إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2016/07/30


غياب التأمين في برنامج الحزب الشيوعي العراقي المعروض (للمناقشة)

 

 

نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 382، أيار 2016.

 

مصباح كمال

 

 

مقدمة

 

وصلني مؤخراً برنامج الحزب الشيوعي العراقي المعروض (للمناقشة)، المنشور في جريدة طريق الشعب، ص 5–8، الخميس 24/ 3/ 2016.  وهو، كما جاء في الجريدة، "برنامج الحزب الذي اقره المؤتمر الوطني التاسع في عام 2012، والذي هو بمثابة مشروع البرنامج الجديد المطروح للمناقشة والاقرار في المؤتمر القادم."

 

عندما نُشرت مسودة برنامج الحزب عام 2012 كتبت مقالة في كانون الثاني 2012 بعنوان "حاشية حول التأمين في مسودة موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي".[1]  لكن أياً من المقترحات التي ضمتها لم تجد لها مكاناً في البرنامج الذي تبناه المؤتمر الوطني التاسع.  وهو ما يؤسف له لأن الحزب الشيوعي العراقي كان متميزاً عن بقية الأحزاب العراقية لإيلاء موضوع التأمين اهتماماً.  ففي تلك المقالة اقتبست الفقرة التالية التي وردت تحت عنوان "الطريق الى تنمية مستدامة" من الفقرة 84 من مسودة الموضوعات:

 

... اعادة الحياة للمنشآت والمؤسسات الانتاجية الصناعية والزراعية، عبر اصلاح الادارة الفنية والمالية لقطاع الدولة، وتوفير مستلزمات نهوضه واعادة بنائه على اسس المردود الاقتصادي والمنفعة الاجتماعية، وتشجيع ودعم القطاع الخاص، وتأمين الحماية له من الاغراق والمنافسة غير العادلة، وتوفير التسهيلات المصرفية والتأمين والخدمات، كي يستعيد هذا القطاع عافيته ودوره في رفد الاقتصاد الوطني.

 

وقلت في تعليقي:

 

بهذه الإشارة ربما يكون الحزب الشيوعي العراقي أول حزب سياسي في العراق يدخل كلمة التأمين، بمعناها الاصطلاحي، في واحدة من أدبياته المهمة.  لكن التأمين في صورة التأمينات الاجتماعية ليس غائباً في أدبيات الحزب.[2]  وقد وصفنا اهتمام الحزب بهذه التأمينات بالقول:

 

إن الحزب الشيوعي يبدي اهتماماً، مع بعض التفصيل، بموضوع التأمين ولكن ليس في صيغته التجارية في حماية الأفراد والشركات ضد الخسائر التي تصيبها، وليس أيضاً كآلية تمويلية للنشاط الاقتصادي الاستثماري، وإنما من منظور الأشكال المختلفة للضمان الاجتماعي التي يحصرها بالدولة إذ لا يرد أي دور للسوق بهذا الشأن.

 

تضمن برنامج الحزب المعروض الآن للمناقشة مواقف وسياسات حول قضايا مختلفة: بناء الدولة والنظام السياسي، السياسة الاقتصادية-الاجتماعية، المديونية الخارجية والتعويضات، ضوابط الاستثمار الخارجي، القطاعات الاقتصادية (القطاع النفطي الاستخراجي، الطاقة والكهرباء، الصناعة، الزراعة، التجارة الداخلية والخارجية، السياحة، التشييد والإعمار)، القطاعات الاجتماعية والخدمية، التربية والتعليم والبحث العلمي، الصحة، الموارد المائية، البيئة، الثقافة، الإعلام، الاتصالات، النقل، المواصلات، الرياضة، شؤون العمال والشغيلة، المرأة، الشبيبة والطلبة، حقوق الطفل، منظمات المجتمع المدني، القوات المسلحة، حقوق القوميات، العلاقات الخارجية.

 

ترى لم لم يرد ذكر التأمين ضمن هذه التفاصيل؟  الجواب هو عند اللجنة التي قامت بصياغة البرنامج.  ولعلنا نقرأ رأياً لها بهذا الشأن.  ويكفي هنا القول بأن التأمين لم يحتل مكاناً له في التفكير العام لواضعي برنامج الحزب.

 

مشروع لصياغة سياسة لقطاع التأمين في العراق

 

ما يهمنا هو استعادة ما كتبناه في الماضي فيما يخص وضع سياسة مرحلية تجاه النشاط التأميني مع بعض الإضافات الجديدة.  اقترحت الخطوط العامة لهذه السياسة كما يلي كي تتناسب مع الطبيعة العامة لبرنامج سياسي حزبي:

 

يستحق قطاع التأمين اهتماماً خاصاً نظراً للدور "الإنتاجي" الذي يلعبه في التعويض عن الأضرار والخسائر المادية التي تلحق بالأفراد والعوائل والشركات على أنواعها، والدور الاستثماري من خلال تجميع أقساط التأمين.  وسيزداد هذا الدور أهمية مع التطور الاقتصادي والاجتماعي للعراق مع تعاظم حجم أقساط التأمين، وضرورة ضمان استفادة شركات التأمين العامة والخاصة المرخصة بالعمل في العراق من هذه الأقساط إذ أن قدْراً كبيراً من الأقساط يتسرب إلى الخارج.  لذلك يجب العمل الآن على إعادة النظر بقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 لتغيير الرؤية الخاطئة التي يقوم عليها هذا القانون وأحكامه الضارة بالقطاع، ورسم سياسة للقطاع يحول دون التسرب غير القانوني لأقساط التأمين خارج العراق.[3]

 

أما تفاصيل هذه السياسة ووسائل تحقيقيها التي أتيت على ذكرها فهي تضم مع بعض الإضافات الجديدة ما يلي:[4]

 

أولا – توطين التأمين

 

1-   اشتراط إجراء التأمين على الأصول المادية والمسؤوليات القانونية الناشئة عنها حصراً لدى شركات تأمين مسجلة لدى الدوائر المختصة في العراق ومجازة من قبل ديوان التأمين العراقي.

 

2-  تحريم إجراء التأمين خارج العراق، أي خارج القواعد الرقابية التي يديرها ديوان التأمين العراقي.

 

3-  اشتراط ان تكون استيرادات العراق بشروط الكلفة والشحن (سي أند اف - C & F) وليس بشروط الكلفة والتأمين والشحن (سي آي اف -CIF ) عند فتح الاعتمادات المستندية مع المصارف.

 

4-  فرض غرامات مالية وغير مالية عند مخالفة شرط التأمين لدى شركات مجازة من قبل ديوان التأمين العراقي على أي طرف عراقي أو اجنبي يعمل في العراق (أي المؤمن له)، وإلزام الطرف المخالف بشراء التأمين من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

5-  تعزيز الالتزام بهذه الشروط أعلاه وضمان تطبيقها من خلال التنسيق مع الإدارات الجمركية لتقييد إخراج البضائع المستوردة على أنواعها من الموانئ العراقية البرية أو البحرية أو الجوية وذلك باشتراط إبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

6-  عدم تقديم السُلف أو الدفع على الحساب أو إجراء التسوية النهائية لعقود المقاولات دون إبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 

7-  النص في عقود الدولة على إجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة ومجازة في العراق.  وكذلك وضع نماذج موحدة لشروط التأمين والتعويض في عقود الدولة مع شركات المقاولات العراقية والأجنبية.

 

8-  تأمين صناعة النفط والغاز، في جميع مراحلها، لدى شركات التأمين المسجلة في العراق العامة أو الخاصة منها.

 

9-  تشجيع تأسيس شركات تأمين كبيرة ذات قدرات مالية قوية وكوادر وظيفية عالية الكفاءة من خلال دمج شركات التأمين الخاصة الصغيرة.

 

ثانياً – تعزيز مؤسسات التأمين

 

10- العمل على ضمان استقلالية ديوان التأمين العراقي رغم تابعيته لوزارة المالية وتكريس مكانته كمؤسسة شبه حكومية، وتعزيز جهازه الفني من خلال التدريب لدى هيئات الرقابة العربية المتمرسة في مصر أو الأردن على سبيل المثل؛ وكذلك ضمان عدم تضارب المصالح بينه وبين شركات التأمين.

 

11- تحسين مستوى الرقابة التي يمارسها ديوان التأمين لضمان عدم تسرب أقساط التأمين، دون وجه حق، إلى الخارج؛ وكذلك التأكد من صحة عقود إعادة التأمين التي تبرمها شركات التأمين الخاضعة لرقابته.

 

12- المساواة في التعامل مع شركات التأمين العامة والخاصة والوقوف على مسافة واحدة منها من قبل ديوان التأمين وشركة إعادة التأمين العراقية.

 

13- جعل جمعية التأمين العراقية مؤسسة مفتوحة لجميع أعضائها من شركات التأمين، والتأكيد على الهوية غير الحكومية للجمعية، والمساواة بين شركات التأمين العامة والخاصة في تشكيل أجهزة الجمعية، وضمان استقلال عملها، واستكمال كادرها الفني ورفع مستوى البيانات والمطبوعات التي تصدرها.

 

14- تكثيف التدريب المهني للعاملين والعاملات في قطاع التأمين.[5]

 

15- دعم مكانة ودور شركة إعادة التأمين العراقية، أو التفكير بإعادة هيكلتها باستلهام ماضيها في الستينيات والسبعينيات.

 

ثالثاً – تأسيس سوق فيدرالي للتأمين

 

16- معالجة إرث النظام السابق فيما يخص مصالح الأطراف المتضررة وخاصة أولئك الذين هُجّروا بذريعة التبعية، وحل أية إشكالات قائمة بين شركات التأمين العامة وحكومة إقليم كوردستان بغية التمهيد لرجوع فروع شركات التأمين العامة إلى الإقليم، وسماح حكومة الإقليم بتأسيس فروع للشركات العامة والخاصة في الإقليم.

 

17- العمل على تأسيس سوق تأميني فيدرالي موحد من خلال نظام رقابي موحد على النشاط التأميني، لتجنب ازدواجية الرقابة وكلفتها الإدارية والمالية على شركات التأمين، وضمان حرية عمل شركات التأمين في جميع أنحاء العراق.

 

18- اتخاذ خطوات جادة للبدء باستخدام اللغة الكردية في مجال التأمين في إقليم كوردستان.

 

رابعاً - إضافات للمشروع

 

يمكن إضافة عناوين ثانوية أخرى للسياسة التأمينية كالتأسيس لثقافة تأمينية على مستوى المؤسسات والأفراد؛ والتأمين الاجتماعي في مختلف أشكاله ووضع القواعد المناسبة لتمويله؛ والتأمين الصحي ونظام طبيب الأسرة؛ وإعادة النظر في إدارة قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات (القانون رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته)؛ ربط القروض العقارية بالتأمين على الحياة وبأسعار تأمينية لا تثقل كاهل المستقرضين الصغار؛[6] بناء صندوق حكومي للتعويض عن الأضرار المادية التي تلحق بالأفراد نتيجة للكوارث الطبيعية؛[7] دراسة جعل التأمين من الحريق على منشآت الأعمال التي تستخدم عدداً معيناً من العاملين أو رأسمالاً بحد معين إلزامياً، إضافة إلى جعل التأمين على المُنْتَجْات والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة اجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك؛[8] وغيرها من الموضوعات.

 

خاتمة

 

يبدو أننا نشهد موسماً جديداً لغياب التأمين في الفكر العراقي.  فقبل فترة قصيرة جرى تداول مشروع قانون شركة النفط الوطنية العراقية ومشروع قانون صندوق الإعمار والتنمية العراقي، وكلا المشروعين أهملا ذكر التأمين في الهيكل التنظيمي المقترح للشركة والصندوق.[9]

 

ربما لم نكن نعير غياب التأمين في برنامج لحزب سياسي عريق مُعد للمناقشة لولا أن الحزب كان قد أبدى اهتماماً في الماضي بالتأمين، وهو ما أثنينا عليه كما جاء في مقدمة هذه المقالة، مثلما رحبت مجلة الثقافة الجديدة مشكورة لانفتاحها على نشر العديد من المقالات حول التأمين.  نأمل أن يسترجع التأمين شيئاً من أهميته في برنامج الحزب الشيوعي العراقي ليكون بذلك أول حزب سياسي عراقي يتبنى موقفاً تجاه مؤسسة التأمين.

 

مصباح كمال

 

لندن 24 آذار 2016



[1] طريق الشعب، الخميس 18 آب/أغسطس 2011. 
النص الأصلي لهذه المقالة متوفرة بصيغة بي دي إف لدي لمن يرغب الحصول عليه.
 
[2] مصباح كمال، "التأمينات الاجتماعية في العراق: قراءة لموقف الحزب الشيوعي العراقي"، الثقافة الجديدة، العدد 338، 2010.  نشرت أيضاً في مجلة التأمين العراقي
http://misbahkamal.blogspot.com/2010/08/338-2010-56-65.html
[3] جبار عبدالخالق الخزرجي، سعدون الربيعي، فؤاد شمقار، محمد الكبيسي، مصباح كمال، منعم الخفاجي، مساهمة في نقد ومراجعة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، تحرير: مصباح كمال، (مكتبة التأمين العراقي، 2013).
 
مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).
 
[4] معظم هذه التفاصيل كانت موضوعات لدراسات ومقالات منشورة في الثقافة الجديدة، شبكة الاقتصاديين العراقيين، مرصد التأمين العراقي ومجلة التأمين العراقي.  سأشير إلى بعضها في الهوامش.
[5] مصباح كمال، التدريب المهني بين الجمعية والديوان: ملاحظات أولية، مرصد التأمين العراقي:
[6] مصباح كمال، برنامج البنك المركزي للقروض الصناعية والزراعية والإسكان ومكانة التأمين، مجلة التأمين العراقي
 
[7] مصباح كمال، خطر الفيضان في العراق ودور الدولة والتأمين، شبكة الاقتصاديين العراقيين
 
[8] مصباح كمال، التأمين في المنهاج الحكومي: قراءة أولية، الثقافة الجديدة، العدد 370، تشرين الثاني 2014، ص 51-63

Jews of Iraq and their Role in Iraq's Insurance Sector


اليهود والنشاط التأميني في العراق

 

 

مصباح كمال

 

 

في آذار 2012 كتبت مقالة بعنوان "وكالات التأمين في العراق عام 1936: محاولة في التوثيق"[1] اعتمدت فيها على الدليل التجاري العراقي عام 1936، ومما ذكرته فيها إن

 

الرصد السريع لقائمة الوكالات يبين ان ما يقارب نصف عدد الوكالات عراقية وهذا مؤشر على ان التجار وأصحاب المال العراقيين، يهود ومسيحين ومسلمين، كانوا آنذاك مهتمين بالنشاط التأميني كمتمم للنشاطات الأخرى التي كانوا يقومون بها.  من ذلك أن اشتغالهم في تجارة الاستيراد لحسابهم أو لحساب أطراف أخرى (كوكلاء بالعمولة) ولّدَّ الاهتمام بإجراء التأمين المناسب كالتأمين البحري على البضائع.

 

وجاء تأكيدي على تقديم دور التجار وأصحاب المال من اليهود العراقيين اعتماداً على أسماء بعض وكالات التأمين التي عرضت بعضها في المقالة.[2]  وقتها لم أتوفر على مصادر أخرى لإثبات هذا القول.  وقد تسنى لي مؤخراً قراءة كتاب موسوعي مهم للدكتور كاظم حبيب يهود العراق والمواطنة المنتزعة[3] أفرد فيه مبحثاً لـ "فئة البرجوازية التجارية وأصحاب الأموال (الصرافون) اليهود" أورد فيه بعض المعلومات المؤيدة لما كتبته.  كتب د. حبيب أنه

 

على وفق المعلومات المتوفرة فإن الفترة الواقعة بين 1921-1936 شهدت توسعاً مهماً في النشاط التجاري ليهود العراق في أغلب المجالات الاقتصادية، وخاصة في مجال الاستيراد، وبمستوى أقل في قطاع التصدير، حيث تركز على سلع قليلة ولكنها مهمة.

 

لو توسعنا في تعريف مجال الاستيراد ليشمل الخدمات عندها نستطيع القول بأن النشاط التأميني أرتبط باستيراد الحماية التأمينية من خارج العراق سواء من خلال وكالات التأمين أو فروع شركات التأمين الأجنبية العاملة في العراق، أي أن رأس المال المحلي، حسب اجتهادنا، لم يكن موظفاً لتحمُّل الأخطار المؤمن عليها من قبل فروع الشركات الأجنبية.  وكالات التأمين، بفضل طبيعتها، تنوب عن شركات التأمين ولا تتحمل نتائج الأخطار المؤمن عليها (التعويضات) لحسابها الخاص، ودورها يقتصر على إنتاج وثائق التأمين لصالح شركات التأمين الأجنبية أو فروعها في العراق، وربما يتمتع البعض من الوكالات بتفويض اكتتابي underwriting/binding authority لإصدار وثائق التأمين وتسوية المطالبات بالتعويض وضمن حدود معينة تحددها شركة التأمين الأجنبية أو فرعها في العراق.

 

عرضَ بعدها جدولاً لتقديم صورة "عن العدد الكبير للتجار اليهود عل نطاق العراق" (ص 12-13) استقطعُ منه التالي فيما يخص النشاط التأميني:

 

القطاع
إجمالي عدد التجار
عدد التجار اليهود
نسبتهم %
الصيارفة
11
9
81.8%
شركات التأمين
18
9
50.0%

 

يستدلُّ د. حبيب من الجدول،[4] وفيما يخص موضوع التأمين، على ما يلي:

 

إن التجار والصيارفة من المواطنين اليهود قد سيطروا بشكل واضح على أهم فروع التجارة والصيرفة والتأمين، إضافة إلى التجار العامين ووكلاء العمولة أو القومسيون. (ص 97)

 

كما أن التجار اليهود العراقيين هم الذين أسسوا شركات التأمين وإعادة التأمين بالعراق وتعاونوا في ذلك مع شركات التأمين والتجارة البريطانية. (ص98)

 

حقاً ان الجدول يؤكد سيطرة التجار اليهود على التأمين، لكن شكل هذه السيطرة غير معروفة؛ أهي من خلال امتلاك أسهم شركات التأمين أو وكالات التأمين أو عدد العاملين فيها- هذا بافتراض وجود شركات تأمين عراقية وطنية، بالمعنى الضيق، قبل الحرب العالمية الثانية.  ما نعرفه هو أن التجار اليهود، اعتماداً على مير بصري، "أسسوا أيضاً شركة تأمين عراقية"[5]  لاحظ أن التأسيس ينصب على شركة واحدة وليس عدة شركات.  كما أن اسم وتاريخ تأسيس الشركة وأسماء مؤسسيها والمشاركين في رأسمالها ليس معروفاً.  ولا نعرف على وجه الدقة عدد العاملين من اليهود وغير اليهود والمواقع التي كان يشغلونها في الشركات التي كانوا يعملون بها.  مما لا ريب فيه أنه وبسبب تحريم اشتغال اليهود في مؤسسات الدولة، ومنها شركات التأمين الحكومية في وقت لاحق، فإن البعض منهم اتجه بحكم الضرورة إلى العمل في الشركات الخاصة اليهودية وغير اليهودية.  المتداول في أدبيات التأمين العراقي أن أول شركة تأمين عراقية تأسست عام 1946 باسم شركة الرافدين للتأمين برأسمال عراقي بنسبة 40% ورأسمال أجنبي بنسبة 60%.  ترى هل كانت إشارة مير بصري لهذه الشركة؟[6]

 

القول بأن التجار اليهود العراقيين هم الذين أسسوا شركات إعادة التأمين بالعراق يحتاج إلى دليل قد يمكن الحصول عليه من خلال بحث أساسي في تاريخ التأمين.  نحن نشك بوجود شركة عراقية متخصصة لإعادة التأمين قبل عام 1960 عندما تأسست شركة إعادة التأمين العراقية.  ومنذ ذلك التاريخ وحتى الوقت الحاضر لم يتأسس غيرها.  قبل ذلك كانت شركات التأمين العراقية تشتري حماية إعادة التأمين، الاتفاقي والاختياري، من شركات إعادة تأمين أوربية عريقة في لندن وزوريخ وميونيخ.

 

فيما يخص التعاون مع شركات التأمين والتجارة البريطانية ربما كان يدور في ذهن د. حبيب شركات محددة كشركة أندرو ويير& Co Ltd  Andrew Weir التي كانت تجمع بين نشاطات متعددة من بينها التأمين واحتكار تجارة تصدير التمور (1939-1952).[7]  وقد عرضنا التداخل بين النشاطات المتنوعة للوكالات في مقالتنا "وكالات التأمين في العراق عام 1936: محاولة في التوثيق."  وخير مثال على ذلك أيضاً ما جاء في كتاب حنا بطاطو حول أعضاء "الدرجة الأولى" في غرفة تجارة بغداد للعام 1938-1939 حيث يأتي على ذكر شركة إ. [إبراهيم] و ش. [شفيق] عدس المحدودة ويحدد طبيعة عملها: "تجار ووكلاء سيارات وتأمين."[8]

 

إن تاريخ النشاط التأميني في العراق لم يخضع للبحث الأكاديمي وليس هناك كتاب مكرَّس لهذا التاريخ.[9]  ولذلك لا نعرف إلا النزر اليسير عن دور اليهود في النشاط التأميني- كما جاء أعلاه.  هناك مصادر ومراجع وأرشيفات شركات التأمين لم يتم الاستفادة منها سواء في البحث عن التاريخ العام للنشاط التأميني في العراق أو دور اليهود العراقيين فيه.[10]  ونحن نفترض أن دور اليهود (في العمل في وكالات وشركات التأمين) قام على أساس المهارات اللغوية التي كانوا يتمتعون بها بفضل الدراسة في المدارس اليهودية التي كان منهاجها يتضمن تدريس اللغة الإنجليزية والفرنسية وأساسيات العلوم الحديثة،[11] وعلى أساس الثروة المالية لدى بعض التجار اليهود (الموظفة في تأسيس الوكالات والشركات).  ربما ساهم عدم وجود موقف ديني يهودي واضح رافض لآلية التأمين إلى ولوج العديد من اليهود المتعلمين في العمل التأميني.

 

إن الموضوع بانتظار من يقوم بالبحث فيه، سواء من منظور شخصيات تأمينية وسلوك هذه الشخصيات في إطار المتغيرات السياسية والقانونية، أو من منظور المشروع التجاري، أي شركات التأمين ذاتها، إذ أن محتوى الأدبيات المتوفرة عنه ضعيف جداً.  إن البحث والكتابة عن دور اليهود ومكانتهم في النشاط التأميني هو في نفس الوقت بحث عن تاريخ التأمين في العراق.  من المؤسف أن هذا النوع من التاريخ الاقتصادي الذي يركز على الشركات والقائمين عليها ليس معروفاً في العراق.  يقول المؤرخ الأمريكي جيرالد فيلدمان "إن العمل على ترويج تاريخ نقدي للأعمال [تاريخ الشركات] يقع في خانة المسؤولية العامة مثلما يُعبّر عن سياسة حكيمة فمجتمع الأعمال هو المستفيد من التقييم الرصين لتاريخه."[12]

 

 

19-23 تموز/يوليو 2016

 

 


 

الملحق رقم 1

روايات شفهية حول النشاط التأميني لليهود العراقيين

 

(1)

 

أثناء كتابة هذه المقالة استعنت بالسيد أميل كوهين بفضل اتصالاته الواسعة مع المجتمع اليهودي العراقي في الخارج.  وقد أفادني بأن صديقاً له، صباح عقيرب، كان يعمل في ستينيات القرن الماضي في إحدى شركات التأمين في بغداد.  وقد اتصلت به إلا أنني لم أحصل منه على معلومات ملموسة عن اليهود الذين عملوا في وكالات وشركات التأمين العاملة في العراق وأسماء هذه الوكالات والشركات.  وتبين لي من خلال متابعات أميل كوهين أنه كان يعمل في شركة ناشونال إنشورنس كومباني أوف نيو زيلاند National Insurance Company of New Zealand، وهي فرع للشركة الأم في نيوزيلندا، ولكن دون معرفة الفترة التي عمل فيها والموقع الذي كان يشغله.

 

وأعلمني أميل كوهين أن أبوه، منشي كوهين، عمل لبعض الوقت في ستينيات القرن الماضي مع شركة ﮔارديان للتأمين Guardian Assurance Co وهي فرع للشركة الأم في بريطانيا وقد بدأت العمل في العراق عام 1920.

 

(2)

 

أوصلني أميل كوهين إلى السيد منشي سوميخ الذي كتب لي دون إبطاء، رغم كبر سنه، الرسالة التالية بتاريخ 21 تموز 2016:

 

قرأت رسالتك، وتصفحت كذلك المواد المرفقة، واني أقدر الجهد الذي بذلته في اعداد هذه الدراسة التي تتناول فرعا هاما من فروع النشاط الاقتصادي في العراق. واني اذ أتمنى لك النجاح في مواصلة هذه الدراسة ارجو ان اعلمك باني غادرت العراق عام 1951 بعد ان امضيت معظم اوقاتي في السنوات الست بعد انهاء الدراسة الثانوية، في نشاطات سياسية وصحفية، ولم يكن لي في حينه اية علاقة بالنشاطات التجارية والاقتصادية، ولا أتذكر ان أحدا من اقربائي او معارفي كان يمارس عملا في شركات التأمين او كانت له علاقة بشؤون التأمين. واليوم وانا في التسعين من عمري لا امل في أن أجد في محيطنا أشخاصا يمكن ان استقي منهم معلومات تخص النشاط التجاري والتأميني في الفترة المقصودة بسؤالك من تاريخ العراق الاقتصادي. ان كل ما اتذكره عن موضوع التأمين في العراق هو تلك اللوحة الصغيرة الملونة التي كانت تلصق في واجهة البيوت المؤمنة ضد الحريق، ولا أدرى ماذا كان اسم شركة التأمين ومن هم الأشخاص الذين اداروها او كانت لهم وظائف فيها.

 

وأخيرا، لا يسعني الا ان أعرب لك عن اسفي لعدم تمكني من تزويدك بالمعلومات التي طلبتها متمنيا لك النجاح والتوفيق في كل ما تصبو اليه.

 

المعلومة الصغيرة التي وردت في هذه الرسالة عن "اللوحة الصغيرة الملونة التي كانت تلصق في واجهة البيوت المؤمنة ضد الحريق" معلومة أصيلة لأنني لم أجد في قراءاتي أي ذكر لها.  ومن المعروف أن تثبيت مثل هذه اللوحات كان قائماً في القرنين السابع عشر والثامن عشر في بريطانيا.[13]  هذه المعلومة بذاتها تضيف شيئاً جديداً للمعرفة التاريخية بالنشاط التأميني في العراق.

 

آمل أن تشجع هذه المعلومات الصغيرة غير المكتملة المهتمين بالموضوع على كشف المزيد لتكوين صورة أفضل عن الواقع التاريخي للنشاط التأميني في العراق، كالسبب وراء تثبيت هذه اللوحات، وهل أن ذلك يعني بأن شركات التأمين كانت تمتلك خرائط تفصيلية عن المدن الرئيسية كبغداد والبصرة، وهل هناك صورة لبيت تظهر فيها مثل هذه اللوحة.

 

وكتب التالي في رسالة ثانية بتاريخ 22 تموز 2016:

 

شكرا على رسالتك وعبارات الاطراء التي تضمنتها. إني في الواقع اشعر بأسف شديد لعدم تمكني من المساهمة في البحث عن المعلومات المطلوبة للدراسة التي تعمل على اعدادها.  اما عن المعلومة الخاصة بلوحة التأمين فمن الطبيعي أنك تستطيع استعمالها وليس من حاجة لان تنسبها اليّ.

 

واني، كما قلت في رسالتي السابقة، لم تكن لي اي علاقة بشؤون التأمين، ومع ذلك فان من الأمور التي اتذكرها، ان البضائع التي كانت تستورد من الخارج كانت تخضع اثناء شحنها للتأمين أوتوماتيكياً، وإذا حدث ان أصيبت باي ضرر اثناء شحنها فان شركات التأمين تكشف عليها وتحدد مدى الضرر الذي أصابها والتعويض الذي عليها ان تدفعه لأصحابها.  والمهم هنا هو ان الشركات والتجار كانوا يستعملون في موضوع التأمين مصطلحات مشتقة من اللغة الإنكليزية.  فشركات التأمين تسمى شركات السيكورته، والبضائع المؤمنة هي بضائع مسوكرة.  وكانت كلمة مسوكر تستعمل عادة لأمور مؤمنة ومضمونه وهي مشتقة طبعاً من الكلمة الإنكليزية (secure - security[14] وكانت البضاعة المتضررة تسمى - دامج - المشتقة من الإنكليزية (damage).  وهناك بالتأكيد مصطلحات أخرى مشتقة من الإنكليزية يعرفها الذين مارسوها في الأسواق التجارية.

 

وفي غضون ذلك سأواصل البحث عن اشخاص كانت لهم علاقة بشؤون التأمين لعل وعسى ان احصل على المزيد من المعلومات.

 

تحياتي وتمنياتي لك بالخير والسعادة والفلاح.

 

(3)

 

في أواخر عام 2015 بعث لي السيد ميرزا مراد مجيد خان، أحد ممارسي التأمين المخضرمين في بغداد، رسالة قصيرة[15] ذكر فيها أنه عمل في أوائل خمسينيات القرن الماضي في شركة ستريك[16] Strick House ضمن طاقم الموظفين staff.  وذكر أيضاً أن

 

"كان معظم الموظفين في الشركة من الإنكليز أو العراقيين اليهود وكنت المسلم الوحيد بينهم.  لم أشعر ولم يشعر غيري بالتفرقة الدينية.

 

كان قسم التأمين يديره شخص يهودي اسمه سليم عوبديا، أو بالحقيقة شالوم.  كان ذو أخلاق عالية تساعده موظفة يهودية تزوجها لاحقاً بالرغم من فارق العمر الكبير بينهما.  لم أشعر بأي تمييز وهم لم يمارسوا أي تمييز ضدي لا بل علموني المبادئ الأساسية للتأمين والعمل المصرفي وعمليات النقل إذ أن الشركة كانت تمتلك وتدير خطاً ملاحياً بحرياً باسم Strick and Ellerman."

 

القول إن "معظم الموظفين في الشركة من الإنكليز أو اليهود العراقيين" يؤكد حضوراً قوياً لليهود في قطاع التأمين، وهو ما يؤكده أيضاً العدد الكبير نسبياً من وكالات التأمين التي أسسها يهود عراقيون في ثلاثينيات القرن الماضي كما عرضتها في الملحق رقم 2 أدناه.  وسيلاحظ القراء أن هذه الشركة تستخدم عراقية يهودية.  وهذا جانب يؤكد على سبق النساء اليهوديات في العمل في الشركات.

 

وذكر أيضاً بأن

 

"كان النقل البحري هو الاختصاص الرئيسي للشركة ولكنها كانت تضم أقساماً تجارية أخرى مثل التأمين، ووكالات للمشروبات الكحولية كالويسكي والبراندي (Johnny Walker, Haig, Hennessey)، والسكائر (Playersوتجارة الشاي والرز، والمدافئ النفطية المنزلية (Valor)، والأدوية الطبية لشركة كلاكسو (Glaxo)، والمنظفات (Unilver) ... الخ.  إضافة الى كونها تمثل فرعاً لشركة التأمين البريطانيةRoyal Insurance  وكان يشرف عليه، بالإضافة إلى المدير اليهودي، شخص إنكليزي اسمه Duddly."

 

وقد ورد اسم الشركة ضمن وكالات التأمين في بغداد، في الملحق رقم 2، تحت اسم Strick, Frank C & Co (Busrah) Ltd وأفادنا السيد خان هنا أنها كانت تمثل "فرعاً" لشركة رويال للتأمين، وهذه معلومة جديدة.

 

(4)

 

أطلع السيد فاروق يونس، بغداد، على مسودة مقالتي فكتب التالي بتاريخ 25 تموز 2016:

 

بحثكم التاريخي المهم القيم لا تتوفر عنه، حسب ظني، معلومات منشورة.  لدى بعض الملاحظات الصغيرة أوجزها كما يلي:

 

اهمية العراق الاستراتيجية قبل افتتاح قناة السويس (راجع كتاب الاستاذ عبد الفتاح إبراهيم، الطريق الى الهند، منشورات الأهالي) طيلة العهد العثماني وحتى بعد الاحتلال البريطاني للعراق وقيام المملكة العراقية بعد الحرب العالمية الأولى.  كان الطرف الرئيسي الذي يتعامل على صعيد التجارة الخارجية قلة من العراقيين معظمهم يهود.  وكانت هناك علاقات وطيدة بين البيوتات التجارية الانكليزية والهندية مع العراقيين اليهود -- هنا توكيدي على عراقية اليهود، وهذا هو أصل البحث، وليس عن يهود العراق كأقلية دينية مارست التجارة والزراعة وتولى اعيانهم مراكز مرموقة في الدولة العثمانية والحكومة العراقية بعد تأسيسها -- نحن نتحدث عن عراقيين شركاء في مختلف العمليات التجارية استيراداً وتصديراً وفى الصيرفة والنقل والتامين وفى بناء المدارس والمستشفيات وممارسة الاختصاصات في الطب والصيدلة والهندسة ... الخ.

 

المهم ان نقول لم يكن للتجار المسلمون في القرن 19 وأوائل القرن العشرين دور مهم في التجارة الخارجية والخدمات المتعلقة بها من تامين ونقل بحري وبرى.  وكانت غرفة تجارة بغداد، التي تأسست عام 1924، بيد اليهود واول رئيس لها مستر وايت إنكليزي ورئيس بنك.  محور التجارة هو بريطانيا - الهند - بغداد - بصرة – موصل، مسيراً من قبل المصارف الانكليزية ومصرف إنكلترا.  وكان الاستيراد من دول الكومنويلث (بلدان العملة السهلة - الباون) غير مقيد اما بلدان العملة الصعبة (الدولار) فهو محدود التخصيصات وخاضع لقيد الاجازة.

 

مارس المسلمون تجارة التصدير للتمور والقطن والحنطة والشعير.  كان الشعير يستورد من تجار انكليز مطروح في الموصل FOB ويصل الى ميناء ليفربول وعند التفريغ تحصل عجة فيعرف وصول باخرة الشعير من العراق.  والتامين البحري يجريه المشترى - الشركة الإنكليزية.

 

خلاصة القول: العراقيون من يهود ومسيحيين كانوا يملكون المال ويملكون المعرفة العلمية والتجارية ولديهم علاقات وطيدة مع شركائهم في الخارج وبالأخص البريطانيون والهنود والاتراك (لا تنسى دور اليهود في السياسة والاقتصاد ايام الإمبراطورية العثمانية ودور مدحت باشا، اليهودي الأصل، في الاصلاحات التي قام بها في العراق.  انظر كتاب اليهود والدولة العثمانية - الدكتور احمد نوري النعيمي - دار الشؤون الثقافية العامة - بغداد 1990).

 

دور شركة الهند الشرقية مهم أيضاً يجب الاطلاع عليه، وكذلك بيت لنج، واليهود العراقيون المقيمون في الهند دورهم مهم ايضا (اموال اليهود العراقيون كانت تحول للهند خوفا عليها - لم يحصل تراكم رأسمالي لثروات اليهود في العراق).

 

لقد كان اليهود والمسيحيون وكلاء بالعمولة حيث يتم تجهيزهم بالسلع من بريطانيا والهند وان الاصيل هو الذي يقوم بالتامين البحري وليس الوكيل. [17]  المطلوب تعريف معنى وكيل تامين الوارد في المسودة فهو طبعا ليس بالضرورة شركة تامين بل وسيط ووكيل بالعمولة لشركة اجنبية.[18]

 

خلاصة: انظر الى اليهود من منظور هويتهم العراقية وانظر الى المسلمين الذين اتخذوا من المتعلمين اليهود كتابا ومراسلين لهم مع الجهات الاجنبية المستوردة والمصدرة ومع شركات النقل والتامين والسياحة وذلك لافتقار المسلمين مع الاسف للتعليم والتعلم بل رفضهم بعد الاحتلال البريطاني ادخال ابنائهم في المدارس الحديثة وتفضيل الكتاتيب عليها، ولكن في النهاية انتشرت المدارس الحديثة وعمت الثقافة الغربية

 

خلاصة أخيرة: العراقيون مارسوا النشاط التأميني، ونظرا لان ممارسة هذا النشاط يتطلب معرفة باللغة الانكليزية ومعرفة بفنون هذا النشاط الحديث نسبيا على الصعيد العالمي فقد كان العراقيون من اليهود من خريجي المدارس اليهودية، في بغداد خاصة، هم السباقين لممارسة هذه المهنة الجديدة نسبيا.  المسلمون كانوا خارج قوس واليهود والمسيحيون هم العارفون بالتامين وباللغة الإنكليزية.  (انظر كتاب الدولة والقطاع الخاص في العراق - الادوار - الوظائف - السياسات 1921-1990 - الدكتور عماد عبد اللطيف سالم - بغداد 2001)


 

الملحق رقم 2

دور اليهود في وكالات التأمين

 

عرضت في مقالتي "وكالات التأمين في العراق عام 1936: محاولة في التوثيق" أسماء بعض وكالات التأمين المنشورة كإعلانات في الدليل التجاري العراقي عام 1936.  سيلاحظ القارئ تكرار بعض الأسماء وقد أبقينا عليه نظراً لأن البعض منها تضم معلومات عن شركات التأمين الأم التي كانت هذه الأسماء تمثلها في المدن الرئيسية للعراق.  وبمساعدة من الصديق أميل كوهين تم تحديد أسماء الوكالات التي تعود ملكيتها إلى يهود عراقيين.  لم تجرِ محاولة جرد كهذه سابقاً، لذلك أتمنى أن يقوم المتخصصون بتعديل أي خطأ في التشخيص.

 

فيما يلي أسماء الوكالات التي ذكرتها في المقالة مع بيان إن كانت مملكة ليهود عراقيين.  أبقيت أسماء الوكالات باللغة الإنكليزية كما وردت في دليل 1936.

 

ملكية الوكالة- ملاحظات
اسم الوكالة
يهودية تعود لعائلة عدس
I & C Ades
Head Office: Baghdad
Agents for [over 40 companies including]
L’Union Insurance Co Ltd – Life, Fire, Accident, etc.
Branches: Basrah, Mosul, Kirkuk
ملكية هذه الوكالة غير معروفة ومن المحتمل أن تكون يهودية
African & Eastern (Near East) Ltd
Basrah, Baghdad, Mohammerah
Head Office: London
Agents for The Atlas Insurance Co Ltd, Northern Assurance Co Ltd, London (Fire, Marine, Motor, Accident Insurance, etc.
مسيحية تعود لعائلة إدوار فرام
Edward M Fram
Importers of: Glassware, Bedsteads [and other goods]
Insurance, Securities and Shares Agent
Basrah
يهودية.  رغم أن اسم الشركة، شركة التأمين العراقية المحدودة، إلا أنها تصف نفسها في الإعلان كوسطاء تأمين وكوكلاء لشركة ﮔارديان للتأمين (بريطانية)، ومكتتبي لويدز (دون تحديد لأسماء النقابات الاكتتابية في سوق لويدز اللندنية) ومكتتبين فرنسيين (أيضاً دون تحديد الأسماء)
The Iraq Insurance Ltd
(Incorporated in Iraq)
Insurance Brokers
Agents for:
The Guardian Assurance Co, Ltd
Lloyd’s and French Underwriters
يهودية
Khedouri E. Ani
Ashar, Basrah
Import, Export and Commission Agent
Agent for: Insurance of All Kinds
يهودية، ممثلة من خلال وكالة سي لايبنثول و إي صوفر
Victoria of Berlin
General Insurance Co Ltd, Est 1853
Capital and Reserve: £32,000,000
Amount Assured: £77,000,000
Most favourable terms for life insurance/with participation of the company’s profit
 
Head Office for Iraq:
C. Liebenthal & E Soffer
Baghdad, 230/1 Rashid Street
شركة تجارية بريطانية.
Andrew Weir & Co
Baghdad & Basrah
Established in Iraq since 1905
Shipowners, Import & Export Agent, General Merchants, Insurance Agents, etc.
ربما تكون هذه الوكالة يهودية.  يلاحظ أنها كانت تعمل وكيلاً لشركة تأمين بريطانية
Asfar & Co
Basrah, Iraq
Date Growers, Merchants and Exporters
Agents for:
The Northern Assurance Co Ltd
Fire, Marine and all Risks
 
وكالات التأمين في بغداد
يهودية، وقد ورد ذكرها أعلاه
Ades, I & C, Naman Street
ربما تكون يهودية
African & Eastern (Neat East) Co Ltd, Mustansir Street
 
Antoin & E, Aris, Khan Khedairi, Mustansir Street
 
Antrassian, Rashid Street
 
Awanis Malkonian, Khan Dalla
 
Bashir Kazandji, Rashid Street
 
Dwyer & Co Ltd, Rashid Street
يهودية
Edward Aboodi & Co, Khan Shashona, Samawal Street
 
Faik Obeyda, Rashid Street
 
Fowler & Co, Rashid Street
 
Ghani, Sayid, Rashid Street
يهودية
Hakkak, E M & Sons Ltd, Rashid Street
 
India Life Insurance Co, Rashid Street
يهودية
Iraq Insurance Office (The), Rashid Street
يهودية
Khedhoori, A Zilkha, Rewaq Street
يهودية
Liebenthal, (C & E Soffer), Khan Abdul Hadi Chalabi, Rewaq Street
يهودية
Meir Tueg & Y Moshi, Mustansir Street
 
Mesopotamia Persia Corporation (The), Mustansir Street
يهودية
Pedroni, P O Box No. 98
يهودية
Saatchi, S & D N, Mustansir Street
 
Strick, Frank C & Co (Busrah) Ltd, Mustansir Street
 
Weir, Andrew & Co, Rewaq Street
 
الوكالات في البصرة
 
Alliance Insurance Co, Pharmacists Street
 
Asfar & Co, Strand Road, Ashar
 
Fowler & Co, Ltd, Church Street
لا يمكن الجزم إن كانت ملكية هذه الوكالة يهودية أو مسيحية
Iraq Insurance Co (The), A. Rufail (Agent), P O Box 24
 
Shark Insurance Co, E M Fram, Agent, P O Box 24[19]
 
الوكالات في الموصل
 
Jabrail Zebouni, Ghazi Street
 
Muhammad Najib al-Jadir, Nineveh Street

 




[1] لقراءة نص هذه المقالة استخدم هذا الرابط:
[2] راجع الملحق رقم 2.
[3] د. كاظم حبيب، يهود العراق والمواطنة المنتزعة (ميلانو: منشورات المتوسط، 2015).  حسب علمي فإن د. كاظم حبيب هو الأكثر اهتماماً بين الاقتصاديين بمكانة التأمين في الاقتصاد الوطني.  وتراه كلما نهضت الفرصة يشير إلى النشاط التأميني.
[4] يذكر د. كاظم حبيب بأنه اعتمد في هذا الجدول على كتاب فاضل البراك، المدارس اليهودية والإيرانية بالعراق: دراسة مقارنة (بغداد: الدار العربية، ط2، 1985)
 
[5] مير بصري، "ملحق تأريخ يهود العراق في القرن العشرين" لكتاب يوسف رزق الله غنيمة، نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق (لندن: دار الوراق للنشر، 1997، ط1 1924)، ص 266.
[6] ما خلا نسبة المشاركة العراقية والأجنبية في رأسمال الشركة، لا نعرف أسماء المساهمين العراقيين فيها، عدد العاملين فيها، أنواع التأمين التي كانت تزاولها ... الخ.
[8] حنا بطاطو، العراق: الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، الكتاب الأول، ترجمة عفيف الرزاز (بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1990)، الجدول رقم (9-4)، ص 283 (ص 246 في الأصل الإنجليزي للكتاب).
[9] هناك دراسة غير منشورة للسيد ستار كرمد عيدان، سوق التأمين العراقية: دراسة تحليلية في الجذور التأسيسية (بغداد: شركة إعادة التأمين العراقية، 2012)، 84 صفحة (قياس 21X29.7 سم)، إلا أنها ليست تاريخاً، بالمعنى الضيق، للنشاط التأميني.  أنظر عرضنا النقدي لهذه الدراسة في الثقافة الجديدة، العدد 366، أيار 2014، ص 62-68.
 
كما أن كتابنا أوراق في تاريخ التأمين في العراق: نظرات انتقائية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2011) هو الآخر لا يرقى إلى سرد تاريخي مفصل.  النسخة الإلكترونية لهذا الكتاب متوفر في الموقع التالي:
[10] رغم أن التوثيق ضعيف فيما يخص النشاط التأميني ربما بالإمكان الكشف عن معلومات كثيرة من خلال البحث في الأعداد القديمة من مجلة غرفة تجارة بغداد الشهرية، دائرة تسجيل الشركات، مصلحة الضرائب، البنك المركزي العراقي، الأمانة العامة لمراقبة وإدارة أموال اليهود المسقطة عنهم الجنسية العراقية، المكتبة الوطنية.
[11] يذكر يوسف رزق الله نعيمة، مصدر سابق، ص 200، تأسيس مدرسة يهودية في بغداد عام 1865 "نظمت منهجها على مثال المدارس الابتدائية الأوروبية وأدخلت فيها تعليم الفرنسية والإنكليزية من اللغات الأوروبية والعبرية والعربية والتركية من اللغات الشرقية.  والتاريخ والجغرافيا والحساب والطبيعيات وعلم الأشياء والكيمياء من العلوم الحديثة."  ثم توالى تأسيس المدارس للمراحل المتقدمة للذكور والإناث.
[12] Gerald D. Feldman, Allianz and the German Insurance Business, 1933-1945 (Cambridge: Cambridge University Press, 2001), p ix.
[13] للمزيد من المعلومات، راجع:
Brian Wright, Insurance Fire Brigades, 1680-1929 (Gloucestershire, England: Tempus Publishing, 2008), especially pp 39-59.
[14] من رأينا أن الكلمة وردت إلينا من التركية وهو ما ذكرته في هامش لمقالة لي بعنوان "إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأمين في العراق" (الثقافة الجديدة، العدد 331، 2009 - http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2009/09/331-2009-44-52.html) عند تعليقي على قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 حيث يرد التأمين متبوعاً بكلمة سيغورطة:
 
"الكلمة "سيغورطه" أو "سيكورته" أو "سيكورتاه" تركية sigorta (من الأصل الإيطالي sicurta) وتعني التأمين، وهناك قانون عثماني يحمل هذه الكلمة وهو قانون [شركات] الضمان (السيكورتاه) الصادر عام 1322 (1905) [صدر في 21 جمادي الآخر 1323 ونشر كملحق لقانون التجارة البرية العثماني].  وتكتب الكلمة أحياناً سوگره أو صوگرة.  وقد دخلت كلمة صوگرة في التداول الشعبي العراقي كمقابل للضمان أو ما هو مؤكد.  وترد الكلمة في نص القانون وكأنها شرح لعبارة "أعمال التأمين" الواردة قبلها."
 
[15] نشرت كمقالة تحت عنوان "أيامي الأولى في التأمين،" مرصد التأمين العراقي:
[16] للتعرف على المزيد من المعلومات الخاصة بهذه الشركة الملاحية البريطانية ومؤسسها فرانك كلارك ستريك (Frank Clarke Strick, 1849-1943) راجع:
[17] أي أن عقد البيع بين المجهزين والوكلاء بالعمولة يقضي بقيام المجهز في بريطانيا أو الهند بالتأمين البحري على البضائع من مخازن المجهز إلى مخازن الوكيل أو إلى ميناء التسليم في العراق. (م كمال).
 
[18] يمكن القول، ومن باب التعميم، أن وكيل التأمين كان يقوم بإصدار وثائق التأمين نيابة عن شركة التأمين الأجنبية ويقوم بتحويل أقساط تأمين هذه الوثائق إلى شركة التأمين الأجنبية، في بريطانيا أو في غيرها من البلدان، بعد استقطاع عمولته المتفق عليها مع الشركة.  وبالنسبة لتسوية المطالبات بالتعويض فإن وكيل التأمين قد يدفع مبالغ التعويض من حسابه الخاص ومن ثم يطالب شركة التأمين الأجنبية التي يمثلها بتحويل مبالغ التعويضات لحسابه أو يحصل عل هذه المبالغ من خلال المقاصة من أقساط التأمين المستحقة لشركة التأمين. (م كمال).
[19] لا نعرف إن كانت هذه الشركة هي شركة الشرق للتأمين، وهي شركة مصرية تأسست سنة 1931.