نيران السامرائي، أحبائي (عمّان: المؤسسة
العربية للدراسات والنشر، 2015)، 280 صفحة من القطع المتوسط.
عرض
مصباح كمال
أحبائي ليس كتاباً في التأمين ليجد عرضه مكاناً له في مدونة مكرسة للنشاط
التأميني في العراق. ما دعاني إلى كتابة
هذا العرض السريع، وهو عرض ليس نقدياً فذلك من مهمة غيري، هو أن المؤلفة نيران
السامرائي[1]
عملتْ في الماضي في قسم التأمين البحري في شركة التأمين الوطنية لعدة سنوات، ولأن
الكتاب يضم فصلاً عن الراحلة هدى سلمان الصفواني، زميلة وصديقة للمؤلفة، وكانت
تعمل في قسم الطيران.
يضم الكتاب مواد مختلفة: مقاطع شعرية، قصص قصيرة، مقاطع
من السيرة الذاتية، خواطر وصور قلمية لشخصيات أثيرة للمؤلفة، شذرات من تاريخ
العراق مكتوبة من موقع شخصي، استذكارات للأحبة.
وأحباؤها كثيرون انتقت البعض منهم لتكتب عنهن. حبها الأكبر المكشوف والمضمر الذي ينتظم فصول
الكتاب هو الوطن، العراق: سحابة ترافقها أينما حلّت وتتوجع له؛ "بعيدٌ أنتَ
يا وطني، غريبٌ أنتَ" (ص 16) في الداخل والخارج. حب العراق كوطن وحب ناسه، من خلالهم تلتصق بالوطن أو بالصورة التي تحملها
للوطن.
كتبت عن الأهل، وبالتخصيص أمها وأبيها وابنها
الوحيد. لم تذكر زوجها المُغيّب إلا مرة
واحدة عندما تهديها صديقة لها كتاباً يضم رسالة: "كل الألوان تليقُ بك، لا
تلبسي الأسود بعد الآن." وتقول:
"أرادت صديقتي حثّي على طي صفحة حزينة من صفحات حياتي استمرت سنوات، وهي دعوة
من قلبٍ حانٍ رغم ما فيه من أحزان، حرص على إشاعة الأمل في نفسي." (ص 209). وكتبت عن الأصحاب والصديقات.
مواد هذا الكتاب مكتوبة بلغة أدبية تفيض بالعواطف
الإنسانية ما عدا تلك التي تتناول شذرات من تاريخ العراق الحديث فهي مكتوبة بلغة
تقريرية تعكس فيها فهمها الخاص للأحداث وحكمها على الأشخاص.
قبل هذا الكتاب نشرت نيران كتاباً بعنوان شهدتُ
اختطاف وطن (عمّان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2011) جمع بين يوميات
الاحتلال الأمريكي ومعانتها الشخصية بعد اختطاف وتغييب زوجها أحمد السامرائي،
عندما كان رئيساً للجنة الأولمبية العراقية بعد غزو العراق، مع أربعة وعشرين شخصاً
ما زال مصيرهم مجهولاً حتى الآن، وسكوت، وربما تغطية أو تستر، الحكومات على هذه
الجريمة الطائفية. وتقدم في الكتاب شهادات
عن الأحداث التي عاشتها في بغداد في الأعوام 2004-2007، وهي التي شهدت ذروة
الاقتتال الطائفي.[2] تقول في تقديمها لكتاب شهدت اختطاف وطن:
الكتاب
لا يحكي قصة جريمة واحدة تعرضت لها عائلتي في بغداد فحسب ولا يقتصر الموضوع على
قضية شخصية أثارت اهتمام الرأي العام الدولي منذ حوالي الأربع سنوات وحتى يومنا
هذا، إنما هي شهادات على احداث عشتها في بغداد في الفترة 2004 2007، شاهدت فيها مرارة العيش التي تواجهها
المرأة العراقية، أماً كانت أو زوجة، أختاً كانت أو ابنة.
لم
أفكر يوماً بنشر ما أكتب على الاطلاق، لكن تطور الأحداث من ناحية، وتشجيع الأصدقاء
من ناحية أخرى شجعني على وضع النقاط على الحروف في كلمات بسيطة، علها تعكس هموم
الوطن. (ص 9)
الفصل الخاص بالراحلة هدى الصفواني نُشر سابقاً في مرصد التأمين العراقي تحت عنوان "عندما أتذكر هدى
الصفواني"[3]
لكنها اكتفت بمجرد اسمها "هدى" في الكتاب، عرضت فيه ملامح من شخصية
الراحلة وعملها ص 179-185). وبهذا قدمت
شهادة يُستفاد منها في المستقبل في بحث تاريخ شركة التأمين الوطنية.
وكتبت عن سيدة أخرى، عنان فتاح، كانت تعمل في شركة إعادة التأمين
العراقية، لكنها لم تذكر شيئاً عن موقعها الوظيفي. (ص 189-196)
التأمين ليس هو موضوع الكتاب فهو احتفاء بالأحباء
وبالعلاقات الإنسانية الرفيعة وبقيم اختفت أو تشوهت في العراق. ومع ذلك، يتمنى المرء أن يقرأ للكاتبة غير هذا
بشأن نشاط التأمين في الفترة التي كانت تعمل فيها ضمن نخبة متميزة من السيدات
المحترفات في قطاع التأمين العراقي وخاصة شركة التأمين الوطنية في عهدها الذهبي
المرتبط بإدارة الأستاذ عبد الباقي رضا (1966-1978). ربما لديها الكثير مما تستطيع أن تكتب عنه
وخاصة عن دور العنصر النسائي في العمل والمكانة التي كنَّ يشغلنها في شركات
التأمين. مثل هذه الكتابة ستكون رائدة
لأنها بقلم امرأة وربما تحمل معها موقفاً نسوياً.
هذا ما أرجوه.
لندن 4 تشرين الثاني 2015
[2] أثمرت هذه الفترة عدداً من الروايات ستكون مرجعاً لاستحضار مشاهد القتل
والتغييب في العراق ومن بينها روايات برهان شاوي مشرحة بغداد وكذلك الأجزاء
الأولى من متاهاته مثل متاهة آدم، متاهة حواء، متاهة قابيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق