إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/04/29

جدول أعمال: مسح سريع لبعض قضايا وهموم السوق العراقي للتأمين يمكن اقتباس ونشر هذه المقالة مع الإشارة إلى المصدر. مصباح كمال كتبت لأحد الزملاء في العراق مؤخراً بأنني أتعامل، حسب المستطاع، مع موضوع التأمين في العراق ضمن إطار اقتصادي وطني ومن منظور نقدي تاريخي. وأحاول أن أجد في واقع النشاط التأميني العراقي الحالي صورة مصغرة للحالة العامة التي يمر بها العراق. وبدلاً من الانكفاء، لعدم الرضا والاستياء والإدانة لأمور كثيرة والانتظار بأمل أن تتحسن الأوضاع وكأنها تتحسن من ذاتها من دون فعل بشري، أرى أن ندلي بصوتنا لعل البعض يسمع وبذلك نساهم في تكوين مواقف مشتركة للدفع باتجاه التغير. وأرى أيضاً أن الهم التأميني يمكن أن يجمع بين العاملين في القطاع حتى مع اختلاف المواقف الفكرية. هذه هي بعض الخلفية التي ربطتني بمجريات النشاط التأميني في العراق وهو ما أسماه الزميل في رسالته لي بالاهتمام الوطني والمهني بشركات التأمين العراقية. لقد تناولت العديد من القضايا التي أعرضها هنا في دراسات سابقة وجدت طريقها إلى النشر في مطبوعات عراقية وعربية وفي مدونتي التي أطلقتها في شباط من هذا العام لتكون منبراً يلتقي فيه ممارسو التأمين في العراق لأغراض الدراسة والبحث مع إغفال مقصود للمصالح التجارية للشركات التي يعملون فيها. وهذا ما جعلني أغير عنوان المدونة لتكون Iraq Insurance Review آملاً يذلك أن يساهم الجميع بكتاباتهم النقدية واشتباكهم في المناقشة مع ما تقدمه هذه المدونة. هناك جملة من الموضوعات تشكل بعضاً من قضايا صناعة التأمين في العراق تضم على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي حسب تسلسلها الألفبائي: 1. إحصائيات السوق منذ تقديم تقرير سوق التأمين العراقية إلى المؤتمر العام السادس والعشرون للاتحاد العام العربي للتأمين الذي انعقد قي دمشق بتاريخ 8-10 أيار 2006، لم تقم الأطراف المعنية بنشر أية بيانات عن حالة السوق. وكانت البيانات الواردة في هذا التقرير تغطي الفترة المنتهية سنة 2004 مما يعني انقضاء ثلاث سنوات على تاريخ آخر إحصائية.
من المسؤول عن هذا التقصير ليس تجاه الاتحاد وإنما تجاه شركات التأمين العاملة في العراق، فالإحصائيات ليست ترفاً وإنما وسيلة لرصد حركة الواقع وتحليله والمساعدة في رسم السياسات. أهي شركة إعادة التأمين العراقية التي يفترض أن يتوفر لها جميع البيانات عن حالة السوق كونها معيد التأمين الوحيد لجميع الشركات العاملة. نحن نفترض ذلك، في المرحلة الحالية، إذ كيف يتسنى لها التفاوض مع معيدي التأمين العالميين على تجديد الاتفاقيات دون أن تقدم لهم الإحصائيات الخاصة بحجم الأعمال والمطالبات والتغييرات في القوانين وأوضاع السوق عموماً. وهنا يثار سؤال أكبر: أليس من المناسب، لأغراض البحث التاريخي، تجميع إحصائيات السوق للسنوات الماضية في كتاب ليكون مرجعاً للباحثين؟ إن لم تستطع مؤسسات سوق التأمين القيام بهذه المهمة أليس حرياً بها تشجيع البحث في هذا الموضوع، أو في غيره، في إحدى الجامعات العراقية؟ 2. تأمين السيارات الداخلة إلى إقليم كردستان المعلومات المتوفرة لدينا تشير إلى أن شركة واحدة في الإقليم تنفرد بتأمين المسؤولية المدنية للسيارات الداخلة من المنفذين الحدوديين في إبراهيم الخليل وحاج عمران. وقد يكون للاستفراد ما يبرره - كون هذه الشركة هي صاحبة إطلاق هذه الحماية التأمينية منذ سنة 2004 وكانت لها الريادة في ممارسة العمل التأميني في الإقليم بعد انقطاع زاد عن العقد. لكن تأسيس شركات تأمين جديدة في الإقليم ومحاولة شركات التأمين الأخرى في بغداد فتح فروع لها يستدعي مراجعة الموضوع جماعياً وعلنياً، وتقرير ما إذا كان الدور الاستفرادي ضرورياً، وإن كان الأمر كذلك فليكن بقناعة الشركات المتواجدة في الإقليم. والسؤال هنا هو: هل الاستفراد يستقيم مع قواعد المنافسة المفتوحة التي يروج لها في الإقليم وفي العراق عموماً؟ الحماية من المسؤولية المدنية التي توفرها هذه الشركة مقيدة فيما يخص الحدود الجغرافية والحد الأقصى للمطالبة، وهي لذلك لا تجاري الحماية التي يوفرها قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980. تركة الماضي وآثارها السلبية ما ظلت قائمة في الإقليم، وقد عرضنا لبعض جوانبها في دراسات سابقة، وقد آن الأوان للانفتاح في ظل النظام الفيدرالي قيد التشكل لتحقيق سوق وطنية عراقية مشتركة. وقد يتطلب ذلك مراجعة القانون كي لا تضام الحقوق المتعددة ومصالح الأطراف الثالثة. 3. تجاوز شركات التأمين العراقية من قبل الشركات الأجنبية والمؤسسات الحكومية وحكومة إقليم كوردستان صار هذا الموضوع يؤرق مضاجع ممارسي التأمين في العراق، وأخذ البعض يربطه بأحكام سلبية وردت في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. وقد كتبنا بشأنه أكثر من مرة.
ويتخذ هذا التجاوز صور عديدة. فقانون التأمين يعفي الشركات الأجنبية من التأمين على أصولها ومسؤولياتها في العراق مع شركات تأمين مسجلة في العراق وتكتفي هذه الشركات بما توفرها لها شركات ووسطاء التأمين في بلدانها الأصلية. والمؤسسات الحكومية لا تنص في عقودها على إجراء التأمين مع شركات عراقية لا بل أن إحدى هذه المؤسسات في عقد لها نصت على حرية المقاول التأمين خارج العراق. أما عقود هيئات الأمم المتحدة العاملة في العراق فإنها صامتة عن تحديد مكان التأمين ونتيجتها عدم التأمين مع شركات عراقية. وتنفرد حكومة إقليم كردستان في منح الحرية للمستثمر الأجنبي التأمين مع شركة تأمين أجنبية أو وطنية حسب رغبته كما جاء في (المادة (7) 1 في قانون الاستثمار في إقليم كوردستان – العراق رقم (4) لسنة 2006) وقد ورد إلى علمنا أن جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية تحاول منذ بعض الوقت إثارة الموضوع، ومن منظور إعادة النظر في قانون تنظيم أعمال التأمين، مع د. برهم صالح، رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء، لكن اللقاء به لم يتحقق بعد. 4. جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين تأسست هذه الجمعية بفضل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. جاء في المادة 6 من نظام جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق، وهذا هو الاسم الرسمي لها، أن الجمعية: "تهدف الجمعية لرعاية مصالح أعضاءها، وتعمل على تطبيق القانون، وأخلاقيات مهنة التأمين، وتمثيل المصالح الجماعية لشركات التأمين وإعادة التأمين المجازون في العراق أمام الديوان والجهات الأخرى، وغيرها من الأمور المتعلقة بأعمال التأمين." تأثير الجمعية ما زال ضعيفاً في تحقيق هذا الهدف والدفع باتجاه تطوير سوق التأمين. وبعض السبب في ذلك يعزى إلى الأوضاع الأمنية السيئة التي تحول دون عقد الاجتماعات بشكل منتظم، وكذلك حجز أموال الجمعية (مثل غيرها من منظمات المجتمع المدني - كما ذُكر لنا). والمحاولات جارية مع الجهات المسؤولة (وزارة المالية؟) لإطلاق هذه الأموال. إن كانت جباية مستحقات الجمعية من شركات التأمين (0.5‰ من قسط التأمين الأساسي وبحد أقصى 75 دولار عن كل وثيقة تأمين) سارية فإن ما تجمع لصالحها يساعد في تمويل العديد من نشاطاتها. وليس لدينا أية معلومات إن كان أي من نشاطات الجمعية قد خرج إلى العلن ليكون موضوعاً للحديث والمناقشة بين المعنيين بأمور التأمين. 5. ديوان التأمين العراقي تأسس الديوان بموجب قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ولم يكتب عنه الكثير وما نشر لا يتعدى التعليق الصحفي المرتبط بوضع معين آيل للتغير. فقد ذكر الزميل ميرزا مجيد مراد خان بأن "ديوان التأمين لم يقم بعمل يذكر باستثناء إصدار جملة تعليمات مؤخراً تتضمن فرض رسوم والتهديد بفرض الغرامات التي تصل عشر مرات بقدر الرسوم نفسها وتحديد طلب ضمانات عالية جداً لا تتناسب مع واقع الشركات الخاصة ولا مع الظروف الحالية للبلد."[i] لا جدال أن التعليمات والرسوم والضمانات يجب أن تكون متسقة مع واقع شركات التأمين العاملة في السوق وليس نقلاً عن مثيلاتها في الخارج. وإن كانت النية متجهة إلى تعزيز المكانة المالية للشركات كي تستجيب لالتزاماتها تجاه المؤمن لهم فالأولى الاتعاظ بالواقع القائم أولاً، وإعطاء الوقت الكافي للشركات لتنسجم مع المتطلبات الجديدة، والتأكيد على الدوام على تأسيس سوق وطنية عراقية مشتركة للتأمين قبل الإقدام على فتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية من خلال تعليمات لا تمثل عبئاً على الشركات الأجنبية إن دخلت السوق كما يسمح لها بذلك قانون تنظيم أعمال التأمين. وفيما يخص الهيكل الوظيفي للديوان فإنه لم يكتمل بعد وهو بحاجة ماسة إلى تعزيزه بالكوادر الكفوءة والموارد اللازمة لتنفيذ المهام الرقابية بحرفية. تجربة الديوان جديدة على سوق التأمين في العراق وعلى الأطراف المعنية، ونعني القائمون على إدارة الديوان وشركات التأمين العاملة في السوق على حد سواء، التحرك، برفق، ضمن المعطيات القائمة بهدف إعلاء مكانة التأمين مع الاهتمام دائماً بمصالح المؤمن لهم. لا نعرف إن كان هناك نقاشاً مفتوحاً بين هذه الأطراف، وهي ضرورية في هذه المرحلة التأسيسية لنظام الرقابة. كنا نمني أنفسنا أن يقوم البعض بالبحث، مثلاً، في الموضوع في جانبه التاريخي والاقتصادي (كلفة التماثل مع المتطلبات الرقابية وتأثيرها على التنافسية وآثارها المستقبلية على أسعار التأمين). وقد اقترحنا، كبداية، التثقيف بأهمية الوظيفة الرقابية من منظور تاريخي، وكنا نعني تحديداً تطور هذه الوظيفة بدأً بالمؤسسة العامة للتأمين ومن ثم وزارة المالية لحين قيام الديوان. 6. الشركات العراقية في إقليم كردستان دور شركات التأمين العراقية، الخاصة والعامة، في إقليم كوردستان ضعيف ومحدود جداً. أسباب هذا الضعف بعضه تاريخي يعود إلى سحب النظام الدكتاتوري السابق لمؤسسات الدولة المركزية من الإقليم في تشرين الأول 1991، وبعضها الآخر ربما يعود إلى الحيف الذي وقع على حملة وثائق التأمين في الإقليم فيما يخص حقوقهم في التعويض - وهذا الموضوع لم يخضع بعد، حسب علمنا، للبحث ومحاولة التوصل إلى الحل. وللمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع نحيل القراء إلى دراسة نشرناها في هذه المدونة باستخدام الرابط التالي: http://misbahkamal.blogspot.com/2008_02_01_archive.html إضافة إلى مقالات أخرى نشرت في التأمين العربي، مجلة الاتحاد العام العربي للتأمين، القاهرة ومجلة حوار، مجلة المركز العراقي للتنمية والحوار الدولي، بغداد. 7. شركة إعادة التأمين العراقية لعبت الشركة دوراً مهماً خلال سنوات الحصار الظالم للشعب العراقي (1990-2003) في ضمان استمرار عمل شركات التأمين المباشر وبالتعاون معها. وهذا الدور يستحق الدراسة لتوثيقه. دور الشركة الآن هو استمرار للنهج الذي كان متبعاً خلال هذه السنوات (توفير الحماية الاتفاقية لجميع الشركات القائمة) مع فارق مهم يتمثل برجوع الشركة المحدود إلى السوق العالمي لإعادة التأمين لكنها لا تزال غير قادرة على الاكتتاب بأعمال إعادية غير عراقية. لن يستمر هذا الدور طويلاً متى ما توسعت محافظ شركات التأمين المباشر ونمت احتياطياتها ورفعت رأسمالها إذ أنها ستأخذ بالضغط على شركة إعادة التأمين العراقية لتحسين شروط الحماية لصالح الشركات هذا إن لم تتوجه الشركات مباشرة إلى معيدي التأمين في الخارج لشراء ما تحتاجها من اتفاقيات إعادية. ولها الحرية في ذلك إذ أن الإسناد الإلزامي لشركة إعادة التأمين العراقية ألغي بموجب القانون رقم 136 لسنة 1988 (قانون تعديل قانون تأسيس شركة إعادة التأمين العراقية رقم 21 لسنة 1960). مستقبل شركة إعادة التأمين العراقية وآفاق عملها موضوع يستحق الدرس لذاته للحفاظ عليها كمؤسسة وطنية عراقية والعمل على تطويرها. والسؤال هو: هل قامت إدارة الشركة بتقييم وضعها الحالي في ظل المتغيرات المحتملة في بنية السوق والقوانين المنظمة له، وهل رسمت خطة للمستقبل كي تعزز دورها المحلي ومن ثم تستعيد مكانتها للاكتتاب في أعمال غير عراقية؟[ii] 8. عضوية شركات القطاع الخاص في الاتحاد العام العربي للتأمين قد يستخف البعض بإثارة هذا الموضوع باعتبار أن شركات التأمين تجابه مشاكل أساسية وعضوية منظمة كالاتحاد هو من باب الترف. في الوقت الذي نقدر فيه عالياً أهمية وضع الأولويات لكننا لا نرى ضيراً في إثارة الموضوع للوقوف على مدى أهميته وماذا يعني أن يلتقي ممثلو هذه الشركات مع أقرانهم في مؤتمرات الاتحاد وندواته الثقافية ومناظراته وقراءة مجلته الفصلية، التأمين العربي، وما يصدر منه من مطبوعات داخلية خاصة بالأعضاء أو منشورة ككتب. 9. قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته يكاد عمر هذا القانون أن يقترب من ثلاثين سنة إلا أن التجربة المتراكمة عن تطبيقه لم توثق حسب علمنا و"لم تخضع لتحليل اقتصادي وتنظيمي ورصد لآثاره على صناعة التأمين العراقية. وقد دعونا غير مرة إلى تقييمه في ضوء التجربة المتراكمة لدى شركة التأمين الوطنية وإعادة النظر في الدور الاستفرادي المنوط بهذه الشركة في إدارة التأمين الإلزامي في ظل التغيير في بنية سوق التأمين العراقي بعد تأسيس شركات تأمين خاصة" - كما أشرنا إلى ذلك في مقالة منشورة في هذه المدونة.[iii] بعد تغيير بنية السوق أصبح ضرورياً الانتباه إلى ما تحس به شركات التأمين الأخرى من حيف بسبب عدم مشاركتها في الاستفادة من تطبيق القانون. ونرى أن يخضع هذا الموضوع إلى مناقشة رصينة مفتوحة تأخذ بنظر الاعتبار مصالح الشركات القائمة وإذا استقر الرأي على استمرار شركة التأمين الوطنية بإدارة متطلبات القانون فليكن ذلك برضا وقناعة الجميع وليس استمراراً لممارسة كانت لها، ربما، دوراً إيجابياً. ولعل جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين هي الجهة التي تستطيع تحريك النقاش بمشاركة جميع الشركات بضمنها شركات التأمين في إقليم كوردستان العراق. 10. قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 عندما قامت الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية بصياغة هذا القانون كانت تعرف اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والذي لا يجيز للجيش المحتل إصدار أي تشريع أو قانون باستثناء القانون الذي يحمي أمن القوات المحتلة والمواطنين.[iv] لكن الوكالة لم تولي أهمية القوانين الدولية أي اعتبار فقد كان مشروعها في غزو العراق يقضي بغير ذلك. صدر القانون وأصبح نافذاً بعد نشره في جريدة الوقائع العراقية لكن هذا القانون لم يتضمن نصاً يلغي القوانين السابقة المنظمة للنشاط التأميني ولم تجري المحاولة لإلغاء تضارب محتمل بين هذه القوانين. لا نهدف من إثارة الموضوع تقديم عرض نقدي للقانون فقد قمنا بذلك غير مرة وساهم زملاء في العراق في نقد أحكامه السلبية إلا أن ما كتب لم ينشر إلا القليل منه وبقي معظمه حبيس أدراج شركات التأمين. نعرف أن هذا القانون هو من تركة الاحتلال (مجموعة الأوامر والتعليمات التي أصدرها "المستبد بأمره" بول بريمر الثالث) لكننا لسنا من أصحاب الموقف الذي يدعو إلى إلغائه وصياغة قانون جديد بل مراجعته نقدياً لبلورة موقف موحد يرتكز على تغليب المصالح العامة، مصالح السوق التأميني الوطني المشترك، على الحساسيات الشخصية والمصالح الضيقة لدى بعض فئات الطبقة الحاكمة التي تروم القيام بدور الوكيل للأجنبي. جرت العادة في بعض أسواق التأمين المتقدمة اللجوء إلى إعداد أوراق بحثية أو استشارية consultation paper في قضايا ذات طابع عام تنشر بهدف استمزاج الآراء قبل الإقٌدام على تبني سياسة معينة وتحويلها إلى تشريع ملزم. أليس بالإمكان اللجوء إلى مثل هذه الصيغة الديمقراطية في دراسة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005؟ أليس بالإمكان التشاور بين جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين وديوان التأمين العراقي للوصول إلى صياغات مقبولة لدى شركات التأمين كافة؟ أعرف بأن العاملين في القطاع لهم من الهموم اليومية ما يكفي لكن ذلك لا يعفيهم من مهمة الدفاع عن مصالح شركاتهم وبالتالي مصالح سوق التأمين العراقي الفيدرالي الذي ما زال قيد التشكيل. إن كانت القدرات المتوفرة لدى جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين أو الشركات ذاتها أو ديوان التأمين العراقي ضعيفة أليس بالإمكان الاستفادة من الجامعات العراقية ومن التعاون مع الحقوقيين ممن لهم الدراية؟ 11. الكوادر الفنية في قطاع التأمين قطاع التأمين تعرض إلى خسارة في كوادره المؤهلة على مدى سنوات عديدة بسبب بطش النظام الديكتاتوري والحروب والعقوبات الدولية. وهو ما زال يعاني من هزال بسبب ضعف التدريب وتعثر التواصل مع أسواق التأمين المتقدمة والاستفادة من برامج تدريبية خارج العراق. يتخذ الهزال أشكالاً مختلفة: انعدام التواصل مع التطور الحاصل في ممارسات التأمين وإدارة الخطر، التلكؤ في إطلاق برامج التدريب المحلي، البيروقراطية في أداء المهام الوظيفية، ضعف التمكن من استخدام اللغات الأجنبية، عدم توفر الحاسوب على نطاق واسع وغيره. ونعزو الضعف عموماً إلى غياب السياسة فيما يخص التدريب المهني وتطوير الكوادر. ليس هناك تصوراً واضحاً لبناء القدرات البديلة لمن سيترك ميدان العمل بسبب التقاعد أو الشيخوخة أو الوفاة. والسؤال هو متى تنهض الشركات من حالة السبات في هذا المجال؟ 12. مجلة للتأمين منذ أن توقفت مجلة رسالة التأمين، مجلة المؤسسة العامة للتأمين، عن الصدور،[v] لم تصدر، حسب علمنا، مجلة تأمينية أخرى وحتى هذا اليوم. غياب مجلة دورية أو رسالة إخبارية يدل على عدم اهتمام بالجانب الفكري للنشاط التأميني وربما يعكس حالة من الافتقار للقدرات الكتابية لدى الكوادر الشابة أو المصادر التمويلية أو ربما حالة الإحباط العام الذي يلف المعنويات. ونرى أن إصدار مجلة بمستوى لائق يقع على عاتق جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين. يقال إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، والسؤال متى تبدأ الخطوة الأولى لبناء القدرات. إن بعض شيوخ وأساتذة التأمين، الذين تتلمذنا على أيديهم، ما زالوا يمارسون العمل (عبد الباقي هادي رضا، نائباً لرئيس مجلس إدارة شركة التأمين الوطنية، وبديع أحمد السيفي، نائباً لرئيس مجلس إدارة الشركة العراقية للتأمين) وغيرهم من الكوادر المنتشرين في الشركات الخاصة، ويمكن الركون إليهم لإطلاق مجلة تأمينية. نعرف بأن أ. عبد الباقي رضا كان سكرتيراً لتحرير رسالة التأمين لبضع سنوات. 13. المكتب الموحد استفراد شركة التأمين الوطنية المتوارث في إدارة المكتب الموحد (الخاص بالبطاقة البرتقالية عن سير السيارات عبر البلاد العربية)[vi] أمر لا يلقى قبولاً واسعاً من جميع الشركات العاملة في العراق، ومن الأحرى إخراج هذا الموضوع إلى العلن ليصار إلى إقرار استمرار شركة التأمين الوطنية في دورها أو الاتفاق على آلية جديدة لا تغمط دور الشركات الأخرى، وما يتفق عليه يجب أن يقوم على التراضي الجماعي. 14. منظمة التجارة العالمية وعضوية العراق في أوائل نيسان 2008 عقدت في مقر المنظمة في جنيف "الجولة الثانية من مفاوضات العراق للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ... وقد ترأس الوفد العراقي في هذه المفاوضات وزير التجارة الدكتور عبد الفلاح حسن السوداني وضم عدداً من ممثلي وزارات وهيئات حكومية شملت وزارة الزراعة وهيئة الكمارك العامة والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية والبنك المركزي العراقي وممثل عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وممثل عن رئاسة وزراء إقليم كوردستان."[vii] لا يضم أعضاء الوفد ممثلاً عن قطاع التأمين، ولا نعرف إن استأنس رئيس الوفد برأي هذا القطاع في موضوع عضوية العراق في المنظمة. وفي ظننا إن المعنيين بعضوية المنظمة لا يعيرون اهتماماً بقطاع التأمين. ولم نقرأ أن جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين قد أعدت ورقة موقف تجاه مسألة العضوية وكيفية التكييف مع متطلباتها دون إلحاق أضرار جديدة بقطاع التأمين. إن الاتفاق العام للتجارة في الخدمات، الذي أنجز في جولة أوروغواي (كانون الأول 1993)، يقوم على رفع أو تخفيض القيود القانونية والإدارية على التجارة في الخدمات بهدف التوصل إلى نظام التبادل الحر للخدمات. وبعض ما يهمنا هنا هو أن التجارة في الخدمات "قد تأخذ شكل انتقال الخدمة ذاتها من دولة المورد إلى دولة المستفيد (كما في خدمات البنوك وشركات التأمين والمكاتب الهندسية) ...أو انتقال المشروع المؤدي إلى الخدمة إلى البلد المستفيد(كما في حالة إنشاء شركات أجنبية أو فروع لهذه الشركات) ..."[viii] لقد جاءت صياغة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ضمن هذه الرؤية في تحرير تجارة الخدمات وهو ما تشتكي منه شركات التأمين العراقية. ولعل المزيد من الحيف سيلحق بهذه الشركات إن لم تسعى وبشكل جماعي لبلورة موقف موحد وتشكيل قوة ضاغطة على السلطات التشريعية والتنفيذية حفاظاً على مصالح قطاع التأمين في المفاوضات الجارية مع منظمة التجارة الدولية أذين بنظر الاعتبار أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هي التي ترسم العديد من السياسات وتحرر الأوراق والمستندات التي تطلبها المنظمة. 15. وزارة المالية وزارة المالية تقوم بدور المرجعية لشركات التأمين العامة بضمنها شركة إعادة التأمين العراقية. والانطباع القائم تجاه هذا الدور هو أن الوزارة تساهم في تحجيم تطور شركات التأمين العامة من خلال تدخلها في سياسة الاستخدام وتطبيق مستحقات التمويل الذاتي على العاملين وحتى إقرار السفر من عدمه للوفود لحضور المؤتمرات والندوات. والسؤال هو إلى متى تستمر شركات الـتأمين العامة في الخضوع لأوامر الوزارة ومتى يترك لها حرية التصرف كشركات تجارية؟ مصباح كمال لندن 29 نيسان 2008 الهوامش [i] مرزا مجيد مراد خان "صناعة التأمين في العراق" جريدة الصباح، بغداد 11/7/2006. [ii] أنظر في هذه المدونة مقالتنا المنشورة في 23/4/2008 بعنوان "ملاحظة حول مستقبل شركة إعادة التأمين العراقية" باستخدام الرابط التالي: http://misbahkamal.blogspot.com/ [iii] فيما يخص شرح القانون يمكن الرجوع إلى: هاني النقشلي "أضواء على القانون الجديد للتأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980" رسالة التأمين، العدد 42، تشرين الثاني 1980، ص 4-18. فؤاد عبد الله عزيز، التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل (بغداد [2005]) ص78-89. د. مصطفى رجب، "الجوانب الاجتماعية للتأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات (في القوانين ذات العلاقة)،" التأمين العربي، العدد الخامس والتسعون، أكتوبر- نوفمبر- ديسمبر 2007، ص 6-21. أنظر تلخيصنا لفرادة هذا القانون، مستعينين بالعرض الذي قدمه د. رجب، في مقالة نشرناها في هذه المدونة باستخدام الرابط التالي: http://misbahkamal.blogspot.com/2008_04_01_archive.html [iv] من لا يحب استعمال مصطلح الاحتلال (أو السيادة المنقوصة) عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار ما ينشر من معلومات عن "المحادثات" السرية-العلنية حول الاتفاقية طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية. ويكفي أن ننقل بعض ما أورده راديو سوا بتاريخ 22/04/2008: "دعا وزير الخارجية هوشيار زيباري الإدارة الأميركية إلى تقديم تنازلات في مسائل وصفها بالحساسة تعيق التوصل إلى تفاهم نهائي حول الاتفاقية طويلة الأمد بين بغداد وواشنطن. وقال زيباري إن هذه المسائل تتضمن رغبة واشنطن بالاحتفاظ بحق احتجاز مواطنين عراقيين لمدة غير محددة [إدارة سجون خاصة بها داخل العراق كما هو عليه الحال في الوقت الحاضر] وإعطاء حصانة قضائية للمتعاقدين مع القوات الأميركية وحق هذه القوات في شن هجمات من دون التنيسق مع الجانب العراقي." أو لنقرأ ما جاء في مجلة اقتصادية أسبوعية بريطانية رصينة يمكن الركون إلى صحة المعلومات التي تنشرها MEED 25 April-1 May 2008, page 26. فقد جاء في تعليق تحت عنوان: Baghdad reclaims Umm Qasr and prepares $500m sell-off ما يلي: “The privatisation process can now move ahead,” says a US official in Baghdad> “Hopefully within weeks we will issue requests for proposals from management companies to run the north port, and ask for expressions of interest from operators to run the south port.” [التأكيد من عندنا] [v] لا نعرف تاريخ التوقف إذ أننا تركنا بغداد سنة 1977 ولم يصلنا من المجلة غير الأعداد 41، 42 (صدرتا سنة 1980) و43 (صدرت سنة 1981). [vi] للتعرف على هذه البطاقة يمكن الرجوع إلى كتاب فؤاد عبد الله عزيز، التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل (بغداد [2005]) ص 90-94. [vii] PUKmedia بغداد – حيدر بدرخان، 2008 – 04 - 07 [viii] إبراهيم العيسوي، الغات وأخواتها: النظام الجديد للتجارة العالمية ومستقبل التنمية العربية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1995) ص73-74.

ليست هناك تعليقات: