاج الي مؤمن محلي كتامين السيارات او تامين مكاتبها ضد اخطار الحريق وسواها، اما الاعمال الانشائية وأعمال النصب والتوريدات وتامين المسؤوليات المتنوعة وتأمينات حزم الطاقة والنفط والغاز وغيرها من الاعمال المتوسطة والكبيرة فكلها تذهب وأقساطها الى شركات تأمين خارج العراق. وعلى الرغم من عدم توفر احصائيات دقيقة بالأرقام عن حجم هذه الاعمال المتسربة في الظروف الراهنه إلا انني استطيع القول انها بعشرات الملايين من الدولارات سنويا وربما اكثر. وقد تسنى لي التقصي عن اعمال من هذا النوع لدى معظم شركات السوق فلم اجدها إذ انه يكاد من المستحيل الحصول على ارقام دقيقة عن حجم هذه الاعمال لأنها تتم خارج العراق. وقد يتطلب الاستقصاء الاتصال بطالبي التأمين وهو الأكثر استحالة. ان احتفاظ السوق العراقي، مشتركا ومجتمعا، بنسبة ولو ضئيلة من هذه الاخطار في برنامج تديره شركة إعادة التأمين العراقية،على سبيل المثال، من شانه ان يعود على السوق بمحصلة من الاقساط وعمولات الاسناد تساوى اضعاف ما تكتتب به اية شركة من الشركات الخاصة المؤسسة حديثا، كما يتيح لها الاتصال بالأسواق العالمية وولوج مناطق وأخطار جديدة فرصة اكتساب الخـبرات التي تؤهلها والتي هي بأمس الحاجة اليها، كما أن تلك الاقساط كانت ستؤدي الى تحسين وضعها المالي وتدفعها الى امام باتجاه تطوير خبراتها الفنية في ادارة الخطر وتحسين قدراتها الاستيعابية. من اجل ذلك نعتقد ان تعديل القانون بما يؤمن الحماية الكافية للسوق العراقي ضد تسرب الاعمال وأقساطها قد اصبح امرا حيويا لا يمكن تجاوزه او اغفاله. فإذا ما اخذنا بنظر الاعتبار التحسن الامني الكبير الحاصل في انحاء العراق كافة وتخصيصات الاستثمار العراقي والأجنبي نستطيع ان نخمن، وعلى وجه الدقة، حجم الخسارة الكبيرة التي ستلحق بالمؤمن العراقي المحلي اذا ما استمر الحال على ما هو عليه. يرى الزميل مصباح كمال، الاستشاري في سوق لندن، انه يجب التفريق بين ممارسة التامين Practicing Insurance (أي مزاولة التأمين حصراً من قبل شركات تأمين مسجلة لدى مسجل الشركات في العراق ولدى ديوان التأمين العراقي إذ لا يحق لأية مؤسسة أن تمارس التأمين دون التقيد بمتطلبات القانون العراقي) وبين احالة الاعمال Placements (أي إجراء التأمين حصراً لدى تلك الشركات المسجلة في العراق) وذلك في اخر رسالة تبادلتها معه في 6/12/2008، في نقاشاتنا المستمرة حول اوضاع السوق عموما ومن خلال ما يطرحه وزملاؤنا في الداخل في المدونة الموسومة Iraq Insurance Review على الانترنيت من ملاحظات وأفكار تهدف كلها الى العمل على انضاج سوق وطني رصين. وهو يتفق مع رؤيتي بكفاية الفقرتين (الباب الثالث/ الفصل الأول - إجازة ممارسة أعمال التأمين - منح الإجازة - المادة-13- المادة 14)[1] في حماية المؤمن المحلي بعد التعديل أو التوضيح الملزم. وكلانا متفقان على أن هاتين المادتين بحاجة إلى مراجعة فإن بقيت على حالها فإنها ستكون مثارا لجدل لا طائل منه في غياب وضوح حاسم يقع عبء توفيره على ديوان التأمين العراقي. فما الذي بعد ذلك وبعد ان تسربت على مدى السنوات الخمس الماضية اقساط التامين للأعمال العراقية الى شركات عالمية خارج العراق، ولا سبيل لنا الآن لنعرف الى متى ستظل هذه الأقساط تتسرب ما لم يتم نهوض اصحاب الشأن بمهمة تدارك ذلك. تلك الاعمال واسعة التنوع والحجم استأثرت بها شركات تأمين عالمية وإقليمية وتشمل كافة المشاريع التي نفذت على مدار تلك السنوات كلها والتي لم يستفد منها قطاع التامين العراقي، سواء كان خاصا ام عاما، لا ماليا ولا فنيا. كان من الممكن عند تأمين هذه الأعمال داخل العراق ان تغير الكثير من واقع حال الشركات العاملة في السوق، وتعمل على تطويرها ورفدها بأهم اسباب التقدم والنهوض. بعد هذا هل نستطيع في عملية تقييم القانون ان نقول أنه حقا قد نظم اعمال التامين بما يخدم السوق وشركاته العاملة ام خدم الشركات العالمية الساعية الى اقتناص الفرص الواعدة حيثما تكون؟ وهل يا ترى هذا هو ما كنا نأمل من القانون الذي وضع لتنظيم اعمال التامين في العراق؟ قانون التامين وقانون الاستثمار لا ريب ان التناغم بين القانونين في بلد واحد امر مطلوب وصحيح، ولا ريب ان العراق، رسميا وشعبيا، يريد ان يرى مستثمرين ورؤوس اموال اجنبية تدخل البلد، ونريد جميعا ان تقدم لهم كل الحماية والضمانات والتسهيلات التي تتيح لهم ذلك اعمارا لبلدنا ومساهمة في نهضته ونموه. ولكن الصحيح ايضا ان لا يكون ذلك على حساب التفريط باستثماراتنا الصناعية والمالية الوطنية. ولا اظنه من الصعب على اختصاصي العراق التأمينيين والقانونيين ايجاد الصيغة المناسبة التي تحقق الهدفين على نحو معقول ومتوازن في تشريعاتنا القانونية. ان تطور كيانات تأمينية محلية تتمتع بملاءة مالية تسمح لها بالاستمرار في انشطتها دون تعثر، ووجود سوق تأميني نشط ينافس الاسواق القريبة والبعيدة يحمي الثروات والأصول العراقية ويشارك في تحمل اعباء الاخطار المختلفة التي يتعرض لها النشاط التجاري والصناعي والإنشائي ويدعم خطط التنمية هو ولا شك من مسلمات الدولة. وإذا كان التامين اليوم لا يحـتل موقعا متقدما في قائمة اولويات المؤسسات التشريعية والتنفيذية بسبب الظروف المعروفه (لا ادري ما اذا كان قطاع التامين قد اوصل إلى الجهات الرسمية في الدولة يوما ملاحظات حول عيوب القانون ام لا ؟) لا بد ان يأتي اليوم الذي يكون فيه تعديل قانون التامين باتجاه توفير الحماية اللازمة لشركات السوق امرا يحضى بأسبقية عالية. والى ان يحصل ذلك، اظن انه مطلوب منا جميعا، نحن ابناء وبنات هذا القطاع، ان نعمل على وضع الخطط الكفيلة بإيضاح خطورة هذا الامر وحيويته امام المسؤولين في الدولة ولدينا الوسائل، واقصد هنا تحديدا (جمعية شركات التامين وإعادة التامين في العراق) التي رفع الحجز عن اموالها مؤخرا، على حد علمي، وانتخب لها مجلس ادارة جديد في أيلول 2008 وأصبح في مقدورها ان تنوء بالمهمة المطلوبة خاصة وان ذلك مطلب عام لن تقتصر فائدته على جهة معينة بذاتها. وسيكون انجازا تاريخيا لها اذا ما تحقق، خاصة وان رئيسها، الاخ صادق الخفاجي، قد وعد بان الامر سيكون من ابرز اولوياته في الخطط التي سيضعها مجلس الادارة لعمل الجمعية ولآلية تنفيذها لمهامها. ولعل من المفيد هنا ان استعرض ملاحظات وردتني من الزميل مصباح كمال حول ضوابط متابعة حسن تنفيذ اية تعديلات بهذا الاتجاه وعلى النحو التالي: 1 اعتماد نص جديد في القانون يشترط إجراء التأمين على الأصول والمسؤوليات القانونية الناشئة عنها لدى شركات تأمين مسجلة في العراق بموجب المادة 13 و 14 من القانون. 2 اعتماد نص إضافي جديد في القانون يقضي بعدم السماح أو القبول بتأمين أجري خارج العراق وهو ما يطلق عليه بالإنجليزية non-admitted insurance واعتبار مثل هذا النوع من التأمين باطلاً إلا في حالات محددة يجب النص عليها ودون إجحاف بمصالح شركات التأمين المسجلة في العراق. 3 تعزيز هذا الاشتراط من خلال: * فرض غرامات معينة عند حصول مخالفة لهذا الشرط وإلزام الطرف المخالف بشراء التأمين من شركة تأمين مسجلة في العراق (يقع عبء اتخاذ الإجراء المناسب بهذا الشأن على الوزارة المعنية (وزارة المالية مثلاً) وديوان التأمين العراقي). * الإخراج الجمركي. تقييد إخراج البضائع على أنواعها من الموانئ العراقية البحرية أو الجوية بإبراز وثيقة تأمين صادرة من شركة تأمين مسجلة في العراق. * عدم تقديم السلف أو الدفع على الحساب أو إجراء التسوية النهائية لعقود المقاولات دون إبراز وثيقة تأمين صادرة من شركة تأمين مسجلة في العراق. لم نشأ التوسع في الرصد والتحليل وأملنا أن يقوم زملاؤنا في جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق وديوان التأمين العراقي وفي شركات التأمين العراقية بإشباع الموضوع. نحن نرى أن الموضوع يحتاج إلى جهد جماعي وتعبئة للوصول إلى أصحاب القرار في الدولة بغية مراجعة وتعديل القانون. محمد الكبيسي
أربيل، 8 كانون الأول 2008
[1] فيما يلي نقتبس نص هاتين المادتين كما وردتا في النسخة المنشورة من قبل ديوان التأمين العراقي: المادة-13- لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق إلا من:- أولا- الشركات العراقية العامة. ثانيا- الشركات العراقية المساهمة الخاصة أو المختلطة. ثالثا- فروع شركات التأمين الأجنبية المسجلة في العراق. رابعا- كيانات تأمين التكافل أو إعادة التكافل. خامسا- مؤمن أو معيد تأمين آخر يعتبره رئيس الديوان مؤهلا وذو قدرة مالية شرط التزامه بأحكام هذا القانون. المادة-14- أولا- لا يجوز لأي من المنصوص عليهم في المادة (13) من هذا القانون أن يمارس أعمال التأمين إلا بعد حصوله على إجازة بذلك وفقا لأحكام هذا القانون.

ليست هناك تعليقات: