إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/06/23

مستقبل شركة ليبيا للتأمين: تعليق شخصي مصباح كمال يؤكد الكاتب أن الأفكار الواردة في هذه الورقة تمثل موقفه الشخصي البحت ولا علاقة لها بشركة وساطة التأمين التي يعمل لديها، وهي أفكار أولية يراد منها إثارة النقاش. يرحب الكاتب بأية تعليقات لإثراء الموضوع والمساهمة في تعميق التحليل والبحث عن سبل تطوير ما هو قائم. [1] كتبنا في دراسة بعنوان "تعليقات موجزة حول القانون الليبي للإشراف والرقابة على التأمين لسنة 2005" فقرة حول مستقبل شركة ليبيا للتأمين: "لا يرد أي ذكر لمفردة الخصخصة في القانون ولكن المادة (69) تعكس حقيقة ما هو المراد لقطاع التأمين ربما ليس آنياً. فمع إلغاء القانون رقم (156) لسنة 1970 في شأن مشاركة الدولة في شركات التامين المؤسسة في الجماهيرية أصبح مستقبل شركة ليبيا للتأمين، العائدة للدولة، معروفاً."[1] هناك حديث دائر بهذا الشأن، نعني الخصخصة، حتى أن البنك الدولي أشار إلى الموضوع في تقرير اقتصادي عن الجماهيرية الليبية[2] إلا أنه، حسب المعلومات المتوفرة لدينا، لم يجري اتخاذ خطوات عملية بهدف التهيئة للخصخصة كإعادة تقييم أصول الشركة والبحث عن الآليات المناسبة ونطاق الخصخصة (كاملة أو جزئية) دونكم طرح الموضوع للمناقشة. هذا الوضع المعلق وغير الواضح يشكل عبئاً نفسياً على معظم العاملين في الشركة ويشجع البعض على تركها للالتحاق بإحدى شركات التأمين الخاصة إما بدافع الحصول على راتب مجزِ[3] أو هروباً من وضع لا تعرف نهايته. ولعل البعض الآخر يترقب اقتراب أجل التقاعد من الوظيفة أو الانتظار بأمل الحصول على منافع مادية أو وظيفية، متخيلة أو حقيقية، متى ما تحققت الخصخصة. [2] عندما تكون الكيانات الاقتصادية مملوكة بالكامل للدولة فإن حرية تصرفها تبقى أسيرة للقوانين المنظمة لها والقوانين العامة وربما تخضع لهذه الحد أو ذاك لأنواع من التدخل السياسي. وهي في ذلك قد لا تختلف كثيراً عن كيانات القطاع الخاص فهذه محكومة أيضاً بانظمتها الأساسية وبقوانين الشركات وغيرها من القوانين ذات العلاقة بالعمل التجاري. لكن ما يميز الشركات الخاصة هو الهدف من وجودها فأصحابها معنيون أولاً بتحقيق هامش مقبول للربح وإلا تحولوا إلى جمعيات خيرية تضع نصب عينيها تقديم خدمات دون التفكير بالربح وهو ما لا يتفق مع فكرة المشروع الرأسمالي. لكن الشركات العامة ليست ببعيدة عن هدف تحقيق الربح أو لنسميه الفائض. نجد تعبيراً لذلك في افتخار الشركات العامة بعرض نتائج أعمالها في تقاريرها السنوية مثلما تفعل الشركات الخاصة عندما تحقق الأرباح. أين نجد الفرق بين هذه الكيانات العامة والخاصة؟ نجدها في أسلوب إدارة العمل اليومي (كفاءة البيروقراطية أو ترهلها)، وفي نظام الحوافز للعاملين (الرواتب والمكافآت والترقيات)، وفي التعيين السياسي (وخاصة لرأس الشركة ومن خارج قطاع التأمين)، وفي حرية التصرف دون اللجوء إلى سلطات أعلى (السياسة الاستثمارية، السفر إلى الخارج لأغراض العمل أو التحويل الخارجي[4] مثلاً)، واستخدام التكنولوجيا الحديثة (الكومبيوتر والبريد الالكتروني)، وفي التوظيف باعتماد معايير الأهلية الفنية والعلمية بعيداً عن التدخل السياسي أو التماثل مع سياسة الخدمة المدنية.[5] [3] نقاد شركات القطاع العام ينعون باللائمة عليها، وفي زماننا أصبحت هذه الشركات موضوعاً سهلاً للاستخفاف وتسفيه الخدمات التي كانت تقدمها. ولكن كيف يتأتى لشركة عامة، كشركة ليبيا للتأمين، أن تمارس عملها وهي مكبلة بقيود إدارية لا تستطيع تجاوزها وجل ما تستطيع أن تعمله هو مخاطبة الجهات العليا للسماح لها بأن تقوم بهذا أو ذاك من الأعمال والتصرفات. ومن المؤسف أن هذه الحالة مازالت قائمة في ليبيا وفي غيرها من البلدان العربية بهذا الشكل أو ذاك. ففي دراسة لنا حول بعض قضايا شركات التأمين العامة في العراق ذكرنا ما يلقي قليلاً من الضوء على بعض الصعوبات التي تعاني منها شركات التأمين العامة: "هذه الشركات تبدو في الظاهر مستقلة في إدارة كل شؤونها إلا أن ما ينتقص من هذه الاستقلالية أنها كانت ومنذ أواخر سبعينات القرن العشرين، ولا تزال، خاصة بعد سقوط الدكتاتورية في 9 نيسان 2003، عرضة لتكون أوعية لاستخدام عناصر ذو توجه سياسي معين في كادرها الوظيفي، وأداة لامتصاص البطالة بين خريجي الجامعات وعلى أسس غير فنية (حزبية وطائفية وعشائرية)، أحياناً، وتعمل بموجب قواعد للاستخدام والترقية تفتقر إلى المحفزات وتكبح الطموح والإبداع وتعظيم كفاءة الأداء ولا تعتمد على مبدأ الثواب والعقاب والشفافية والمحاسبة. لربما تلحق هذه الملاحظة حيفاً ببعض العاملين في الشركات وهو ما لا نقصده فنحن نعرف أن المؤهلات الفنية والحرفية للعديد منهم كانت رفيعة وهم الذين ساهموا في إبقاء النشاط التأميني حياً أثناء السنوات الصعبة وهم الذين رفدوا شركات التأمين الخاصة بالعديد من الكوادر وما زال البعض مثابراً في العمل وفي إحياء النشاط التأميني رغم المعاناة الطويلة التي كانت تسم حياتهم."[6] وتوسعنا قليلاً في ما يخص علاقة شركات التأمين العامة مع وزارة المالية التي وصفناها بالحبل السري:
"من المفترض أن هذه الشركات قد أعيد تشكيلها بموجب قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 [لتكون شركات تجارية ذات تمويل ذاتي] وتعمل الآن في ظروف انفتاح سياسي ومساحة واسعة من الحريات العامة فهل يا ترى أن هذه الشركات تتمتع باستقلالية في تصريف شؤونها وتمويلها أم أنها ما زالت تخضع لوزارة المالية! نحن نميل إلى الزعم إن استقلاليتها ما زال محدوداَ حتى أن قرار سفر موظفيها إلى الخارج لمتابعة شؤونها مع معيدي التأمين والوسطاء الدوليين يخضع لموافقة وزارة المالية. وهو أمر مستغرب في السياق العام حيث يسافر الوزراء والمدراء الكبار وغيرهم إلى الخارج بيسر لأداء مهماتهم أو الالتحاق بأسرهم في الغرب مستفيدين من مخصصات عالية. والسؤال الذي يثار هنا: لِمَ التقتير مع العاملين في شركات التأمين العامة؟ ألم يحن الوقت لإرخاء القيود البيروقراطية وتوفير الفرصة لهم للاهتمام بشؤون صناعتهم مع أسواق التأمين الدولية وتحسين شروط تعاملهم مع معيدي التأمين؟" [4] نحن نظلم بعض شركات القطاع العام، ومنها شركة ليبيا للتأمين، عندما نتناسى المناخ العام الذي تعمل في ظله والقيود التي تكبلها في أداء وظائفها الفنية والتجارية والاستثمارية. إلا أن هذه الشركات يجب أن لا تكون بمنأى عن النقد،[7] وليس مجرد الانتقاد الإيديولوجي، إذا كان الهدف ينصبّ على الاستمرار في وجودها وتحسين أدائها ضمن شروط المنافسة القائمة. ومن المناسب أن نتذكر أن مديري وموظفي شركات القطاع الخاص هم من "خريجي" شركة القطاع العام، "المدرسة" الوحيدة في السوق الليبي لأكثر من عقدين، لا بل أن مراقب التأمين الحالي في وزارة الاقتصاد كان يعمل سابقاً في هذه الشركة. لماذا كانت كفاءاتهم في الماضي القريب محجورة ومكبوتة ومقيدة أو دون المستوى عند مقارنتها مع غيرها وانطلقت حال تحولهم إلى الشركات الخاصة؟ لا ريب أن السبب الأساس يكمن في الشروط والضوابط العامة القانونية وغيرها التي تكّيف عمل شركة القطاع العام، وهو ما يفيد في تفسير ركودها المزمن والإجراءات البيروقراطية والتدخل السياسي الذي ينتظم عملها. إذاً العيب ليس كامناً في الأشخاص، وإنما في التشكيلة البنيوية للشركة، هذا إن توفرت لهم الأطر المناسبة لتأهيلهم، علمياً وعملياً، وتشبعوا بالثقافة الخاصة بالنشاط التأميني الذي يقع ضمن قطاع الخدمات ويتطلب معرفة متعددة الجوانب.[8] [5] إضافة إلى السياق العام هناك جملة من المشاكل التي تعاني منها شركة ليبيا للتأمين نأتي على ذكر بعضها. من الملاحظ أن الجيل القديم من العاملين فيها، جيل الستينات والسبعينات، هو الذي رفد شركات القطاع الخاص بالكوادر، ومن تبقى منه هو الذي يسّير الشركة. المشكلة هي أن أفراد هذا الجيل، المتمرس في صناعة التأمين بحكم استمرارهم في العمل، سيغادر الشركة تباعاً مع حلول أجل تقاعدهم أو الهجرة تجاه الشركات الخاصة. ولا يبدو أن هناك بديلاً جاهزاً لهؤلاء، وقد يمضي وقت طويل قبل أن يتمكن الجيل الجديد من تسنم المسؤوليات ـ هذا بافتراض أن الشركة ستظل محتفظة بقوتها ومكانتها في السوق. لا نريد أن نظلم أفراد الجيل الجديد في قدراتهم فهم من نتاج مرحلة تعرض فيها التعليم، في مختلف مراحله، لهزات وتسيب أثرت على اكتساب المعارف العلمية وحتى اللغوية. وبالتالي فهم الآن بحاجة إلى تدريب كثيف لامتلاك المعارف والمهارات التأمينية كي تستطيع الشركة التنافس بندية مع الشركات الخاصة. هذا الوضع ربما ينسحب أيضاً على الموارد البشرية في الشركات الخاصة. نقول ربما لأن إدارات هذه الشركات، المعنية بزيادة الإنتاجية وتعظيم هامش الربح وتقف مسؤولة أمام المساهمين، تلجأ في سياسة الاستخدام إلى انتقاء من هو أفضل.[9] وما لم تتكاتف الجهود في عمل جماعي لتهيئة الشباب من خلال التدريب وبناء القدرات لديهم فإن واقع تدني مستوى الأداء سيظل قائماً. في الماضي كانت شركة ليبيا للتأمين تستقطب عدداً قليلاً من الكوادر الفنية من أسواق التأمين العربية للعمل لديها لتغطية النقص في طاقم موظفيها. وترك معظم هؤلاء أثراً جيداً على زملائهم الليبيين من الشباب. وهم في ذلك كانوا يساهمون بشكل غير مباشر في تطوير المهارات لدى زملائهم الليبيين. وهو نتيجة لما صار يعرف الآن، ضمن دعوات الاستثمار الأجنبي المباشر، بنشر أو انتقال الكفاءة efficiency spillover من خلال التلاقح بين الأجنبي المتطور والمحلي القابل للتطوير، الذي يساعد على توليد معارف ومهارات جديدة للمؤسسات المحلية. هناك مشكلة أخرى تمس نظام الحوافز الذي ما زال غائباً أو مغيباً عن النقاش العلني. ونعني بهذا هنا حصراً تجميد رواتب الموظفين لما يزيد عن عقدين.[10] إحدى نتائج هذا الواقع، وفي أحسن الحالات، هو إضعاف معنويات العاملين في الشركة يقابلها تأسيس شروط قيام الفساد بأشكاله المختلفة. ونود التأكيد هنا على أن الفساد في شركة ليبيا للتأمين يكاد أن يكون نادراً الأمر الذي يفصح عن استقامة في سلوك العاملين قل نظيرها. ولكن لا نعدم وجود حالة التشكيك غير المبرر بين العاملين لما يقدمون عليه من قرار أو اتصال وخاصة مع المعيدين ووسطاء إعادة التأمين. ومن الأمور التي ساهمت في تشتيت الإنتاجية إضاعة وقت الإدارة والموظفين في متابعة شؤون خارجة عن جوهر العمل التأميني، بعضها ذات طابع سياسي وبعضها يشكل امتداداً للعمل التأميني. وقد بان ذلك خلال فترة الحصار الأمريكي (1986) وبعدها حصار الأمم المتحدة (1993) إذ أن وقتاً وموارد إدارية كانت تستهلك في الاهتمام بقضايا التحويل الخارجي لمعيدي ووسطاء التأمين بدلاً من توجيهها نحو الانتاج. وكانت الشركة تشرح، متوسلة، لمصرف ليبيا المركزي أهمية مقابلة التزاماتها الدولية. وقد فوّتَ ذلك عليها، وما ترتب عليها من تأخير مفرط في تسديد أقساط إعادة التأمين في أوانها، فرصة الانتفاع من حركة أسعار التأمين في أسواق التأمين العالمية لصالح زبائنها الكبار وخاصة في القطاع النفطي. ومن المؤثرات الخارجية التي كان تأثيرها سلبياً على الموارد المالية للشركة الرسوم التي كانت تدفعها عن كل عملية تحويل خارجي، إضافة إلى الرسوم المصرفية، كمساهمة منها في تمويل مشروع النهر الصناعي العظيم. أضف إلى ذلك الاستنزاف التدريجي لأموال الشركة بسبب قانون التأمين الإجباري من المسؤولية المدنية من حوادث المركبات الآلية لسنة 1971. وكان اللجوء إلى هذا القانون يشكل مصدراً لارتزاق البعض والانتفاع غير الأخلاقي من دعاوى قضائية تقام باسم ورثة ضحايا حوادث السيارات ضد الشركة. وهذا ما حدى بشركة ليبيا للتأمين إلى بذل جهود كبيرة لإقناع وزارة الاقتصاد لإعادة النظر في قسط التأمين الإجباري على المركبات الآلية، وكان ضئيلاً جداً، وفي وضع سقف لحدود المطالبة وتحديد الورثة المستحقين للتعويض.[11] وقد استفادت جميع شركات التأمين الليبية من هذا التغيير. وظلت الشركة لفترة طويلة تعاني من شحة أجهزة الكومبيوتر والفاكس وصعوبة الاتصالات الهاتفية سواء أثناء إقامتها في طرابلس أو عند إجبارها على الإقامة في مدينة الزاوية، وما ترتب على هذا الانتقال من مصاعب إضافية في حركة العاملين. ويمكننا أن نتخيل الوقت الضائع في محاولات الاتصال بالهاتف أو إرسال فاكس إلى الخارج، وكذلك حركة العاملين اليومية بين طرابلس والزاوية. هكذا كان حال شركة ليبيا للتأمين وما تزال الشركة تعمل ضمن الشروط الحاكمة للشركات العامة. وهي لذلك عرضة لأن لا تكون في مصاف الندية الكاملة مع شركات القطاع الخاص في التنافس على الأعمال وتقديم الخدمات. الاستمرار في الوضع الحالي للشركة ربما سيعمل على نخرها وبالتالي إلغاء مبرر وجودها. وقد يكون هذا ما هو مضمر لها في ظل التوجه نحو الخصخصة باعتبارها الأداة الفضلى لكفاءة الأداء الاقتصادي. [6] الخصخصة موضوع سياسي بامتياز يقدم للناس ضمن مبررات اقتصادية فقرار الخصخصة قرار سياسي تقوم به الحكومات. ولا تهدف هذه الورقة إلى مناقشة هذا الجانب من موضوع الخصخصة بالتفصيل. لكنه من المفيد الإشارة، فيما يخص الكفاءة الاقتصادية، إحدى المبررات المقدمة لصالح الخصخصة، إلى أن النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة تعتبر الكفاءة وظيفة للسوق وللحوافز وليس للملكية. وبالتالي تصبح موضوعة الملكية، العامة أو الخاصة، أمراً نافلاً أو ثانوياً في تقييم الكفاءة شريطة أن تعمل الشركات، العامة والخاصة، في سوق قائم على التنافس بين الكيانات الاقتصادية ـ أي السوق الذي يتمتع بحرية دخول وخروج الوحدات منه، واستقلال إدارات هذه الوحدات في الاستجابة لمؤشرات السوق (الاستجابة لطلبات وحاجات المستهلكين دون تخطيط مركزي)، وتوفر آلية لمساءلة الإدارات عن أدائها. إن كان هذا التوصيف ينطبق على سوق التأمين الليبي فإن شركة ليبيا للتأمين، متى ما أصبحت مستقلة في إدارتها وفي التصرف بمواردها المالية ضمن القوانين المنظمة لعمل شركات التأمين، وهو شرط أساسي في اعتقادنا، تستطيع عندها تجاوز وضعها الحالي وتحسين أدائها الاقتصادي (أي تحسين مجمل إنتاجها من الأقساط والعوائد الاستثمارية وإنتاجية العاملين لديها) بالتنافس مع الكيانات التأمينية القائمة ـ هذا بافتراض أن إدارتها تمتلك الرؤية الاستراتيجية المناسبة للعمل في إطار التنافس. فمحك الحكم لا يعود عندها مرتبطاً بالملكية بل بالكفاءة الاقتصادية. لرب قائل يقول أن مطلب الخصخصة، وكما يروّج له، ينصب على نقل الأصول من القطاع العام إلى القطاع الخاص باعتبار أن القطاع الخاص هو الأكثر كفاءة في استعمال هذه الأصول. وقد يكون هذا صحيحاً، عندما ينظر إليه مجرداً من نتائجه، ويتم التركيز على تحقيق هامش أفضل للربح. وربما يكون هذا دافعاً نحو خصخصة الشركة إلا أن الدولة الليبية لا تعاني من شحة في مواردها المالية تضطرها إلى الخصخصة كوسيلة لتوليد موارد جديدة لميزانية الدولة (وهو ما تقضي به سياسات التكييف الهيكلي المفروضة من المؤسسات المالية الدولية). وربما يكون الانفتاح الاقتصادي واستقدام الاستثمار الأجنبي المباشر دافعاً آخر للخصخصة ضمن شروط الاستجابة لمتطلبات عضوية منظمة التجارة الدولية. وتبقى مسألة الخصخصة مفتوحة وبحاجة إلى بحث معمق ومشاركة في النقاش وخاصة من العاملين في شركة ليبيا للتأمين. ويتمنى المرء أن لا تضام حقوق العاملين عندما يتخذ القرار السياسي لخصخصة الشركة. مصباح كمال لندن، كانون الأول/ديسمبر 2006 عرضنا هذه الدراسة للنشر على هيئة تحرير ليبيا للتأمين، المجلة الفصلية لشركة ليبيا للتأمين، إلا أنها لم تنشر بحجة أن مثل هذا الموضوع يجب أن يكتب من قبل شخص ليبي! ونحن ننشره هنا لأن زميلنا نوري مصطفى سينشر دراسة له عن خصخصة شركات التأمين في العراق في هذه المدونة، ولأن بعض الأفكار التي أوردناها في ورقتنا ذات طبيعة عامة يمكن أن تمس جوانب من واقع التأمين في العراق.
مصباح كمال
لندن 23 حزيران 2009 [1] مصباح كمال: "تعليقات موجزة حول القانون الليبي للإشراف والرقابة على التأمين لسنة 2005، التأمين العربي، العدد 86، ص 76. [2] World Bank, Socialist People’s Libyan Arab Jamahiriya: Country Economic Report (July 2006), p 69. [3] ذكر لنا زميل ليبي، عرضنا عليه مسودة هذه الورقة للاطمئنان على صحة المعلومات التي أوردناها، أن قراراً قد صدر من اللجنة الشعبية العامة يسمح للجمعيات العمومية بتعديل مرتبات مستخدميها، وأن القرار ينطبق على شركة ليبيا للتأمين، وينتظر تطبيق نظام المرتبات الجديد مع بداية 2007. (رسالة الكترونية مؤرخة 21/12/2006) [4] لعل ما جاء في المادة 66 من قانون رقم (3) بشأن الإشراف والرقابة على نشاط التأمين لسنة 2005 يوفر حلاً لموضوع التحويل الخارجي إذ نصت على حق شركات التأمين وإعادة التأمين "في فتح حسابات بالنقد الأجنبي بالداخل والخارج لمقابلة التزاماتها." [5] يشير مختار محمد الدائرة، أمين اللجنة الشعبية لشركة ليبيا للتأمين، إلى ما أسماه "تكدس العمالة والتسيب الإداري" في حوار طويل مع ليبيا للتأمين، المجلة الفصلية لشركة ليبيا للتأمين، العدد الأول، شهر الفاتح 2006، ص 11. [6] مصباح كمال: "نظرة سريعة على بعض قضايا شركات التأمين العامة في العراق: ورقة استهلالية للنقاش" (لندن: آب 2006). لم ترى هذه الورقة النور بعد، واعتذرت إحدى الدوريات التأمينية العربية عن نشرها. [7] نقد شركة ليبيا للتأمين من الداخل موضوع قائم بحد ذاته ويستحق دراسة مستقلة وقد يتشجع أحد العاملين في الشركة للقيام بمثل هذه الدراسة. هناك مقتربات مختلفة للقيام بمثل هذه الدراسة كأن تكون من منظور تاريخي أو مقارن أو اقتصاد المؤسسات .. الخ. [8] من رأي الزميل الليبي أن قطاع التأمين الليبي "يعاني من نقص شديد في الكفاءات التأمينية." ومن رأيه أيضاً أن كفاءات مستخدمي شركات ليبيا للتأمين الذين انتقلوا لشركات القطاع الخاص لم يظهر إلا قليلاً: "قد يكون هناك بعض التحسن في الخدمات، وهو تحسن محدود ولا يرقى لاعتباره تميزا في اداء المستخدمين بسوق التأمين الليبي." (من رسالة الكترونية مؤرخة في 21/12/2006) [9] في رسالته الإلكترونية لنا (21/12/2006) أتى الزميل الليبي على ذكر ملاحظات بشأن انتقاء أفضل العاملين من سوق العمل، أورَدَها باختصار كما يلي: · انتقاء الأفضل غير متوفر، فالكوادر الجيدة محدودة جدا. · الشركات الجديدة التي أنشئت أو التي بصدد الإنشاء تبحث جاهدة عن عمالة ذات دراية حتى ولو كانت درايتها ضئيلة، وهذا أدى الى تقمس [هكذا في الأصل] بعض محدودي الكفاءة لوظائف قيادية في بعض الشركات لانهم افضل ممن لا يدري على الإطلاق. · الكفاءات المتميزة أو الواعدة (رغم محدوديتها) أصبحت موضوعة تحت المجهر سواء للشركات العاملة حاليا أو الشركات الجديدة. [10]أوضح الزميل الليبي أن تجميد المرتبات كان عاماً وليس مقصوراً على شركة ليبيا للتأمين. يعني هذا أن بعض مؤسسات القطاع العام، رغم تجميد مرتبات العاملين فيها، لم تشهد مستوى الكسل الوظيفي والتدهور في الكفاءات كما خبرتها شركة ليبيا للتأمين. [11] قامت شركة ليبيا للتأمين بهذا الخصوص بتنظيم "ندوة التأمين الإجباري للسيارات: مشاكل الحاضر وآفاق المستقبل" (بنغازي: 23-24/10/1999). وقد ساهمنا في هذه الندوة القيمة بورقة تحت عنوان "مقتربات لدراسة آثار السيارة وتأمين المسؤولية المدنية." نشرت هذه الورقة في مجلة التأمين العربي، العدد 63، 1999، ص 30-39.

ليست هناك تعليقات: