ملاحظة حول انتخاب
مجلس إدارة جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق 2008
مصباح كمال
ينصّ نظام جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق (المادة 16/أ) انتخاب الهيئة العامة لمجلس إدارة الجمعية "بالاقتراع السري لمدة (ثلاثة سنوات) من بين المديرين العامين والمدراء المفوضين ومدراء فروع شركات تأمين وإعادة التأمين غير العراقية الأعضاء في الجمعية. على أن يكونوا من ذوي الجنسية العراقية."
إن كانت المعلومات المتوفرة لدينا صحيحة فإن دورة مجلس الإدارة الحالي ستنتهي قبل انقضاء سنة 2008 ويترتب على ذلك انتخاب مجلس جديد.
نظرة سريعة على بنية سوق التأمين العراقي تبين أن القوة العددية لشركات التأمين الخاصة أكبر من مثيلتها من الشركات العامة وهي محصورة في ثلاثة شركات: شركة إعادة التأمين العراقية، شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية. يعني هذا أن الشركات الخاصة، بفضل قوتها العددية، تستطيع أن تكتسح غيرها من الشركات في انتخاب أعضاء المجلس (المادة 15/ب من نظام الجمعية تنص على أن "لكل عضو في الجمعية صوت واحد في اجتماعات الهيئة العامة). لو تحقق مثل هذه النتيجة فإن شركات القطاع العام سوف لن تمثل في مجلس إدارة الجمعية. وهو أمر مؤسف لافتقاد المجلس لتمثيل متوازن للشركات العاملة في السوق.
عضوية مجلس إدارة الجمعية ليس تشريفاً بل تكليفاً لذلك فإن من يرشح نفسه (نقول يرشح نفسه لأن المدراء كافة هم من الرجال ونرجو أن لا يطول الزمن لنشهد تسنم النساء إدارة شركات التأمين) عليه أن يراعي هذا الأمر، أي أن يكون قادراً على الجمع بين متطلباته الإدارية اليومية وعضوية المجلس. وعليه أيضاً في أداء مهام العضوية ورسم السياسات، أن يتخلى عن مصالح الشركة التي يديرها ويمارس مهامه انطلاقاً من المصالح العامة لجميع الشركات العاملة كي لا يتحول المجلس إلى ميدان للصراع أو إلى فضاء لنقل التنافس بين الشركات العامة والخاصة إلى مجلس الإدارة، وكي يبقى روح التعاون في دعم المصالح العامة للسوق الوطني هو المحرك الرئيسي.
وقد نبدو غير ديمقراطيين إن دعونا إلى صيغة توافقية في تشكيل مجلس إدارة الجمعية. لا بأس إن وصمنا بذلك طالما أن ما يدعونا إلى اعتماد مبدأ التوافق هو الخروج من مأزق التحكم العددي المحتمل في المجلس لو جرى الانتخاب بدون محددات وفي ظل انعدام ضوابط لحماية مصالح الأقلية العددية. يقتضي مبدأ التوافق الأخذ بنظر الاعتبار مصالح جميع الشركات الأعضاء في الجمعية إذ أن الترشيح والانتخاب المفتوح قد لا يحققان تمثيلاً مناسباً لهذه المصالح.
التوافق، في رأينا، ضروري في هذه المرحلة فالوضع الحالي تشكّل بعد الاحتلال في نيسان 2003 ولم يستقر بعد، ولم يتبلور لحد الآن طبيعة سوق التأمين العراقي ومستقبله بشكل كافٍ فهناك ما يشبه الفوضى في العقود فيما يخص إجراء التأمين، وهناك أحكام سلبية ضارة بمصالح سوق التأمين العراقي في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، وسوق التأمين شبه ممزق (عدم التكامل بين المركز والإقليم) وغيرها من القضايا المعلقة. هذه وغيرها أمور تهم جميع الشركات وحلولها يحتاج إلى جهد جماعي من قبل شركاء حقيقيين لإنجاز الاستحقاق المطلوب في خلق سوق وطنية فيدرالية مشتركة للتأمين.
المشكلة التي يثيرها الانتخاب القادم تكمن في نظام الجمعية الصادر سنة 2005 والذي حصر الترشيح لعضوية مجلس الإدارة بالمدراء العامين والمفوضين لشركات التأمين. نكران الذات صفة موجودة لدى الناس ولكننا لا نغالي إن قلنا أن الميل الشخصي للظهور في مواقع الرئاسة أو العضوية قد يطغي أحياناً على هذه الصفة وعلى عناصر أخرى في أداء المهمات ذات الطبيعة العامة. وقد يكون هذا الميل ذو بعد غير شخصي كأن يصرّ الموظف في الشركة العامة على أسبقية في إشغال موقع بفضل عراقة الشركة التي يعمل فيها ومواردها الكبيرة ووزنها الاقتصادي (دون أن ننكر هذه الميزات أو نتجاهل مكانتها في السوق وسمعتها بشكل خاص أمام الأسواق الإقليمية والعالمية) لكن الإصرار على ذلك يجب أن لا ينطوي على تجاهل إرادة ومكانة الشركات الأخرى (التي نرى أن تحضى برعاية الشركات العامة فيما يتعلق بمساعدتها على تطوير وتأهيل كفاءتها ومدها بالخبرات لتكون بحق الراعية، بفضل الخبرة المتراكمة لديها، لمهمة تطوير السوق الوطني الموحد) وإلا فإن المجلس يكون ضعيفاً وأقل فعالية.
ضمن هذه المعطيات، وهي طبعاً قابلة للنقاش، فإن التوافق بين الشركات الخاصة والعامة على تشكيل مجلس إدارة الجمعية يصبح ضرورياً شريطة الاتفاق على برنامج عمل للدورة القادمة وتحديد قدرات الشركات التي تستطيع النهوض بأعباء البرنامج والتعاون مع غيرها من الشركات الممثلة في المجلس لتنفيذه. وخلاف ذلك قد نشهد انتخاب مجلس جديد، اعتماداً على التطبيق الحرفي لنظام الجمعية، قد لا يحظى بمؤازرة وتعاون تامين من جميع الشركات الأعضاء في الجمعية، وقد يظل مشلولاً.
أملنا أن تساهم هذه الملاحظة في إثارة النقاش عن الانتخاب القادم لمجلس إدارة الجمعية فهو اختبار جيد على مدى التعاون ونكران الذات لدى الشركات والمديرين لها وتقديم مصالح السوق على مصلحة الشركات الخاصة أو العامة.
مصباح كمال
لندن 21 آب 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق