أصول تعويض إصابات العمال: عرض لكتاب
مارك الدريتش
قسم الاقتصاد، كلية سميث، نورثهامبتون، ماسشوست، الولايات المتحدة الأمريكية.
ترجمة مصباح كمال
برايس فيشباك و شون كانتور، التمهيد لدولة الرفاهية: أصول تعويض إصابات العمال، شيكاغو: مطبعة جامعة شيكاغو، 2000.
A Prelude to the Welfare State: The Origins of Workers' Compensation
Book Reviews
Price Fishback and Shawn Kantor, A Prelude to the Welfare State: The Origins of Workers' Compensation. Chicago: University of Chicago Press, 2000. xiii + 316 pp. $37.50 (cloth), ISBN: 0-226-25163-2.
Reviewed for EH.NET by Mark Aldrich, Department of Economics, Smith College.
http://eh.net/bookreviews/library/0322
Published by EH.NET (February 2001)
Copyright (c) 2001 by EH.Net. All rights reserved. This work may be copied for non-profit educational uses if proper credit is given to the author and the list. For other permission, please contact the EH.Net Administrator (administrator@eh.net). Published by EH.Net (March 2010). All EH.Net reviews are archived at http://www.eh.net/BookReview
هذا الكتاب الرشيق، القائم على بحث دقيق، للكاتبين ﭙرايس فيشباك و شون كانتور (كلاهما من جامعة ولاية أريزونا) سيلقى اهتماما من المؤرخ الاجتماعي والسياسي ومؤرخي الحركات العمالية، فضلا عن أولئك اللذين يهتمون أساساً بالتاريخ الاقتصادي. لن يجد القراء في هذا الكتاب ما هو جديد إلا قليلاً خاصة لمن هو على دراية بمقالات الكاتبين التي نشرت في وقت سابق. وقيمة الكتاب، لذلك، لا تكمن في الوصول إلى نتائج جديدة بقدر ما تكمن في جمع نتائج البحوث السابقة للمؤلفين في تحليل مقنع لأصول تعويضات العمال ونتائجها.
وتبدأ قصة الكتاب بمقدمة، ويعرض الفصل الأول السياق، الإطار، والخطوط العريضة للموضوع. ويخلص الباحثان إلى أن تعويضات العمال كان ابتكاراً مؤسسياً استفاد منه جميع جماعات المصالح الكبرى -- أصحاب العمل والموظفين وشركات التأمين. والدليل على هذا الادعاء، وكذلك كيف ولماذا تم تشريع هذه التعويضات هي مواضيع الفصول السبعة القادمة، يتبعها أحد عشر ملحقاً في 105 صفحة من البيانات الكمية. من خلال معالجة المعلومات التقنية بهذا الشكل فإنهما يُسهّلان استخدام الكتاب في المرحلة الجامعية الأولى، وكذلك في الدورات الجامعية المتقدمة.
هذا التاريخ مكتوب من خلال عدسة علم الاقتصاد الكلاسيكي الجديد. إحدى نقاط القوة في الكتاب هو المحور النظري القوي الذي قام الكاتبان باستخدامه في تحقيق موضوع الكتاب. ومع ذلك فهما أيضا يظهران دائما، تقريبا، درجة من الحساسية للسياق التاريخي يستحق الثناء.
الفصل الثاني المتعلق بالتعويض قبل تشريع تعويضات العمال هو أفضل معالجة للممارسة الفعلية لنظام مسؤولية أرباب العمل التي وقع نظري عليها. ويشير الباحثان إلى أنه بما أن الكثير من حالات التعويض قد تمت تسويتها خارج المحاكم فإن نظام مسؤولية أرباب العمل كان يمارس بشكل مختلف تماما عن المسلمات التي تفترضها الدراسات القانونية والاقتصادية. فالنتائج التي توصلا إليها بشأن التعويض عن الوفاة تؤكد إلى حد كبير استنتاجات النقاد في وقت مبكر. فقد كان النظام يطبق مثل اليانصيب: عدد قليل يفوز بالجائزة الكبرى ولكن الغالبية تلقى القليل جدا. وبالنسبة للإصابات، كانت الأمور أكثر تعقيدا وكان التعويض لا يعكس فقط طريقة عمل القانون العام وإنما أيضا الاعتبارات السائدة في سوق العمل مثل خبرة العامل. وفي الواقع، فإنهما ربما قللا من شأن هذه العناصر غير القانونية. فالسكك الحديدية في القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، كانت تلجأ بشكل روتيني إلى إعادة توظيف العمال من ذوي الإعاقة الدائمة. كما أن البعض من شركات السكك الحديدية كانت تدفع الأجور إلى العمال المعوقين مؤقتا دون اعتبار ذلك أجراً على سبيل التعويض.
في الفصل الثالث من الكتاب يبحث الكاتبان الآثار الاقتصادية للتحول صوب تعويض العمال. نتج عن هذا التحول رفع مستوى حدود التعويض عن الحوادث حقاً، كما أنه غيّرَ جوانب أخرى لسوق العمل أيضا. ويجادل الكاتبان بأن العمال استجابوا لنظام المسؤولية القديم عن طريق شراء التأمين، وزيادة معدلات الادخار الوقائي. ويشير التحليل الاقتصادي القياسي إلى أن العمال في ظل نظام التعويضات يخفضون من الادخار. وبالمثل، تبين إحصائيات الكاتبين أن التعويض أدى إلى انخفاض أجور العمال غير المنضوين في نقابات عمال الفحم والخشب.
واعتمادا على الأبحاث الإحصائية التي قاما بها في وقت سابق وإحصائيات الآخرين كذلك، يقول الكاتبان إن التعويض زاد من معدلات الحوادث المميتة في مناجم الفحم القيرية soft coal mining ، لأن هذه المناجم كانت توفر فرصة للعمال للمجازفة، في حين أن القانون الاتحادي لمسؤولية أرباب العمل خفض الوفيات في السكك الحديدية. الفرق، كما يقول الكاتبان، أن تعويضات مناجم الفحم كانت تُسفر عن مشاكل الخطر المعنوي الذي تجاهلته الشركات بسبب ارتفاع تكاليف الرصد بينما كانت الرقابة على العمل في خطوط السكك الحديدية أرخص تكلفة.
لست مقتنعا تماما بهذا التعليل. وخلافا للجوانب الأخرى من عملهما، فلا الكاتبين هنا ولا المصادر المعتمدة يدعمان النتائج الاقتصادية القياسية بدلائل غير كمية قوية. تكاليف المراقبة في مجال التعدين المعدني كانت بالضرورة عالية، لكن الوفيات في هذا المجال مالت للانخفاض. وهناك ما لا يقل عن اثنين من الأسباب المحتملة الأخرى لارتفاع عدد الوفيات في المناجم. الأول، أن الوفيات ربما كانت بسبب أن بعض الولايات وضعت بشكل مصطنع حدوداً متدنية للتعويض عن تكاليف الإصابات في مجال التعدين في حين أن عدم وجود تجربة كاملة للتسعير بموجب نظام التعويض بالنسبة لكثير من مناجم الفحم الصغيرة خفضت في الواقع من التكلفة الحدية للحوادث. وثانيا، تغير ظروف التعدين، وليس من الواضح ما إذا كان هذا التغير قد أخذ بنظر الاعتبار على نحو كاف في حسابات الاقتصاد القياسي. المعاصرون ادعوا أن الحرب العالمية لأولى جلبت موجة من الممارسات السيئة في التعدين أدت إلى انهيار سقوف المناجم في عشرينات القرن العشرين، في حين أن التعدين الميكانيكي (وليس فقط استخدام آلات قطع الفحم الحجري) زادت أيضا من المخاطر خلال هذه السنوات.
في حين أوافق على أن الأدلة بشأن انخفاض حوادث السكك الحديدية استجابة لقوانين مسؤولية أرباب العمل مقنعة، أشكك أن نجاحها ناتج في معظمه عن انخفاض تكاليف الرصد. فالمعروف أن مراقبة عمال القطارات كان صعباً، ومع ذلك فإن معدلات الوفيات بينهم انخفضت بشكل حاد ابتداءً من حوالي 1907 وفيما بعد. كان سبب ذلك جزئياً تحسين الرصد (فقد أدخل الناقلون نظاماً للتدقيق المفاجئ لمعرفة ما إذا كان عمال القطار يطبقون قواعد العمل) وفي جزء آخر منه الاستثمارات في نظام تحسين الإشارات التي أسفرت عن تحقيق مكاسب في الكفاءة والسلامة.
الفصول من الرابع وحتى السابع تتناول الاقتصاد السياسي لقوانين تعويضات العمال -- القوى التي شكلت توقيتها، واستخدام التامين من قبل الولاية أو القطاع الخاص، ومستويات المنافع التعويضية. وهنا دمج الكاتبان التحليل الاقتصادي القياسي مع دراسة حالات التي توظف التحليل التاريخي التقليدي القائم على مصادر ثانوية والبحوث الأساسية للكاتبين. فهما يناظران تباين التفسيرات التي تؤكد على دور جماعات المصالح مع تلك التي تركز على تحالفات سياسية أوسع نطاقا، ويستنتجان أن دور كليهما كان مهماً. ومع ذلك فإن التعويض وحده نجح خلال هذه السنوات، في حين خمدت المقترحات المتعلقة بالبطالة والتأمين الصحي -- على الأرجح، كما يقول الكاتبان، لأن جميع جماعات الضغط كانت تفضل التعويض فقط.
في كتاب يحتل فيه البحث قدْراً مهما كهذا الكتاب يمكن تسقُط عدد لا ينتهي تقريبا من الأخطاء الصغيرة في متنه. وسوف أذكر ببساطة اثنين منها. أولهما، إن الكاتبين يكتبان في بعض الأحيان كما لو أن الأطراف التاريخية الفاعلة كانت على علم بمُعامِلات الانحدار الحديثة. وهكذا يقال لنا (ص 177-178) أن مواقف أرباب العمل تأثرت بقدرتهم على تحويل تكاليف تعويض المنافع على العمال غير النقابيين بشكل أجور منخفضة. وفيما بعد (ص 187) يؤكد الكاتبان أن العمال النقابيين كانت لديهم حوافز قوية للضغط من اجل التشريع لأنهم كانوا ناجحين نسبيا في منع مبادلة الأجور بالتعويض. ولكن كيف يمكن لأي من المجموعتين أن يكون على علم بحجم التعويضات، كعنصر تبادلي، في المستقبل؟ وثانيا، في التذييل باء، والفصل 7، يحسب الكاتبان القيمة الحالية لاستحقاقات التعويض حسب الولاية والسنة من 1910-1930 على أساس توزيع الحوادث في ولاية أوريغون في الفترة 1915-1917. هذه عينة صغيرة غير تمثيلية، أما لماذا تجاهل الكاتبان بيانات مكتب إحصائيات العمال BLS من منتصف عشرينات القرن العشرين فهو موقف غير واضح. قد لا تؤدي أي من هذه الملاحظات إلى تغير واضح في العرض لكن المرء سيشعر بمزيد من الراحة إن تم التصدي لها.
وعلى الرغم من هذه المماحكات فإن هذا كتاب مهم وقيم. وسيصبح بكل تأكيد مرجعاً أساسياً في دراسة تعويض إصابات العمال كما أنه نموذج لما يجب أن يكون عليه البحث في الاقتصاد السياسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق