إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/04/14

لماذا تحرم شركات التأمين العراقية من أقساط التأمين؟ مصباح كمال ورد في خبر منقول عن جريدة حريت التركية (10/3/2008) ان حجم التجارة مع العراق سيزيد عن 10 بليون دولار اعتباراً من سنة 2009 بفضل طرح مناقصات مهمة، وأن الحكومة التركية تهدف إلى أن يكون حجم التبادل التجاري مع العراق 20 بليون دولار في نهاية السنتين القادمتين كما جاء على لسان وزير الدولة التركي كورساد توزمين أثناء ترحيبه بوفد عراقي برئاسة وزير النفط حسين الشهرستاني.[1] هذه أرقام تخص تركيا فما بالك إن أخذت أرقام التبادل التجاري مع دول أخرى! هذه أرقام كبيرة. وحتى لو سلمنا بعدم الدقة في هذه الأرقام أو المبالغة في التقدير فإنها تظل أرقاماً كبيرة. والسؤال الذي ينهض هنا هو: أين موقع شركات التأمين العراقية من هذه التجارة؟ ترى ما هو حجم أقساط التأمين التي اكتتبت بها خلال سنة 2007 وما قبلها؟ والسؤال، مع بعض التحوير، ينطبق أيضاً على جباية الرسوم الجمركية في مناطق الحدود العراقية التركية والعراقية الإيرانية – من هي الجهة التي تقوم بجبايتها ولصالح من؟ مثل هذه الأسئلة تطرح موضوع الدور الحالي الهش للحكومة العراقية في رسم السياسات المالية والاقتصادية وضمان تطبيقها.[2] أسئلة أخرى تثار بهذا الشأن فيما يخص موقف جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق، وهي المؤسسة التي يفترض أنها تقوم برعاية مصالح أعضائها من شركات التأمين. هل قامت مثلاً بمخاطبة الجهات العراقية المعنية بهذا الشأن ومنها وزارتي المالية والتجارة وإن لم تفعل فهل قامت بإعداد ورقة موقف تجاه الموضوع؟ وهل عملت على إعادة النظر في بعض مواد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005؟ ماذا خسرت شركات التأمين العراقية بسبب تسرب أقساط التأمين إلى الخارج؟ حسب المعلومات المتجمعة لدى مجلة البيان الاقتصادية فإن "أقساط التأمين المكتتبة في العراق والتي تقدر بحوالي مليار دولار أمريكي تذهب مباشرة إلى شركات التأمين في الخارج ولا تمر عبر قيود وسجلات شركات التأمين العراقية وذلك خلافاً لأحكام قانون التأمين العراقي."[3] حتى لو سلمنا بعدم صحة هذا الرقم لأنه قد ينطوي على مبالغة ناتجة عن عدم توفر معلومات دقيقة (وليس في العراق معلومات وبيانات دقيقة حتى في قطاع النفط ووزارة المالية التي لم تقدم الحسابات الختامية لموازنة الدولة إلى مجلس النواب منذ 2003) فإنه يؤشر إلى حجم الخسارة والحيف اللاحق بقطاع التأمين العراقي. لا نعزو سوء نية لشركات التأمين وإعادة التأمين والوساطة غير العراقية، فهي مؤسسات تجارية رأسمالية تستهدف الربح وتقتنص الفرص ولا تحركها نوازع أخلاقية، لكن هذه الشركات، دون شك، هي المستفيد الأكبر من بقاء وضع سوق التأمين العراقي على حاله: إهماله من قبل دوائر الدولة العراقية (حيث العقود والمشاريع الكبيرة ولا نتحدث عن القطاع الخاص لضعفه وصغر حجم أعماله رغم أنه المصدر المهم لأقساط شركات التأمين)، عدم النص في عقود المؤسسات الحكومية على إجراء التأمين لدى شركات تأمين مسجلة في العراق، الجوانب السلبية الضارة في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الذي وضعته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.[4] إلى متى يظل حرمان شركات التأمين العراقية من حصتها في الاكتتاب بتأمين أصول ملكيتها تؤل لأطراف عراقية؟ هل أن حرية التجارة التي تعمل من طرف واحد واقتصاد السوق المفتوح التي شرعته قوانين "المستبد بأمره بول بريمر" لا تحتمل الـتأويل لصالح شركات التأمين العراقية؟ هل ستظل شركات التأمين العراقية مجرد دكاكين تتعاطى "خردة" الأخطار التأمينية؟ هل من مجيب؟ مصباح كمال لندن، 14 آذار 2008
[1] Arab-British Business المجلة نصف الشهرية لغرفة التجارة العربية البريطانية، (لندن، 26 آذار 2008) ص 18. [2] أنظر مصباح كمال: "النفط والدولة والسياسة الاقتصادية في العراق" الثقافة الجديدة، العدد 322-323، 2007. [3] البيان الاقتصادية، العدد 437، نيسان/أبريل 2008.
[4] جاء في المادة 81 (أولا) من القانون: "لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون خلاف ذلك." ولم يرد في القانون ما يغاير هذا البند. لمزيد من التفاصيل أنظر مصباح كمال: "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية" الثقافة الجديدة، العدد 318، 2006. نشرت هذه الورقة دون الهوامش التي يمكن الحصول عليها من الكاتب.