إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/02/12

ملاحظات سريعة على كتاب فؤاد عبد الله عزيز: التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل

ملاحظات سريعة على كتاب فؤاد عبد الله عزيز: التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل

 مصباح كمال

 قليلة هي الكتابات المنشورة عن قطاع التأمين في العراق خلال سنوات الحصار الدولي (1990-2003) ما خلا بضعة مقالات بأقلام عراقية نشرت بعد الغزو والاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق في بعض المجلات وخاصة التأمين العربي، مجلة الاتحاد العام العربي للتأمين. وكان فؤاد عبد الله عزيز، رئيس ومدير عام سابق لشركة إعادة التأمين العراقية، هو الأغزر إنتاجاً. وقد جمع مؤخراً بعض مقالاته في كتاب نشر في بغداد تحت عنوان طموح التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل.[1] وَصَفْنا العنوان بالطموح لأن محتويات الكتاب لا ترقى، في رأينا، إلى المراد من هذا العنوان الكبير. فوَصف حالة السوق منذ تأسيس أول شركة تأمين حكومية (1950) والواقع الحاضر مبتور يقتصر على نبذة تاريخية غير مكتملة مع عرض سريع لبنية سوق التأمين العراقي، لا يتجاوز ذكر أسماء الشركات، والقوانين الناظمة للنشاط التأميني وشرح أولي لثلاثة من فروع التأمين هي: تأمين السيارات، الحريق وخسارة الأرباح والتأمين الزراعي في حين أن السوق كان يتعاطى بأنواع أخرى من التأمين: البحري، الطيران، الهندسي وإعادة التأمين وغيرها. ولم يعلل الكاتب إغفاله لهذه الأنواع من التأمين. ويفتقر العرض التاريخي والقانوني إلى الموقف النقدي والحجاج ومرد ذلك، ربما، هو مخاطبة القارئ العام وليس المتخصص. لكن ذلك، إن كان صحيحاً، لا يعفي الكاتب من التوسع في موضوعه لإكمال وصفه للنشاط التأميني. ولم يتجاوز ما كتبه عن الواقع وآفاق المستقبل بضع صفحات، 5-19، في كتاب يضم 163 صفحة مكرسة في مجملها لعرض وشرح وثائق تأمين محددة. في نبذته التاريخية لم يقيّم لنا الكاتب عملية تعريق شركات التأمين ودمجها ومن ثم تأميمها ودور المؤسسة العامة للتأمين (1965-1987) السلبي (بيروقراطية العمل مثلاً، عدم وضوح الوظيفة الرقابية أو الحرص على تطبيق توجيهات سياسية معينة كمنع استعمال الألقاب) والإيجابي (عمل قسم الشؤون الفنية مثلاً) ضمن الأوضاع القائمة آنذاك. لم يذكر لنا الكاتب الدور "الريادي" لقطاع التأمين العراقي في سبعينات القرن العشرين، ومنها المكانة المتميزة لشركة إعادة التأمين العراقية (أول من دشنت فكرة تأسيس مكتب للاتصال في سوق لندن استمر يعمل لحين صدور قرارات مجلس الأمن في فرض العقوبات بعد غزو العراق للكويت، وتميزت باحتفاظها بمستوى جيد من الأخطار، وتطبيق المعايير العالمية في العمل)، البرامج التدريبية، في الداخل والخارج، لرفع مستوى العاملين وتوفير التدريب لبعض العاملين في شركات التأمين العربية. ربما لم يكن صعباً عليه أيضاً أن يوفر ولو قليلاً من الإحصائيات وهي متوفرة لدى الإعادة العراقية حيث كان رئيساً ومديراً عاماً لها أو في تقارير سوق التأمين العراقي المقدمة لمؤتمرات الاتحاد العام العربي للتأمين. لم يذكر لنا مساهمة السوق العراقي في تأسيس شركة ليبيا للتأمين وبعدها شركة البحرين للتأمين وفي وقت متأخر شركة سبأ للتأمين. لم يذكر لنا الكاتب تأثير الظروف السياسية على العمل التأميني إبان السيطرة الحزبية الواضحة على المؤسسات كافة بعد استفراد صدام حسين بالسلطة سنة 1979. لم يذكر لنا تأثير الحرب العراقية الإيرانية، 1980-1988، على العمل التأميني وعلى تهجير بعض العاملين إلى إيران بحجة التبعية. ولم يذكر لنا دور السوق العراقي في تأسيس الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب سنة 1980 وإدارته من بغداد قبل أن تنقل إلى قبرص وبعدها إلى البحرين. لم يأتي الكاتب على ذكر توقف النشاط التأميني في كوردستان العراق بعد انتفاضة 1991 حين أقدمت حكومة صدام حسين على تجميد عمل المؤسسات الرسمية ومنها شركات التأمين وسحب إداراتها. ولم يذكر لنا التوجهات السياسية والنزعة القومية في الإقليم بعد 2003 وما يعنيه دستور 2005 بالنسبة للنشاط التأميني في ظل الواقع الفيدرالي الجديد قيد التشكيل.[2] كان من المناسب أن يكتب المؤلف مقدمة للكتاب يعرض فيه رؤيته العامة للتأمين في العراق، والهدف من نشر الكتاب وما يتمناه لقطاع التأمين العراقي. وكان من المناسب أيضاً أن يُذكّر القارئ أن بعض فصول الكتاب نشرت سابقاً.[3] كما كان عليه أن يذكر أسماء بعض من كتب عن التأمين في العراق، بديع السيفي مثلاً وكذلك بحوث طلبة الدبلوم العالي في التأمين .. الخ للتأكيد على مواصلة ما انقطع بسبب الحروب والحصار الدولي. كان على فؤاد عبد الله عزيز، أحد شيوخ التأمين في العراق الذي مارس التأمين لأربعين سنة تقريباً في أكثر من فرع تأميني وتسنم مراكز إدارية عليا، أن يعكس تجاربه ومعارفه التي اكتسبها على ما كتب. فهو أول من أشرف على المرحلة التجريبية للتأمين الزراعي (1982) ومن ثم أدار فرع التأمين الزراعي ومع هذا فهو يكتب بمنهج المدرس وكأنه يخاطب تلاميذ في طور تعلم أوليات التأمين. هذا ما كنا نرجوه من كتاب يحمل عنواناً طموحاً. في عرضه للواقع الراهن لسوق التأمين العراقية وإصدار قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 يسمي الكاتب غزو واحتلال العراق تلطفاً غير مبرراً بـ "المتغيرات السياسية"[4] في حين أن ما يسميه بالمتغيرات، وكأنها حصلت تلقائياً ولا صاحب لها، اقترنت بقيام سلطة الاحتلال وأعوانها من العراقيين بتهشيم ما تبقى من مؤسسات الدولة وأجهزتها، ومحاولة إعادة تأسيس العراق سياسياً على أساس طائفي واقتصادياً حسب إيديولوجية الليبرالية الجديدة. ونرجح أن الكاتب ساهم في "المناقشات" التي نظمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، من خلال متعهديها، بشأن مسودة هذا القانون التي تمت صياغتها باللغة الإنجليزية من قبل أحد مفوضي التأمين الأمريكان. وإذ لا يشير الكاتب إلى ذلك وإلى الظروف التي رافقت تحرير المسودة بأيادي غير عراقية، اعتماداً على قانون التأمين الأردني،[5] ومناخ الخوف الذي كان مسيطراً على إدارات الشركات العامة وما كان مخططاً لشركات التأمين وإعادة التأمين العامة لخصخصتها بأسلوب فج،[6] فإنه يكتفي بعرض بعض مواد القانون. إن مثل هذا العرض ليس كافياً ما لم يقترن بتعليق أو تحليل أو موقف تقييمي واضح. فالقارئ يمكن أن يطلع على النص الكامل للقانون في الوقائع العراقية. ولا يستطيع القارئ من خلال العرض المبتسر التعرف عن كثب على موقف الكاتب من هذا القانون وما يعنيه لمستقبل سوق التأمين في العراق وفرصة تأسيس سوق وطني لعموم العراق. في الصفحة 13 وتحت عنوان ثانوي "واقع نشاط التأمين في العراق" يكرس الكاتب فقرتين عن إدارة الخطر لا علاقة لهما بما هو معروض تحت هذا العنوان. ولا ندري إن كان هذا نتيجة لخطأ في الترتيب الطباعي خاصة وأن هناك عنوان فرعي آخر، "إدارة الخطر،" في الفصل المكرس لنظرية الخطر، أو أن المراد من هاتين الفقرتين أمر آخر فات على الكاتب تطويره ليتساوق مع مضمون الفصل. وفي معرض حديثه عن محاولة تحسين الأغطية التأمينية، ص 15، يشير الكاتب إلى "إضافة شروط جديدة على عدد من وثائق التأمين" دون أن يذكر لنا ولو مثالاً واحداً عن هذه الشروط والوثيقة/الوثائق التي أخضعت لها. ما عرضه الكاتب عن "واقع نشاط التأمين في العراق،" ص 13-15، ضعيف في التغطية ويحتاج إلى التوسيع حتى في غياب المستندات والمراجع فخبرة الكاتب وإدارته لشركة إعادة التأمين العراقية كفيلان بإثارة قضايا صناعة التأمين في فترة العقوبات والحصار الدولي، 1990-2003 والفترة اللاحقة. ما تعرضت له صناعة التأمين في هذه الفترة كانت فريدة ولم يتوقف الكاتب عندها رصداً وتحليلاً.[7] لم يذكر لنا تجميد أرصدة التأمين اعتماداً على قرارات مجلس الأمن الدولي بعد غزو الكويت. وعن الفترة اللاحقة للاحتلال الأمريكي لم يذكر الكاتب ما استجد في السوق كتطوير غطاء لتأمين خطر الإرهاب ضمن وثيقة تأمين الحوادث الشخصية الجماعية، وتجاهل إبرام عقود التأمين لدى شركات تأمين عراقية مقيمة من قبل المؤسسات الحكومية والشركات الأجنبية العاملة في العراق وحتى مؤسسات الأمم المتحدة التي يتوخى منها المساهمة في التنمية الاقتصادية للعراق والموقف اللامبالي للمسؤولين الرسميين.[8] يكرس الكاتب الصفحات 28-35 لعرض سريع لمفهوم إدارة الخطر وكان من المناسب جداً لو أنه تعرض إلى وجود أو غياب الممارسة الواعية لإدارة الخطر في العراق ومدى الاهتمام بالمفهوم لدى المؤسسات العامة والخاصة ليتلاءم العرض مع العنوان الكبير للكتاب.[9] قدم الكاتب مجموعتين من المقترحات: (أ) ست مقترحات ذات علاقة بمجمل وضع سوق التأمين في العراق و (ب) تسع مقترحات لتطوير وتحسين الخدمات التأمينية. سنعرض هذه المقترحات أدناه وننتقي بعضاً منها لتعليقات قصيرة. (أ) في تقديمه لهذه المقترحات ذكر الكاتب أن "الانتقال بقطاع التأمين العراقي من وضعه الحالي الذي يتسم بالتذبذب في تحديد أهدافه الراهنة والمستقبلية إلى حالة مفهومة ومؤثرة وتساهم بشكل فعّال في عملية بناء العراق والمساهمة بالتأثير في الاقتصاد العراقي وحمايته وزيادة حجم أعماله بما يتناسب وحجم هذا الاقتصاد [بات] أمراً ضرورياً." نعرض هذه المقترحات باختصار حسب تسلسلها كما يلي: 1- تطوير أسس التعامل بين الشركات على أساس من التنافس على تقديم الخدمات التأمينية للاقتصاد العراقي. نفهم من هذا أن الكاتب يميل إلى ترجيح كفة التنافس على الخدمات وليس أسعار التأمين. 2- تقييد المنافسة بالنسبة للأخطار الكبيرة التي تتجاوز أقيامها طاقة الشركات وتكوين مجمعات للتأمين عليها. ضبط التنافس على الأخطار الكبيرة يجب أن يتم دون إلحاق ضرر بمصالح المؤمن له، أي يجب أن لا يكون هذا الإجراء وكأنه تواطؤ بين شركات التأمين المتنافسة ظاهرياُ لفرض أقساط تأمين عالية على المؤمن له. ونرى أن يتم تطبيق هذا الإجراء بشفافية بحيث يصار إلى اختيار إحدى الشركات للاتصال بمعيدي التأمين الدوليين المشهود لهم بالتخصص في تأمين الخطر المراد التأمين عليه، مباشرة أم من خلال وسيط إعادة تأمين دولي، للحصول على أفضل الأسعار والشروط. أي أن التنافس الحقيقي ينقل لساحة معيدي التأمين لخدمة مصالح المؤمن له الأصلي. نقول هذا لعلمنا أن القدرات الاكتتابية في تسعير الأخطار الكبيرة غير متوفرة لدى الشركات. فكرة المجمع للاكتتاب بحصة أو حصص من الأخطار الكبيرة جيدة تساهم في تنمية المهارات المحلية وفي تعظيم الطاقة الاستيعابية في الداخل. 3- إسناد ما يزيد عن الطاقة الاستيعابية المحلية إلى اتفاقيات إعادة التأمين مع السوق الدولية. 4- إيجاد صيغة متطورة لإدارة التأمينات الإلزامية (خاصة قانون التأمين الإلزامي على السيارات) بمشاركة من شركات التأمين كافة وإعادة النظر في الأنظمة القائمة بشأنه. هذا اقتراح وجيه يستوجب الإسراع في التباحث بشأنه لإنهاء الدور الحصري المناط بشركة التأمين الوطنية الذي أصبح موضوعاً لشكوى الشركات الأخرى وما يقال عن تسديد بعض المطالبات. 5- إعادة النظر بهيكلية شركات التأمين الحكومية من خلال دخول استثمارات عربية وأجنبية لزيادة قدرات هذه الشركات مالياً وفنياً. رأسمال الشركات الحكومية، وكذلك الشركات الخاصة، ضعيفة جداً إذ أن قيمتها تآكلت بفعل التضخم وحتى بدون التضخم فإن حجم رأسمالها يعتبر صغيراً في عالم اليوم. الدعوة للاستثمار الخارجي في هذه الشركات يمكن أن يؤدي إلى ابتلاعها من المستثمر الخارجي. في المرحلة الصعبة التي يمر بها العراق وضعف النشاط التأميني يجب التعامل بحذر شديد مع هذا المقترح. يجب أولاً أن نضمن بناء صناعة التأمين العراقية الوطنية قبل استدراج الاستثمارات الخارجية. صحيح أن هذا البناء صعب بسبب أحكام قانون تأمين أعمال التأمين لسنة 2005 الذي وضع أصلاً من قبل سلطة التحالف المؤقتة لصالح الشركات الخارجية، إلا أن الحس الوطني يجب أن لا يغيب عن البال في تمكين الرأسمالية الوطنية، بشقيها الخاص والدولتي، لأداء مهمة البناء. 6- الالتزام بتعليمات ديوان التأمين فيما يخص ممارسة إعادة التأمين بما ينسجم مع الاستفادة من طاقة السوق وبما يعزز دور شركة إعادة التأمين العراقية. مستوى الأداء في شركة إعادة التأمين العراقية ضعيف خاصة مع تقلص كادره الفني وإناطة إدارته مؤخراً لمن لا يتمتع بالمؤهلات الضرورية، اللغوية والفنية، لدفع الشركة إلى الأمام. لقد جاء تعيين مديره العام من قبل وزير المالية لاعتبارات يبدو أنها لا تمت بصلة بمتطلبات الوظيفة الإدارية العليا في الشركة.[10] لقد وصل الأمر حداً أصبح فيه استمرار وجود هذه الشركة موضوعاً للنقاش لا بل أن من يقدم لها الاستشارة، في ترتيب التعامل مع الوسطاء والمعيدين، يعمل، حسب المعلومات المتوفرة لنا، على تأسيس شركة إعادة تأمين خاصة بمساهمة منه في رأسمالها مع منح حصص بسيطة لشركات القطاع الخاص وأشخاص آخرين. (ب) نوجز مقترحات الكاتب في مجال تطوير وتحسين الخدمات التأمينية حسب تسلسلها ننتقي بعضاً منها لتعليقات سريعة كما يلي: 1- توسيع منافذ التسويق من خلال تطوير أعمال المنتجين الرسميين، وتعزيز دور الوسطاء والوكلاء ومكاتب الإنتاج الأهلية، وتوفير حوافز الإنتاج المناسبة. "تعزيز دور الوسطاء" ليس وارداً إذ لا وجود قانوني لوسيط التأمين في العراق. ولم يصدر ديوان التأمين حتى الآن، حسب علمنا، تعليمات بشأن تأسيس مكاتب وسطاء التأمين. لعل الكاتب أراد إقحام الوسطاء من باب إثارة اهتمام المعنيين. 2- إعادة النظر بالتحديدات والشروط الطارئة والاستثنائية التي أدخلت على وثائق التأمين في بداية تسعينات القرن الماضي. كان من المفيد لو أن الكاتب قد عرض بعضاً من هذه التحديدات والشروط الطارئة والاستثنائية كي يكون القارئ على علم بها ويعطي الفرصة للمعنيين بالمساهمة في إعادة النظر بها. 3- الاهتمام بتأمين السيارات الشامل. 4- تطوير التأمين على الحياة للحد من معدلات التضخم وتحسين منافع الحماية والادخار. 5- التوسع في تسويق وثيقة الحوادث الشخصية الفردية والجماعية. 6- تسويق وثائق التأمين الزراعي. 7- إدخال أغطية تأمينية جديدة: التأمين الصحي، تأمين المسؤولية العشرية، تأمين المسؤولية عن المنتجات، تأمين الائتمان، وكذلك توفير أغطية تأمينية بسيطة لشرائح واسعة من الناس. كان الأمل معقوداً على ضمان توفير الخدمات الصحية للناس كافة – حسب النموذج البريطاني الذي دخل قيد التطبيق سنة 1948 – بدلاً من الدعوات المستمرة لتقليص دور الدولة وتسليع الخدمات العامة. ننسى أو نتناسى أن القسم الأعظم من الناس لا يتمتعون بمستوى من الدخل يساعدهم على شراء حماية صحية من خلال التأمين. لكن خلق الفرص للربح بدعاوى مختلفة يفوق أي اعتبار آخر حتى لو أدى إلى زيادة التفاوت بين الناس. المسؤولية العشرية تتطلب سن قانون بشأنها أولاً قبل الإقدام على إدخال الغطاء التأميني. قد يكون مثل هذا القانون قائماً ونعتذر عن هذا التعليق. 8- حملات توعية تترافق مع عمليات التسويق لشرح التحسينات في الأغطية والخدمة التعويضية. 9- دراسة ومتابعة هذه المقترحات من خلال جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين والالتزام بتعليمات ديوان التأمين. يقدم الكاتب هذه المقترحات دون أن يمهد لها ويربطها مع حالة الشركات التي أنهكتها سنوات من الحروب والحصار الدولي والعسف الدكتاتوري الطويل. هو يقدم مقترحاته وكأن وضع العراق بعد احتلاله سوي وعادي فلا يرد في الكتاب أي إشارة للوضع الأمني المتردي والقتل اليومي للناس والفساد الإداري والمالي والتضخم النقدي وانهيار الخدمات العامة ومعدلات البطالة العالية والتكلس الطائفي وتأثيره على الاستخدام في الشركات الحكومية وحتى تقديم الخدمات. ويغفل الكاتب أهمية إدخال التكنولوجيا الحديثة في العمل التأميني التي باتت ضرورية لربط العاملين وزبائن الشركات وتقديم الخدمة السريعة والسيطرة على البيانات. وضرورتها يستدعيها الوضع الأمني السيئ الذي يؤثر مباشرة على حركة طالبي التأمين والمؤمن لهم فوسائل الاتصال الحديثة، كالبريد الإلكتروني، تعوض بعض الشيء عن البريد العادي واللقاء الوجاهي. والأهم منه التكنولوجيا الحقيقية ونعني بها العاملين الذي يتوجب عليهم امتلاك المهارات والمعارف المناسبة لأداء مهمات العمل واستعمال التكنولوجيا الحديثة. ونحن نقرأ مقترحات الكاتب كنا نتوقع أن يفرد مقترحاً للتدريب المهني على مستوى الشركات أو المستوى الجمعي من خلال جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين. وارتباطاً بذلك أليس من المناسب إصدار مجلة تأمينية رصينة؟ وكنا نتوقع أن يذكر شيئاً عن تطوير الخدمات ذات العلاقة بالعملية التأمينية ونعني بها الكشوف الهندسية الميدانية (ولها علاقة بإدارة الخطر وتحسينه)، وتقييم الأموال المعروضة على التأمين، وتسوية الخسائر، والاستفادة من أكاديمي الجامعات العراقية في المجال الإكتواري وغيره. وكان من المناسب أن يضيف الكاتب لقائمة مقترحاته التمني على الوزارات العراقية والمؤسسات العامة أن لا تفرط بدور شركات التأمين العراقية القائمة في العراق بدلاً من إفساح الحرية للمقاولين معها التأمين خارج العراق أو حسب رغبتهم. لقد أنصب اهتمامنا في هذه الملاحظات على ما نراه فراغاً في هذا الكتاب كان من شأن الاهتمام به من قبل الكاتب أن يرقى الكتاب إلى ما يحمله عنوانه من معاني وتوقعات لدى القارئ. لكن هذه الملاحظات لا تقلل من قيمة الشرح الفني لبعض فروع التأمين وخاصة قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات (1980) وفرادته القائمة على مبدأ افتراض المسؤولية بحيث تصبح معايير منتهى حسن النية والمسؤولية التقصيرية القائمة على الإهمال غير ذي صلة لتأسيس المطالبة بالتعويض عن الأضرار البدنية بما فيها الوفاة، إذ تنتفي المسؤولية التعاقدية لتحل محلها المسؤولية القانونية. وقد سرّنا أن نقرأ الفصل المكرّس للتأمين الزراعي سبقتنا إليه بعض أسواق التأمين العربية (الجزائر والمغرب) التي لم يأتي الكاتب على ذكرها مع أنه ذكر الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان. وكنا نأمل أن نقرأ المزيد في هذا الفصل عن الصعوبات في ترويج هذا النوع من التأمين وتسوية المطالبات في ظل الأوضاع الاجتماعية المتردية والأمية المتفشية في الريف .. الخ.[11] يسدّ هذا الكتاب، رغم ملاحظاتنا عليه، بعض الفراغ في أدبيات التأمين العراقية. نأمل أن يقوم الكاتب بتنقيح كتابه وسد ثغراته والاهتمام بترقين النص متى ما نهضت فرصة إصدار طبعة ثانية له. مصباح كمال لندن 23 أيار 2007

هوامش
 [1] تاريخ النشر واسم دار النشر غير مثبت في الكتاب أو هو غير واضح إذ يرد ذكراسم موسوعة القوانين العراقية، واسم المعد والناشر صباح صادق جعفر. ولا يحمل الكتاب رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ـ كما كانت قواعد النشر تقتضي قبل الغزو الأمريكي. الغلاف الخارجي يحمل في أعلاه اسم المؤلف فؤاد عبد الله عزيز في حين يرد هذا الاسم في صفحة العنوان الداخلية كمعد للكتاب. وقد يكون هذا التعريف الأخير من باب التواضع لكنه لا يعكس حقيقة أن محتويات الكتاب من تأليف كاتبه وليس مجرد إعداد لهذه المحتويات. [2] كتبنا عدداً من الدراسات حول التأمين في كوردستان العراق (هل هناك دور اقتصادي للتأمين في كوردستان العراق، تموز 2002) والنشاط التأميني في ظل نظام فيدرالي (التأمين في كوردستان العراق: بين حكومة الإقليم والدولة الفيدرالي، حزيران 2006) وجدت إحداها طريقها للنشر. [3] حسب علمنا فقد نشر الكاتب ثلاثة فصول من الكتاب وهي"نظرية الخطر، إدارة الخطر التأمين وإعادة التأمين" و "التأمين في العراق: الواقع والمستقبل" و"التأمين الزراعي" (تحت عنوان تأمين الماشية وتجربة سوق التأمين العراقي في مجال التأمين الزراعي) في مجلة التأمين العربي الأعداد: الثالث والستون 1999، السادس والثمانون 2005 والثامن والثمانون 2006 على التوالي. [4] ص 9. ويستخدم الكاتب عبارة ملطفة أيضاً في ص 14 عند الحديث عن التردي التدريجي للخدمة التأمينية بعد "أحداث آب 1990" والمقصود بهذه الأحداث غزو العراق للكويت. [5] راجع: مصباح كمال "قانون تنظيم أعمال التأمين: تعليقات هامشية،" الثقافة الجديدة، العدد 316، 2005. راجع أيضاً: "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية،" الثقافة الجديدة" العدد 319، 2006 [6] راجع: مصباح كمال " ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي،" الثقافة الجديدة، العدد 314، 2005 كتبت هذه الورقة أصلاً باللغة الإنجليزية ونشرت تحت عنوان “Iraq’s Restructured Insurance Market” في مجلة MEES (Middle East Economic Survey) Vol. 47. No. 19 (10 May 2004) [7] هناك دراسة تحليلية جيدة غير منشورة لمدير قسم التخطيط والمتابعة في شركة إعادة التأمين العراقية العامة متوفرة لعدد من العاملين في قطاع التأمين العراقي أوصلها إلينا أحد العاملين في حزيران 2005. أنظر: ستار كرمد عيدان، "دراسة في سوق التأمين المباشر العراقية: دراسة تحليلية،2000- 2003." وقد علقنا عليها في ورقة غير منشورة تحت عنوان: "تعليقات هامشية على دراسة في سوق التأمين المباشر العراقية: دراسة تحليلية 2000-2003" آب 2005. انظر أيضاً: مصباح كمال، "التأمين في العراق وعقوبات الأمم المتحدة" في: دراسات في الاقتصاد العراقي، المنتدى الاقتصادي العراقي (لندن: المنتدى 2002) ص 73-96 . [8] وصل الأمر بهذا الشأن حد منح المستثمر الأجنبي التأمين حسب رغبته. جاء في المادة 11 – ثانياً في الفصل الثالث: المزايا والضمانات من قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 ما يلي: "يحق للمستثمر الأجنبي: التأمين على المشروع الاستثماري لدى أية شركة تأمين وطنية أو أجنبية يعتبرها ملائمة." من المفترض أن الهدف الأساسي للقانون هو، كما جاء في الأسباب الموجبة، "دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطويرها وجلب الخبرات التقنية والعلمية وتنمية الموارد البشرية وإيجاد فرص عمل للعراقيين .." كيف يستقيم هذا مع مطلب استخدام العمالة العراقية، وإشراك شركات التأمين العراقية في توفير الحماية التأمينية، ومشاركة مصرفية عراقية؟ لكن العراق قد أصبح "خان اجغان" بفضل الليبرالية الجديدة. أما قانون الاستثمار رقم (4) لسنة 2006 لإقليم كوردستان العراق فقد ورد في الفصل الثالث: الضمانات القانونية، المادة السابعة-أولاً ما يلي: "للمستثمر أن يؤمن على مشروعه الاستثماري من قبل أية شركة تأمين أجنبية أو وطنية يعتبرها ملائمة، ويتم بموجبه تأمين كافة جوانب العمليات التي يقوم بها." [9] عالجنا بعض جوانب مفهوم إدارة الخطر في ورقة غير منشورة بعنوان "هوامش حول التأمين وإدارة الخطر" (لندن، كانون الثاني 2007) [10] كتبنا تعليقاً على الموضوع، ربما سجد طريقه إلى النشر في إحدى الدوريات العراقية، تحت عنوان: " حول تعيين مدراء شركات التأمين العراقية العامة " (لندن، آذار 2007). ختمت المقالة بدعوة لرفع اليد الوزارية عن شركات التأمين وإعادة التأمين العامة لتدير شؤونها كمؤسسات تجارية مستقلة. [11] يعود الاهتمام بالتأمين الزراعي إلى سبعينات القرن العشرين. وقتها قام أحد طلبة الدبلوم العالي بإدارة التأمين، نبيل محمد عبد الحسين، البحث في موضوع "تأمين المحاصيل الزراعية ومدى إمكانية تطبيقه في العراق" (1976). أنظر عرضاً لهذا البحث في رسالة التأمين، مجلة المؤسسة العامة للتأمين، بغداد، العدد 23، أيار 1981، ص 83-87.

هناك تعليق واحد:

مصباح كمال Misbah G A Kamal يقول...

كنت قد كتبت عرضاً نقدياً لكتاب فؤاد عبدالله وأرسلته إليه في 23 أيار 2007 وبعد أيام استلمت منه الرسالة أدناه. والآن وبعد نشر هذا العرض النقدي في المدونة http://misbahkamal.blogspot.com/2008/02/blog-post.html
أرى نشر رسالة زميلنا ضرورية، وكذلك نشر دراسته "التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل"، لأنها تؤكد على أهمية الحوار.

مصباح كمال
16 تموز 2008

"عزيزي مصباح

تحية وأشواقا

استلمت ملاحظاتك على الكتاب وقد سررت بها كثيرا فأنت الوحيد من الزملاء الذين أهديتهم نسخة منه ولم اسمع منهم شيئا وقد لم يكلف البعض منهم نفسه بقراءته وأود أن أبين بعض الملاحظات التي قد تعيننا سوية على تطوير هذه المحاولة:

1 - هل الملاحظات بالشكل المرسل معدة للنشر فان كانت كذلك فهل تفضل أن يكون الحوار في دائرة النشر أو على الصعيد الشخصي أي تبادل الرسائل وفي كل الأحوال فان الحوار سيغني الموضوع قطعا.

2 - الكتاب ليس مؤلف كوحدة واحدة فهو مجموعة دراسات منفصلة أعدت قبل الاحتلال وجمعت بكتاب للفائدة على أمل أن تضاف إليه أية دراسة أخرى لتطوير المعرفة التأمينية لشرائح مختلفة فالبحث الخاص بنظرية الخطر وإدارة الخطر كان يدرس من قبلي في مراكز تدريبية لتطوير الكوادر العليا.

3 - التامين في العراق هو بحث قدم من قبلي بمواصفات مقررة من لجنة أشرفت على المؤتمر المالي الأول عام 2002 وهو ليس مؤلفا شاملا لتجربة التامين في العراق وإنما كانت محاولة لوضع لبنة يمكننا أن نبني عليها لاحقا.

أرسل إليك نسخة من الدراسة بعد أن أضفت عليها بعض الملاحظات التي رأيت أنها ستغطي البعض القليل من الكثير الذي يمكن أن يغني هذه الدراسة مع تمنياتي الخالصة.

فؤاد عبدالله
27/5/2007"