وقفة مع جدول
تسعير أخطار التأمين الهندسي
مصباح كمال
(1)[1]
كان الطلب على التأمين الهندسي قائماً بقوة تعليمات
الدولة، ولم يكن الطلب الفردي، خارج العقود الإنشائية للدولة، يُشكّل عنصراً مهماً
في محفظة التأمين الهندسي. يعني هذا أنه
لم تكن هناك حاجة حقيقية لإنتاج أعمال التأمين الهندسي، كما كان عليه الحال
بالنسبة لبعض فروع التأمين الأخرى كالحريق أو التأمين على الحياة (بالنسبة لشركة
التأمين العراقية) التي كانت تعتمد على طاقم من المنتجين في الشركة وعدد من وكالات
التأمين الخاصة النشطة. كانت الهيئة
التوجيهية لمجلس التخطيط توفر التعليمات الضرورية لإجراء التأمين الهندسي للمشاريع
الحكومية بالشكل الصحيح. "فقد أصدرت
الهيئة التوجيهية قرارها المرقم 4 في بتاريخ 23/11/1971 وأوصت بما يلي:
1.
اعتماد النص الموحد لشروط التأمين في كافة عقود المقاولات الهندسية المدنية
التي تنفذ لصالح القطاع العام.
2.
عدم توقيع العقد مع المقاول (خاص أو عام) بعد الإحالة ما لم يقدم استشهاداً
من شركة التأمين بأن معاملة التأمين هي قيد الإنجاز.
3.
عدم صرف أية سلف أو مستحقات مالية إلى المقاول ما لم يقدم وثيقة التأمين
المطلوبة. ويكون المدير المالي أو المحاسب
مسؤولاً خلاف ذلك.
وصدرت بعدها تعليمات أخرى لا أتوفر على نصوصها ومنها
توحيد شروط عقود المقاولات الكيمياوية وغيرها.[2]
من المستغرب أن تخلو العقود الإنشائية من شرط
التأمين. والعقد موضوع هذه المقالة ربما
كان خالياً من هذا الشرط. إذا كان هذا هو
الواقع فإن فيه تقصيراً إدارياً يدل على إهمال للمخاطر التي تكتنف تنفيذ العقود
الإنشائية. ولنا أن نتساءل ما هو وظيفة
مكتب المفتش العام في هذه الشركات؟ أليس
من المناسب أن يهتم بصحة صياغة العقود وتحديد عبء المسؤوليات التعاقدية فيها؟ أم يترك الأمر لدائرة التدقيق والمتابعة في
ديوان الرقابة الاتحادي للنظر فيه في المستقبل؟
من المناسب هنا تذكير القراء بأن الدولة، قبل أن
يبتلعها الحزب الذي وضع نفساً مالكاً لها، وضعت ضوابط لتوفير الحماية التأمينية
للمشاريع الحكومية إذ أصدرت الهيئة التوجيهية لمجلس التخطيط قراراً في 23 تشرين الثاني
1971 أوصت فيه الآتي:
1.
اعتماد النص الموحد لشروط التأمين في كافة عقود
المقاولات الهندسية المدنية التي تنفذ لصالح القطاع العام.
2.
عدم توقيع العقد مع المقاول (الخاص أو العام)، بعد
الإحالة، ما لم يقدم استشهاداً من شركة التأمين بأن معاملة التأمين هي قيد الإنجاز.
3.
عدم صرف أية سلف أو مستحقات مالية إلى المقاول ما لم
يقدم وثيقة التأمين المطلوبة. ويكون
المدير المالي أو المحاسب مسؤولاً خلاف ذلك.
ورغم أن القرار جاء بصيغة "توصيات"
إلا أنها تحولت إلى توجيهات ملزمة بفعل الممارسة حتى أن المقاول، العراقي أو
الأجنبي، الذي كان يتغاضى عن التأمين يضطر في نهاية الأمر إلى استصدار ما كان يعرف
بأجر المثل كي يستطيع غلق حساباته مع رب العمل (صاحب المشروع) واستلام مستحقاته
منه.[3]
أما التزام شركات المقاولات الأجنبية بالتأمين على
المشاريع التي تقوم بتشييدها وكذلك الاستشاريين صحيح، إلا أن هذا لا يعني أن هذه
الشركات تقوم بإجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة ومرخصة بمزاولة التأمين في
العراق. معظمها تقوم بالتأمين مع شركات
تأمين عراقية، ولكن بحدود متدنية جدًا، لتوفر لنفسها فرصة التأمين مع شركات تأمين
في أوطانها إما مباشرة أو من طريق وسطاء التأمين وإعادة التأمين الدوليين أو من
طريق شركات التأمين المقبوضة لها وضمن ترتيبات معينة. وهذا الوضع ينطبق على عقود المقاولات الكبيرة
ومنه عقود جولات التراخيص النفطية.
أما بالنسبة للشركات الهندسية الاستشارية فإنها هي
الأخرة تقوم بإجراء التأمين من أخطار تأمين المسؤولية المهنية في أوطانها. ومما يسهل عليها هذا الأمر هو أن هذا المنتج
التأمين ليس معروفًا في سوق التأمين العراقي.
(2)
جاء في خبر منشور في النشرة
الإلكترونية للاتحاد العام العربي للتأمين، العدد 242، آذار/مارس 2024،[4]
أن ديوان التأمين العراقي ألزم "شركات التأمين كافة باتباع قواعد السلوك
المهني والالتزام بـ "تسعيرة" أخطار التأمين الهندسي. استفسرت من أحد
الزملاء في بغداد عن هذه التسعيرة فأفادني بأنها جدول لتسعير عدد من أخطار التأمين
الهندسي. (أنظر نص الجدول كما ورد في كتاب ديوان التأمين بتاريخ 29 شباط 2024 في
ملحق هذه المقالة).
يضم جدول التسعير (صفحة واحدة)،
الملحق بكتاب ديوان التأمين، تصنيفًا لأحد عشر نوعًا من المشاريع مع ذكر عدد
الطوابق والسراديب لنوعين من هذه المشاريع هما: الأبنية السكنية والمكاتب، وأبنية
المصارف والفنادق والمستشفيات والمدارس، وأسعار التأمين على هذه المشاريع. يلاحظ
على هذا الجدول غياب تسعير الصناعات النفطية والبتروكيمياوية، وفئة المشاريع في
المناطق المغمورة offshore risks (ربما لأن
تسعير هاتين الفئتين يجري خارج العراق من قبل شركات إعادة التأمين التي تتعامل
معها شركات التأمين العراقية).
ويضم
الكتاب أيضًا ثمانية التزامات يتعين على شركات التأمين العمل وفق ما جاء فيها. وهذه
الالتزامات/التعليمات ما هي إلا محاول أولية، في تقديرنا، لتنظيم عملية الاكتتاب
بأخطار التأمين الهندسي. ولذلك، فهي بحاجة إلى مراجعة وتطوير عند إصدار طبعة ثانية
منها.
جدول التسعير هذا موجه لست
وثلاثين شركة تأمين عاملة في العراق.
ويبدو أن معظمها تمارس التأمين الهندسي دون أن يكون لها قسم للتأمين
الهندسي يضم مكتتبين مؤهلين في فرع التأمين الهندسي ومهندسين مدنيين/ميكانيكيين
اكتسبوا معرفة بالمبادئ الأساسية للتأمين والتأمين الهندسي على وجه الخصوص. أصحاب
مثل هذه الشركات، البعيدين عن التأمين، هم ممن يصنفون بالرأسمالين الهلاميين،
والبعض منهم مرتبط بفساد الانتفاع السريع من ريع الدولة ومن الذين يدفعون شركاتهم لتحقيق
الأرباح السريعة من خلال إصدار وثائق التأمين الهندسي بدون ضوابط، وليس بناء شركات
تأمين رصينة ذات موارد مالية مناسبة وكوادر بشرية مؤهلة. هم مع غيرهم صاروا يشكّلون
ما صار يعرف برأسمالية المحاسيب crony
capitalism
الناشطة في العراق وخاصة بعد 2003.[5]
لا نتوقع من الديوان أو جمعية
التأمين العراقية الاهتمام بهذا التوصيف لبعض شركات التأمين إذ أنهما يكتفيان
بالنظر إلى قضايا التأمين الهندسي على أنها مجرد مسألة تسعير للأخطار وفق المعدلات
المذكورة في جدول التسعير. وهذا موقف ينقصه النظرة الموسعة للاكتتاب بأخطار
التأمين الهندسي. ويكتفي الديوان بالتطبيق الحرفي لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة
2005 فيما يخص ترخيص شركات التأمين. فهو في وضع لا يستطيع معه، على سبيل المثل،
إثارة السؤال حول مصادر تمويل رأسمال الشركات والهيكل التنظيمي الفني لها.
(3)
عرضت موضوع هذا الكتاب وجدول
التسعير على بعض زملائي. وقد وردني من الزميل الجليل والصديق منعم الخفاجي بتاريخ
15 آذار 2024 التعليق التالي:
لا علم لي بهذه المعلومة، أما تعليقي فهل يصح تسمية
أسعار بعض الأخطار بالتعرفة فالتعرفات التي عرفناها لا تقتصر على جدول أسعار، أنما
تتضمن كل المعلومات الاكتتابية كما تعرف عزيزي مصباح. على أي حال، من أصدر هذه الضوابط وألزم شركات
التأمين بها يفتقر للمعرفة بقواعد التعرفة ومبادئ التأمين. فوضع تعرفة يستلزم المعرفة بمبادئ التأمين وكل
ما له علاقة بنوع التأمين وهذا غير متوفر بشكل مطلق، فلمن يرغب بوضع تعريفة
للتأمين الهندسي عليه الرجوع إلى اسس التسعير الارشادية الصادرة عن شركة ميونخ
لإعادة التأمين (Munich Re Rating Guides) المطبقة في
شركة التأمين الوطنية أيام العز وهذا غير ممكن في الظرف الحالي.
كتبت له بدوري الآتي:
أشكرك على تعليقك وأوفقك على كل ما ورد فيه. جدول
الأسعار هذا يشبه قائمة الطعام في المطاعم مع الفارق ان بعض المطاعم، في بريطانيا
على سبيل المثل، تعرض معلومات إضافية كعدد السعرات الحرارية في وجبة الطعام، أو أن
الوجبة صالحة للنباتيين، أو أن الأسعار تشمل/لا تشمل تكلفة الخدمة service charge. الميزة الوحيدة في جدول التسعير هو منح
شركات التأمين هامشًا لتحديد الأسعار بما لا يتجاوز 20% من الأسعار المحددة في
الجدول الذي ربما سيساعد في كبح المنافسة المنفلتة على الأسعار، وربما يؤدي إلى
تنافس بين شركات التأمين في مجال تقديم الخدمات المرتبطة بوثيقة التأمين.
جدول الأسعار يعكس ضحالة في التفكير لأنه لا يضم أي
إشارة إلى المعايير الاكتتابية العديدة التي تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل المكتتب
وهي عديدة كما تعرف ليس أقلها موقع المشروع (اعتبارات المسؤولية المدنية والتعرض
للفيضان أو السيول أو غيرها)، الخسارة المهدرة (للحوادث العادية وتلك التي تنشأ
بفعل الظواهر الطبيعية)، الاختبار والتشغيل (خاصة وثائق أخطار النصب EAR)، أثر التظهيرات (الملاحق) على التسعير، خبرة المقاول والمؤمن
عليهم الآخرين، دور التصميم (أهو جديد prototype أم هو معروف
وتم اعتماده من قبل آخرين أو المؤمن له نفسه)، فترة التأمين، الخ.
(4)
إن قراءة سريعة لكتاب الديوان
تبين ابتداءً ضعفًا في التعامل مع التأمين الهندسي في سوق التأمين العراقية. وسأحاول في الفقرات التالية مناقشة جوانب
منتقاة من هذا الموضوع باختصار، أرى أن جدول التسعير والتعليمات المختصرة الملحقة
به أهملها. لنقتبس أولًا الفقرة الأولى في
كتاب الديوان:
نود أن نبين بأنه سبق وان تم تشكيل لجنة
فنية تضم عدد[اً] من ممثلين [ممثلي] شركات التأمين وجمعية التأمين وبإشراف ديواننا
حيث تولت هذه اللجنة مراجعة تسعيرة التأمين الهندسي الحالية وتوصلت الى أن الأسعار
الواردة في التسعيرة لا تحتاج إلى تحديث وهي ملائمة للسوق في الوقت الحالي، وعلى
الرغم من ذلك فما زال هناك عدد من شركات التأمين التي تقوم بالنزول بالتسعير الى
ما دون الحدود الدنيا متذرع[ـة] بمختلف أنواع الذرائع حيث فرض ديواننا عدد[اً] من
العقوبات على الشركات المخالفة نتيجة ذلك الأمر.
كان
من المناسب لأغراض التوثيق الإشارة إلى تاريخ تشكيل اللجنة الفنية التي تولّت مراجعة
تسعيرة التأمين الهندسي، وهي غائبة هنا. ويرد في
الاقتباس أن هذه اللجنة توصلت الى أن الأسعار الواردة في التسعيرة لا تحتاج إلى
تحديث وهي ملائمة للسوق في الوقت الحالي."
ترى هل أن اللجنة المعنية قامت بتحليل نقدي لمحفظة الاكتتاب بأعمال التأمين
الهندسي، أم أنها اكتفت، وهو ما نظنه، بآراء وانطباعات المشاركين في اجتماع
الديوان، قبل أن تقرر كفاية ما هو موجود؟[6]
(5)
سنكرّس
الفقرات التالية لعرض ما أهمله جدول التسعير وكذلك التعليمات الاكتتابية. من
المفترض أن يكون جدول، أو بالأحرى دليل الاكتتاب، وهو الصحيح، مصدرًا لمساعدة
المكتتب بالأخطار الهندسية لاتخاذ قرارات قائمة على بيّنة معرفية، وهو ما لا يرقى
إليه جدول الأسعار المرفق بكتاب الديوان.
لا يرد
في هذا الجدول تعليمات تفصيلية للمكتتبين لتقييم وتسعير أخطار التأمين الهندسي، وهو
ما اختصره الزميل منعم الخفاجي في تعليقه أعلاه بالرجوع إلى أسس التسعير الارشادية
الصادرة عن شركة ميونخ لإعادة التأمين (Munich
Re Rating Guides) التي كانت معتمدة من قبل مهندسي ومكتتبي قسم التأمين الهندسي في
شركة التأمين الوطنية.[7]
ألم يكن
من المناسب إرفاق نموذج قياسي لبعض وثائق التأمين الهندسي، وخاصة وثيقة تأمين
أخطار المقاولين Contractor’s All Risks-CAR ووثيقة أخطار
النصب Erection All Risks-EAR، مع الإشارة
برجوع المكتتب إلى التظهيرات endorsements (وهي
بالعشرات) التي تلحق بهذه الوثائق لتحديد السقف الأعلى لمسؤولية شركة التأمين تجاه
أخطار معينة، ووضع اشتراطات لبعضها الآخر، وكذلك التأمين على أخطار خارج التغطية
القياسية، والمكائن والمعدات الإنشائية وغيرها من الأمور. نعرف بأن وثائق تأمين أخطار النصب، بفضل ما
تغطيه من أخطار المشاريع الميكانيكية والكهربائية والكيمياوية قيد الإنشاء تتضمن
عنصري الاختبار والتشغيل testing
and commissioning وهو ما يقتضي اكتتابًا خاصًا للأخطار في هذه المرحلة من عمر
المشروع، ومنها طول فترة الاختبار والتشغيل، وتمديد هذه الفترة لأسباب فنية كعدم
اكتمال الاختبار أو عدم توفير المواد الخام feedstock اللازمة من قبل رب العمل مثلًا.
من خلال
نظرة سريعة على جدول التسعير يتبين بأنه "مناسب" لتأمين المشاريع
الصغيرة والمتوسطة الحجم إذ أن المشاريع الكبيرة والمعقدة ذات القيم العالية تخضع
للتسعير والشروط الصادرة من معيد التأمين القائد leading reinsurer كما هو الحال مع المشاريع المرتبطة بجولات
التراخيص النفطية.[8] إن العملية الاكتتابية لا
يمكن حصرها بتطبيق مجموعة من الأسعار الجاهزة.[9]
لا يرد
في الجدول ذكر لتمديد فترة غطاء وثيقة التأمين عند التأخر في إنجاز أعمال
المقاولة، أو الخسارة المهدرة وسوء استخدامها (كإصدار وثيقة التأمين بدون إخضاعها
لتحمل المؤمن له للخسارة المهدرة)،[10]
او الاعتبارات الأخرى كموقع المشروع، خبرة المقاول، وتسمية الأطراف المؤمن عليها
(رب العمل، المقاول الثانوي، المهندس الاستشاري)، وغطاء المسؤولية المدنية
(الأضرار البدنية للأشخاص والأضرار المادية لممتلكات الغير) التي قد تنشأ من تنفيذ
أعمال المشروع، والمنشآت القائمة existing
property في موقع المشروع (ينطبق هذا بشكل خاص على تلك المشاريع التي هي
توسيعات لما هو قائم).
كما لا
يرد إي ذكر لمبلغ تأمين أعمال المشروع الهندسي: هل أن هذا المبلغ يمثل القيمة
الكاملة للمشروع full value of the project، أو تكلفة
إعادة إنشاء الأعمال المنجزة reinstatement
of the completed works، أو أنه يساوي سعر عقد الإنشاء التقديري estimated contract price، أو يمثل الخسارة الأولى first loss limit.
مثلما
لا يرد ذكر لتأمين فترة الصيانة ومدتها وأنواعها: تأمين ما ينشأ من أضرار عند زيارة
المقاول لموقع المشروع أثناء فترة الصيانة visits maintenance، أو الصيانة الموسعة التي تمتد لتغطية أضرار ترجع أصولها لفترة
الإنشاء extended maintenance، أو الضمانة
الكاملة التي تمتد إلى ما قبل بدء أعمال الإنشاء full guarantee.
مدة
تأمين المشروع الإنشائي لا تحظى بالعناية المطلوبة في كتاب الديوان سوى الإشارة في
معرض إلزام الشركات "لعدم النزول إلى ما دون هذه الأسعار [الأسعار المذكورة
في جدول التسعير] ... مع مراعاة جدول المدد القصيرة (المرفق طيًا) [لا تتوفر لدينا
نسخة من هذا الجدول] في حالة كانت مدة التأمين أقل من سنة واحدة." من المعروف
أن المشاريع التي يمتد انجازها إلى أكثر من سنة (سنتين أو أكثر) تكون عرضة لأخطار طبيعية
معينة لمرتين أو أكثر خلال مدة التأمين كخطر الأمطار والفيضان. وهو ما يؤخذ بنظر
الاعتبار عن الاكتتاب بمثل هذا المشروع.
كان من
المناسب أن تشير تعليمات التسعير على مكتتب التأمين الهندسي في شركات التأمين الرجوع
إلى مصادر موثوقة في حالة المشاريع المعقدة التي تقتضي أخذ معايير معينة بنظر
الاعتبار[11] وحتى قبل اللجوء إلى معيد
التأمين. من بين القضايا الإشكالية التي
تستوقف مكتتبي التأمين الهندسي هو تأمين التصميم المعيوب faulty design الذي يخضع لتكييفات في صياغة الغطاء التأمين
له (في العادة يحدد عقد المقاولة نطاق التأمين على التصميم).
(6)
إن كتاب
الديوان وجدول الأسعار لا يتعدى إسعافًا سريعًا quick fix لمعضلة الاكتتاب بأخطار التأمين الهندسي في العراق، فهو لا يقدم
علاجًا فعّالًا في نهاية المطاف إلا من خلال التهديد بعصا العقوبات الانضباطية. وهو بهذا المعنى يظل محاولة أولية بحاجة
إلى إعادة النظر والتنقيح والإضافات والاستفادة من دليل الاكتتاب القديم الذي
وضعته شركة ميونيخ لإعادة التأمين وكان مستخدمًا في شركة التأمين الوطنية، وكذلك دراسة
تجربة بعض أسواق التأمين العربية. إن
الالتزامات المطلوبة من شركات التأمين والواردة في كتاب الديوان لا ترقى إلى مستوى
الاعتبارات الاكتتابية لأخطار المشاريع الهندسية.
وهذا يوحي بغياب تصور وفهم أفضل للعملية الاكتتابية.
لا نبغي من هذه الوقفة التقليل
من قيمة العمل الذي يقوم به ديوان التأمين وجمعية التأمين العراقية في سوقٍ
للتأمين فقدت أهميتها ومكانتها وأسس العمل الصحيح بسبب الحروب والاحتلال وما ارتبط
بهما من الفساد والتخريب. المرتجى هو أن
تخرج هاتان المؤسستان من إطار ترقيع ما هو قائم، نعني ما اسميناه سابقًا بالبنيان
المنخور لقطاع التأمين العراقي.[12]
أتطلع لقراءة المساهمة النقدية للمعنيين في قطاع التأمين
العراق لمحتويات هذا المقال وبما يساعد محاولة الديوان وجمعية التأمين العراقية في
ضبط معايير الاكتتاب بأخطار التأمين الهندسي، خاصة وأن هذه المعايير غائبة في كتاب
الديوان.■
الملحق
كتاب ديوان التأمين المؤرخ
29/2/2024
[1]
أشكر الدكتور همام مسكوني على مراجعته لهذه الورقة واقتراحه إدخال الفقرات المدرجة
تحت القسم (1) من الورقة كمدخل عام للتعريف بشيء من تاريخ القواعد المنظمة لتأمين
المشاريع الحكومية في العراق (أوردت هذه الفقرات أصلًا في رسالة شخصية للدكتور
همام). ربما تنهض فرصة أخرى للكتابة لما اقترحه عن الوضع
القانوني والفعلي للتأمين الهندسي في العراق، رغم أني تناولت بعض جوانب الموضوع في
مقالات ومراجعات سابقة منها مراجعة كتابين:
بشرى رضا محمد السورميري، إدارة الخطر والتأمين في
المشاريع النفطية (بغداد: دار الكتب العلمية، 2019)، 320 صفحة.
نشرت المراجعة في موقع شبكة الاقتصاديين
العراقيين:
نعمان منى، الأسس العملية لإدارة المشاريع
والعمل الهندسي (بغداد: مركز البيان للدراسات والتخطيط، 2016). عدد الصفحات
270.
نشرت المراجعة في موقع شبكة الاقتصاديين
العراقيين:
[2]
مصباح كمال، دراسات حول قطاع
التأمين العام في العراق (مكتبة التأمين العراقي، 2020)، ص 207.
[3]
"وصل القبض بديلاً عن التأمين،"
نشرت في المواقع التالية:
▪
http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2013/02/receipt-voucher-or-insurance-policy.html
▪
http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/03/a-state-owned-company-not-insuring-its.html
[4]
النشرة الإلكترونية، العدد 242، آذار/مارس
2024، الاتحاد العام العربي للتأمين: 9aed22d2-821e-449b-9393-4e483d43d182.pdf
(gaif.org)
[5]
د. صالح ياسر، "التداعيات والابعاد
الاقتصادية – الاجتماعية للاقتصاد الريعي في العراق،" طريق الشعب، 20 تموز/يوليو
2024. التداعيات
والابعاد الاقتصادية – الاجتماعية للاقتصاد الريعي في العراق (tareeqashaab.com)
[6]
قد يعتبر بعض القراء هذه الملاحظة غير مناسبة. إن ما دعاني إلى كتابتها هو ضعف أو
غياب التوثيق المناسب، وكذلك التنبيه على أن الوصول إلى قرارات تمس قطاع التأمين
العراقي يجب أن تتأسس على دراسات وأوراق عمل، وهو ما يفتقر إليه القطاع في الوقت
الحاضر.
[7]
وبهذا الشأن نقتبس ما كتبه د. نائل بني جوابًا على سؤالنا التالي: نود أن نتعرف
على آرائكم حول توحيد صياغة وثائق التأمين الهندسي ومعايير الاكتتاب في أجزاء
معينة من العالم. هل توافق على الرأي القائل بأن شركة ميونيخ ري كانت فعالة في هذا الصدد من خلال صياغة
وثيقتي كافة أخطار المقاولين/كافة أخطار النصب CAR/EAR، وتظهيرات هذه الوثائق، وأدلة التسعير
لأسواق في البلدان النامية؟
ومما جاء في جوابه
"إن شركة ميونيخ ري كانت فعالة في تقديم مجموعتها الخاصة من إرشادات التسعير،
والتي تم إصدارها لأسواق محددة في البلدان النامية، وهي مفيدة بشكل خاص لأنها
تنطبق على غطاء التأمين الأساسي الذي توفره الصياغة القياسية لمختلف المشاريع
النموذجية وكانت بالفعل مفيدة جدًا بالنسبة لي عندما كنت أعمل في شركة التأمين
الوطنية في العراق." (غادر الدكتور بني العراق عام 1969)
Insights on
Construction Contracts and Insurance: Nael G Bunni in Dialogue with Tayseer
Treky and Misbah Kamal (Dublin: Summit Publishing House, 2023), pp 61-62.
[8]
هناك مشاريع أخرى لا تعرض على شركات التأمين العراقية لأن عقود الإنشاء لا تشترط
التأمين مع شركة تأمين مسجلة ومرخصة في العراق، كما أن قانون الاستثمار الاتحادي
وقانون الاستثمار في إقليم كردستان يترك للمستثمر حرية التأمين مع شركة تأمين
أجنبية أو شركة تأمين عراقية.
[9]
كانت لنا وقفة حول بعض جوانب هذه العملية في
دراسة لنا بعنوان "مؤيد الصفار مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
[10]
للتعرف على التفاصيل راجع:
مصباح
كمال*: ممارسة غير مسؤولة لاستخدام الخسارة المهدرة في التأمين الهندسي – شبكة
الاقتصاديين العراقيين
(iraqieconomists.net). مصباح-كمال-ممارسة-غير-مسؤولة-لاستخدام-الخسارة-المهدرة-في-التأمين-الهندسي.pdf
(iraqieconomists.net).
وهناك
ممارسات ضارة أخرى تم رصدها في مقال مصباح كمال، "وصل القبض بديلاً عن التأمين،" مجلة التأمين العراقي، 2013. http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2013/02/receipt-voucher-or-insurance-policy.html
[11]
يرد في بالنا هنا دليل تسعير التأمين الهندسي
التي كان المعيد القائد لشركة التأمين الوطنية قبل 1990 يوفرها للاكتتاب بأخطار
التأمين الهندسي، أو الدراسات العميقة الثلاث التي قامت بها مجموعة الدراسات
المتقدمة Reports of the Advanced Study Group التابعة لمعهد لندن للتأمين Insurance Institute of London بشأن
التأمين على أخطار الإنشاء والنصب:
Construction and Erection Insurance, London Insurance Institute, Advanced Study Group 208 (1978); Construction
and Erection Insurance, Advanced Study Group 208A (1985); and Construction
Insurance, Advanced Study Group 208B (1999).
أو كتاب الدكتور نائل بُنّي، الأخطار
والتأمين في صناعة الإنشاء، ترجمة تيسير التريكي ومصباح كمال (بيروت: منتدى
المعارف، 2017)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق