ملاحظة حول كتاب طالب المصرف (معد
ومشرف): قوانين التأمين والأنظمة
والتعليمات الصادرة بموجبها
مصباح كمال
قبل أيام قدم لي الزميل عبد جعفر، صحفي يعمل في لندن،
كتاب قوانين التأمين[1] من إعداد
وإشراف طالب المصرف، تعرّف عليه لدى
أحد القانونيين المخضرمين المقيمين في لندن، وهو يساعده في أرشفة مطبوعاته. قدم الكتاب لي لاطلاعي عليه لمعرفته باهتمامي
بموضوع التأمين في العراق. وقد وفر لي
رؤية هذا الكتاب فرصة لتقديم بعض الملاحظات.
كنت عارفاً بهذا الكتاب وقت صدوره في بغداد إذ كنت أعمل
في شركة التأمين الوطنية. وقد أصدر معد
الكتاب، وكان مفتشاً بديوان المؤسسة العامة للتأمين، في وقت لاحق جزءاً ثانياً
مكملاً للكتاب، لا أتوفر على نسخة منه، ضم القوانين ذات العلاقة بالتأمين التي
صدرت بعد نشر الكتاب.
يبدو
أن مقدمة الكتاب هي للمرحوم أديب جلميران، وكان وقتها رئيس المؤسسة
العامة للتأمين.[2] تؤكد المقدمة على
دور المؤسسة في نشر الوعي التأميني من خلال الندوات والدورات التدريبية وإصدار
مجلة رسالة التأمين ونشرة شهرية، واعتبار نشر هذا الكتاب جهداً متواضعاً في
نشر الثقافة التأمينية.
ومن
الغريب أن جهد معد الكتاب لا يرد له ذكر في المقدمة. وهو أمر مؤسف ولكن ويبدو أن هذا هو حالنا، نضفي
ما نشاء من الثناء على المؤسسات وننسى الأفراد.
لي تجربة بهذا المجال، فعندما قامت شركة التأمين الوطنية بنشر كتابي أوراق
في تاريخ التأمين في العراق: نظرات انتقائية (بغداد، 2012)، أثنت وزارة
المالية في كتاب لها إلى التأمين الوطنية، التي تتبعها الشركة، على نشر الكتاب دون
أن تشير إلى جهد المؤلف وكأنه لا يستحق التقدير.
أول
قانون يضمه الكتاب هو قانون شركات الضمان (أي السيكورتاه)، وهو قانون عثماني صدر
في 23 آب 1905. وينتهي الكتاب بنظام تعديل
النظام الداخلي للمؤسسة العامة للتأمين والمنشآت التابعة لها الصادر بتاريخ 1 آذار
1967.
في
آخر الكتاب جدول بالأخطاء الطباعية. ومع
ذلك فات على "المصحح" مفردة "الاواربا" في ص 21 التي وردت في
العنوان "فيما يختص بالخسائر لبحرية (الأواربا)" وهي التي تقابل مفردة "العوارية"
التي اقتبست من العربية لتكون بالإنجليزية، مثلاً average.[3] وربما هناك أخطاء
طباعية أخرى.
قوانين التأمين لطالب المصرف كتاب مرجعي مفيد للباحثين رغم توفر بعض
المواقع الإلكترونية كموقع المكتبة القانونية للحكم المحلي
أو موقع مجلس القضاء الأعلى/قاعدة التشريعات العراقية
فائدة كتاب المصرف تكمن في اختصاص موضوعه بحيث يسهل على
الباحث ان يجد ضالته فيها بيسر.
لكن الكتاب بحاجة إلى التحديث (إعادة طبع الجزئين
الأولين وإضافة جزء ثالث يبدأ من حيث انتهى الجزء الثاني وحتى الوقت الحاضر) ليكون
في متناول الباحثين وتسهيل الرجوع إلى القوانين.
لعل ديوان التأمين العراقي يستطيع الاضطلاع بهذه المهمة أو جمعية التأمين
العراقية. وإن تعذر ذلك، لعل شركة التأمين
الوطنية، لوحدها أو بالتعاون مع شركات أخرى مستعدة لتحمل تكاليف الطبع، تستطيع أن تقوم
بذلك. وللتأمين الوطنية خبرة في طبع
وإصدار المنشورات. وفيما يخص موضوعنا
فإنها قامت بإصدار وتوزيع كتاب قانون الشركات من إعداد علي محمد إبراهيم
الكرباسي (بغداد، 2001).
تحديث الكتاب ضروري أيضاً لأنه لم يضم بعض القوانين ذات
العلاقة بالتأمين كقانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936، وقانون تعديل قانون
شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 (صدر التعديل في 4/7/1941)، ونظام إجازات وكلاء
شركات التأمين رقم 25 لسنة 1936 والتعديل الصادر عليه سنة 1938. وربما هناك قوانين أخرى تستحق الإضافة للكتاب.
بعض القوانين التي يضمها كتاب طالب المصرف أصبحت موضوعاً
للتحليل والتعليق. على سبيل المثال، ما قام
به الأستاذ بديع السيفي.[4] ولي دور بسيط في هذا المجال. وليست لدي دراسات أخرى للغير بشأن هذه
القوانين، وافترض أن مثل هذه الدراسات موجودة.
وأنا أطلع على هذا الكتاب طرأ على بالي فكرة الكتابة عن
قضايا تأمينية أمام المحاكم العراقية، إي إخضاع القضايا المتنازع عليها لأحكام
القوانين ومنها قوانين التأمين. وبهذا
الشأن كتبت إلى الزميلين فؤاد شمقار ومنذر الأسود أوائل شباط 2014 مقترحاً التالي:
لدي مشروع لكما للكتابة عن بعض القضايا الخاصة بالتأمين التي كانت قد عرضت أمام المحاكم العراقية.
في ظني أن الكتابة بهذا الشأن ليس شائعاً في الكتابات التأمينية العراقية. وأنا أرى فائدة عظيمة لها لأنها ستبرز المبادئ
والمفاهيم التأمينية وموقف القوانين العراقية من موضوع النزاع التأميني. أعرف أن الموضوع ليس سهلاً لأن قرارات المحاكم
ليست منشورة أو مجموعة في كتاب. ولكن،
ربما كان لكل منكما دور في التعامل مع قضية قانونية تأمينية صارت موضوعاً للنظر من قبل المحاكم العراقية، أو كان لزملاء
لكما شاركا في قضية معينة. ربما تستطيعان الكتابة، بشكل عام، عن
الموضوع عند عدم توفر نصوص قرارات قضائية تساعدكما في التحليل والتعليق.
ربما يبادر زملاء آخرين للكتابة بهذا الشأن. أتمنى ذلك لأن القراءة المتأنية لكتاب طالب
المصرف من شأنها أن تكشف تأثر صياغة القوانين بالبيئة الاقتصادية والمالية السائدة
وما يرتبط بها من أفكار، من جهة، وتأثير القوانين على تشكيل وعي عام وحقوقي عن التأمين
والنشاط التأميني، من جهة أخرى.
وتظل قوانين التأمين في العراق بحاجة إلى دراسة تاريخية اقتصادية
لربطها بالواقع الاقتصادي القائم وقت التشريع، وبالأفكار والرؤى التي كانت سائدة
بين الفئات الحاكمة وكذلك الانحياز الإيديولوجي لأفرادها، مثلما هي بحاجة إلى
دراسة سوسيولوجية لإبراز تطور المؤسسات القانونية، وتقدم المجتمع والعلاقات
الاجتماعية والتفاعل بين القوانين والأعراف (كالتعويض من خلال العشيرة بدلاً من
القانون ومدى استمرارية الأعراف). مثل هذه
المقتربات لدراسة مؤسسة التأمين في العراق غير معروفة، لكن الأمل يظل قائماً أن
يولي بعض الباحثين الأكاديميين اهتمامهم بها وتوجيه طلبتهم نحوها.
لندن 7 شباط/فبراير 2014
[1] قوانين التأمين
والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبها، إعداد وإشراف
طالب المصرف (بغداد: المؤسسة العامة للتأمين، 1970).
[2] ألغيت
المؤسسة العامة للتأمين بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم 193 بتاريخ 1/4/1987، وتم
بموجبه ربط شركة التأمين الوطنية، والشركة العراقية للتأمين على الحياة، وشركة
اعادة التأمين العراقية بوزارة المالية مع احتفاظها باستقلالها المالي والاداري
وشخصيتها المعنوية.
[3] مهند عبدالرزاق الفلوجي، معجم الفردوس: قاموس الكلمات الإنجليزية ذوات
الأصول العربية (الجزء الثاني)، ص 95.
[4] بديع أحمد السيفي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين، 2ج (بغداد:
د.ن.، 2006)، الجزء الأول، ص 240-262. ومن
بين القوانين التي يتناولها بالتحليل قانون (شركات) الضمان (السيكورتاه)، ص
243. وقد استفدت منه في دراستي حول نفس
القانون. أنظر: مصباح كمال، أوراق في
تاريخ التأمين في العراق: نظرات انتقائية (بغداد: منشورات شركة التأمين
الوطنية، 2012)، ص 28-38. كما قمت
بالتعليق على قوانين أخرى، ومنها قوانين تأميم شركات التأمين، في نفس الكتاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق