إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2008/08/18

مساهمة قطاع التأمين العراقي في تأسيس شركات تأمين عربية: لمحة أولية
 
مصباح كمال
 
 لعب قطاع التأمين العراقي، الخاص والعام، وبعض رجالات التأمين دوراً متميزاً في تأسيس شركات تأمين جديدة في ثلاثة دول عربية هي: ليبيا (شركة ليبيا للتأمين التي تأسست في 30 أيار 1964 بمساهمة عراقية بنسبة 40% وليبية 60%)، البحرين (شركة البحرين للتأمين التي تأسست سنة 1969 بمساهمة عراقية بنسبة 30% ومساهمة بحرينية 70%) واليمن (1990)، وكذلك مساهمة رجالات التأمين العراقيين في إدارة بعض شركات التأمين العربية.[1] وما يزال البعض من هؤلاء مستمراً في خدمة هذه الشركات. وليست لدينا معلومات كافية عن دور بعض الأفراد العراقيين في تأسيس شركات تأمين في دولة الإمارات العربية المتحدة أو غيرها من البلدان العربية. ومما يؤسف له أن هذا الدور لم يوثق حتى أن بعض شركات التأمين تهمل في أدبياتها أن قطاع التأمين العراقي كان مساهماً في رأسمالها ورافداً مهماً لموظفيها عند التأسيس ومصدراً مهماً للتدريب. كما أن شركة إعادة التأمين العراقية لعبت دوراً مهماً في توفير الحماية الإعادية للعديد من شركات التأمين العربية قبل أن تفقد دورها ومكانتها بفعل السياسات الهوجاء والعقوبات الاقتصادية والحروب.
 
الاستثمار العراقي في شركات تأمين عربية لم يحضَ بالدراسة: هل كان بدعوة من مؤسسي هذه الشركات أو بمبادرة من الجانب العراقي، ولماذا لم تدم الاستثمارات العراقية طويلاً ..الخ. ربما كان النزوع نحو الاستقلال وتأكيد الهوية الوطنية هو الذي كان وراء إنهاء المساهمة العراقية، أو التغيير السياسي المنفر في العراق أو غيرها من أسباب تستحق البحث.
 
في النص الذي نقتبسه أدناه، نتعرف على خلفية الاستثمار: مشروع فتح فرع لشركة التأمين الوطنية في البحرين تحوّلَ إلى مساهمة في رأسمال شركة تأمين بحرينية جديدة بدعوة من رئيس الوزراء البحريني آنذاك. لا شك أن الدافع الاقتصادي هو الأساسي في الاستثمار ولكن هل كانت هناك دوافع أخرى؟ جواب السؤال يقتضي فحص كل حالة على حدة. ونأمل أن ينهض من يعنى بالموضوع بتقديم دراسة بشأنه. لقد عرضنا على بعض الزملاء القدامى الكتابة عن العلاقة بين سوق التأمين العراقي وبعض الأسواق العربية التي يعملون فيها إلا أن دعوتنا لم تترجم حتى الآن إلى واقع وما زلنا بانتظار من يعالج الموضوع إذ أننا لا نعرف التفاصيل ولا تتوفر لدينا المستندات للبحث فيه.
 
كنا نبحث في موضوع في شبكة الإنترنيت واكتشفنا عَرَضاً من يشير إلى دور قطاع التأمين العراقي في البحرين. فتحت عنوان "محمد علي عبد الرحمن يتذكر، حكاية التأمين في البحرين عبر 33 سنة" نشرت جريدة أخبار الخليج البحرينية تحت باب حوارات مقالاً للكاتب حافظ إمام عن مواطن بحريني عصامي يسرنا أن نقتبس قسماً منه يخص موضوعنا. يمكن الرجوع إلى النص الأصلي باستعمال الرابط التالي: http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO.asp?Article=246834&Sn=HEWA يرد في هذا النص معلومات عن مساهمة قطاع التأمين العراقي في تأسيس شركة البحرين للتأمين، إدارة الشركة من قبل رجال تأمين عراقيين ولفترة طويلة، وتدريب الكوادر نوردها كما يلي. يقول كاتب الحوار:  
"من يرد أن يتعرف على تاريخ التأمين في البحرين.. كيف بدأت أول شركة بحرينية للتأمين وكيف تطورت عبر مسيرة طويلة لتكون مع شركة التأمين الوطنية شركة واحدة من أكبر شركات التأمين في البلاد وتحت مسمى شركة البحرين الوطنية للتأمين ... فعليه لقاء رجل بحريني بسيط قضى في هذا العمل أكثر من 33 عاما ... العمل في التنظيفات لقد وجد محمد علي عبد الرحمن [الذي] ... نصحه والده ... أن يلتحق بعمل .. خلال عطلة الصيف، إلا ان الفتى ترك المدرسة والتحق عامل تنظيف في معسكر القوات الجوية البريطانية بالمحرق. ورغم قساوة العمل .. فإنه أفاد منه كثيرا ... فقد كفل له عمله الاحتكاك بالانجليز وتعلم اللغة الانجليزية ... أول خطوة راح محمد علي عبد الرحمن يبحث عن عمل وهو في الثاني تجاري ثانوي ولم يبق له للحصول على الدبلوم سوى عام واحد ... قام بكتابة 8 طلبات للعمل .. وعمل .. موظفا براتب قدره (35) دينارا والتحق بقسم التأمين [في] مكتب يوسف بن أحمد كانو، وكيل شركة "نورج يونيان" للتأمين [Norwich Union] .. كانت هذه .. بداية عهد محمد بالعمل في التأمين في شهر يونيو من عام 1966 ... مكالمة من جناحي استمر محمد يعمل في هذه الشركة .. حتى جاءته مكالمة .. في شهر أكتوبر من عام 1970، كان المتحدث هو السيد عبداللطيف جناحي، رجل الأعمال المعروف. حث عبداللطيف جناحي محمد علي عبد الرحمن على الانضمام إلى أول شركة بحرينية للتأمين، كان عبداللطيف مساعدا للمدير العام أما المدير العام للشركة فكان هو السيد نبيل [منيب] خسرو العراقي الجنسية الموفد من شركة التأمين [الوطنية] في العراق للمشاركة في تأسيس شركة البحرين للتأمين. توجيهات سمو رئيس الوزراء وهذه حكاية لها بداية لابد من ذكرها كما يقول محمد علي عبد الرحمن. الحكاية بدأت في عام 1969 عندما حضر إلى البلاد اثنان من رجالات التأمين التابعين للمؤسسة العامة للتأمين في العراق هما السيد أديب حلمان [جلميران، رئيس المؤسسة العامة للتأمين] والسيد عبدالباقي رضي [رضا] المدير العام للشركة العراقية للتأمين [المدير العام لشركة التأمين الوطنية]. جاء الرجلان وفي نيتهما فتح فرع للشركة العراقية للتأمين في البحرين وطلبا مقابلة سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة وقد عرض سموه على الوفد العراقي الدخول في شراكة مع شركة بحرينية للتأمين. وبناء على وجاهة هذا الرأي السديد تأسست الشركة البحرينية للتأمين برأسمال بحريني وعراقي بنسبة ثلثي الأسهم بحرينية والثلث عراقية على ان يكون المدير العام للشركة عراقيا. أول شركة وطنية بدأت مرحلة التأسيس في مارس 1970، والتحق ... بالشركة في يناير من عام 71... وفي عام 72 تم ابتعاثي إلى دورة تدريبية للتأمين في بغداد - يقول محمد علي عبد الرحمن - وبعد عودتي من هذه الدورة فكر مجلس الإدارة التنفيذي التوسع في عمل الشركة وفتح فرع لها بالدمام في المملكة العربية السعودية ... وفي أول أكتوبر من عام 79 استقال جناحي وتم تعييني مديرا عاما بالوكالة .. وتوالى تعيين مديرين عامين للشركة [من العراق: هشام بابان ومنعم الخفاجي وكلاهما كانا يشغلان مواقع مرموقة في شركة التأمين الوطنية في بغداد]. ومع غزو العراق للكويت عام 1990 تم تعيين مدير عام انجليزي حتى عام 2003 ..."
وقد اتصلنا بالسيد بسام جلميران، نجل المرحوم أديب جلميران، لعل في ذكرياته عن والده ما يفيد في توسيع المعلومات عن دوره مع الأستاذ عبد الباقي رضا في تأسيس شركة البحرين للتأمين. وقد تفضل بتقديم التعليق التالي في رسالة إلكترونية في 13 تموز 2008:
“Dear Misbah Thank you for your e-mail which I have noted with much interest not only because the names of Adib Chilmeran and Abdulbaqi Ridha were mentioned but also because my vision of the insurance industry in Iraq, its achievements and the names that came out from the market to serve the industry of the region at large, and there are so many of these names. I have attended the celebration of 20th anniversary of Bahrain Insurance Co in October/November 1989 along with my father as well as Mr. Abdulbaqi Ridha and then the General Manager Dr. Hisham Baban. I was told that Iraq was the hub for the insurance industry in the region for many years and it was the source of attraction for many international players, both brokers and reinsurance companies. This is because of its discipline, innovative means of carrying the business, the training that it offered for insurance/reinsurance staff all around the region as well as the prominent names it produced and who are now serving all around the region, many of whom had and are still playing a leading role in the organisation they are in. It was those factors that have led the countries all around the Arab region to resort to Iraq to get training, advise in establishing companies as well as attracting the people to come and serve in the region. Of the stories I remember were the hospitality and manner that the Iraqi Insurance delegation received during their visit. A number of the Bahraini businessmen were there along with HH Sheikh Essa Bin Khalifa, God rest his soul in peace. I was told of the humbleness of Sheikh Essa and the simplicity of his quarter and that of the Bahraini government. Also among the names that were sited frequently was that of Mr. Sadeq Al Baharna who was instrumental in getting all together and later on has served for many years in the chairmanship of the board of the company. Unfortunately, Misbah I have only these general memory of the events and this is what I can share with you, however, I think there are some notes which my father has written about various and different events and these are in Lebanon now with my mother. I will also try to look for the notes he has written about this and will copy it and send it to you. I will be in Beirut on the 15th of August. Thank you and best regards. Bassam A. Chilmeran General Manager Wathba Insurance Company"

نأمل أن يستطيع الزملاء المخضرمون المساهمة في توسيع موضوع هذه الورقة للاستفادة من تجربة الاستثمار في المستقبل. ونأمل أيضاً أن يتعرف الجيل الجديد من العاملين في قطاع التأمين العراقي على ماضي قطاعهم والناس الذين كانوا يعملون فيه لعل هذا الماضي، بقضه وقضيضه وبعيداً عن تجميله، يستفز عندهم روح التحدي لمجابهة المتطلبات الصعبة للمرحلة الحالية في تاريخ التأمين العراقي. لعل من المفيد أن يتذكر البعض كيف عمل البعض بتفاني في بناء الشركات العربية التي كانوا يعملون فيها.[2]

 مصباح كمال
لندن  16 آب 2008

[1] موضوع هذه الورقة يقتصر على شركات التأمين، ولذلك لن نأتي على ذكر المساهمة العراقية في المجمعات العربية، أو شركات إعادة التأمين العربية أو الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب أو مساهمته في تأسيس الاتحاد العام العربي للتأمين سنة 1964.

[2] لا نتوفر على معلومات كافية عن عمل هؤلاء الأشخاص لنكتب عنهم ولم يتبرع أياً منهم لكتابة سيرته العملية. نعرف أن زميلنا د. عبد الزهرة علي، عندما كان مديراً عاماً لشركة سبأ اليمنية للتأمين في صنعاء، كان يقضي نهاره وأحياناً ليله في الشركة لينظم المستندات والوثائق والحسابات وغيرها ويقوم في نفس الوقت بتدريب الموظفين الجدد ممن لم يعملوا في التأمين. تجربته ثرة في شركة إعادة التأمين العراقية في بغداد وفي صنعاء وحالياً في اليمن. لعل وقته يسمح له بتدوين هذه التجربة. نحن نأمل ذلك منه ومن غيره من زملاء المهنة.

ليست هناك تعليقات: