إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2012/10/03

هل العلة فينا أم في القانون؟

هل العلة فينا أم في القانون؟

ملاحظات انتقائية حول شركات التأمين العراقية



بعد أن نشرنا مقالتنا، في نقد مؤتمر التأمين الذي انعقد في بغداد (28/6/2009) وتصريحات وزير المالية التي تزامنت معه، في مجلة التأمين العراقي الإلكترونية[1] وردتنا عدة ردود، بعضها مذيلة بتوقيع أصحابها وبعضها جاء خالياً من التوقيع. والملاحظات المنشورة أدناه وصلتنا دون توقيع وقد آثرنا نشرها، بعد التشذيب، لأنها تثير أموراً تستحق التحقيق في صحتها والتعليق عليها من قبل إدارات شركات التأمين العراقية ومن يعنيهم الأمر من العاملين في هذه الشركات.



ما ذكره كاتب الملاحظات يثير شيئاً من الحزن، ووصفه لبعض جوانب العمل في شركات التأمين أشبه ما يكون بالفضيحة من منظور المقارنة مع أسواق تأمينية أخرى. ولكي نخفف من وقع هذه الملاحظات نورد ما جاء في دراسة لباحث اقتصادي أمريكي:



"الخدمة المدنية العراقية يعوقها عدم كفاية تدريب الموظفين أو موظفين يفتقرون المهارة. ومؤسسات الحكومة العراقية متخلفة وتواجه تحديات كبيرة في توفير موظفين مؤهلين غير حزبيين للخدمة المدنية، ومكافحة الفساد بصورة فعالة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وإدارة الموارد على نحو فعال. وعلاوة على ذلك، فإن الولاءات السياسية والطائفية عرّضت قدرة الوزارات لتقديم الخدمات الأساسية، وبناء المصداقية بين المواطنين العراقيين. وباختصار، فإن وزارات الحكومة محشوة بالمقربين الحزبيين، وميزانياتها تستخدم كمصادر قوة للأحزاب السياسية." [2]



في سياق هذا التوصيف لمؤسسات الدولة فإن حال قطاع التأمين، من حيث الافتقار إلى الكفاءات واستخدام التكنولوجيا والإدارة الحديثة يبدو مفهوماً فهو انعكاس لحالة عامة.



نود التنبيه إلى أن العنوان وجميع الهوامش والإحالات من عندنا وليس من كاتب الملاحظات.



مصباح كمال

لندن 27 تموز 2009



دعوة


نتمنى ثانية على من يعنيهم موضوع هذه الورقة التعليق، وتصحيح ما ورد فيها من معلومات خاصة وقد مرّ على كتابتها أكثر من سنتين. وهذه مناسبة لرصد مدى التطور الحاصل في نشاط شركات التأمين بعيداً عن الحساسيات والملامة.



مصباح كمال

15 حزيران 2012



________________________________________



يقول الكاتب:



قرأت مؤخراً بالتتابع ثلاث مقالات منشورة في مجلة التأمين العراقي:



مروان هاشم: "التأمين في العراق والعولمة: مناقشه لردود الفعل على قانون التأمين رقم 10 لسنة 2005 وقانون الاستثمار العراقي لسنة 2006" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/07/10-2005-2006.html



مصباح كمال: نقد "مؤتمر التأمين" وتصريحات وزير المالية" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/07/28-2009.html



مصطفى نوري: "خصخصة التامين: سلبيات وايجابيات" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/06/blog-post_24.html



سرني في البدء هذا الاهتمام الذي يبديه هؤلاء الزملاء بشؤون قطاعهم مما غَلّبَ عندي نزعة التفاؤل بالتطور اللاحق لهذا القطاع. ولكني، بعد حين، وأنا المسكون بالشك والحساسية الأدبية، وجدت نفسي استحضر مشاهد من عمل شركات التأمين العراقية صارت تلقي ظلالاً أخفت معها معالم التفاؤل الأولي. لا أرغب أن أثبط عمل غيري فهو محمود وأدعو إلى المزيد منه، لكن ما ينشر في هذه المجلة يثير الكثير من التساؤل عن واقع التأمين في بلادنا. والسؤال الكبير هو: ترى هل أن الوضع الراهن للسوق يكمن في تركة الماضي (الحروب والعقوبات الاقتصادية ونمط بيروقراطي جامد) أم أن التشريعات التي صدرت بعد غزو العراق في 2003 هي التي فاقمت من تردي السوق؟ يقيناً أن الدراسة الموضوعية تقتضي استدعاء الماضي وربطه بالحاضر لاستقصاء جدلي لمآل قطاع التأمين.



لا أهدف إلى توزيع اللوم فهو منهج غير بناء. لعلنا نستطيع أن نضع أيادينا على العوامل الجوهرية التي ساهمت في خلق الوضع القائم من خلال البحث الشامل. وحتى نتوفر على مثل هذا البحث، ولو أن ما نشر من أبحاث متناثرة بحاجة إلى تجميع بين دفتي كتاب لتسهيل التركيز والمتابعة والمزيد من البحث، فإنني أكتفي بإثارة مجموعة من الأسئلة آمل أن لا تُهمل وكأنها أسئلة بلاغية.



* اثنتان فقط من الشركات العشرين العاملة في السوق العراقي لديها موقع على الانترنيت!



* يتراوح عدد الذين يستخدمون الحاسبة الإلكترونية في مراسلاتهم من مدراء الشركات أو موظفيهم الرئيسيين، حسب علمي، بين 6-8 فقط. لا أحدَ من المدراء العامين في الشركات الحكومية الثلاث (شركة التأمين الوطنية، الشركة العراقية للتأمين أو شركة إعادة التأمين العراقية) يستخدم الحاسبة. أما الموظفين الرئيسيين في هذه الشركات فإنهم يستخدمون الحاسبة في تمشية مراسلاتهم وأعمالهم اليومية ولا يزيد عددهم على عشرة موظفين!



* الشركات الحكومية الثلاث لديها ما يسمى بـ(قسم الحاسبة الالكترونية) وأفضلها لديه برامج خاصة بقائمة الرواتب وربما الحسابات أما البرامج الخاصة بالأعمال الفنية والإعادة فلا أظن أنها قيد الاستعمال أو أنها متوفرة أصلاً (والله اعلم).



* جميع الشركات الحكومية لا زالت تتداول البريد على النظام التقليدي وأي أيميل يصل إلى إي موظف يقدم إلى المدير العام الذي يقوم بتحويله إلى الموظف أو القسم المختص (دون أن ننسى أهمية ذكر تسجيل الإيميلات في سجل الكتب الواردة!). هناك بعض الاستثناءات في شركة التأمين الوطنية حيث يمكنك أن تراسل القسم الهندسي وقسم الاعادة ربما ولكن دون المساس بصلاحيات واختصاصات المدير العام. (ألم يحن الوقت لإعادة النظر في رسم الصلاحيات الإدارية والتنفيذية، وكيف تتطور القدرات القيادية إن كانت الصلاحيات مركزة عند المدير العام؟)



* على حد علمي ليس هناك وصف لاختصاصات وصلاحيات للموظفين (Job Description) صادرة بأمر إداري إلا في عدد من الشركات الحكومية والخاصة التي لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة.



* الموظفين والموظفات الذين لديهم الإلمام باللغة الانكليزية (في حده الأدنى) من العاملين في السوق لا يزيد في تقديري عن 15-20 من مجموع مئات الموظفين! (عولمة منقوصة؟)



* استطيع أن أؤكد أن 80-90% من العاملين في السوق العراقي لم يشترك في دورة تدريبية فنية (أساسية) واحدة.



* استطيع أن أؤكد أن الإيفادات لأغراض الندوات أو الدورات أو ورش العمل تكاد تكون حِكراً على المدراء العامين والمفوضين حتى وان كان المستوى المطلوب للمشارك دون ذلك واغلبها كذلك! (ندوات الاتحاد العام العربي للتأمين على سبيل المثال) وغيرها، هذا إذا شاركوا فيها أصلاً.



* المدراء العامون والمفوضون والموظفين الرئيسيين الذين ربما لديهم اتصال أو علاقات مع اقرأنهم في الأسواق الدولية ربما لا يزيد عددهم عن 10-15 في جميع الشركات. (أهو خوف من العولمة أم العمالة أم هناك أسباب أخرى تفسر ضعف مثل هذه العلاقات؟)



* استطيع أن اجزم (على صعيد الشركات الخاصة على الأقل) عدم وجود خطة عمل سنوية أو استراتيجية محددة الأهداف والمراحل (Business Plan).



* كما استطيع أن اجزم عدم وجود مجموعات إنتاجيه أو برنامج لاستقطاب عناصر شابة لها إمكانية لاستيعاب الفكر والممارسة التأمينية (أتذكرون سياسة الاستخدام في شركة إعادة التأمين العراقية في عهد تأسيسها وفي ستينيات القرن الماضي)؛ أو برامج إنشاء ومتابعة لرجال البيع وتأهيلهم في الشركات كافة إلا باستثناء واحد أو اثنين منها (Recruiting and sale force motivation and supervision)



* استطيع أن أؤكد عدم وجود أية أقسام تخطيط ومتابعة وإحصاء نشطة في شركات القطاع كافة. (أهو من باب التقشف أم الخوف من مفهوم التخطيط؟ أم هو غياب الفكر الاستراتيجي في إدارة الأعمال؟)



* لم يتم اختيار أية شركة أو جهة لاستقبال إحصائيات الشركات لأقساط التامين الصادرة أو أقساط الاعادة أو المطالبات الموقوفة لتوحيدها وإصدار إحصائيات عن (Premium breakdown) على سبيل المثال وغيرها من النتائج التي لا يمكن الاستغناء عنها.[3]



* استطيع أن اجزم عدم وجود استيعاب تام لمفهوم إدارة خطر شركة التامين، كما استطيع أن أؤكد أن الغالبية لا يزال يتصور أن عمل شركة التامين هو مجرد إصدار وثيقة تأمين وتسوية تعويضات. وعندما أتحدث إلى معظمهم عن العلاقة بين رأس المال والاحتياطيات الحرة والقدرات الاكتتابية الفنية وأسلوب معالجة المطالبات وتنشيط المحفظة الاستثمارية وتحقيق الملاءة المالية ومن ثم تحقيق الأرباح أجد أن لسان حال معظمهم يقول: بربك كفى فلسفةً!



* وأخيراً، وبكل تأكيد ليس أخيراً، اشك كثيرا إن قرأ معظمهم قانون التأمين وما تسميه أنت بالأمر رقم 10 على سبيل التدبر والاستيعاب التام!



وبمناسبة إشاراتك الدائمة للقانون بأنه أمر رقم 10 فان ذلك يسبب لي سوء هضم ويذكرني بحقبة بريمر "المستبد بأمره"[4] كما تسميه. ويجرني ذلك إلى تذكر أن بلدنا العزيز وقع تحت وطأة احتلال بغيض وكريه وغبي واعتبره أسوأ احتلال، وأقسم بالله لولا الملامة لقلت إن الاحتلال البريطاني، وهو أيضاً بغيض (كما كنا نسميه في الخمسينيات والستينيات) ارحم بكثير من هذا الذي أطلق من العفاريت، في الاقتصاد والسياسة والاجتماع، ما لم يرد شيء منه في شطحات خيالنا.



صححني إذا كنت قد أخطأت أو بالغت في تقديراتي أعلاه، وأتمنى أن أكون كذلك. لقد كانت انتقاداتك للوزارة مؤخرا في ورقتك الأخيرة هي الملهم لهذه الملاحظات، وليس الذنب كله على الحكومة يا أخي وإنما العيب في الزمان الذي أتى بكل طارئ وجَعَله فوق رؤوس علية القوم، من أصحاب العلم ومن التكنوقراط، في جميع المؤسسات.



1. مصباح كمال "نقد مؤتمر التأمين وتصريحات وزير المالية" مجلة التأمين العراقي، 19/7/2009



2. Robert Looney, "New Developments on the Iraqi Economic Front" Journal of South Asian and Middle Eastern Studies, Vol XXXII, No 1, Fall 2008, p25.



3. أنظر مقالة مصباح كمال: "ملاحظات سريعة عن تقرير سوق التأمين العراقي المقدم إلى المؤتمر السابع والعشرون للاتحاد العام العربي للتأمين، المنامة، البحرين، 26-28 شباط 2008"، مجلة التأمين العراقي، 27/3/2009



4. هذا التوصيف ليس لي وقد اقتبسته من كتابات د. كاظم حبيب.

كان بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي للعراق (11 أيار 2003-28 حزيران 2004) قد أصدر ما يقرب من مائة أمر وقرار وتعليمات شملت أوامر للاستثمار والضرائب والنباتات المعدلة وراثياً وخصخصة شركات القطاع العام باستثناء شركات التأمين. وقد وقع رئيس الوزراء آنذاك إياد علاوي على الأمر رقم 10 ونشر في الوقائع العراقية، العدد 3995، 3/3/2005. لمزيد من التفاصيل عن الأمر 10 أنظر: مصباح كمال "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية" مجلة التأمين العراقي، 25/07/2008 (كتبنا هذه الدراسة في أيار 2006).



وأقتبس منه الفقرة التالية:



"في 9 شباط 2005 تبنى مجلس الوزراء المؤقت (الذي تشكل بموجب قانون إدارة الدولة في العراق للمرحلة الانتقالية الذي وقعه مجلس الحكم الانتقالي، المعين من قبل سلطة الاحتلال، في 8 آذار 2004) الترجمة العربية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. نشر قانون التأمين هذا (الأمر رقم 10) في جريدة الوقائع العراقية في 3 آذار 2005 ليكون نافذاً بعد ثلاثة شهور من هذا التاريخ. قيل أنه تم تسريع توقيعه من قبل رئيس الوزراء المؤقت خشية أن لا يتم تبنيه لاحقاً وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية قد قررت نقل ما يسمى بالسيادة العراقية في 28 حزيران 2005."



ليست هناك تعليقات: