واقع المرأة في شركة التأمين الوطنية
إيمان شياع
مقدمة
مما لاشك فيه أن حضور المرأة في كافة ميادين الحياة المعاصرة كان له الأثر الكبير في بناء شخصيتها وتنامي قدرتها في الإبداع والتقدم. إن أي نظرة على واقع المرأة، العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص، في ظل الظروف الاجتماعية والمعتقدات التي اتسمت بها مجتمعاتنا توضح حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها لتثبت قدرتها وإمكانيتها، وتحقيق ذاتها، والاعتماد على نفسها، فلا يخفى أن المجتمع لا زال ينظر إليها على أنها كائن ضعيف ومحدود "ناقص في العقل والدين" على الرغم من إنها شاركت في كافة المجالات وتعلمت في نفس الجامعات أسوة بالرجل. هناك سببان لتعثر المرأة في مسيرتها العملية، أولها اجتماعي يتمثل بنظرة المجتمع السلبي، وخاصة المجتمع الذكوري، وكذلك التقاليد المتوارثة في عدم إعطائها الفرصة للتعبير عن نفسها، وإبداء كفائتها، والسماح لها بالتطور. والسبب الثاني يعود إلى المرأة نفسها فقد ساهمت، عن قصد أو بدونه، في حصر نفسها واكتفت بدور المتفرج وتنازلت عن حقها في تقرير مصيرها حاضرا ومستقبلا. ومع ذلك لا نعمم هذه الحالة على الجميع فهناك من استطاعت أن تتخذ لها موطئ قدم وان تنافس الرجل في شتى المجالات وان يكون لها دور فاعل وايجابي في أي مجال تعمل فيه متحدية بذلك الإرث الثقيل للتقاليد والنظرة الاجتماعية القاصرة. واستطيع أن أورد هنا عشرات الأمثلة ولكن ما يهمني هنا هو أن أتحدث عن عمل المرأة في مجال التامين تحديدا باعتباري عاملة في هذا المجال واستطيع أن ارصد إلى حد ما واقع المرأة فيه.[1]
حضور المرأة في شركة التأمين الوطنية
إن سياقات العمل الحكومي تكاد أن تكون متشابهة في معظم دوائر الدولة ولكن قطاع التأمين يملك من الخصوصية المهنية ما يجعله يختلف عن بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، فموظف التأمين يجب أن يتمتع بميزات قد لا يحتاجها من يعمل في مجال آخر فما بالك إذا كان هذا الموظف امرأة؟ إن التأريخ الطويل، نسبياً، للتأمين في العراق والذي يعود إلى بداية خمسينيات القرن الماضي، وما حصل من تطور حين وضعت قيد التنفيذ في سنة 1960 سياسة لتعريق شركات الـتأمين وصولا إلى عام 1964 حين صدر قانون تأميم شركات التـأمين في العراق، واستمرارا إلى العقود اللاحقة، نقول: إن كل هذا التأريخ الطويل اكسب صناعة التامين في العراق خبرات وكفاءات عالية متمثلة بنخبة ممتازة من الفنيين العراقيين. التأمين أو قل الحماية التأمينية، كما هو معروف، "سلعة" يجب تسويقها، فهي ليست من السلع التي لا يستغني عنها الإنسان وخاصة في مجتمعاتنا، مما يتطلب من العاملين فيه مؤهلات خاصة به ومعرفة ودراية بعملية التسويق على المستوى المحلي. هذا إضافة إلى تسلحهم باللغة الأجنبية، وخاصة الإنجليزية، وإحاطة بأسواق إعادة التأمين العالمية وما يحدث فيها من تغييرات. ولم تكن النساء العاملات في الشركة ببعيدات عن هذه المتطلبات بفضل المؤهلات الجامعية التي حصلن عليها، وممارسة العمل اليومي.
ونرى أن موقع المرأة في الشركة قد تعزز بفضل تطورات الوضع الداخلي للعراق إذ أثرت السياسة والحروب في النشاط الاقتصادي ومنها قطاع التأمين. لقد ولّدت هذه الأوضاع، وخاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، نتائج غير متوقعه في تأثيرها على المجتمع وعلى المرأة بالخصوص. مشاركة الرجال في الحرب خلقت شواغر لصالح النساء على المستوى المهني لكنها، في ذات الوقت، حولت النساء إلى معيلات لأسرهن. باتت معظم الدوائر، وبضمنها شركات التأمين طبعا، تعتمد على العنصر النسوي في تمشية العمل حيث ارتفعت نسبة النساء العاملات في شركة التامين الوطنية إلى 75%. إذا استثنيانا عقد السبعينات من القرن الماضي، والذي شهد استقراراً سياسياً واقتصادياً نوعا ما، كانت هناك مشاركة ايجابية لبعض النساء في العمل. ففي عام 1975 مثلا، كان عدد العاملين في شركة التامين الوطنية، حسب الكتيب الذي صدر بمناسبة اليوبيل الفضي للشركة، 891 فرداً بما فيهم العمال والمستخدمين وبلغ عدد النساء العاملات في الشركة للعام المذكور 148 سيدة يعملن في مختلف الوظائف. وكانت بعضهن في مواقع قيادية مهمة، وخاصة في الإدارة العامة في الشركة، في وقت آن سوقاً تأمينياً عريقاً مثل لويدز، كما عرفت مؤخرا، لم يكن يسمح نظامه الداخلي بعمل النساء في تلك الفترة. ورغم وجود هذه النسبة المرتفعة من الكادر النسوي استمرت هيمنة الرجل على المراكز القيادية العليا. لا نريد أن نلقي اللوم على الرجل في ذلك لان المجتمع والتركة الثقيلة للتقاليد هو الذي يمنحه هذا الحق حتى من المرأة نفسها أحيانا. وهكذا بقيت المرأة بعيدة عن مركز القرار مع وجود بعض السيدات اللواتي كان لهن دور واضح وايجابي في الشركة وكن على مستوى عالي من المسؤولية.
بعد غزو الكويت (آب 1990) وخضوع العراق تحت طائلة العقوبات الدولية وفرض الحصار الاقتصادي عليه (1990-2003) تأثر قطاع التأمين كثيرا إذ توقفت أعمال الكثير من الفروع كفرع البحري والسفن والطيران والهندسي وإعادة التأمين وكل ما له علاقة مباشرة بالحركة الاقتصادية التي شلتها عقوبات مجلس الأمن. وهذا الوضع المتردي أثر بطبيعة الحال بشكل كبير على موظف التأمين وذلك لقلة المردود المادي والذي دفع الكثير من الموظفين، رجالا ونساءً، إلى ترك الشركة والعمل أما في القطاع الخاص، البعيد كل البعد عن التأمين، أو بالسفر إلى الخارج لاقتناص فرصة أفضل للعمل. إن المرأة طيلة العقود السابقة لم تكن بعيدة عن التامين ولكنها كانت مركونة لتفرد الرجل واستحواذه على معظم القرارات الوظيفية ولكنها كانت تكتسب الخبرة سواء أكانت معاونة للمدير الرجل أو تعمل في نفس مجاله. لذلك، وبفضل الخبرة والمهارات المتراكمة لدى العناصر النسائية، برزت الحاجة إليها بعد أن تركت معظم القيادات الرجالية مكانها حتى بعد بع الغزو والاحتلال سنة 2003 وسقوط النظام وقيام فرصة للتغيير وإعادة التأسيس للمؤسسات.
الحضور الحالي للمرأة في الشركة
حاليا تشغل المرآة في شركة التامين الوطنية المراكز التالية: مدير الحسابات الأقدم وعضو مجلس الإدارة، مدير فرع الحريق والحوادث، مدير فرع السيارات، مدير فرع كركوك، مدير فرع الموصل، مدير القسم الفني، مدير قسم التخطيط والمتابعة، مدير قسم الحاسبة الالكترونية، إدارة مكتبة الشركة. هذا إضافة إلى العديد من المديرات ومعاونات المدير اللواتي يقمن بكافة الأعمال الفنية والقانونية والحسابية. وهناك العديد من السيدات اللواتي يقمن بالعمل الإنتاجي رغم كل الصعوبات اليومية المعروفة من تفجيرات وأعمال عنف وانعدام الأمن أو النظرة الاجتماعية المتخلفة للمرأة العاملة في هذا المجال حيث أن هناك من لا يحبذ العمل بالتأمين أصلا. ومع ذلك نجد أن هناك مُنتجات في بعض المحافظات تقمن بإنتاج الوثائق وأحيانا يتفوقن على الرجال في بيع وثائق التأمين وفي استحصال الأقساط عنها.
عندما أخبرت احد زملائي عن عدد المراكز التي تشغلها المرأة في الشركة علق ساخرا: "الم تري كيف أن الشركة في تدهور مستمر." إنها النظرة التقليدية المسبقة نفسها الذي تحاول اختزال أسباب التدهور الذي لحق بالشركة، وبقطاع التأمين عموماً، بعمل المرأة. اهو عمل المرأة الذي يفسر الوضع القائم أم حروب النظام وسياساته وسنوات الحصار وآثار الغزو وتفشي القيم العشائرية والبدوية ومحاولات حجر المرأة في عتمة زمن ثقافي لا علاقة له بمتطلبات العصر ودينامكيته؟ قد يكمن السبب في احتكار الرجل لمواقع القرار وهو ما يجسده شكوى بعض النساء العاملات من عدم إشراكهن في اتخاذ الكثير من القرارات التي تهم الشركة والتي هي من صميم اختصاصهن. أود أن أبين هنا بعض الأرقام: بلغ عدد موظفي شركة التامين الوطنية لغاية عام 2008 (699) موظفاً عدد الذكور (280) في حين بلغ عدد الإناث (419) بنسبة زيادة قدرها 60%. بلغ عدد النساء العاملات بالإنتاج 92 منتجة من أصل 305 منتجا تجلب البعض منهن أقساطا عالية وكبيرة للشركة. يبلغ عدد الحاصلات على شهادة البكالوريوس في عموم الشركة (132) في مختلف الاختصاصات التي تحتاجها الشركة سواء كانت حسابية أو قانونية أو إدارية آو في تخصص اللغة أو التأمين أو أي من التخصصات الهامة الأخرى.
قد يكون وضع المرأة في شركة التامين ايجابيا بالقياس إلى بقية الشركات. إن التحول الذي طرأ بعد عام 2003 يحمل الكثير من الوعود والآمال وفي مختلف الأصعدة. فعلى الرغم من الخسارات الشخصية فان هناك أمل في أن يتسع دور المراة في المشاركة في بناء مجتمعنا وذلك عن طريق توعيتها بدورها الفاعل من خلال الحملات الدعائية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني التي نشطت بعد التغيير. التوعية يجب أن تطال الرجل أيضاً وغربلة القيم الموروثة أياً كانت مصادرها. ونرى أن تبدأ التوعية في مختلف مراحل التعليم لتأسيس الرؤية الإيجابية.
إيمان شياع
بغداد، 22 نيسان 2009
إيمان شياع
مقدمة
مما لاشك فيه أن حضور المرأة في كافة ميادين الحياة المعاصرة كان له الأثر الكبير في بناء شخصيتها وتنامي قدرتها في الإبداع والتقدم. إن أي نظرة على واقع المرأة، العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص، في ظل الظروف الاجتماعية والمعتقدات التي اتسمت بها مجتمعاتنا توضح حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها لتثبت قدرتها وإمكانيتها، وتحقيق ذاتها، والاعتماد على نفسها، فلا يخفى أن المجتمع لا زال ينظر إليها على أنها كائن ضعيف ومحدود "ناقص في العقل والدين" على الرغم من إنها شاركت في كافة المجالات وتعلمت في نفس الجامعات أسوة بالرجل. هناك سببان لتعثر المرأة في مسيرتها العملية، أولها اجتماعي يتمثل بنظرة المجتمع السلبي، وخاصة المجتمع الذكوري، وكذلك التقاليد المتوارثة في عدم إعطائها الفرصة للتعبير عن نفسها، وإبداء كفائتها، والسماح لها بالتطور. والسبب الثاني يعود إلى المرأة نفسها فقد ساهمت، عن قصد أو بدونه، في حصر نفسها واكتفت بدور المتفرج وتنازلت عن حقها في تقرير مصيرها حاضرا ومستقبلا. ومع ذلك لا نعمم هذه الحالة على الجميع فهناك من استطاعت أن تتخذ لها موطئ قدم وان تنافس الرجل في شتى المجالات وان يكون لها دور فاعل وايجابي في أي مجال تعمل فيه متحدية بذلك الإرث الثقيل للتقاليد والنظرة الاجتماعية القاصرة. واستطيع أن أورد هنا عشرات الأمثلة ولكن ما يهمني هنا هو أن أتحدث عن عمل المرأة في مجال التامين تحديدا باعتباري عاملة في هذا المجال واستطيع أن ارصد إلى حد ما واقع المرأة فيه.[1]
حضور المرأة في شركة التأمين الوطنية
إن سياقات العمل الحكومي تكاد أن تكون متشابهة في معظم دوائر الدولة ولكن قطاع التأمين يملك من الخصوصية المهنية ما يجعله يختلف عن بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، فموظف التأمين يجب أن يتمتع بميزات قد لا يحتاجها من يعمل في مجال آخر فما بالك إذا كان هذا الموظف امرأة؟ إن التأريخ الطويل، نسبياً، للتأمين في العراق والذي يعود إلى بداية خمسينيات القرن الماضي، وما حصل من تطور حين وضعت قيد التنفيذ في سنة 1960 سياسة لتعريق شركات الـتأمين وصولا إلى عام 1964 حين صدر قانون تأميم شركات التـأمين في العراق، واستمرارا إلى العقود اللاحقة، نقول: إن كل هذا التأريخ الطويل اكسب صناعة التامين في العراق خبرات وكفاءات عالية متمثلة بنخبة ممتازة من الفنيين العراقيين. التأمين أو قل الحماية التأمينية، كما هو معروف، "سلعة" يجب تسويقها، فهي ليست من السلع التي لا يستغني عنها الإنسان وخاصة في مجتمعاتنا، مما يتطلب من العاملين فيه مؤهلات خاصة به ومعرفة ودراية بعملية التسويق على المستوى المحلي. هذا إضافة إلى تسلحهم باللغة الأجنبية، وخاصة الإنجليزية، وإحاطة بأسواق إعادة التأمين العالمية وما يحدث فيها من تغييرات. ولم تكن النساء العاملات في الشركة ببعيدات عن هذه المتطلبات بفضل المؤهلات الجامعية التي حصلن عليها، وممارسة العمل اليومي.
ونرى أن موقع المرأة في الشركة قد تعزز بفضل تطورات الوضع الداخلي للعراق إذ أثرت السياسة والحروب في النشاط الاقتصادي ومنها قطاع التأمين. لقد ولّدت هذه الأوضاع، وخاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، نتائج غير متوقعه في تأثيرها على المجتمع وعلى المرأة بالخصوص. مشاركة الرجال في الحرب خلقت شواغر لصالح النساء على المستوى المهني لكنها، في ذات الوقت، حولت النساء إلى معيلات لأسرهن. باتت معظم الدوائر، وبضمنها شركات التأمين طبعا، تعتمد على العنصر النسوي في تمشية العمل حيث ارتفعت نسبة النساء العاملات في شركة التامين الوطنية إلى 75%. إذا استثنيانا عقد السبعينات من القرن الماضي، والذي شهد استقراراً سياسياً واقتصادياً نوعا ما، كانت هناك مشاركة ايجابية لبعض النساء في العمل. ففي عام 1975 مثلا، كان عدد العاملين في شركة التامين الوطنية، حسب الكتيب الذي صدر بمناسبة اليوبيل الفضي للشركة، 891 فرداً بما فيهم العمال والمستخدمين وبلغ عدد النساء العاملات في الشركة للعام المذكور 148 سيدة يعملن في مختلف الوظائف. وكانت بعضهن في مواقع قيادية مهمة، وخاصة في الإدارة العامة في الشركة، في وقت آن سوقاً تأمينياً عريقاً مثل لويدز، كما عرفت مؤخرا، لم يكن يسمح نظامه الداخلي بعمل النساء في تلك الفترة. ورغم وجود هذه النسبة المرتفعة من الكادر النسوي استمرت هيمنة الرجل على المراكز القيادية العليا. لا نريد أن نلقي اللوم على الرجل في ذلك لان المجتمع والتركة الثقيلة للتقاليد هو الذي يمنحه هذا الحق حتى من المرأة نفسها أحيانا. وهكذا بقيت المرأة بعيدة عن مركز القرار مع وجود بعض السيدات اللواتي كان لهن دور واضح وايجابي في الشركة وكن على مستوى عالي من المسؤولية.
بعد غزو الكويت (آب 1990) وخضوع العراق تحت طائلة العقوبات الدولية وفرض الحصار الاقتصادي عليه (1990-2003) تأثر قطاع التأمين كثيرا إذ توقفت أعمال الكثير من الفروع كفرع البحري والسفن والطيران والهندسي وإعادة التأمين وكل ما له علاقة مباشرة بالحركة الاقتصادية التي شلتها عقوبات مجلس الأمن. وهذا الوضع المتردي أثر بطبيعة الحال بشكل كبير على موظف التأمين وذلك لقلة المردود المادي والذي دفع الكثير من الموظفين، رجالا ونساءً، إلى ترك الشركة والعمل أما في القطاع الخاص، البعيد كل البعد عن التأمين، أو بالسفر إلى الخارج لاقتناص فرصة أفضل للعمل. إن المرأة طيلة العقود السابقة لم تكن بعيدة عن التامين ولكنها كانت مركونة لتفرد الرجل واستحواذه على معظم القرارات الوظيفية ولكنها كانت تكتسب الخبرة سواء أكانت معاونة للمدير الرجل أو تعمل في نفس مجاله. لذلك، وبفضل الخبرة والمهارات المتراكمة لدى العناصر النسائية، برزت الحاجة إليها بعد أن تركت معظم القيادات الرجالية مكانها حتى بعد بع الغزو والاحتلال سنة 2003 وسقوط النظام وقيام فرصة للتغيير وإعادة التأسيس للمؤسسات.
الحضور الحالي للمرأة في الشركة
حاليا تشغل المرآة في شركة التامين الوطنية المراكز التالية: مدير الحسابات الأقدم وعضو مجلس الإدارة، مدير فرع الحريق والحوادث، مدير فرع السيارات، مدير فرع كركوك، مدير فرع الموصل، مدير القسم الفني، مدير قسم التخطيط والمتابعة، مدير قسم الحاسبة الالكترونية، إدارة مكتبة الشركة. هذا إضافة إلى العديد من المديرات ومعاونات المدير اللواتي يقمن بكافة الأعمال الفنية والقانونية والحسابية. وهناك العديد من السيدات اللواتي يقمن بالعمل الإنتاجي رغم كل الصعوبات اليومية المعروفة من تفجيرات وأعمال عنف وانعدام الأمن أو النظرة الاجتماعية المتخلفة للمرأة العاملة في هذا المجال حيث أن هناك من لا يحبذ العمل بالتأمين أصلا. ومع ذلك نجد أن هناك مُنتجات في بعض المحافظات تقمن بإنتاج الوثائق وأحيانا يتفوقن على الرجال في بيع وثائق التأمين وفي استحصال الأقساط عنها.
عندما أخبرت احد زملائي عن عدد المراكز التي تشغلها المرأة في الشركة علق ساخرا: "الم تري كيف أن الشركة في تدهور مستمر." إنها النظرة التقليدية المسبقة نفسها الذي تحاول اختزال أسباب التدهور الذي لحق بالشركة، وبقطاع التأمين عموماً، بعمل المرأة. اهو عمل المرأة الذي يفسر الوضع القائم أم حروب النظام وسياساته وسنوات الحصار وآثار الغزو وتفشي القيم العشائرية والبدوية ومحاولات حجر المرأة في عتمة زمن ثقافي لا علاقة له بمتطلبات العصر ودينامكيته؟ قد يكمن السبب في احتكار الرجل لمواقع القرار وهو ما يجسده شكوى بعض النساء العاملات من عدم إشراكهن في اتخاذ الكثير من القرارات التي تهم الشركة والتي هي من صميم اختصاصهن. أود أن أبين هنا بعض الأرقام: بلغ عدد موظفي شركة التامين الوطنية لغاية عام 2008 (699) موظفاً عدد الذكور (280) في حين بلغ عدد الإناث (419) بنسبة زيادة قدرها 60%. بلغ عدد النساء العاملات بالإنتاج 92 منتجة من أصل 305 منتجا تجلب البعض منهن أقساطا عالية وكبيرة للشركة. يبلغ عدد الحاصلات على شهادة البكالوريوس في عموم الشركة (132) في مختلف الاختصاصات التي تحتاجها الشركة سواء كانت حسابية أو قانونية أو إدارية آو في تخصص اللغة أو التأمين أو أي من التخصصات الهامة الأخرى.
قد يكون وضع المرأة في شركة التامين ايجابيا بالقياس إلى بقية الشركات. إن التحول الذي طرأ بعد عام 2003 يحمل الكثير من الوعود والآمال وفي مختلف الأصعدة. فعلى الرغم من الخسارات الشخصية فان هناك أمل في أن يتسع دور المراة في المشاركة في بناء مجتمعنا وذلك عن طريق توعيتها بدورها الفاعل من خلال الحملات الدعائية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني التي نشطت بعد التغيير. التوعية يجب أن تطال الرجل أيضاً وغربلة القيم الموروثة أياً كانت مصادرها. ونرى أن تبدأ التوعية في مختلف مراحل التعليم لتأسيس الرؤية الإيجابية.
إيمان شياع
بغداد، 22 نيسان 2009
[1] أود تنبيه القارئ والقارئة إلى أنني لن أتناول بالتعليق في هذه الورقة جوانب نظرية في القضية النسوية أو التعارض والصراع بين المرأة والرجل. كما أنني لن أعلق على الترتيبات الخاصة بعمل النساء كأمهات أو تفضيلات النساء أنفسهن فيما يخص التوفيق بين مطالب العمل والمطالب الحياتية الأسرية، أو الموازنة بين التقدم الوظيفي وبين تكوين أسرة. لن أحاول في هذه الدراسة عرض وضع المرأة العاملة في قطاع التأمين العراقي بأكمله وآمل أن تتوفر الفرصة للقيا م بذلك مستقبلا. لعل غيري ينهض بمهمة البحث والتوسع في هذا المجال.