إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2016/04/07

Preface to Introducing Public Liability Insurance Including Professional Indemnity in Iraq


التمهيد لغطاء إعادة تأمين المسؤولية المدنية

 
مصباح كمال 
 
كتبت هذه الورقة خصيصاً لجمعية التأمين العراقية

مقدمة


 

منذ عدة سنوات عملت مع إحدى شركات التأمين العامة لتطوير غطاء لإعادة تأمين المسؤولية المدنية بعد أن ازداد السؤال والطلب على أنواع معينة من وثائق تأمين المسؤولية المدنية وخاصة التأمين من المسؤولية المهنية ومسؤولية المنتجات.  لم تثمر هذه الجهود لعدم متابعة الموضوع من قبل الشركة المعنية.

 

لقد تعزز الاهتمام بالتأمين من المسؤولية بعد أن تبنت الحكومة في برنامجها (2014) مشروع جعل أنواع من هذا التأمين إجبارياً.  وهو ما تناولته في مقالتي "التأمين في المنهاج الحكومي: قراءة أولية."[1]  وكما كتبت حينها فقد جاء الاهتمام الحكومي هذا ضمن مجموعة من تأمينات أخرى:

 

جاء ذكر التأمين في المنهاج متناثراً.  ونقتبس منه الآتي اعتماداً على ما نُشر في جريدة الصباح.[2]  لأول مرة يرد ذكر التأمين في خطاب رسمي وضمن ما يبدو أنه بداية اعتماد سياسة أو موقف تجاه جوانب من التأمين تمثّلَ بالبنود التالية:

 

§       اعتماد نظام التأمين الصحي للمواطنين كافة وتطبيق نظام طبيب الاسرة.

§   جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة إجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك.

§   توفير مظلة فاعلة من التأمين الزراعي تحمي المزارعين من الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

 

التأمين الإجباري على المسؤولية الناشئة عن المنتجات والمسؤولية المهنية


 

من المفيد لأغراض هذه الورقة اقتباس بعض الملاحظات التي كتبتها حول بند جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية إجبارياً.

 

§        جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة اجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك.

 

التأمين على المُنْتَجْ

أرى أن المقصود بالتأمين على المنتج هو التأمين على المسؤوليات القانونية المترتبة على المنتجات المحلية حيث يمكن للطرف الثالث المتضرر من استعمال المنتج الرجوع على مُنتج البضاعة لجبر الضرر اللاحق به.  وبالنسبة للمنتجات المستوردة يمكن الرجوع إلى المستورد.

 

نفترض أن الحكومة ستتقدم لمجلس النواب بمشروع قانون، بالاستفادة من القانون المدني وقانون حماية المستهلك، لتحديد مسؤولية الصانعين والموزعين والمجهزين والمستوردين وتجار التجزئة وغيرهم عن الأضرار الناجمة عن المنتجات التي تلحق بالأطراف الثالثة.  ومثل هذا القانون سيساعد شركات التأمين في صياغة أغطية التأمين المناسبة لمثل هذه المسؤولية التي يمكن أن تتأسس لعيب مصنعي في المنتج، أو عدم سلامة المنتج بالضد مما يعلن عنه صاحبه، وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى قيام المسؤولية.

 

نفترض أيضاً أن جمعية التأمين العراقية ستقوم باتخاذ موقف ووسائل توعية وإجراءات أخرى كما سنشير إلى بعضها أدناه باختصار.

 

كما نفترض أن تنظيمات رجال الأعمال وغرف التجارة والمؤسسات المماثلة سيكون لها موقف.  وأرى أن يتم التنسيق بينها وبين جمعية التأمين العراقية وإيصال صوتها لمجلس النواب.

 

تأمين المسؤولية المهنية

ها أنا أرى أن التأمين الإجباري على المسؤولية المهنية يقترب من إحدى تمنياتي.  ويصبُّ الإعلان عن هذا المشروع، متى ما تحقق، لصالح تطوير سوق التأمين العراقي.  والمطلوب أن تتقدم الحكومة أولاً بمشروع قانون عن المسؤولية المهنية يُعرض على مجلس النواب ويكون أساساً لأجراء التأمين من قبل أصحاب المهن (من العراقيين والأجانب العاملين في العراق).  ونفترض أن مشروع القانون سيحدد المهن التي ستخضع للتأمين، كالأطباء، والمحامين، والمحاسبين، والمهندسين المعماريين وغيرهم.

 

دور جمعية التأمين العراقية

من المطلوب أن تقوم جمعية التأمين العراقية بتقديم ورقة موقف تجاه هذه السياسة المعلنة في المنهاج، وتقوم بصياغة وثيقة/وثائق تأمين نموذجية تمثل الحدود الدنيا للغطاء التأميني للمسؤولية، ويترك لشركات التأمين حرية التوسع في الغطاء بالاتفاق مع أصحاب المهن.  ومن المفيد أيضاً أن تقوم الجمعية، كإجراء آني، بتوزيع بعض الدراسات عن المسؤولية المهنية على أعضائها.  وكذلك استمزاج رأي أصحاب المهن المنضوين في نقابة أو جمعية إذ أن بإمكان هذه النقابات إدارة صندوق تأمين لتغطية مسؤوليات أعضائها من مطالبات الأطراف الثالثة المتضررة من خرق الواجب المهني أو سوء التطبيق.[3]

 

سيساهم جعل هذا التأمين إجبارياً في تعظيم أقساط شركات التأمين العراقية والتي يفترض أن تقوم بالاكتتاب به لوحدها أو بالتعاون مع معيدي التأمين أو ضمن ترتيبات خاصة مع النقابات والجمعيات المهنية العراقية.

 

بعض المهام المطروحة على الجمعية


 

ربما لم تنتبه الجمعية إلى ما كنت أتوقعه منها لأن ورقتي المنشورة لم تصلها.  وأرى أنه قد حان الأوان كي تقوم بتنفيذ بعض المهام التي كنت أتوقعها منها كما ذكرتها في الاقتباس.  وهذه هي اختصاراً:

 

1.  تقديم ورقة موقف تجاه السياسة المعلنة في منهاج الحكومة عام 2014 بجعل التأمين من المسؤولية المهنية ومسؤولية المنتجات إجبارياً.

2.  صياغة وثيقة/وثائق تأمين نموذجية تمثل الحدود الدنيا للغطاء التأميني للمسؤولية بالاستفادة من النماذج المعتمدة في أسواق التأمين العالمية.[4]

3.    توزيع بعض الدراسات عن المسؤولية المهنية على أعضائها.

4.  استمزاج رأي أصحاب المهن المنضوين في نقابة أو جمعية بشأن سياسة الحكومة بجعل التأمين إجبارياً.[5]

5.  اعداد ندوة مشتركة للعاملين في التأمين ولأصحاب القرار في الوزارة يقوم من خلالها خبراء ومختصين بشرح اخر المستجدات العالمية في التأمين الإلزامي لمسؤولية المنتجات والمسؤولية المهنية.  ولا بأس من استدعاء خبراء من الخارج لإغناء الموضوع لأهميته.[6]

 

مثل هذا العمل يستغرق وقتاً وجهداً ويتطلب تعبئة الموارد الفنية والقانونية المتوفرة للجمعية أو لدى أعضائها من الشركات.  المهم هو الشروع باتخاذ الخطوات المناسبة بهذا الشأن.

 

إن العمل على هذا المشروع يوفر الأرضية المناسبة أيضاً للاكتتاب المباشر بأخطار المسؤولية المدنية على أنواعها.  وبالتالي تبدأ الخبرة بالتراكم في مجال الاكتتاب وتسوية المطالبات بالتعويض.

 

إثارة اهتمام معيدي التأمين


 

في مخاطباتي مع شركة التأمين بيّنتُ أن إثارة اهتمام معيدي التأمين بالموضوع يستوجب توفير بعض المعلومات الأساسية ومنها على سبيل المثال:

 

-    الدخل التقديري لأقساط التأمين لفرع التأمين من المسؤولية خلال السنة.

-    نوع وعدد وثائق التأمين التي من المتوقع أن تكتتب بها الشركة خلال السنة.

-    من هم طالبو التأمين: (1) عراقيون أفراد وشركات ودوائر حكومية (2) أجانب أفراد وشركات.

-    خبرة الخسارة في فرع التأمين من المسؤوليات المدنية.

-    تقديم فكرة عن تسوية المطالبات من قبل المحاكم العراقية، وتسوية المطالبات خارج القضاء باعتماد وسائل تقليدية، مع عرض للاتجاه السائد في التسويات من حيث حجم التسوية والتفسير القضائي لشروط وثيقة التأمين.

 

وبالطبع سيكون التوسع في هذه المعلومات ليشمل الخبرة في السوق بأكمله، إن كان ذلك ممكناً، مفيداً جداً لتكوين صورة تقريبية عن الاتجاهات السائدة.  أعرف بأن معظم هذه المعلومات ليست متاحة بسهولة إلا أن هذا الوضع لا يحول دون المبادرة إلى البحث فيها.  ويمكن القيام بذلك من خلال ما يلي:

 

-    وضع جدول بطلبات الـتأمين التي استلمتها الشركة في السنوات الماضية، مع بيان عدد الطلبات، نوع تأمين المسؤولية المطلوب، مصدر الطلبات (محلي أم أجنبي)، حدود التعويض المطلوبة.  كما أنه من المفيد توفير أية معلومات، إضافة إلى ما هو مذكور، تقدم بها طالب التأمين.

 

-    قائمة بالتعويضات المسددة والموقوفة بموجب وثائق التأمين من المسؤولية المدنية الصادرة من قبل الشركة خلال السنوات الخمس الماضية أو ما هو متوفر منها.

 

-    قائمة بالتعويضات الكبيرة للإصابات البدنية، بما فيها الوفاة، بموجب قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 وتعديلاته.  وهذه المعلومات موجودة حصراً لدى شركة التأمين الوطنية لأنها الجهة المخولة قانوناً لإدارة تعويضات التأمين الإلزامي.

 

-    قائمة بتعويضات الإصابات البدنية وأضرار الممتلكات بموجب قسم المسؤولية المدنية في وثائق التامين الهندسي.

 

-        دور المحامين في تسوية المطالبات والمحاكم.

 

-    تأثير الطرق التقليدية (الفصل العشائري على سبيل المثل) على التسويات، وعدد وحجم هذه التسويات، إن كان ذلك ممكناً.

 

يمكن للجمعية أن تعمم طلب المعلومات على الشركات والاستفادة من المعلومات المجمعة لتأسيس قاعدة بيانات إحصائية أولية ووضع دراسة عن تأمين المسؤوليات المدنية بما فيها تأمين المسؤولية المهنية وتأمين المسؤولية عن المنتجات.  ويمكن لها أن تنسق هذا العمل مع شركة إعادة التأمين العراقية لأنها ربما قد تكون الشركة التي ستتفاوض مع معيدي التأمين في الخارج للحصول على تسهيلات إعادية لصالح جميع شركات التأمين.

 

من باب الختام


 

هذه الورقة هي محاولة أولية لإثارة موضوع تأمين المسؤولية المدنية بشكل عام وتأمين المسؤولية المهنية والمسؤولية الناشئة عن المنتجات (والأخيرة يمكن أن تكون جزءاً من وثيقة تأمين المسؤولية العامة).  نعرف بأن الطلب على تأمين المسؤولية المدنية في العراق متدني جداً، وحضوره الوحيد، والقوي، هو في القسم الثاني من وثائق التأمين الهندسي.  ويأتي ذلك بفضل شروط التعويض والتأمين في العقود الإنشائية.

 

الاهتمام الحالي يقوم على شقين.  الأول، هو طلب شركات جولة التراخيص النفطية التأمين على مسؤولياتها بموجب البنود النموذجية من المادة 24 في مسودة العقود المبرمة بين وزارة النفط العراقية والشركات التابعة لها وشركات النفط العالمية، الخاصة بتطوير حقول النفط.  إذ خلقت هذا الطلب وضعاً جديداً على شركات التأمين العراقية.  الثاني، هو تبني الحكومة لمشروع جعل التأمين على المسؤولية عن المنتجات والمسؤولية المهنية إجبارياً.  نحن هنا، إذاً، بإزاء خلق مصدر ثابت بقوة القانون لشراء التأمين سيساهم في تعزيز إيرادات شركات التأمين التي ستكتتب بهذا التأمين.

 

ونتوقع أن تكون إحدى إفرازات انتشار هذا التأمين هي المساهمة في خلق وعي أفضل بحقوق المستهلكين رغم أن تجربة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 لم يعمل على تشكيل مثل هذا الوعي.  وهذا موضوع يستحق دراسة مستقلة.

 

نأمل أن تساهم هذه الورقة في فتح باب واسع للنقاش للموضوع.

 

 

3 نيسان 2016

 




[1] الثقافة الجديدة، العدد 370، تشرين الثاني 2014، ص 51-63.  نشرت بعد ذلك في مجلة التأمين العراقي:
 
[2] جريدة الصباح، "أولويات الستراتيجية للبرنامج الحكومي ... توفير السكن والخدمات والضمان الاجتماعي"، 9 أيلول 2014.
[3] بالنسبة للأطباء، على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من تجربة اتحاد الدفاع الطبي (Medical Defence Union)، أو بالنسبة للمحامين الصندوق التبادلي للدفاع عن المحامين (Solicitors Mutual Defence Fund) في بريطانيا (توقف الصندوق عن العمل لأسباب مالية نظراً لازدياد حجم المطالبات بالتعويض ضد الأعضاء).
[4] قام التجمع التأميني العراقي بتوفير نماذج من وثائق تأمين المسؤولية باللغة الإنجليزية للجمعية.
[5] إن كانت كلفة التأمين عالية بإمكان هذه النقابات المهنية تكوين صندوق تأمين ذاتي خاص بها من خلال اشتراكات الأعضاء لتغطية مسؤولياتهم.
[6] أشكر الزميل سمير عبد الأحد على تقديمه لهذا المقترح بعد قراءته لمسودة الورقة.  وهذا المقترح ينسجم مع ما ورد في المادة 7-ج من النظام الداخلي للجمعية: "تأهيل وتدريب الموظفين لدى اعضاءها والوسطاء، وخبراء التسوية وإنشاء مكتبة تأمينية قانونية وعقد النـدوات، والمؤتمرات المهنية، والدورات الهادفة إلى تنشيط اعمال التأمين، وإجراء البحوث العلمية، وإعداد الإحصائيات التي من شأنها خدمة قطاع التأمين."

ليست هناك تعليقات: