إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/07/17

ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي مصباح غازي عسكر كمال تنويه كتب ونشر النص الأصلي لهذه الورقة باللغة الإنجليزية في 2004 ونشرت نسخته العربية مع بعض الإضافات في 2005. مشروع إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي (الشركات العامة)، ضمن المشروع الأمريكي الأكبر في إكمال تهشيم الدولة العراقية ومؤسساتها و"العلاج بالصدمة" على النمط الروسي، لم يتحقق لأسباب غير معلنة ولم تبحث بالتفصيل. وكانت خطة إعادة الهيكلة تشكل جزءاُ من السياسة الاقتصادية لـ "المستبد بأمره" بول بريمر، الحاكم الأمريكي للعراق في الفترة من 11 أيار 2003 لغاية 28 حزيران 2004. رغم عدم تطبيق خطة إعادة الهيكلة إلا أن الهدف المقصود منها، تفضيل المصالح الأجنبية، اتخذ الصفة القانونية في الأمر رقم 10 الذي حمل عنوان قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. سنقوم في وقت لاحق بنشر دراستنا النقدية لهذا القانون الذي نشر سابقاً في إحدى المجلات العراقية. مدخل تكاد جميع التقارير التي تنشر، بالعربية والإنجليزية، عن التأمين في العراق أن تكتفي بذكر المصاعب التي يجابهها المؤمَّن لهم من الشركات الأجنبية في التأمين على مستخدميهم وأموالهم داخل العراق، والأسعار الفاحشة التي يفرضها المكتتبون في الأسواق العالمية لقاء منحهم تغطيات معينة. لكن المرء يكاد أن لا يقرأ شيئاً عن حالة السوق العراقي، والشركات العاملة فيه ومشاكلها، وتجاوز قوانين التأمين القائمة من قبل الشركات الأجنبية، وما يخطط لهذا السوق من مشاريع يدبجها استشاريون أجانب معتمدين من قبل سلطة التحالف المؤقتة.[1] تهدف هذه الورقة، ضمن المعلومات المتوفرة لدى الكاتب، إلى سد بعض الفراغ في هذا المجال وعرض بعض الملاحظات النقدية والتصورات الأولية بشأن التوجه المستقبلي لقطاع التأمين العراقي.[2] في تموز/يوليو 2003 استطاعت الشركة الأمريكية بيرنغ بوينت إنك BearingPoint Inc التي كانت تعرف سابقاً باسم كي بي إيم جي للاستشارات Consulting KPMG الحصول على عقد بقيمة 9 ملايين دولار من الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية للعمل على تقديم الدراسات لتحويل وتطوير جوانب مختلفة من الاقتصاد العراقي بما في ذلك خصخصة مؤسسات القطاع العام. وفي سنة 2004 رسى عليها أيضاً، من نفس الوكالة، عقدٌ بقيمة 240 مليون دولار لتطوير القطاع الخاص في العراق على أسس تنافسية. بعض هذا العمل الذي أنيط بالشركة تَضمنًّ تقييم حالة سوق التأمين العراقي ووضع خطة لإصلاحه وإعادة هيكلته وخصخصة شركات التأمين التابعة للقطاع العام. المعلومات المتوفرة عن إعادة هيكلة السوق ليست هناك معلومات منشورة عن الدراسة والعمل الذي قامت به بيرنغ بوينت، أو نوعية ومستوى النقاش والاستشارة مع العراقيين المعنيين بشؤون التأمين ما خلا استدراج مساعدة إدارات شركات التأمين القائمة في القطاعين الخاص والعام لتزويدها بالبيانات المتوفرة لديها: رأس المال، أقساط التأمين، عدد الموظفين، الاستثمارات .. الخ. وما رشح من هذه الدراسة هو مخطط مطبوع، باللغة الإنجليزية، يبين الفترة الزمنية التي ستتم فيها إعادة الهيكلة وتبدأ من 1/11/ 2003 وتنتهي في 1/12/2004 والخطوات التي ستتخذ خلال هذه الفترة لإعادة هيكلة سوق التأمين. يتكون سوق التأمين العراقي، حتى وقت كتابة هذه الورقة، من ثلاث شركات تعود للقطاع العام وهي: شركة التأمين الوطنية، الشركة العراقية للتأمين وشركة إعادة التأمين العراقية، وأربع شركات تعود للقطاع الخاص تأسست بموجب القانون 21 لسنة 1997 وهي: الأهلية، الحمراء، دار السلام والأمين. وهناك شركتان قيد التأسيس والتسجيل. من المفترض أن تكون المرحلة الأولى من برنامج إعادة الهيكلة في تشرين الثاني 2003 قد نُفذت فعلاً مع إتمام مراجعة وتدقيق سجلات وأوضاع شركات القطاع العام الثلاث إلا أن المعلومات عن نطاق هذا التدقيق ليس متوفراً فيما يخص، على سبيل المثال، تحديد أرصدة والتزامات هذه الشركات تجاه المؤمن لهم وإرث الماضي في التعاملات مع معيدي التأمين. إلا أن ما كان واضحاً هو أن سلطة التحالف المؤقتة قد وضعت اليد على الأصول النقدية لهذه الشركات بموجب قرار مجلس الأمن المرقم 1483 باعتبارها أموالاً عائدة للدولة يستفاد منها في إعادة إعمار العراق. إضافة لذلك فإن مخطط الإصلاح يضم عنصرين آخرين ضمن الفترة التي تجري فيها عملية المراجعة والتدقيق وهي: (1) تدريب كوادر الشركات و (2) توزيع أصول الشركات الثلاث على أربع شركات متخصصة تُشكل بعد الانتهاء من هذه العملية. وتشمل هذه المرحلة أيضا وضع برنامج مشترك لإعادة تأمين هذه الشركات الأربع، واتخاذ الخطوات المطلوبة لإعادة تأسيس دائرة مراقب التأمين. وبحلول كانون الثاني/يناير 2004 تكون هذه المرحلة قد انتهت مع توزيع أصول الشركات على الشركات الأربع المتخصصة التي سُميت في المخطط كما يلي: الشركة العراقية لتأمين السيارات الشركة العراقية لتأمينات غير البحري الشركة العراقية لتأمين الطيران والبحري الشركة العراقية لتأمين الحياة والتقاعد وفي الفترة ما بين آذار/مارس ونيسان/أبريل تستطيع هذه الشركات المتخصصة تقديم طلب لدائرة مراقب التأمين للترخيص لها بمزاولة جميع فروع التأمين. ومن المفترض أن تشهد هذه المرحلة أيضاً تشكيل رابطة التأمين العراقية التي ستضم في عضويتها المدراء العامين للشركات الأربع وشركات القطاع الخاص الحالية وغيرها من الشركات التي تؤسس بعد إنجاز برنامج الإصلاح إذ أن النية متجهة، حسب البرنامج المقترح، إلى عدم ترخيص شركات جديدة خلال هذه الفترة. وتشمل مهام الرابطة: التوعية بالتأمين على مستوى العراق وتدريب العاملين في القطاع التأميني، صياغة وثائق التأمين، إعادة النظر في أسعار التأمين، المحافظة على حقوق المؤمن لهم، مراقبة النشاط التأميني في السوق وكذلك التأمين عبر الحدود (المراد به البطاقة البرتقالية لتأمين السيارات عبر البلاد العربية) .. الخ. ويقتضي البرنامج انتهاء دائرة الرقابة من منح التراخيص للشركات الأربع مع بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2004 لمزاولة الفروع الأخرى للتأمين وانتهاء الشركات نفسها من وضع خطط عملها للتفاوض بشأن عقود إعادة تأمينها. إن تفكيك الشركات الثلاث وتحويلها إلى شركات متخصصة يعكس السياسة العامة لسلطة التحالف المؤقتة لخصخصة الاقتصاد. ومن هنا منشأ خطة خصخصة شركتي التأمين على مرحلتين وإلغاء شركة إعادة التأمين ضمن الإطار العام لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي المنوط بالشركة الاستشارية بيرنغ بوينت. وهكذا سيجري الاكتتاب العام بـ 49% من أسهم الشركات الأربع الجديدة عند تأسيسها وإبقاء 51% من الأسهم للدولة مؤقتاً كي تعرض للاكتتاب العام في نهاية 2004.ليست هناك وثائق معلنة تصف هذه التغييرات الجذرية المقترحة، أو تفصل الحجج الاقتصادية لإصلاح قطاع التامين والأسباب التي تستدعي ضرورة تفكيك شركتي التأمين المباشر لخصخصتها وإلغاء شركة إعادة التأمين.[3] شركات تأمين متخصصة: الخصخصة تحت واجهة الإصلاح المقترحات المقدمة باسم الإصلاح أو إعادة الهيكلة دُبجت بهدف خصخصة شركتي التأمين المباشر والتخلص من شركة إعادة التأمين بقرار "ثوري" يُعرض على بول بريمر، الحاكم الأمريكي للعراق، للتوقيع عليه ليصبح نافذاً.[4] وبهذا الشأن فإن المقترحات لا تعدو أن تكون إجراءات مؤقتة إذ أن الشركات "المتخصصة" ستختفي بالضرورة من خلال تقديمها طلب الترخيص للاكتتاب بفروع تأمينية أخرى خارج تخصصها. لم تشهد أياً من أسواق التأمين في العالم بعد فترات النزاع، حسب علمنا، محاولة تطبيق مثل هذا الترتيبات. هناك شركات متخصصة في أسواق التأمين المتقدمة والعديد منها ما تزال تعمل على أساس من الاختصاص بتسويق منتج واحد. وخير مثال على ذلك هو شركات التأمين على الحياة وفي الماضي، بالنسبة للمملكة المتحدة، شركات التأمين على الألواح الزجاجية، والنقابات الاكتتابية في سوق لويدز التي كانت تتخصص بالتأمين على فرع معين، والمجمعات التي تتخصص في التأمين على أخطار الطاقة وغيرها. والواقع أن صناعة التأمين في المملكة المتحدة قد ابتدأ بالاختصاص في فرع واحد للتأمين ومن ثم تطور نحو ممارسة فروع أخرى ـ كالتأمين أولاً على النقل البحري أو المراجل البخارية أو الحريق. يعتمد التأمين على قانون الأعداد الكبيرة، أي على توفر عدد كبير من الوحدات المعرضة للأخطار، وفي غياب هذه الأعداد فإن نتائج الأخطار التي تكتتب بها شركة التأمين قد تكون مدمرة لشركة التأمين المتخصصة في منتج واحد ما لم يجرِ تدبير بعض الإجراءات الحمائية ومنها: الاكتتاب الانتقائي لطالبي التأمين والأخطار، ترتيب أغطية إعادة التأمين أو، حسب مقتضى الحال، إدارة الخطر مادياً من خلال الوسائل الهندسية وغيرها من أنظمة السلامة والسيطرة على مسببات الضرر ومكامن الخطر. وفي هذا السياق فإن الكثافة التأمينية[5] في العراق ضعيفة وخاصة في التأمينات الفردية وتساهم في عدم توازن المحفظة التأمينية. ولذلك، ما لم تنجح الشركات الأربع المتخصصة في تحقيق محافظ تأمينية كبيرة نسبياً في الوقت القصير الذي ستقوم فيه بأعمالها، كما تقضي خطة الإصلاح، فإن سلسلة من الخسائر الكبيرة ستؤدي إلى نتائج مالية خطيرة جداً تؤثر على ملاءتها المالية. ومما يفاقم الخطر هو غياب حماية إعادة التأمين لشركات التأمين العراقية في الوقت الحاضر. نقد شركات التأمين المتخصصة هناك اعتبارات أخرى تجعل شركات التأمين المتخصصة غير مرغوبة اقتصادياً في المنظور النظري وبعض هذه الاعتبارات ينطبق على الوضع العراقي الراهن. ويمكن إجمال هذه الاعتبارات كما يلي: 1 يؤثر التخصص على السياسة الاكتتابية لشركة تأمين السيارات إذ أن هذا الفرع التأميني يتميز بتكرر الحوادث التي تحتاج إلى سيولة نقدية عالية خلافاً للفروع الأخرى لضيق الفترة الزمنية الممتدة بين استلام قسط التأمين وتسديد المطالبة بالتعويض في تامين السيارات. وهكذا، لا تستطيع شركة التأمين مراكمة الأقساط للاستفادة منها في بناء الاحتياطيات لمواجهة عبء المطالبات الكبيرة وتوظيف الفائض لأغراض الاستثمار الذي يُشكّل مصدراً إضافياً لدخل الشركة. 2 يُحْرم التخصص الشركة من مزّية الإعانة المشتركة cross subsidisation التي تتمتع بها الشركات التي تكتتب في فروع تأمينية متعددة. فعندما يتأثر أحد الفروع بجملة من الخسائر الكبيرة التي تستنفذ احتياطي التعويضات لذلك الفرع فإن الفروع الأخرى الأكثر ربحيةً تساهم في تغطية العجز الحاصل والحفاظ على الملاءة المالية للشركة. 3 كما أن تأسيس الشركات المتخصصة تحرم الزبائن الكبار من الاستفادة من قوتهم الشرائية الكبيرة التي يمارسونها عند إجراء تأميناتهم المتنوعة عند شركة التأمين تتعاطى فروعا متعددة من التأمين. مع تأسيس الشركات المتخصصة فإن مثل هؤلاء الزبائن سيضطرون إلى التأمين عند أكثر من شركة وبذلك يخسرون المنفعة الكامنة في قوتهم الشرائية وفي ذات الوقت يتحملون مصاريف إدارية إضافية إزاء إجراء التأمين مع أكثر من شركة. 4 شركات التأمين المتخصصة المزمع إنشاؤها ستفاقم من عدم التوازن القائم حالياً في السوق بين الشركات العاملة ـ أي بين شركات القطاع الخاص والشركات المختلطة (من حيث الملكية وليس من حيث فروع التأمين) التي ستنشأ. فالمتوقع أن ترث الشركات المختلطة الاحتياطيات الغنية لشركات القطاع العام، وبفضل ذلك فإنها ستستمر أن تكون في وضع أفضل عند تنافسها مع شركات القطاع الخاص الحديثة العهد والضعيفة في حجم رأسمالها واحتياطياتها. 5 بالنسبة للمساهمين فإن شركة التأمين غير المتخصصة توفر فرصة استثمارية أفضل. صحيح أن شركة التأمين على الحياة لها جاذبيتها بفضل عقود التأمين الطويلة الأجل التي تتعامل بها والقدرة الإكتوارية التي تتوفر لها في السيطرة على نتائج اكتتابها لوثائق التأمين الفردية والجماعية إلا أن مثل هذه المزايا لا تنطبق تماماً على شركة تكتتب بالتأمين البحري والطيران أو التأمين غير البحري. في حين يمكن إخضاع تأمين السيارات، إلى حد ما، للسيطرة الاكتوارية إلا أن الظروف الحالية للعراق لا تسمح بمثل هذا التحكم.[6] 6 إن مقترح تأسيس شركة للتأمين على الحياة والمعاشات يعوزه التبصر فالطلب الفعال على التأمين الفردي على الحياة في العراق كان، تاريخياً، ضعيفاً. ويعكس ذلك، ضمن أسباب أخرى، المستوى الواطئ للدخل المتاح للإنفاق عند أغلبية السكان. وهذه الحقيقة ما زالت قائمة في العراق وستستمر لبعض الوقت، ومع ذلك فإن تجربة الماضي تشير إلى أن شركة تأمين مكرسة للتأمين على الحياة تستطيع أن تزدهر خلال بضعة سنين. إلا أن التأمين على معاشات التقاعد أمر مختلف تماماً، ففي الوقت الحاضر ليس هناك طلب لوثائق التأمين الفردي على المعاشات. ولعل المقترح الخاص بإدخال هذا الفرع من التأمين يأتي متزامناً، بشكل عام، مع الأفكار المطروحة للتمهيد للخصخصة الجزئية أو الكاملة للضمان الاجتماعي. وفيما يخص العراق، فإن أي مشروع لتأمين المعاشات تجارياً يظل أمراً نظرياً أو معلقاً لحين استرداد وتثبيت الاستقرار والأمن وتحسن مستوى معيشة الناس. 7 يفترض المقترح الخاص بتأسيس شركة متخصصة للتأمين على السيارات، وكأمر محسوم، اعادة صياغة قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980.[7] وليست هناك معلومات منشورة عن إعادة صياغة هذا القانون وغيره من قوانين التأمين العراقية. ويثير هذا الأمر تداعيات وأسئلة ذات طابع خطير فيما يخص الإصلاح المنشود للسوق فهو لم يحظى بتفكير عميق، ويبدو أنه يغض النظر عن قوانين التأمين القائمة، ولا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي للعراق، ويتجاهل الخبرة السابقة لسوق التأمين العراقي خلال السنوات الخمسين الماضية، والتأثير الشللي الذي أحدثته عقوبات الأمم المتحدة التي استمرت لأكثر من عقد،[8] ويدين ضمناً شركات القطاع العام كشركات فاشلة .. الخ. كما أن الفترة المحددة لتحقيق إعادة الهيكلة هي في أحسن الحالات غير واقعية. 8 إن برنامج الإصلاح الراديكالي القائم على نزعة التوجه نحو الخصخصة، كأيديولوجيا وليس كضرورة اقتصادية، يتجاهل الآثار الاجتماعية المتمثلة بحالة القلق وعدم التأكد التي تخلقها لدى العاملين في شركات القطاع العام. إن الاقتصاد يعاني أصلاً من حالة الشلل ويأن من وطأة ندرة الاستقرار والأمن. وضمن هذا السياق فإن إحدى نتائج تسريع عملية الخصخصة تتمثل بتسريح أعداد إضافية من العاملين وهو ما يزيد من حدة البطالة القائمة ويترك آثاراً اجتماعية سلبية. إضافة لذلك، لو اقترنت الخصخصة مع فتح قطاع التأمين أمام الاستثمار الأجنبي بدون ضوابط فإن رأس المال الأجنبي سيكون في وضع يستطيع معه المزايدة على رأس المال الوطني العراقي وفي غير صالح الأخير فيما يخص الملكية.[9] إن "رأسمالي" العراق بحاجة إلى بعض الوقت لتنمية مواردهم كي يكون لهم حصة قوية في أسهم مؤسسات القطاع العام المراد خصخصتها. 9 إن خلق أربع شركات متخصصة ليس هدفاً بحد ذاته يراد منه الاستفادة من مزايا التخصص الوظيفي. على سبيل المثال، التعويض عن النقص الحاصل في مهارات العاملين من خلال تجميع المهارات المتوفرة في شركات القطاع العام الثلاث؛ إبراز تحدي أمام شركات القطاع الخاص القائمة لرفع مستوى التنافس المفتوح على أعمال التأمين (وذلك بعد إنهاء احتكار شركات القطاع العام لتأمين مصالح الدولة وتحويلها إلى شركات تجارية[10])؛ المساهمة في نمو الفروع المتخصصة للتأمين التي أسسوا من أجلها. 10 إن برنامج إعادة الهيكلة المقترح لم يأخذ بالحسبان التكاليف الاقتصادية والإدارية التي يتطلبها خلق الشركات الأربع المتخصصة، وفي توزيع أصولها، ومتابعة المسؤوليات القائمة تجاه المؤمن لهم وغيرهم، إجراءات المقاصة .. الخ. ويبدو أن تجربة دمج شركات التأمين ومن ثم تأميمها في ستينات القرن الماضي قد نُسيت. ملاحظات أخرى اعتمادا على المعلومات الشحيحة، كما هي معروضة أعلاه، يصعب إصدار حكم نهائي بدون معرفة جميع الأسباب وراء هذا المشروع الطموح من حيث طابعه الراديكالي الظاهري والفترة الزمنية المحددة لإنجازه ـ وهي لا تتجاوز 12 شهراً. السؤال الجوهري الذي يستوجب الإثارة هو: لماذا هذا الإصلاح ولمصلحة من؟ إن المرء لا يعرف، مثلاً، الأسباب الكامنة وراء إلغاء شركة إعادة التأمين العراقية. صحيح أن المرء يستطيع أن يكون ناقداً لهذه الشركة ولكن، كشركة إعادة تأمين محلية وإقليمية مهمة في الماضي، لعبت دوراً في تنمية سوق التأمين العراقي من خلال توفير طاقة استيعابية اختيارية إضافية وطاقم من العاملين المدربين والمتمرسين في الصنعة. ثم أنها عملت، خلال سنوات عقوبات الأمم المتحدة التي دامت 13 سنة اعتباراً من سنة 1990، مع شركات التأمين المباشر، العامة والخاصة، على وضع ترتيبات لتوفير حماية إعادية متواضعة لهذه الشركات. صحيح أيضاً أنها، كباقي شركات التأمين العراقية، قد فقدت عدداً من موظفيها المؤهلين والمتمرسين برحيلهم إلى أسواق التأمين العربية الأخرى إلا أن ذلك لا يشكل سبباً كافياً لإلغائها. أترى أن العراق لا يستحق أن يكون له سوقاً تأمينياً متكاملاً يضم شركات للتأمين المباشر وإعادة التأمين وينعم، مع مرور الزمن، بدعم خدمات إضافية في حقل وساطة التأمين الاحترافي، وتقييم الأموال العينية، وتسوية الخسائر وغيرها؟ لو كانت القوانين القائمة بشأن دور الشركة جائرة بحق شركات التامين المباشر، مثلاً، فإن بالإمكان إعادة النظر فيها بالتناغم مع لبرلة الاقتصاد وكذلك النظر في ملكيتها: نزع ملكيتها من الدولة، تحويلها إلى شركة مختلطة[11].. الخ. لا يستهدف برنامج إعادة الهيكلة، حسب المعلومات المتوفرة، تطوير سوق متكامل للتأمين، ولا يعدو غير وسيلة بسيطة، تُقلّد نموذج خصخصة المرافق العامة في بريطانيا، لخصخصة شركات التأمين العائدة للدولة. والمشروع في حد ذاته ينطوي على تبعات قانونية في إطار مشروعيته بموجب القانون الدولي فيما يخص تغيير الكيانات والمؤسسات القائمة من قبل سلطة الاحتلال دون أن تشكل هذه المؤسسات تهديداً لها. حقيقة الأمر هو أن الهدف الأساسي لإعادة الهيكلة هو الخصخصة. فحتى فكرة تأسيس دائرة للرقابة على قطاع التأمين (الذي يُمارس حالياً من قبل وزارة المالية) وكذلك فكرة تأسيس الرابطة العراقية للتأمين (وهي فكرة معقولة ومطلوبة في أي سوق يضم عدة شركات) لا توفر دعماً أكبر أو تبريراً لما هو مستهدف. والواقع أنه مع انتهاء الفترة القصيرة لتحقيق إعادة الهيكلة، التي لا تتجاوز اثني عشر شهراً، عندما تكون شركة إعادة التأمين العراقية قد ألغيت وتم تحويل ملكية شركتي التأمين المباشر، على مرحلتين، إلى القطاع الخاص (العراقي أو ربما الأجنبي) فإن الشركات الأربع المتخصصة المُشكَّلة (لأغراض الخصخصة) تكون قد أنهت تخصصها لتعمل كشركات تأمين عامة تتعاطى في فروع تأمينية أخرى. إن التغييرات المزمع إدخالها لا تنهض من متطلبات سوق التأمين ذاته، أو بفضل ضغوط جمهور المؤمن لهم فيما يخص الخدمات التي تقدمها الشركات، أو فشل شركات القطاع العام للوفاء بالتزاماتها التعاقدية تجاه المؤمن لهم .. الخ. إنها، باختصار، تعبير عن نزعة إيديولوجية وتذكّر المرء ببرنامج الأحزاب الثوروية في الماضي: الثورة، التحطيم، إعادة البناء من البداية. بعضٌ من مثل هذا البرنامج قد أنجز في الغزو الأمريكي للعراق بالتدمير العشوائي لبعض الهياكل الارتكازية وغيرها ونهب الأصول والممتلكات المختلفة تحت أعين قوات الاحتلال.[12] ويبدو أنه قد آن الأوان "لتدمير" شركات القطاع العام، بشكل ما، لإعادة بنائها على أسس جديدة. تطبيق اختبار الديمقراطية والاقتصاد اللبرالي على سلطة التحالف المؤقتة ومؤيديها يكشف تعسفاً ما في إصدار الأوامر وخطلاً في بعض سياساتها المقترحة والمعتمدة. فتغيير المؤسسات القائمة بدون مناقشة عامة يجري إعدادها بشكل صحيح قد يكون "ثورياً" إلا أنه لا يستقيم مع الممارسة الديمقراطية. والواقع أن السلطة القائمة قد انتحلت لنفسها حق إقرار مستقبل مؤسسات العراق دون مشاركة حقيقية ـ وفي هذه الحالة من الأطراف التي تشكل السوق التأميني (المؤمن لهم، شركات التأمين وإعادة التأمين، الاقتصاديون وغيرهم من المعنيين بالشؤون العامة ذات العلاقة). ويظهر الخطل أيضاً في التغاضي عن دور قوى السوق في إقرار وجود ومستقبل الشركات في العملية التنافسية واستبدالها بـ "الأوامر الثورية" الفوقية. الوظيفة الأساسية والمباشرة للنشاط التأميني، أياً كانت صورته، هي توفير الحماية ضد العواقب المالية للأخطار العرضية الاحتمالية سواء أكانت أخطاراً طبيعة أو من صنع البشر. وإزاء ذلك فإن مسألة الملكية تتخذ أهمية ثانوية. في ورقة سابقة أشرنا إلى أهمية التمهيد لإدخال وتعزيز شروط المنافسة العادلة بين شركات القطاع العام والخاص قبل الإقدام على الخصخصة.[13] إن إعادة تأهيل شركات القطاع العام، بضمنها تحويلها إلى كيانات تجارية مستقلة ماليا وقانونياًً، يساهم في رفع قيمتها السوقية وعند بيع أسهمها مستقبلاً فإنها ستدّر دخلاً أكبر لخزانة الدولة وتساهم، ولو بتواضع، في التقليل من عجز ميزانية الدولة. وفي هذا السياق لم يجري عرض أية بدائل للخصخصة لغرض المناقشة والتقييم واختيار ما هو الأفضل. ومما لا شك فيه أن جدلاً علنياً بين المعنيين وغيرهم حول مستقبل قطاع التأمين العراقي من شأنه أن يولّدَ العديد من الخيارات. الأسلوب الذي تتبعه سلطة الائتلاف المؤقتة، الحاكم الفعلي للعراق، تُذكّر المرء بالنقاشات التي كانت تجري في ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي حول عملية تحويل المؤسسات من خلال عملية برلمانية مقابل المشروعية الثورية. وقتها كان المشروع الديمقراطي غائباً عن الفكر السياسي العراقي والمُناخ العام يميل عند القوى المهيمنة لصالح الأخيرة بكونها الأسرع والأكفأ في تحويل ما هو قائم نحو الأحسن مقارنة مع العملية الديمقراطية البرلمانية البطيئة. لم تقم للبرلمان قائمة وكانت نتائج المشروعية الثورية وبالاً على الاقتصاد العراقي[14] كما على إلغاء السياسة (البولطيقا) بالمعنى الضيق. ويبدو أن سلطة التحالف المؤقتة تعمل بمنطق الثورويين سيئ السمعة. إن المحافظون الجدد، والمسيرون لهم والمستفيدون من سياساتهم، على عجلٍ من أمرهم لتحويل العالم حسب مقاساتهم دون الالتفات إلى قانون النتائج غير المستهدفة. تعليق ختامي يجب أن يكون إصلاح قطاع التأمين مقترناً بتكامله مع القطاع المالي (الذي ينحصر حالياً بالمصارف وسوق غير متطور للأوراق المالية) إذ يفترض في قطاع التأمين أن يلعب دوراً مهماً في الوساطة المالية: مراكمة الصناديق المالية للمشاركة في التنمية الاقتصادية بعد الوفاء بالالتزامات التعاقدية مع حَمَلَة وثائق التأمين. وبالتوازي مع ذلك يلعب القطاع دوراً أساسياً في حماية الأصول المادية من الآثار المالية المترتبة على الكوارث الطبيعة ومن المسؤوليات القانونية ومخاطر السلوك البشري في العمل الإنتاجي وهو ما يقتضي الاهتمام الدقيق بالأرصدة المالية عند شركات التأمين وكيفية التصرف بها. المطلوب هو مساعدة سوق التأمين العراقي للنهوض من ركوده، وبغض النظر عن شكل ملكية شركات التأمين فيه، كي يستطيع الاستجابة لتحديات تأمين المخاطر القابلة للتأمين في ظل الظروف الصعبة في العراق، وكي يساهم في إعادة الإعمار، والمطلوب أيضاً وضع أساس صلب لنمو وتطوير قطاع التأمين برمته. إن الموقف المستسلم ظاهرياً لإدارات شركات القطاع العام تجاه ما هو مقترح يعني عدم قيام نقاش جدي واسع وعميق حول التوجهات المستقبلية لسوق التأمين. إن العيش وممارسة العمل في ظل الاحتلال يجب أن لا يقترن بالتخلي عن الاستقلالية في التفكير وطرح الحلول واجتراحها. ولذلك فإن شروط إصلاح سوق التأمين العراقي يجب أن لا يكون حصراً على الاستشاريين الأجانب من أصحاب الأتعاب العالية، ويجب الاسترشاد بجدية وبالشكل الصحيح برأي ممارسي التأمين العراقيين ليدلوا بمواقفهم بشأن التطوير المستقبلي لسوقهم. مصباح كمال لندن أيار/مايو 2004 [1] من الجدير هنا الإشارة إلى استثناء يتمثل بما كتبه جوزف زخور في مفكرته الشهرية في مجلة البيان الاقتصادية: "عودة العراق إلى خارطة التأمين العربي" (البيان، آذار/مارس 2003، ص 56) وكذلك "شركات التأمين في العراق: يقترعون على ثوبها وهي لم تزل حية!" (البيان، كانون الثاني/يناير 2004، ص 211) [2] كتبت هذه الورقة أصلاً باللغة الإنجليزية ونشرت في مجلة MEES (Middle East Economic Survey) Vol. 47. No. 19 (10 May 2004) pp D1-D5 يتضمن النص العربي بعض الإضافات. ونشرت في وقت لاحق في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 314، 2005. الآراء الواردة في هذه الورقة تمثل وجهة النظر الشخصية للكاتب ولا علاقة لها بشركة وساطة التأمين التي يعمل لديها في لندن. [3] حاولنا الاتصال بالبريد الإلكتروني بالوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية USAID والاستشاري التأميني لشركة بيرنغ بوينت في بغداد للحصول على بعض الوثائق ولكن دون جدوى. [4] لم يرد إلى علمنا ما يفيد استشارة مجلس الحكم أو الوزارات المعنية بشأن إعادة هيكلة سوق التأمين. [5] الكثافة التأمينية مقولة اقتصادية يلجأ إليها المعنيون في الدراسات التأمينية وخاصة لأغراض المقارنة بين الأسواق، وتشير إلى معدل الإنفاق الفردي على شراء الحماية التأمينية، وهي بالتالي تعبر عن إجمالي الدخل من أقساط التأمين في البلد منسوباً إلى عدد السكان، ويعتمد هذا المعدل أساسا على حجم الدخل المتوفر للفرد. صحيح أن مؤشر الكثافة التأمينية يعتمد بالدرجة الأولى على الدخل المتوفر للفرد إلا أن هناك عوامل ثانوية أخرى تؤثر قليلاً أو كثيرا على هذه الكثافة، ومنها الأقساط المنفقة على التأمينات الإلزامية كالتأمين على المسؤولية المدنية الناشئة عن استعمال المركبات، ومدى فاعلية الأفكار الدينية في بعض المجتمعات، وتوفر وسائل بديلة للأمان الشخصي من خلال الأسرة الموسعة أو الجمعيات الخيرية أو الدولة. ويمكن إدراج هذه الوسائل تحت عنوان التكافل الاجتماعي الذي يضم مجموعة من وسائل الضمان المالي والعيني، الرسمي وغير الرسمي، لتوفير موارد مالية وعينية لدرء الضرر والعسر الذي يلحق بأفراد المجتمع. وتتأسس هذه الوسائل على ما تقضي به الشريعة الإسلامية (الزكاة، الصدقات، الأوقاف) والعرف (البر بالوالدين، التضامن مع الجيران) والدولة (دعم السلع الأساسية، الضمان الاجتماعي، نظام التقاعد .. الخ.) ويمكن تأويل هذه الوسائل لصالح مفهوم العدالة التوزيعية: تحويل الموارد من القادرين إلى العاجزين لتحقيق توازن اجتماعي يخفف من غلواء التفاوت الطبقي. التكافل الاجتماعي غير الرسمي لا يستدعي تسديد مقابل عنه كما هو الحال في نظام التأمين التجاري أو أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد (التكافل الرسمي) التي تستوجب مساهمة معينة من المستفيد. وتقارن مقولة الكثافة التأمينية مع مؤشر آخر عن الحالة الراهنة والمحتملة لسوق التأمين يعرف بالتغلغل التأميني، وينصبّ على قياس نسبة أقساط التأمين للناتج المحلي الإجمالي. [6] لم تجري أية دراسات إكتوارية لتأمين السيارات في العراق أو لأي فرع آخر من فروع التأمين بضمنها التأمين على الحياة إذ أن جداول الحياة المستخدمة في العراق لا تعكس التجربة التاريخية، وفي حقيقة الأمر فإن مصدر هذه الجداول شركة إعادة تأمين أوروبية عريقة قدمتها هبة في خمسينات القرن العشرين. [7] يقوم هذا القانون على مبدأ المسؤولية المفترضة غير القابلة لإثبات العكس الذي يقضي بتحمل التبعة في المسؤولية أساساً لالتزام المؤمن له بدفع التعويض بدلاً من مبدأ المسؤولية القائمة على أساس الخطأ القابل لإثبات العكس. وقد عُدّل هذا القانون في نهاية 1987 فيما يخص استيفاء قسط التأمين وذلك من خلال توزيعه على مقدار الوقود الذي تستهلكه السيارة. وقد أنيطت مهمة إدارة المطالبات حصراً بشركة التأمين الوطنية لقاء هامش يسدد من حسابات صندوق الأقساط المتجمعة، وهو صندوق يتمتع بكامل الاستقلالية ولا يدخل في حسابات الشركة. [8] مصباح كمال، "التأمين في العراق وعقوبات الأمم المتحدة" مساهمة في مجموعة الأوراق التي نشرها المنتدى الاقتصادي العراقي لعدد من الاقتصاديين العراقيين تحت عنوان دراسات في الاقتصاد العراقي (لندن: المنتدى الاقتصادي العراقي، 2002) ص 73-96. [9] نسارع إلى القول إن الأمر رقم 39 الصادر عن سلطة التحالف المؤقتة في 19 أيلول/سبتمبر 2003 بشأن الاستثمار الأجنبي في العراق استثنى قطاع التأمين من أحكامه بموجب القسم 6: مجالات الاستثمار الأجنبي. [10] إن دخول الدولة، كطرف تجاري، في النشاط التأميني في ظل شروط الأسواق المفتوحة التي هي في طور النشوء والتشكل، وخلافاً لممارسات الماضي، يستوجب فصل هذا النشاط قانونياً عن السياسات الحكومية وضمانات الدولة. وبالتالي، فإن شركات الدولة تتحول إلى مؤسسات حيادية في علاقتها مع الدولة، ولا تتمتع بموقع احتكاري على حساب شركات القطاع الخاص، وتخضع لأحكام الضوابط الرقابية التي تطبق على جميع شركات التأمين العاملة في السوق. وبدون القيام بمثل هذا التغيير فإن سوق التأمين سيبقى مفتقراً لمتطلبات المنافسة. [11] تأسست شركة إعادة التأمين العراقية أصلاً عام 1960 كشركة مختلطة قبل تأميمها عام 1964. باشرت الشركة أعمالها سنة 1961، وكانت أول شركة عربية تفتح لها مكتباً للاتصال في سوق لندن العريق ظلَ عاملاً حتى غزو العراق للكويت عام 1990. [12] "وفي طول العراق وعرضه، سادت أجواء الفوضى والخوف وعدم الأمان. وفي معظم الأماكن، وقف أفراد القوات الأمريكية والبريطانية موقف المتفرج على نهب المباني والمكاتب والجامعات والمدارس والمستشفيات والمتاحف والمكتبات والمستودعات وسلبها وهدمها. وأحرق عدد لا يحصى من الوثائق الحيوية لمستقبل العراقيين أو تعرض للتلف على نحو آخر" منظمة العفو الدولية، العراق: بعد مضي عام تظل أوضاع حقوق الإنسان حرجة (المنظمة: رقم الوثيقة MDE 14/006/2004 ، 18 مارس/آذار 2004) [13] “Fragmentary Notes” for a seminar organised by International Financial Services London for an Iraqi Financial Services delegation, London 2 December 2003. وقبل ما يقرب من عقدين ثبتنا الآتي: " إن البدائل المقترحة للمنافسة تندرج ضمن ما يمكن أن يسمى اعتباطا بديمقراطية السوق وتخطيط الحاجات. ... وقد يكون من المناسب الجمع بين أسلوب التخطيط والسوق في محاولة لتطوير أسواق التأمين من منظور إخضاعها لمبدأ الكفاءة وخاصة في الأسواق التي تخضع فيها شركة/شركات التأمين لسيطرة الدولة من ناحية الملكية ولتقييد حرية التصرف ـ أي أن تتحول هذه الشركات من مؤسسات بيروقراطية إلى مؤسسات ذات طابع تجاري، بمعنى إخضاعها للمُساءلة الاقتصادية عوضاً عن إخفاء عيوبها في الأداء وفي الاستجابة لطلب المستهلك." مصباح كمال، "المنافسة في أسواق التأمين العربية المفتوحة" ورقة غير منشورة قدمت في ندوة الاتحاد العام العربي للتأمين حول تأمين أخطار الممتلكات، 11-14 آذار/مارس 1987، تونس. من المناسب هنا أن نشير إلى لجوء النظام الدكتاتوري البائد إلى إقحام إعداد من أزلامه في ملاك شركة التأمين الوطنية، كغيرها من الشركات، لأسباب حزبية وأمنية والمساهمة بذلك في تعميق البطالة المقنعة. مثلما قامت خلال فترة حرب الخليج الأولى، 1980-1988، بترحيل بعض الموظفين بحجة التبعية غير العراقية لآبائهم. [14] بالنسبة لعموم الاقتصاد العراقي قام د. صبري زاير السعدي بإلقاء الضوء على "الإرادوية" والاستخفاف بالقوانين الاقتصادية وغياب العمل المؤسساتي في سلوك النظام الدكتاتوري البائد في العديد من دراساته المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية ومن بينها "السياسة والاقتصاد في نظام الحكم الديمقراطي (الجديد) في العراق" المنشور في الملف العراقي، العدد 126، حزيران 2002 وكذلك كتابه الجديد نموذج النمو الاقتصادي والتوزيع في العراق: الثروة النفطية وإدارة الاقتصاد والعدالة الاجتماعية (بغداد: منشورات دار الأديب البغدادية، [2003])

ليست هناك تعليقات: