تطور التأمين الاجتماعي
الرعاية الاجتماعية والشيخوخة في أوروبا
وأمريكا الشمالية
عرض كتاب
عرض
خافيير سيلفستر، قسم التاريخ الاقتصادي، جامعة
سرقسطة، إسبانيا
ترجمة
مصباح كمال
هذه الترجمة امتداد لترجمة مقالات أخرى، منشورة في
مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي، تتناول جوانب من نشاط
التأمين أو مؤسسات لها علاقة بالتأمين ومن منظور تاريخي اقتصادي. ولم نعهد في العراق دراسات من هذا النوع، ونأمل
أن تشجع هذه الترجمات الباحثين على الانتباه إلى تطبيق المقترب التاريخي الاقتصادي في دراسة
تطور النشاط التأميني في العراق وما له علاقة بهذا النشاط.
Bernard
Harris, editor, Welfare and Old Age in Europe and North America: The
Development of Social Insurance. London:
Pickering and Chatto, 2012. xvii + 270 pp. £60/$99 (hardcover), ISBN: 978-184893-189-3.
Reviewed
for EH.Net by Javier Silvestre, Department of Economic History, University of
Zaragoza.
كما يبين المحرر برنارد هاريس
(جامعة ساوثهامبتون) في مقدمة هذا الكتاب، فقد شهدت الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا بتاريخ
النظام التبادلي (التبادلية mutualism) في مجموعة متنوعة من
البلدان. وهذا الكتاب النفّاذ في النظر يجمع
العديد من المساهمات في موضوعه، نشأت كلها تقريبا بوصفها أوراق قدمت في مؤتمرات
متخصصة أو جلسات في المؤتمرات. واحدة من
الفضائل الرئيسية للكتاب هي أنه يقدم أدلة من عدد من البلدان عن هذا النظام. والأكثر أهمية هو عرض معلومات عن مجموعة واسعة
من جمعيات المنفعة المتبادلة mutual benefit societies، تختلف
بشأن قضايا مثل الانتماء الطوعي أو الإجباري لها، ومدى الخدمات، وعلاقاتها بمختلف
الفئات الاجتماعية. ومع ذلك، فإن الموضوع
الهام، الخيط المشترك الذي يمر عبر ما يقرب من جميع فصول الكتاب، هو الارتباط بين
منظمات المعونة المتبادلة mutual aid organizations وجذور السياسات
الصحية والرعاية الاجتماعية وتوحيدها.
تختلف وجهات النظر والمقاربات المنهجية في كل فصل
من فصول الكتاب. على سبيل المثال، يتم
تناول التبادلية على مستويات جغرافية مختلفة وفترات زمنية متباينة. وبعض الفصول يركز على المسائل الاقتصادية أو
الاكتوارية، في حين أن البعض الآخر يركز على الاهتمامات السياسية والاجتماعية
والثقافية.
يعالج الفصلين الأولين التعدين في مناجم الفحم. ففي (الفصل 1) يتحرى جون بينسون John
Benson الجواب عن سؤال لماذا كان عمال مناجم الفحم في
إنجلترا في أواخر القرن التاسع عشر يؤمنون ضد خطر حوادث العمل. من خلال مقارنة اثنين من حقول الفحم، يقول
بينسون إن الاختلافات في كثافة عضوية صناديق أموال الإغاثة الدائمة لعمال المناجم permanent
relief funds لا يمكن تفسيرها فقط من خلال أوجه الاختلاف في
المخاطر المهنية، والدخول، والحصول على مصادر تكميلية للمساعدة. كما انه يناقش، وبشكل مقنع، إن التوصل إلى فهم
أفضل لمحددات العضوية في جمعيات المعونة التبادلية friendly
society يأتي من اكتشاف المجتمعات التي كانت تتمتع بتقاليد
تعاون cooperation قوية.
وفي (الفصل 2) تناول تيموثي دبليو غوانين، توبياس أ.
جوپ، جوشن ستريب Timothy W. Guinnane, Tobias A. Jopp and
Jochen Streb ، مشكلتين اكتواريتين بارزتين قد تؤثران على أداء
صناديق الإغاثة relief funds. يركز الكُتّاب على التأمين الاجتماعي التبادلي لعمال
المناجم الألمانية، أو Knappschaft، من منتصف القرن التاسع عشر
إلى عشرينيات القرن الماضي. كانت هذه
الصناديق توفر التأمين الصحي sickness insurance،
ومعاشات العجز invalidity pensions أو معاشات الشيخوخة
old-age pensions. وكانت الصناديق الصغيرة، من جهة، حسبما يدّعى، أكثر
فعالية من الصناديق الكبيرة في إدارة المطالبات قصيرة الأجل (المرض) والخطر
المعنوي moral hazard المرتبط بعمال المناجم. من جانب أخر، اقترح أيضا أن الصناديق بحاجة إلى
أن تكون كبيرة بما يكفي لتوليد الموارد اللازمة لتمويل مطالبات طويلة الأجل. إلا أن النتائج التجريبية لا توفر دعما واضحا للمناقشات
المعاصرة أن مراقبة الخطر المعنوي هي أفضل لدى الجمعيات الصغيرة إذ تؤكد هذه
النتائج أن الجمعيات الأكبر حجماً تميل، إلى حد ما، لإدارة أفضل لخطر الزيادات غير
المتوقعة في تكاليف المطالبات للأمراض المزمنة والإعاقة chronic
illness and disability.
في (الفصل 3) يعاين ﭘاولو تيديشي Paolo
Tedeschi منظمات المعونة التبادلية في شرق لومباردي، واحدة من المناطق
الإيطالية الأكثر تصنيعا قبل الحرب العالمية الأولى، ويشرح كيف توحدت جمعيات المعونة
التبادلية، في المقام الأول، استجابة لعدم وجود دعم من الدولة. ويصف أيضا الأنواع المختلفة من منظمات المعونة
التبادلية الإيطالية والمنافع التي كانت تقدمها. ويشير مقطع مثير للاهتمام بشكل خاص من هذا الفصل
إلى العلاقة الصعبة بين المنظمات والدولة، خصوصا في ظل الفاشية – وهو نظام، على كل
حال، لم يتردد من الاستفادة من البنية التحتية التي تم إنشاؤها.
الخلاف بين الجمعيات ونظام فرانكو الدكتاتوري هو
أيضا واحد من المفاتيح لفهم تراجع الجمعيات في إسبانيا ابتداء من أوائل أربعينيات
القرن الماضي وما بعدها، كما هو مبين في التاريخ المفصل للتبادلية للكاتبتين مارغريتا
ﭭيلار رودريجيز Margarita Vilar Rodríguez و هيرونيا ﭙونس Jerònia
Pons (الفصل 4). يستكشف هذا الفصل أيضا أسباب لماذا لم تتدخل الدولة
في التأمين الصحي إلا بعد تدخلها في مجالات عمل الجمعيات الأخرى. وتعتمد الكاتبتان ﭭيلار وﭙونس منظوراً وطنياً، تستكمله
مساهمة ﭙيلار ليون سانز Pilar León-Sanz (الفصل 8) التي تركز
على منظمة معونة تبادلية مهمة، مؤكدة على المشاكل التي تواجهها منظمات المعونة
التبادلية (حتى الكاثوليكية منها) في البقاء على قيد الحياة داخل الإطار المؤسسي الجديد
الذي تم فرضه بعد الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939). وأوضحت الكاتبة أيضا صعوبات اقتصادية إضافية
[كانت تواجهها هذه المنظمات].
جمعيات المعونة التبادلية في بريطانيا هي موضوع
تحليل في فصلين. ففي (الفصل 5) يناقش برنارد
هاريس Bernard Harris،
مارتن گورسكي، Martin Gorsky، آرافندا غونتاﭙالي Aravinda
Guntupalli وأندرو هايند Andrew Hinde في البداية مسألة الزيادة
الواضحة في معدلات المرض في نهاية القرن التاسع عشر، ومن ثم إظهار كيف أن تصور التدهور
الصحي، على الرغم من أنه لم يكن المُحدد الوحيد، أدى إلى تغييرات في مواقف الجمعيات
تجاه إدخال معاشات الشيخوخة والتأمين الصحي الوطني. في الفصل التالي (الفصل 6)، يبحث نيكولاس بروتن Nicholas
Broten أسباب التغيرات في مواقف الجمعيات تجاه إدخال معاشات الشيخوخة. ويستخدم المؤلف البيانات الخاصة بأحد الجمعيات المهمة،
جنبا إلى جنب مع التحليل التجريبي، للقول انه، على عكس ما كانت تؤكده البحوث
السابقة، فإن جمعيات المعونة التبادلية في مطلع القرن [العشرين] كانت تميل إلى الملاءة
المالية. ولذلك فهو يقترح أن الأبحاث يجب
أن ننظر إلى ما وراء الجوانب المالية للكشف عن المحددات الأخرى للتغيرات في
المواقف تجاه التأمين من قبل الدولة.
(الفصل 7) يتناول الوضع في الولايات المتحدة
مقارنة مع الدول الأوروبية. ج. س. هربرت
ايمري J. C. Herbert Emery يناقش أولا لماذا لم تقم الولايات
المتحدة بإدخال التأمين الصحي الإجباري. ويستعرض
بصورة شاملة النقاش الحاد بهذا الشأن، ثم يوضح أنه بفضل القدرة على الادخار، فإن الغالبية
العظمى من العمال حوالي عام 1910 كانوا بإمكانهم القيام بالتأمين الذاتي، أو خلاف
ذلك الحصول على التأمين الصحي. بعدها وسّع
وعزز حججه باستخدام البيانات عن قدرات الادخار الأسري بالنسبة للبلدان الأوروبية.
يركز الفصلين الاخيرين على هولندا وبلجيكا، على التوالي. ففي (الفصل 9) يبين روبرت ﭭونك Robert
A. A. Vonk تطور المنظمات التي لا تستهدف الربح، التي وفرت فرص الحصول على
الرعاية الصحية لكل من العمال والطبقة الوسطى، طوال القرن العشرين وحتى الوقت
الحاضر. وكما يين المؤلف، فإن هذه
المنظمات - وترابطها مع شركات التأمين التجارية - لعبت دوراً حاسماً في تشكيل
وتطوير التأمين الصحي في هولندا. وبالنسبة
لبلجيكا يقدم دانييلي رگتر Danièle Rigter (الفصل 10)، دليلاً
على أهمية منظمات المعونة التبادلية، وبنيتها التحتية المتينة، في تشكيل نظام التأمين
الصحي الإلزامي الذي صدر في عام 1945. ويتوسع
المؤلف في الكشف أيضا عن المشاكل اللاحقة في تشغيل نظام التأمين الصحي الاجتماعي.
خافيير سيلفستر هو أستاذ مشارك في التاريخ
الاقتصادي في جامعة سرقسطة. تشمل مؤلفاته
مقالات عن الهجرة الداخلية للسكان الأصليين والمهاجرين، والسلامة في أماكن العمل. وهو أيضا محرر مشارك، مع Jerònia Pons، لكتاب عن أصول دولة الرفاه في اسبانيا
Javier
Silvestre & Jerònia Pons, editors, Los orígenes del Estado del Bienestar en
España, 1900-1945. Los seguros de accidentes, vejez, desempleo y enfermedad
(2010). javisil@unizar.es
حقوق الطبع والنشر (ح) 2013 لـ EH.Net. جميع الحقوق محفوظة.
مصباح كمال
لندن 12 أيار 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق