إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2015/11/03

Amendment of Income Tax Law No 113 of 1982 - implications for insurance


مشروع قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 وأثره على النشاط التأميني


 

 

مصباح كمال

 

 

مقدمة

 

قرأت الخبر التالي في نشرة الدائرة الاعلامية لمجلس النواب العراقي المؤرخة في 19 تشرين الأول 2015:

 

"صوّتَ المجلس على مشروع قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 والمقدم من اللجنة القانونية والذي يهدف لتخفيف العبء الضريبي عن كاهل المواطن نظرا للتضخم الحاصل في أسعار العقارات وتشجيع التأمين بأنواعه تماشيا مع التطور الاقتصادي."

 

ينصبُّ التعديل، كما هو واضح، على الضريبة المفروضة على العقارات وعلى اقساط التامين على الحياة واقساط التامين الأخرى.  وما يهمنا منه لأغراض هذا التعليق الجزء الخاص بالتأمين.  أشكر الأستاذ فاروق يونس على تنبيهاته اللغوية على النص.

 

استعراض سريع لتطور تشريع الضريبة على أقساط التأمين

 

هذا التعديل هو تطوير لما هو قائم.  وفيما يلي سنستعرض بسرعة تطور التشريع في مجال الضريبة على أقساط وثائق التأمين (تنزيل الأقساط من حساب ضريبة الدخل).[1]

 

لم يرد ذكر لتنزيل أقساط التأمين في قوانين ضريبة الدخل حتى تغيير النظام الملكي سنة 1958 كقانون ضريبة الدخل رقم 52 لسنة 1927 (أول قانون لضريبة الدخل بعد تأسيس الدولة العراقية) وقانون ضريبة الدخل رقم 36 لسنة 1939.  وكذا الأمر بالنسبة لقانون 85 لسنة 1956.

 

ربما يكون أول ذكر لفقرة التنزيل هو في قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم 95 لسنة 1959 فقد جاء في المادة 5 من هذا القانون الآتي:

 

"يضاف إلى آخر المادة الثامنة ويعتبر فقرة 11 لها:

11-أقساط التأمين على الحياة المدفوعة خلال السنة على أن لا تتجاوز المائة والخمسين ديناراً سنوياً وبشرط أن يكون التأمين لدى شركة تأمين عراقية."

 

جرت عدة تعديلات على هذا القانون ومنها قانون التعديل الثامن والعشرون بتاريخ 20 أيلول 1978 الذي نص مادته الأولى على:

 

"المادة 1-تحل عبارة (1,000) دينار محل عبارة (400) دينار الواردة بالفقرة 11 من مادة 8 من قانون ضريبة الدخل 95 لسنة 1959 المعدل."

 

وجاء في الأسباب الموجبة لهذا التعديل:

 

"بغية تشجيع المواطنين على الادخار عن طريق إجراء التأمين على الحياة أرتؤي زيادة أقساط التأمين على الحياة التي تنزل من دخل المكلفين، ومن أجل ذلك شرع هذا القانون."

 

وكانت فقرة التنزيل من حساب ضريبة الدخل بموجب قانون ضريبة الدخل رقم (95) لسنة 1959 محصوراً بأقساط التأمين على الحياة المدفوعة خلال السنة "على أن لا تتجاوز المائة والخمسين ديناراً سنوياً وبشرط أن يكون التامين لدى شركة عراقية."

 

مع صدور قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 بتاريخ 27 كانون الأول 1982 تغير حجم التنزيل ونطاق تطبيقه فقد نصت المادة 8 على الآتي:

 

"ينزل من الدخل كل ما ينفقه المكلف للحصول عليه خلال السنة التي نجم فيها والمؤيد حسابها بوثائق مقبولة بما في ذلك:

 

10       أقساط التأمين على الحياة بما لا يتجاوز سنوياً (2,000) دينار و (500) دينار عن أقساط التأمين الأخرى التي ليس لها علاقة بمصادر الدخل المدفوعة خلال السنة على أن يكون التأمين لدى شركة تأمين عراقية."

 

بعدها جاء قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 (المعدل)، حيث تم رفع قيمة التنزيل لتكون كما يلي:

 

"10 – أقساط التامين على الحياة بما لا يتجاوز سنويا مبلغا مقداره (2,000,000) (مليونا دينار) ومبلغا مقداره (1,000,000) (مليون دينار) عن أقساط التامين الأخرى التي ليس لها علاقة بمصادر الدخل المدفوعة خلال السنة على أن يكون التامين لدى شركة تامين عراقية."

تبع ذلك قانون قم (12) لسنة 2009 قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 عدلت الفقرة 10 بموجبه كما يلي:

 

"المادة -1- يلغى نص الفقرة (10) من المادة (الثامنة) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 ويحل محله ما يأتي:

 

10-أقساط التأمين على الحياة بما لا يتجاوز سنوياً مبلغاً مقداره (2,000,000) دينار (مليونا دينار)، ومبلغاً مقداره (1,000,000) دينار (مليون دينار) عن أقساط التأمين الأخرى التي ليس لها علاقة بمصادر الدخل المدفوعة خلال السنة على أن يكون التأمين لدى شركة تأمين عراقية."

 

وبالمصادقة على مشروع قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 وبموجب المادة 2 منه الصادر بتاريخ 19 تشرين الأول 2015 أصبح منطوق المادة رقم 10 كما يلي:

 

"10-أقساط التأمين على الحياة بما لا يزيد سنوياً على مبلغ مقداره (5000000) خمسة ملايين دينار ومبلغ مقداره (3000000) ثلاثة ملايين دينار عن أقساط التأمين الأخرى التي ليس لها علاقة بمصادر الدخل المدفوعة خلال السنة على أن يكون التأمين لدى شركة تأمين عراقية."

 

جدول رقم 1 – تطور تطبيق تنزيلات أقساط التأمين من ضريبة الدخل

رقم القانون وسنة الصدور
تنزيل أقساط التأمين
ملاحظات
 
أقساط الحياة
أقساط أخرى
 
52 سنة 1927
--
--
لا يرد ذكر للتنزيل.
36 سنة 1939
--
--
لا يرد ذكر للتنزيل.
85 سنة 1956
--
--
لا يرد ذكر للتنزيل.
95 سنة 1959
150
--
أقساط التأمين الأخرى غير مشمولة
التعديل 28 لقانون 1959 سنة 1978
1,000
--
أقساط التأمين الأخرى غير مشمولة
113 لسنة 1982
2,000
500
 
تعديل قانون 113 سنة 2009
2,000,000
1,000,000
 
تعديل قانون 113 سنة 2015
5,000,000
3,000,000
 

 

نلاحظ في هذا الاستعراض أن مبدأ تنزيل اٌقساط التأمين من ضريبة الدخل لم يكن موجوداً قبل صدور قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم 95 لسنة 1959.  وعندما أدخل في هذا القانون فإنه اقتصر على أقساط التأمين على الحياة.  وهذا ربما يشير إلى ضعف الطلب على تأمينات الحياة.

 

ومنذ ذلك الوقت بقي المبدأ على حاله مع الأخذ بنظر الاعتبار تغير قيمة الدينار العراقي، كما يتبين من الجدول أعلاه مع تصاعد مستوى التنزيل، وكذلك توسيع نطاق التنزيل ليشمل إضافة إلى أقساط التأمين على الحياة أقساط التأمين الأخرى.  وفي ظني أن زيادة قيمة التنزيل يعكس قيمة الدينار العراقي (القوة الشرائية للدينار) ولتغير مستوى دخول الأفراد من شاري التأمين، وهم، عموماً، من الفئات المقتدرة مالياً، بمعنى أنها تتمتع بفائض في الدخل تستطيع انفاقه على شراء الحماية التأمينية وتهتم بالتدبر للمستقبل.  إن زيادة قيمة التنزيل مؤشر إيجابي على إدراك المشرع لأهمية التأمين في حماية مصالح الأفراد والجماعات.

 

كما نلاحظ أن حجم تنزيل أقساط التأمين على الحياة أكبر من حجم أقساط غير الحياة، وهذا يعني تشجيع الدولة للأفراد على التأمين على حياتهم، وهذا ما جاء ذكره بالتخصيص في الأسباب الموجبة لتعديل سنة 1978: "بغية تشجيع المواطنين على الادخار عن طريق إجراء التأمين على الحياة أرتؤي زيادة أقساط التأمين على الحياة التي تنزل من دخل المكلفين ..."

 

ونلاحظ أخيراً استمرار التأكيد في جميع القوانين على شرط التأمين لدى شركة تأمين عراقية.  ومن المفارقات أن مثل هذا التأكيد لا يرد في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.

 

بعض آثار تنزيل أقساط التأمين من ضريبة الدخل

 

الملاحظات التالية تصورية وبحاجة إلى من يقوم بدراستها للتأكد من صحتها، ونعرضها هنا للتفكير بها.  وربما تكون خارجة عن الصدد وأرجو لذلك تقويم ما هو خاطئ.

 

قد يكون الأثر الأكبر لمبدأ تنزيل أقساط التأمين هو المساهمة في تعظيم الطلب على التأمين.  لكن قياس هذه المساهمة بحاجة للدراسة بافتراض وجود علاقة بين حجم التنزيل والإقبال على شراء التأمين.

 

لا شك أن هذا التعديل يصبُّ في صالح الأفراد والمؤسسات الصناعية والتجارية من طالبي الحماية التأمينية لأن قيمة ما ينفق على شراء التأمين، وبالحدود التي يقرّها القانون، ينزّل من مجموع الدخل الخاضع للضريبة.

 

وهو يصبُّ أيضاً لصالح شركات التأمين بشكل غير مباشر من خلال دفع طالبي التأمين نحو شركات التأمين العراقية.  وهو بهذا يساهم في تعزيز مكانة هذه الشركات، وربما يساهم أيضاً في الحد من الميل نحو شراء التأمين من خارج العراق إلى حدٍ ما باعتبار أن ما ينفق على شراء التأمين في الخارج لا يتمتع بمزية ضريبية.

لم يأتي التعديل على معالجة الوضع الضريبي للمنافع المترتبة على وثائق التأمين على الحياة: هل أن مبلغ التأمين على الحياة الذي يستلمه الورثة في حالة وفاة المؤمن عليه يكون خاضعاً لضريبة الدخل؟  في بعض التشريعات الأجنبية يعتبر مثل هذا المبلغ غير خاضع لضريبة الدخل باعتبار أن أقساط التأمين لم تنزل أصلاً من حساب ضريبة الدخل.  مثل هذه التشريعات تعتبر الانفاق على التأمين على الحياة مسألة شخصية وما يدفع لتغطية النفقات الشخصية ليست مؤهلة لتكون موضوعاً للتخفيضات الضريبية.

 

كما أن التعديل لا يفرق بين أقساط التأمين (على الحياة وغير الحياة) المنفقة من قبل الأفراد (وثائق التأمين الفردية) والشركات (وثائق التأمين الجماعية وخاصة تلك المتعلقة بالتأمين على الحياة).  ويبدو لي أن التأمين على الحياة في هذا التعديل ربما لا يتسع ليشمل تأمين الحوادث الشخصية الفردية والجماعية أو وثائق التأمين الصحي.

 

موقف قطاع التأمين من التعديل

 

كتبنا لبعض زملاء المهنة في العراق للتعليق على الموضوع لكننا لم نستلم رداً لحد كتابة هذه الورقة.  وكالعادة، استجاب الزميل المحامي منذر عباس الأسود لدعوتنا وعلق على موضوع التعديل.  كما تفضل الأستاذ فاروق يونس، من خارج قطاع التأمين، ليدلي برأيه في الموضوع.  (ومن المؤمل نشر تعليقهما سوية أو بشكل منفصل).

 

وكالعادة، لم يصدر موقف من أي من شركات التأمين أو جمعية شركات التأمين وكأن الأمر لا يعنيها.

 

ترى هل قام المشرعون بالتنسيق مع شركات التأمين العاملة، وبالأخص شركة التأمين العراقية، وهي الأكبر من حيث حجم اكتتاب أعمال التأمين على الحياة، كونها كانت متخصصة في هذا الفرع من التأمين، بشأن مستوى التنزيل: هل هو مناسب أو ان المشرع كان عليه رفع مستوى التنزيل؟  ويبدو لنا أن تقليد التنسيق مع الأطراف المختصة ليس معروفاً، وكأن المشرع أدرى بما هو مطلوب.  مقابل ذلك يظل قطاع التأمين ساكتاً عن التطورات القانونية والسياسية وغيرها والتي تنعكس على النشاط التأميني.

 

 

2 تشرين الثاني 2015



[1] استعراضنا ليس شاملاً.  نأمل أن يقوم الغير بدراسة تطور التشريع في هذا المجال في إطار البيئة الاقتصادية والسياسية.

ليست هناك تعليقات: