تعليق على موضوع:
(قطاع التامين في العراق وآفاق تطور شركات التامين الخاصة)
مروان هاشم
مقدمة
تلبية لدعوة السيد سعدون مشكل في المشاركة بمناقشة موضوع ورقته أعلاه والتي قام بعرضها في مدونة مجلة التامين العراقي
أتقدم بالتعليقات أدناه، من باب التوسع في بعض آرائه لتحقيق احد أهداف هذه الورقة في إثارة النقاش. وتعليقاتي لا تقوم على الخلاف على ما جاء في الورقة بقدر ما تعتمد البناء والإضافة عليها. وبخصوص "آفاق تطور شركات التأمين الخاصة" فإنني أشرت إليها بشكل غير مباشر ولعل غيري بقوم بتقييم نقدي لآراء السيد سعدون بهذا الشأن.
تسرب أقساط التأمين
إن أهم محور اهتم به الكاتب في ورقته هو ضرورة مراجعة قانون تنظيم أعمال التامين لسنة 2005 والذي يؤدي تطبيقه، بصيغته الحالية، إلى تسرب إقساط التامين خارج العراق، وحرمان شركات التامين العامة والخاصة منها، والدعوة إلى إجراء التعديلات المطلوبة لهذا القانون لحصر أعمال التامين لدى الشركات المحلية إذ أن القانون يفتقر إلى نص بهذا الشأن.
وهنا أود أن أبين أن تسرب الأقساط لا يشترط أن يكون بهذه الطريقة فقط، فمن الممكن أن يحدث بصيغ أخرى حتى وان تم تغيير القانون ليكون التامين على المصالح العراقية مقتصرا على الشركات المحلية. وينشأ ذلك في حالة وجود برامج إعادة تامين مبالغ فيها للدفع باتجاه الاعتماد على السوق الدولية، وانخفاض نسب الاحتفاظ للشركات المحلية حيث أن معظم شركات التأمين، ولأسباب عديدة، مثل قلة الخبرة وانخفاض رأس المال وعدم وجود احتياطيات كافية لديها وغيرها، جعل السوق العراقي يلجأ، وبشكل عام، إلى إعادة جزء كبير من مسؤولية تحمل الخطر، والذي يعني إعادة نسبة عالية من الأقساط قد تصل إلى 80-90%. وهذا يعني تسرب هذه الأقساط خارج العراق بشكل آخر.
زيادة القدرة الاحتفاظية المحلية
ولكي يثبت السوق مصداقيته في أن الهدف من المطالبة بتعديل قانون التامين هو المصلحة الوطنية وزيادة المساهمة في التنمية الاقتصادية من خلال منع هذا التسرب، وكما ذكر السيد سعدون في ورقته، علينا أن نهتم بالجانب الآخر: وهو محاولة ملء احتفاظ السوق في الأعمال المكتتب بها للشركات المحلية أولاً واللجوء إلى برامج إعادة التامين بعد ذلك لغرض تخفيض هذا التسرب. وقد مرَّ السوق بمثل هذه التجربة في عام 1989-1990 عندما تعاونت شركة التامين الوطنية مع الشركة العراقية للتأمين بملء احتفاظ كل ما يكتتب في الشركتين لغرض الاستفادة من الطاقة الاحتفاظية لكل منهما ليضاف إلى الأخرى. ومن الممكن الرجوع إلى التطبيقات العملية للمزيد من الاطلاع والاستفادة بغية التطوير.
وهناك تجربة ثانية بعد سنة 2003، وبشكل مقارب من تجربة الماضي، ممكن تطويرها فنيا، وذلك عندما قادت جمعية شركات التامين وإعادة التامين العراقية مشروع توزيع بعض الأخطار، والتي استثنيت من اتفاقيات إعادة التامين، أو توسيع بعض الأغطية التي حجمها المعيد من الاتفاقية، على أعضائها. وقد أوكلت إدارة هذه الأعمال لشركة إعادة التامين العراقية.
إيجابيات زيادة الاحتفاظ
وسيحقق هذا المقترح ما يلي:
1- تخفيض حجم الأقساط المتسربة إلى خارج البلد لتساهم بذلك في دعم ميزان المدفوعات العراقي وزيادة المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والبناء.
2- توفير فرصة اكبر لشركات التامين المحلية في موازنة محافظها التأمينية بعد حصولها على أخطار توفر للمحفظة شروط الكثرة العددية والتجانس.
3- ستشعر شركات التامين المحلية بتحقيق مصالح اقتصادية لتعاونها مما يزيد من فرص تحقيق الأرباح إضافة إلى تبادل الخبرات، وشعور الجميع أن الانضباط في السياسة الاكتتابية له دافع مصلحي مشترك .
التعامل مع اعتراضات محتملة
قد يواجه هذا المقترح بعض الاعتراضات لمن يحرص على دعم اتفاقيات إعادة التامين والحفاظ على علاقات جيدة مع المعيد الخارجي من خلال تحقيق مستوى معين من الأقساط يقنع المعيد بالجدوى الاقتصادية للاتفاقية. ولكن على المدى البعيد من الممكن تحقيق الهدفين بزيادة الاحتفاظ للأقساط وإعادة ما هو ضروري من خلال تنشيط السوق المحلية لتحقيق نمو واضح في الأقساط. وقد تكون إحدى طرق تحقيق هذا النمو هو ما ذكر في ورقة السيد سعدون مشكل ـ في محاولة تعديل قانون تنظيم أعمال التامين لسنة 2005 ومساندة الدولة وتطوير شركات القطاع العام والخاص للخدمات التأمينية المقدمة وغيرها فينمو بذلك معدل الأقساط ويحقق موازنة اقتصادية لاتفاقيات إعادة التأمين ولكن ليس على حساب القدرة المحلية لاستيعاب الأخطار.
جدلية التعامل مع الأهداف الوطنية
إن تحقيق الأهداف الوطنية لا يكون بتجزئة الأمور فنكون وطنيين في جانب تعديل قانون التامين رقم 10 (قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005) لغرض الحصول على الأقساط ثم نقف متفرجين ونتجاهل الأهداف الوطنية من منظور موسع: عندما تتسرب الأقساط مرة ثانية بسبب سياسة الاحتفاظ الخجولة، وغياب التعاون المحلي، والتركيز على المطالبة بتامين المصالح العراقية لدى الشركات المحلية كمطلب وطني ونهمل ما يرتبط مع هذا المطلب ما يتعلق بوسائل أخرى لتحقيقه، ونعني بذلك التطوير الإداري والفني، أو الحداثة فيما يتعلق بالنشاط التأميني، أو المنافسة الايجابية والمشروعة داخل السوق العراقي.
إن إدارة وتطوير مثل هذا التجمع المحلي سيحقق أقصى غاياته عندما نطبق ما جاء في ورقة السيد سعدون مشكل، فقد ذكر في ص5، الفقرة الأخيرة: (فهناك حاجة لاستخدام الكومبيوتر للإصدار السريع لوثائق التامين وتنظيم الإحصائيات وخزنها وتسهيل الرجوع إليها عند الحاجة وغيرها، تحتاج إلى تبني برامج معلوماتية متطورة).
ومن الممكن بداية التجربة بين شركة التامين الوطنية والشركة العراقية للتأمين ثم إضافة شركات القطاع الخاص بعد التأكد من نجاح التجربة عمليا. وهناك أفكار أخرى ممكن تطويرها لنفس الغرض.
أخيرا أرجو أن تكون مساهمتي قد أضافت إلى الورقة الأساسية لموضوع السيد سعدون مشكل ما يخدم سوق التأمين العراقي.
مروان هاشم
بغداد 20/6/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق