تجديد اتفاقيات شركة إعادة التأمين
العراقية وشركات التأمين الخاصة
مصباح كمال
في الربع الرابع من كل سنة تبدأ شركة إعادة التأمين
العراقية بالاستعداد لجولة مفاوضات تجديد اتفاقياتها لإعادة التأمين مع ممثلي معيد
التأمين القائد لهذه الاتفاقيات، بالتعاون مع مستشارها في لندن ومجموعة وسطاء
إعادة التأمين الثلاث التي قامت بتعيينها منذ سنوات.
وقد درجت العادة على أن يضم الوفد لهذه المفاوضات، التي
تعقد خارج العراق أواخر تشرين الثاني أو أوائل كانون الأول، ممثلين عن شركة إعادة
التأمين العراقية وشركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية (وهي شركات تعود
ملكيتها للدولة ممثلة بوزارة المالية).
وحسب المعلومات المتوفرة لدينا لم يشترك ممثل عن شركات التأمين الخاصة في
هذه المفاوضات، منذ سنة 2005، إلا مرة واحدة.
وهنا ينشأ سؤال عام: لماذا؟ لنتوسع
في التساؤل متقصدين الاستفزاز من باب الحصول على جواب من أصحاب الشأن.
§
هل أن ضعف، أو عدم مشاركة ممثلي شركات التأمين الخاصة، يعود إلى عدم توفر
قدرة مالية لديها لتحمل نفقات إرسال ممثل أو أكثر عنها لاجتماعات التجديد خارج
العراق؟
§
هل أن شركة إعادة التأمين العراقية لا توجه دعوات لشركات التأمين الخاصة
لتسمية ممثلين لها للالتحاق بوفد الشركات الحكومية لاجتماعات التجديد؟
§
تُرى هل السبب يعود إلى اطمئنان شركات التأمين الخاصة بما توفره لها
الإعادة العراقية من غطاء لإعادة التأمين، ولذلك لا ترى ضرورة لمشاركة ممثليها في
مفاوضات التجديد؟
أو
ربما العكس هو الصحيح-سأم الشركات الخاصة من خدمات الإعادة العراقية والقبول بما
هو موجود لحين توفر متطلبات إعادة التأمين الاتفاقي المستقل للبعض من هذه الشركات
خارج نطاق الإعادة العراقية.
نعرف بأن شركتي التأمين الحكوميتين (التأمين الوطنية
والتأمين العراقية) هما اللتان تغذيان أساساً اتفاقيات إعادة التأمين بالأقساط،[1] مقابل حصة صغيرة تقدمها شركات التأمين الخاصة المنضوية
تحت هذه الاتفاقيات. (حسب المعلومات
المتوفرة يزيد عدد هذه الشركات الخاصة المشاركة في هذه الاتفاقيات عن العشرين قليلاً
تختلف في حجم رأسمالها، وعدد العاملين فيها، وحجم أقساطها المكتتبة)[2].
إن كانت مساهمة شركات التأمين الخاصة في تغذية اتفاقيات
إعادة التأمين صغيرة فإن ذلك لا يعفيها، إن كانت جادة في الحفاظ على مصالحها
وتعزيزها، من المشاركة في مفاوضات تجديد الاتفاقيات. ففي هذه المفاوضات تتقرر شروط الاتفاقيات، ومن
الأولى أن تتعرف الشركات الخاصة على آراء المعيد القائد مباشرة، وما يجري التفاوض
عليه، وكيفية التوصل إلى القرارات النهائية الخاصة بالتجديد، ودور مجموعة وسطاء
إعادة التأمين في إدارة التفاوض والتقريب بين المواقف الخلافية وإيجاد الحلول
المناسبة.
كما أن المشاركة في مفاوضات تجديد اتفاقيات إعادة
التأمين توفر لهذه الشركات فرصة الإعداد للمستقبل حين تقوم بترتيب اتفاقيات إعادة
التأمين الخاصة بها دون المرور من خلال شركة إعادة التأمين العراقية كلياً.
إن كانت شركات التأمين الخاصة ذاتها لا تعير اهتماماً
حقيقياً عميقاً بما يتم الاتفاق عليه في مفاوضات تجديد اتفاقيات إعادة التأمين، فما
بال الإعادة العراقية لا تبادر إلى حث شركات التأمين الخاصة لتعيين ممثل أو ممثلين
عنها للمشاركة في المفاوضات خاصة وأن ادارتها تؤكد على أنها تقف على مسافة واحدة
بين الشركات العامة والخاصة؟
كتبتُ في مقالة غير منشورة وفي سياق آخر أن مبادرات
الإعادة العراقية "غير موجودة وأن إدارتها تفتقد عنصر الريادة والعمل لتطوير
قطاع التأمين العراقي، إذ لا يكفي أن تكتفي بتوفير حماية إعادية للشركات المباشرة
في العراق باعتبار أن هذا هو عملها الرئيسي ... هذا الوضع بحاجة إلى دراسة مستقلة
أتوقع من إدارة الإعادة العراقية القيام بها لكشف مكامن القصور والمراوحة في نفس
المكان، وباختصار التقييم النقدي المتجرد من عقلية الرضا عن النفس. مراوحة الإعادة العراقية في مكانها، منذ أن
فقدت هيبتها الماضية، لا تختلف عن غيرها من الشركات العامة، فكلها تعاني من
المشاكل، وكذا الأمر بالنسبة للشركات الخاصة."[3]
لقد اكتفينا بمجرد إثارة الأسئلة إذ أننا لا نتوفر على
أجوبة مقنعة لها قائمة على حجة. وهمنا هو
إثارة النقاش. ولعل الإعادة العراقية أو
إحدى الشركات الخاصة تتقدم برأي. وعلى أي
حال نأمل تقويم أي خطأ في معلوماتنا.
24 تشرين الثاني 2016
[1] بدون أقساط شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين
العراقية لا توجد أرضية حقيقة لترتيب اتفاقيات إعادة التأمين. ولذلك فإن شركات التأمين الخاصة وحتى الإعادة
العراقية "مدينة" للشركتين.
ونزعم أن انسحاب الشركتين من اتفاقيات إعادة التأمين يؤدي إلى انهيار
الإعادة العراقية.
[2]
هناك عدد قليل من شركات التأمين الخاصة، في بغداد والسليمانية، لا تلجأ إلى
الإعادة العراقية لتأمين احتياجاتها لإعادة التأمين الاتفاقي. وليس هناك إلزام قانوني على شركات التأمين
المباشر لإسناد نسبة من أعمالها للإعادة العراقية.
[3] يجري الكثير من الحديث عن دور الشركات
الخاصة في التنمية وتنويع الاقتصاد وفي ابتداع المنتجات وتقديم الخدمات إلا أن ما
أنجزته هذه الشركات ضمن قطاع التأمين ضئيل ربما لا يتعدى توفير فرص بسيطة جداً
للعمالة (لا نعرف الرقم الدقيق ونزعم بأنه يقل أو يزيد قليلاً عن 200 شخص)، ودرجة
من المنافسة غير المنضبطة (منافسة غير قائمة على اعتبارات فنية مهنية ترمي إلى
مجرد الحصول على الأعمال "بتكسير" الأسعار). البعض من هذه الشركات، وهي قليلة، تميَّز
بكفاءة الأداء إلا أن تأثيرها لم يمتد على الشركات الأخرى. غياب ممثلي هذه الشركات من مفاوضات تجديد
اتفاقيات إعادة التأمين يؤشر على وجود مشكلة لديها أو لدى الإعادة العراقية.
ويبدو لي أن الشركات الخاصة، يرجع تأسيس بعضها إلى سنة
2000، تنظر إلى نفسها ككيانات منعزلة عن بعضها لا يجمعها هدف سوى تحقيق الربح،
وليس كهيئة جماعية تجمعها مصالح مشتركة تستحق الذود عنها. إن ضعف هذه الشركات يدلُّ على أنها ليست نداً
للشركات العامة وأن أمامها شوط طويل للحاق بهذه الشركات.
هناك تعليق واحد:
شكرا جزيلا على المعلومات القيمة
إرسال تعليق