إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/04/22

أين موقع العراق في الندوة الخليجية المغاربية المشتركة حول تشريعات وتطبيق التأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية الناجمة عن حوادث المركبات، تونس، 11-12 حزيران 2008 مصباح كمال [1] استلَمتْ شركة الوساطة التي أعمل لديها دعوة للتسجيل لحضور "ندوة خليجية مغاربية مشتركة حول تشريعات وتطبيق التأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية الناجمة عن حوادث المركبات (المرور) (دراسة مقارنة)" ستعقد في تونس العاصمة، 11- 12 حزيران/يونيو 2008 تنظمها هيئة التنسيق لشركات التأمين وإعادة التأمين الخليجية بالتعاون مع الجامعـة التونسية لشركــات التأميـــن وجمعية الإمارات للتأمين. والدعوة موجهة إلى ممثلي: شركات التأمين وإعادة التأمين الخليجية والمغاربيه والعربية أجهزة الإشراف والرقابة على التأمين الاتحادات وجمعيات التأمين العربية دوائـر السيـر والمرور الخليجية والمغاربيه وجاء في كتاب الدعوة أن الندوة تعقد "تجسيداً للتكامل الاقتصادي التأميني بين أسواق التأمين الخليجية وأسواق التأمين المغاربية والعربية نحو تبادل أفضل ومناسبة لإرساء الحوار وربط علاقات متميزة فيما بينها ولمزيد من تفعيل التنسيق بين شركات التأمين الخليجية والعربية وتطوير وتنمية خبرات العاملين بها وفتح المجال لتبادل المعلومات والتعمق في دراسة المشاكل التأمينية (الخليجية / العربية) وتجارب أسواق هذه البلدان في مجال التأمين الإلزامي من حوادث المركبات (المرور). واعتباراً لأهمية التأمين الإلزامي من حوادث المركبات ومكانته المتميزة في قطاع التأمين في البلاد الخليجية والمغاربية والعربية وللإشكاليات التي يطرحها هذا النوع من التأمين، فقد حظي هذا المجال باهتمام المشرع والدوائر ذات الصلة في جميع هذه البلدان. سوف تتناول الندوة بالتحليل والنقاش تبادل [هكذا] الجوانب القانونية والفنية وتبادل الخبرات ومناقشة تقارير أسواق التأمين الخليجية والمغاربية ووجهة النظر الفنية والقانونية لها (دراسة مقارنة) في المجال المشار إليه خاصة في: - تأمين المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات (المرور) (الواقع التطبيقي). - قوانين التأمين الإلزامي في البلاد الخليجية ومدى الحاجة إلى تعديلها وتوحيدها (المحور التشريعي والاقتصادي والاجتماعي في ضوء هيكليات السوق) وعلى ضوء إنشاء السوق الخليجية المشتركة. - قوانين التأمين الإلزامي في البلدان المغاربية والعربية."
ويتضمن برنامج الندوة كما جاء في كتاب الدعوة المواضيع التالية: "موضوع التأمين الإلزامي الناتج عن استعمال العربات البرية ذات محرك في التشريع التونسي. نظام التعويض عن الأضرار اللاحقة بالأشخاص في حوادث المرور في التشريع التونسي. تقديم تجربة سوق التأمين بدولة الإمارات العربية المتحدة. تقديم تجربة سوق التأمين المغربي. تقديم تجربة سوق التأمين بدولة الكويت. تجربة سوق التأمين الجزائري في مجال التأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية الناتجة عن استعمال العربات ونظم تعويض الأضرار. تقديم تجربة سوق تأمين سلطنة عمان. تقديم تجربة السوق الليبي في مجال التأمين الإلزامي من حوادث المركبات (المرور). تقديم تجربة سوق تأمين دولة قطر. تقديم تجربة سوق تأمين مملكة البحرين." [2] لا شك أن التعاون بين سوق التأمين الخليجي والمغاربي أمر يدعو للسرور إذ يقرب بين سوقين مهمين في العالم العربي من حيث حجم أقساط التأمين ومن حيث حداثة السوق في الخليج والعراقة النسبية لسوق التأمين في المغرب العربي. ويظهر أن الاتحاد العام العربي للتأمين غائب عن هذه الندوة تنظيماً وربما حضوراً وهذا استباق للأمور لعل الأيام القادمة تكشف عن عدم صحته. نلاحظ في قرأتنا لبرنامج الندوة غياب أي عرض لتجربة سوق التأمين في المملكة العربية السعودية، ربما لحداثة التجربة وتأخر المشرع في المملكة في إصدار التشريعات المناسبة. ونلاحظ أيضاً غياب العراق في هذه الندوة. عندما جابه سوق التأمين الليبي النتائج الوخيمة للتأمين الإلزامي على السيارات (عدم التناسب بين أقساط التأمين المتدنية جداً وتزايد عدد وحجم مطالبات الطرف الثالث التي ساهمت في تآكل احتياطيات شركة ليبيا للتأمين) عقدت ندوة تحت عنوان "التأمين الإجباري للسيارات: مشاكل وآفاق المستقبل، بنغازي 23-24 تشرين الأول/أكتوبر 1999." وكانت ندوة ثرة ساهم فيها عدد من أركان صناعة التأمين العربية. وتم عرض التجربة العراقية في ورقة مكثفة من قبل الزميل السيد عبد الخالق رؤوف خليل، الأمين العام الحالي للاتحاد العام العربي للتأمين. وأثمرت الندوة وقتها عن قرار من وزارة الاقتصاد الليبي لرفع أسعار التأمين الإلزامي على السيارات ومن ثم وضع سقف للمطالبة ومن يحق لهم المطالبة. وقد دعيتُ لإلقاء محاضرة في الندوة وكانت بعنوان "مقتربات لدراسة آثار السيارة وتأمين المسؤولية المدنية" فاخترت منهجاً تصورياً ركز على ثلاث مقتربات هي: خطر السيارة وخطر الذهنية خلف مقودها، التأمين التجاري أم تحويل عبء المسؤولية على خزينة الدولة؟، هل أن الخسارة في محفظة تأمين السيارات ظاهرة ليبية فريدة؟ ضرورة الدراسة المقارنة. لا أذكر إن وجدت هذه المحاضرة طريقها للنشر في مجلة التأمين العربي. ودعوتي ربما كانت بدافع تقديم مداخلة من طرف أجنبي، خارجي، عن السوق. أذكر هذا للإشارة إلى أن مشكلة خاصة بسوق محدد، السوق الليبي في هذه الحالة، قد تجد من ينظر إليها من الخارج نظرة المتفحص والناقل لتجارب الغير. وهذا ما حصل في الندوة الليبية والفضل في ذلك يعود إلى منظميها في السوق الليبي. أذكر أن ممثلي السوق التونسي قدموا عرضاً تفصيلياً لتجربتهم في الندوة الليبية. ونلاحظ أن كادر المحاضرين في الندوة المشتركة لا يضم ممثلين من خارج السوق الخليجي والمغاربي. [3] لا يصنف العراق على المستوى الرسمي كدولة خليجية، والدول التي تحمل هذه الصفة في الأدبيات الشائعة والصحافة اليومية هي الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. استبعاد العراق وبلدان عربية أخرى كمصر من الندوة، ضمن هذا الإطار، أمر مفهوم إلا أن سؤالنا في عنوان هذه الورقة ينصب على استبعاد التجربة العراقية في التأمين الإلزامي على السيارات. فهذه التجربة فريدة تقوم على مبدأ افتراض المسؤولية الناتجة من استعمال السيارات وليس الاعتماد على ركن الخطأ الذي ينتظم مفهوم المسؤولية التقصيرية. يقول د. مصطفى رجب: " .. استبعد قانون التأمين الإلزامي المسؤولية المبنية على الخطأ كلياً واعتمد المسؤولية غير المستندة إلى الخطأ أو المسؤولية المبنية على تحمل التبعة ... فما دامت الوفاة أو الإصابة البدنية ناشئة عن استعمال سيارة فإن التعويض يستحق بصرف النظر عن وجود أو عدم وجود خطأ بل أن خطأ المصاب لا يغير من الموقف شيئاً بل والسبب الأجنبي كذلك ..."[1] ويبرز د. رجب مزايا أخرى في القانون العراقي: "ويتصف القانون العراقي بكونه ينظم العلاقة بين المضرور ومسبب الضرر وشركة التأمين تنظيماً قانونياً آمراً وبالتالي فإنه يستبعد العلاقة العقدية في هذا الميدان فلا وجود لوثيقة التأمين." ويضيف د. رجب: "كما أنه [القانون العراقي] أورد أساساً يمكن أن يعتبر تجديداً على المستوى الدولي وهو تلقائية التأمين أي ان حودث السيارات مؤمنة تلقائياً دونما حاجة إلى تدخل صاحب السيارة وقيامه بالتعاقد مع شركة التأمين." "واعتبر جميع المصابين من حوادث السيارات مشمولين بالتغطية التأمينية القانونية بما فيهم الركاب والسائق ..." "ولم يحدد القانون حداً أعلى لمسؤولية شركة التأمين كما أنه لم يضع جدولاً تحدد بموجبه التعويضات ..." "وحتى الضرر الأدبي لم يستبعده القانون العراقي، كما تفعل الكثير من القوانين التي تأخذ بمبدأ المسؤولية غير المستندة إلى الخطأ ... وإن كان المشرع العراقي قد قصر حق المطالبة في التعويض عن الضرر الأدبي على زوج المتوفى وأقاربه من الدرجة الأولى الذين أصيبو[ا] بآلام حقيقية وعميقة." ويمضي د. رجب في إبراز فرادة القانون العراقي بالقول: "وتجديد آخر يمكن أن يعتبر علاجاً لبطئ الإجراءات القضائية الذي تشكي منه الغالبية العظمى من الدول المتقدمة والنامية هو إحالة المطالبات المتعلقة بالتعويضات بسبب حوادث السيارات المشمولة بالقانون رقم 52 لسنة 1980 إلى (لجان خاصة) تختص في تقدير التعويض طبقاً للقانون ..." لا ندعي أن التجربة العراقية هي المثلى وهي لم تخضع بعد، حسب علمنا، لتحليل اقتصادي وتنظيمي ورصد لآثاره على صناعة التأمين العراقية. وقد دعونا غير مرة إلى تقييمه في ضوء التجربة المتراكمة لدى شركة التأمين الوطنية وإعادة النظر في الدور الاستفرادي المنوط بهذه الشركة في إدارة التأمين الإلزامي في ظل التغيير في بنية سوق التأمين العراقي بعد تأسيس شركات تأمين خاصة. [4] غياب العراق من مثل هذه الندوات لا يعطل عمل الندوة الخليجية المغاربية المشتركة ولا يثلم من القدرات المتوفرة لدى كادر المحاضرين في معالجة مشاكل التأمين الإلزامي على السيارات إلا أننا نرى أن المشاركة العراقية من خلال محاضرة أو حتى من خلال حضور بعض أركان السوق العراقي في الندوة والمشاركة في المناقشات سيثري الندوة، كما أنه يوفر في ذات الوقت الفرصة للمشاركين العراقيين في الاستفادة من تجارب الغير تمهيداً للنظر في تاريخ وتجربة ونتائج تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته المعروف بقانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات. ومن المناسب أن نذكر هنا أن العراق كان ثالث دولة تصدر قانوناً لتأمين المسؤولية المدنية على السيارات بعد مصر وتونس.
مشاركة العراقيين في الندوة يبقى محصوراً في باب التمني فشركات التأمين الخاصة ليست معنية في الوقت الحاضر بالموضوع بسبب استفراد شركة التأمين الوطنية بإدارة مطالبات التأمين الإلزامي فهي في غنى من الإنفاق على سفر وإقامة ممثليها في ندوة كهذه. أما شركات التأمين العامة فهي لا تتمتع باستقلالية في اتخاذ قرار بمشاركة منتسبيها في الندوة فمثل هذا القرار ما زال حكراً على وزارة المالية. ونعرف أن الوزارة، ولأسباب غير معروفة، لا تشجع على المشاركة في ندوات ومؤتمرات ونشاطات تأمينية ماثلة خارج العراق كما بان ذلك من خلال رفض السماح لوفد شركات التأمين العامة المشاركة في المؤتمر السابع والعشرون للاتحاد العام العربي للتأمين الذي انعقد في المنامة (أنظر بهذا الشأن مصباح كمال: مشاركة سوق التأمين العراقي في المؤتمــر العـام السابــع والعشـرون للاتحـاد العـــام العربي للتأميـــن، المنامة، البحرين، 26-28/2/2008 المنشور في هذه المدونة بتاريخ 13/2/2008 باستعمال الرابط التالي: http://misbahkamal.blogspot.com/2008_02_01_archive.html وهكذا يظل سوق التأمين العراقي بعيداً عن النشاطات الفكرية التأمينية في العالم العربي. نأمل أن لا يظل السوق هامشياً ومهمشاً والأمر، بعد هذا وذاك، هو في يد أركان ومؤسسات التأمين العراقية، فمتى لها أن تنهض من رقدتها الطويلة؟ مصباح كمال لندن، 22 نيسان 2008
الهوامش [1] د. مصطفى رجب، "التأمين الإلزامي من السيارات: مسؤولية من دون خطأ،" قدمت في ندوة عقدت في طرابلس، ليبيا، حزيران 1989، شركة ليبيا للتأمين، بدعم من شركة الوسطاء المتحدون)، ص 14. أنظر أيضاً: د. مصطفى رجب، "الجوانب الاجتماعية للتأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات (في القوانين ذات العلاقة)،" التأمين العربي، العدد الخامس والتسعون، أكتوبر- نوفمبر- ديسمبر 2007، ص 6-21. د. رجب هو الرئيس والمدير العام الأسبق لشركة إعادة التأمين العراقية والمدير العام السابق لشركة الظفرة للتأمين في دولة الإمارات العربية المتحدة ويعمل حالياً مستشاراً للتأمين من مقره في إمارة أبو ظبي. [2] اعتماداً على المعلومات الواردة في مجموعة قوانين التأمين الإلزامي على السيارات في البلاد العربية (القاهرة: الاتحاد العام العربي للتأمين، [ط 2]، 1996. صدرت الطبعة الأولى سنة 1989)، كان تاريخ صدور القوانين كالتالي: 1955 مصر 1960 تونس 1964 العراق 1967 فلسطين 1969 المغرب 1971 ليبيا 1973 الصومال 1974 الجزائر 1974 سورية 1976 الكويت 1977 لبنان 1979 قطر 1983 السودان 1985 الأردن 1987 البحرين 1991 اليمن 1994 عمان 1995 الإمارات العربية المتحدة