إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2020/03/17

Review of Munem al-Khafaji's Business Interruption Insurance


قراءة سريعة في كتاب


منعم الخفاجي، تأمين خسارة الأرباح (بغداد: شركة التأمين الوطنية، 2020)، 127 صفحة.


نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين


لم يُكتب الكثير حول تأمين خسارة الأرباح، وليس هناك كتاب مكرّس لهذا النوع من التأمين في العراق.  هناك، على سبيل المثل، بعض الكتابات التعريفية المتناثرة لبهاء بهيج شكري وبديع أحمد السيفي[1] مثلما هناك مقالات منشورة في مجلة رسالة التأمين.[2]  ويأتي نشر هذا الكتاب ليسد فراغاً في مكتبة التأمين العراقي.

يرجع اهتمام منعم الخفاجي بموضوع خسارة الأرباح إلى عدة سنوات خلت، فقد حاضر في الموضوع، وكرّس له فصلاً كاملاً في كتابه مدخل لدراسة التأمين.[3]  ويأتي نشر الكتاب الحالي استكمالاً لما بدأه مع التوسع فيه.

يضم الكتاب مقدمة وسبعة فصول: نبذة تاريخية، غطاء وثيقة تأمين خسارة الأرباح، تسعير الوثيقة، تفاصيل وثيقة التأمين من خسارة الأرباح الناتجة عن الحريق، تأمين خسارة الأرباح المتقدمة، التعويضات، إعادة التأمين.  ويضم أيضاً ثماني ملاحق وجميعها تتعلق بنصوص وثيقة تأمين خسارة الأرباح وتوسيع نطاق التغطيات الخاصة بها، ومراجع الكتاب، ومسرد ألفبائي بالمصطلحات باللغتين العربية والإنجليزية.

لقد اقتفى المؤلف في عرضه لمادة الكتاب منهجاً تعريفياً على شاكلة الكتب المدرسية textbook لتقريب الموضوع من الأذهان.  وقد نجح في ذلك وجعل كتابه مرجعاً أولياً لدراسة تأمين خسارة الأرباح.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب

لا شك أن تأمين خسارة الأرباح يعتبر من أنواع التأمين المهمة والضرورية للمشاريع الصناعية والأنشطة التجارية والخدمية، فالأضرار التي تنشأ عن حريق قد تؤدي إلى توقف أو اضطراب العمل وتكون خسائره في أحيان كثيرة أعلى من الاضرار المادية لحادث الحريق نفسه. (ص 9)

وليس هذا فحسب ذلك لأن تزايد ترابط الاقتصاد العالمي قد خلق وضعاً بحيث أن حادث حريق أو فيضان لا يؤدي فقط إلى توقف عمل المصانع داخل البلد الواحد بل يتسبب في توقف الأعمال في بلدان أخرى (كما في فيضانات تايلند، 2011، التي أثرت سلباً على العديد من المصانع في اليابان) نظراً لقطع سلسلة إنتاج المنتجات وتوريدها إلى بلدان أخرى supply chain، وهو ما يعرف بلغة التأمين بالتوقف الطارئ للإنتاج Contingent Business Interruption (CBI).

لم يتناول الخفاجي عرض هذا الموضوع بسبب طبيعة كتابه الذي "يتضمن تقديم الخطوط العامة والمفاهيم الأساسية التي يقوم عليها تأمين خسارة الارباح وأهم التطبيقات العملية." (ص 11).  كما أن الكتاب "يبتعد عن عرض التعقيدات بما فيها التوسعات الممكنة لغطاء التأمين، كتوسيع الغطاء ليشمل توقف العمل الناتج عن حريق أو حادث آخر في مواقع مجهزي المؤمن له أو مستهلكيه Suppliers and Customers Extension.أو انقطاع سلسلة التجهيزات بسبب الكوارث الطبيعية Supply Chain Disruption أو تأثير الأخطار السبرانية Cyber Risk."

نتمنى على المؤلف التوسع في محتوى الكتاب في حال إعادة نشره من باب استكمال تغطية الجوانب المختلفة لتأمين خسارة الأرباح، كتأثير الأخطار السيبرانية cyber risks على شرط الضرر المادي material damage proviso وقيام ظاهرة الضرر غير المادي non-physical damage الذي يشبه ما يرد في الغطاء التقليدي لهذا التأمين في توفير الحماية للشركات من آثار عدم استطاعة الدخول إلى موقع العمل بسبب مرض معدي أو عمل إرهابي خارج الموقع، مثلاً، وهو ما يقع تحت عنوان منع وصول المؤمن له والعاملين إلى موقع العمل denial of access إذ تلجأ السلطات المعنية إلى تطويق المنطقة للتحقيق في أسباب وملابسات الحادث.

إن المؤلف على معرفة بهذه الجوانب، فهو "يعرض بشكل تعريفي مختصر لتأمين خسارة الأرباح الناتجة عن التأخير في بدء تشغيل المشروع، وهو ما يسمى بتأمين خسارة الأرباح المتقدمة ((Advance Loss of Profit الذي يلحق بوثيقتي التأمين الهندسي الخاصة بإنشاء ونصب المشاريع (Contractors All Risks & Erection All Risks Policies)" (ص 11).  كان بالإمكان إضافة تأمين خسارة الأرباح في فرع التأمين البحري، ونعني بذلك تعويض أصحاب المشروع بخسارة الأرباح المترتبة على التأخير في بدء تشغيل المشروع Delay in Start-up (DSU) بسبب حادث بحري يعرقل وصول المواد والمكائن والمعدات في الوقت المحدد ويؤدي إلى تأخير في إنجاز المشروع في أوانه المتعاقد عليه.

لقد غطى المؤلف موضوعه بحرفية ومعرفة معمقة بتأمين خسارة الأرباح.  وسيظل كتابه مرجعاً أساسياً لممارسي التأمين وكذلك لأصحاب الشركات، رغم أنهم، جميعاً، بعيدين في الوقت الحاضر عن هذا الموضوع.  لكننا نعتقد بأن ضغط الأوضاع الاقتصادية وترسخ مفهوم مسؤولية المدراء على بقاء الشركات التي يعملون على إداراتها كمؤسسات عاملة مستمرة في العمل وإدخال مفاهيم إدارة الخطر سيدفع باتجاه إدخال وإشاعة هذا النمط من التأمين.  ونعرف أن المؤسسات المالية الدولية التي تقدم القروض لتمويل المشاريع تشترط على المستفيدين من القروض الالتزام بشراء حزمة من أغطية التأمين من بينها تأمين خسارة الأرباح المتقدمة والتأخير في بدء تشغيل المشروع.  فهذه المؤسسات معنية بإكمال المشروع في الوقت المحدد لبدء التشغيل وتحقيق الإيرادات المتوقعة التي يستفاد منها في إطفاء القرض.  إن كتاب منعم الخفاجي سيكون دليلاً أولياً للشركات العراقية.

إن نشر هذا الكتاب من قبل شركة التأمين الوطنية يستحق كل التقدير، ويشهد لها رعايتها لنشر الكتب التأمينية، وهي بذلك تحتل موقعاً فريداً بين شركات التأمين العراقية.  ويتمنى المرء أن تقوم الشركة بتوسيع نشرها لكتب التأمين وتشجيع ممارسي التأمين والأكاديميين للبحث في تاريخ النشاط التأميني في العراق وقضاياه المعاصرة.  ونأمل أن تحذو شركات التأمين الأخرى حذو شركة التأمين الوطنية.


15 آذار 2020


[1] بهاء بهيج شكري، النظرية العامة للتأمين (بغداد: مطبعة المعارف، 1960)، ص 377-378.

بديع أحمد السيفي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين، 2ج، الجزء الثاني، ص 603-610 (التأمين من خسارة الأرباح بسبب الحريق)؛ ص 826-827 (وثيقة تأمين خسارة الأرباح الناتجة عن عطب المكائن)

[2]  بثينة حمدي حسين، "التأمين ضد خسارة الأرباح،" رسالة التأمين، العدد الرابع، مايس 1967.

[3] منعم الخفاجي، مدخل لدراسة التأمين (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص 139-172.

ليست هناك تعليقات: