إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2022/06/20

Insuring Oil Pipeline Company - Correction

 

تصحيح بعض ما ورد في مقال 

هل تم إفشال مشروع عقد تأمين فاسد؟

التأمين على شركة خطوط الأنابيب النفطية العراقية

 مصباح كمال

تم نشر هذا المقال أصلا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2022/06/17/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%aa%d8%b5%d8%ad%d9%8a%d8%ad-%d8%a8%d8%b9%d8%b6-%d9%85%d8%a7-%d9%88%d8%b1%d8%af-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84-%d9%87%d9%84-%d8%aa/

 مصباح-كمال-تصحيح-بعض-ما-ورد-في-مقال-هل-تم-إفشال-مشروع-عقد-تأمين-فاسد-التأمين-على-شركة-خطوط-الأنابيب-النفطية-العراقية.pdf (iraqieconomists.net)

 

مقدمة

 

لقد كتبت مقال "هل تم إفشال مشروع عقد تأمين فاسد؟  التأمين على شركة خطوط الأنابيب النفطية العراقية" المنشور في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين[1] اعتمادًا على معلومات وردتني من زملاء المهنة في العراق.  وقد كانت بعض هذه المعلومات مبتورة، غير مكتملة، كما أشرت إلى ذلك في المقال.  لذلك ارتأيت كتابة هذا التصحيح.

 

بعد نشر المقال وردتني رسالة من زميل لي في العراق أفاد فيها:

 

ان موضوع التأمين ينصب على انابيب قديمة من ثمانينيات القرن الماضي مع الاستمرار في عمليات الصيانة وهذه لأول مرة يتم التأمين عليها حيث كانت هذه الشركة تغطي الخسائر التي تلحق بهذه الانابيب من خلال تكوين صندوق مخصص لها وقد ساهمت شركة إعادة التأمين العراقية [في وثيقة التأمين الحالية] بنسبة عشرة بالمائة منها علما ان هنالك حدود للمسؤولية وان الوسيط الذي حصل على هذا المشروع هو وسيط عراقي جديد ومجاز من قبل ديوان التأمين ولكن توزيعها على شركات خاصة ذات إمكانيات فنية ومالية ضعيفة هو ما ستواجهه شركة التأمين العراقية من مشاكل مالية وفنية في حال حصول تعويضات كبيرة او متكررة كما وان شركة التأمين العراقية ليس لديها الكادر الفني المقتدر على الاكتتاب في مثل هكذا مشاريع كما ومن الطبيعي هنالك شبهات فساد كما ذكرت لان هذا هو حال العراق الان الفساد مستشري ليس على المستوى الحكومي وإنما على المستوى الشعبي مع الأسف تم تغيير الكثير من المفاهيم في العراق فأصبحت الرشوة اكرامية او مكافأة واصبحت السرقة شطارة وذكاء وهكذا لباقي المصطلحات.

 

وقد ثبتُّ هذه الإفادة في رسالة توزيع المقال المنشور على قائمة بريدي لتنبيه القراء إلى مضمونها.

 

ماذا نكتشفه من رسالة هذا الزميل الفاضل؟

 

(1)           صندوق لتمويل تصليح الأضرار والتحول إلى التأمين

 

إن شركة خطوط الأنابيب النفطية رغم أنها لم تمتلك وثيقة للتأمين على ممتلكاتها قبل الآن، فإنها كانت قد خصصت صندوقًا لتمويل تكاليف تصليح الأضرار المادية التي تلحق بالأنابيب.  المعلومات الإضافية التي حصلنا عليها تفيد أن الرصيد المخصص لهذا الصندوق هو بحدود خمسة وثلاثون مليار دينار سنويًا (وهو ما يعال 24 مليون دولار تقريبًا).  لم نستطع الحصول على معلومات بخصوص تاريخ تشكيل هذا الصندوق، والمشرفين على إدارته (قسم المحاسبة أو قسم تأمين متخصص)، وآلية عمله، وضمان عدم استنفاد موارده بسبب تكرر وقوع الحوادث المسببة للأضرار.

 

إن تخصيص صندوق للطوارئ لمجابهة الحوادث وآثارها منهج معروف في إدارة الخطر، وتلجأ إليه الشركات الكبيرة كبديل، أحيانًا، لشراء الحماية من السوق التجاري للتأمين التي قد تكون أسعارها عالية، مستفيدة من أقساط التأمين، التي كانت ستدفعها إلى شركة التأمين، لتمويل الصندوق.  وهو بذلك شكلٌ من أشكال التأمين الذاتي.

 

ويبدو أن لجوء شركة خطوط الأنابيب النفطية إلى شراء حماية التأمين جاء بسبب تكرر حوادث تضرر الأنابيب وتجاوز تكاليف تصليحها الرصيد المخصص للصندوق.  وفي شرح هذا الوضع ذكر أحد الزملاء أنه عند وقوع حادث فإن الفريق المتخصص في شركة خطوط الأنابيب النفطية لا يقوم بتصليح الأنبوب المتضرر بل استبداله مما يزيد من التكاليف.[2]

 

وفيما يخص الحد الأقصى لمسؤولية شركة التأمين فإنه لا يتجاوز مائة مليار دينار سنويًا (ما يعادل 68,555,000 دولار) لجميع المطالبات بالتعويض عن الأضرار – فإذا تجاوزت قيمة التعويضات هذا الحد فإن المبالغ التي تزيد عن هذا الحد لا تقع ضمن مسؤولية شركة التأمين.

 

المعلومات الإضافية التي وردتنا تؤكد على أن الصندوق سيُلغى حال اصدار وثيقة التأمين.  لكن الوثيقة لم تصدر، أو تعطل إصدارها، بسبب عدم وجود تخصيص مالي لدى شركة خطوط الأنابيب النفطية للتأمين، قامت على إثر ذلك بمفاتحة وزارة النفط لتوفير قسط التأمين المُقدر بأكثر من عشرين مليون دولار سنويًا.

 

أليس غريبًا، إن صحّت هذه المعلومات، أن تُقدم مشركة خطوط الأنابيب النفطية على شراء حماية التأمين دون أن تتأكد أولًا من وجود رصيد مالي لتسديد قسط التأمين!

 

(2)           وسيط التأمين

 

إن وسيط التأمين المُعيّن من قبل شركة خطوط الأنابيب النفطية، أو من قبل شركة التأمين العراقية، التي قيل أن مناقصة التأمين قد رسا عليها، خلافًا لما جاء في مقالي، هو وسيط جديد تأسس حديثًا وهو مرخص لمزاولة أعمال وساطة التأمين من قبل ديوان التأمين (الهيئة الرقابية).  لكنه حتى الآن ليس معروفًا لنا إن كان هذا الوسيط مرخصًا للعمل كوسيط لأعمال التأمين المباشر أو وسيط لأعمال إعادة التأمين (عمل هذين الصنفين من الوسطاء محكوم بتعليمات صادرة بقوة القانون من ديوان التأمين سنة 2006).

 

إن طريقة اختيار الوسيط، سواء من قبل شركة خطوط الأنابيب النفطية أو شركة التأمين العراقية، ليس معروفًا حتى الآن.

 

(3)           شركة التأمين العراقية وقدراتها الفنية

 

إن شركة التأمين التي قامت بالاكتتاب بمخاطر شركة خطوط الأنابيب النفطية هي شركة التأمين العراقية،[3] وهي شركة عامة تابعة لوزارة المالية.  وكما جاء في المعلومات التي وصلتنا فإن هذه الشركة ليس لديها الكادر الفني المؤهل للاكتتاب بأخطار شركة خطوط الأنابيب النفطية، وهي أخطار متنوعة، كما بينا في مقالنا المنشور، تتطلب معرفة متخصصة وقدرات فنية وخاصة في فرع التأمين على توقف الأعمال (خسارة الأرباح).

 

(4)          إشراك شركات التأمين الخاصة

 

يشير زميلي في رسالته إلى أن توزيع مشروع تأمين أخطار شركة خطوط الأنابيب النفطية على شركات خاصة ذات إمكانيات فنية ومالية ضعيفة هو ما ستواجهه شركة التأمين العراقية من مشاكل مالية وفنية في حال حصول تعويضات كبيرة أو متكررة.

 

يُفهم من هذا الكلام أن شركة التأمين العراقية، باعتبارها الشركة القائدة leading company التي وضعت أسعار وشروط التأمين (أو أنها أسعار وشروط أتى بها وسيط التأمين من وسيط أجنبي آخر أو من شركة أجنبية لإعادة التأمين)، قامت بعرض حصص من تأمين شركة خطوط الأنابيب النفطية على شركات تأمين خاصة (هناك أكثر من ثلاثين شركة تأمين خاصة) إما على أساس التأمين المشترك/المشاركة في التأمين co-insurance أو المشاركة في إعادة التأمين الاختياري facultative reinsurance لوثيقة التأمين التي اكتتبت بها شركة التأمين العراقية.

 

ليس معروفًا لنا بأي صفة تشترك شركات التأمين الخاصة أو شركة التأمين الوطنية (وهي شركة عامة) في مشروع التأمين.

 

وورد إلى علمنا أن شركة إعادة التأمين العراقية، وهي شركة عامة، ساهمت بنسبة 10% في الأخطار التي أمّنت عليها شركة التأمين العراقية.  ليس معروفًا إن ساهمت شركة التأمين الوطنية بحصة، وكذلك ليس معروفًا حصص شركات التأمين الخاصة.  ترى هل أن المتانة المالية لهذه الشركات يبرر مشاركتها، وهل تأكدت شركة التأمين العراقية من مواردها المالية والفنية وقدراتها على تسديد حصتها من التعويضات؟

 

(5)           المناقصات

 

يؤكد زميلي كاتب الرسالة على استشراء الفساد في العراق.  من قراءتي للمعلومات التي وصلتني ازداد قناعة أن هناك جوانب مخفية في مشروع تأمين شركة خطوط الأنابيب النفطية أجمل بعضها في الآتي:

 

1        هل قامت شركة خطوط الأنابيب النفطية بتعيين وسيط التأمين؟  وهل كان اختيار الوسيط قائمًا على استدراج عروض من عدة وسطاء للمفاضلة بينهم؟

2        هل أن وسيط التأمين قام بتصميم مشروع التأمين وعرضه على شركة خطوط الأنابيب النفطية التي وافقت عليه دون اعتبار لمتطلبات القانون – كما بيّنا في مقالنا المنشور.

3        من الذي يتولى إعادة تأمين مشروع التأمين؟  أهي شركة التأمين العراقية أم وسيط التأمين؟

 

من المعروف أن المؤسسات الرسمية وشركات القطاع العام في الدول المتقدمة تعتمد أسسًا معروفة للحصول على السلع والخدمات التي تحتاجها.  وهذ الأسس تنطبق على شراء حماية التأمين، وتختلف هذه الأسس من دولة إلى أخرى.  على العموم فإن عملية الشراء في المملكة المتحدة، على سبيل المثل، تعتمد على مبدأ القيمة مقابل المال value for money ويقتضي هذا المبدأ اختيار مجهزي السلع والخدمات الذين يقدمون عروضًا تتضمن جودة عالية وبأقل الأسعار.  ويُراد من هذا المنهج تحقيق العدالة في الشراء والشفافية في التعامل.

 

تتضمن عملية الشراء عدة مراحل تضم:

 

أ        تشخيص الحاجة.

 

ب       رسم إطار ما هو مطلوب وما يتطلبه من تخصيصات في ميزانية الشركة، والجدول الزمني، وعدد المجهزين.

 

ج       تحديد طريقة الشراء: مناقصة مفتوحة، أي المناقصة القائمة على المنافسة بين المجهزين، أو مناقصة مقصورة على عدد محدد من المجهزين المؤهلين.  وفي العادة فإن المجهزين يجب أن يكونوا مؤهلين، أي يستوفون متطلبات معينة يحددها صاحب المناقصة.

 

د        مواصفات العقد: السلع والخدمات المطلوبة، معايير الجودة والأسعار، الجدول الزمني للتسليم، الأحكام والشروط.

 

هـ       الإعلان عن المناقصة في الصحف أو المجلات المتخصصة أو وسائل أخرى.

 

و        تقييم العطاءات.  ويتخذ أشكالًا عديدة والأكثر شيوعًا منها هو تقييم العطاء الأكثر فائدة من الناحية الاقتصادية، ويشار إليه بالإنجليزية اختصارًا MEAT (Most Economically Advantageous Tender)

 

ز       مرحلة منح العقد للمجهز المختار، وإخطار المجهزين الآخرين غير الناجحين في الحصول على العقد مع ملاحظات مناسبة.[4]

 

المناقصات واستدراج العطاءات معروف في العراق، وربما تتبع المؤسسات الحكومية وشركات القطاع العام الخطوات التي أتينا على ذكرها.  السؤال هنا هو: هل قامت شركة خطوط الأنابيب النفطية باستدراج العطاءات للتأمين على ممتلكاتها وتوقف أعمالها ومسؤوليتها المدنية؟

 

إن ملابسات مشروع تأمين شركة خطوط الأنابيب النفطية ستظل قيد الكتمان ما لم تخضع لتحقيق مستقل.  من الضروري الكشف عن هذه الملابسات لاستنباط الدروس منها والاستفادة منها لتحسين منهج شراء التأمين من قبل شركات القطاع العام، وتحقيق العدالة في التعامل مع مجهزي خدمات التأمين (شركات تأمين أو وسطاء تأمين)، وضمان تحقيق الشفافية في جميع مراحل عملية شراء الحماية التأمينية.

 

دعوة للمناقشة

 

آمل أن تحظى هذه الملاحظات باهتمام زملاء المهنة في العراق، وتوفير ما أمكن من معلومات لسد الثغرات في حكاية مشروع تأمين شركة خطوط الأنابيب النفطية.  آمل أيضًا أن نقرأ تعقيباتهم وتقييماتهم.  سأكون شاكرًا لكل من ينبهني على خطأ في المعلومات أو قصور في التقييم والاستنتاج، وبذلك نكون قد اشتركنا معًا في رسم صورة قريبة من الواقع واستبعاد كل ما من شأنه الإساءة لمؤسسة أو أشخاص.

 

إن النشاط الفكري الجماعي من شأنه أن يخلق المناخ المناسب للنقاش المفتوح المجرد من الهوى والمصالح، ويؤكد على المناهج السليمة في العملية التأمينية بدءًا من المؤمن لهم ومرورًا بوسطاء وشركات التأمين وانتهاءً بإعادة التأمين.

 

14 حزيران 2022



[2] هذا الشرح ليس وافيًا، فالمعروف أن طرق تصليح الأنابيب المتضررة تتم في الغالب بقطع جزء من الأنبوب واستبدال هذا الجزء، بعد وقف تشغيل الأنبوب وربما حقن الأنبوب بغاز خامل (نيتروجين) للحيلولة دون حدوث حريق/انفجار.  وبعد التصليح يخضع الأنبوب لاختبارات السلامة.

[3] تأسست سنة 1959، واختصت بتأمينات الحياة بعد قرارات التأمين سنة 1964، وألغي تخصصها في أواخر ثمانينيات القرن الماضي لتعود لممارسة فرع التأمين على الحياة وغير الحياة.

[4] هذه المعلومات مستلة من مصادر متوفرة في الشبكة العنقودية، وبعضها يعكس تجربة شخصية في استدراج عروض للتأمين على مشاريع إنشائية لمقاولين كبار في مجال الطاقة.

ليست هناك تعليقات: