ملاحظة حول حضور التأمين في المصرف الصناعي في منتصف القرن العشرين |
|
نشر أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين
مصباح-كمال-ملاحظة-حول-حضور-التأمين-في-المصرف-الصناعي-في-منتصف-القرن-العشرين.pdf
المصرف الصناعي، قانون تأسيس مصرف صناعي رقم 12 لسنة
1940 والإرادة الملكية المرقمة 248 والمؤرخة 26/5/45 ونظامه رقم 41 لسنة 1947 وعقد
تأسيسه ونظامه الداخلي (بغداد: مطبعة الحكومة، 1948)
وهو ما سنركز عليه في هذا
المقال. فيما يلي سأقتبس ما ورد في هذا
الكراس من إشارات للتأمين متبوعًا بتعليقات قصيرة. من المؤسف أن لا يضم الكراس مقدمة للتعريف بهدف
نشره والتعريف بالمصرف الصناعي نفسه.
الهدف وراء تأسيس المصرف
يعود تاريخ
إنشاء المصرف إلى عام 1935 من قبل الحكومة العراقية باسم المصرف الصناعي
الزراعي. بعد خمس سنوات أقدمت الحكومة على
فصل النشاط الصناعي كمصرف صناعي مستقل يتولى المساهمة في تطوير قطاع الصناعة
العراقي العام والخاص والمختلط. وهو الآن
مسجل كشركة عامة وفق أحكام قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997.
وهنا ينهض
سؤال: هل كانت فكرة تأسيس البنك الصناعي عراقية صرفة أم جاءت بالتنسيق مع
المستشارين البريطانيين المبثوثين في العديد من مؤسسات الدولة العراقية لممارسة
"السيطرة من خلال النفوذ"؟[3]
وكما يرد في المادة الثانية
من قانون تأسس
مصرف صناعي رقم 12 لسنة 1940 فإن الهدف هو "انهاض صناعة البلاد ومساعدتها ويقوم
المصرف بوجه خاص بالأعمال التالية:
أ-
القيام بمشاريع صناعية على
حسابه الخاص مباشرة.
ب-
تأليف شركات مساهمة صناعية
خاصة أو عامة والاشتراك بأسهمها.
ج- المساهمة في
شركات صناعية موجودة أو تؤلف لهذه الغاية.
د- التسليف على المواد الأولية المستوردة لحساب
أصحاب المصانع وعلى منتوجاتهم المصدرة.
هـ- إقراض
أصحاب المصانع والمشاريع الصناعية بقصد تأسيس المصانع أو توسيعها أو تحسينها.
و- التوسط في
استيراد المواد الأولية لحساب أصحاب المصانع وفي تصدير منتوجاتهم.
ز- تسليف التجار
الذين يتعاطون مع مؤسسات المصرف ويشترون ويبيعون موادا أو منتجات لها علاقة
بالمشروع لقاء تأمينات وشروط تعين بنظام."
بفضل أحكام
هذه المادة يستطيع البنك أن يلعب دورًا في توفير التمويل اللازم للنشاط الاقتصادي
الخاص والعام والمختلط (الائتمان القصير والطويل الأجل)، مع التأكيد، كما تقضي
المادة الثالثة، على أنه "لا يجوز للمصرف أن يقرض أو يساهم في مشاريع صناعية
إلا إذا كانت أكثرية رؤوس أموالها عراقية."
وهو ما يؤشر على نزعة وطنية عراقية.
وبهذا الشأن نقرأ ما يفيد أن الحكومة العراقية طلبت عام 1933 من الشركات
الأجنبية العاملة في العراق استبدال مستخدميها من الأجانب بمستخدمين عراقيين، قدر
المستطاع.[4]
مساهمة المصرف الصناعي في
رأسمال شركة التأمين الوطنية
فيما يخص
قطاع التأمين فإن المصرف الصناعي ساهم في رأسمال شركة التأمين الوطنية عام 1950
عند تأسيسها كشركة حكومية وبنسبة 12.5% من رأسمال الشركة إلى جانب مساهمة المصرف
الزراعي والمصرف العقاري ومصرف الرافدين.
لا تصنف شركة التأمين الوطنية كشركة صناعية ومع هذا فإن المصرف ربما يكون
قد تجاوز هدف القانون (المادة الثانية-ب- تأليف شركات مساهمة صناعية خاصة أو عامة
والاشتراك بأسهمها) لأسباب غير معروفة.[5]
هل ساهم المصرف في رأسمال شركات تأمين أخرى؟
لا نعرف إن
كان المصرف الصناعي قد شارك في رأسمال شركات تأمين أخرى. نعرف بأن بعض المصارف ساهمت في رأسمال شركة
إعادة التأمين العراقية لكن المعلومات عن أسماء المساهمين ليست متوفرة في الأدبيات
التي أطلعنا عليها. نقرأ في المادة الرابعة من قانون تأسيس شركة إعادة
التأمين العراقية رقم 21 لسنة 1960 شركة مساهمة ما يلي:
1-
للجهات التالية ان تساهم في رأسمال الشركة بالنسبة المبينة ازائها:
ا-
الحكومة والمصالح والمؤسسات والمصـارف الرسمية وشبه الرسمية بستين بالمئة.
ب-
يطرح اربعون بالمائة من اسهم الشركة للاكتتاب به في اكتتاب عام. وفي حالة بقاء اسهم غير مكتتب بها فان الجهات
المذكورة في الفقرة الاولى تلتزم بالاكتتاب بها بنفس النسبة. وتطبق نفس النسبة في حالة زيادة رأسمال الشركة.
2-
يعتبر معدلا كل نصّ يخالف احكام هذه المادة في قوانين وانظمة تأسيس المؤسسات
والمصالح والمصارف وشبه الرسمية وذلك لغرض تطبيق احكام هذا القانون.[6]
وقبل عدة
عقود كتب أحد الكتاب ما يلي حول هذه المادة:
نصت المادة
الرابعة من قانون تأسيس هذ الشركة على أن تساهم الحكومة والمصالح والمؤسسات والمصارف
الرسمية وشبه الرسمية بنسبة ستين بالمائة من رأس المال ويطرح الباقي للاكتتاب في
القطاع الخاص. ... وبعد طرح الأسهم للاكتتاب، لم يكتب من القطاع الخاص سوى 9% فقط
ساهم بمعظم هذه النسبة بعض شركات التأمين العاملة في العراق.[7]
ليس معروفًا أسماء الأطراف
التي شاركت في رأسمال شركة إعادة التأمين العراقية عند تأسيس الشركة (1960). لقد
بحثت في مكتبتي الصغيرة عن التأمين في العراق ولم أستطع الحصول على أسماء الأطراف
المساهمة في رأسمال شركة إعادة التأمين العراقية وقت تأسيسها عام 1960. وبحثت أيضاً في الشبكة العنكبوتية وسألت بعض
الزملاء القريبين من الشركة لكنني لم أحصل على ما هو مبتغى. يؤشر هذا على فقر المعلومات الخاصة بتاريخ
التأمين في العراق.
نظام المصرف
الصناعي رقم 41 لسنة 1947 ومتطلبات التأمين
نقرأ في ص
6-7 المادة الحادية عشرة التي تنص على الآتي:
إذا قرر المجلس قبول مال
منقول أو غير منقول تأمينا لديه وكان ذلك المال معرضا لخطر الحريق فيجب أن يؤمن
عليه في إحدى شركات الضمان (السكورتا)[8]
التي يعتمد عليها المصرف ويكلف صاحب المال اما بإجراء معاملة التأمين بذاته وعلى
نفقته وتحويل مستند التأمين (البوليسة) لأمر المصرف واما بتخويل المصرف اجراء
معاملة التأمين على أن يدفع صاحب المال النفقات الضرورية لها.
يفهم من هذه
المادة أن المصرف قد يطلب تأمينًا (ضمانًا) لما يقدمه من تسليف أو إقراض لأصحاب
المشاريع الصناعية. وقد يكون هذا المال
منقولاً (قابلاً للنقل دون فقدان صورته الأصليّة كالمجوهرات الذهبيّة) أو غير
منقول (كالأبنية والعقارات، المعدات وأدوات
العمل، المعادن قبل أو بعد الاستخراج، المزارع، المخزون).
إذا كانت هذه الأموال مُعرّضة لخطر
الحريق يجب التأمين عليها من هذا الخطر (لا يرد ذكر لأخطار أخرى كالسرقة أو أخطار
الطبيعة كالفيضانات وهي أخطار يمكن أن تتعرض لها المجوهرات). ويجب إجراء التأمين مع شركة تأمين معتمدة لدى
المصرف من قبل صاحب المال وعلى نفقته مع تسمية المصرف كمستفيد من غطاء وثيقة
التأمين (وهو المعني بتحويل assignment
مستند التأمين (البوليسة/وثيقة التأمين) لأمر المصرف. أو يتولى المصرف بنفسه إجراء التأمين على أن
يتحمل صاحب المال النفقات الضرورية لمعاملة التأمين (مصاريف الكشف على المال، مصاريف
تخمين قيمته، وقسط التأمين). وتؤكد المادة الرابعة عشر
من نظام المصرف تحميل المقترض بأعباء "جميع ما يُصرف لإجراء معاملة التأمين
والرهن كنفقات الكشف وأجور المخمنين وأجرة خزن المنتوجات وتحرير العقود وتسجيلها
وأجور الضمان ..." ويجري التأكيد على
هذا الشرط في المادتين التاليتين (ص 34):
المادة
السادسة والعشرون – اذا بيعت المنتوجات المصدرة بشرط قبض ثمنها من المشتري عند
تسلمها فللمصرف أن يسلف أصحابها مبلغ لا يزيد عن 70 بالمائة من ثمن بيعها في محل
تسليمها عند أخذه بوليسة الشحن والتأمين (السيكورتا) محولتين لأمره على أن يدفع
صاحب المنتوجات نفقات الشحن والتأمين مقدما.
المادة
السابعة والعشرون – يستوفي المصرف عمولة عن توسطه في التصدير يتفق عليها مع أصحاب
المنتوجات تضاف إليها فائدة المبالغ المسلفة ونفقات الشحن والتأمين والمخابرات
البريدية والبرقية والتلفونية عند الحاجة.
ونقرا في المادة
الثانية عشرة (ص 7):
إذا تبين للمصرف أن
الأموال المنقولة المرهونة لديه معرضة لخطر التلف ينذر المدين بأن يتخذ التدابير
المانعة لوقوع الخطر في مدة لا تتجاوز خمسة أيام وعند عدم إجراء المدين الاحتياطات
التي تدرأ الخطر فللمصرف ان يتخذ ما يراه مناسبا من التدابير على نفة المدين وان
كان خطر التلف لا يمكن الحيلولة دونه فللمصرف بقرار من المجلس ان يبيع الأموال
المرهونة فورا بعد الانذار.
الأموال
المنقولة المرهونة هنا تضم الأموال المنقولة المقدمة كضمانة للمصرف لأغراض الحصول
على التسليف أو الإقراض. ويتعين على
المستلف أو المقترض اتخاذ التدابير المانعة لوقوع خطرَ تلفٍ (ضرر) تتعرض لها
الأموال المنقولة خلال مدة لا تتجاوز خمسة أيام.
الاشتراط هنا هو على اتخاذ التدابير المانعة لوقوع الخطر وليس التأمين منه
لأنه من المفترض، عادة، أن تكون الأموال المنقولة سليمة وصالحة للاستعمال كي تكون
قابلة للتأمين.
كيف يتسنى
للمصرف معرفة إمكانية تعرّض المال المنقول إلى خطر التلف؟ تنشأ هذه المعرفة، وارتباطًا بالمادة الحادية
عشرة، بفضل معاملة إجراء التأمين التي تشمل الكشف الموقعي على الأموال للتعرف على
سلامتها من أخطار محتملة يمكن أن تتسب في تضررها (انهيارها). على سبيل المثل، احتمال التعرض لخطر الفيضان،
أو ضعف في الدعامات/الجدران الساندة التي إن ظلت دون تدابير مانعة لتحقق الخطر فغياب
التدابير قد يؤدي إلى انهيار البنيان. أي إن
المطلوب هو اتباع إجراءات إدارة الخطر: تشخيص مصدر الخطر، احتمال تحققه وما يترتب
عليه من ضرر، واتخاذ الإجراءات المناسبة للحيلولة دون تحقق الخطر أو تحويل آثار
الخطر إلى طرف آخر (شركة التأمين) في حال عدم كفاية الإجراءات الوقائية بحد ذاتها.
وكما بالنسبة
للتأمين من خطر الحريق وعند عدم إتخاذ المدين الاحتياطات التي تدرأ الخطر فللمصرف ان يتخذ ما
يراه مناسبًا من التدابير على نفقة المدين. وإذا كان خطر التلف لا يمكن الحيلولة دونه
فللمصرف بقرار من المجلس (مجلس إدارة المصرف الصناعي) ان يبيع الأموال المرهونة
فورًا بعد انذار المقترض (وذلك لضمان حصول المصرف على ما يعوضه عن خسارة عدم
استرداد القرض من المقترض).
[1] من خلال بحث سريع في الشبكة العنكبوتية
استهدينا إلى بعض الدراسات الأكاديمية لكنها غير ذي صلة بموضوع مقالنا. أنظر على سبيل المثل: دینا طالب وعبید خیون
الخفاجي، "دور المصرف الصناعي العراقي في تطویر القطاع الصناعي
المختلط،" مجلة دراسات محاسبیة و مالیة، المجلد الثامن، العدد ٢٤، الفصل الثالث، ٢٠١٣. jpgiafs,+(9)د.عبيد (1).pdf
كما أن هناك عدد من بحوث الدبلوم العالي في
التأمين، المعهد العالي للدراسات المالية والمحاسبية، جامعة بغداد، وهي أيضًا غير
ذي صلة، تدرس مكانة التأمين وإدارة الخطر في بعض المنشآت العامة ومنها:
مهدي صالح حميد علي، دور وأهمية التأمين
في المنشأة العامة للصناعات الكهربائية (1979)،
عذراء عبد الهادي، تقييم مخاطر أنشطة
الشركة العامة للصناعات الجلدية في ظل ظروف السوق المحلية (2016)
أسيل مهدي صالح، تقييم إدارة الخطر في
الشركة العامة للصناعات الميكانيكية باعتماد المواصفات (2017)
[2] أشكر الدكتور محمود علي كمال على إرسال نسخة مصورة من هذا الكراس وإشارته
إلى أنه يضم فقرات لها علاقة بالتأمين.
الكراس مصور كملف بي دي إف، أصله كان محفوظًا
في مكتبة جامعة برنستون في الولايات المتحدة Princeton University Library
يمكن قراءة الكراس
بالنقر على هذا الرابط:
https://jpgiafs.uobaghdad.edu.iq/index.php/JAFS/article/download/587/365/744
[3] للتعريف بدور المستشارين البريطانيين في
الوزارات العراقية وبعض مؤسسات
الدولة أنظر:
Joseph Sassoon, Economic Policy in Iraq,
1932-1950 (London: Frank Cass, 1987), pp 21-28.
نتمنى على الباحثين الشباب دراسة وتقييم دور المستشارين الأجانب الذين
عملوا في العراق بعد الغزو والاحتلال الأمريكي (2003).
[4] Joseph Sassoon, op cit, p 25.
[5] مساهمة البنك الصناعي في تأسيس مشاريع صناعية، أو الاشتراك بأسهمها، أو
التسليف أو الإقراض موضوع يحتاج إلى بحث تاريخي-اقتصادي هو خارج قدراتنا.
[6] مجلس القضاء الأعلى، قاعدة التشريعات العراقية:
https://iraqld.e-sjc-services.iq/LoadLawBook.aspx?page=1&SC=&BookID=3586
[7] كاظم الشربتي، التأمين نظرية وتطبيق
(بغداد: مطبعة الإرشاد، الطبعة الخامسة، 1974.
صدرت الطبعة الأولى عام 1964)، ص 123-124.
فيما يلي نص المادة الرابعة من قانون تأسيس شركة إعادة التأمين
العراقية رقم 21 لسنة 1960 شركة مساهمة (مجلس القضاء الأعلى، قاعدة التشريعات
العراقية):
"1- للجهات التالية ان تساهم في رأسمال الشركة بالنسبة المبينة
ازائها:
ا- الحكومة والمصالح والمؤسسات والمصـارف الرسمية وشبه الرسمية بستين
بالمئة.
ب- يطرح اربعون بالمائة من اسهم الشركة للاكتتاب به في اكتتاب
عام. وفي حالة بقاء اسهم غير مكتتب بها
فان الجهات المذكورة في الفقرة الاولى تلتزم بالاكتتاب بها بنفس النسبة. وتطبق نفس النسبة في حالة زيادة رأسمال الشركة.
2- يعتبر معدلا كل نصّ يخالف احكام هذه المادة في قوانين وانظمة تأسيس
المؤسسات والمصالح والمصارف وشبه الرسمية وذلك لغرض تطبيق احكام هذا
القانون."
https://iraqld.e-sjc-services.iq/LoadLawBook.aspx?page=1&SC=&BookID=3586
[8] (السكورتا) وتكتب أيضًا (السيكورتاه) بمعنى التأمين، وكانت شائعة الاستعمال
قبل 1950. وهناك قانون يحمل عنوان قانون
شركات الضمان (أي السيكورتاه) العثماني لسنة 1905، ويشكّل جزءًا من تاريخ التشريع
في العراق. أنظر مصباح كمال، أوراق في
تاريخ التأمين في العراق: نظرات انتقائية (بغداد: منشورات شركة التأمين
الوطنية، 2011)، ص 28-38.
كلمة (البوليسة) أو (البوليصة) policy
هي الأخرى كانت شائعة، وحتى اليوم فإن بعض الكتاب، وخاصة في
لبنان، يميل إلى استخدام (البوليصة) بدلاً من وثيقة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق