ملاحظات أولية حول وثيقة "التأمين ضد خطر
الطلاق"
مصباح-كمال-ملاحظات-أولية-حول-وثيقة-التأمين-ضد-خطر-الطلاق.pdf (iraqieconomists.net)
مشروع وثيقة تأمين ضد خطر الطلاق
قرأنا مؤخرًا الخبر التالي
في موقع ديوان التأمين:
تم
عقد اجتماع امس الثلاثاء ١٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٤، في مقر ديوان التأمين برئاسة
السيدة رئيس الديوان اسراء صالح داوود وبحضور مدراء الشركات المفوضين بالنسبة
للشركات الخاصة ومدير القسم الفني بالنسبة للشركات العامة ، لمناقشة أحكام وثيقة
التأمين ضد خطر الطلاق ، خلال الاجتماع قدم المدير المفوض لجمعية التأمين نموذج
وثيقة التأمين ضد خطر الطلاق وقد تناول شرح بنود الوثيقة.
وبختام
الاجتماع قرر الحاضرون مفاتحة مجلس القضاء الاعلى ولجنة المرأة والأسرة والطفل
بالإضافة الى اللجنة المالية في مجلس النواب ، مع الاطلاع على الأسواق العربية
للوقوف على هذا النوع من التأمين.[1]
ولضعف محتوى هذا الخبر وغرابته استفسرت عنه من أحد
الزملاء في بغداد فأفادني بأن وثيقة التأمين المقترحة هو جزء من مشروع تمكين وحماية
المرأة المطلقة والحفاظ على حقوقها، وأن الوثيقة لم تعتمد بعد. وكان كريمًا معي إذ أرسل لي نسخة من "أحكام
وثيقة التأمين ضد خطر الطلاق" الذي يبدو أن جمعية التأمين العراقية أو ديوان
التأمين قد قام بتوزيعها على شركات التأمين للمناقشة واستدراج الآراء.
تتوزع "أحكام وثيقة التأمين" على
العناوين التالية: الغاية من الوثيقة، المؤمِن، المستفيد من وثيقة التأمين، مبلغ
التأمين، شروط التأمين، الاستثناءات، الأحكام العامة. فيما يلي سأنتقي نصوص بعض هذه الأحكام للتعليق.
خلفية المشروع
تهدف وثيقة التأمين المقترحة إلى حماية السيدات
المطلقات في العراق، الذي شهد ارتفاعًا حادًا في حالات الطلاق. وقد قرأنا مؤخرًا في إحدى الصحف اليومية إعلان
مجلس القضاء الأعلى إحصائيات الطلاق لشهر كانون الثاني 2024 جاء فيه أن حالات
الطلاق بلغت 7,453 حالة أي بمعدل عشر حالات في الساعة الواحدة.[2] وعزَت الصحيفة أسباب ارتفاع حالات الطلاق إلى
غياب السكن الملائم وتفشي البطالة والفقر وتضاعف مشاكل تعاطي المخدرات
والابتزاز الإلكتروني وزواج الأطفال وانتشار الأمية بشقيها الأبجدي والثقافي
والتلكؤات في التوثيق الرسمي للزيجات، على أساس صحي ونفسي، وغياب دور الدولة في
رعاية ودعم الأسر الشابة اقتصاديًا واجتماعيًا.[3]
تزايد حالات الطلاق يؤشر على وجود أزمة في مجتمع ما
بعد الاحتلال الأمريكي، ارتبط أيضًا بحالات القمع والاضطهاد والتهميش للمرأة،
وبتفاقم العشائرية والكوامة والفصل العشائري مع إضعاف لدور الدولة ومؤسساتها في
تنظيم العلاقات الاجتماعية ومساواة المرأة بالرجل في مجال العمل وغيره. وقد انتبه صندوق النقد الدولي للوضع الصعب
للمرأة العراقية، وتوجّه بالدعوة للحكومة العراقية، ضمن اقتراحات أخرى للإصلاح البنيوي،
إلى تبني استراتيجية شاملة للاستخدام تهدف "إلى الحد من النشاط غير الرسمي
[اقتصاد الظل غير الخاضع للرقابة] ومعالجة العوائق القانونية والاجتماعية
والثقافية التي تحول دون مشاركة المرأة في القوى العاملة."[4]
غاية الوثيقة: حل
تأميني مؤقت لمعالجة آثار الطلاق
ويأتي مقترح وثيقة التأمين ضد خطر الطلاق كاستجابة وحل
تأميني مؤقت لبعض هذه الأسباب، وليس حلاً لمشكلة الطلاق. فقد جاء في أحكام وثيقة التأمين تحت عنوان
"الغاية من الوثيقة" أنها
تهدف لتوفير حماية للمرأة المطلقة تضمن لها حياة كريمة لحين تمكينها من
ترتيب أوضاعها والتزاماتها المالية التي تقع على عاتق الزوج في إيفائها بعد وقوع
الطلاق كالنفقة أو مؤخر الصداق.. الخ.
إن توفير "حياة كريمة" للمرأة المطلقة
هدف نبيل إلا أننا نشك في نجاح الحماية التأمينية ضمان مثل هذه الحياة في ضوء الحد
المنخفض لميلغ التأمين وفترة الانتظار المطلوبة بعد الطلاق قبل صرف هذا المبلغ
كتعويض. (سنتوسع قليلاً بهذا الشأن فيما
بعد).
المصدر الفكري
للتأمين ضد خطر الطلاق
نعتقد أن مشروع هذه الوثيقة مقتبس من سوق التأمين
المصري، ونرى أن المصدر الفكري الذي يؤطر وثيقة التأمين المقترحة يكمن في مفهوم القوامة
على الزوجة كما يرد في النص الديني:
الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا
أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ
بِمَا حَفِظَ اللَّهُ.[5]
مفهوم القوامة هو تنظيم للشراكة الزوجية يشمل الاهتمام بمصالح
الزوجة ورعايتها وتنظيم الجانب المؤسسي والمالي للأسرة، مع إعلاء لمكانة الرجل
ورياسته وتسيده وزيادة حقه على الزوجة: "وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ."[6]
إن هذا الحل التأميني، الجزئي، لمشكلة الطلاق يأتي
في إطار عقلنة التشريع الديني بدلاً من انتظار صرف النفقة والالتزامات المالية
الأخرى التي تقع على عاتق الزوج بعد الانفصال بالتراضي أو من خلال المحاكم.
جاء في مقال مهم
بعنوان "بقاء التمييز ضد المرأة في التشريعات العراقية" للقاضي والكاتب
الحقوقي هادي عزيز علي أن "القوانين العراقية ... تُشرّعن للتمييز ضد المرأة، فقد حملت تلك النصوص قواعد
قانونية لا تنسجم وأحكام الإعلان العالمي لحقوق الانسان..." ويضيف أن "الفترة الممتدة من 2003 ولغاية يومنا هذا لم تشهد تشريعا
ذا بال ينصف المرأة ويعزز موقعها في مواقع صنع القرار او في المجتمع وذلك إذا
استثنينا كوتا النساء في النص الدستوري." وذكر
مثالين من القوانين العراقية المجحفة بحق المرأة:
الأول: قانون العقوبات فالزوجة لا تزال خاضعة
للتأديب من قبل الزوج وتعامل نصيا معاملة تأديب الأطفال، اذ اعتبر المشرع التأديب
أحد حقوق الزوج على زوجته حتى ولو أفضى ذلك التأديب إلى الضرر بالزوجة لأنه يندرج
تحت أحكام الإباحة. اما القانون الثاني
فهو الأحوال الشخصية ولو أنه يعد من أفضل قوانين الأحوال الشخصية في محيطنا
الإقليمي والعربي باستثناء قانون الأحوال الشخصية في تونس، ولمرور مدة تزيد على
الستين عاما على صدوره من دون مراجعة يتطلبها حكم الزمن يلاحظ أن العديد من نصوصه
تحمل مضامين التمييز ضد المرأة كتعدد الزوجات الخاضع لرؤى وتفسيرات رجال الدين
التي تبتعد كثيرا عن حكم الآية 129 من سورة النساء : (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين
النساء ولو حرصتم) التي تعدها القراءات الحديثة مقيدة لتعدد الزوجات، إضافة إلى
موضوع عدم المساواة في الإرث الموظف فقهيا للتمييز ضد المرأة ...[7]
يأتي هذا العرض السريع والاقتباس الطويل للإشارة
إلى أن مؤسسة التأمين ليست هي الجهة التي يمكنها تعديل الأوضاع القانونية القائمة
الخاصة بمكانة المرأة، لكنها تستطيع، كمؤسسة اقتصادية، تخفيف بعض الأعباء عن
المرأة المطلقة وأولادها من خلال توفير حدود أعلى للتعويض، وتسريع عملية صرف مبلغ
التعويض. (للمزيد من التعليق أنظر أدناه
تحت العنوان الفرعي "مبلغ التأمين المقترح لوثيقة التأمين وغياب
الدراسة الاكتوارية").
قسط التأمين وإلزامية التأمين من خطر الطلاق
نستشف من قراءة أحكام وثيقة التأمين المقترحة أن
التأمين من خطر الطلاق سيكون إلزاميًا إذ يرد في فقرة "قسط التأمين"
إن قسط التأمين أو أول دفعة منه تسدد لشركة التأمين مع رسوم ومصاريف عقد
الزواج تأمين الطلاق وقبل إتمام عقد القران.
هناك ارتباك في صياغة هذا الحكم بسبب إدخال عبارة
"تأمين الطلاق" دون وجود حاجة لها.
وفق ما لدينا من معلومات فإن أحكام هذه الوثيقة مقتبسة من وثيقة تأمين
مصرية كانت موضوعًا للنقاش خلال السنتين الماضيتين. ومما جاء في المناقشات التي كانت دائرة وقتها أن
شراء وثيقة التأمين إلزامي، وأن مصروفات الوثيقة (قسط التأمين) سيدفعها العريس (الزوج) ضمن
مصروفات عقد الزواج، وأن كل امرأة متزوجة تعرّضت
للانفصال من الزوج ستستفيد من وثيقة التأمين ضد الطلاق.
لا تذكر أحكام وثيقة التأمين أنها غير قابلة للإلغاء، وليس واضحًا إن كان قسط
التأمين يدفع مرة واحدة فقط أو أنه يسدد سنويًا لحين صدور حكم الطلاق من المحكمة
المختصة.
مبلغ التأمين
المقترح لوثيقة التأمين وغياب الدراسة الاكتوارية
حددت أحكام وثيقة التأمين مبلغ التأمين
(الحد الأعلى للتعويض) بما "لا يقل عن 5,000,000 خمسة مليون دينار
عراقي." أي ما يعادل 3,817 دولار تقريبًا. لم تنشر جمعية التأمين العراقية أو ديوان
التأمين البيانات المعتمدة لتحديد مبلغ التأمين هذا. ويبدو أن هذا المبلغ صغير وقد لا يكفي لتغطية
تكاليف معيشة عائلة صغيرة لمدة ثلاثة شهور، هذا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن معدل
الراتب السنوي، حسب بيانات الشركات الاستشارية الأجنبية، يقترب من 10-14 ألف دولار
سنويًا.
ترى هل أن هذا المبلغ، خمسة
مليون دينار، يراد منه توفير دخل طارئ فوري للمرأة المطلقة لحين صدور قرار من
المحكمة المختصة بالطلاق أو إكمال إجراءات احتساب النفقة والالتزامات المالية
الأخرى المترتبة على الطلاق وفقًا للوضع المالي (دخل) الزوج؟ هو ليس كذلك تمامًا إذ أن الأحكام العامة
لوثيقة التأمين تنص على الآتي:
1-
يستحق التعويض من اليوم التالي
لصدور قرار الحكم القضائي بالتفريق أو الطلاق، وقبل صدور قرار الحكم القضائي
بالنفقة.
ترى هل أن الفترة بين
الطلاق البائن الصادر من الزوج وبين صدور قرار الحكم القضائي بالتفريق أو الطلاق
(إشهار الطلاق) قد يدفع المرأة المطلقة (وخاصة غير العاملة) إلى الاستدانة لسداد
تكاليف المعيشة، وهل تعرضها هي وأطفالها إلى صعوبات ومشاكل أخرى ومنها، على سبيل
المثل، تمويل مصاريف العلاج الطبي لها وللأطفال في حضانتها وغيرها؟
هل جرى التفكير بكفاية
مبلغ التأمين بما يساعد المرأة المطلقة على بدء مشروع تقوم به لمواجهة متطلبات
حياتها الجديدة كمطلقة وكأم؟ نثير السؤال
وفي بالنا الدعوات المستمرة لإدخال وثائق التأمين المتناهية الصغر لتمكين الشرائح
الفقيرة من مواجهة أعباء الحياة بدرجة من الاستقلالية (وهو ما يتم من خلال تقديم
القروض الصغيرة). كفاية مبلغ التأمين الذي
يسدد للمرأة المطلقة يغنيها عن اللجوء إلى الاقتراض.[8]
حسب المعلومات المتوفرة لنا فإن المروجين لوثيقة
التأمين لم يقوموا بدراسة اكتوارية لتحديد أقساط التأمين، وكفاية هذه الأقساط
المتراكمة لتمويل التعويضات المترتبة على الطلاق.
ربما اعتمدوا على التجربة المصرية وهي جديدة لم تختبر بما يكفي حتى الآن،
وحد التعويض لا يتجاوز 25,000 جنيه مصري وقسط التأمين لا يتجاوز 75 جنيه. ومن المعروف أن إصدار حكم النفقة من قبل
المحاكم المصرية لا يقترن بالكفاءة إذ أنه قد يستغرق شهورًا عديدة.
ترى هل أن الفترة المنقضية بين طلاق الزوج لزوجته واستحقاق التعويض من اليوم التالي لصدور قرار الحكم
القضائي بالتفريق أو الطلاق يمكن تجسيره من
خلال فرض نفقة مؤقتة فورية للزوجة والأطفال بمجرد رفع دعوى الطلاق أمام المحاكم؟
في نقد الموقف
المضاد لوثيقة تأمين خطر الطلاق
قد يقول البعض إن
وثيقة التأمين ضد الطلاق قد تكون بابًا خفيًا لزيادة معدلات الطلاق. لنقرأ ما صرح به أحد الخبراء القانونيين
المصريين:
مشروع
هذا القانون [قانون التأمين الموحد المصري] بالنسبة لوثيقة تأمين المطلقات قد يكون
باباً خلفياً لزيادة معدلات الطلاق، وربما يخرج عن الهدف النبيل الذي أنشئ من
أجله، وقد يكون هناك بعض الحالات تريد مبلغ التأمين فتلجأ إلى الطلاق والحيل في
هذا الشأن معروفة.[9]
على الضد من ذلك ومن
باب التحوط فإن شروط التأمين في أحكام وثيقة التأمين ضد الطلاق العراقية
تنص على الآتي:
1
أن
يكون عقد النكاح مسجلاً لدى المحكمة المختصة.
2
أن
يكون قرار الحكم بالطلاق صادر من المحكمة المختصة.
3
أن
يكون الطلاق بعد الطلقة الثالثة (الطلاق البائن بينونة كبرى) التي لا يجوز فيها
الرجوع دون محلل شرعاً.
4
مرور
ثلاث سنوات من الزواج على (قيام الزوجية).
هذه الشروط تجعل
التحايل للحصول على تعويض مالي صعبًا، وهي ما يمكن إدراجها كعناصر للتحوط من خطر
الانتقاء ضد شركة التأمين anti-selection أو التحوط مما يعرف بالخطر المعنوي/المؤثر
المعنوي moral hazard ومن المعروف أن شركات
التأمين تلجأ إلى فترة الانتظار (الشرط الرابع) للحد من الانتقاء العكسي.[10]
تعرّف الأدبيات
التأمينية أن الخطر/المؤثر المعنوي بأنه يضم تلك الصفات والعادات وتصرفات المؤمن ومنها
الإهمال، وعدم الموثوقية، ونمط الحياة السيئ، وخيانة الأمانة التي تؤثر على
إمكانية قيام الخسارة ومدى هذه الخسارة التي ما كانت ستتحقق لولا وجود المؤثر
المعنوي. هذه الخصائص غير المواتية تحاول
شركات التأمين أن تتجنبها وتتحوط من آثارها.
استثناءات وثيقة التأمين
نقرأ في أحكام الوثيقة ما يلي:
يستثنى من التأمين إذا كان
التفريق بين الزوجين بالخلع.
يعنى هذا أن الخُلع سوف لن يكون
في صالح المرأة "المطلقة" المنفصلة عن زوجها بإرادتها، أي سقوط حقها
بالمطالبة بالتعويض لها وربما لصالح أولادها.
وهو ما يؤكد على الدرجة المتدنية للمرأة مقابل الزوج. وهكذا فإن وثيقة التأمين تصبح باطلة ذلك لأن
الطلاق يجب أن يكون بائنًا بينونة كبرى، وفي غياب ذلك فإن التأمين لن يغطي أي شكل آخر
من أشكال الطلاق/التفريق/الانفصال ومنها الخُلع.
ويتأكد ذلك بالرجوع إلى حكم "المستفيد من وثيقة التأمين"
حيث يرد أن المستفيد من وثيقة التأمين:
كل امرأة تعرضت للطلاق
أو التفريق من الزوج (التأكيد من عندنا) وأنهيت قيام الزوجية إنهاءًا لا رجعة
فيها.
وهكذا تؤكد وثيقة التأمين على
رياسة الزوج: فقط الطلاق البائن الصادر منه يؤسس الأرضية للمرأة أن تستفيد من
وثيقة التأمين.
استطراد حول التأمين من خطر الطلاق في الأسواق الغربية وفي الكتابات التأمينية
لا نذكر أننا قرأنا مدخلاً خاصًا عن التأمين ضد خطر
الطلاق في كتب التأمين المنهجية، لكن الطلاق يرد في الفصول الخاصة بالتأمين على
الحياة. فقد جاء في أحد هذه الكتب:
على سبيل المثال، تحتاج الأمهات المطلقات بشكل
أكبر إلى التأمين على الحياة لأنه لا يوجد سوى زوج واحد يوفر الدخل المكتسب
للأسرة. كما أن المعالجة القانونية
والضريبية للتأمين على الحياة في تسويات الطلاق تخلق الحاجة إلى التخطيط المالي
الدقيق واستخدام عقود التأمين على الحياة.[11]
ونقرأ في تقرير نشر مؤخرًا
في مجلة اكتوارية انه
من بين 100 ألف حالة طلاق تحدث في إنجلترا وويلز
كل عام، فإن 11% منها فقط تؤدي إلى أمر تقاسم المعاش التقاعدي، وفقا للمجموعة الاستشارية للمعاشات التقاعدية (PAG)، التي أصدرت التوجيهات. وأضافت
... أنه في نصف الأزواج، يحتفظ أحد الزوجين بأكثر من 90% من أصول المعاشات
التقاعدية، وهو عادة الزوج.
وخلافا للأصول الزوجية matrimonial assets الأخرى، فإن المعاشات التقاعدية ليست مملوكة بشكل مشترك. ويؤدي ذلك إلى "شكل ما من أشكال إعادة
التوزيع،" إما من خلال تحويل الأموال من شريك إلى آخر، أو من خلال تخلي أحد
الطرفين عن ملكية أصول أخرى ذات قيمة معادلة من أجل الاحتفاظ بمعاشه/ا التقاعدي.[12]
ولنا أن نرجع إلى القرن التاسع عشر وقانون ملكية
النساء المتزوجات لسنة 1882 البريطانية، مع اختلاف السياق، حيث نقرأ في المادة 11
من هذا القانون الآتي:
يجوز للمرأة المتزوجة إبرام وثيقة للتأمين على حياتها أو على حياة زوجها
لمنفعتها؛ فتنتفع بنفس وجميع المنفعة طبقًا لذلك.
إن وثيقة التأمين على الحياة التي تبرم من قبل أي رجل على حياته، ويصرح
فيها بأن تكون لمنفعة زوجنه أو أولاده أو زوجته أو زوجته وأولاده أو أي منهم، أو
تبرم من قبل أي امرأة على حياتها ويصرح فيها أن تكون لمنفعة زوجها أو أولادها أو
زوجها وأولادها أو أي منهم، تخلق ضمانًا لمصلحة الأشخاص الواردة اسماؤهم فيها، وإن
المبالغ الواجبة الدفع بموجب تلك الوثيقة، طالما بقيت عناصر الضمان غير مستوفية
لمنفعتها، لا تشكل جزءًا من تركة المؤمن له، ولا تكون أداة وفاة لديونه أو ديونها؛
على أنه إذا أمكن إثبات أن الوثيقة كانت قد أبرمت وأن قسط التأمين كان قد دفع بقصد
الاحتيال على دائني المؤمن له، فإن الدائنين سيكون لهم الحق أن يستلموا، من أصل
المبلغ الواجب الدفع بمقتضى الوثيقة، مبلغًا مساويًا لقسط التأمين المدفوع.[13]
إن شروط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية
في المجتمعات المختلفة تقرر أشكال التعامل مع مكانة المرأة وأشكال التأمين التي
تستجيب لهذه الشروط. في الحالة المصرية
والعراقية فإن الاستجابة التأمينية لخطر الطلاق يتأثر أيضًا بالتشريعات الدينية
وبعضها لم يخضع للتطوير والعقلنة لحماية حقوق المرأة ومساواتها بالرجل.
الملاحظات التي أوردناها على أحكام وثيقة
التأمين ضد خطر الطلاق قابلة للنقاش، ونتمنى على المهتمين بالأبعاد التأمينية
والاقتصادية والقانونية المساهمة في النقد، وتقويم الزلّات.
نتطلع إلى قراءة النص النهائي الكامل لوثيقة
التأمين ضد الطلاق، وأية ملاحظات توضيحية قد تصدرها جمعية التأمين العراقية أو
ديوان التأمين للمكتبين بالوثيقة أو المشتغلين في تسوية المطالبات بالتعويض.■
10 آذار
2024
[1] https://insurancediwan.gov.iq/%d9%85%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%b6%d8%af-%d8%ae%d8%b7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%82-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b7/
[2] بلغ عدد حالات الطلاق في العراق، ماعدا
كردستان، 73 ألف حالة وفقًا لمجلس القضاء الأعلى، موقع الجزيرة، 8 تشرين
الأول 2022.
[3] طريق الشعب، العدد 86، 3
آذار 2024، عمود "عين على الأحداث،" ص 3.
[4] Staff Concluding Statement of the 2024 IMF Article IV Mission March 3, 2024, Iraq: Staff
Concluding Statement of the 2024 IMF Article IV Mission
[5] سورة النساء، الآية 34.
[6] سورة البقرة، الآية 228.
وعلى الضد من هذه النزعة الذكورية فإن بعض
علماء الدين يشيرون إلى أنه "في بعض الحالات يمكن أن تنتقل فيها القوامة
للمرأة كأن يكون الزوج مريضاً غير قادر على العمل والإدارة أو فقد عقله، مؤكدين
أنه لا يحق لرجل لم يؤد شروط القوامة، من إنفاق ورعاية ومسؤولية، أن تكون له
القوامة على زوجته." صحيفة الاتحاد الإماراتية، 2 مارس 2018
[7] هادي عزيز علي، "بقاء التمييز ضد المرأة،" طريق الشعب
العدد 88 ليوم الخميس 7 اذار 2024، ص 4.
[8] الانظمة القانونية في العديد من الدول الغربية،
ومنها المملكة المتحدة، تنحو نحو إضفاء قيمة على مساعدة الزوجة لزوجها ووقوفها إلى
جانبه خلال استمرار العلاقة الزوجية بينهما بحيث تميل المحاكم في حالات الطلاق إلى
منح الزوجة المطلقة جزءًا من دخل وثروة الزوج قد تصل حد تقاسم ثروة الزوج مناصفة.
[9] موقع برلماني، 23 مارس 2022 https://www.parlmany.com/News/2/477842/%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AA-25-%D8%A3%D9%84%D9%81%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D8%B7
[10] Liran Einav, Amy
Finkelstein, Ray Fisman, Risky Business: Why Insurance Markets Fail and What
to Do About It (New Haven & London: Yale University Press, 2022), pp
36-39.
يرد في هذه الصفحات
شرح لمحاولة فاشلة لإدخال التأمين في أسواق التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية
للتعويض عن تكاليف الطلاق. ونقرأ هنا أن
فترة الانتظار تحدد بـثمانية وأربعين شهرًا من تاريخ الزواج (قيام الزوجية).
[11] David L. Bickelhaupt, General Insurance (Homewood, Illinois:
Richard D Irwin, 1983, 1st Ed 1942), p 146-147.
يمكن الرجوع أيضًا وللمزيد
من التفاصيل إلى كتاب:
Emmet J. Vaughan
& Therese Vaughan, Fundamentals of Risk and Insurance (New York:
John Wiley & Sons, Eighth Edition, 1999), pp 184, 310-312.
[12] “New guidance on pensions and divorce,” The Actuary, Thursday
22nd February 2024, New guidance on
pensions and divorce | The Actuary
[13] النص مقتبس من ملحق كتاب بهاء بهيج شكري، التأمين في التطبيق والقانون
والقضاء (عمّان: دار الثقافة، 2007)، ص 881.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق