إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2017/11/27

Victims of Assassination in Iraq's Insurance Sector & Life Insurance

ضحايا الاغتيالات في قطاع التأمين العراقي والتأمين على الحياة: محاولة في التعريف بهذا التأمين


نشرت هذه المقالة لأول مرة في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 394، تشرين الثاني 2017


من باب التقديم

نشرتُ قبل فترة مقالة عن اغتيال الأطباء في العراق والتأمين من المسؤولية المهنية والقيم العشائرية.[1]  ركّزت المقالة على انزياح التأمين أمام القيم العشائرية، وتهديد واغتيال الأطباء وغياب الحماية التأمينية من المسؤولية عن الأخطاء الطبية.  لم تتناول المقالة ظاهرة الاغتيالات التي ظهرت بعد الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003.  في العهد الدكتاتوري كانت الاغتيالات تهدف إلى التخلص من المعارضين داخل حزب البعث والمعارضين خارجه، داخل العراق وخارجه.[2]  منذ 2003 تغيرت الصورة إذ تداخلت أسباب التخلص من العلماء والأكاديميين والأطباء والصحفيين وغيرهم لتتوزع بين النزعات الطائفية والانتقامية والإجرامية مع إبقاء العراق متخلفاً علمياً وكسيحاً.  لم تتوضح أسباب "مشروع الاغتيالات" حتى الوقت الحاضر رغم التحقيقات الصحفية المهمة المنشورة، فتارة هي "خيار السلفادور،"[3] وتارة هي السياسات المضمرة لدول الجوار ومنها إسرائيل، وتارة أخرى هي النَفس الطائفي الموروث لتسوية ثارات الماضي.

ما نتمناه هو أن يقوم أحد المؤرخين، في غياب التحقيق الحكومي الرسمي وسكوت سياسي الصدفة العراقيين وإخفائهم للمعلومات، ببحث هذه الظاهرة بموضوعية.  وليس لنا هنا سوى أن نسأل: كم سنة نحتاج لكي نحصل على عالم وطبيب ومهندس وغيرهم من أصحاب الاختصاص؟  وكم هو الهدر الاقتصادي الناتج عن اغتيال هؤلاء أو دفعهم للهجرة إلى الخارج؟  معظم هؤلاء هم من حَمَلة المعرفة ومن روافد خزين المعارف الوضعية في العراق التي يراد لها أن تجف.

سنحاول في هذه الورقة عرض خسارة قطاع التأمين من ضحايا الاغتيالات والقتل العمدي، ونماذج من وثائق التأمين على الحياة، المستخدمة في العراق، التي توفر مورداً مالياً لورثة الضحايا، ونعرض في ملحق التساؤل الذي يقول بأن التأمين على الحياة يحفز على القتل [قتل المؤمن عليه].

الأطروحة الأساسية المضمرة في هذه الورقة هي أن التأمين على الحياة أداة حضارية لتوفير مورد مالي للورثة أو ادخار لمشروع عائلي.  وهي أطروحة بانتظار من يقوم بدراستها.

خسارة قطاع التأمين من ضحايا الاغتيالات

لم تقتصر خسارة الاغتيالات والقتل على قطاع معين، وما اختيارنا لقطاع التأمين سوى معرفتنا القليلة به وجهلنا بغيرها من القطاعات.

لقد خسر قطاع التأمين العراقي عدداً من ممارسيه خلال فترة التهجير الأولى للكرد الفيلية، 1970-1971 بحجة التبعية الإيرانية،[4] ولم تخضع هذه الخسارة إلى التوثيق.  كما خسر أيضاً خلال فترة الاقتتال الطائفي عندما كان العراق تحت الاحتلال الأمريكي إذ صار البعض من أسرة التأمين من جملة المئات من ضحايا الاغتيالات، وانتهى غيرهم من الكفاءات في دول المهجر.[5]  ربما تعرَّض غيرهم إلى عجز كلي أو جزئي نتيجة لأعمال إرهابية أو لعمليات عسكرية.  وليس هناك معلومات إن كان هؤلاء يحملون وثائق تأمين للحوادث الشخصية التي كانت ستوفر بعض التعويض لما أصابهم.  لا نعرف أسماء كل الممارسين من ضحايا الطائفية أو القوات الأمريكية المحتلة ومرتزقتها لكننا استطعنا، بفضل مساعدة بعض الزملاء، رصد الأسماء أدناه ولعل زملاؤنا يوفرون المزيد من المعلومات عنهم وأسماء غيرهم من الضحايا:

§       ضرغام الغضنفري، كان مديراً للرقابة للداخلية في شركة التأمين الوطنية، قتل في 10 كانون الثاني 2008 في حادثة تفجير إرهابي في منطقة زيّونه في بغداد وهو يقدّم العزاء لأحدى العوائل.[6]
  • عبد الكاظم ابو جودت، مدير قسم التسويق، شركة التأمين الوطنية، اغتيل بعد سقوط النظام سنة 2003.  وقد جاء إلى الشركة لأسباب سياسية من خارج قطاع التأمين، لكنه كان بسيطاً في تعامله مع العاملين معه في الشركة.[7]
  • عدنان الربيعي، مدير عام شركة التأمين الوطنية، 11 أيلول 2005-21 تشرين الأول 2005 (كان يحمل شهادة ماجستير من جامعة ليدز في بريطانيا).
  • عماد الفرعون، محامي في شركة التأمين الوطنية.[8]
  • محمد حسين جعفر، مدير عام شركة التأمين الوطنية، 20 تشرين الثاني 1996-30 أيلول 2001.[9]
  • منذر حميد حسين العاني، مدير فرع تأمين السيارات في شركة التأمين الوطنية.  قُتل من قبل جنود أمريكان في الأيام الأولى من الغزو الأمريكي للعراق في آذار 2003.[10]
  • منقذ جميل روحي، عمل في شركة التأمين الوطنية، وبعدها مديراً مفوضاً لشركة الأمين للتأمين.

لقد ذكرنا هذه الأسماء دون أن نهتم بالبحث عن الانتماء السياسي أو الحزبي أو الديني أو القومي لأصحابها ذلك لأنهم اغتيلوا/قتلوا خارج سلطة القانون، أي اعتماداً على شريعة الغاب، وشريعة الانتقام الدينية، التي لا تبني دولة عصرية.  لا نعرف على وجه الدقة كيف صاروا ضحايا لأعمال عمدية على يد القوات الأمريكية ومرتزقتها وعلى يد ثلّة من ضحايا الأمس (ممن تعرض لعسف النظام الدكتاتوري السابق) الذين تحولوا إلى جلاّدين لتصفية الخصوم لأسباب طائفية، أو عشائرية، أو حزبية أو فكرية.  المهم هو أنهم بشر، من لحم ودم، يستحقون أن يذكروا بأسمائهم بدلاً من أن يضيعوا بين الأرقام المجردة للضحايا.

ربما لا يخطر على البال أن وثيقة التأمين على الحياة تدفع التعويض عند وفاة المؤمن عليه بسبب الأعمال الحربية والإرهابية للمستفيدين المحددين في وثيقة التأمين أو لورثته.  وقد حاولنا الحصول على معلومات عن ترتيب هؤلاء لوثائق للتأمين على حياتهم لكننا لم ننجح.  لو كان لهؤلاء وثائق للتأمين على حياتهم لكان بإمكان أسرهم الاستفادة من المنافع المالية التي توفرها هذه الوثائق للإبقاء على مستوى مقبول من العيش بعد فَقْد المُعيل.

هناك تعويض من قبل الدولة بموجب القانون رقم (20) لسنة 2009، قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية،[11] إلا أن هذا القانون لا يلغي دور التعويض من خلال وثائق التأمين على الحياة وذلك لأن التعويض القانوني ربما لا يكون كافياً، ولأن التأمين على الحياة لا يتعارض مع هذا القانون.  ففي التأمين على الحياة، خلافاً لوثائق التأمين الأخرى التي تقوم على مبدأ اعادة المؤمن له الى سابق وضعه قبل تعرضه لحادث قدْر الإمكان وتحريم الاسترباح من التأمين، يمكن للمرء أن يستفيد من أكثر من وثيقة للتأمين على حياته طالما هو قادر على تسديد أقساط الوثيقتين، وهذا نابع من حُرمة الحياة وحقيقة أن استعادة الحياة (إرجاع المؤمن عليه إلى وضعه قبل الوفاة) مستحيلة.

الانتفاع من وثيقتين أو أكثر من وثائق التأمين على الحياة[12] ليس متيسراً لعموم الناس فالفقراء والفئات المهمشة، وهم يعدون بالملايين في العراق، غير قادرين على شراء التأمين على الحياة لأن الدخل المتوفر لديهم بالكاد يبقيهم على قيد الحياة، ناهيكم عن الجهل بمؤسسة التأمين.  وحتى التأمين المتناهي الصغر microinsurance لا يمكن له أن ينجح بدون أن يتوفر حد أدنى من الدخل للمشاركين فيه.

لقد كتبنا في مقالتنا "اغتيال الأطباء في العراق والتأمين من المسؤولية المهنية" أنه "ليس بإمكان مؤسسة التأمين التخلص من القيم العشائرية لكنها تساهم في التقليل من وقعها من خلال توفير آلية بديلة لهذه القيم متى ما انتشرت ثقافة التأمين في المجتمع.  يجب الإقرار بأن التأمين لا يوفر علاجاً لجميع العلل التي ابتلي بها العراق خاصة وأن مؤسسة التأمين العراقي ضعيفة."  وضمن هذا الفهم يمكن القول إن التأمين على حياة ضحايا الاغتيالات سواء كان تأميناً فردياً أو جماعياً، لو كان هذا التأمين موجوداً، لكان قد استطاع أن يلعب دوراً في توفير مصدر مالي لورثتهم.  وهذا ما سنحاول أن نعرضه في هذه الورقة من خلال عرض سريع ومبسط لما تقدمه شركة التأمين العراقية من وثائق للتأمين على الحياة[13] كان بالإمكان الاستفادة من بعضها من قبل أسر الضحايا.  إن معظم ضحايا قطاع التأمين،[14] وكذلك الضحايا الآخرين من أكاديميين أطباء وعلماء ومهندسين، يمكن أن يصنفوا ضمن الطبقة الوسطى، أي أفراد لهم قدرة مالية مناسبة لشراء وثيقة تأمين على الحياة.  كما أن المؤسسات التي كانوا يعملون فيها قادرة على شراء وثيقة تأمين جماعية على حياتهم.

أنواع وثائق التأمين على الحياة

وثائق التأمين التي نستعرض أجزاء منها هي المعتمدة من قبل شركة التأمين العراقية، وقد كانت شركة متخصصة بأعمال التأمين على الحياة (1988-1964).  ونفترض أن شركات التأمين الأخرى، التي تمارس التأمين على الحياة، لها نماذج مماثلة من هذه الوثائق.

التأمين المؤقت على الحياة Term Assurance

وثيقة التأمين على الحياة قصير الأجل، وهي من أبسط عقود التأمين على الحياة.  تدفع هذه الوثيقة مبلغ التأمين المتفق عليه للمستفيد المُسمى في الوثيقة في حالة وفاة المؤمن عليه قبل انتهاء مدة التأمين.  وفي حالة انتهاء المدة وبقاء المؤمن عليه على قيد الحياة فإن عقد التأمين ينتهي دون قيام أي التزام على شركة التأمين.

هذا هو الحال عند يكون وفاة المؤمن له طبيعياً أو بسبب حادث.  ما هو حكم هذه الوثيقة عندما ينفذ حكم الإعدام بالمؤمن عليه، أو يكون وفاته نتيجة انتحار، أو بسبب الأعمال الحربية؟  تنص الوثيقة على الآتي في هذه الحالات:

عقوبة الإعدام
إذا أعدم المؤمن عليه بسبب حكم قضائي فلا تكون الشركة ملزمة إلا بدفع الاحتياطي الحسابي[15] للعقد.

تلتزم الشركة بدفع مبلغ التأمين إذا كانت وفاة المؤمن عليه نتيجة انتحار إلا إذا حدثت الوفاة نتيجة الانتحار خلال السنتين الأوليين لابتداء عقد التأمين أو إعادة مفعوله فعندئذ لا تلتزم الشركة إلا بدفع الاحتياطي الحسابي للعقد وقت الوفاة.

أما إذا كان سبب الانتحار أو الشروع فيه مرضاً عقلياً أفقد المؤمن عليه إرادته فإن التزام الشركة بدفع مبلغ التأمين يبقى قائماً في أي وقت خلال مدة سريان العقد.

إذا توفي المؤمن عليه بسبب عمل من أعمال الحرب المعلنة أو غير المعلنة، فإن مسؤولية الشركة بمقتضى هذا العقد تحدد بقدر الاحتياطي الحسابي للعقد وقت الوفاة.  ويسري هذا الحكم على حالة وفاة العسكري بخطر من أخطار الطيران العسكري وقت السلم أيضاً.

يلاحظ من هذه الحالات الثلاث أن وثيقة التأمين لا تغطي الوفاة الناشئة عن اغتيال المؤمن عليه.  ويلاحظ أيضاً غياب ذكر الوفاة نتيجة للأعمال الإرهابية.  بعض شركات التأمين، ومنها شركة التأمين الوطنية، تعرض على طالبي التأمين على حياتهم توسيع غطاء التأمين ليشمل خطر العمليات الإرهابية كمنفعة إضافية مقابل سعر إضافي.  يمكن المُحاجّة بأن ديباجة الوثيقة تحصر دفع مبلغ التأمين المتفق عليه للمستفيد المُسمى في الوثيقة في حالة وفاة المؤمن عليه قبل انتهاء مدة التأمين دون تحديد سبب الوفاة.  وإذا كان هذا صحيحاً فإن عدم النص على الوفاة بسبب الأعمال الإرهابية لا يعفي شركة التأمين من مسؤولية دفع التعويض للمستفيد.[16]

وثيقة التأمين المختلط على الحياة Endowment Assurance

تعرف أيضاً باسم تأمين الوقفية، وسميت بالعربية "المختلط" لأنها تضم التأمين المؤقت Term Assurance والتأمين حال الحياة/الوقفية البحتة Pure Endowment Assurance.  بموجب وثيقة شركة التأمين العراقية فإن المؤمن عليه يستحق مبلغ التأمين في حالة بقاء المؤمن عليه على قيد الحياة حتى انتهاء مدة التأمين.  كما يستحق المستفيد مبلغ التأمين في حالة وفاة المؤمن عليه قبل انتهاء مدة التأمين.

المادة الثامنة: عقوبة الإعدام
إذا أعدم المؤمن عليه بسبب حكم قضائي فلا تكون الشركة ملزمة إلا بدفع الاحتياطي الحسابي للعقد.

المادة التاسعة: الوفاة نتيجة انتحار
تلتزم الشركة بدفع مبلغ التأمين إذا كانت وفاة المؤمن عليه نتيجة انتحار إلا إذا حدثت الوفاة نتيجة الانتحار خلال السنتين الأوليين لابتداء عقد التأمين أو إعادة مفعوله فعندئذ لا تلتزم الشركة إلا بدفع الاحتياطي الحسابي للعقد وقت الوفاة.

أما إذا كان سبب الانتحار أو الشروع فيه مرضاً عقلياً أفقد المؤمن عليه إرادته فإن التزام الشركة بدفع مبلغ التأمين يبقى قائماً في أي وقت خلال مدة سريان العقد.

المادة العاشرة: الوفاة بسبب الأعمال الحربية
إذا توفي المؤمن عليه بسبب عمل من الأعمال الحربية المعلنة أو غير [الـ]معلنة أو الأعمال الإرهابية والانفجار الناتج عن الأسلحة الحربية والسيارات المفخخة، فإن مسؤولية الشركة تحدد بقدر الاحتياطي الحسابي للعقد وقت الوفاة ويسري هذا الحكم على حالة وفاة العسكري بخطر من أخطار الطيران العسكري وقت السلم أيضاً.

يلاحظ في هذه الوثيقة النص الصريح على تغطية وفاة المؤمن عليه بسبب الأعمال الإرهابية والانفجار الناتج عن الأسلحة الحربية والسيارات المفخخة، وهو ما لا نجد ذكراً له في وثيقة التأمين المؤقت والتأمين المؤقت مع رد الأقساط.  في حين أن الوثائق الثلاث تغطي وفاة المؤمن عليه بسبب عمل من الأعمال الحربية المعلنة أو غير المعلنة.

ويلاحظ أيضاً أن خطر وفاة العسكري وقت السلم ينحصر بأخطار الطيران العسكري (وليس الطيران المدني أو خطر الوفاة بسبب حادث عرضي في معسكر للجيش وقت السلم).  وهنا أيضاً، نأمل من أهل الاختصاص شرح ما يبدو مفارقة في نطاق تغطية العسكريين وقت السلم.

التأمين المؤقت على الحياة مع رد الأقساط Term Assurance with Return of Premiums

يستحق المؤمن عليه مبلغ التأمين في حالة بقاء المؤمن عليه على قيد الحياة حتى حلول أجل التأمين (انتهاء مدة التأمين) بما يعادل القيمة النقدية المضمونة guaranteed cash value للوثيقة وتساوي مجموع أقساط التأمين التي سددها المؤمن عليه.  كما يستحق المستفيد مبلغ التأمين في حالة وفاة المؤمن عليه قبل انتهاء مدة التأمين.

المادة الثامنة: عقوبة الإعدام
إذا أعدم المؤمن عليه بسبب حكم قضائي فلا تكون الشركة ملزمة إلا بدفع الاحتياطي الحسابي للعقد.

المادة التاسعة: الوفاة نتيجة انتحار
تلتزم الشركة بدفع مبلغ التأمين إذا كانت وفاة المؤمن عليه نتيجة انتحار إلا إذا حدثت الوفاة نتيجة الانتحار خلال السنتين الأوليين لابتداء عقد التأمين أو إعادة مفعوله فعندئذ لا تلتزم الشركة إلا بدفع الاحتياطي الحسابي للعقد وقت الوفاة.

أما إذا كان سبب الانتحار أو الشروع فيه مرضاً عقلياً أفقد المؤمن عليه إرادته فإن التزام الشركة بدفع مبلغ التأمين يبقى قائماً في أي وقت خلال مدة سريان العقد.

المادة العاشرة: الوفاة بسبب الأعمال الحربية
إذا توفي المؤمن عليه بسبب عمل من الأعمال الحربية المعلنة أو غير المعلنة، فإن مسؤولية الشركة بمقتضى هذا العقد تحدد بقدر الاحتياطي الحسابي للعقد وقت الوفاة.  ويسري هذا الحكم على حالة وفاة العسكري بخطر من أخطار الطيران العسكري وقت السلم أيضاً.

لقد اقتبسنا مطولاً من نصوص وثائق التأمين على الحياة كي يتعرَّف القارئ عليها.  النصوص تكاد أن تكون متشابهة إلا في بعض المواقع، كما بيّنا فيما يخص الوفاة بسبب الأعمال الإرهابية والسيارات المفخخة.  ويلاحظ أن التعويض في حالات الإعدام والانتحار والأعمال الحربية يتحدد بمقدار الحساب الاحتياطي لعقد التأمين وقت حصول وفاة المؤمن عليه.


الوثيقة العربية الموحّدة لتأمين الحياة الفردية

أصدرت لجنة تأمينات الحياة العامة في إطار الأمانة العامة للاتحاد العام العربي للتأمين باجتماعها الثامن في عمان/الأردن بتاريخ 1 آذار 1995 الشروط العمومية العربية الموحدة نموذج لوثيقة تأمين الحياة الفردية،[17] للاستفادة منها من قبل شركات التأمين الأعضاء في الاتحاد.  ونقتبس هنا الأخطار المستثناة كي يستطيع القارئ المقارنة بينها وبين ما يرد في وثائق شركة التأمين العراقية.

الأخطار المستثناة:
(تترك لكل سوق حرية تغطية أي منها برسم إضافي أو بدون) [كما في الأصل]

تلتزم الشركة بدفع مبلغ التأمين وغيره من المستحقات المنصوص عليها في هذه الوثيقة في جميع حالات الوفاة عدا الحالات الناشئة عن:

أ‌-       الانتحار إذا حدث خلال السنتين الأوليين من تاريخ سريان الوثيقة إلا إذا أثبت المستفيد أن سبب انتحار المؤمن له مرضي أفقده إرادته.
ج-  الإعدام.
د-   المبارزة.
ه-  التنقلات أو الأسفار الجوية أو المائية إلا إذا قام بها المؤمن عليه باعتباره راكباً عادياً بخط ملاحي جوي أو مائي يقوم بخدمة منتظمة.
و-   أخطار الحرب والأعمال العسكرية إذا كان المؤمن عليه مجنداً أو تابعاً لإحدى هيئات القوات العسكرية المسلحة سواء كانت بسبب حرب خارجية أو داخلية وسواء كانت حرباً معلنة أو غير معلنة أو نشأت نتيجة مباشرة أو غير مباشرة للتدابير العسكرية بما في ذلك المناورات والتدريب والأعمال الحربية أو الآثار الناشئة عنها.
ز-   أخطار أعمال الفتنة أو الاضطرابات أو الشغب أو الثورات.

وفي حالة الوفاة الناجمة عن أحد هذه الأخطار المستثناة تدفع الشركة قيمة الاحتياطي الحسابي للوثيقة إلى أصحاب الشأن/الحق.

ح-  القتل العمد: من قبل المتعاقد أو المستفيد بمشاركة أو بتحريض من أي منهما، وفي هذه الحالة يسقط حق المستفيد الذي يكون قد تسبب عمداً في القتل ويؤدى مبلغ التأمين إلى باقي المستفيدين إن وجدوا، وفي حالة عدم وجود مستفيدين يؤدى المبلغ إلى الورثة الشرعيين.

سيلاحظ القارئ بأن القتل العمد مستثنى من هذه الوثيقة.  سنعرض شرحاً لهذا الموضوع في ملحق هذه الورقة.  كما يستثني مسابقات السرعة بواسطة مركبات ذات آلات محركة سواء كانت أرضية أو مائية أو جوية، والمبارزة، والتنقلات أو الأسفار الجوية أو المائية إلا إذا قام بها المؤمن عليه باعتباره راكباً عادياً بخط ملاحي جوي أو مائي يقوم بخدمة منتظمة – وهذه الاستثناءات لا ترد في وثائق شركة التأمين العراقية.

من باب الختام

إن ما ينشر عن الربط بين الاغتيالات والتأمين معدوم في الكتابات التأمينية العراقية.  وورقتنا هذه ربما هي أول محاولة للكتابة عن الموضوع.  كما أن الكتابات المنشورة عن التأمين على الحياة هي الأخرى تكاد أن تكون غائبة في الوقت الحاضر، وهو ما دعانا إلى محاولة الكتابة عنه.  التأمين على الحياة لا يقع ضمن اختصاصنا ولذلك نأمل أن يقوم المختصون بتقويم أي خطأ في ورقتنا، وكذلك الكتابة عن واقع التأمين على الحياة في العراق، والدور المرتقب الذي يمكن أن يلعبه في الادخار والاستثمار والمعاشات إضافة إلى دوره الأساس في تعويض المؤمن عليهم وأسرهم وغيرهم من المستفيدين.

28 آب 2017


الملحق (1)
إحصائية شركة التأمين العراقية (التعويضات المدفوعة عن التأمين على الحياة للأعوام 2014-2015-2016)[18]

تبين هذه الإحصائية استحقاق التعويض لمحفظة التأمين الفردي ومحفظة التأمين الجماعي حسب سبب الوفاة.  وفيها نكتشف وجود حالة واحدة للقتل في محفظة التأمين الفردي في سنة 2015 وواحدة في سنة 2016.  ونجد 3، و 6، و 5 حالات تعويض حوادث إرهابية في محفظة التأمين الجماعي في 2014، و 2015، و 2016.

ونلاحظ أن مبالغ التعويضات كانت 28,491,896,572 دينار عراقي (2014)، 3,110,456,012 (2015)، 25,702,629,123 (2016).

وبالطبع، يمكن قراءة هذه الإحصائيات بشكل أفضل لو عرفنا حجم أقساط التأمين الإجمالية والصافية.

يمكن الاستفادة من هذه الإحصائية في الرد على من يستخف بالتأمين على الحياة ودوره في توفير حماية للأفراد وورثتهم.


الملحق (2)
هل تغطي وثيقة التأمين على الحياة القتل العمد؟[19]

في العادة تسدد شركات التأمين على الحياة منافع وثيقة التأمين في حالة قتل المؤمن عليه بعد الأخذ بنظر الاعتبار جملة من الظروف المحيطة بالقتل.  وتضم هذه الاعتبارات ما يعرف بفترة التنازع، الغش، الانتحار، الفعل الإجرامي.

فترة التنازع/الاعتراض Contestability Period
تضم معظم وثائق التأمين على الحياة شرطاً يمنح شركة التأمين فرصة التحقيق في ظروف وفاة المؤمن عليه، وهذا الشرط يحمي الشركة من المستفيدين عديمي الضمير أو أخطاء في المعلومات الاكتتابية لم يجرِ الكشف عنها أو اكتشافها يمكن أن تكون وراء خسارة (مطالبة بالتعويض) غير صحيحة (لا تتوفر فيها الصفة العرضية).  لكن تطبيق هذا الشرط (التنازع حول صحة المطالبة بالتعويض) محدد بفترة زمنية كأن تكون سنتين[20] من بدء نفاذ وثيقة التأمين (وهو ما نجده في وثائق شركة التأمين العراقية وفي الوثيقة العربية الموحدة لتأمين الحياة الفردية)، فمتى ما انقضت هذه الفترة يتوجب على شركة التأمين تسديد التعويض ولا يحق لها التمسك بالشرط.

الاحتيال
في حالة حدوث الوفاة خلال فترة التنازع/الاعتراض واكتشاف شركة التأمين أن حامل الوثيقة قد أدلى بمعلومات غير دقيقة أو مضللة عمدا للحصول على التأمين، تستطيع الشركة أن تمتنع عن تسديد منافع الوثيقة.  إن تقديم معلومات مضللة في استمارة طلب التأمين هو بمثابة احتيال ويجعل عقد التأمين ملغياً إذا تم الكشف عن هذه المعلومات في وقت مبكر.  وبغض النظر عن الطريقة التي تحدث بها الوفاة، بما في ذلك القتل، فإن الوثيقة تصبح باطلة إذا تم الكشف عن الغش خلال السنتين الأوليين من التغطية.

الانتحار
إن عقود التأمين على الحياة تصبح لاغية في حالة الانتحار خلال فترة التنازع/الاعتراض ولا يحصل المستفيدون على منافع الوثيقة بسبب انتحار المؤمن عليه.  ومع ذلك، إذا حدث الانتحار بعد انقضاء هذه الفترة، فإن شركة التأمين مُلزمة بدفع المطالبة بالتعويض.

الفعل الاجرامي
تضم معظم عقود التأمين على الحياة شرطاً ينص على أن وثيقة التأمين تعتبر باطلة إذا كان الوفاة نتيجة مشاركة المؤمن عليه في الفعل الإجرامي.  في حالة القتل، فإن شركة التأمين قد تقوم بالتحقيق لتحديد مستوى مشاركة المؤمن عليه هذا إن كان قد قام فعلاً بالمشاركة في اقتراف الفعل الإجرامي، الذي أدى في النهاية إلى قتل المؤمن عليه.  إذا استقرت قناعة شركة التأمين أن المؤمن له كان مشاركاً حقيقياً في الجريمة ولم يكن مراقباً بريئاً، فإنها تمتنع عن تسديد استحقاقات التأمين على الحياة للمستفيدين.

الملحق (3)
هل التأمين على الحياة يحفز على القتل؟

يمكن تصور ذلك إلى الحد الذي يمكن للمستفيدين أن يفلتوا من مسؤوليتهم عن فعل احتيالي لقتل المؤمن عليه.

ولكن من الناحية العملية، توفر القواعد القانونية والممارسات الاكتتابية الأساس للحفاظ على سلامة إدارة التأمين على الحياة.  وتشمل هذه: المصلحة التأمينية، القاعدة القانونية بعدم جواز الانتفاع من الفعل الإجرامي، والمستفيد البريء من وثيقة التأمين.

المصلحة التأمينية
وهي التي تقضي بعدم جواز شراء وثيقة تأمين على حياة أي شخص كان، التقيته صدفة، أو التأمين على حياة شخص دون معرفة هذا الشخص بالتأمين على حياته.  وعلى أي حال، لا يمكن شراء وثيقة للتأمين من دون توفر مصلحة تأمينية في حياة المؤمن عليه.  وبعبارة أخرى، يجب على المستفيد أن يثبت أنه سيخسر مالياً عند وفاة المؤمن عليه، ويجب أن يكون المؤمن عليه طرفاً في التوقيع على استمارة الطلب على وثيقة التأمين.

قوانين تحريم الانتفاع من الجريمة
هذه القاعدة القانونية تشكل عائقاً أمام من يحاول اغتيال المؤمن عليه، فهي تمنع المستفيد من التأمين على الحياة من الحصول على منافع وثيقة التأمين إذا كان متورطاً عن عمد في وفاة المؤمن عليه.  وفي العديد من الدول، فإن شركة التأمين لا تحتاج إلى إدانة جنائية لمقترف الجريمة لتجنب دفع تعويضات للمستفيد المشتبه به.

المستفيد البريء
هو ذلك الشخص، عادة المستفيد "الطارئ" البريء المسمى في وثيقة التأمين للانتفاع منها عندما يكون المستفيد "الأساسي" غير مؤهل لاستلام منافع الوثيقة.  وفي حالة عدم تسمية مستفيدين محتملين، يحصل الورثة المؤهلون على استحقاقات الوثيقة من خلال تقسيم أموال المؤمن عليه من قبل محكمة مختصة.


28 آب 2017



[2] Samir Khalil (Kanan Makiya), Republic of Fear: The Politics of Modern Iraq (London: Hutchinson Radius, 1989), p 13, 19.
[3]هناك العشرات من المقالات والتحقيقات الصحفية وخاصة في الصحافة الأجنبية يمكن الرجوع إليها ولا نرغب في إثقال هذه الورقة باقتباس روابطها، ونكتفي بمرجع واحد:
[4] Khalil, op. cit
[5] مصباح كمال، "ممارسو التأمين العراقيين في المهجر،" مجلة التأمين العراقي:
[6] هذه المعلومات مستلة من:
أسعد سعد برهان الدين وسحر الحمداني، "في ذكر المرحوم محمد حسين جعفر، مدير عام شركة التأمين الوطنية (20 تشرين الثاني 1996 - 30 كانون الثاني 2001)،" مرصد التأمين العراقي:
باقر المنشئ، "محمد حسين جعفر … شهيد النزاهة،" مرصد التأمين العراقي:
[7] أفادني بهذه المعلومة زميلي مكي رزوقي مصطفى (19 آب 2013).
[8] برهان الدين والحمداني، مصدر سابق.
[9] برهان الدين والحمداني، مصدر سابق.
[10] أفادني بهذه المعلومة زميلي منعم الخفاجي (18 آب 2017).
[11] يمكن قراءة نص هذا القانون باستخدام هذا الرابط: http://www.iraq-lg-law.org/en/node/916
[12] في الاقتصادات المتطورة يمكن لبعض منتجات التأمين على الحياة أن تكون وسيلة لغسل الأموال.  هناك معلومات مفيدة بهذا الشأن في الموقع التالي: http://www.acamstoday.org/what-is-real-money-laundering-risk-in-life-insurance/
[13] أشكر القسم الفني في شركة التأمين العراقية لتوفيره نماذج من وثائق التأمين على الحياة المعتمدة من قبل الشركة.
نصوص هذه الوثائق قديمة.  اقترح على إدارة الشركة مراجعتها وتحديثها.
لم نستطع الحصول على نماذج من وثائق التأمين على الحياة من شركات تأمين أخرى.
[15] رغم أن احتمالية وفاة المؤمن عليه تزداد بتقدم عمره إلا أن قسط التأمين يظل ثابتاً خلال فترة التأمين، ولذلك تقوم شركة التأمين باقتطاع مقدار من القسط ووضعه في الاحتياطي الحسابي، وتستثمر رصيد هذا الاحتياطي في مجالات معينة وتستفيد منه ومن فوائده في دفع استحقاقات وثيقة التأمين.

ولتقدير الاحتياطي الحسابي أو المخصص المحاسبي تستخدم شركات التأمين على الحياة خبيراً اكتوارياً يقوم بتقدير الاحتياطي/المخصص الكافي لمواجهة التزامات الشركة تجاه المؤمن عليهم.  ويظهر هذا المخصص في الجانب المدين من حساب الإيراد والمصروفات.

وبموجب المادة 2-ثالثا من تعليمات ديوان التأمين حول أسس احتساب المخصصات الفنية، الصادرة بتاريخ 18 أيار 2006:

يحتسب الاحتياطي الحسابي في التامين على الحياة وفقا للمفاهيم والاسس الاكتوارية المتعارف عليها، على ان لا يقل الاحتساب فيما يخص السنة المالية الاخيرة عن نسبة (40%) اربعين من المائة من صافي اقساط التامين على الحيات المسجلة للسنة المذكورة.

[16] نأمل من أهل الاختصاص التعليق على هذا الموضوع.
[17] أشكر الزميل عبد الرحمن صباح غني على إرسال هذه الشروط (8 آب 2017).
[18] أشكر قسم التخطيط والمتابعة والقسم الفني في شركة التأمين العراقية على توفير هذه الإحصائية.
[19] المعلومات الواردة في الملحق (2) والملحق (3) مستلة من مقالات منشورة باللغة الإنجليزية في الإنترنيت لم احتفظ بروابطها.
[20] تمتد فترة التنازع لدى بعض شركات التأمين الغربية إلى خمس سنوات.

ليست هناك تعليقات: