قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:
مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية
انتهينا من كتابة هذه الدراسة في أيار 2006 ونشرت في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 318، 2006 دون الهوامش. وننشرها اليوم في هذه المدونة لتعميم الفائدة. والأمل يحدونا أن تساهم هذه الدراسة في تعميق الوعي بالجوانب السلبية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 وتشكل مع دراسات ومذكرات زملائنا في سوق التأمين العراقي أرضية صلدة للضغط باتجاه إعادة النظر بالقانون بما يخدم ويقدم المصالح الوطنية على أية مصالح أخرى.
مصباح كمال
[1] السياق العام: المشروع الاقتصادي الأمريكي للعراق
في تقييم العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق يمكن النظر إلي هذه العلاقة ضمن الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة والتي تتمحور على أشكال متباينة من السيطرة والهيمنة ونشهد كلاهما في العراق منذ احتلاله في 2003 وسقوط الدكتاتورية. وتحتل المصالح الوطنية الأمريكية في هذه العلاقة موقع الصدارة إلا أن هذا لا يعني أن هذه المصالح تترجم نفسها في مكاسب أنانية آنية بل تتجسد في وضع أساس لمصالح مادية واستراتيجية جيوسياسية للمدى البعيد وهما كانا أساسيان لغزو العراق وما تلاه من محاولة، ما زالت مستمرة، لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لخدمة تلك المصالح بشكل غير مباشر. وفي هذا السياق فإن تصنيف سياسات الولايات المتحدة في العراق تحت مفهوم تبسيطي لـ "الاحتلال" كما لو أن الاحتلال غاية في حد ذاته لا يسعفنا في تقييم إشكالية العلاقة التي هي في طور التكوين ضمن مدار الاستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية البعيدة المدى للشرق الأوسط.
المطلوب هو تحديد العلاقة بين العراق، كدولة مستضعفة وضعيفة في المدى القصير، والولايات المتحدة كقوة إمبراطورية جبارة. وبمعنى آخر تحديد العلاقة القائمة والمحتملة وما هو ضروري منها بالنسبة للعراق. ولذلك فإن مقترباً عقلانياً، سياسياً واقتصادياً، يكون ضرورياً في هذا المسعى بدل حالة العداء المتبادل التي وسمت العلاقة منذ ثورة 14 تموز 1958 شريطة أن تبقى المصالح الوطنية للعراق واستقلاله وسيادته فوق أي اعتبار آخر ضمن هذه العلاقة أو غيرها.
مثل هذا الإطار التصوري يمكن أن يكون مفيداً في تقييم سلسلة الأعمال والسياسات والإجراءات التي أقدمت عليها الولايات المتحدة، بدءاً من العداء القديم وانتهاءاً بالاحتلال ونتائجه وبعضها لم يكن مقصوداً لذاتها. وهكذا فإن القيام بتقييم وضع سوق التأمين العراقي، وخاصة الشركات العامة الثلاث، لإعادة تركيبها وصياغة قانون جديد للتأمين، وقبله قانون المصارف، كانت، مثل غيرها، أدوات لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي والبنية القانونية التي يقوم عليها ليخدم في نهاية الأمر ما يُعتقد أنها المصالح الوطنية للولايات المتحدة. وضمن هذا السياق يصبح لزاماً على أصحاب القرار وصانعي الرأي في العراق إعطاء الأولوية أساساً للمصالح الوطنية العراقية والصياغة المستقلة للسياسات. نحن نقرّ بأن المساواة بين العراق الضعيف المستضعف وقوة الولايات المتحدة معدومة ولذلك فإن العلاقة بين الاثنين ستستمر ميداناً للتنازع لتخليص القرار العراقي من قبضة التماهي مع مصالح الولايات المتحدة.
تحتاج العلاقة برمتها إلى مناقشة مفتوحة وواسعة بين العراقيين لتحديد مسار الاقتصاد وإعادة تأسيس الدولة العراقية، وليس مجرد قطاع التأمين، وبعيداً عن المشاريع الأمريكية أو الدينية المرسومة أو هي قيد التشكل والمراد تطبيقها في العراق، وذلك لأن هذه المشاريع لا تتطابق مع التطور التاريخي للعراق ويكمن فيها ما يشجع على الانقسام والصراع وهو ما نشهد بعضاً من آثاره على أرض الواقع.
مشروع نيوليبرالي للعراق
في دراسة قيّمة قام الاقتصادي الأمريكي روبرت لوُني بتحليل الأحكام الاقتصادية في الدستور العراقي الجديد،[1] وبعد فرزه لسبع مواد لعلاقتها المباشرة بالاقتصاد أوضح أن تطبيق هذه المواد من شأنها "تأسيس اقتصاد عصري يحركه السوق." وفي تقديره فإن ذلك "سيؤدي إلى الاستمرار بالإصلاحات النيوليبرالية المثيرة للجدل التي أدخلت أواخر 2003." وتمت ترجمة هذه الإصلاحات إلى أوامر (قوانين): "(أ) تمنح المستثمرين الأجانب حقوق مساوية لحقوق العراقيين في السوق المحلي؛ (ب) تسمح بإخراج الأرباح؛ (ج) وضعت نظاماً مقطوعاً للضرائب؛ (د) ألغت التعريفات؛ (ه)وضعت قيد التطبيق نظاماً صارماً لحقوق الملكية الفكرية؛ (و) مهّدت السبيل لتقليص دعم السلع الغذائية والوقود؛ و (ز) في المطاف الأخير، خصخصة العديد من الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم وإسالة الماء."
قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، الذي صدر أمراً برقم (10) يتلاءم تماماً مع الإطار النيوليبرالي الذي رسمه لوُني.
[2] مراجعة للتسلسل الزمني: تهيئة الأرضية للخصخصة والاستثمار الأجنبي
في تقريره الاقتصادي الأسبوعي في تشرين الثاني 2003 قال بول بريمر، المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة، ما يلي بشأن إصلاح قطاع التأمين: [2]
· ثلاث شركات حكومية تسيطر على 98% من سوق التأمين العراقي. قانون التأمين في العراق مشتق من نموذج إنجليزي يمتد عمره لبضعة عقود. يمكن العمل بجوهر هذا القانون لكنه بحاجة إلى تحديث وتخليصه من أحكام عهد صدام.
· النشاطات التالية هي قيد التنفيذ من قبل خبراء العراق وخبراء سلطة الائتلاف المؤقتة:
· تقييم وتدقيق شركات التأمين الحكومية لتقرير قيمتها السوقية الحقيقية (لفتح المجال أمام الامتلاك الأجنبي)؛
· الاتفاق مع وزير المالية على تدقيق جميع شركات التأمين من قبل مجموعة معترف بها دولياً؛
· تأسيس جهاز رقابي مقبول دولياً؛
· تأسيس جمعية للتأمين لوضع السياسات وتثقيف العاملين في الصناعة [قطاع التأمين].
الإصلاحات المذكورة في هذا التقرير تنسجم مع مجمل مشروع الولايات المتحدة للعراق، فالإدارة الأمريكية سارعت، بعد احتلال العراق، إلى إطلاق يد الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية USAID لإصلاح وإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي. ولتحقيق ذلك تعاقدت الوكالة مع شركة بيرنغ بوينت إنك BearingPoint Inc للقيام بالمسح والتقييم ورسم السياسات لإعادة تحديد مسار الاقتصاد وإدارة بعض قطاعاته. بعض هذه السياسات كانت ذات علاقة بتكوين أسواق لرأس المال. ففي منشور دعائي ذكرت الوكالة بأنها:
"تساعد الحكومة العراقية لإصلاح الجوانب القانونية والرقابية والبنيوية لأسواق العراق غير المصرفية (كالتأمين والتقاعد وحقوق المساهمين والقروض التجارية). ولغاية اليوم [تموز 2004] عملت الوكالة مع الهيئات الحكومية لتأسيس سوق الأوراق المالية العراقية وجهاز الرقابة على الأسهم، الضرورية لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخصخصة الشركات العائدة للدولة."[3]
بالنسبة لمراجعة قوانين التأمين العراقية تعاقدت الوكالة/بيرنغ بوينت مع اثنين من الخبراء. ويسأل المرء فيما إذا قام هذان الخبيران، من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بقراءة القوانين العراقية باللغة العربية أو ترجمتها بافتراض أن مجموعة قوانين التأمين كانت متوفرة لهم باللغة الإنجليزية. ومن المفيد أن نذكر هنا أن أول قانون عراقي لتنظيم عمل شركات التأمين صدر أواسط ثلاثينات القرن الماضي (قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936) وهي نفس السنة التي صدر فيها نظام إجازات وكلاء التأمين رقم 25 لسنة 1936 وكلاهما ألغيا مع صدور قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960 لمواكبة التطورات في الاقتصاد العراقي ووضع الضمانات لحماية حقوق حملة وثائق التأمين، والودائع القانونية، وحصر وكالات شركات التأمين الأجنبية بالعراقيين، وعدم جواز ممارسة التأمين من قبل شركات أجنبية ما لم تؤسس فرعاً أو وكالة لها داخل العراق .. الخ.[4]
وفيما يخص إزالة أحكام عهد صدام يفترض أن تقرير سلطة الائتلاف المؤقتة كان يشير إلى قوانين التأمين التالية:
نظام فروع ومكاتب الشركات والمؤسسات الاقتصادية والأجنبية رقم 5 لسنة 1989.
قانون رقم 21 لسنة 1997 [حول تأسيس شركات خاصة ومنها شركات التأمين].
قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997[لتحويل الشركات العائدة للدولة إلى وحدات اقتصادية تجارية تعتمد على التمويل الذاتي].
قانون وكالة التسجيل رقم 4 لسنة 1999.
قانون تنظيم الوكالة التجارية رقم 51 لسنة 2000.[5]
أو أنها كانت تشير إلى ما يلي:
قرار مجلس قيادة الثورة رقم 192 الصادر في 11/12/1998 بإسناد الوظيفة الرقابية على نشاط التأمين إلى وزارة المالية وإلغاء قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960.
تعليمات رقم 12 لسنة 1999 الصادرة من وزارة المالية بشأن تنفيذ قرار مجلس قيادة الثورة رقم 192 لسنة 1998. [وتشكل هذه التعليمات نموذج أولي بدائي لتنظيم نشاط التأمين والرقابة عليه].
الأمر الوزاري رقم 63 الصادر من وزارة المالية في 26/12/2000 حول تشكيل لجنة التنسيق لقطاع التأمين [بشأن التنسيق في الأمور الفنية وضمان المنافسة بين شركات التأمين على أسس فنية].
لا شك أن قوانين التأمين والتعليمات كانت بحاجة إلى تحديث خاصة وأنها كانت تفتقر إلى عنصر أساسي في الرقابة على النشاط التأميني: حماية حقوق حملة وثائق التأمين التي لم ينص عليها بصراحة. إلا أن مهمة التحديث، بالمعنى الضيق، والتي انتدب الخبيران من أجلها لم يحصل بمعنى البناء على ما هو موجود تنقيحاً وإضافةً وحذفاً باعتبار أن ما هو موجود، رغم نواقصه، جهد عراقي يتطلب الاهتمام. والذي حصل هو إعداد قانون جديد بسرعة وباللغة الإنجليزية ترجم لاحقاً إلى اللغة العربية ولم تكن الترجمة ذات مستوى عالي ففي أكثر من موضع يفصح النص عن نفسه كنص مترجم. وخلت مسودة هذا القانون من أية إشارة إلى مصير القوانين والتعليمات القائمة، فلم يرد فيه ما يفيد إلغائها أو النص على سيادة أحكام القانون الجديد عند حصول تضارب بينه وبين ما كان قائماً.[6] نحن نشك إن قام الخبيران بقراءة نقدية للقوانين والتعليمات القائمة.
نزعم أن الأسس الفكرية لهذا القانون الجديد قد تم وضعها من قبل الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية: الخصخصة وفتح الباب أمام الملكية الأجنبية وحرية الشركات الأجنبية في العمل دون أن تتواجد في العراق. والواقع أن أوامر بريمر كلها كانت جزءاً من مشروع وضع أسس لبرلة الاقتصاد العراقي وفتحه أمام الاستثمار الأجنبي المباشر Foreign Direct Investment (FDI) من قبل الشركات المتعدية الجنسية. وهذا يفسر السياسات الكلية macro-policies حول خلق البيئة المناسبة للأعمال (لرأس المال): المؤسسات القانونية والسياسية لحماية الملكية، الشفافية والاستقرار المالي. وبالطبع لا نشهد في الوقت الحاضر تدافعاً بين الشركات الأجنبية للاستثمار المباشر في منشآت جديدة أو من خلال الاستحواذ والاندماج mergers & acquisitions (M&A) في العراق لكن الإطار القانوني قد وضع لذلك وهو المهم في المشروع الأمريكي للعراق، ومعظم أفراد الطبقة السياسية الجديدة في العراق قد تحولوا فكرياً نحو قبول إيديولوجية عدم وجود البديل there is no alternative (TINA) لما يسمى بالاقتصاد "الحر"[7] وما يلحق به ويتفرع عنه.[8] قانون التأمين الجديد هو جزء من هذا المشروع الأمريكي الكبير للعراق.
جوهر القانون الذي أعده خبيرا بيرنغ بوينت، لقاء أتعاب مجزية، مستنسخ من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 1999 الأردني مع الاستفادة، حسب ما نعتقد، من دراسات الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين: دليل تنظيم أعمال التأمين والرقابة في اقتصادات الأسواق الناشئة، والمبادئ الأساسية لممارسة النشاط التأميني.[9]
دعي سبعة من ممثلي شركات التأمين (ثلاثة من الشركات العامة وأربعة من الشركات الخاصة) لمراجعة النص الإنجليزي الذي أعده الخبيران الأجنبيان ـ أي أن العراقيين لم يكونوا طرفاً أصلياً في تحرير النص الإنجليزي. وهكذا لم يكن هناك ابتداءً تكافؤ بين الطرفين، العراقي والأجنبي، لأن الأخير هو الذي وضع النص وفلسفته التي يقوم عليه، ودعي العراقي لإبداء رأي ضمن إطار جاهز. وهذا يكشف عن الصلافة الكولونيالية لقوة الاحتلال في رسم وتبني السياسات والقوانين والبنى المؤسسية التي تنسجم مع مشروعها الاستراتيجي للعراق. وحسب بعض المعلومات الشخصية المتوفرة فإن ممثلي شركات التأمين العراقية، وكانوا قلة إذ لم يساهم جميع الممثلين السبعة في المراجعة والمناقشة، كَدّوا ما استطاعوا للتخفيف من غلو بعض أحكام مسودة القانون.[10] وحيث أنهم كانوا يخضعون لضغوط قوية بالامتثال، ضمن المناخ العام الذي خلقه الاحتلال والطبقة السياسية العاملة معه وربما خوف بعض ممثلي الشركات العامة من فقدان مواقعهم الإدارية، فإنهم لم يكونوا في وضع يستطيعون معه فرض آرائهم.
وفيما يخص " تقييم وتدقيق شركات التأمين الحكومية لتقرير قيمتها السوقية الحقيقية (لفتح المجال أمام الامتلاك الأجنبي)" كما جاء في تقرير بريمر الاقتصادي الأسبوعي في تشرين الثاني 2003، فقد قام خبير إنجليزي بهذه المهمة وقدم تقريره لقسم التنمية الاقتصادية لسلطة الائتلاف المؤقتة في تشرين الأول 2003. وقد تضمن هذا التقرير مقترح إصلاح قطاع التأمين عن طريق "العلاج بالصدمة" من خلال برنامج معجّل لإعادة هيكلة شركات القطاع العام وتجهيزها للاستثمار الأجنبي المباشر. وتضمن البرنامج السماح باستثمار 49% كحد أعلى في كل من الشركات الثلاث مباشرة بعد الانتهاء من التدقيق المحاسبي الكامل لها في 30 أيلول 2003 وإكمال توزيع أصول هذه الشركات وودائعها في كانون الثاني 2004. كما تضمن استثمار (امتلاك) الأسهم بما يتجاوز الحد الأقصى بعد مضي 12 شهراً ـ أي بعد كانون الأول 2004.
وكان الهدف من هذا البرنامج الراديكالي الطموح، الذي لا يحترم عنصر الزمن في تحقيق التحولات ولا تاريخ التأمين في العراق، تخليص القطاع من وهدته وإدخاله عنوة للقرن الواحد والعشرين من خلال إعادة الهيكلة وتدريب القيادات الإدارية والموظفين وكذلك توعية الناس بحقائق التأمين وكل ذلك في فترة لا تزيد عن 18 شهراً!
مشروع الخصخصة هذا، الذي وضع لصالح المستثمر الأجنبي، لم ينفذ بسبب سوء الإدراك الذي يقوم عليه وسوء توقيت تطبيقه (خلال أقل من سنة في الواقع) ولم يكن غير تجميع بائس لفرضيات الاقتصاد الكلاسيكي الجديد والليبرالية الجديدة [ مشروع العلاج بالصدمة الذي طبق في بلدان أخرى باسم "إصلاح الاقتصاد" مع ما ترتب عليه من نتائج أثقلت كاهل الناس العاديين وخلقت مافيات مالية من الأغنياء].
مشروع الخصخصة هذا الذي رسم سنة 2003 وقانون تنظيم أعمال التأمين الذي أنجز سنة 2005 كانا تعبيراً عن اختيارات سياسية متخفية تحت قناع ضرورات السوق في وقت لم تكن هناك ضرورة اقتصادية للخصخصة المتعجلة. ولا أدلُّ على ذلك من أن مشروع خصخصة الشركات العامة الثلاث، ولحد هذا اليوم، لم ينفذ، وما زالت هذه الشركات تعمل، رغم ضعفها، كمؤسسات تجارية، بحكم قانون سنة 1997، بالتنافس مع شركات القطاع الخاص التي هي ليست بأحسن حال منها.
لم تكن هناك ضرورة اقتصادية واضحة للإقدام على طرح إعادة الهيكلة آنياً فالتجربة تبين أن إعادة الهيكلة تقتضيها الأزمات المالية والتي تستدعي التدخل من قبل الدولة أو المؤسسات المالية الدولية لاستعادة الحالة السوية للنظام المالي، ولخلق الشروط المواتية للتنمية والنمو في المدى البعيد. بعكس الطبيعة التي تحكمها قوانين موضوعية صارمة فإن الحياة الاجتماعية تحتمل البدائل دائماً لكن التفكير بالبدائل منفي من الخطاب العام ومن ساحة النقاش فدوغمائية أن "ليس هناك بديل" تصبح القاعدة والإطار العام لرسم السياسات بغض النظر عن النتائج. وهكذا كان بدلاً من إعادة إحياء حقيقي للوحدات الاقتصادية وتصليح الهياكل الإرتكازية، من بين إجراءات أخرى، لاستعادة دورة الإنتاج وامتصاص البطالة .. الخ.
صياغة قانون التأمين
في حديثه عن المبادرات في القطاع الخاص ذكر بريمر في تقريره الاقتصادي الأسبوعي، 31 كانون الثاني – 6 شباط 2004 ما يلي:
"يشارك موظفو وزارات الخزانة والتجارة والخارجية الأمريكية في "خلية قانونية عراقية للقانون التجاري" تقوم بصياغة وتنفيذ القوانين والتعليمات الخاصة لضمان المعاملات، والإجارة، وربما التأمين. إن إطاراً قانونياً ورقابياً قوياً في هذه المجالات ستسهل أعمال الإئتمان وإشاعة بيئة صالحة للبيزنس."[11]
نلاحظ أن الأمر رقم 39 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة في 19 أيلول 2003 بشأن الاستثمار الأجنبي، الذي سمح بحق الاستثمار الأجنبي المباشر من قبل الأفراد والكيانات لغاية 100% من قيمة الأصول العراقية، استثنى في القسم 6، مجالات الاستثمار، المادة 1، التأمين والموارد الطبيعية والبنوك.[12]
ومن الغريب أن نلاحظ أيضاً أن التأكيد في تشرين الثاني 2003 كان منصباً على "فتح المجال أمام الامتلاك الأجنبي" ولكن بحلول شباط 2004 يصبح موضوع صياغة قانون للتأمين أمراً يقع في خانة الاحتمال. في هذه المرحلة تضع سلطة الائتلاف المؤقتة أو ربما وزارة المالية العراقية، لا ندري أيهما، تضع مشروع العلاج بالصدمة، الخصخصة المعجلة لشركات التأمين العامة، على الرف. لربما وشوش أحدهم في أذن السلطة أو الوزارة أو كلاهما أن خصخصة شركات التأمين لا يمكن أن تنفذ ما لم يكن هناك قانون جديد للتأمين، أو تحديثاً لما هو قائم، وبيئة صالحة شفافة لصالح الأعمال لإغراء المستثمرين الأجانب الحقيقيين، وليس نهازو الفرص من بارونات الأموال المشبوهة، لشراء أصول هذه الشركات بافتراض استعدادهم لخوض هذا المجال.
على أي حال، بحلول آذار 2004 تحّول اهتمام المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة بشأن مبادرات القطاع الخاص في تقريره الاقتصادي الأسبوعي نحو التأمين ذاكراً أن
"التأمين أصبح محط اهتمام مستثمرين محتملين، وأن سلطة الائتلاف المؤقتة تعمل على فهم [دراسة] خيارات التأمين للشركات [الأجنبية] الراغبة في الاستثمار هنا [العراق].[13]
يبدو أن النية كانت متجهة إلى تهيئة الأرضية للاستحواذ الأجنبي على شركات التأمين. وهذا يتساوق تماماً مع الاتجاه العام في البلدان النامية حيث يتخذ الاستثمار الأجنبي المباشر صيغة الاستحواذ وليس الاستثمار في تأسيس شركات تأمين جديدة green-field investments تحمل معها آثار اقتصادية مفيدة للبلد المضيف تتمثل بخلق فرص عمل جديدة، وإدخال قدرات إنتاجية جديدة، وحقن سيولة نقدية في اقتصاد البلد.
لم يناقش ممارسي التامين والاقتصاديين العراقيين تأثير الاستثمار الأجنبي المباشر على صناعة التأمين في العراق. ولم نسمع أن ممثلي شركات التأمين العامة كان لهم رؤية مميزة في هذا المجال فيما يخص استمرار وجودها بصيغة أكثر كفاءة مما هي عليها أو فيما يخص الاستثمار الأجنبي.
تتمثل واحدة من سلبيات الاستثمار الأجنبي المباشر في استنزاف الفائض الاقتصادي الضروري لإدامة النمو في المديين المتوسط والبعيد. وينشأ هذا الاستنزاف من رفع القيود عن الأسواق المالية لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر (وهذه تمثل جزءاً من السياسات الكلية التي تروج لها المؤسسات الدولية). وفي حقل التأمين، تتخذ الشروط السهلة التي يمنحها البلد المضيف لاجتذاب الاستثمار المباشر شكل إعفاء المستثمر الأجنبي من دفع الضرائب المحلية ومن وضع وديعة ضمان في أحد المصارف المحلية. وتظهر أهمية معظم هذه المنافع/الامتيازات الممنوحة للشركات الأجنبية عند قيامها بتأسيس فروع لها دون أن تضطر إلى الالتزام بكامل الشروط المفروضة على الشركات الوطنية المحلية. وفيما يخص الاستثمارات الجديدة green-field investments ورغم أنها تساهم في تعظيم القدرات الاقتصادية المحلية فإنها قد تؤثر سلباً على تطوير القدرات والطاقات المحلية.
في 9 شباط 2005 تبنى مجلس الوزراء المؤقت (الذي تشكل بموجب قانون إدارة الدولة في العراق للمرحلة الانتقالية الذي وقعه مجلس الحكم الانتقالي، المعين من قبل سلطة الاحتلال، في 8 آذار 2004) الترجمة العربية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. نشر قانون التأمين هذا (الأمر رقم 10) في جريدة الوقائع العراقية في 3 آذار 2005 ليكون نافذاً بعد ثلاثة شهور من هذا التاريخ. قيل أنه تم تسريع توقيعه من قبل رئيس الوزراء المؤقت خشية أن لا يتم تبنيه لاحقاً وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية قد قررت نقل ما يسمى بالسيادة العراقية في 28 حزيران 2005.[14]
كما في جميع الحالات الأخرى، باستثناء قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، فإن قانون التأمين لم يخضع لمناقشة علنية عامة كما لم يناقشه مجلس الوزراء المؤقت. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا كانت الصحافة العراقية برمتها ساكتة تماماً عن الموضوع ربما لأن موضوع التأمين يلفه الغموض أو أن ممارسي التأمين قد أصابهم الإنهاك في المناقشات المغلقة مع ممثلي سلطات الاحتلال أو لأن الإعياء قد لفّ الجميع بعباءته الثقيلة.
[3] عرض سريع لبعض المزايا الإيجابية لقانون التأمين لسنة 2005
قبل أن نأتي على ذكر الجوانب السلبية[15] نشير إلى أن القانون الجديد يضم العديد من المزايا الإيجابية التي تعكس مبادئ وقواعد العمل السليم المطبقة في أسواق التأمين المتقدمة فيما يخص تنظيم السوق، الإشراف والرقابة على شركات التأمين وإعادة التأمين، إبراز أهمية حماية حقوق حملة وثائق التأمين (المادة 6) وهي الهدف الأعظم لأي نظام رقابي متين. وهذا الهدف يتطابق مع المبادئ الأساسية لممارسة النشاط التأميني التي وضعتها الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين.
تضم المزايا الإيجابية الأخرى تأسيس ديوان تأمين مستقل للإشراف والرقابة على عمل الكيانات التأمينية العاملة في السوق (المادة 5). ويعتبر هذا انطلاقة جديدة في تاريخ التأمين العراقي إذ أن المؤسسة العامة للتأمين (التي تأسست سنة 1964 وألغيت أواسط ثمانينات القرن الماضي وأنيطت وظائفها لوزارة المالية) كانت تفتقر إلى مجموعة الكفاءات والاختصاصات الضرورية لأي جهاز رقابي عصري. لكن تقييم المؤسسة يجب أن يوضع في سياقه التاريخي والبيئة الرقابية الضعيفة أو المفقودة في بعض الأحيان والتي كانت سائدة في سبعينات وثمانينات القرن العشرين. وعلى المستوى العالمي فإن الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين لم تتأسس إلا سنة 1994 لتقوم بتطوير قواعد الإشراف لحماية حملة وثائق التأمين ولضمان قيام الكيانات التأمينية بالحفاظ على ملاءتها المالية. وديوان التأمين العراقي هو في أول عهده ولم يستكمل بعد طاقمه من الموظفين المؤهلين والعناصر الكفوءة ذات الاختصاص المناسب لتنفيذ الوظيفة الرقابية.[16]
كما أن تأسيس جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية (المادة 84) يعتبر تطوراً إيجابياً فيما لو أحسن إدارتها بكفاءة وفعالية وأخذت على عاتقها الدفاع عن المصالح الجمعية لكيانات التأمين العراقية وساهمت في تطوير سوق وطني عراقي متكامل للتأمين. وهذا الدور التطويري يحتاج إلى رعاية وصقل ودعم من الشركات الأعضاء فيها إذ أن ديوان التأمين سيكون منشغلاً بتطبيق قانون التأمين في حين يتعين على الجمعية حماية مصالح أعضائها.
هناك عناصر إيجابية أخرى نكتفي بالإشارة إليها: غسل الأموال (المادة 35)، سرية المعلومات والمستندات الخاضعة للتدقيق (المادة 37)، منع المدراء أن يكونوا أعضاء في مجالس إدارة أكثر من شركة للحيلولة دون قيام فرصة للتواطؤ في ممارسات في غير صالح حملة وثائق التأمين (المادة 42)، قواعد خاصة بنقل وثائق التأمين، ملكية ودمج وتصفية شركات التأمين (المواد 48-74)، شرط الاختراق cut through clause (المادة 71)، الوسائل البديلة لفض النزاعات (المادة 79)، المنافسة العادلة بين الشركات على تأمين ممتلكات الدولة (المادة 81) .. الخ.
[4] بعض الآثار الاقتصادية لقانون سنة 2005 وتجاهل سوق التأمين العراقي
تذكر وزارة التجارة الأمريكية أن فرص العمل الرئيسية في العراق تنهض من خلال:[17]
(1) العقود الأمريكية الأساسية والثانوية لإعادة الإعمار. معظم هذه العقود تمول من خلال التخصيصات الإضافية لحكومة الولايات المتحدة التي تبلغ أكثر من 18.4% بليون دولار لسنة 2004 وما بعدها. مقاولو إعادة إعمار العراق الأساسين والثانويين مسؤولين عن اختيار شركائهم في العمل، بضمنهم المجهزين.
(2) العقود مع الوزارات العراقية.
(3) الفرص التي يوفرها القطاع الخاص.
(4) العقود مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
اعتماداً على المعلومات القليلة المتوفرة عن أغطية التأمين الخاصة بالعقود الأساسية وغيرها من العقود، فإن شركات التأمين العراقية لم تنتفع من اكتتاب التأمينات المطلوبة. فعقود إعادة الإعمار الممولة من قبل الولايات المتحدة تتطلب تأمين إصابات العمال (المدنيين) إذ أن قانون القواعد الدفاعية لسنة 1941 Defence Base Act (DBA) يشترط على جميع مقاولي الحكومة الأمريكية العاملين خارج الولايات المتحدة إجراء هذا التأمين لصالح العمال بضمنهم مواطني الولايات المتحدة ومواطني دول ثالثة ومواطني الدولة التي ينفذ فيه العقد. حاولت بعض شركات التأمين العراقية ممارسة هذا النوع من التأمين ومن خلال إعادة التأمين إلا أن جهودهم لم تتكلل بالنجاح إذ أن معيدي التأمين الأمريكان رفضوا تقديم الحماية الإعادية لهذه الشركات.
نعرف بأن شركات التأمين العراقية ضعيفة في الوقت الحاضر بسبب الافتقار إلى المهارات الاكتتابية في بعض فروع التأمين، المستوى المتدني لرأس المال وكذلك الحدود الواطئة لحماية إعادة التأمين الاتفاقي من السوق الدولي. الاعتراف بهذا الوضع يجب أن لا يعني حرمانها من فرصة الاكتتاب وإعادة التأمين على أساس اختياري وهو ما حصل في الواقع. فحتى في تلك الحالات التي لجأت فيها بعض الشركات إلى ترتيبات الواجهة fronting arrangements فإن شركات التأمين وإعادة التأمين الأجنبية، مع استثناء حالات معينة، رفضت حتى مثل هذه الترتيبات. وكان الإصرار هو اكتتاب الشركة الأجنبية بالغطاء لوحدها دون إشراك شركة تأمين عراقية بشكل أو بآخر دون أن تشعر الشركة الأجنبية بأي حرج فليست هناك قواعد وقوانين عراقية رادعة في هذا المجال. ويسأل المرء إن كان الموقف الأجنبي المتعنت يعكس عجرفة كولونيالية أم حصافة تجارية؟
أما العقود مع الوزارات العراقية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية فإنها لم تترجم إلى طلب فعّال لأغطية تأمينية يمكن أن تكتتب بها شركات التأمين العراقية. وفي حقيقة الأمر فإن بعض الحالات التي تعرفنا عليها توضح أن الدوائر الرسمية العراقية في تعاقدها مع مؤسسات أجنبية تتجاهل وجود شركات التأمين العراقية كليةً. فقد جاء في أحد العقود ما نصه: "يسمح للمقاول [الأجنبي] التأمين لدى شركات تأمين غير عراقية."[18]
من الأمور التي تستدعي الاهتمام هنا تجاهل الوزارات والمؤسسات الرسمية لأحكام القانون. يرد في المادة 81 ما يلي:
المادة-81-
ثالثاً- يجري التأمين على الأموال العامة والأخطار التي ترغب الوزارات أو دوائر الدولة في التأمين ضدها بالمناقصة العلنية وفقاً لأحكام القانون، ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها.
أي أننا أمام مخالفة صريحة لأحكام قانون التأمين وهو ما يستوجب تنبيه أجهزة الدولة المعنية بها من قبل جمعية شركات التأمين العراقية وتصحيح الوضع من خلال تعليمات مناسبة بشأنه.
أما عقود الأمم المتحدة، مع مقاولين أجانب، فإنها ساكتة عن مكان وهوية شركة التأمين التي يمكن أن تكتتب بعقودها. وسكوتها ربما لا يدل على حيادية وإنما إبقاء المجال مفتوحاً للشركات التي ترسي عليها العقود لإجراء التأمين حسب ما ترتأي.
وهكذا فإن شركات التأمين العراقية لم تكن المستفيدة من تأمين أخطار عقود إعادة الإعمار وما حصلت عليه لا يعدو الفتات. وهي بالتالي حرمت من فرصة تنمية محافظها وتراكم أقساط التأمين لديها وتدعيم أوضاعها المالية.[19]
لقد وفر قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، الذي قامت الوكالة الأمريكية للمساعدات الأجنبية بصياغته، الغطاء القانوني للتأمين لدى شركات تأمين غير عراقية. فقد ورد في المادة 81 (أولاً) من القانون ما يلي:
"لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك."
لا يرد هنا إشارة إلى محل إقامة المؤمن أو معيد الـتأمين أو تسجيله في العراق ولا القانون، حسب علمنا، نصًّ خلاف ذلك. ولكن يرد حكم غريب في قانون سنة 2005:
"المادة-14-
أولا- لا يجوز لأي من المنصوص عليهم في المادة (13) من هذا القانون أن يمارس أعمال التأمين إلا بعد حصوله على إجازة بذلك وفقا لأحكام هذا القانون.
ثانيا- إستثناءا من أحكام البند (أولا) من هذه المادة لرئيس الديوان أن يسمح بممارسة أعمال التأمين في العراق قبل منح الإجازة وفقا لأحكام هذا القانون لأي مؤمن أو فرع مؤمن أو معيد تأمين أو مؤمن تابع من المجازين في بلدان تطبق أفضل السبل المثبتة في مبادئ التأمين الأساسية للهيئة الدولية للمشرفين على أعمال التأمين، على أن يلتزم أي من المذكورين بإكمال شروط الحصول على إجازة ممارسة أعمال التأمين في العراق خلال (90) تسعين يوما من تاريخ صدور قرار رئيس الديوان بالسماح له بممارسة أعمال التأمين."
هذا الاستثناء ينسجم مع الامتيازات الممنوحة لشركات التأمين الأجنبية لاجتذابها للعمل في العراق. ويمكن الزعم بأن إقحام هذا الحكم ربما جاء لإرضاء مصالح معينة داخل أو خارج العراق للاستفادة من عقود الإعمار، يدل على ذلك عدم مناقشة القانون علنياً وتعجيل التوقيع عليه من قبل رئيس الوزراء المؤقت.
وتأتي بعض أحكام المادة 13 لتخلق وضعاً في غير صالح شركات التأمين العراقية:
"المادة-13- لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق إلا من [قبل]:
أولا- الشركات العراقية العامة.
ثانيا- الشركات العراقية المساهمة الخاصة أو المختلطة.
ثالثا- فروع شركات التأمين الأجنبية المسجلة في العراق.
رابعا- كيانات تأمين التكافل أو إعادة التكافل.
خامسا- مؤمن أو معيد تأمين آخر يعتبره رئيس الديوان مؤهلا وذو قدرة مالية شرط التزامه بأحكام هذا القانون."
مَنحُ رئيس الديوان سلطة السماح لمؤمن أو معيد آخر [أقرأ: أجنبي] ممن يعتبره مؤهلاً وذو قدرة مالية ويلتزم بأحكام القانون هذا للعمل في سوق التأمين العراقي يعني في الواقع السماح لشركات التأمين غير المقيمة offshore والشركات المقبوضةcaptives ونقابات لويدز الاكتتابية Lloyd’s underwriting syndicates لممارسة التأمين في العراق دون أن تتحمل الأعباء التي تتحملها شركات التأمين العراقية: مصاريف التسجيل، مصاريف الرقابة، والعديد من وجوه الإنفاق الأخرى الضرورية للعمل من مكاتب وموظفين .. الخ. في ظل هذه الشروط كيف يتأتى لشركات التأمين العراقية أن تتنافس مع الشركات الأجنبية؟
لا تحدد هذه المادة كيفية تواجد الكيانات التكافلية ولو أن المادة 104 تمنح رئيس الديوان حق إصدار التعليمات "لتنظيم مؤسسات التكافل وإعادة التكافل وترتيبات التأمين وإعادة التأمين الإسلاميين." والخوف أن تعامل معاملة المؤمن أو معيد التأمين الذي يعتبره رئيس الديوان "مؤهلا وذو قدرة مالية."
النتائج الاقتصادية لتجاهل دور شركات التأمين العراقية واضحة فأقساط التأمين المنفقة على شراء الحماية التأمينية داخل العراق تحول إلى الخارج إما جهلاً أو قصداً. وهو ما يحرم هذه الشركات من فرصة النمو والنهوض للتعامل مع تأمين المشاريع وما يفرضه تطور الاقتصاد من تحديات. وللأسف فإن هذا الوضع يعكس حالة عامة تتمثل بإعادة تصدير المنافع الاقتصادية خارج العراق. ويكفي هنا أن نتذكر مصير الأرصدة في صندوق تنمية العراق والمنح والقروض والمعونات العينية التي أقرها مؤتمر المانحين في مدريد في تشرين الأول 2003 فقد أنفقت نسبة كبيرة منها خارج العراق بالتعكز على سوء الأوضاع الأمنية.[20] أي أنها لم تصب مباشرة في حركة الاقتصاد العراقي إضافة إلى التبذير والسرقة التي تعرضت لها.[21]
الأموال العراقية العامة، المنقولة وغير المنقولة، تخضع لأشكال متعددة من التسرب وسوء الاستعمال والسرقة وكلها تؤثر على حركة الاقتصاد العراقي وعلى قطاع التأمين. على سبيل المثال، فإن الإنفاق على شراء الحماية التأمينية من الخارج، دون المرور بشركات التأمين العراقية، هو أحد أشكال تسريب الأموال وهو في ذات الوقت خسارة للدخل بالنسبة لهذه الشركات.
ما يعنينا من هذا كله هو الدور المحتمل لصناعة التأمين في العراق في المساهمة قي التنمية الاقتصادية.[22] فالقانون، كما هو عليه، وطريقة إجراء التأمين خارج العراق يحرم قطاع التأمين من المساهمة الفعلية في التنمية في المستقبل المنظور عندما تتضح معالم هذا القانون في التطبيق ومجافاة بعض أحكامه لمشروع تأسيس سوق وطني عراقي مشترك للتأمين يضم إقليم كردستان.
إجراء التأمين خارج العراق دون الالتفات إلى الخدمات التي تستطيع شركات التأمين العراقية تقديمها، حتى في دور الشركة الواجهة fronting company مثلاً، بحجة أن هذه الشركات لا تتوفر على الخبرات والطاقات المطلوبة تسرق منهم فرصة مجابهة الجديد والمعقد من الأخطار وإيجاد الحلول. ولكن يبدو أن المستهدف هو إبقاء هذه الشركات ضعيفة إلى أطول فترة ممكنة كي تستطيع الشركات الأجنبية النفاذ إلى السوق من خلال ما يسمى بالتجارة عبر الحدود cross-border trading هذا النمط من تعاطي التأمين له آثاره السلبية على السوق الوطني. فهو يلغي الحاجة إلى الاستثمار في البلد المضيف، كما أنه يستغني عن الاعتماد على الموارد المحلية، وهو بالتالي لا يساهم في تطوير وتعزيز الخبرات المحلية، وبعبارة أخرى فإنه لا يعمل على نقل التكنولوجيا والمهارة (عدوى التقليد).
رغم تحفظنا على ترتيبات الواجهة غير الضرورية فإنها ضمن الظروف الحالية يمكن أن تساهم في تطوير دور شركات التأمين.[23] أولاً، آلية الواجهة مصدر لا بأس به للدخل لشركة التأمين العراقية التي تقوم بها. وهذا المصدر ما هو إلا العمولة التي يدفعها المؤمن أو معيد التأمين الأجنبي للشركة المحلية التي تقوم بإصدار وثيقة التأمين وخدمتها خلال فترة نفاذها. ثانياً، الدخول في ترتيبات الواجهة توفر فرصة للشركة العراقية للتعامل مع وثائق تأمين ذات طبيعة معقدة ربما تغطي أخطار غير مألوفة. وبالنتيجة، فإن ترتيبات الواجهة، إن أحسن استعمالها من قبل الشركة العراقية، تساعد على توليد معارف ومهارات جديدة أو ما يعرف في أدبيات الاستثمار الأجنبي المباشر بانتشار الكفاءة efficiency spillover
تحت دعاوى حرية وسيادة المستهلك يدعو البعض إلى إطلاق الحرية لطالبي التأمين من الشركات، المحلية والأجنبية، لشراء المنتجات التأمينية التي يحتاجون إليها من أسواق أخرى (عبر الحدود) إن كانت هذه المنتجات غير متوفرة لدى شركات التأمين الوطنية. مثل هذه الوصفة، التي تبدو بريئة في ظاهرها، تهمل أو تتناسى أن الشركات الوطنية تستطيع توفير ما هو مطلوب من خلال تجميع مواردها معاً والمشاركة في التغطية أو من خلال ترتيبات إعادة التأمين الاختياري. وللسوق العراقي تجربة في هذا المجال ترجع إلى سبعينات القرن العشرين.
إن معالجة هذه الأوضاع، أو بعض منها، منوطة بالجمعية العراقية لشركات التأمين من خلال التوعية بواقع صناعة التأمين العراقية وإمكانياتها وبمختلف الوسائل المتوفرة، والعمل على ترويج صياغة موحدة لشروط التأمين والتعويض insurance and indemnity clauses لعقود مقاولات القطاع الحكومي كما هو الحال حتى في أعتى الدول الرأسمالية. وكما قلنا في مكان آخر فإن "مشروع ’لبرلة‘ الاقتصاد العراقي يجب ألا يرتبط بتقويض الكيانات الاقتصادية المحلية في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية وحرمانها من فرص التطور وتعظيم الاستثمارات، وكلها تشكّل مصادر جديدة وإضافية لشركات التأمين المحلية."[24]
وفي هذا السياق من المناسب التذكير بالأسباب الموجبة لتشريع قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005 فقد ورد فيه هدف "تنظيم قطاع التأمين والإشراف عليه بما يكفل تطويره وتأمين سوق مفتوح وشفاف وآمن مالياً وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الأشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني."[25] وذلك لن يتحقق بتجاهل شركات التأمين العراقية وإبقائها ضعيفة من خلال أحكام ضارة في القانون وجهالة وربما سوء تصرف أصحاب الشأن في الدوائر الرسمية العراقية.
[5] تأمين صناعة النفط العراقية
ربما ستكون المشكلة الكبيرة القادمة التي ستجابه شركات التأمين العراقية هي تأمين الأصول المادية لصناعة النفط العراقية. والأمل معقود على: أولاً، عدم تجاهل دور هذه الشركات من قبل الشركات النفطية (وزارة النفط)، وكذلك قيام الشركات ذاتها بتجميع مواردها المتوفرة بغية المساهمة الحقيقية في كل مراحل عملية التعامل مع وسطاء التأمين ومعيدي التأمين الدوليين. وثانياً، عدم استحضار نظرية المزايا النسبية من قبل أصحاب المصالح المترسخة في الداخل والخارج لتجاوز دور شركات التأمين العراقية في العملية التأمينية.
ومن المفيد لشركات التأمين العراقية التعرف على تجربة البلدان العربية المنتجة للنفط في مجال التأمين على أصول الصناعة النفطية. ففي جميع هذه البلدان تلعب الشركات المحلية دوراً كبيراً في تأمين الموجودات النفطية والغازية. وفي هذه المرحلة لا ندحة لنا غير الانتظار لنرى إن كانت المصالح الداخلية والخارجية ستسمح لشركات التأمين العراقية أن تلعب دوراً حقيقياً في هذا القطاع الذي يشكل دعامة الاقتصاد الوطني ومصدراً مهماً وكبيراً لأقساط وعمولات التأمين.
ونتوقع من شركات التأمين العراقية تنسيق جهودها في موقف جماعي لتأكيد حقها لتكون الطرف الأساسي في تأمين الكيانات النفطية وموجوداتها العاملة من وحدات تكرير ومكائن ومعدات وكذلك المشاريع النفطية تحت الإنشاء وكذلك عمليات الاستكشاف والإنتاج وصيانة الآبار النفطية والغازية.
نقول لكل من يظلم هذه الشركات: لقد استطاعت هذه الشركات، اعتماداً على جهودها الذاتية وفي غياب مطلق للحماية الإعادية الدولية في سنوات الحصار (1990-2003)، توفير حماية محدودة لطالبي التأمين. إن كانت قادرة على ذلك في الماضي القريب فهي اليوم أكثر اقتدراً لتعظيم مساهمتها والمشاركة الحقيقية في تأمين صناعة النفط العراقية ولا أدل على قدرتها الكامنة من ابتداع غطاء أوائل سنة 2006 ضد أعمال الإرهاب التي تطال بآثارها حياة الناس.
[6] ملاحظات ختامية
ما زال سوق التأمين العراقي ضعيفاً بعد معاناته الطويلة من النتائج السلبية لحروب الدكتاتورية وتدخلها السياسي، في تعين الإدارات وأعضاء مجالس إدارة الشركات العائدة للدولة، والسنوات الثلاث عشر من الانعزال عن السوق الدولي وهي عمر الحصار الدولي. وكان لتأسيس شركات تأمين خاصة مع حلول سنة 2000، بموجب القانون 21 لسنة 1997، فضيلة إدخال عنصر جديد محفز في نسيج صناعة التأمين رغم أنها لم تستطع تثوير السوق لضعف رسملتها وكوادرها والافتقار لحماية إعادة التأمين الدولية.
لقد بدأ قطاع التأمين في العراق بتجاوز إرث الماضي القريب، ولو ببطيء، إلا أنه بحاجة إلى سند قانوني من الدولة يؤكد على دوره، وسند إعادي، اتفاقي واختياري، من شركات إعادة التأمين العالمية كي يستطيع تحقيق نمو في الأقساط المكتتبة وتطوير للخدمات كما في تطوير الكوادر المدربة وصولاً لحالة من النضوج يضعه في مصاف قطاعات مماثلة في العالم العربي على أقل تقدير. ويتعين في هذا المضمار إعادة النظر ببعض مواد قانون 2005 التي تمنح الشركات الأجنبية مزايا لا تتمتع بها الشركات العراقية، وضمان مصالح جميع الشركات العاملة حالياً. والإطار العام الذي نقترحه للمراجعة يمكن اختزاله تحت عنوان توطين صناعة التأمين في العراق ليس خوفاً من مزاحمة الأجنبي بل لخلق الشروط المناسبة التي يمكن فيها لصناعة التأمين العراقية أن تكون في مستوى يقارب الندية مع الأجنبي في اكتتاب الأخطار العراقية. ولا يمكن الخروج من الواقع الحالي، شبه الراكد مع القليل من التحرك نحو الأمام، بخصخصة الشركات المملوكة للدولة فهذه تحولت قانونياً إلى شركات عامة تعتمد على نفسها مالياً. والملاحظ أن الشركات الخاصة والعامة تتنافس فيما بينها وفي ذات الوقت تتعاون على ما هو مشترك كما حصل في تأمين خطر الإرهاب على الأشخاص.
لقد تقزّم سوق التأمين في العراق بسبب الحروب، وعقوبات الأمم المتحدة، وضعف رأسمال الشركات العاملة، وعدم كفاية الحماية الإعادية، وخسارة الكوادر المدربة، وتوقف التأهيل والتدريب، وهبوط النشاط الاقتصادي وغيرها من الأسباب. إلا أن العائق الأكبر أمام الخروج من الوضع الحالي هو انعدام الأمن الذي ينيخ بثقله على الحياة العامة والفشل في استرداد الحالة السوية.
تحقيق الحدود الدنيا للأمن والأمان واستعادة الإرادة العراقية والاستقلال في صنع القرار بات ضرورياً لإحداث النقلة الاقتصادية السياسية والخروج من مأزق التماهي مع ما هو في صالح المشروع الأمريكي والعمل الحثيث على بناء سوق مشترك، يضم إقليم كردستان، لصناعة تأمين وطنية عراقية.
مصباح غازي عسكر كمال
لندن أيار 2006
هوامش
[1] Robert Looney, “Economic Questions Raised in Iraq’s New Constitution,” Strategic Insights, Vol. IV, Issue 11 (November 2005) http://www.ccc.nps.navy.mil/people/looney.asp
[2] The Coalition Provisional Authority, Consolidated Weekly Economic Report, November 16, 2003, http://www.iraqcoalition.org/economy/consolidated/WEEKLY%20ECONOMIC%20REPORT%20November%2016,%202003.doc
(الترجمة للكاتب)
[3] USAID, Assistance for Iraq, Private Sector Development, http://www.usaid.gov/iraq/accomplishments/privsec.html النص المقتبس من ترجمة الكاتب.
[4] بديع أحمد السيفي، التأمين: علماً وعملاً (بغداد: د. ن.، ط 1، 1972) ص 26-27.
[5] على محمد إبراهيم الكرباسي (إعداد)،الموسوعة القانونية، 22: قانون الشركات (مكتبة شركة التأمين الوطنية، بغداد، 2001)
[6] ورد في المسودة الأصلية الإنجليزية المتوفرة لدى الكاتب التي أعدها الخبير الأمريكي نص يقضي بإلغاء جميع قوانين التأمين السابقة (Insurance Regulatory Act of 2004, April 24, 2004: Submission Draft, Rev 1, page 45 of 46).
[7] إلصاق الحرية بالاقتصاد له وظيفة إيديولوجية دعائية فهي ليست موجودة بصيغتها الصرفة فهناك تدخل الحكومات القوي كما يظهر في السياسات النقدية والمالية ودعم أسعار معينة؛ ودور الشركات الصناعية والبيوتات التجارية العملاقة في تحديد الأسعار وحركة السوق؛ ودور نقابات العمال وغيرها. يعني هذا أن الاقتصاد ليس حراً في المطلق ومن الأفضل الحديث عن حرية نسبية. ولهذا السبب نضع كلمة "الحر" بين قويسين مزدوجين.
[8] قراءة ما يصدر من السياسيين في العراق من تصريحات تكشف عن التزام غير قابل للنقاش بالخصخصة، الاستثمار الأجنبي المباشر، قبول سياسات ووصفات صندوق النقد الدولي، تحجيم وتقليص دور الدولة .. الخ. وكمثال على ذلك، فإن وكيل وزارة المالية د. كمال البصري، يدعو إلى التخلص من سياسة دعم الدولة لبعض السلع ومنها الوقود والتموين الغذائي ضمن استراتيجية وطنية للتنمية دون الإشارة إلى أن رفع الدعم هو أحد شروط صندوق النقد الدولي التي تقوم وزارته بتنفيذها. ("العراق: رفع الدعم عن المحروقات يصحح أخطاء الماضي" الحياة، 17 نيسان 2006، ص 17). ويقول البصري: "إن سياسة دعم أسعار المشتقات النفطية التي أخذت بها الحكومة السابقة جزء من نهجها القائم على التخطيط المركزي لموارد الدولة. ولا شك في أن التجارب أثبتت عدم قدرة هذا النهج على تحقيق المصلحة العامة .." ويتساءل المرء عن مكانة سياسة الدعم (وخاصة في مجال الإنتاج الزراعي) التي يتبعها الاتحاد الأوروبي ضمن سياق الاقتصادات الحرة لأوروبا أو ذات السياسة في الولايات المتحدة. ليست هناك دائماً علاقة سببيه بين سياسات الدعم والتخطيط المركزي فالحكومات الرأسمالية تلجأ إلى هذه السياسات لأغراض اجتماعية واقتصادية لرفع بعض الأعباء عن كاهل الفئات الفقيرة والمعوزة أو لتدعيم الموقع التنافسي في التجارة الدولية لقطاعات اقتصادية معينة. أما ما يسمى بالتخطيط المركزي للحكومة السابقة فإنه لم يكن إلا تلاعباً بالأرقام من قبل صدام حسين وأعوانه واقتصاديين مرعوبين. لم يتجاوز التخطيط الاستفادة القصوى من الثروة النفطية لتكون مرتكزاً للدكتاتورية وصيغة الدولة الريعية في أقبح وأسوأ أشكالها.
[9] International association of Insurance Supervisors, Guidance on Insurance Regulation and Supervision for Emerging Market Economies 1997 and Conduct of Insurance Business 1999 (IAIS, Base, Switzerland)
[10] كمثال على أحد هذه الأحكام البليدة والمتعجرفة في النسخة الإنجليزية الأصلية ما ورد في المادة 16 بشأن إلزامية اللغة:
“All insurance policies issued in Iraq shall be written in Arabic, Kurdish or other local language or dialect, and in English, so the policyholders are able to read and understand them. A comprehensive translation in another language may be attached to any policy issued. In the case of misinterpretation, the English interpretation shall prevail.” [Emphasis added]
[11] The Coalition Provisional Authority, Weekly Economic Report, January 31 - February 6 2004, http://www.iraqcoalition.org/economy/consolidated/Administrator
[12] ورد في القسم 9، التأمين، من هذا الأمر ما نصه: "يسمح للمستثمر الأجنبي الحصول على تأمين من أي شركة تأمين أجنبية أو عراقية يعتبرها المستثمر الأجنبي ملائمة، ويتم بموجبه تأمين كافة جوانب العمليات التي يقوم بها." وهذا قد لا يكون في صالح شركات التأمين العراقية.
[13] The Coalition Provisional Authority, Weekly Economic Report, March 20-26, 2004, http://www.iraqcoalition.org/economy/consolidated/Administrator
[14] Putting the legality of the invasion of Iraq aside, changing the existing laws of Iraq by the occupying power runs against the Geneva Convention. As to the question of establishing Iraqi sovereignty, Professor Francis A. Boyle, “US as Belligerent Occupant: Iraq and the Laws of War,” CounterPunch, December 22, 2005, argues that “it was a total myth, fraud, lie, and outright propaganda for the Bush Jr. administration to maintain that it was somehow magically transferring "sovereignty" to its puppet Interim Government of Iraq during the summer of 2004. Under the laws of war, sovereignty is never transferred from the defeated sovereign such as Iraq to a belligerent occupant such as the United States. This is made quite clear by paragraph 353 of U.S. Army Field Manual 27-10 (1956): "Belligerent occupation in a foreign war, being based upon the possession of enemy territory, necessarily implies that the sovereignty of the occupied territory is not vested in the occupying power. Occupation is essentially provisional." http://www.counterpunch.org/boyle12222005.html
[15] سبق وأن قمنا بدراسة الموضوع في مقالة نشرت تحت عنوان "قانون تنظيم أعمال التأمين: تعليقات هامشية" في الثقافة الجديدة، العدد 316، تشرين الأول 2005.
[16] في تقريرها الأسبوعي رقم 25 حول إعادة إعمار العراق ذكرت الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية أنها تساعد موظفي ديوان التأمين لتطوير التعليمات الرقابية والمساهمة في صياغة التعليمات بما يتناسب مع أفضل التطبيقات في العالم. كما أنها تقوم بالتدريب على كتابة التقارير ومنح التراخيص والملاءة والنظر في مظالم المستهلكين .. الخ. وفيما يلي النص الكامل لهذا الخبر:
In its Iraq Reconstruction Weekly Update no. 25 (FY 2006), USAID reported that it “is helping officials at the Insurance Regulatory Commission develop insurance regulations, helping to draft and explain regulations that are compliant with international best practices. Training is being provided on reporting, licensing, solvency, and consumer complaints practices.
When the regulations are in place the obligations and rights of insurers and policyholders will be more clearly defined. The new regulations will mean that it will be possible to enforce the insurance law more vigorously and encourage a more robust regulatory regime.”
http://www.reliefweb.int/rw/RWB.NSF/db900SID/EGUA-6PDJYR?OpenDocument
[17] US Department of Commerce, Doing Business In Iraq (FAQ), General Information, http://www.export.gov/iraq/bus_climate/faq.html
[18] للمزيد من التعليق أنظر: مصباح كمال، "شركات التأمين العراقية: متى تعاد إليها حقوقها" البيان الاقتصادية، بيروت، العدد 412، آذار 2006. النص الكامل مع الهوامش متوفر لدى الكاتب ويمكن الحصول عليه بالاتصال على العنوان:
Misbah.kamal@uib.co.uk
[19] جاء في تقرير لصندوق النقد الدولي (International Monetary Fund, IMF Country Report No. 05/294, Iraq: 2005 Article IV Consultation, August 2005, p 7.) أن تكلفة الحماية الأمنية والتأمين تأتي على 30-50% من مجموع كلفة أي مشروع في العراق. لم يفصل التقرير النسبة المنفقة على شراء الحماية التأمينية لكن شركات التأمين العراقية لم تستفد من تأمين عقود إعادة الاعمار وأن المستفيد الأكبر هي شركات التأمين الأجنبية (الأمريكية على وجه الخصوص وبعض شركات التأمين في الخليج).
[20] يذكر د. سنان الشبيبي، محافظ المصرف المركزي العراقي، في مقابلة قصيرة (MEED Gulf Economic Review, January 2006, pp 36-37) دور المصارف الأجنبية التجارية في تدريب بعض المصرفيين العراقيين في الخارج، ويؤكد على ضرورة التدريب أثناء تأدية المصرفيين لعملهم اليومي داخل العراق، ويحاجج بهذا الشأن، فيما يخص الأوضاع الأمنية، أن المؤسسات الأجنبية التي تستطيع العمل في دول تنتشر فيها الجريمة، مثل كولومبيا ونايجيريا، فإن بإمكانها التغلب على المصاعب الأمنية في العراق وتعديل الكلفة بموازاة ذلك.
[21] James Glanz, “Audit Describes Misuse of Funds in Iraq Projects,” The New York Times, 25 January 2006.
Ed Harriman, “Cronyism and Kickbacks,” London Review of Books, 26 January 2006.
[22] تناولنا دور التأمين في التنمية الاقتصادية في ورقة غير منشورة كتبت لمؤتمر كانت نقابة الاقتصاديين في إقليم كردستان تنوي عقده في أربيل في 16/11/2002 حال تطور الأوضاع دون انعقاده. مصباح كمال، "هل هناك دور اقتصادي للتأمين في كردستان العراق؟" (تموز 2002). وتابعنا جانباً منه في دراسة أخرى غير منشورة: " تطوير قطاع التأمين في كردستان العراق: ملاحظات أولية (لندن أيار/حزيران 2006)
[23] ممارسة دور شركة الواجهة fronting company يجب أن لا يكون نمطاً ثابتاً في تعامل شركات التأمين العراقية مع الزبائن الكبار من الشركات الأجنبية التي تعمل في العراق ولها علاقات قائمة مع وسطاء وشركات تأمين في بلدانها الأصلية. يجب أن تبقى الواجهة ترتيباً مؤقتاً، أو حسب ما تقتضيه الظروف مستقبلاً، وذلك لضمان عدم تقليص الدور الاكتتابي لشركات التأمين العراقية وتحويلها لمجرد وكلاء يعملون بالعمولة وهو ما لا يستقيم مع الدور الحقيقي لشركة التأمين: الاكتتاب بالأخطار وتحمل مسؤولية تعويض المطالبات. هو إجراء مؤقت يعكس ضعف القاعدة المادية للشركات العراقية وصغر حجم إعادة التأمين الاتفاقي المتوفر لها حالياً. ويتوجب على الشركة التي تقوم بدور الواجهة الاطمئنان إلى سلامة الوضع المالي للشركة الأجنبية التي تتعامل معها وإعفائها من المسؤولية من قبل المؤمن له الأصلي في حالة فشل الشركة الأجنبية في تنفيذ التزاماتها تجاه المؤمن له.
[24] البيان الاقتصادية، بيروت، العدد 410، كانون الثاني/يناير 2005، ص 429.
[25] الوقائع العراقية، العدد 3995، 3/3/2005، ص 28.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق