إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019/05/23

Insurance in Elizabethan England – The London Code



التأمين في العصر الإليزابيثي في إنجلترا


المؤلف: غويدو روسّي*
المراجع: كريس ليوان
الترجمة: مصباح كمال

نشرت هذه المراجعة في مجلة الاكتواري، مجلة معهد وكلية الاكتواريين البريطانية تحت عنوان:
Book review: Insurance in Elizabethan England[1]
Insurance in Elizabethan England – The London Code
10 August 2017 | Chris Lewin
Author: Guido Rossi
Publisher: Cambridge University Press, 2016
Review: Chris Lewin

The Actuary
The Institute and Faculty of Actuaries

نشرت الترجمة العربية في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين


مقدمة


يشكل هذا الكتاب إضافة مهمة لتاريخ التأمين في إنجلترا كما كان يمارس في لندن، مقر لويدز، سوق التأمين الشهير، ومركز التجارة البحرية.  إن معظم ما نقرأه في كتب التأمين العربية العامة، والتي تأتي على ذكر التأمين البحري، يشير إلى تشريع إنجليزي يعالج موضوع التأمين البحري في صيغته التي باتت معروفة في العصر الحديث.  وهذا التشريع هو قانون إليزابيث لعام [2]1601 كما يصفه جمال الحكيم، ونقتبس ترجمته لمقدمة هذا القانون لما تحمله من أفكار تأمينية مهمة:

... أي يفهم من عقد (بوليصة) التأمين البحري، أن فقد أو هلاك السفينة لا يتسبب عنه شقاء أي فرد، بل يكون عبء الخسارة بسيطاً بتوزيعه على عدد كبير من الأفراد أفضل مما لو لحقت خسارة جسيمة بنفر قليل منهم.  والعبء يكون موزعاً عليهم وبذلك لا تكون هناك مخاطرة.  وهذا أضمن مما لو كان هناك مخاطرة.  وبهذا فإن جميع التجار – صغار الدخل منهم على الأخص – يمكنهم المخاطرة برغبة وجرأة.[3]

تكمن أهمية هذا التشريع، فيما يخص التفكير التأميني، في توضيح القيمة الأساسية لمؤسسة التأمين: توزيع عبء خسارة الفرد على عدد أكبر من الأفراد.

في تعليقه على تطور صياغة نص وثيقة التأمين البحري يقول غويدو روسّي ان هذا التطور بدأ في سبعينيات القرن السادس عشر.  ففي ذلك الوقت كان النموذج القياسي للوثيقة قد تكامل ولم يخضع إلى أي تغيير خلال العقود التالية ما خلا أربع إضافات كما ظهرت في وثيقة لويدز النموذجية (12.1.1779) التي كانت نسخة مطابقة لوثيقة القرن السادس عشر.  ولخّص الإضافات في هامش طويل ننقلها هنا لأهميتها في تطور صياغة وثيقة التأمين البحري.  وهذه الإضافات هي:[4]

1-   "هلكَ أم لم يَهلكْ" lost or not lost وقد كانت هذه الإضافة قيد الاستعمال في أواخر القرن السادس عشر.  [يعني هذا الشرط سريان عقد التأمين البحري حتى لو كان محل التأمين هالكاً أو متضرراً عند إبرام العقد، شريطة ألاّ يكون المؤمن له عالماً بالهلاك].

2-  إيراد ذكر "هيكل السفينة والبضائع" hull and cargo، إذ أن محلا التأمين هذين لم يكونا موضوعاً للتأمين بموجب وثيقة تأمين واحدة في أواخر القرن السادس عشر.

3-  شرط "الاقتراب والتوقف" touch and stay [الذي يسمح للسفينة أن تبحر وتقترب وتتوقف في أي ميناء في مسار السفينة المنصوص عليه في وثيقة التأمين].  وقد كانت هذه التغطية محرّمة في عقود النصف الثاني من القرن السادس عشر، ولكنه ليس واضحاً إلى أي حد كان هذا التحريم مطبقاً في الممارسة.

4-  "المذكرة" أو "الملحوظة" Memorandum التي تظهر في ذيل وثيقة التأمين البحري مع قاعدة الأشياء الصغيرة [قاعدة الحد الأدنى] de minimis (إمكانية التعويض عن الأضرار إن كانت قيمتها تتجاوز نسبة مئوية معينة من قيمة التأمين على بعض البضائع).[5]  وفي حين أن الملحوظة أضيفت إلى وثيقة لويدز عام 1749 (Harold Raynes, A History of British Insurance, 1964, p 65) فإنه من المحتمل أن قاعدة مماثلة كانت تطبق عادة أواخر القرن السادس عشر في لندن.

يستنتج روسّي أنه ما خلا الابتهال بالله، الذي حُذف في منتصف القرن التاسع عشر، فقد تم الاحتفاظ بوثيقة لويدز للتأمين البحري على البضائع الخاصة (وكذلك الوثيقة من زمن إليزابيث) في صورتها الحرفية في قانون التأمين البحري لعام 1906.  ومن رأيه أن هذه الاستمرارية لا مثيل لها.

لقد أقدمت على كتابة هذه المقدمة القصيرة للتنبيه على عمق البحث التاريخي في تطور مؤسسة التأمين، وأن هناك الكثير الذي يمكن البحث فيه في تاريخ التأمين في العالم العربي رغم العمر القصير نسبياً لهذا التاريخ.

مصباح كمال
13 أيار 2010


ترجمة المراجعة

هذا كتاب كبير يحتوي على حوالي 900 صفحة.  يكرّس ما يزيد قليلاً عن نصفه لمناقشة مفصّلة لشروط التأمين البحري والتأمين على الحياة التي كانت قائمة في لندن في زمن الملكة إليزابيث.  ويقدم باقي الكتاب وبشكل مريح النسخ الكاملة لمدونة لندن - القواعد التي تغطي التأمينات البحرية والتأمين على الحياة حوالي عام 1580 - ونسخ 46 وثيقة تأمين بحري محفوظة منذ ذلك الوقت، صدرت في الفترة من 1523 إلى 1604.  وتشمل هذه الوثائق وثيقة تأمين على الحياة صادرة عام 1583 قام بشرائها ريتشارد مارتن للتأمين على حياة ويليام غيبونز لمدة 12 شهراً.

إن الكتاب مكتوب من وجهة نظر قانونية، ويتتبع كيف تم اشتقاق مدونة لندن جزئياً من مختلف المدونات التأمينية المشابهة في المدن الأوروبية مثل أنتويرب Antwerp [هولندا] وبرشلونة Barcelona [إسبانيا] وبروج Bruges [بلجيكا] وجنوة Genoa [إيطاليا] وروان Rouen [فرنسا]، ويوضح الأحكام التي كانت أصولها تعود إلى لندن.  ويحدد الكتاب ما يعتبره المؤلف صراعاً مستمراً للولاية القضائية على مسائل التأمين بين نظام المحاكم البريطاني الرسمي وغرفة ضمان لندن Assurance Chamber of London، حيث كان مفوضو الغرفة عادة تجاراً يعينهم رئيس بلدية المدينة.

ويرد في الكتاب تحليل لوثائق التأمين الأربعين المعروفة في لندن للأعوام 1573-1591.  كان متوسط المبلغ المؤمن عليه 506 جنيه إسترليني، في حين كان المبلغ المؤمن عليه في 62% من الوثائق أقل من 400 جنيه إسترليني و 5% منها كان مبلغ تأمينها 1,400 جنيه إسترليني أو أكثر.  كانت هناك مجموعة صغيرة من حوالي 40 مكتتب للتأمين ظهرت أسماؤهم خمس مرات على الأقل والذين ربما لذلك كان لهم التأثير الأكبر في السوق، لكن كان هناك حوالي 200 مكتتب لم تظهر اسماؤهم بشكل متكرر وغالباً ما كانت تظهر مرة واحدة فقط.  وقد تباين عدد المكتتبين المشاركين في وثيقة التأمين بشكل كبير، من 3 إلى 47 مكتتب.  ويحدد الجدول 3.2 الأقساط المطبقة على 24 رحلة خلال الفترة من 1579 إلى 1593.  وكان أدنى معدل للأقساط 3%، أو في حالة واحدة 2% لرحلة قصيرة من هاريتش Harwich إلى لندن، بينما في الحالات الأربع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1586 فصاعداً كان سعر التأمين 10% أو 11%، مما يعكس زيادة التوتر الدولي.

لأي شخص يرغب في الحصول على فكرة جيدة عن قواعد سوق التأمين في لندن في عهد إليزابيث لتغطية الحوادث المختلفة التي قد تلحق بسفينة أو بضاعة مشحونة، فإن هذا الكتاب سيكون ذا قيمة كبيرة.  ومع ذلك، فإنه لا يلقي ضوءاً إضافياً على التأمين على الحياة في ذلك الوقت، والتي أصبحت قواعدها معروفة جيداً بالفعل.

(*)     محاضر في التاريخ القانوني الأوروبي، جامعة أدنبره
(**)   مدير تقاعد متقاعد، أدار صناديق معاشات لعدد من كبريات الشركات البريطانية





[2] أقرَّ البرلمان البريطاني هذا القانون تحت عنوان:
An Act Concerning Matters of Assurances Used Among Merchants
وكان الهدف منه وضع نظام لحل المنازعات بين التجار عن طريق التحكيم، إلا أن هيئة التحكيم الخاصة لم تنجح في الفصل في الخلافات، كما يقول جمال الحكيم.  راجع:
Frederik Martin, The History of Lloyd’s and of Marine Insurance in Great Britain (London: Macmillan and Co, 1876), p 34-35.

[3] جمال الحكيم، التأمين البحري (القاهرة: مطبعة القاهرة الجديدة، 1979.  الطبعة الأولى، 1955)، ص 11.

[4] Guido Rossi, Insurance in Elizabethan England – The London Code (Cambridge University Press, 2016), p 27.

[5] "ملحوظة: من المتفق عليه أن الغلال والحبوب والأسماك، والملح، والفواكه، والدقيق، والبذور، لا تكون مضمونة إلا إذا كانت العوارية عمومية أو جنحت السفينة.  ومن المتفق عليه أيضاً أن السكر، والتبغ، والقنب، والكتان، والجلود الخام بأنواعها لا تكون مضمونة إلا إذا بلغت العوارية 5%، أما البضائع الأخرى فلا تكون مضمونة إلا إذا بلغت العوارية 3% ما لم تكن العوارية عمومية أو جنحت السفينة."

نص الملحوظة في وثيقة لويدز التقليدية كما ورد في ترجمة جمال الحكيم، مصدر سابق، ص 63.

ليست هناك تعليقات: