إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2020/06/05

Decline of Insurance Premium in Iraq


ملاحظات حول بيان منظمة غير حكومية والتغطية الصحفية له


مصباح كمال

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

مقدمة

الأخبار التي تتحدث عن ركود قطاع التأمين العراقي ليست جديدة؛ هي استمرار لتدهور بدأت بوادره في أواخر ثمانينيات القرن الماضي وتعزز مع غزو العراق للكويت (1990) والعقوبات الدولية (1990-2003).  استعاد القطاع بعض نشاطه مع إعادة تواصل القطاع مع أسواق إعادة التأمين الدولية (2005) وجولات التراخيص النفطية وتصاعد محفظة التأمين من الحريق لبعض الشركات الصناعية والمحلات التجارية، وكذلك تأمين الطيران وناقلات النفط.  لكن هذا النهوض البسيط تعثر مع بروز داعش وتفاقم الفساد المالي والإداري وتدهور الوضع الأمني.  وساهم قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10 الأمريكي الصنع) لتوفير غطاء قانوني لتسرب أقساط التأمين إلى الخارج.[1]

بيان المنظمة غير الحكومية حول التأمين في العراق

قرأنا أواخر شهر أيار 2020 خبراً في موقع بغداد اليوم بعنوان "بالأرقام.. التأمين في العراق هو الأقل بين الدول العربية" [2]يعكس صورة قاتمة لقطاع التأمين العراقي، ننقل نصه بالكامل.

بلغ حجم قطاع التأمين في العراق، للعام الماضي بحدود 200 مليون دولار فقط ليشكل واحداً من أضعف الدول الموجودة في المنطقة العربية وانخفضت عائدات التأمين لسنة 2019 مقارنة بسنة 2018 بحدود 18٪.

ووفقا لمؤسسة عراق المستقبل الاقتصادية،[3] فإن تأمين السيارات والتأمين الصحي يعتبران من أقل القطاعات جذبا للمستخدمين للعراق مقارنة مع باقي الدول اذ بلغت نسبة قطاع تأمين السيارات 9٪ فقط من مجمل قطاع التأمين بينما بلغت نسبته في باقي الدول بحدود 22٪ من مجمل التأمين. اما التأمين الصحي فبلغت نسبته في العراق اقل من 1% مقارنة بـ 35% من مجمل التأمين في باقي الدول العربية.

وحققت دول مثل قطر والامارات والسعودية عائدات مرتفعة من قطاع التأمين بلغت في الامارات 11,0 مليار دولار اما في السعودية فكانت 9,24 مليار دولار وفي قطر كانت 4,34 مليار دولار.

وعلى الرغم من وصول عدد السيارات في العراق الى أكثر من 6 مليون سيارة وبمعدل نمو سنوي يبلغ أكثر من 4٪ الا ان قطاع التأمين على السيارات مازال ضعيفا جدا لعدم وجود التشريعات التي تساهم في تشجيع التأمين وايضا لغياب الثقة والدراية بالتأمين المحلي.

ويذكر أن هناك أكثر من 39 شركة تأمين محلية عاملة في العراق مع وجود أكثر من 50 معيد للتأمين وتسيطر شركتا التأمين الوطنية والتأمين العراقية وهي شركتان مملوكتان للحكومة العراقية على معظم سوق التأمين في العراق

فيما يلي سنناقش بعض ما ورد في بيان مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير كما نقلها موقع بغداد اليوم، ونقدم جملة ملاحظات من باب التعليق، والإشارة إلى ضعف التغطية الصحفية لقضايا التأمين.[4]  كما يظهر في الخبر فإن البيان ركَّز على تأمين السيارات الشامل والتأمين الصحي وهما مصدران أساسيان لأقساط التأمين في أسوق التأمين العربية (المغرب والسعودية والإمارات كمثال).  ونعرف أن فروع التأمين الأخرى، كالتأمين البحري-بضائع والتأمين الهندسي، كانت تشكل مصادر رئيسية لأقساط التأمين في العراق.

أرقام دخل أقساط التأمين

لا يذكر الخبر مصدر الأرقام التي اعتمدتها مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير، وحسب علمي فإن جمعية التأمين العراقية لم تصدر حتى الآن احصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام (2018-2019).  اعتماداً على أرقام الجمعية للسنتين 2017-2018 فإن أرقام مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي تعكس واقع الحال.  فقد كان مجموع إيرادات العمليات التأمينية في السنتين 2017-2018، لجميع فروع التأمين، كما يلي:[5]

ألف دينار
2018
2017
263,640,975
241,967,237



دولار أمريكي
2018
2017
221,507,641
203,297,655




يمكن تقدير ضآلة حجم دخل أقساط التأمين في العراق بإلقاء نظرة سريعة على الجدول التالي حول أقساط التأمين في بعض الدول العربية إضافة إلى إيران وتركيا وفي سياق تباطؤ الأقساط عام 2018 (لا يرد ذكر للعراق).

Global ranking
Country
Premiums
2017/2018 evolution
Market shares 2018
2018
2017
2018
2017
37
36
United Arab Emirates
12461
12204
2.10%
21.87%
41
39
Turkey
10452
12054
-15.30%
18.35%
39
41
Saudi Arabia
9463
9734
-2.90%
16.61%
44
42
Iran
7688
9054
-17.80%
13.50%
54
50
Morocco
4579
3997
12.70%
8.04%
51
-
Qatar
3038
2941
3.20%
5.33%
70
60
Lebanon
1604
1522
5.10%
2.82%
73
62
Egypt
1579
1618
-2.50%
2.77%
62
82
Kuwait
1307
1119
14.40%
2.29%
75
69
Algeria
1189
1223
-2.90%
2.09%
63
70
Oman
1116
1063
4.70%
1.96%
82
81
Jordan
895
836
6.60%
1.57%
83
83
Tunisia
870
856
1.60%
1.53%
88
86
Bahrain
724
715
1.20%
1.27%


Total MENA
56965
58936
-3.50%
100.00%


Total World
5193225
4957507
4.50%

Source: Atlas Magazine 12/07/2019[6]

التأمين على السيارات

يرد في الخبر أن "تأمين السيارات والتأمين الصحي يعتبران من أقل القطاعات جذبا للمستخدمين للعراق."  وفي فقرة أخرى نقرأ أن "قطاع التأمين على السيارات مازال ضعيفا جدا لعدم وجود التشريعات التي تساهم في تشجيع التأمين وايضا لغياب الثقة والدراية بالتأمين المحلي."

دعوى عدم وجود تشريعات تشجع على التأمين على السيارات

نرى أن المقصود بقطاع التأمين على السيارات التأمين على الأضرار المادية التي تلحق السيارة من جراء حادث اصطدام أو انقلاب وغيره، وكذلك الأضرار المادية التي تتسبب بها السيارة لممتلكات الطرف الثالث، ذلك لأن تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات تجاه الإصابات التي تلحق بالأطراف الثالثة بما فيها الوفاة تلقائي بقوة القانون (قانون رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته).  فبفضل هذا القانون لا يحتاج صاحب السيارة إلى شراء وثيقة للتأمين إذ أنه مؤمَن عليه تلقائياً، فيما يخص المسؤولية المدنية عن الإصابات البدنية للغير، دون تسديد قسط للتأمين إذ أن جزءاً من سعر البنزين الذي يشتريه يُستقطع ويُوضع في صندوق خاص تديره شركة التأمين الوطنية لتسديد مطالبات التعويض.

القول بأن ضعف جاذبية تأمين السيارات في العراق يعود إلى عدم وجود التشريعات التي تساهم في تشجيع التأمين ليس صحيحاً فيما يخص تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات (الإصابات البدنية بما فيها الوفاة).  وحسب علمنا، فليس هناك تشريعات في أي بلد تشجع صاحب السيارة للتأمين على سيارته؛ التشريع الإلزامي ينصبُّ على تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من استعمال السيارة في الطرقات العامة وذلك لحماية حقوق الغير في نفسه وممتلكاته.  لكن المألوف هو شراء التأمين الشامل (التكميلي) ليغطي السيارة والمسؤولية المدنية تجاه الغير معاً.

الجدول التالي يبين حجم أقساط تأمين السيارات المكتتبة في 2017 و 2018.

جدول أقساط تأمين سيارات (2017-2018)
ألف دينار
2018
2017
اسم الشركة/السنة
6,151,888
3,627,111
1-شركة التأمين الوطنية
3,003,039
3,129,125
2-شركة التأمين العراقية العامة
5,235
5,520
3-شركة دار السلام للتأمين
37,829
13,665
4-شركة الامين للتأمين
204,859
211,022
5-شركة الحمراء للتأمين
50,621
51,165
6-شركة شط العرب للتأمين
9,965
13,550
7-شركة التضامن للتأمين
1,551
3,988
8-شركة الاهلية للتأمين
21,693
20,430
9-شركة الخليج للتأمين
14,557
11,443
10-شركة العراق الدولية للتأمين
3,188
11,157
11-شركة الاتحاد الدولية للتأمين
1,612
2,000
12-شركة الشرق الاوسط للتأمين
6,918
7,916
13-شركة البادية للتأمين
271,964
(128,286)
14-شركة دار الثقة للتأمين
5,720
17,585
15- شركة المصير للتأمين
1,188,322
1,242,692
16-شركة اسيا للتأمين
37,975
45,774
17-شركة اليمامة للتأمين
**************
*************
18-شركه دار الامان للتأمين
27,785
76,770
19-شركه كوردستان للتأمين
170
195
20-شركة الشرق للتأمين
**************
5,436
21-شركة كار للتأمين
**************
2,535
22-شركة ارض الوطن للتأمين
**************
202,955
23-شركة ستار كار للتأمين
**************
256,250
24-شركة جيهان للتأمين
**************
*************
25-شركة دلنيا للتأمين
11,044,891
8,829,998
المجموع
المصدر: جمعية التأمين العراقية

تأمين السيارات: غياب الثقة والدراية بالتأمين المحلي

يثير الخبر مسألة مهمة وهي "غياب الثقة" التي تفترض أن طالبي التأمين على تأمين السيارات موجودين لكنهم لا يثقون بشركات التأمين، وتحصيل ذلك أنهم لا يقومون بالتأمين على سياراتهم.  في ذات الوقت يربط الخبر بين غياب الثقة وغياب الدراية بالتأمين المحلي.  وهو قول متناقض فغياب الثقة بالتأمين ينطوي على علم بوجود شركات للتأمين إلا أن أصحاب السيارات لا يثقون بها.  كيف يستقيم هذا مع غياب الدراية بالتأمين المحلي؟

في حال غياب الثقة، وهو ليس مستبعداً في ظل الإجراءات الدقيقة التي تلجأ إليها شركات التأمين لدراسة مطالبات التعويض والتلكؤ في تسويتها،[7] كيف السبيل لبناء الثقة؟  إنها مسألة تستحق البحث.

غياب الدراية بالتأمين المحلي هو الآخر يستحق البحث.  هل أن شركات التأمين مُلامة لفشلها في ترويج منتجاتها التأمينية أم هو تدني ثقافة التأمين، وعقلية القناعة أن الضرر لن يصيبني (بدلاً من قناعة أن غير المتوقع يمكن أن يحصل لي، وهو يحصل في الواقع ويمكن أن يصيب أي شخص)، وتركة التواكل الديني، والاعتماد على قيم عشائرية، وربما ميليشاوية، لتسوية تعويضات حوادث السيارات؟  وهل أن المسألة تكمن في محدودية قنوات توزيع المنتج التأميني التي تستخدمها شركات التأمين، وعدم تطوير قنوات جديدة كالتأمين عبر المصارف والمواقع الإلكترونية ونظام وكالات التأمين والوسطاء؟

التأمين الصحي: تدني الجاذبية

لم يرد في الخبر تعليقٌ على تدني جاذبية التأمين الصحي في العراق.  لنتذكر هنا بأن التأمين الصحي من فروع التأمين الحديثة في العراق، ولم يكن معروفاً قبل 2003 إلا قليلاً فقد مارسته شركة التأمين العراقية[8] التي كانت مختصة بالتأمين على الحياة حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي.  وكما كتبنا في مكان آخر فقد "جاء ظهوره بالتزامن مع برامج حكومات المحاصصة للسير وفق توجيهات المؤسسات المالية الدولية ومستشاريها لتقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتقليص الانفاق على الخدمات العامة، وتحويل الخدمات إلى سلع قابلة للبيع والشراء وتحميل المستفيد منها كلفة تمويلها."[9]

لم ينشغل بهذا التأمين في السنوات القليلة الماضية إلا عدد قليل من شركات التأمين.  والملاحظ أن إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام 2017-2018 الصادرة من جمعية التأمين العراقية لا تضم جدولاً بأقساط وتعويضات التأمين الصحي.

قد نجد تفسيراً للتدني في فشل أو غياب التوعية لإشاعة هذا التأمين من قبل شركات التأمين أو جمعيتها.  وقد نجده في ضعف الثقة بشركات التأمين، وتعقيدات إجراء التأمين والحصول على التعويض، وعدم توفر القدرة المالية لشراء التأمين من لدن الطبقات الفقيرة، وضآلة حجم المنافع، الخ.[10]  هذه وغيرها من الأسباب تدور في مجال التكهن وهي بحاجة لأن تخضع لاستبيان واسع النطاق للكشف عن ضعف الطلب على التأمين في هذا الفرع وغيره من فروع التأمين.

من المفارقات أنه عندما تنهض الفرصة للاكتتاب بوثائق ضخمة للتأمين الصحي الجماعي، كما في وثيقة التأمين الصحي لوزارة التربية وهيئة التقاعد العامة، فإنها تقترن بغياب الشفافية وغياب الإجراءات الصحيحة والفساد.  إضافة إلى إجراء التأمين دون علم المستفيدين من منافعها: منتسبو وزارة التربية والمتقاعدين!

السؤال الكبير هو: هل نحن بحاجة إلى تحويل صحة الإنسان إلى سلعة للبيع وتحقيق الأرباح لشركات التأمين في الداخل والخارج؟  أليس مطلوباً من الدولة ضمان الرعاية الصحية من المهد إلى اللحد للمواطنين؟  أما آن الأوان لتأسيس نظام صحي وطني موحد يوفر الخدمات الصحية لطالبيها ويُموّل بطريقة مقبولة على غرار ما هو موجود في العديد من دول العالم؟  لقد أثبتت جائحة كورونا أن الرعاية الصحية الشاملة والبنية التحتية المرتبطة بها وغيرها من السلع العامة public goods ذات الصلة صارت من الضرورات مثلما صار ضرورياً النظر إلى الإنسان كقيمة عليا وليس مجرد مستهلك للسلع والخدمات.

عدد شركات التأمين وإعادة التأمين

جاء في الخبر "أن هناك أكثر من 39 شركة تأمين محلية عاملة في العراق مع وجود أكثر من 50 معيد للتأمين."

حسب الموقع الرسمي لديوان التأمين، هيئة الإشراف والرقابة، فإن عدد شركات التأمين المسجلة والمرخصة بمزاولة العمل التأميني، بضمنها شركة إعادة التأمين العراقية، هو 39 شركة، اثنان منها أجنبية.[11]

لا يضم موقع الديوان أسماء شركات إعادة التأمين العاملة في العراق.  هناك شركة إعادة تأمين واحدة في العراق هي شركة إعادة التأمين العراقية العامة (تأسست سنة 1960).

قد يُثار سؤال حول الحاجة الحقيقية لسوق التأمين العراقي لتسعة وثلاثين شركة تأمين تتنافس فيما بينها على إجمالي أقساط التأمين الذي لا يزيد عن 200 مليون دولار.  سوق التأمين الهندي، مثلاً، تضم 33 شركة تأمين، عامة وخاصة، في قطاع التأمينات العامة، ولكنها تتنافس على إجمالي أقساط التأمين المباشر الذي بلغ في السنة المالية 2020 (لغاية شباط 2020) 24.82 بليون دولار.[12]  ألا يثير العدد الكبير لشركات التأمين في العراق الريبة حول مصادر تمويلها وقدراتها الفنية، وقصور ديوان التأمين في تحقيق هدفه كما جاء في المادة 6 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

يهدف الديوان الى تنظيم قطاع التأمين والاشراف عليه بما يكفل تطويره وتامين سوق مفتوح وشفاف وامن ماليا، وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الاشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية وتنميتها واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية

ليست هناك أرقام حول مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي إذ جرت العادة على دمج هذه الأرقام مع أرقام مساهمة المصارف كما في إحصاءات وزارة التخطيط وبرامج الحكومة.  إن مساهمة التأمين والبنوك في الناتج المحلي قد لا تتجاوز 1%.[13]

ليس مهماً عدد شركات التأمين العاملة بل أداء هذه الشركات.  في الفترة 1964-1997، كان عدد الشركات ثلاثة تابعة للدولة هي شركة إعادة التأمين العراقية، وشركة التأمين الوطنية، وشركة التأمين العراقية لكن إنتاجها ومكانتها كان مثار إعجاب وتقدير خارج العراق.

لم يكن قطاع التأمين العراقي في الماضي بهذا السوء الذي بينته مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير.  من المؤسف أن الإحصائيات التاريخية حول أداء القطاع ليست متوفرة ولم يعمل إي باحث على تصنيفها.  لكن هناك إشارات شخصية لمكانة القطاع في الماضي.  ففي حوار مع جان شويري، أحد العاملين في شركة ميونيخ لإعادة التأمين Munich Reinsurance Co لعدة عقود والمسؤول عن إدارة علاقة الشركة بشركات التأمين في العراق، نقتطف من جوابه على سؤال:

لننتقل الآن، وعلى وجه التخصيص، إلى العراق.  يُقال إن أعمال التأمين الهندسي لشركة التأمين الوطنية في العراق كان لها دوراً معتبراً في محفظة الهندسي لميونيخ ري في سبعينيات القرن الماضي، وكانت لك اليد الطولى في تحقيق ذلك.  ما مدى صحة هذا القول وهل لك أن تنورنا عن هذه الفترة من عملك حيث كانت ميونيخ ري المعيد القائد لاتفاقيات التأمين الهندسي لشركة التأمين الوطنية.[14]

ما يلي:

كان السوق العراقي يتميز بالنسبة لي بعدة صفات رئيسة هي: عمق المعلومات الفنية، العمل على أسس سليمة، الحفاظ على الكلمة وبعد النظر في التعاطي مع معيدي التأمين. 

لقد اسلفت الحديث عن أهمية سوق العراقية بالنسبة لميونيخ ري وعن الدور القيادي للشركة في إطار التأمينات الهندسية.  إن تطوير علاقاتنا كان قائماً بالدرجة الأولى على الثقة المتبادلة بين القائمين على التأمين في العراق وبين المسؤولين عن هذه السوق في شركة ميونيخ ري ومن ضمنهم الأمير بورخارد وأنا.

من الجدير بالذكر ان رقم أعمال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سنة 1980 كان في حدود 500 مليون مارك وكانت حصة السوق العراقي منه تعادل 180 مليون مارك.

برأيي إن العراق يأتي على رأس الأسواق العربية التي قدمت نماذج للنجاح لعل أسطعها هي شركة التأمين الوطنية.[15]

أورد د. مصطفى رجب في دراسة له (1967) حجم أقساط التأمينات العامة للفترة 1961-1966.  نرى في هذا الجدول نمو الأقساط بعد 1963

المصدر: د. مصطفى رجب، التأمين في العراق: تطوره ومستقبله (بغداد: المؤسسة العامة للتأمين، 1967)، ص 12.

وفيما يخص حجم أقساط التأمين على الحياة فقد أورد الأرقام التالية:

في سبعينيات القرن الماضي تضاعف حجم الأقساط، وخاصة في فرع التأمين البحري-بضائع والتأمين الهندسي، عدة مرات بفضل بناء العديد من المشاريع الصناعية.  لعل أحد العاملين في شركة التأمين الوطنية يستطيع الكشف عن تطور أقساط التأمين في هذه الفترة.

إن محتويات البيان الذي أصدرته مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير يمكن أن يكون موضوعاً لأطروحة ماجستير، للكشف عن أسباب التراجع التاريخي لقطاع التأمين العراقي.

2 حزيران 2020


[1] راجع: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).  النسخة الإلكترونية متوفرة موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.

[3] مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير، منظمة غير حكومية.  المعلومات المتوفرة عنها في الإنترنيت شحيحة وموقعها الإلكتروني لا يضم إلا القليل من المعلومات.  رئيس المؤسسة هو منهل عبد العزيز سعيد اللامي، كما يظهر في صورة لمكتب يحمل هذا الاسم في موقع المؤسسة.  لم نستطع الحصول على تقرير/بيان المؤسسة.

[4] كانت لنا وقفة نقدية مع تغطية الصحافة العراقية لبعض قضايا التأمين قبل عدة سنوات.  راجع: مصباح كمال، "التأمين في الصحافة العراقية وتضليل الفرد العادي: حالة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات"، مدونة مجلة التأمين العراقي:

[5] جمعية التأمين العراقية، احصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام (2017 - 2018)، ص 6-9.
قمنا بتحويل الأرقام إلى الدولار الأمريكي بسعر صرف 1,190.21.

[6] هناك جداول أخرى في هذه المجلة ومنها:
Middle East and North Africa insurance market in 2017

[7] عدم الثقة والتشكي من شركات التأمين، وخاصة على المستوى الشعبي، ليس جديداً في العراق أو في الخارج، وانتشاره يساهم في خلق سمعة reputation سيئة لمؤسسة التأمين تعمل شركات التأمين وجمعياتها إلى الاعتراض عليه لأنه غير عادل ويتناسى القيمة الحقيقية التي يوفرها التأمين للأفراد والشركات والاقتصاد.  وتعمد شركات التأمين في العادة، كجزء من هذا الاعتراض، إلى إبراز أرقام التعويضات المسددة سنوياً لبيان دور التأمين الحقيقي.

وقد استجد التشكي في الغرب من التأمين مؤخراً بسبب الموقف العام الذي أعلنته بعض شركات التأمين تجاه مطالبات تعويض خسارة الأرباح المترتبة على توقف الأعمال بسبب الإغلاق العام lockdown الذي فرضته الحكومات لاحتواء وباء كوفيد-19، وهي ما تعتبرها هذه الشركات غير مغطاة بوثيقة تأمين خسارة الأرباح لعدم وجود ضرر مادي non-damage business interruption إلا في حالات معينة تمَّ النص عليها في وثيقة التأمين.

وقد بلغ الخلاف بين مجموعة من الشركات وشركات التأمين إلى إقامة دعوى ضد عدد من شركات التأمين في بريطانيا، وقيام هيئة الرقابة على التأمين Financial Conduct Authority (FCA) بتقديم دعوى في المحكمة العليا لاختبار وثائق تأمين خسارة الأرباح وانطباقها على حالات توقف الأعمال دون وجود ضرر مادي للممتلكات non-damage business interruption وإزالة الشك في تفسير نصوص مجموعة من هذه الوثائق.

[8] أنظر" شكر محمد أحمد وكريم يونس كاظم، "التأمين الصحي في العراق بين الإلزام والاختيار،" مجلة كلية التراث الجامعة، العدد الحادي عشر، 2011، ص 239-261.  https://www.iasj.net/iasj?func=article&aId=38140

[9] مصباح كمال “إشكاليات فساد عقود التأمين الصحي: نموذج وزارة التربية وشركة أرض الوطن للتأمين،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين
[10] نقرأ في تعليمات فروع انواع التامين الصادرة من ديوان التأمين تعريفاً للتأمين الصحي "ويشمل توفير منافع محددة عن عجز المؤمن عليه نتيجة اصابته بمرض معين او امراض محددة، او دفع المصاريف الطبية واجراء العمليات الجراحية الناتجة عن تلك الامراض او نتيجة حادث معين."  الوقائع العراقية | رقم العدد: 4033 | تاريخ: 08/02/2007
[13] هذه النسبة عالقة في الذاكرة من قراءات سابقة ونأمل أن يساعدنا القراء لبيان النسبة الصحيحة.
[14] تيسير التريكي ومصباح كمال، ذاكرة التأمين العربي-حوارات، الجزء الأول، (بيروت: منتدى المعارف، 2019)، ص 81.
[15] التريكي وكمال، ص 82.


ليست هناك تعليقات: